يحتفل الفلكيون هذه الأيام بظهور نجم سهيل في سماء الإمارات والجزيرة العربية، وهو ما يعني دخول سنة فلكية جديدة، في تقويم المواسم الفصلية التي أسسها العرب الأوائل. ولهذا النجم عدة مسميات عند العرب فهم يسمونه «البشير اليماني»، ويسمونه «نجم اليمن» ويسمونه «سهيل اليماني» أيضاً، وترجع نسبته إلى اليمن كونه يطلع من جهة الجنوب ويظهر مقابلاً للنجم القطبي الشمالي فهو يشير إلى جهة الجنوب.
وترتبط أهمية نجم سهيل بأن ظهوره يعني اقتراب المطر وبدء انحسار موسم الحر والصيف، فقد جاء في الأمثال الشعبية « إذا طلع سهيل، لا تأمن السيل» بمعنى أن مجرد ظهوره يعني اقتراب المطر حتى بدون بوادر تشي به.
وتبدأ حسابات المطر «الوسم» بعد اثنين وخمسين يوما تقريبا من مشاهدته، وتليه فترة فصل الشتاء، ولهذا ينتظر أهل البحر والبادية ظهور هذا النجم الأحمر اللامع لأن ظهوره يعني اقتراب موسم «القفال» بالنسبة للغواصين، وموسم «القنص» لأهل الصحراء.
ويقترن ظهور سهيل بالعديد من الحوادث الفصلية المختلفة، فهو يعني برودة الظل بعد حرارته صيفا، ويقصر النهار ويمتد الليل ويبرد آخره، كذلك تهب رياح الجنوب الرطبة فتخفف من لهيب الهواء الساخن، وتبدأ الشمس بالميل ناحية الجنوب بعد أن كانت عمودية في فصل الصيف.
وتغنى شعراء الإمارات والجزيرة العربية بهذا النجم اللامع، فهو الثاني في اللمعان بعد نجم الشعرى اليمانية، ويبعد نجم سهيل عن الأرض 310 سنوات ضوئية وهو من مجموعة «كارينا» التي كانت تسمى سابقا باسم «السفينة» إحدى أبرز المجموعات النجمية الجنوبية، كما يعد واحدا من أقوى النجوم ومن النجوم العملاقة العظيمة اللامعة بمجرة «درب التبانة».
وهو أيضا أحد النجوم العربية الخالصة، فهو لا يظهر في أوروبا بأكملها، ولا في شمال الولايات المتحدة الأميركية، ولا تركيا ولا حتى في أقصى شمال العراق لأنه نجم يميل جنوبا ولا يمكن مشاهدته أبدا في الدول التي تقع على خط عرض 38 درجة شمالا وأكثر، وعلى العكس يمكن مشاهدته بوضوح طوال العام في الدول التي تقع جنوب خط الاستواء كجنوب أفريقيا.
وبالرغم من أن أهل الخليج لا يرون سهيل في وقت واحد، لأن طلوعه يختلف من منطقة لأخرى، ويراه أهل الجنوب منهم قبل أهل الشمال، إلا أنهم اتفقوا على أن طلوعه في السماء يعني بدء تقويم «الدرور». وهو تقويم يقسم السنة ثلاثة أقسام كل قسم مائة يوم كل عشرة أيام منها يسمى «در» المائة الأولى مع منتصف أغسطس، وفيها انكسار حدة الحر واعتدال الجو وهبوب الرياح النشطة. وهبوب رياح «الأكيذب» في در الستين ودر الثمانين مشهور برياحه الشمالية القوية، ويكون ظهور «سهيل» فيها في آخر الليل. والمائة الثانية مع نهاية نوفمبر وفيها ميل الجو للبرودة وتناوب هطول الأمطار بإذن الله، ويكون ظهور «سهيل» فيها من منتصف الليل إلى آخره، والمائة الثالثة مع بداية مارس وفيها بداية الدفء ثم ارتفاع درجة الحرارة، رياح «النعايات» في در العشر، ورياح «السرايات» في در الثلاثين. ويكون ظهور «سهيل» فيها من بداية الليل إلى آخره، ثم يتقدم ظهوره تدريجيا وتقل فترة مكوثه في السماء ومع نهاية المائة الثالثة يغيب «سهيل» عن الظهور في السماء حيث يكون متزامناً مع الشمس ليبتعد عنها في أواسط أغسطس ويظهر قبيل الفجر وفي هذه الفترة يقع موسم الغوص الكبير في الخليج.
ومن أبرز الأقوال المأثورة في الذاكرة العربية عن نجم سهيل «إذا طلع سهيل برد الليل، وخيف السيل، وامتنع القيل، ولأم الفصيل الويل، ورفع الكيل». وأيضا قولهم «الصيف أوله طلوع الثريا، وآخره طلوع سهيل».
تعليق