عظمة الإمام المهدي عليه السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
بماذا تتحقق العظمة؟ هل تتحقق العظمة للإنسان بسيطرته على الحكم وأخذ زمام الأمور؟ أم بكثرة جمعه للأموال والثروات وحصوله على متاع الدنيا من الحرث والأنعام؟ أم أن العظمة تحصل للإنسان بقدر نيله للكمالات الروحية والفضائل الخلقية، وبكثرة تحقيقه للإنجازات الإصلاحية وتغيير أمته الفاسدة المتخلفة إلى أمة حضارية إيمانية متقدمة؟.
في الحقيقة إن الكمال الحقيقي للإنسان لا يكون إلاّ بالعلم والإيمان وبالأخلاق والإصلاح، ومن دون تحقيق ذلك يبقي النقص والتدهور ينخر بحياة الإنسان، فلا عظمة إلاّ بتحقيق تلك الكمالات وإيجاد تلك الخصائص والحصول على تلك الدرجات العالية ولكن هناك عظمة تفوق عظمة تلك الكمالات الأخلاقية والعلمية بدرجات عالية جداً، ألاّ وهي عظمة القرب من الله عز وجل، والحصول على مرضاته والوصول إلى المقامات والدرجات العظيمة عنده عز وجل. وليست العظمة في الوصول إلى المناصب الدنيوية، بل وحتى الدينية وإن كانت تملأ عيون الناس، كما وليست العظمة في كسب الثروة والمال والحصول على متاع الدنيا من الحرث والأنعام.
إن العظمة الحقيقية في الحصول على الملكات الروحية والقوة النفسية بحيث يستطيع المرء أن يقف أمام عنفوان شهواته وأهوائه، ويملك غضبه وسخطه، ولا يتعدي حدود الله جلا وعلا. فالقوي من غلب هواه كما قال أمير المؤمنين عليه السلام، والشديد من ملك غضبه.
وبعبارة أخري إن العظمة في الوصول إلى المقامات الإيمانية، والدرجات العلمية والفضائل الخلقية، وكلما ارتقي المرء في درجات العلم والإيمان وتحلي بالأخلاق الرفيعة والملكات الروحية، ارتقت درجة عظمته وسمو نفسه وجلالة قدره.
وعلى ضوء هذا البيان نستطيع أن نعرف عظمة الرسول الاكرم وأهل بيته الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. فالأنبياء العظام لما ارتقوا إلى معالي المقامات والدرجات السامية من العلم والإيمان، والزلفى عند العلي الأعلى كانت ترتفع درجة عظمتهم وتسموا مقاماتهم في أرقي درجات الكمال والسمو وفي أعلى درجات الجنان والعلو. ومن هنا نستطيع أن ندرك عظمة الإمام الثاني عشر المهدي المنتظر عليه السلام بيد أنه لا يمكن الإحاطة بجميع أبعاد عظمة شخصية المباركة لأن ذلك يستلزم معرفة جميع خصائصه وصفاته كما ويستلزم معرفة أبعاد تلك المقامات ودرك سمو تلك المنازل. بيد أننا نستطيع أن نتحدث عن جوانب ثلاث في شخصيته المباركة، ألا وهي الجانب الأخلاقي، والجانب الإصلاحي، والجانب الرباني.
إن الإمام المهدي عليه السلام رغم عظمة شخصيته المباركة إلاّ أنه في منتهي التواضع لكسب المعارف والحكم، فقد جاء في الحديث الشريف عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في بيان عظمة الإمام: - قد لبس للحكمة جُنتها وأخذها بجميع أدبها من الإقبال عليها والمعرفة بها والتفرغ لها، وهي عند نفسه ضالته التي يطلبها وحاجته التي يسأل عنها فهو مغترب إذا اغترب الإسلام وضرب بعسيب ذنبه-.
أجل، إن الإمام عليه السلام رجل عظيم، تلبس للحكمة جُنّتها... فهو يبحث عن الحق والحقيقة وعن الحكمة، فهو يسأل عنها ليقتطفها ويسبق الآخرين في العمل بها، فالحكمة ضالته المنشودة، حيث يترصد لها كل شاردة وواردة، بعكس ما يفعله الجاهلون، فالحكمة وعلى الرغم من أهميتها إلاّ أنها مهملة لا يعير الغافلون لها بالاَّ، فهي كالدرر المتناثرة بين أيديهم لا يعرفون قيمتها غير أنها ثمينة جداً لدي العلماء العارفين.
والإمام المهدي عليه السلام رغم ما عنده من المعارف والعلوم لا يغفل عن الحِكم المودعة في الحياة وفي المخلوقات والمحكية على الألسن والأعمال، فهو الإمام الهادي والولي المرشد، ورغم ذلك فهو لا يري نفسه فوق السعي نحو الحكمة، والمعارف والحِكم الربانية، فهو الطالب لها والآخذ العامل بها، كما وهو المرشد لها والهادي إليها.
فالإمام هو النموذج المتكامل للحكم والمعارف، وهو الإمام المقتدي، فحياته وسلوكه وأقواله وأعماله وتصرفاته، كلها دروس للناس يتخذونها مشاعل للهداية ودساتير للسعادة. فإذا كان الإمام رغم ما لديه من المعارف الإلهية فهو أول الباحثين عن الحكمة والناشدين لها، فكيف يجب على بقية الناس أن يتعاملوا مع الحكم والمواعظ؟ وكيف يلزم عليهم أن ينشدوها ويبحثوا عنها ويأخذوا بها؟
وحينما يتحدث الإمام أمير المؤمنين عليه السلام عن الإمام المهدي - عجل الله فرجه- أنه الباحث عن الحكمة بحيث تكون ضالته المنشودة رغم ما لدي الإمام من المقامات والكرامات والمعارف والعلوم، فهو في الحقيقة يرشدنا في نفس الوقت إلى الأهمية القصوى لهذه الجوهرة الثمينة، المهملة عند الجهّال والغالية الثمينة لدي الأئمة والعلماء العارفين، فما أعظم هذا الدرس وما أبلغ هذه الموعظة، حقاً لو كانت الحكمة ضالة كل إنسان، ورجاء كل باحث، لكانت الحياة البشرية كلها حياة سعادة وأمن ورفاه. من هنا لم يكن حديث الله تعالى في القرآن إلاّ تأكيداً لهذا، حينما بيّنً عن أهمية الحكمة لمن ينالها في قوله تعالى: (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكمَةَ فَقَدْ أوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) (البقرة)
بسم الله الرحمن الرحيم
بماذا تتحقق العظمة؟ هل تتحقق العظمة للإنسان بسيطرته على الحكم وأخذ زمام الأمور؟ أم بكثرة جمعه للأموال والثروات وحصوله على متاع الدنيا من الحرث والأنعام؟ أم أن العظمة تحصل للإنسان بقدر نيله للكمالات الروحية والفضائل الخلقية، وبكثرة تحقيقه للإنجازات الإصلاحية وتغيير أمته الفاسدة المتخلفة إلى أمة حضارية إيمانية متقدمة؟.
في الحقيقة إن الكمال الحقيقي للإنسان لا يكون إلاّ بالعلم والإيمان وبالأخلاق والإصلاح، ومن دون تحقيق ذلك يبقي النقص والتدهور ينخر بحياة الإنسان، فلا عظمة إلاّ بتحقيق تلك الكمالات وإيجاد تلك الخصائص والحصول على تلك الدرجات العالية ولكن هناك عظمة تفوق عظمة تلك الكمالات الأخلاقية والعلمية بدرجات عالية جداً، ألاّ وهي عظمة القرب من الله عز وجل، والحصول على مرضاته والوصول إلى المقامات والدرجات العظيمة عنده عز وجل. وليست العظمة في الوصول إلى المناصب الدنيوية، بل وحتى الدينية وإن كانت تملأ عيون الناس، كما وليست العظمة في كسب الثروة والمال والحصول على متاع الدنيا من الحرث والأنعام.
إن العظمة الحقيقية في الحصول على الملكات الروحية والقوة النفسية بحيث يستطيع المرء أن يقف أمام عنفوان شهواته وأهوائه، ويملك غضبه وسخطه، ولا يتعدي حدود الله جلا وعلا. فالقوي من غلب هواه كما قال أمير المؤمنين عليه السلام، والشديد من ملك غضبه.
وبعبارة أخري إن العظمة في الوصول إلى المقامات الإيمانية، والدرجات العلمية والفضائل الخلقية، وكلما ارتقي المرء في درجات العلم والإيمان وتحلي بالأخلاق الرفيعة والملكات الروحية، ارتقت درجة عظمته وسمو نفسه وجلالة قدره.
وعلى ضوء هذا البيان نستطيع أن نعرف عظمة الرسول الاكرم وأهل بيته الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. فالأنبياء العظام لما ارتقوا إلى معالي المقامات والدرجات السامية من العلم والإيمان، والزلفى عند العلي الأعلى كانت ترتفع درجة عظمتهم وتسموا مقاماتهم في أرقي درجات الكمال والسمو وفي أعلى درجات الجنان والعلو. ومن هنا نستطيع أن ندرك عظمة الإمام الثاني عشر المهدي المنتظر عليه السلام بيد أنه لا يمكن الإحاطة بجميع أبعاد عظمة شخصية المباركة لأن ذلك يستلزم معرفة جميع خصائصه وصفاته كما ويستلزم معرفة أبعاد تلك المقامات ودرك سمو تلك المنازل. بيد أننا نستطيع أن نتحدث عن جوانب ثلاث في شخصيته المباركة، ألا وهي الجانب الأخلاقي، والجانب الإصلاحي، والجانب الرباني.
إن الإمام المهدي عليه السلام رغم عظمة شخصيته المباركة إلاّ أنه في منتهي التواضع لكسب المعارف والحكم، فقد جاء في الحديث الشريف عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في بيان عظمة الإمام: - قد لبس للحكمة جُنتها وأخذها بجميع أدبها من الإقبال عليها والمعرفة بها والتفرغ لها، وهي عند نفسه ضالته التي يطلبها وحاجته التي يسأل عنها فهو مغترب إذا اغترب الإسلام وضرب بعسيب ذنبه-.
أجل، إن الإمام عليه السلام رجل عظيم، تلبس للحكمة جُنّتها... فهو يبحث عن الحق والحقيقة وعن الحكمة، فهو يسأل عنها ليقتطفها ويسبق الآخرين في العمل بها، فالحكمة ضالته المنشودة، حيث يترصد لها كل شاردة وواردة، بعكس ما يفعله الجاهلون، فالحكمة وعلى الرغم من أهميتها إلاّ أنها مهملة لا يعير الغافلون لها بالاَّ، فهي كالدرر المتناثرة بين أيديهم لا يعرفون قيمتها غير أنها ثمينة جداً لدي العلماء العارفين.
والإمام المهدي عليه السلام رغم ما عنده من المعارف والعلوم لا يغفل عن الحِكم المودعة في الحياة وفي المخلوقات والمحكية على الألسن والأعمال، فهو الإمام الهادي والولي المرشد، ورغم ذلك فهو لا يري نفسه فوق السعي نحو الحكمة، والمعارف والحِكم الربانية، فهو الطالب لها والآخذ العامل بها، كما وهو المرشد لها والهادي إليها.
فالإمام هو النموذج المتكامل للحكم والمعارف، وهو الإمام المقتدي، فحياته وسلوكه وأقواله وأعماله وتصرفاته، كلها دروس للناس يتخذونها مشاعل للهداية ودساتير للسعادة. فإذا كان الإمام رغم ما لديه من المعارف الإلهية فهو أول الباحثين عن الحكمة والناشدين لها، فكيف يجب على بقية الناس أن يتعاملوا مع الحكم والمواعظ؟ وكيف يلزم عليهم أن ينشدوها ويبحثوا عنها ويأخذوا بها؟
وحينما يتحدث الإمام أمير المؤمنين عليه السلام عن الإمام المهدي - عجل الله فرجه- أنه الباحث عن الحكمة بحيث تكون ضالته المنشودة رغم ما لدي الإمام من المقامات والكرامات والمعارف والعلوم، فهو في الحقيقة يرشدنا في نفس الوقت إلى الأهمية القصوى لهذه الجوهرة الثمينة، المهملة عند الجهّال والغالية الثمينة لدي الأئمة والعلماء العارفين، فما أعظم هذا الدرس وما أبلغ هذه الموعظة، حقاً لو كانت الحكمة ضالة كل إنسان، ورجاء كل باحث، لكانت الحياة البشرية كلها حياة سعادة وأمن ورفاه. من هنا لم يكن حديث الله تعالى في القرآن إلاّ تأكيداً لهذا، حينما بيّنً عن أهمية الحكمة لمن ينالها في قوله تعالى: (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكمَةَ فَقَدْ أوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) (البقرة)
تعليق