فقهاء الإمـامية اليوم و(ظاهرة أزدياد الجداريات والصورالشخصية لهم)
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
بالأمس وضع الفقهاء قواعد عقلية في جواز مبدأ الإجتهاد والتقليد لهم بعد مخالفة ماجائنا بهِ من الثقلين وهما (كتاب الله والسّنة المطهرة لآل بيت النبوة(عليهم السلام)) في عدم أخذ أحكام الشريعة الإلهية إلا عن طريقهما، لكن للأسف الشديد فقد ساروا فقهاء الإمامية المتأخرين على تلك اللعبة الأصولية المخترعة من مناهج ونظريات وقواعد فلسفية مُبتدعة بعلم أطلقوا عليه (علم الأصول) الذي لم نرى اي أصلاًً يتأصل بهِ أوإمتداداً يتجذرّ بهِ من فقه الأئمـة المعصومين (عليهم السلام) بل ذهبوا إلى ماهو أبعد من ذلك بتحديهم للأحاديث الشريفة المنصوصة بحرمة التقليد ولجوئهم إلى إصدار الفتاوى المتناقضة في التشريع لديهم حتى كثرُت الإختلافات الفقهية في الكثير من الأحكام والأكثر غرابة في ذلك هو نيلهم من المقلدين بالرضا والقبول الحسن في إجتهاداتهم.
ولست بصدد مناقشة هذا العنوان المتعلق ببطلان مبدأ الإجتهاد والتقليد عند الإمامية بل لأجل التذكير ، ومن أراد التحقق في بحثٍ سليم وبصيرة ويقين في كشف خبايا هذا الأمر الخطير يمكنهُ الإطلاع والمعرفة على ذلك من خلال (منتدى علم الأصول) الزاخر بحقيقة البيان من لدن أولياء الرحمان في الأصول والتشريع وهم العترة الصادقين (صلوت الله عليهم اجمعين).
ومن منطلق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جئت لمناقشة ظاهرة لم نعهدها من قبل والتي تثير الأستغراب لكل عاقل لبيب ومؤمن غيور لايرضى بالتقديس الزائف للفقهاء وهو مانراه اليوم عند المسير في كثير من شوارع ومدن العراق وخصوصاً الوسطى والجنوبية منها أزدياد ظاهرة انتشار الصور الجدارية الكبيرة لفقهاء الدين في زماننا هذا (عصر الظهور الشريف) والتي لاتتناسب مع مكانة العلماء الزاهدين والمبتعدين عن الشهرة والتألق الشخصي بين أوساط المجتمع الشيعي خاصة وجمهور المسلمين بصورة عامة.
والحقيقة لا نضع اللوم على أموات فقهاءنا المتأخرين (رحمهم الله) ، بل المقصود من ذلك هؤلاء الأحياء الذين وضعوا تلك الأفعال نصب أعينهم وبرضاهم.
لذا سأتناول مجموعة من الأسئلة عسى ان أجد إجابات شافية وخصوصاً من الأخوة المقلدين لفقهاء هذا الزمن:
أين الفقهاء المتواضعين والمُذمَّين لمقامات الشهرة والمناصب الدنيوية الذين يصنعون من أنفسهم مثلاً وقدوة للأجيال الشريفة في العلم والزهد والتقوى والورع وغيرها من محاسن الأخلاق ومكارمها ؟؟
وأين الفقهاء الربانيين الذين يسيرون على مناهج الأنبياء الأبرار والأئمة الأطهار (سلام الله عليهم أجمعين) الذين قضوا حياتهم في انفاق مايملكون من أموال وإيصالها للفقراء والمساكين وبحثهم عن كل محتاجٍ ضعيف وأعطاء كل ذي حقاً حقه ؟؟ !! وبعد كل ذلك يختمون أعمارهم وهم لايملكون أدنى مايملكه من الفقراء والمحتاجين!
أليس من الواجب انفاق هذهِ الأموال الطائلة لمن أولى في مواردها المشروعة لخدمة البشر بدلاً من إسرافها لغير وجه الله بتمجيد الفقهاء عن طريق طباعة الصوراللامشروعة ؟؟!!
ولماذا لم نجد في سيرة أئمتنا المعصومين (عليهم السلام) إن أحد الأئمة طلب من الرسامين برسم صورة أو مجموعة من الصور لنشرها في شوراع الكوفة ومكة والمدينة وغيرها من المدن الإسلامية آنذاك؟؟ وحاشى أئمتنا (عليهم السلام) من ذلك.
ولماذا لم نجد إن أحد أئمتنا المعصومين (عليهم السلام) يطلب من صانع التماثيل أو النحات بصنع تمثال أو شكلاً صوري ما يمثل شخصية ذلك الإمام المعصوم ليتفاخر بهِ بيت الناس؟؟
أليس من الواجب على هؤلاء الفقهاء محاربة كل من تتزيَّن أفكاره بتمجيد الفقهاء المعاصرين ومدحهم بهذهِ الأفعال المذمومة في إسلامنا الشريف؟
بدلاً من السكوت والرضا عن ذلك ، وهذا إن لم يكن فيه إشارة من الفقهاء بتطبيق هكذا أفعال.
ألم يقرأ هؤلاء الفقهاء الحديث الشريف لنبينا الأكرم محمد (صلى الله عليهِ وآلهِ وسلم): (( احثوا في وجوه المدّاحين التراب)) ؟ فما يعني هذا الحديث؟
ألم يكن تنصيب الجداريات الشخصية هو لون من الوان المدح؟
وهل العلماء يُعرفوا بالأشكال والعروض الشخصية وغيرها من أنماط المفاخر الدنيوية ؟
أم من خلال إرتقاءهم بالمراتب العلمية والمعارف الإلهية وفي الزهد والورع والتقوى وذمهم لمن يُمجَّد أنفسهم بهروبهم من الدنيا وزينتها ومفاتنها ؟
فأين أصحاب السياسة وقادتها الماضين ؟ واين صورهم التي تغنّت بجبروتهم وطغيانهم في البلاد ؟
ولماذا يتشبه فقهاء الإمـامية اليوم بأفعال الماضين وكذلك الحاضرين من هؤلاء أصحاب السياسة الظالمين؟
أليس هذا دليلاً على سيرهم واقتفائهم أثر أصحاب الممالك والحكم والذين يبحثون عن التمايز في شخصية (الأنـا) لنيل علواً في الأرض ومقاماً عظيماً ؟؟
يقول إمامنا الصادق (عليهِ السلام):
الخشية ميراث العلم وميزانه، والعلم شعاع المعرفة وقلب الإيمان ، ومن حرم الخشية لا يكون عالماً وأن يشق الشعر بمتشابهات العلم . قال تعالى : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء }فاطر28
وآفة العلماء ثمانية: الطمع والبخل ، والرياء والعصبية ، و(حـب المـدح) ، والخوض فيما لم يصلوا إلى حقيقتهِ ، والتكلف في تزيين الكلام بزوائد الألفاظ ، وقلة الحياء من الله ، والأفتخار ، وترك العمل بما عملوا.
مصباح الشريعة / للإمـام الصادق (عليهِ السلام).
وعن رسول الله محمد (صلى الله عليهِ وآلهِ وسلم) قال:
((لا تجلسوا عند كل داع مدّع يدعوكم من اليقين إلى الشك ، ومن الإخلاص إلى الرياء ، ومن التواضع إلى الكبر ، ومن النصيحة إلى العداوة ، ومن الزهد إلى الرغبة ، وتقرّبوا إلى عالم يدعوكم إلى التواضع من الكبر ، ومن الرياء إلى الإخلاص ، ومن الشك إلى اليقين ، ومن الرغبة إلى الزهد ، ومن العداوة إلى النصيحة ، ولا يصلح لموعظة الخلق إلا من جاوز هذهِ الآفات بصدقه وأشرف على عيوب الكلام ، وعرف الصحيح من السقيم وعلل الخواطر وفتن النفس والهوى.
مصباح الشريعة / للإمـام الصادق (عليهِ السلام).
وعذراً للإطالة وكثرة الأسئلة لإجل اقتضاء الحقيقة أختتم هذا الموضوع برؤيا صادقة إن شاء الله قد مَـنّ الله تعالى عليَّ بها يوماً من الأيام وهي/
إني رأيت نفسي أتجول في مدينتي ففوجئت بأن الجداريات قد أصبحت جميعاً عارية من صور رجال الدين فأنتابتني الدهشة وفكرت مليئاً في هذا الأمر وسألت نفسي:
من فعل كل هذا؟
واين ذهبت صور هؤلاء الفقهاء المعاصرين ؟
ففهمت ذلك وكأن أحداً يخبرني إننا في زمن دولة الحق الإلهية على الأرض فلا توجد بعد اليوم أي صورة رمزية في تقديس أيَّاً كان من البشر ، وقلت مع نفسي أليس بقية الله (عليهِ السلام) قد أقدم على إنهاء ذلك ؟؟
السلام على محيي السنن ومبيد المضلات والبدع
وعجل الله تعالى فرجه الشريف وجعلنا من المصلحين في دولته والحمد لله رب العالمين.
تعليق