بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد واله وعجل فرجهم والعن عدوهم
الشهيدين الصدرين ينسفان الحوزة العلمية ويرجعون الناس الى ال محمد (ع)
تعرضت القواميس الى كلمة تمهيد , فقالوا عن هذه المفردة
{ معنى تمهيد في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي
تَمهيد: ( اسم )
الجمع : تمهيدات
مصدر مَهَّدَ
قَرَأَ تَمْهِيدَ الكِتَابِ : مُقَدِّمَتَهُ تَنَاوَلَ صُلْبَ الْمَوْضُوعِ
تَمْهِيداً لِلاجْتِمَاعِ : تَحْضِيراً ، تَهْييئاً ، إعْدَاداً لَهُ
تَمهيد: ( اسم )
تَمهيد : مصدر مهَّدَ
مهَّدَ: ( فعل )
مهَّدَ / مهَّدَ لـ يمهِّد ، تَمهيدًا ، فهو مُمَهِّد ، والمفعول مُمَهَّد
مهَّد الفِرَاشَ مهَده ؛ بسطه
مهَّد الأمرَ : سهَّله ويسَّره
مَهَّدَ لَهُ عُذْرَهُ : قَبِلَهُ
مهَّد له السَّبيل : ساعَده
مَهَّد الطَّريقَ : سوّاه وأصلحه بإزالة النَّواتئ والمرتفعات التي به طرُق غير مُمَهّدة
مَهَّدَ للموضوع ونحوِه : هيّأ للدُّخول فيه
تمهيد البحث : مبحث صغير يهيِّئ للدخول في صلب البحث يوضع في صدره }
فوظيفة الممهد القيام بتهيئة الاجواء ولو بشكل جزئي لمجيء الامر الممهد له , وليس بالضرورة ان يرفع كل العقبات التي تعيق مجيء الممهد له , بل التمهيد يكون برفع جزء من العقبات وليس كلها , ومن غير الممكن ان يكون دور الممهد كدور الممهد (بالفتحة ) له , والا لو تشابه دور الاثنان لما صح التفريق بين الدورين ولما صح ان نسميه ممهد , بل لكلاً دور يقوم به , وناخذ مثالين على قضية التمهيد :
{ الشاهد الاول }
تمهيد رسول الله (ص) لنشر احكام الله سبحانه وتطبيقها على المسلمين , ففي بداية دعوته لم ينهى عن كل محرم ولم يامر بكل حلال , بل بدا بالتمهيد والتدريج الى ان وصل الحال بالمسلمين ان يكونوا على استعداد تام لتقبل كل احكام الله سبحانه , وهذا الامر اشار اليه الامام الصادق عليه السلام بقوله { إن الله تبارك وتعالى بعث رسوله صلى الله عليه وآله بالرأفة والرحمة، فكان من رأفته ورحمته أنه لم ينقل قومه في أول نبوته عن عادتهم، حتى استحكم الاسلام في قلوبهم، وحلت الشريعة في صدورهم } مع ان احكام الله سبحانه حق وتطبيقها ايضاً حق , الا ان الله سبحانه امر نبيه بالتمهيد لتطبيق الشريعة الكاملة دون تطبيقها على الناس دفعة واحدة , والسبب في ذلك ان الله سبحانه راعى ظروف الناس ومدى انغماسهم بالجاهلية , والا لو كانوا يتحلون بالتسليم للحق سبحانه لما امر الله نبيه بتطبيق شريعته على امته بالتدريج ولما تركهم يفعلون المنكرات وهم تحت ضل الاسلام , لكن لطف الله ورحمته بالناس جعله سبحانه يامر نبيه بالتمهيد في تطبيق شرعه ,
والنبي الاكرم (ص) لم يكن يجهل حلال الله وحرامه عندما سمح لهم او لم ينهاهم عن فعل المحرمات بل كان عارفاً بما يريده الله سبحانه من عباده , لكنه تماشى مع اهل المحرمات واهل البدع من قومه ولم ينهاهم في بداية دعوته بامر الله سبحانه للاسباب التي ذكرناها اعلاه , وكذلك الحال نفسه سيكون مع دعوة الامام المهدي عليه السلام , فدعوته شبيهة بدعوة جده رسول الله (ص) بل هي عين دعوة الرسول الاكرم (ص) كما قال الائمة عليهم السلام ولابد ان تمر بنفس ما مرت به الدعوة المحمدية من تمهيد لطرح الحق الكامل والشرع الالهي , فقد ورد عن عبد الله بن عطاء قال سالت أبا جعفر ع فقلت { إذا قام القائم ع بأي سيرة يسير في الناس فقال : يهدم ما قبلة كما فعل رسول الله ص ويستأنف الإسلام جديد } بحار الأنوار ج52ص354
وعن أبو بصير عن أبو عبد الله ( ع ) قال { الإسلام بدا غريبا وسيعود غريبا كما بدا فطوبى للغرباء فقلت اشرح لي هذا أصلحك الله فقال ع يستأنف الداعي منا دعاء جديد كما دعا رسول الله ص } بحار الأنوار-ج13 ص 194-
فدعوة القائم (ع) التي يقوم بها وزيره السيد اليماني شبيهة بدعوة رسول اله (ص) ولا بد ان تمر بنفس المراحل التي مرت بها دعوة الرسول الاكرم (ع) حسب تشبيه الامام الصادق (ع) , وتشترك امة رسول الله (ص) وامة القائم (ع) في اخر الزمان بنفس الخاصية ( الجاهلية ) فرسول الله (ص) مهد لقومه بسبب الجاهلية التي كانت قد اخذت ماخذها في نفوسهم في زمانه , وامة القائم ايضاً ستأخذ الجاهلية مأخذها في نفوس قومه , فبسبب انغماسهم بالجاهلية سيمهد الامام عليه السلام للناس من خلال ارساله الرسل والممهدين لكي يبينوا للناس انحرافهم عن الصراط المستقيم , والدليل على ان امة القائم (ع) سيكونون في جاهلية كاجاهلية الناس في زمان رسول الله قول الرسول نفسه (ص) (قال { بعثت بين جاهليتين لآخرهما اشد من أولهما } بل جاهلية الناس في اخر الزمان اشد من جاهلية الناس في زمان رسول الله (ص) فلهذا سيكون التمهيد اكبر واوسع من تمهيد رسول الله (ص) لامته , وهذا ما اشارت اليه الروايات الشريفة من ان القائم ستكون مهمته اصعب من مهمة رسول الله بسبب قساوة الجاهلية الثانية وانغماس اناس اخر الزمان بها الى اخمص اقدامهم , فقد جاء عن الامام الصادق عليه السلام انه قال { إن قائمنا إذا قام استقبل من جهلة الناس اشد مما استقبل رسول الله (ص) من جهال الجاهلية . فقلت وكيف ذلك ؟ قال إن رسول الله (ص) أتى الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوتة وان قائمنا إذا قام أتى الناس كلهم يتأول عليه كتاب الله ، ويحتج عليه به . ثم قال (ع) : أما والله ليدخلن عليهم عدله جوف بيوتهم ، كما يدخل الحر و القر } (غيبة النعماني ص159)
فوجب على القائم عليه السلام ان يمهد لامته اكثر من تمهيد رسول الله (ص) لامته لان اصحاب الجاهلية الاولى وضعهم افضل من وضع اصحاب الجاهلية الثانية , فلهذا وجب ان يكون التمهيد اكبر واوسع من تمهيد رسول الله (ص) لقومه , وهذا ما سيفعل القائم بل هذا ما فعله عليه السلام بالضبط , وسنبين لاحقاً كيف ان القائم عليه السلام مهد لامته من خلال ارسال ممهدين ,
{ الشاهد الثاني }
تمهيد النبي يحيى (ع) لامته لاجل مجيء الموعود عيسى ابن مريم عليه السلام ,
كان النبي يحيى يبشر الناس بمجيء المخلص ( النبي عيسى عليه السلام) والناس ايضاً كانوا في جاهلية سوداء مدلهمة فبني اسرائيل ابتعدوا عن دين موسى عليه السلام واتخذوا دين جديد لا علاقة له بالسماء , وهذا الدين نسجته لهم ايدي فقهائهم ( الاحبار ) فالاحبار اخرجوا بني اسرائيل من دين الله افواجاً الى دين ابليس دين الاراء الشخصية البعيدة عن تعاليم السماء , وفعاد الناس في ذلك الوقت الى الجاهلية التي اخرجهم منه نبي الله موسى عليه السلام عندما ارسله الله اليهم , ولاجل اعادتهم الى دين الله سبحانه من جديد وجب وضع خطة محكمة لارجاعهم للحق , وهذه المهمة اسندت الى الموعود عيسى ابن مريم عليه السلام لكن الناس كانوا قد وصلوا الى مراحل خطيرة من الجاهلية يحتاج لاخراجهم منها الى تمهيد حتى ياتي المخلص ليجدهم ارضية صالحة او مهيئة للاصلاح , فلذلك بعث الله الانبياء والرسل بعد رحيل النبي موسى عليه السلام الى بني اسرائيل للتمهيد لمجيء المخلص (عيسى ) وكان يحيى من ضمن الذين بشروا بمجيئ عيسى ابن مريم عليها السلام ومهد لقدومه والكتاب المقدس اشار الى هذا الامر تحت عنوان بشارة يوحنا المعمدان يبشر في برية اليهودية ، فيقول : { توبوا لأن ملكوت السماوات اقترب } وجاء ايضاً في انجيل مرقس تحت عنوان ظهور يوحنا المعمدان { بشارة يسوع المسيح ابن الله بدأت كما كتب النبي أشعيا } { ها انا ارسل رسولي قدامك ليهيء طريقك ، 3 صوت صارخ في البرية : هيئوا طريق الرب ، واجعلوا سبله مستقيمة } ومن بشارة يحيى بمجيء عيسى عليهما السلام ما جاء ايضاً في انجيل مرقس { 7 وكان يبشر فيقول : يجيء بعدي من هو اقوى مني . من لا احسب نفسي اهلاً لأن انحني واحل رباط حذائه . 8 انا عمدتكم بالماء ، واما هو فيعمدكم بالروح القدس }
لقد كان يحيى ممهداً لعيسى (ع) ومبشراً به وبنبؤته ومجيئه , وشاءت ارادة الله سبحانه ان يخرج الممهد للموعود من المؤسسة الدينية , فكان يصلي معهم في معبدهم , وهذه خطة مدروسة من قبل الله سبحانه لاجل ان يوصل صوت يحيى الى اتباع ومقلدي فقهاء المؤسسة الدينية انذاك , والدليل على ان النبي يحيى (ع) ساير المؤسسة الدينية ببعض افكارها وان كانت باطلة بقاءه في وسطهم دون نفيه او قتله من قبلهم , فتخيل اخي القارء حدوث هذا الامر في الحوزة الان , فلو جاء شخص يكفر بالحوزة وعلومها ورجالاتها فهل سيبقوه حياً ام انهم سيقتلوه كما قتلوا كثير من المصلحين الذين عارضوهم ببعض الافكار ,
وبهذه الخطة المحكمة استطاع النبي يحيى (ع) ان يغير بعض الافكار الباطلة في المؤسسة الدينية , فكان دوره مهم جداً في تقبل الناس لدعوة النبي عيسى عليه السلام ,
وايات الكتاب المقدس اشارت الى الحرب التي دارة بين يوحنا النبي يحيى وبين فقهاء المؤسسة الدينية التي خرج من بين جدرانها , فقد كان يحيى عليه السلام محارباً لمعلمي الشريعة والكهنة المنحرفين وكان ينهاهم عن أفعالهم المنحرفة تلك فقد جاء في إنجيل متى ( 7 ورأى يوحنا ان كثيراً من الفريسيين والصدوقيين يجيئون اليه ليعتمدوا ، فقال لهم : يا اولاد الافاعي ، من علمكم ان تهربوا من الغضب الاتي ؟ 8 اثمروا ثمراً يبرهن على توبتكم ، 9 ولا تقولوا لأنفسكم : ان ابانا هو ابراهيم ، اقول لكم : ان الله قادرٌ ان يجعل من هذه الحجارة ابناء لابراهيم ) . وهذا ما قام به سماحة السيد رحمه الله حين واجه الكثير من المنحرفين سواء من الفقهاء او غيرهم ونهاهم وامرهم بل انه فسق بعضهم ولم يقف الشبه عند هذا الحد فقط بل تعداه الى مقتلهما وشهادتهما فقد استشهد النبي يحيى (ع) نتيجة مؤامرة بين الكهنة وهيرودوس الحاكم انذاك فالقاه في السجن ثم قام بقتله وهذا ما وقع مع سماحة السيد حيث كان استشهاده ايضاً نتيجة مؤامرة فقد خذل السيد الشهيد الكثير من العلماء والفقهاء بل انهم حاربوه وتبعهم على ذلك الكثير من العوام فكان ذلك سبباً استغله الحاكم الطاغية صدام فأمر بقتله رضوان الله عليه ثم ان الاثنين قتلا من قبل الحكام كما هو واضح ,
يتبع
تعليق