إختلاف فقهاء الدين في الفتاوى ناتج عن عملهم بالرأي والقياس المخترع
السلام عليكم أخوتي ورحمة الله تعالى وبركاتهُ
لايخفى على كل مُسلم في يومنا هذا كيف وصل بنا الإختلاف في شريعة سيّد الأنبياء والمرسلين محمد المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) ، بعد أن أمرنا صلوات الله عليه في التمسّك بالثقلين وهما كِتاب الله تعالى (القرآن) المنُزَّل من السماء والذي فيه الشريعة الكاملة في ديننا الحنيف وفيه علوم الأولين والآخرين ، وكذلك أمرنا النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في التمسّك بالسنّة المُطهرة التي علّمنا بها وأمرنا كذلك بإتباع التعاليم التي يأتي بها من بعدهِ وهم أبناءه الأئمة المعصومين (عليهم السلام) وهم تراجمة كتاب الله وأبواب محال دين الله وأمناءهِ على شريعتهِ المقدسة.
فما كان من هذهِ الأمة بعد وفاة نبيها (عليه أفضل الصلاة والسلام) إلا بتفرّقها إلى مذاهب متعددة والذي أدت هذهِ التفرقة بها إلى إختلافها في الدين نتيجة ترك فقهاءها ما أوصى بها نبيها في التمسّك وإتباع الأئمة من بعدهِ وحجج اللهِ على خلقهِ وهم أبواب مدينة العلم المتمثّل بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأولادهِ المعصومين (صلوات الله وسلامهُ عليهم أجمعين).
فلم يبقى من تلك المذاهب والفرق على الحق إلا ثلة قليلة جداً من المؤمنين مع الأجيال وهم أتباع مذهب الإمامية والمُسمّى بـ (المذهب الجعفري) وسُمّيَ بهذا الاسم لإن الله تعالى قد أتاح لعلوم آل محمد (عليهم السلام) أن ترى النور الأكبر في عصر الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) حيث أزدهرت البشرية في ذلك العصر ليومنا هذا بمختلف المجالات العلمية ليس بعلوم الفقه والشريعة فحسب بل كان ذلك على مستوى الطب والهندسة والكيمياء والحساب والفلك وكثير من النظريات والقوانين التي وصلتنا من علماء تلك العصور حتى العلماء المتأخرين ماهي إلا خزائن من علوم القرآن فتح بابهِ أحد حجج الله على خلقهِ وهو الإمام العالم العارف من رب العالمين جعفر بن محمد الصادق (عليهِ وعلى آبائهِ الطاهرين آلاف التحية والسلام) والذي من خلالهِ مكن الله لهُ في الأرض ببث علوم القرآن والعترة الشريفة حيث تتلمذ عل يديه مئات العلماء من المحدّثين والمفكرين.
وبعد أن علمنا إن مذهب الإمامية هو مذهب الحق ، كان لا بُدَّ من التمسك بما وردنا منهم (عليهم السلام).
لكن السؤال الذي يدور في أذهان الباحثين عن شريعة سيد المرسلين (عليه وعلى آله السلام):
على ماذا يعملون فقهاء الإمامية المتأخرين حتى عصرنا الحاضر ؟؟
أليس سؤالاً مهمّاً لنا ولجميع الأخوة المتمسكّين بفكرة التقليد للفقهاء المتأخرين؟؟
الحق أقول وللأسف الشديد هو تخليهم أيضاً عن وصية نبينا الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بعدم التمسّك المُطلق بحديث الثقلين ، حيث ذهب المُحققين ومراجع الدين بوضع أسس ونظريات وقواعد أطلقوا عليها (علم الأصول) والذي ليس له أي علاقة بأصول الدين الذي وردنا بعد نزولهِ من وحي السماء على النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبناءهِ المعصومين (عليهم السلام).
بل ذهب فقهاء الإمامية المتأخرين إلى الحكم من خلال تلك الأسس والنظريات الفلسفية بإصدار وإطلاق الفتاوى الفقهية ، فتارة تجد فقيهاً يُفتي على مسألة شرعية ما بجواب (كذا وكذا) فإن كان ذلك في مجال المستحدثات فمن المؤكد عدم علمهِ بما يتفقه بهِ في ذلك الجواب إن كان حلالاً أم حراماً والدليل على ذلك عدم قدرتهِ على عرض تلك المسألة الفقهية على كتاب الله (القرآن) لإنه من البديهي ومن كلام المعصومين (عليهم السلام) إن كتاب الله القرآن لايصاب بالعقول وهؤلاء الفقهاء يعملون بحجية العقل في الفقه وهذا لايجوز إطلاقاً.
في حين نجد فقيهاً آخراً يُفتي في نفس تلك المسألة بجواب يختلف جذرياً في الإجابة عليها مع غيرهِ من الفقهاء الذين وردت عليهم نفس المسألة ، فهذا الأمر ادى بنا إلى مانحن عليه من تعددية التشريع الفقهي وتشتت الناس في التقليد بتأييدهم كذا من الفقهاء والذهاب إلى وجوب تقليد الأعلم ونبذهم وفي بعض الأحيان ذمهم للفقهاء الآخرين وكل مقلّد نراهُ يرسم فكرتهِ هذهِ من يُقلّدهُ من الفقهاء وكأنهُ الفقيه الأنسب للتشريع في فقه الإمامية وهذا الحال الذي وصل بنا نتيجة المباني الخاطئة والأسس والنظريات العقلية التي سببت بضياع الأحكام والسنن وإظهار الآراء والبدع في شريعة محمد وآلهِ الطاهرين (عليهم السلام).
إليكم طائفة من الروايات الشريفة لأئمتنا المعصومين (عليهم السلام) وردت في كتاب أصول الكافي لثقة الإسلام الشيخ المُحدِّث الجليل محمد بن يعقوب الكليني (قدس الله نفسهُ الزكية) حيث جاء في:
بَابُ الْبِدَعِ وَ الرَّأْيِ وَ الْمَقَايِيسِ
1- الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ وَ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ جَمِيعاً عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع النَّاسَ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَدْءُ وُقُوعِ الْفِتَنِ أَهْوَاءٌ تُتَّبَعُ وَ أَحْكَامٌ تُبْتَدَعُ يُخَالَفُ فِيهَا كِتَابُ اللَّهِ يَتَوَلَّى فِيهَا رِجَالٌ رِجَالًا فَلَوْ أَنَّ الْبَاطِلَ خَلَصَ لَمْ يَخْفَ عَلَى ذِي حِجًى وَ لَوْ أَنَّ الْحَقَّ خَلَصَ لَمْ يَكُنِ اخْتِلَافٌ وَ لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا ضِغْثٌ وَ مِنْ هَذَا ضِغْثٌ فَيُمْزَجَانِ فَيَجِيئَانِ مَعاً فَهُنَالِكَ اسْتَحْوَذَ الشَّيْطَانُ عَلَى أَوْلِيَائِهِ وَ نَجَا الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ الْحُسْنَى.
2- الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ الْعَمِّيِّ يَرْفَعُهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا ظَهَرَتِ الْبِدَعُ فِي أُمَّتِي فَلْيُظْهِرِ الْعَالِمُ عِلْمَهُ فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ .
3- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ رَفَعَهُ قَالَ مَنْ أَتَى ذَا بِدْعَةٍ فَعَظَّمَهُ فَإِنَّمَا يَسْعَى فِي هَدْمِ الْإِسْلَامِ
4- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَبَى اللَّهُ لِصَاحِبِ الْبِدْعَةِ بِالتَّوْبَةِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ كَيْفَ ذَلِكَ قَالَ إِنَّهُ قَدْ أُشْرِبَ قَلْبُهُ حُبَّهَا .
5- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ عِنْدَ كُلِّ بِدْعَةٍ تَكُونُ مِنْ بَعْدِي يُكَادُ بِهَا الْإِيمَانُ وَلِيّاً مِنْ أَهْلِ بَيْتِي مُوَكَّلًا بِهِ يَذُبُّ عَنْهُ يَنْطِقُ بِإِلْهَامٍ مِنَ اللَّهِ وَ يُعْلِنُ الْحَقَّ وَ يُنَوِّرُهُ وَ يَرُدُّ كَيْدَ الْكَائِدِينَ يُعَبِّرُ عَنِ الضُّعَفَاءِ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ وَ تَوَكَّلُوا عَلَى اللَّهِ .
6- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ وَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع وَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ رَفَعَهُ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنَّهُ قَالَ إِنَّ مِنْ أَبْغَضِ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَرَجُلَيْنِ رَجُلٌ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى نَفْسِهِ فَهُوَ جَائِرٌ عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ مَشْعُوفٌ بِكَلَامِ بِدْعَةٍ قَدْ لَهِجَ بِالصَّوْمِ وَ الصَّلَاةِ فَهُوَ فِتْنَةٌ لِمَنِ افْتَتَنَ بِهِ ضَالٌّ عَنْ هَدْيِ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ مُضِلٌّ لِمَنِ اقْتَدَى بِهِ فِي حَيَاتِهِ وَ بَعْدَ مَوْتِهِ حَمَّالٌ خَطَايَا غَيْرِهِ رَهْنٌ بِخَطِيئَتِهِ وَ رَجُلٌ قَمَشَ جَهْلًا فِي جُهَّالِ النَّاسِ عَانٍ بِأَغْبَاشِ الْفِتْنَةِ قَدْ سَمَّاهُ أَشْبَاهُ النَّاسِ عَالِماً وَ لَمْ يَغْنَ فِيهِ يَوْماً سَالِماً بَكَّرَ فَاسْتَكْثَرَ مَا قَلَّ مِنْهُ خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ حَتَّى إِذَا ارْتَوَى مِنْ آجِنٍ وَ اكْتَنَزَ مِنْ غَيْرِ طَائِلٍ جَلَسَ بَيْنَ النَّاسِ قَاضِياً ضَامِناً لِتَخْلِيصِ مَا الْتَبَسَ عَلَى غَيْرِهِ وَ إِنْ خَالَفَ قَاضِياً سَبَقَهُ لَمْ يَأْمَنْ أَنْ يَنْقُضَ حُكْمَهُ مَنْ يَأْتِي بَعْدَهُ كَفِعْلِهِ بِمَنْ كَانَ قَبْلَهُ وَ إِنْ نَزَلَتْ بِهِ إِحْدَى الْمُبْهَمَاتِ الْمُعْضِلَاتِ هَيَّأَ لَهَا حَشْواً مِنْ رَأْيِهِ ثُمَّ قَطَعَ بِهِ فَهُوَ مِنْ لَبْسِ الشُّبُهَاتِ فِي مِثْلِ غَزْلِ الْعَنْكَبُوتِ لَا يَدْرِي أَصَابَ أَمْ أَخْطَأَ لَا يَحْسَبُ الْعِلْمَ فِي شَيْءٍ مِمَّا أَنْكَرَ وَ لَا يَرَى أَنَّ وَرَاءَ مَا بَلَغَ فِيهِ مَذْهَباً إِنْ قَاسَ شَيْئاً بِشَيْءٍ لَمْ يُكَذِّبْ نَظَرَهُ وَ إِنْ أَظْلَمَ عَلَيْهِ أَمْرٌ اكْتَتَمَ بِهِ لِمَا يَعْلَمُ مِنْ جَهْلِ نَفْسِهِ لِكَيْلَا يُقَالَ لَهُ لَا يَعْلَمُ ثُمَّ جَسَرَ فَقَضَى فَهُوَ مِفْتَاحُ عَشَوَاتٍ رَكَّابُ شُبُهَاتٍ خَبَّاطُ جَهَالَاتٍ لَا يَعْتَذِرُ مِمَّا لَا يَعْلَمُ فَيَسْلَمَ وَ لَا يَعَضُّ فِي الْعِلْمِ بِضِرْسٍ قَاطِعٍ فَيَغْنَمَ يَذْرِي الرِّوَايَاتِ ذَرْوَ الرِّيحِ الْهَشِيمَ تَبْكِي مِنْهُ الْمَوَارِيثُ وَ تَصْرُخُ مِنْهُ الدِّمَاءُ يُسْتَحَلُّ بِقَضَائِهِ الْفَرْجُ الْحَرَامُ وَ يُحَرَّمُ بِقَضَائِهِ الْفَرْجُ الْحَلَالُ لَا مَلِيءٌ بِإِصْدَارِ مَا عَلَيْهِ وَرَدَ وَ لَا هُوَ أَهْلٌ لِمَا مِنْهُ فَرَطَ مِنِ ادِّعَائِهِ عِلْمَ الْحَقِّ.
7- الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي شَيْبَةَ الْخُرَاسَانِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِنَّ أَصْحَابَ الْمَقَايِيسِ طَلَبُوا الْعِلْمَ بِالْمَقَايِيسِ فَلَمْ تَزِدْهُمُ الْمَقَايِيسُ مِنَ الْحَقِّ إِلَّا بُعْداً وَ إِنَّ دِينَ اللَّهِ لَا يُصَابُ بِالْمَقَايِيسِ.
يتبع رجاءاً
السلام عليكم أخوتي ورحمة الله تعالى وبركاتهُ
لايخفى على كل مُسلم في يومنا هذا كيف وصل بنا الإختلاف في شريعة سيّد الأنبياء والمرسلين محمد المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) ، بعد أن أمرنا صلوات الله عليه في التمسّك بالثقلين وهما كِتاب الله تعالى (القرآن) المنُزَّل من السماء والذي فيه الشريعة الكاملة في ديننا الحنيف وفيه علوم الأولين والآخرين ، وكذلك أمرنا النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في التمسّك بالسنّة المُطهرة التي علّمنا بها وأمرنا كذلك بإتباع التعاليم التي يأتي بها من بعدهِ وهم أبناءه الأئمة المعصومين (عليهم السلام) وهم تراجمة كتاب الله وأبواب محال دين الله وأمناءهِ على شريعتهِ المقدسة.
فما كان من هذهِ الأمة بعد وفاة نبيها (عليه أفضل الصلاة والسلام) إلا بتفرّقها إلى مذاهب متعددة والذي أدت هذهِ التفرقة بها إلى إختلافها في الدين نتيجة ترك فقهاءها ما أوصى بها نبيها في التمسّك وإتباع الأئمة من بعدهِ وحجج اللهِ على خلقهِ وهم أبواب مدينة العلم المتمثّل بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأولادهِ المعصومين (صلوات الله وسلامهُ عليهم أجمعين).
فلم يبقى من تلك المذاهب والفرق على الحق إلا ثلة قليلة جداً من المؤمنين مع الأجيال وهم أتباع مذهب الإمامية والمُسمّى بـ (المذهب الجعفري) وسُمّيَ بهذا الاسم لإن الله تعالى قد أتاح لعلوم آل محمد (عليهم السلام) أن ترى النور الأكبر في عصر الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) حيث أزدهرت البشرية في ذلك العصر ليومنا هذا بمختلف المجالات العلمية ليس بعلوم الفقه والشريعة فحسب بل كان ذلك على مستوى الطب والهندسة والكيمياء والحساب والفلك وكثير من النظريات والقوانين التي وصلتنا من علماء تلك العصور حتى العلماء المتأخرين ماهي إلا خزائن من علوم القرآن فتح بابهِ أحد حجج الله على خلقهِ وهو الإمام العالم العارف من رب العالمين جعفر بن محمد الصادق (عليهِ وعلى آبائهِ الطاهرين آلاف التحية والسلام) والذي من خلالهِ مكن الله لهُ في الأرض ببث علوم القرآن والعترة الشريفة حيث تتلمذ عل يديه مئات العلماء من المحدّثين والمفكرين.
وبعد أن علمنا إن مذهب الإمامية هو مذهب الحق ، كان لا بُدَّ من التمسك بما وردنا منهم (عليهم السلام).
لكن السؤال الذي يدور في أذهان الباحثين عن شريعة سيد المرسلين (عليه وعلى آله السلام):
على ماذا يعملون فقهاء الإمامية المتأخرين حتى عصرنا الحاضر ؟؟
أليس سؤالاً مهمّاً لنا ولجميع الأخوة المتمسكّين بفكرة التقليد للفقهاء المتأخرين؟؟
الحق أقول وللأسف الشديد هو تخليهم أيضاً عن وصية نبينا الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بعدم التمسّك المُطلق بحديث الثقلين ، حيث ذهب المُحققين ومراجع الدين بوضع أسس ونظريات وقواعد أطلقوا عليها (علم الأصول) والذي ليس له أي علاقة بأصول الدين الذي وردنا بعد نزولهِ من وحي السماء على النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبناءهِ المعصومين (عليهم السلام).
بل ذهب فقهاء الإمامية المتأخرين إلى الحكم من خلال تلك الأسس والنظريات الفلسفية بإصدار وإطلاق الفتاوى الفقهية ، فتارة تجد فقيهاً يُفتي على مسألة شرعية ما بجواب (كذا وكذا) فإن كان ذلك في مجال المستحدثات فمن المؤكد عدم علمهِ بما يتفقه بهِ في ذلك الجواب إن كان حلالاً أم حراماً والدليل على ذلك عدم قدرتهِ على عرض تلك المسألة الفقهية على كتاب الله (القرآن) لإنه من البديهي ومن كلام المعصومين (عليهم السلام) إن كتاب الله القرآن لايصاب بالعقول وهؤلاء الفقهاء يعملون بحجية العقل في الفقه وهذا لايجوز إطلاقاً.
في حين نجد فقيهاً آخراً يُفتي في نفس تلك المسألة بجواب يختلف جذرياً في الإجابة عليها مع غيرهِ من الفقهاء الذين وردت عليهم نفس المسألة ، فهذا الأمر ادى بنا إلى مانحن عليه من تعددية التشريع الفقهي وتشتت الناس في التقليد بتأييدهم كذا من الفقهاء والذهاب إلى وجوب تقليد الأعلم ونبذهم وفي بعض الأحيان ذمهم للفقهاء الآخرين وكل مقلّد نراهُ يرسم فكرتهِ هذهِ من يُقلّدهُ من الفقهاء وكأنهُ الفقيه الأنسب للتشريع في فقه الإمامية وهذا الحال الذي وصل بنا نتيجة المباني الخاطئة والأسس والنظريات العقلية التي سببت بضياع الأحكام والسنن وإظهار الآراء والبدع في شريعة محمد وآلهِ الطاهرين (عليهم السلام).
إليكم طائفة من الروايات الشريفة لأئمتنا المعصومين (عليهم السلام) وردت في كتاب أصول الكافي لثقة الإسلام الشيخ المُحدِّث الجليل محمد بن يعقوب الكليني (قدس الله نفسهُ الزكية) حيث جاء في:
بَابُ الْبِدَعِ وَ الرَّأْيِ وَ الْمَقَايِيسِ
1- الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ وَ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ جَمِيعاً عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع النَّاسَ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَدْءُ وُقُوعِ الْفِتَنِ أَهْوَاءٌ تُتَّبَعُ وَ أَحْكَامٌ تُبْتَدَعُ يُخَالَفُ فِيهَا كِتَابُ اللَّهِ يَتَوَلَّى فِيهَا رِجَالٌ رِجَالًا فَلَوْ أَنَّ الْبَاطِلَ خَلَصَ لَمْ يَخْفَ عَلَى ذِي حِجًى وَ لَوْ أَنَّ الْحَقَّ خَلَصَ لَمْ يَكُنِ اخْتِلَافٌ وَ لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا ضِغْثٌ وَ مِنْ هَذَا ضِغْثٌ فَيُمْزَجَانِ فَيَجِيئَانِ مَعاً فَهُنَالِكَ اسْتَحْوَذَ الشَّيْطَانُ عَلَى أَوْلِيَائِهِ وَ نَجَا الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ الْحُسْنَى.
2- الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ الْعَمِّيِّ يَرْفَعُهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِذَا ظَهَرَتِ الْبِدَعُ فِي أُمَّتِي فَلْيُظْهِرِ الْعَالِمُ عِلْمَهُ فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ .
3- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ رَفَعَهُ قَالَ مَنْ أَتَى ذَا بِدْعَةٍ فَعَظَّمَهُ فَإِنَّمَا يَسْعَى فِي هَدْمِ الْإِسْلَامِ
4- وَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَبَى اللَّهُ لِصَاحِبِ الْبِدْعَةِ بِالتَّوْبَةِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ كَيْفَ ذَلِكَ قَالَ إِنَّهُ قَدْ أُشْرِبَ قَلْبُهُ حُبَّهَا .
5- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِنَّ عِنْدَ كُلِّ بِدْعَةٍ تَكُونُ مِنْ بَعْدِي يُكَادُ بِهَا الْإِيمَانُ وَلِيّاً مِنْ أَهْلِ بَيْتِي مُوَكَّلًا بِهِ يَذُبُّ عَنْهُ يَنْطِقُ بِإِلْهَامٍ مِنَ اللَّهِ وَ يُعْلِنُ الْحَقَّ وَ يُنَوِّرُهُ وَ يَرُدُّ كَيْدَ الْكَائِدِينَ يُعَبِّرُ عَنِ الضُّعَفَاءِ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ وَ تَوَكَّلُوا عَلَى اللَّهِ .
6- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ وَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع وَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ رَفَعَهُ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع أَنَّهُ قَالَ إِنَّ مِنْ أَبْغَضِ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ لَرَجُلَيْنِ رَجُلٌ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى نَفْسِهِ فَهُوَ جَائِرٌ عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ مَشْعُوفٌ بِكَلَامِ بِدْعَةٍ قَدْ لَهِجَ بِالصَّوْمِ وَ الصَّلَاةِ فَهُوَ فِتْنَةٌ لِمَنِ افْتَتَنَ بِهِ ضَالٌّ عَنْ هَدْيِ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ مُضِلٌّ لِمَنِ اقْتَدَى بِهِ فِي حَيَاتِهِ وَ بَعْدَ مَوْتِهِ حَمَّالٌ خَطَايَا غَيْرِهِ رَهْنٌ بِخَطِيئَتِهِ وَ رَجُلٌ قَمَشَ جَهْلًا فِي جُهَّالِ النَّاسِ عَانٍ بِأَغْبَاشِ الْفِتْنَةِ قَدْ سَمَّاهُ أَشْبَاهُ النَّاسِ عَالِماً وَ لَمْ يَغْنَ فِيهِ يَوْماً سَالِماً بَكَّرَ فَاسْتَكْثَرَ مَا قَلَّ مِنْهُ خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ حَتَّى إِذَا ارْتَوَى مِنْ آجِنٍ وَ اكْتَنَزَ مِنْ غَيْرِ طَائِلٍ جَلَسَ بَيْنَ النَّاسِ قَاضِياً ضَامِناً لِتَخْلِيصِ مَا الْتَبَسَ عَلَى غَيْرِهِ وَ إِنْ خَالَفَ قَاضِياً سَبَقَهُ لَمْ يَأْمَنْ أَنْ يَنْقُضَ حُكْمَهُ مَنْ يَأْتِي بَعْدَهُ كَفِعْلِهِ بِمَنْ كَانَ قَبْلَهُ وَ إِنْ نَزَلَتْ بِهِ إِحْدَى الْمُبْهَمَاتِ الْمُعْضِلَاتِ هَيَّأَ لَهَا حَشْواً مِنْ رَأْيِهِ ثُمَّ قَطَعَ بِهِ فَهُوَ مِنْ لَبْسِ الشُّبُهَاتِ فِي مِثْلِ غَزْلِ الْعَنْكَبُوتِ لَا يَدْرِي أَصَابَ أَمْ أَخْطَأَ لَا يَحْسَبُ الْعِلْمَ فِي شَيْءٍ مِمَّا أَنْكَرَ وَ لَا يَرَى أَنَّ وَرَاءَ مَا بَلَغَ فِيهِ مَذْهَباً إِنْ قَاسَ شَيْئاً بِشَيْءٍ لَمْ يُكَذِّبْ نَظَرَهُ وَ إِنْ أَظْلَمَ عَلَيْهِ أَمْرٌ اكْتَتَمَ بِهِ لِمَا يَعْلَمُ مِنْ جَهْلِ نَفْسِهِ لِكَيْلَا يُقَالَ لَهُ لَا يَعْلَمُ ثُمَّ جَسَرَ فَقَضَى فَهُوَ مِفْتَاحُ عَشَوَاتٍ رَكَّابُ شُبُهَاتٍ خَبَّاطُ جَهَالَاتٍ لَا يَعْتَذِرُ مِمَّا لَا يَعْلَمُ فَيَسْلَمَ وَ لَا يَعَضُّ فِي الْعِلْمِ بِضِرْسٍ قَاطِعٍ فَيَغْنَمَ يَذْرِي الرِّوَايَاتِ ذَرْوَ الرِّيحِ الْهَشِيمَ تَبْكِي مِنْهُ الْمَوَارِيثُ وَ تَصْرُخُ مِنْهُ الدِّمَاءُ يُسْتَحَلُّ بِقَضَائِهِ الْفَرْجُ الْحَرَامُ وَ يُحَرَّمُ بِقَضَائِهِ الْفَرْجُ الْحَلَالُ لَا مَلِيءٌ بِإِصْدَارِ مَا عَلَيْهِ وَرَدَ وَ لَا هُوَ أَهْلٌ لِمَا مِنْهُ فَرَطَ مِنِ ادِّعَائِهِ عِلْمَ الْحَقِّ.
7- الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي شَيْبَةَ الْخُرَاسَانِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ إِنَّ أَصْحَابَ الْمَقَايِيسِ طَلَبُوا الْعِلْمَ بِالْمَقَايِيسِ فَلَمْ تَزِدْهُمُ الْمَقَايِيسُ مِنَ الْحَقِّ إِلَّا بُعْداً وَ إِنَّ دِينَ اللَّهِ لَا يُصَابُ بِالْمَقَايِيسِ.
يتبع رجاءاً
تعليق