العالم في مواجهة كوارث كونية قادمة
الأمن وأسعار الغذاء والفقر وتغيّرات المناخ محرّكات للازمات
اعداد: مركز النبأ الوثائقي
شبكة النبأ: يشير المخطط البياني للكوارث الكونية أن هناك تصاعداً مستمراً في ارتفاع حدة هذه الكوارث، فارتفاع أسعار المواد الغذائية، والتغيير المناخي الذي يتسبب في وفاة 315 ألفا سنويا، ونزوح الملايين من سكان العالم، فضلا عن الجفاف الذي سيصيب مساحات شاسعة من الأراضي، وأزمة الديون العالمية، وانخفاض نسبة المنتجات الزراعية، والتهديدات الأمنية كل هذه المجالات تتعرض لنكسات كبيرة تهدد أمن العالم، وتدل معظم القراءات بأن العالم على أبواب أزمات كبيرة، مما يستوجب التصدي لها من خلال التخطيط الناجح وبالتعاون بين مختلف دول العالم لتلافي هذه الكوارث.
ارتفاع أسعار المواد الغذائية
أفاد تقرير حديث للأمم المتحدة أن أسعار المواد الغذائية سترتفع مرة أخرى بحلول عام 0152، حيث من المتوقع أن ينتعش الاقتصاد العالمي من الأزمة الحالية ويرتفع الطلب مرة أخرى.
ويعتبر عام 2008 عام الأزمة الغذائية التي نتج جزء منها عن ارتفاع أسعار الوقود. ولكن هذه الأخيرة بدأت تنخفض بحلول فترة الكساد العالمي أواخر عام 2008 وعادت في نهاية المطاف إلى المستويات التي كانت عليها عام 2006. ولكن أسعار المواد الغذائية لا تزال في كثير من البلدان النامية أعلى مما كانت عندئذ.
وأفاد التقرير الصادر عن اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لآسيا والمحيط الهادي التابعة للأمم المتحدة تحت عنوان ’التنمية الزراعية والأمن الغذائي في آسيا والمحيط الهادئ أن هذا التغير كان مؤقتاً.
وقد توقع التقرير، نقلاً عن توقعات الطاقة لعام 2008Energy Outlook الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية، التي توقعت أن يصل معدل سعر النفط الخام لـ100 دولار للبرميل الواحد في الفترة ما بين 2008 و2015، ثم يعود ليرتفع مرة أخرى إلى 120 دولاراً للبرميل الواحد عام 2030، أن أسعار المواد الغذائية سترتفع مرة أخرى أيضاً، وذلك بسبب عودة الطلب عليها وبسبب التهديدات التي تواجه استمرارية الزراعة بما فيها تغير المناخ.
وحذر التقرير من أنه ما لم يفكر المزارعون في وسائل أكثر كفاءة لإنتاج الغذاء فإن مستقبل الأمن الغذائي سيكون قاتماً. فالزراعة المستدامة تشمل إدارة الموارد الطبيعية والبشرية على حد سواء بما في ذلك صيانة وتجديد أو تعزيز البيئة الطبيعية وضمان صحة المنتجين من خلال منحهم الدخل اللائق وظروف العمل المناسبة.
وأوضح التقرير أن المشاكل تزداد خطورة في وسط آسيا. ففي كازاخستان وحدها، تعرض حوالي 66 بالمائة من مجموع مساحة الأراضي للتصحر. كما أن ازدياد وتيرة تربية الماشية أدى بدوره إلى ممارسة ضغط كبير على المراعي.
وتساهم الغابات بشكل كبير في المحافظة على النظام البيئي الداعم للقطاع الزراعي، بما في ذلك التلقيح وحماية تجمعات المياه ودعم مصائد الأسماك النهرية. غير أن اجتثاث الغابات في الاتحاد الروسي وكمبوديا وفيتنام وبابوا غينيا الجديدة قد تسارع بين عامي 1990 و 2005 ويعود السبب جزئياً في ذلك إلى ارتفاع أسعار الوقود مما دفع الفقراء إلى التركيز على استعمال المزيد من خشب الغابات.
كما بدأت الموارد المائية تعاني من النضوب. ويرجع ذلك جزئياً إلى ارتفاع الضغط على الزراعة بسبب زيادة الطلب على الغذاء. وعلق التقرير على ذلك بقوله أنه على الصعيد العالمي، تفيد التقديرات أن ما بين 15 و35 بالمائة من إجمالي المياه التي يتم تخصيصها للزراعة المروية لا يمكن تعويضها أو تجديدها. فاستخدام المياه يفوق قدرتها على التجدد.
أما في منطقة آسيا والمحيط الهادي، فإن الاستعمال المكثف للمياه يتسبب في نضوب المياه الجوفية، خصوصاً في جنوب آسيا والصين. كما أنه تسبب في انخفاض تدفق مجاري المياه الرئيسية مثل النهر الأصفر ونهر الغانج.
مطالبة بموارد غير غذائية
من جهته دعا الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف الى العثور على موارد غير غذائية لتوليد الطاقة فيما يعاني مليار شخص حول العالم الجوع. وقال في كلمة في افتتاح المنتدى الدولي الاول للحبوب في سان بطرسبورغ (شمال غرب) ان تطوير موارد الطاقة الصديقة للبيئة ينبغي الا يكون مبعث عجز متفاقم في الحبوب الضرورية لحاجات التغذية. واضاف نؤيد انتاج الوقود الحيوي من موارد غير غذائية. واوضح ان الجوع هو من اقسى محن البشرية، مشيرا الى معاناة مليار شخص جراء تلك الافة حاليا.
وتابع الرئيس الروسي كثيرون حول العالم هم الذين يتقبلون وفاة طفل جوعا كل خمس ثوان.
وتشكل الولايات المتحدة والبرازيل والاتحاد الاوروبي الدول الاساسية المنتجة للوقود الحيوي.
واعرب مدفيديف عن قلقه من اختلال التوازن بين العرض والطلب على الحبوب، معتبرا ان على الدول التوافق على آلية لمراقبة السوق ونظام انذار.
قتل 300 ألف شخص سنوياً
من جهة أخرى حذر تقرير صدر عن المنتدى الإنساني العالمي، من أن التغيرات المناخية التي يشهدها كوكبنا، والمتمثلة بارتفاع درجة حرارة الأرض تودي بحياة 300 ألف شخص سنويا حول العالم، حيث من المتوقع أن يتضاعف عدد هؤلاء الضحايا مع حلول عام 2030، وذلك في الوقت الذي يعاني فيه 300 مليون إنسان على سطح البسيطة من المشاكل الناجمة عن هذه التغيرات.
وتوصل التقرير إلى أن حرارة مناخ الأرض قد ارتفعت بمقدار 0.74 درجة مئوية ما بين عامي 1905 و2005، متوقعا زيادتها إلى ما يقارب درجتين مئويتين في السنوات القادمة.
ووجد التقرير أن أسباب وفاة 9 من كل 10 أفراد قضوا بسبب التغيرات المناخية، متعلقة بالانحلال التدريجي للبيئة، والذي يؤدي إلى استنزاف التربة والماء والهواء، مما يدفع الناس إلى الهجرة بحثا عن قوت يومهم وقد يؤدي إلى المجاعات.
ومن بين أهم أسباب وفاة المتأثرين بهذا الوضع أوضح التقرير، أنه متعلق بالأمراض التي تنجم عن التغيرات المناخية والتي تسبب نقصا في التغذية وتشجع الأمراض الفتاكة مثل الملاريا.
فمن جهته أشار رئيس المنتدى والسكرتير الهام السابق للأمم المتحدة، كوفي عنان، إلى أن التقرير يحاول لأول مرة لفت انتباه العالم إلى حقيقة أن التغيرات المناخية ليست أمرا سيحدث مستقبلا، بل إنه يؤثر فعلا على حياة الكثير من الناس حول العالم.
وتوضيحا لهذه الآثار، بين عنان أن التغيرات المناخية أدت إلى جعل مجموعة من المناطق غير قابلة للسكن، وهو ما يدفع الكثيرين إلى الهجرة وهو أمر يمس أمن الناس وأمن الدول، وعليه يجب أن يتعامل معه مجلس الأمن الدولي.
ويدعو التقرير الى تركيز خاص على 500 مليون من السكان الذين يعرفهم بأنهم عرضة للتأثر بشكل بالغ لانهم يعيشون في دول فقيرة اكثر عرضة للجفاف والفيضانات والعواصف وارتفاع مستويات البحار والتصحر الزاحف.
ويقول التقرير ان افريقيا هي أكثر المناطق عرضة لمخاطر تغير المناخ وبها من 15 الى 20 دولة اكثر عرضة للتأثر. وهناك مناطق اخرى تواجه ايضا مستويات تهديد عالية تضم دولا نامية في جنوب اسيا وفي جزر صغيرة.
ولتجنب أسوأ العواقب يقول التقرير ان جهود التكيف مع آثار تغير المناخ يجب ان تزيد 100 مرة في الدول النامية. ويشير الى ان التمويلات الدولية التي جرى التعهد بها لهذا الغرض تبلغ 400 مليون دولار فقط مقارنة مع تكلفة تقدر في المتوسط بنحو 32 مليار دولار سنويا.
كارثة انقراض جماعية
من جانب آخر أماط علماء بريطانيون اللثام عن بركان هائل مجهول أدى ثورانه لعمليات انقراض جماعية في أنحاء شاسعة من كوكب الأرض قبل 260 مليون سنة.
ويعتقد العلماء، في جامعة ليدز البريطانية، أن البركان القديم الكائن في إقليم إيمشان جنوب-غرب الصين، قذف، أثناء ثورانه، بنصف مليون كيلومتر مكعب من الحمم البركانية، التي غطت مناطق واسعة بلغت خمسة أضعاف حجم ويلز، مما أدى لانقراض الحياة البحرية في كافة أنحاء العالم.
وأظهرت طبقات أحفورية صخرية أن ثورة البركان تسببت في إبادة أشكال مختلفة من الحياة، ونجمت عنه كارثة بيئية رئيسية، وفق الدراسة المنشورة في دورية العلوم.
وزاد موقع البركان القريب من المياه الضحلة، من تأثيره الكارثي العالمي، حيث أدى تدفق الحمم البركانية السريع وارتطامها بمياه البحر، لانفجار عنيف نجم عنه قذف كميات هائلة من ثاني أكسيد الكبريت لأعلى الغلاف الجوي.
وقال البروفيسور بول ويغنال، من جامعة ليدز الذي قاد الدراسة: يشابه التقاء الحمم البركانية السريعة التدفق بمياه البحر الضحلة، إلقاء ماء على مقلاة ساخنة جداً، والنتيجة.. انفجار هائل تمخضت عنه سحب عملاقة من البخار.
ويقدر العلماء أن الكارثة البيئة وقعت فور انفجار البركان، حيث أدى ضخ كميات هائلة من ثاني أكسيد الكبريت نحو الغلاف الجوي للأرض إلى تشكيل سحب ضخمة انتشرت حول العالم، وتسببت في انخفاض درجات الحرارة في الأرض، وانهمار سيول جارفة من الأمطار الحمضية.
وأضاف ويغنال: الانقراض المفاجئ للحياة البحرية يمكن رؤيته بوضوح في الأحفورات، التي سجلت، وبقوة، ارتباط الثوران البركاني الهائل بكارثة بيئة عالمية..وهو رابط كان دوماً مثار جدل.
كارثة بيئية في آسيا الوسطى
من جهة أخرى استضافت مدينة الماآتا عاصمة كازاخستان السابقة، أواخر نيسان (ابريل) الماضي، اعمال قمة اقليمية شارك فيها روؤساء خمس من دول آسيا الوسطى لبحث مشكلة المياه في المنطقة، التي تعتبر من اعقد المشاكل التي تواجهها هذه الدول، وشارك في القمة رؤساء كازاخستان، اوزبكستان، قيرغيزستان، طاجيكستان، تركمانستان وهي الدول المؤسسة لما يعرف بـ الصندوق الدولي لانقاذ بحر أورال.
يذكر ان المياه تعتبر من اندر الموارد الطبيعية في منطقة آسيا الوسطى، ولم توفق دول المنطقة حتى اليوم، في التوصل الى حل مشترك لادارة الموارد المائية الشحيحة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي.
وحذر خبراء إستراتيجيون من أن تفاقم أزمة المياه في آسيا الوسطى، وتراخي المجتمع الدولي في التصدي لهذه المشكلة سيؤديان إلى مشكلات بيئية وإنسانية خطيرة تلقي بعواقبها على الاستقرار الإقليمي. وحذرت وزيرة الاقتصاد السويسرية دوريس لويتهارد خلال مؤتمر دولي للتعاون بين سويسرا وشرق اوروبا وآسيا الوسطى من أن عدم حل مشكلة نقص المياه في وسط آسيا سينعكس على مشاريع توليد الطاقة والزراعة والاستهلاك البشري والمياه المطلوبة للصناعة، ما سيترك آثاراً واضحة على الحياة الاجتماعية والنمو الاقتصادي، وسيزيد من مخاطر التوتر في المنطقة ما قد يدفع إلى حدوث موجات هجرة. وأشارت إلى أن تلك المشكلات قد ينظر المرء إليها على أنها إقليمية لكنها تترك آثاراً دولية، مثلما هو الحال في إقليم دارفور.
تعليق