"مقاربة لفهم أخطاء المشايخ و المراجع و الفضلاء"
في هذا الموضوع محاولة لفهم أخطاء العلماء
في ضوء فهم بيكون لأخطاء الإنسان
سأعتمد في هذه المقاربة على مقتطفات من
كتاب في الفلسفة محاولا ً تطبيق ذلك على
حال المشايخ و العلماء و المجتهدين، و إليكم
هذه المحاولة التي يدفعني إليها تناقض الواقع
مع بعض ما يؤصل له المتشرعة مع حفظ الإحترام
لهم كأشخاص ... على أن يكون الهدف من النقد
الإرتقاء لا الذم و التجريح رغم المثالب و الأخطاء.
ـــــــــــــ
* "يتقدم بيكون الآن الى تحليل مشهور لهذه الأخطاء
... وهذه الأخطاء هي:"
*"اولا ، أوهام القبيلة ، وهي أوهام طبيعية بالنسبة الى البشر
عموما، فقد زعم الإنسان باطلا ً أنه مستوى الأشياء و العكس
هو الصحيح لأن إدراك الإنسان العقلي و الحسي تصوير لنفسه و ليس تصوير للكون و عقل الإنسان يشبه المرآة غير المستوية التي
تعكس خواصها على الأشياء المختلفة ، وتشوهها و تجعلها تبدو قبيحة.
إن أفكارنا صور عن أنفسنا أكثر من كونها صور للأشياء....."
المقاربة الأولى :
اولا، أوهام القبيلة ، وهي أوهام طبيعية للبشر عموما ، فقد زعم
المتشرعة و المجتهدون أنهم مستوى الإسلام و تعبير حقيقي عنه
( فجعلوا الراد عليهم كالراد على الله ورسوله ... وحكموا بالمشهور
(عند القبيلة) لا بما يقتنعون به ... وحكموا بالإجماع ولو على باطل) و الصحيح أن إدراك المتشرعه و المجتهدين العقلي و الحسي تصوير لأنفسهم وليس تصوير للإسلام و عقل المجتهد يشبه المرآة غير المستوية التي تعكس خواصها على حقائق الإسلام و مفاهيمه المختلفة ، و تشوهها
و أحيانا تجعلها تبدوا قبيحة ، إن أفكار المجتهدين صور عن أنفسهم
أكثر من كونها صور لحقائق الإسلام .....لذا نجد مفهوم الإسلام يتبدل
من جيل لجيل بشكل فاضح يبرز إخفاق مخجل أحيانا في فهم الإسلام
ندركه بعد مضي مرحلة فكرية معينه أو ندركه عند إنتمائنا لمذهب
إسلامي (مخالف).
*" ومن أمثلة محاولة الناس ارغام غيرهم على أرائهم ، و إجبارهم
على التفكير مثلهم ، القصة التي يسوقها لنا بيكون وهي أن رجلا دخل
الى معبد وعرضت أمامه لوحات كثيرة ، علقها الذين نجوا من خطر
الغرق في البحر بعد أن تحطمت بهم السفينة ،استجابة لنذورهم التي
تقربوا بها الى الألهة. وطلب منه ان يعترف بعد هذا الذي شاهده بقوة
الآلهة وفائدة النذور ... فأجاب ولكن اين لوحات الذين غرقوا وماتوا
في البحر على الرغم من نذورهم و ايمانهم و تضرعهم..."
تعليق على المثال:
حقا إن الإيمان بالدعاء بناءً على القصص هو ضرب من التفاؤل
ولولا النص المقدس لما وجدنا دليلا نستند عليه في الإيمان بالدعاء.
*" الطائفة الثانية من اخطاء العقل التي يسميها بيكون (أوهام الكهف)
، فهي الأخطاء التي يختص بها الإنسان الفرد ،((لأن لكل إنسان كهفا
خاصا به ، يعمل على حرف اضواء الطبيعة و تغيير لونها)) وهذا الكهف
هو طبعه كما كونته الطبيعة ، و مزاجه او حالة جسمه و عقله...."
المقاربة الثانية:
*" الطائفة الثانية من اخطاء المجتهدين هي تلك التي يسميها بيكون (أوهام الكهف)، فهي الأخطاء التي يختص بها المجتهد الفرد ،((لأن لكل إنسان كهفا خاصا به ، يعمل على حرف مفاهيم الإسلام و تغيير لونها)) وهذا الكهف هو طبعه كما كونته الطبيعة ، و مزاجه او حالة جسمه و عقله....
وهذا يشمل ربما ما نسميه البرج العاجي للمثقف و المجتهد أيضا وهذا
يبدوا بارزا أيضا في مدارس الإجتهاد و تياراته المختلفه المنبثقة من شخصية الفقيه عندما نقف أمام خط الإمام الخميني و خط الإمام الشيرازي
و خط الإمام الخوئي و خط الإمام فضل الله ... فرغم وجودهم في فترة زمانية واحدة و إنتمائهم لمذهب واحد نلاحظ كيف تكونت عنهم مدارس مختلفة إنعكست على فهمنا للإسلام حسب إنتماءاتنا لخط مجتهد معين( له نمط فهم) مغاير للأخرين...هنا تدخلت شخصية الفقيه لتخلق تمايز وسط
الجماعة أو القبيلة نفسها....أثرت على صورة الاسلام
*" الطائفة الثالثة من أخطاء العقل فهي أوهام السوق ، التي تنشأ من
التجارة و إجتماع الناس بعضهم ببعض .لان الناس يخاطبون بعضهم
بعضا عن طريق اللغة التي فرضت كلماتها على الناس وفقا لعقلية
أهل السوق و العامة من الناس ، حيث ينشأ عن سوء تكوين هذه الكلمات
و عدم موافقتها تعطيل شديد للعقل . إن الفلاسفة يتحدثون عن المسبب
الذي لا يتسبب او المحرك الذي لا يتحرك ، ولكن اليس الغرض من
هذه العبارات و الجمل اخفاء جهلهم الفاضح العاري وقد تدل على ضمير
آثم فيهم ؟ ان كل عقل امين صاف يعرف استحالة وجود مسبب بلا سبب
او محرك بلا حركة . قد يكون البناء الجديد الا عظم للفلسفة هو هذا،
وهو إيقاف الكذب فيها"
المقاربة الثالثة:
الطائفة الثالثة من أخطاء المجتهدين فهي أوهام الحوزة ، التي تنشأ من
الدروس الحوزوية و جدل الحوزويين بعضهم ببعض .لان الحوزويين يخاطبون بعضهم بعضا عن طريق اللغة التي فرضت كلماتها على الناس وفقا لعقلية أهل الحوزة و العامة من طلبة العلوم الدينية ، حيث ينشأ عن سوء تكوين هذه الكلمات و عدم موافقتها تعطيل شديد للعقل . إن العلماء و
المجتهدين يتحدثون عن( القياس... في المدرسة السنية) و عن (الأعلم ...و الأحوط ...الخ في المدرسة الشيعية)، ولكن اليس الغرض من هذه العبارات و الجمل اخفاء جهلهم الفاضح العاري ؟ ان كل عقل امين صاف يعرف أن الأعلم ليس واقعا إلا شعار يرفع لتسقيط بقية و المجتهدين و أن الاحتياط إذا أضر بمصالح الناس فليس إحتياطاً. وقد يكون البناء الجديد الا عظم للإجتهاد هو إيقاف الكذب و فتح المجال للشك و النقاش في الأصول الفقهية و المنطقية و إعادة النظر في القواعد التي أصبحت لغة حوزوية مفروضة لايمكن مخالفتها بحال
فأصبحنا يفرض علينا مجتهد بحجة الأعلمية و يحتاط لنا المجتهدعندما
يجهل متجاهلا ما يؤدي اليه الإحتياط أحيانا من تكليف ما لا يلزم و إرهاق
الناس و جعل الحياة عسرا لا يسرا وكل ذلك باسم الاسلام ولعل أهل الحوزة أعرف بعيوب قواعدهم الأصولية وهم أقدر على نقدها لو يفعلون.
*" الطائفة الأخيرة من أخطاء العقل ، هي الأوهام التي انتقلت الينا من
نظريات الفلاسفة المختلفة ، وقوانين البراهين و الأدلة الخاطئة ، وهي التي يسميها بيكون بأوهام المسرح. اذ ان جميع الأنظمة الفلسفية التي نتلقاها عن الفلاسفة من وقت لأخر ، ليست سوى روايات مسرحية ، تمثل عالما خلقه الفلاسفة أنفسهم بطريقة روائية مسرحية ......"
المقاربة الأخيرة :
الطائفة الأخيرة من أخطاء المجتهدين ، هي الأوهام التي انتقلت الينا من
نظريات المجتهدين السابقين أو السلف الصالح ، وقوانين البراهين و الأدلة الخاطئة ، وهي التي يسميها بيكون بأوهام المسرح. اذ ان بعض التشريعات التي نتلقاها عن المجتهدين من وقت لأخر ، ليست سوى روايات مسرحية ، تمثل عالما خلقه الفلاسفة أنفسهم بطريقة روائية مسرحية ... فماهو الحكم بالمشهور ؟؟؟ عندما لايوافق رأي المجتهد نفسه أليس التماشي مع أحداث المسرحية وما هو التشريع الذي لايبنى على دليل إلا أن يكون السلف قد
فعله بغض النظر عن وجود الدليل فنحرم و نحلل بناء على فعل السابقين
....ماذا يعني لنا المشهور وهل المشهور هو الدين و هل أثبت العقل أن
رأي الأغلبية هو الصواب ...هل المجاملة في الدين توصل لفهم الدين أم
تجعلنا نعيش في رواية مسرحية ....
.....وقفات لا بد منها ....
بعد كل ما سبق أحببت أن أضيف ما يلي:
-ينظر العلماء الفضلاء لعدم أحقية الدول و الحكومات الجائرة في توزيع
الثروة لذا حسب علمي يرون أن رواتب موظفي الدول لابد أن يجيزها
المراجع أو وكلاؤهم ... ولا أتصور أن هؤلاء قادرون على تغيير شيء
فراتبك سيبقى هو هو فصاحب الألفين سيجاز له الألفين و صاحب الخمسين
سيجاز له الخمسين يعني أن الظلم سيبقى على ما هو عليه ثم يأتي وقت الخمس فيفرضه المرجع على كلا الشخصين صاحب الألفين و صاحب
الخمسين ألف بغض النظر عن الظلم الواقع على صاحب الألفين و بغض
النظر عن حاجته للعلاج و حاجته للسيارة و حاجته للزواج و حاجته
للمسكن و بغض النظر عن رفاهية صاحب الخمسين و عن سفراته و عن
فخامة سياراته و عن كثرة ملبوساته و عن تعدد زوجاته وعن علاجه في
بلاد أوروبا ....وهذا غريب خصوصا عندما نأتي بعد ذلك ونتحدث عن
الضمان الإجتماعي في الإسلام و عن العدالة و المساواة و عن صلاحية
الإسلام وملاءمته لكل زمان ومكان ...أليس ما أسس على الباطل فهو باطل؟؟
- يتنعم العلماء بجزء من أموال الخمس ...في الوقت الذي يؤخذ فيه
الخمس من مريض يحتاج هذا المال للعلاج في الخارج و هو لا يملك
ما يكفيه إذا حل وقت الخمس.
- تحريم قراءة كتب الضلال و بالتالي لا يمكنك البحث عن الدين القويم
لأن الدين الصحيح هو في هذه الحال ما ترثه من الأباء و الأجداد و تصورك لبقية الأديان و المذاهب هو في إطار ما يقدمه لك علماؤك الفضلاء جاهز مجهز وفق نظرتهم للمذاهب و الأديان المخالفة.
- عدم نقد السلف و الماضين و إجتهادهم الخاطيء أو غير المقبول
مثل الفتاوى التي تقول بدفن الخمس في باطن الأرض.
- عدم قبول نقد المراجع ... و القرآن يخبرنا أن كل إنسان يسأل
عما يفعل " لا يسأل عما يفعل وهم يسألون"
- نقد العباءة قبل سنوات طوال و نقد الدش الفضائي ...وتحريم
قراءة الصحف في الحوزات أو تعلم اللغات كل ذلك يسكت عنه.
- السكوت على وضع المرجعية ، فإنسان واحد هو لحد اليوم المشرع
و المنظر للإسلام دينا و دولة وكأن الفرد لا ينوء بهذا العبء الثقيل...بدل أن يتم التوجه لـ "إعادة صياغة المرجعة" في قالب مؤسساتي عصري
متكامل.
هذا الكلام يعبر عن نظرة خاصة قد يكون فيها شيء من الخطأ ...لكن
يبقى الأساس وهو حاجتنا لنقد الذات و ليس نقد الذات هو نقد عامة الناس
و تهديدهم بالنار كما يفعل بعض المشايخ ... إن نقد الذات هو إخراج العقل
من القمقم و تسليطه على العيوب من الساس الى الرأس... بحثاً عن الصواب.
اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وآله في هذهِ الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيّناً حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طويلاً برحمتك يا أرحم الراحمين