سلسة الرد الشرعي على اصول السيد محمد باقر الصدر
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم اخوتي واعزائي ورحمة الله وبركاته
هذه وبأذن الله تعالى بداية لسلسة من حلقات الرد على اصول السيد محمد باقر الصدر والتي تعتبر الان من ارقى المصنفات الاصوليه عند الاصوليين والتي تدرس في مناهج الحوزة العلمية ولعل سائل يسأل فيقول من انت حتى ترد على فيلسوف العصر وفلته الزمان وعَلم الاعلام في القرن العشرين؟؟؟ فنقول انني لاشيء سوى محب لطريق الحق وباحث عن هوية الحقيقة والتي اصبحت اليوم بين طيات النسيان فمن منا اليوم يتكلم فيؤذن له بالكلام لقد اصبحنا اليوم نعيش حقبة المصادرة لحقوق الفكر مهما يكن فلا تكن إلا سَماعاً للغير مطيعا لهم مهما يكن مصدر الكلام ومهما يكن وزن الكلام فقد يكن المقابل جاهل باحكام الله متستر بلباس العلم والعلماء فيغوي الناس بكبر العمامة وطول اللحية فتقعد امامه خاسئا خاشعا لايُُسمع لك همسا ولا كلاما غير تسبيح وتهليل وانت تقول في اعماق وجدانك ( النظر لوجه العالم عباده ) لقد اصبحنا اليوم ومع شديد الاسف مقتدين بكلام اشخاص لم يخترهم الله لنا قدوة فابعدنا عن اذهاننا قدوة الله الذي جعلهم لنا قدوة فصطفاهم وطهرهم من الرجس تطهيرا وجعلهم السبيل اليه وبابه الذي منها يؤتى ويدخل في رحمته من يشاء من عباده ( وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) .
اعزائي حلقة اليوم من حلقات الرد على اصول السيد محمد باقر الصدر تحت عنوان (خبر الثقة) والتي سنتناول فيها حجية خبر الثقة بين قول السيد محمد باقر الصدر وقول امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) وجوابا ثاني على من سيشكل على بحثي هذا هو ان هذا البحث مقارنه بين مايقوله السيد الصدر الاول وماقاله امير الؤمنين (عليه السلام) فلا يتصور البعض ان هذا البحث من مقالتي والعياذ بلله فلم يؤذن لنا كمسلمين موالين لآل البيت النبوي الشريف ان نعطي أرائنا في الدين فدين الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ لايصاب بعقول الرجال كما جاء في احاديثهم الشريفة وعلى العموم قد سمع وقراء اغلب الناس أقوال الائمة المتواتره في باب الحديث حين ارشدونا الى معرفة صدق الحديث من كذبه هو ماجاء عن كليب الأسدي قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) ، يقول : " ما أتاكم عنا من حديث لا يصدقه كتاب الله فهو زخرف " . مستدرك الوسائل - ج 17 - ص 304 – 305
وجاء عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم تسليما ) أنه قال : " إذا رويتم عني حديثا فاعرضوه على كتاب الله ، فإن وافق فاقبلوه ، وإن خالف فردوه " تهذيب الأحكام 7 : 275
نكتفي بطرح هذين الروايتين الشريفتين لتبيان ماهو واجب علينا اتجاه معرفة صدق الحديث وكذبه ومع هذه الصراحة في لهجة الروايات الا اننا لم نقراء ولم نسمع في تراثنا الاسلامي من عرض الحديث على كتاب الله من فقهاء المسلمين ولكننا نجدهم ومع شديد الاسف قد اهتموا بعلم الرجال ايما اهتمام وصرفوا جُل عمرهم في معرفه الرجال ولم نجد منهم من قال ان هذا الحديث يوافق الكتاب او يخالف الكتاب ولكننا نقراء ما كتبوه من ان هذا الحديث قوي السند وهذا الحديث ضعيف السند وذلك مقبول ... الخ من مصنفات اجنبية عن ما امرنا به أئمة الهدى عليهم صلوات الله وسلامه اجمعين
ومن جمله من تعرض الى الرواة هو السيد محمد باقر الصدر في كتابه المعالم الجديدة للأصول حيث قال ما هذا نصه (والثقة وإن كان قد يخطئ أو يشذ أحيانا ولكن الشارع أمرنا بعدم إتهام الثقة بالخطأ والشذوذ واعتبر روايته دليلا وأمرنا باتباعها ، دون أن نعير احتمال الخطأ أو الشذوذ بالا ) المعالم الجديدة للأصول - السيد محمد باقر الصدر - ص 9
وهذا بالواقع ليس له دليلا علميا من الاحاديث الشريفة والروايات المقدسة بل ان في روايات الائمة الاطهار ماينافي ويعارض هذا الكلام بالجمله وبما اننا صرفنا عنوان البحث بالمقارنه بين كلام السيد الصدر وكلام أمير المؤمنين الامام علي (عليه السلام) فسنورد لكم ما جاء عنه سلام الله عليه في حديث طويل نقله الشيخ الكليني رحمة الله في كتابه الكافي الجزء الاول صفحة 62 قال امير المؤمنين مصنفاً للرواه الى اربعة اصناف ليس لهم خامس فقال ( ... إنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس : رجل منافق يظهر الإيمان ، متصنع بالإسلام لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدا ، فلو علم الناس أنه منافق كذاب ، لم يقبلوا منه ولم يصدقوه ، ولكنهم قالوا هذا قد صحب رسول الله صلى الله عليه وآله ورآه وسمع منه ، وأخذوا عنه ، وهم لا يعرفون حاله ، وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم فقال عز وجل : " وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم " ثم بقوا بعده فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان فولوهم الأعمال ، وحملوهم على رقاب الناس ، وأكلوا بهم الدنيا ، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله ، فهذا أحد الأربعة . ) الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 62 - 64
وهنا لنا وقفه مع النوع الاول من الرواة وهو (الرجل المنافق الذي يظهر الايمان) ,
من المعلوم ان المنافق صعب الى الناس العاديين كشفه الا في التجارب وهذه ليس طريقه سليمه فلعل بعض المنافقين لم يدخلوا تجارب ليفتضح امرهم فتوهم الناس بتقواهم ظاهرا فسمعوا منهم وصدقوهم على انهم ثقة وصنفوهم من الثقات وهذا اشكال نريد جوابا له ؟؟؟؟
ثم يكمل مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) حديثه عن الرواة فيقول ( .. ورجل سمع من رسول الله شيئا لم يحمله على وجهه ووهم فيه ، ولم يتعمد كذبا فهو في يده ، يقول به ويعمل به ويرويه فيقول : أنا سمعته من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم تسليما ) فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوه ولو علم هو أنه وهم لرفضه) الشيخ الكليني - ج 1 - ص 62 – 64
وهنا لنا وقفه اخرى مع هذه النوعية الثانية من الرواة والغريب ان هذه الشخصية ثقة ولكنه توهم حين سمع من رسول الله فنقل للناس وهم والدليل على انه ثقه هو قول الامام عنه (ولم يتعمد كذبا)
وقوله (عليه السلام) (ولو علم هو أنه وهم لرفضه ) وهذان الامران يدلان على ثقة هذه النوعية من الرواة فكيف للسيد الصدر الاول قبول هذه النوعية ولعل سائل يسأل فيقول كيف يستطيع السيد الصدر معرفة توهم الراوي الثقة نقول اليس الصدر الاول فيلسوف القرن وفطحل الزمان اما يستطيع ان يعرض الرواية على كتاب الله فأذا كان الجواب لا يستطيع ذلك اذن فهو ليس بأعلم بل يكون مصداق الاعلم هو من يستطيع معرفه الروايات الصحيحه التي توافق الكتاب من الروايات الكاذبه أو الغير صحيحة والتي تخالف الكتاب .
ويكمل الامام علي (عليه السلام) سلسلة الرواة ببيان الراوي الثالث فيقول (ورجل ثالث سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا أمر به ثم نهى عنه وهو لا يعلم ، أو سمعه ينهى عن شئ ثم أمر به وهو لا يعلم ، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ ، ولو علم أنه منسوخ لرفضه ، ولم علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه ) الشيخ الكليني - ج 1 - ص 62 – 64
وهذه النوعية ايضا ثقة ولكنه سمع المنسوخ وحفظه ولم يسمع الناسخ وهذا الناسخ والمنسوخ تابع للروايات الشريفة وليس و الناسخ والمنسوخ الذي في القران فقد جاء عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قلت له : ( ما بال أقوام يروون عن فلان وفلان عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لا يتهمون بالكذب ، فيجئ منكم خلافه ؟ فقال : إن الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن ) . وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 208
ومن هنا نفهم ان هذه النوعة من الرواة ايضا ثقة ولكنه سمع شيئا قد امر به رسول الله ثم نهى عنه فهل لنا ان نسمع كلام هذا الثقة ولا نرده كما يقول السيد الصدر الاول .
ويكمل مولانا امير المؤمنين (عليه السلام) في تعداد الرواة فيصل الى الراوي الرابع والاخير فيقول (وآخر رابع لم يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله ، مبغض للكذب خوفا من الله و تعظيما لرسول الله صلى الله عليه وآله ، لم ينسه ، بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمع لم يزد فيه ولم ينقص منه ، وعلم الناسخ من المنسوخ ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ فإن أمر النبي صلى الله عليه وآله مثل القرآن ناسخ ومنسوخ وخاص وعام ومحكم ومتشابه قد كان يكون من رسول الله صلى الله عليه وآله الكلام له وجهان : كلام عام وكلام خاص مثل القرآن وقال الله عز وجل في كتابه : " ما آتاكم الرسول فخذوه ، وما نهاكم عنه فانتهوا " فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى الله به ورسوله صلى الله عليه وآله وليس كل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كان يسأله عن الشئ فيفهم وكان منهم من يسأله ولا يستفهمه حتى أن كانوا ليحبون أن يجيئ الأعرابي والطاري فيسأل رسول الله صلى الله عليه وآله حتى يسمعوا . ) الشيخ الكليني - ج 1 - ص 62 – 64
ومن هنا نفهم ان هذا النوع ايضا ثقة بل ومؤكد في ثقته ولكنه لم يستطع فهم كلام رسول الله على وجهه الصحيح فكلام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) عام وخاص وبالنتيجه ان كلام هذا الثقة غير صحيح ايضا ويحتاج للفحص والتدقيق مع كتاب الله كما امرنا محمد وآل محمد (عليهم سلام الله وصلواته اجمعين ) ان نتبعة في ديننا وعقيدتنا كمسلمين موالين لآل بيت النبوة .
لعل سائل يسأل فيقول أن الرواة التي تتحدث عنهم الروايه كلهم ينقلون كلام غير صحيح أبتدئا من الاول وهو المنافق الكاذب والثلاثة الثقة الباقين فكيف تستطيعون تبيان هذا الاشكال وحله ؟؟
نقول أن هذا الاشكال بسيط وحله ابسط منه فأن هؤلاء الرواة الذي تحدث عنهم أمير المؤمنين (عليه السلام) هم الذين ينقلون روايات وأحاديث غير صحيحة فهم اربعه لا خامس لهم فأن السائل قد سأل أمير المؤمنين (عليه السلام) في بدايه الرواية قالا : (إني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن وأحاديث عن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم تسليما غير ما في أيدي الناس ، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبي الله صلى الله عليه وآله أنتم تخالفونهم فيها ، وتزعمون أن ذلك كله باطل ، أفترى الناس يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدين ، ويفسرون القرآن بآرائهم ؟ ) الشيخ الكليني - ج 1 - ص 62 – 64
فأجابه امير المؤمنين (عليه السلام) عن اصناف الرواة الاربعة الذين ينقلون الروايات التي تخالف ما في أيدي سلمان والمقداد وأبي ذر وهؤلاء اي سلمان والمقداد وأبي ذر هم صنف من اصناف الرواة الصادقين الذين أخذوا علمهم من أمير المؤمنين (عليه السلام) ومع ذلك فهم ايضا غير معصومين ولذلك وضع لنا أئمة الهدى (عليهم السلام) هذه القاعدة الذهبية والتي تقول ((ما أتاكم عنا من حديث لا يصدقه كتاب الله فهو زخرف ))
والى هنا انتهى كلامنا في هذه الحلقة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعليق