يعتقد البعض ان الناس في اخر الزمان سوف تستقبل الامام المهدي (عليه السلام) بالورود فرحين مستبشرين ولكن وللاسف ومن خلال الرجوع الى الاخبار الواردة عن اهل البيت النبوي يتبين لنا العكس فان اكثر الناس كما يظهر يحاربون المهدي ويكذبون دعوته ويقفون بوجهه رافضين خروجه وقيامه فعن ابي حمزة الثمالي ، قال : سمعت ابا جعفر (عليه السلام) يقول : ( ان صاحب هذا الامر لو قد ظهر ، لقي من الناس مالقي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) واكثر) . ومن خلال التفكر والتامل ومراجعة روايات اهل البيت عليهم السلام تتبين واضحة بعض الاسباب التي تؤدي الى ذلك المنزلق الخطير والانحراف الذي لاعوده منه والعياذ بالله ومجمل الاسباب ينحصر في حب الدنيا والميل اليها والانخراط في شهواتها على حساب الدين الحقيقي الذي اراده الله ورسوله والائمة الطاهرين وبين الانقياد وراء علماء سوء منحرفين مضلين يخرجون في اخر الزمان يتسببون في اضلال الناس وانحرافهم عن جادة الحق والهداية فعن امير المؤمنين (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : ( غير الدجال اخوف على أمتي من الدجال الائمة المضلون ) كنز العمال /ج10ص191 . وان من الامور التي يتوقف عندها الباحث ويتحير على الرغم انها صادرة من المعصومين وبسند صحيح هي الرواية الواردة الصحيحة السند عن ابي بصير عن ابي عبد الله (عليه السلام) في حديث ذكر فيه راية القائم (عليه السلام) وقال فاذا هو قام نشرها فلم يبق في المشرق والمغرب احد الا لعنها ) غيبة النعماني . والحقيقة انني لا اعرف كيف يمكن لاحد ان يلعن راية الامام المهدي (عليه السلام) وبحثت عن حلا مقنعا لهذا الامر وفي اثناء البحث عثرت ايضا على روايتين اخريين بنفس المعنى فعن ابان بن تغلب قال:سمعت ابا عبد الله(عليه السلام) يقول:{ اذا ظهرت راية الحق لعنها اهل الشرق واهل الغرب.اتدري لم ذلك؟قلت:لا قال: للذي يلقى الناس من اهل بيته قبل خروجه}. الغيبة للنعماني وعن منصور بن حازم عن ابي عبد الله(عليه السلام) انه قال:{اذا رفعت راية الحق لعنها اهل الشرق والغرب(المشرق والمغرب) قلت له:لم ذلك؟ قال:مما يلاقون من بني هاشم} وعند ذلك اطمئننت نفسي بان هذا الشيء لابد ان يقع ويكون فقد ذكرته الروايات الـصحيحة السند ولكن قررت البحث والتقصي عن السبب في ذلك الموقف العجيب فانه من المعلوم ان الذين ينتظرون الامام المهدي(عليه السلام) هم المسلمون سنتهم وشيعتهم وكلا الفريقين يعتقدون بظهور الامام(عليه السلام) وهم منتظرين لامره ودولته كما ان اهل البيت(عليه السلام) في رواياتهم وكلامهم يخاطبون المسلمين لان غير المسلمين خارج تحصصا كما يقولون وان ساحة الامام المهدي هي المنطقة العربية وخصوصا الجزيرة العربية والعراق وايران وبلاد الشام لذا فاننا نرى ان اكثر الروايات التي تتحدث عن امر الامام(عليه السلام)تقع احداثها ومجرياتها في هذه المنطقة بالتحديد وعليه يتبين ان لعن راية الامام سيكون من قبل المسلمين وللاسف الشديد ويبقي السؤال كيف يكون ذلك يا ترى؟!! وقبل الاجابة لابد لنا ان نعرف ما المقصود من راية الامام ؟وما المقصود من لعنها؟وغير ذلك:قال السيد الشهيد محمد صادق الصدر((اعلى الله مقامه)) في كتابه موسوعة الامام المهدي ج3 قال:{والمقصود من (راية الحق) :دعوة المهدي(عليه السلام)العامة المتمثلة باطروحته العادلة الكاملة,ونشرها او رفعها:اعلانها في العالم كما ان المقصود من لعنها:الغضب عليها والاشمئزاز منها من قبل اهل الشرق والغرب وهم اكثر سكان العالم. ومن المؤكد ان يكون المقصود من بني هاشم و(اهل بيته) شيئا واحد,سواء ذلك على المستوى الصريح او الرمزي}. انتهى كلام السيد وهو كلام صحيح ووجيه فان الراية بما هي راية لايمكن تصور لعنها اذ يتضح من خلال كلام السيد الشهيد(قدس) ان للامام المهدي(عليه السلام) دعوة وان هذه الدعوة تعلن للعالم وتنشر وانها سوف تكذب وتحارب بل تلعن هي وقادتها من قبل المسلمين الذين هم اهل الشرق كما لايخفى ويكون ذلك اللعن والتكذيب بسبب رجال الدين من بني هاشم كما هو واضح من كلام السيد في نفس الكتاب المذكور ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا عن دعوة الامام المهدي(عليه السلام) متى تكون فانه من المعلوم لدينا ان الامام المهدي(عليه السلام) يقوم بالسيف في مكة المكرمة ويجتمع اليه اصحابه وكما يظهر من الروايات انه يبدا بالقتال وفتح المدن الاسلامية فعن ابي عبد الله(عليه السلام) قال:{اذا خرج القائم(عليه السلام) لم يكن بينه وبين العرب والفرس الا السيف لا يأخذها الا بالسيف ولا يعطيها الا به} البحار ج52 وعن ابي عبد الله (عليه السلام) قال:{اذا خرج القائم لم يكن بينه وبين العرب وقريش الا السيف,وما يأخذ منها الا بالسيف} غيبة النعماني. اذا متى تكون دعوة المهدي(عليه السلام) الحقيقية ان المقصود من دعوة المهدي(عليه السلام) هي حركة الممهدين التي تسبق قيام الامام(عليه السلام) وقد ورد في الروايات الشريفة انه يخرج قبل المهدي(عليه السلام) من يمهد له ويدعو له كالخراساني واليماني وشعيب بن صالح وان كانت الدعوة الحقيقة الممثلة للامام المهدي(عليه السلام) لا تنحصر الا بحركة اليماني فقد ورد عن الامام الباقر(عليه السلام) انه قال:{...وليس في الرايات اهدى من راية اليماني هي راية هدى لانه يدعو الى صاحبكم,فأذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على (الناس و) كل مسلم,واذا خرج اليماني فانهض اليه,فأن رايته راية هدى,ولا يحل لمسلم ان يلتوي عليه,فمن فعل فهو من اهل النار,لانه يدعو الى الحق والى طريق مستقيم}. بحار الانوار ج52. وكما يظهر من الرواية الشريفة ان دعوة اليماني عبر عنها الامام الباقر(عليه السلام) براية اليماني وهذا ما يؤكد المعنى الذي ذكره السيد الشهيد في تفسير راية الحق هي اهدى الدعوات ومما يدل على ان اليماني صاحب دعوة الامام(عليه السلام) ما ذكر في الرواية حيث كرر الامام الباقر(عليه السلام) كلمة يدعو مرتين فقال{ يدعو الى صاحبكم} وفي الموضع الثاني قال{ لانه يدعو الى الحق والطريق المستقيم}. وقد ذكر الشيخ على الكوراني في كتابه عصر الظهور حيث قال:{ المرجح ان يكون السبب الاساسي في ان ثورة اليماني اهدى انها تحضى بشرف التوجيه المباشر من الامام(عليه السلام) وتكون جزءا مباشرا من خطة حركته(عليه السلام), وان اليماني يتشرف بلقائه ويأخذ توجيهه منه}. وهذا الكلام يؤكد على ان ثورة اليماني ودعوته هي جزء من حركة الامام فهي دعوة الامام(عليه السلام) لان الدعوة جزء من الحركة المهدية كما يتضح ذلك من خلال الاتصال المباشر بالامام لليماني ولقاءه به ولا يكون ذلك الا لانه يكون ممثلا للامام المهدي(عليه السلام) في الدعوة. ولما تبين ذلك نعود للاجابة عن كيفية لعن دعوة الامام(عليه السلام) وتكذيبها علما ان التعجب والاستغراب قد زال بعض الشيء لان التكذيب سوف يلاقى به اليماني وهذا ممكن تصوره وان كان منهيا عنه وقد صرحت الروايات بأن مصير من يكذب باليماني ويلتوي عليه النار والعياذ بالله. والظاهر والمتصور ان الناس سوف لن تصدق اليماني في دعوته وسيتهم بالتكذيب لا بل من الواضح انه سوف يلعن هو ودعوته واتباعه لان الناس سوف تعتقد بأن اليماني مفتري على الامام كذبا ولا يكون ذلك من تلقاء انفسهم فقد صرحت الروايتين الثانية والثالثة بأن اللعن نتيجة ما يلقاه الناس من اهل بيته في الرواية الثانية ومن بني هاشم في الرواية الثالثة الذين هم شيئا واحدا كما قال السيد الصدر(قدس) وهؤلاء حتما ليس لهم اثر في ذلك الفعل اذا كانوا من عامة الناس لكن المتصور انهم قادة الناس انذاك اي انهم من الفقهاء الذين ترجع اليهم الناس في امور دينهم ولكنهم من فقهاء اخر الزمان وعلماء السوء المضلين الذين يكذبون بدعوة الامام(عليه السلام) المتمثلة باليماني وسوف يصدرون الفتاوى التي تكذب تلك الدعوة بل ربما يصدرون فتاوى بلعن تلك الدعوة واتباعها فلا يكون من الناس الا تصديقهم واتباعهم في ذلك اعاذ الله علمائنا الصالحين واخواننا المؤمنين من الانزلاق في هذا المنزلق الخطير.