إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بحث في التقليد " حدوده ، حرمته ، جوازه " نظرة جديدة

تقليص
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بحث في التقليد " حدوده ، حرمته ، جوازه " نظرة جديدة

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم صل على محمد و آله الغر الميامين الهادة المهديين وعجل فرجنا بهم و ألعن أعدائهم

    السلام عليكم و رحمة الله

    الأخوة و الأخوات المؤمنين حفظكم الله

    هذا بحث ذا نظرة جديدة أرجو أن يؤدي إلى سير البحث في أمر التقليد إلى منعطف مغاير إلى ما فهمناه سابقا والذي طال البحث فيه و التشعب و أرجو أن أكون قد أتيت بأبسط أسلوب لكي تعرف الدلالة مما أريد إيصاله إليكم إساتذتي الكرام ، عسى أن أوفق فيما أريد أن أوصله ، و أسأله عز وجل أن يوفقنا إلى ما يحب و يرضاه .

    هذا و سأضع البحث على عدة أجزاء لكي يسهل قراءته وعليه أرجو أن يتم الرد على البحث و السؤال عما فيه و الإستفسار عن بعض جزيئاته بعد أن أضعه كاملاً فأرجو الصبر علي قليلاً و أرجو أن تتحملوني أنا الفقير الضعيف الذي يرجو أن تصوبوه إن أخطأ و تقوموه إن إبتعد عن الصواب و أن تذكروه إن نسي فما انا إلا طالب علم يسأل النجاة من ربه .

  • #2

    على بركة الله جل و عز وبقوته تعالى أوجز :

    وجب العلم أن هناك معنيين أثنين من أمر التقليد لا ثالث لهما وهما :

    1-المقلد . بفتح اللام .
    2-المقلد . بكسر اللام .

    فإذا وصلنا إلى هنا وجب علينا الرجوع إلى الرواية الأكثر دلالة و الأكثر وضوحاً وكل حديثهم واضح لأنهم أمروا أن يكلموا الناس على قدر عقولهم ، وهذه الدلالة هي في أمر المعنيين ، وهي رواية الإمام أبي عبد الله الصادق صلوات الله عليه الذي نقلها و بينها سيدي و مولاي الإمام الحسن العسكري صلوات الله عليه ، ولا أريد أن أسردها بطولها لأن الأخوة حفظهم الله لم يقصروا في ذلك ولكن سأستل منها الشاهد فقط ، وكذلك سأضع تباعا بعض الروايات التي سأعتمد عليها في هذا البحث القصير ، ولنأتي أولاً إلى رواية تفسير العسكري عليه السلام فقد قال فيما قال صلوات الله عليه :

    1- قوله تعالى : " ومنهم أميون " الآية قال الامام عليه السلام : ثم قال الله : يامحمد ! ومن هؤلاء اليهود أميون لا يقرؤن ولا يكتبون كالأمي منسوب إلى الأم أي هو كما خرج من بطن أمه لا يقرأ ولا يكتب " لا يعلمون الكتاب " المنزل من السماء ، ولا المتكذب به ، ولا يميزون بينهما " إلا أماني " أي إلا أن يقرأ عليهم ، ويقال لهم : إن هذا كتاب الله وكلامه ، لا يعرفون إن قرئ من الكتاب خلاف ما فيه " وإن هم إلا يظنون " أي ما يقول لهم : رؤساؤهم من تكذيب محمد في نبوته ، وإمامة علي سيد عترته عليه السلام يقلدونهم مع أنهم محرم عليهم تقليدهم. بحار الأنوار .الجزء67.صفحة169.

    2- قال رجل للصادق عليه السلام : فإذا كان هؤلاء القوم من اليهود لا يعرفون الكتاب إلا بما يسمعونه من علمائهم لا سبيل لهم إلى غيره فكيف ذمهم بتقليد هم والقبول من علمائهم ؟ وهل عوام اليهود إلا كعوامنا يقلدون علماءهم ؟ فإن لم يجز لاولئك القبول من علمائهم لم يجز لهؤلاء القبول من علمائهم ، فقال عليه السلام : بين عوامنا وعلمائنا وبين عوام اليهود وعلمائهم فرق من جهة وتسوية من جهة أما من حيث استووا فإن الله قد ذم عوامنا بتقليدهم علماء هم كما ذم عوامهم ، وأما من حيث افترقوا فلا . قال : بين لي ياابن رسول الله قال عليه السلام : إن عوام اليهود كانوا قد عرفوا علماء هم با لكذب الصريح ، وبأكل الحرام والرشاء ، وبتغيير الاحكام عن واجبها بالشفاعات والعنايات والمصانعات ، وعرفوهم بالتعصب الشديد الذي يفارقون به أديانهم وأنهم إذا تعصبوا أزالوا حقوق من تعصبوا عليه ، وأعطوا مالا يستحقه من تعصبوا له من أموال غيرهم ، وظلموهم من أجلهم ، وعرفوهم يقارفون المحرمات ، واضطروا بمعارف قلوبهم إلى أن من فعل ما يفعلونه فهو فاسق لا يجوز أن يصدق على الله ولا على الوسائط بين الخلق وبين الله ، فلذلك ذمهم لما قلدوا من قد عرفوا ومن قد علموا أنه لا يجوز قبول خبره ، ولا تصديقه في حكاياته ، ولا العمل بما يؤديه إليهم عمن لم يشاهدوه ، ووجب عليهم النظر بأنفسهم في أمر رسول الله صلى الله عليه واله إذ كانت دلائله أوضح من أن تخفى ، وأشهر من أن لاتظهر لهم ، وكذلك عوام امتنا إذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظاهر والعصبية الشديدة ، والتكالب على حطام الدنيا وحرامها ، وإهلاك من يتعصبون عليه وإن كان لاصلاح أمره مستحقا ، والترفرف بالبر والاحسان على من تعصبواله وإن كان للاذلال والاهانة مستحقا . فمن قلد من عوامنا مثل هؤلاء الفقهاء فهم مثل اليهود الذين ذمهم الله تعالى بالتقليد لفسقة فقهائهم . فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه ، حافظا لدينه ، مخالفا على هواه ، مطيعا لامرمولاه ، فللعوام أن يقلدوه . وذلك لايكون إلا بعض فقهاء الشيعة لاجميعهم ، فأما من ركب من القبائح والفواحش مراكب فسقة فقهاء العامة فلا تقبلوا منهم عنا شيئا ولا كرامة ، وإنماكثر التخليط فيما يتحمل عنا أهل البيت لذلك ، لان الفسقة يتحملون عنا فيحرفونه بأسره لجهلهم ، ويضعون الاشياء على غيروجوهها لقلة معرفتهم ، وآخرين يتعمدون الكذب علينا ليجروا من عرض الدنيا ماهو زادهم إلى نارجهنم ، ومنهم قوم نصاب لايقدرون على القدح فينا فيتعلمون بعض علومنا الصحيحة فيتوجهون به عند شيعتنا ، وينتقصون بنا عند نصابنا ثم يضيفون إليه أضعافه وأضعاف أضعافه من الاكاذيب علينا التي نحن برآء منها فيقبله المستسلمون من شيعتنا على أنه من علومنا فضلوا وأضلوا ( 1 ) وهم أضر على ضعفاء شيعتنا من جيش يزيد عليه اللعنة على الحسين بن علي عليهما السلام وأصحابه . بحار الأنوار .جزء2.صفحة89.

    3- أبي عبيدة الحذاء قال : قال لي أبوجعفر عليه السلام - وأنا عنده - : إياك وأصحاب الكلام والخصومات ومجالستهم فإنهم تركوا ما امروا بعلمه ، وتكلفوا مالم يؤمروا بعلمه حتى تكلفوا علم السماء . يا أبا عبيدة خالط الناس بأخلاقهم وزائلهم بأعمالهم . يا أبا عبيدة إنا لا نعد الرجل فقيها عالما حتى يعرف لحن القول وهو قول الله عزو جل : ولتعرفنهم في لحن القول .بحار الأنوار.جزء2.صفحة138.

    4- عن محمد بن أحمد ابن حماد المروزي ، رفعه قال : قال الصادق عليه السلام : اعرفوا منازل شيعتنا بقدر ما يحسنون من رواياتهم عنا ، فإنا لانعد الفقيه منهم فقيها حتى يكون محدثا ، فقيل له : أو يكون المؤمن محدثا ؟ قال : يكون مفهما ، والمفهم محدث . بحار الأنوار .جزء . صفحة 83.

    5- عن الفضيل ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى : ومن يقترف حسنة نزدله فيها حسنا . قال : الاقتراف : التسليم لنا والصدق علينا وأن لا يكذب علينا . بحار الأنوار.جزء2.صفحة201.

    6- عن كامل التمار قال : كنت عند أبي جعفر عليه السلام وحدي فنكس رأسه إلى الارض فقال : قد افلح المسلمون إن المسلمين هم النجباء ، يا كامل الناس كلهم بهائم إلا قليل من المؤمنين والمؤمن غريب والمؤمن غريب .بحار الأنوار.جزء2.صفحة201.

    7- عن المفضل بن عمر ، قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام بأي شئ علمت الرسل أنها رسل ؟ قال : قد كشف لها عن الغطاء . قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام بأي شئ علم المؤمن أنه مؤمن ؟ قال بالتسليم لله في كل ماورد عليه .بحار الأنوار.جزء2.صفحة202.

    8- عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام عن قول الله تعالى : إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولاتحزنوا . قال : هم الائمة ويجري فيمن استقام من شيعتنا و سلم لامرنا ، وكتم حديثنا عند عدونا ، فتستقبلهم الملائكة بالبشرى من الله بالجنة ، وقد والله مضى أقوام كانوا على مثل ما أنتم عليه من الدين فاستقاموا وسلموا لامرنا و كتموا حديثنا ، ولم يذيعوه عند عدونا ولم يشكوا كما شككتم ، فاستقبلهم الملائكة بالبشرى من الله بالجنة .بحار الأنوار.جزء2.صفحة203.

    9- عن منصور الصيقل ، قال : دخلت أنا والحارث ابن المغيرة وغيره على أبي عبدالله عليه السلام فقال له الحارث : إن هذا - يعني منصور الصيقل - لا يريد إلا أن يسمع حديثنا فوالله ما يدري ما يقبل مما يرد ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : هذا الرجل من المسلمين إن المسلمين هم النجباء .بحار الأنوار.جزء2.صفحة204.

    10- عن أبي الصباح الكناني قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فقال : يا أبا الصباح قد أفلح المؤمنون ، قال أبوعبدالله عليه السلام : قد أفلح المسلمون - قالها ثلاثا وقلتها ثلاثا - ، ثم قال : إن المسلمين هم المنتجبون يوم القيامة هم أصحاب الحديث .بحار الأنوار.جزء2.صفحة204.

    11- عن زيد الشحام ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قلت له : إن عندنا رجلا يسمى كليبا ( 2 ) فلا نتحدث عنكم شيئا إلا قال : أنا اسلم فسميناه كليب التسليم ، قال : فترحم عليه ثم قال : أتدرون ما التسليم ؟ فسكتنا ، فقال : هو والله الاخبات ، قول الله : الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم . بحار الأنوار.جزء2.صفحة204.

    12- عن المفضل قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : خبر تدريه خير من عشرة ( 1 ) ترويه ، إن لكل حقيقة حقا ولكل صواب نورا ، ثم قال : إنا والله لا نعد الرجل من شيعتنا فقيها حتى يلحن له فيعرف اللحن .بحار الأنوار .جزء2.صفحة209
    .


    يتبع بإذن الله تعالى ...

    تعليق


    • #3

      هذه الروايات و غيرها سيتم الاستعانة بها في هذا البحث الصغير الذي سيثبت مدى تهافت القوم في أمر التقليد وكيف تم تحريفه عن أصله الذي جاء به المعصوم صلوات الله عليه ، بل سيتضح أن التقليد هو آخر قرار يتخذه المؤمن الموالي للوصول إلى الحكم الشرعي وهذا المؤمن الموالي الذي يتجه نحو التقليد بحسب قول المعصوم إنما يتخذه اختيارا لا اجبارا تحت ظروف معينة لا أعتقد أنه يتوفر مثله في هذا الزمن إلا بنسب ضئيلة جداً وقد تكون معدومة من ناحية تطبيق كلام المعصوم من الجهتين المقلدة و المقلدة وسوف يتضح لكم المغزى من هذا الكلام في سياق البحث .


      قبل الدخول في أصل البحث وجب علينا تعريف الجهتين المعنيتين وهما :

      المقلد بفتح اللام
      المقلد بكسر اللام

      أما الأول:
      وهو الفقيه ويجب أخذ الحذر من هذه اللفظة فإن الفقيه بحد ذاته شيء نسبي فيه افتراق ذا نجدين أثنين ، فليس كل من يطلق عليه فقيه هو المطلوب لدى أهل البيت بل أهل البيت صلوات الله عليه يفرقون في هذه اللفظة ، فهناك فقيه ركب مراكب العامة و هناك فقهاء سوء وهناك فقيه أهل البيت وهو المطلوب في أمر التقليد .

      إذاً من هو فقيه أهل البيت :
      هذه اللفظة أعني بها الفقيه الذي يدخل ضمن فقيههم والضمير راجع إلى أهل البيت صلوات الله عليهم فكما مر عليك في الرواية رقم 4 وهي :
      4- عن محمد بن أحمد ابن حماد المروزي ، رفعه قال : قال الصادق عليه السلام : اعرفوا منازل شيعتنا بقدر ما يحسنون من رواياتهم عنا ، فإنا لانعد الفقيه منهم فقيها حتى يكون محدثا ، فقيل له : أو يكون المؤمن محدثا ؟ قال : يكون مفهما ، والمفهم محدث . بحار الأنوار .جزء . صفحة 83.
      فهنا تجد أن أهل البيت لا يسمون الفقيه فقيهاً حتي يتوفر فيه شرط أساسي وهو : أن يحدث .
      وجب العلم أن هذه اللفظة بفتح الدال وليس بكسرها ، حيث أن الكثير يأخذها على أنها الكسر أي أن يكون محدثاً بالكسر أي كثير الرواية كثير النقل كثير الحفظ .
      نعم إن من المقدمات التي يتجه إليها المؤمن الموالي حتى يكون محدثا(فالفتح) هي حفظ الرواية ووعيها فبدون الوعي لا فائدة من الحفظ فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه و رب حامل فقه غير فقيه .
      فعن رسول الله صلى الله عليه و آله قال :
      نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها من لم يسمعها ، فرب حامل فقه غير فقيه ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه.
      بل رواية تعيها خير من عشر روايات تحفظها و ترويها بدون أن تعيها .

      ونحن إلى الآن نتكلم عن الراوية للحديث الذي قال فيه مولاي صلوات الله عليه :
      عن الثمالي ، عن علي بن الحسين أو أبي جعفر عليهما السلام قال : متفقه في الدين أشد على الشيطان من عبادة ألف عابد .

      وهنا وجب العلم أن الفقهاء ينقسموا إلى قسمين من جهة الشيعة ففقيه ركب مراكب قبائح و فواحش فسقة فقهاء العامة وفقيه يدخل تحت مركب " علماء السوء " ووجب التفريق بينهما فيما يلي :

      فقيه ركب مراكب فقهاء العامة : هو من أخذ منهم كل أو بعض علومهم . وهو يأتي ضمن الرواية القائلة :
      عن علي بن سويد السايي قال : كتب إلي أبو الحسن ( عليه السلام ) وهو في السجن : وأما ما ذكرت يا علي ممن تأخذ معالم دينك ، لا تأخذن معالم دينك عن غير شيعتنا ، فإنك إن تعديتهم أخذت دينك عن الخائنين ، الذين خانوا الله ورسوله وخانوا أماناتهم ، إنهم ائتمنوا على كتاب الله ، فحرفوه وبدلوه فعليهم لعنة الله ولعنة رسوله ولعنة ملائكة ، ولعنة آبائي الكرام البررة ولعنتي ولعنة شيعتي إلى يوم القيامة.عالم سوء : هو من أخذ بروايات أهل البيت ولكن خالف ما أخذه وعارض ما يأمر الناس به مما تلقاه من الروايات وهذا يأتي ضمن الآية : أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ [البقرة : 44]فالرواية ذكرت الصنفين فيجب أن نفرق بينهما .

      هنا وعند تدبر الرواية بشكل دقيق يتبين أنه يجوز فقط للعامي أن يقلد فقهاء الشيعة فقط وأيضا ليس كلهم بل بعضهم ، و بعضهم يعني بها أحدى احتمالين لا ثالث لهما :
      1-أن يكون بعضهم ممن دخل ضمن فقهاء أهل البيت صلوات الله عليهم بتعريفهم للفقيه أي من ينقل الحديث ويلحن له فيكون محدثا بفتح الدال وكذلك ممن تتوفر فيه الصفات الأربع . ويعني ببعضهم ضمن هذا الاحتمال أن يكون أكثر من محدث بفتح الدال و يكون البعض منهم من تتوفر لديه الصفات فيجوز في من تتوفر لديه أن يقلد من قبل العامي فقط . وكم سيكون هذا التكليف من الصعوبة بمكان أن نجد مثل هؤلاء الفقهاء المحدثين بكسر الدال فضلا عن المحدثين بفتح الدال فضلا عن المحدث المتوفرة لديه الصفات الأربع وكل هذا ونحن نتكلم عن الجواز في تقليد مثل هذا البعض وليس الوجوب بل وكل هذا ونحن نتكلم عن التجويز للعامي فقط لا غيره ممن لم يدخل تحت هذه الصفة وسيأتي التفصيل في معنى العامي الذي أخذ معنا يتداوله الناس ووضعه القوم هو مخالف لمعناه الحقيقي النأخوذ من القرآن و الرواية ، نعم كل هذا ونحن نتكلم عن الجوزاز للعامي تقليد مثل هذا الفقيه النادر الذي يصعب جدا أن نجده ، وهنا نلاحظ أن العامي هو الذي يجوز له أن يبحث عن هذا الفقيه لا أن الفقيه هو الذي يعرض نفسه أمام العامي و يقول له يجوز لك أن تقلدني فإن فعل ممن يدعي الفقاهة مثل هذا الفعل فسيخرجه مباشرة من إحدى الصفاة الأربعة أو كلهم بل سيتضح أنه ليس من الفقاهة في شيء .
      2-أن يكون المقصود في بعضهم أي من جملة الفقهاء المحدثين بالكسر و المحدثين بالفتح وممن دخل في معناه ضمن دائرة فقيه أهل البيت فقط ولكن بعضهم لا تتوفر فيه الصفات الأربعة و القليل منهم من يمكن للعامي أن يجده بصفاته التي يجوز أن يقلده إن توفرت فيه . ومع ذلك حتى هذا الفقيه يصعب إيجاده وكل هذا أيضا داخل تحت جواز تقليد العامي فقط لهذا الفقيه الذي يجوز ولا يجب أن يبحث عن مثله .

      فأنظر وتأمل كيف تم تحريف المقصد من الرواية إلى ما هي عليه ، بل أنظر كيف قصوا جزء من الرواية واستدلوا بها على وجوب التقليد مع أنها علهم لا لهم فكيف بهم إن تمت محاصرتهم بكامل الرواية التي تحرم التقليد و تذمه وتأكد أن الأمة ستركب ما ركبته اليهود وتأتي به حذو القذة بالقذة و النعل بالنعل .

      مما سبق علمنا أن الفقيه الذي يجوز للعامي تقليده هو فقيه أهل البيت فقط وهو الذي يتحمل الحديث ويحفظه و يعيه ويكون بذلك محدثا بالكسر وحتى يكون محدثاً بالفتح سيكون حينها فقيه أهل البيت حقاً وإلا من ركب مراكب فقهاء العامة فيحرم على الناس كلهم و بخاصة العامي أن يقلده ولا يقبل منه قولا ولا كرامة .


      نأتي الآن إلى المعني الثاني من الرواية وهو المقلد بالكسر .

      من هو المقلد بالكسر ؟
      هو العامي وهذا ما جاء حسب الرواية ولم يعني غيره .

      ما هي صفة العامي ومتى يطلق عليه هذا اللفظ وكيف أميز بينه وبين غيره ؟

      العامي هو : ما جاءت به الرواية الشريفة في مقدمة البحث وهي :

      قوله تعالى : " ومنهم أميون " الآية قال الامام عليه السلام : ثم قال الله : يامحمد ! ومن هؤلاء اليهود أميون لا يقرؤن ولا يكتبون كالأمي منسوب إلى الأم أي هو كما خرج من بطن أمه لا يقرأ ولا يكتب " لا يعلمون الكتاب " المنزل من السماء ، ولا المتكذب به ، ولا يميزون بينهما " إلا أماني " أي إلا أن يقرأ عليهم ، ويقال لهم : إن هذا كتاب الله وكلامه ، لا يعرفون إن قرئ من الكتاب خلاف ما فيه " وإن هم إلا يظنون " أي ما يقول لهم : رؤساؤهم من تكذيب محمد في نبوته ، وإمامة علي سيد عترته عليه السلام يقلدونهم مع أنهم محرم عليهم تقليدهم. بحار الأنوار .الجزء67.صفحة169.إذا العامي هو بالتفصيل كما جاءت به الرواية :
      1-لا يقرأ ولا يكتب .
      2-منسوب إلى الأم أي هو كما خرج من بطن أمه لا يقرأ ولا يكتب .
      3-لا يعلم الكتاب المنزل من السماء و لا المكذب به .
      4-لا يميزون بين الكتاب المنزل و لا المكذب به إلا أن يقرأ لهم .
      5-لا يعرفون إن قرأ من الكتاب خلاف ما فيه .

      هذه الصفات الخمس التي تدلنا على العامي .
      أما من لا يحمل هذه الصفان فهو خارج عن هذا الصفة أي العامية ، إذا لا يجب أن نطلق على من يعرف القراءة و الكتابة عامي ، وبطبيعة الحال فإن العامي إن لم يقرأ فلا يستطيع قراءة القرآن و أن يفرق بينه و بين باقي الأقوال ، والحال أن من يقرأ و يكتب سيفرق بين القرآن المنزل و القرآن المكذب ولا أظن أن أحدكم لا يستطيع ذلك .
      لكن ماذا يقول القوم عن العامي وبم يعرفونه ومن يطلق عليه هذه الصفة ، هل تتطلق بالمطلق على من أتصف بهذه الصفات السابقة أم لهم تعريف محدد وغير مختلف ، أم أنهم أختلفوا كعادتهم في الاختلاف في تعريف هذا الشخص الذي يعتبر هو السواد الأعظم ، وهل هو في التعريف الحقيقي للفظة عن طريق القرآن و العترة سيكون السواد الأعظم أم الأقلية في المجتمع الحالي ؟
      كلها أسئلة ستكون أجوبتها بديهية جداً بعدما عرفنا التعريف الحقيقي لهذه اللفظة .

      من المتعارف به في الأوساط الاجتماعية و الأكاديمية و الحوزوية أن لفظة العامي أو عوام الناس تطلق على من ليس له اختصاص في علم ما وضيقت هذه اللفظة حتى أصبحت تطلق على من ليس له علم أو اختصاص في الدين ، وضيقت أيضا حتى عني بها من ليس بمجتهد أو لم يصل إلى درجة الاجتهاد الأصولي ، وكذلك اللفظة تستخدم لتطلق على من لا ينتسب إلى الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله ، وقال بعضهم أن هذه اللفظة نسبية الإطلاق حيث نسمي من ليس له علم و اختصاص في الطب عامي في الطب وهكذا باقي الاختصاصات ، ولكن الأصوليين حينما يدللوا عقليا على وجوب الاجتهاد و التقليد ترى مثال الطبيب و الطيار حاضرا دائما ولا يفارق تدريسهم وجدالهم مع الخصوم ، فيقيسوا أمر الدنيا بأمر الدين ويقولون أنه لو كان كل الناس مجتهدين لتعطلت الحياة وأصبح الكل همه الإجتهاد ولأصبحت الدنيا خربة وعبث ، مع أن هذا الكلام حرام في ذاته حيث أنه رجم بالغيب وكم قرأنا في القرآن هذه الآيات :
      وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ [الأعراف : 96]
      ومن المعلوم أن لا تقوى ولا إيمان إلا بالتفقه في الدين وهو ما دلت عليه الآية :
      وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ [المائدة : 66]
      بل حصر الله عز وجل خلقه للعباد من أجل هذه القضية الحتمية وهي العبادة له فقط وهو متكفل بأرزاق الناس فلا ينبغي لهم الإحتجاج بأمور هي رجم بالغيب بأدعائهم أن لو تم توجه الناس جميعا للتفقه بالدين لتعطلت الحياة حيث قال تعالى :

      وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات : 56]
      مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ [الذاريات : 57]
      إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [الذاريات : 58]

      حيث أن ضمير يطعمون راجع إليهم أي يطعمون أنفسهم .

      إذا العامي عندهم هو من لم يتخصص في أصول الفقه فقط ، وعليه فإنهم يطلقون على جميع الأكاديميين من مهندسين و أطباء و حتى أساتذة الجامعات مهما وصل علمهم وذكائهم وفطنتهم يطلقون عليهم عوام لأنهم لا تخصص لهم في الدين أو أصول الدين كإطلاق أدق .
      .

      يتبع إن شاء الله تعالى ....

      تعليق


      • #4

        بينما نجد في تعريف القرآن و عدله العترة الطاهرة صلى الله عليهم أن العامي هو ذاته الأمي والأمي هو من لا يقرأ ولا يكتب ولا يعلم القرآن المنزل و المكذب به ولا يميز بينهما إلا أن يقرأ عليه ، فأنظر وتعجب كيف حرفوا الكلم من مواضعه و بعد مواضعه وقولون نحن أهدى من أحدى الأمم ، مع العلم أن الأصول الفقهية هي عندهم من التخصصات الأكاديمية أي ما يمكن أن يتخصص بها حتى الكافر و المنافق و اليهودي والفاسق أيضا ولهذا تجد عندهم خلاف في مسألة تقليد المجتهد الذي لا يشترط فيه طهارة المولد وغيرها من الشروط التي يخرج الإنسان فيها من حالة المؤمن إلى الفاسق بل يسمى بها أعرابي وأنتم تعلمون أن الأعراب أشد كفرا و نفاقا و أجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله ، بل يناقضون دليلهم الشرعي الوحيد الذي عليهم لا لهم وهي رواية العسكري صلوات الله عليه الذي عد الفقيه الذي يجوز للعوام فقط تقليده هو من اتصف بصفات أربع هي صفات أخلاقية زهديه تعبدية إيمانية عن طريقها يثق العامي قبول خبر من يجوز تقليده وهذه الصفات لا دخل لها في العلم والاختصاص ، بل ما يؤدي إليه الإيمان هو علم أهل البيت أي حديثهم وإلا كل مالم يخرج من هذا البيت فهو باطل مهما كان حامله .

        نأتي الآن إلى جوهر البحث والربط بينه وبين القسم الأول ونرى ما نخرج منه من معطيات ضمن دائرة الروايات التي سردتها أبتداء .

        أنت قلت ليس كل فقيه هو المعني بجواز التقليد لفقهيته فمن هو الفقيه الذي يجوز للعامي تقليده ؟

        قلنا إن الفقيه الذي يجوز للعامي تقليده هو فقيه أهل البيت المسمى ب ( فقيههم ) وليس كل فقهائهم بل الذي تحصلت له مقدمات و أجتازها و حصلت له صفات و أجتازاها أيضا أما هذه المقدمات وهي واحدة فقط وهي :
        أن يتحمل الحديث و يحفظه و يعيه .
        أما الصفات فهي الصفات الأربع التي بينها سيدي و مولاي الحسن صلوات الله عليه :
        صائنا لنفسه .
        حافظا لدينه .
        مخالفا لهواه أو على هواه في بعض المصادر .
        مطيعا لأمر مولاه .
        1-صائناً لنفسه : وهو صون النفس من كل الشهوات ومحاربة النفس و إخضاعها للزهد و الخلق وكبح الحسد و العجب و الكبرياء و النميمة و الرياء ووو.
        2-محافظاً لدينه : وهو يشمل كل العبادات المفروضة و النوافل المسنونة بأخذها بالمباشر من القرآن و عدله وحفظها ووعيها وعيا كاملاً و تطبيقها كما جاءت من المعصوم .
        3-مخالفاً على هواه : وهنا قال على ولم يقل لـ وهو تفريق قصدي يراد به إخلاع الأنا كلياً لتنفيذ الأوامر بدون تحكيم العقل و التسليم الكامل .
        4-مطيعاً لأمر مولاه : وهنا يقصد به الله ومن أمره الله بطاعته ويتراود الفكر مباشر إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه إذا احكمنا اللفظ بتحكيم اقتراني كما نفعله بإرجاع اللفظ في النظام القرآني لأنه كما للقرآن نظام فأن لكلام المعصوم نظام يتبع القرآن ولا ينفك عنه و إذا أرجعنا اللفظ قرآنيا نراه يشير إلى مولوية الله عز وجل و أهل البيت وذلك في الآية :

        إنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ [المائدة : 55]وهنا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة وهم راكعون هم أهل البيت بشكل عام وذلك للقصد في كلام الباري جل شأنه في جميع من أمرنا بموالاتهم وذلك لأن أمير المؤمنين صلوات الله عليه ما كان ليتزكي وهو يركع بالمفهوم الاصطلاحي و إن فعل ذلك ظاهرياُ وعليه فإن فسر ذلك بالمعنى الاصطلاحي سيُتنحى الأئمة من أهل البيت من هذه الآية وذلك بسبب تقليصهم لمعنى الركوع قصدياً و توسيعه ترادفياً لحجب فهم الآية للعوام وعليه كما قال المرحوم النيلي طاب ثراه في تبيين الركوع في حين قال إنه الخشوع التام الدائم الذي لا ينفك في أي حال من الأحوال وفي أي وقت من الأوقات ولذا ترى أهل البيت صلوات الله عليهم في ركوعٍ تام دائم والآية تنطبق عليهم فحين سلامه على شخص هو في ركوع و حين أكله هو في ركوع وحين حديثه مع أصحابه هو في ركوع وهذا اللفظ قصدياً لا ينطبق إلا على الأولياء وفي ديمومته على أهل البيت صلوات الله عليهم .
        وعليه فإن الفقيه لكي يُقلد يجب إطاعة مولاه طاعة مطلقة و إن خالف أمراً واحداً صدر عن مولاه فقد أخل بالشرط ولذا لا يمكن لشخص أن تتحقق فيه الشروط السابقة إلا أن يكون معصوماً أو عصمه الله أو حججه من الخطأ في طاعة مولاه .
        وحينما أقول إطاعة مولاه إطاعة تامة كاملة مطلقة في كل حركة من حركاته فإن ذلك ينتفي والقواعد الأصولية التي تجيز دليل العقل و الإجماع وحينها لن تكون إطاعة للإمام المعصوم فينتفي شرط الطاعة للمولى .

        أنظر أيها القارئ العزيز مدى استحالة انطباق الشروط على أيا كان ما عدى المعصوم أو من عصمه الله لإقامة حجته على عباده فاللفظ بما قاله المعصوم فيه إطلاق بسبب عدم وجود الاستثناء في الجملة الشرطية وعلى ذلك تجد المستحيل .

        أنت قلت حسب ما أقتبسته من الرواية أن العامي يجوز له تقليد الفقيه المتحصل على الصفات الأربع ، ولكن لم تبين حدود جواز تقليد العامي للفقيه الجامع للصفات الأربع ؟

        نعم هناك حدود وضعها الإمام في من لا يجوز تقليده أو بالأدق من يحرم تقليده وبالمقابل فإن هذه الحدود هل بالضد من يجوز تقليده بإزالة لا النافية فقوله صلوات الله عليه :

        فلذلك ذمهم لما قلدوا من قد عرفوا ، و من قد علموا أنه لا يجوز قبول خبره ، و لا تصديقه في حكايته ، و لا العمل بما يؤديه إليهم عمن لم يشاهدوه .

        إذا فحدودها هي :
        قبول خبره : أي روايته التي يرويها عن الطاهرين .
        تصديقه في حكايته .
        العمل بما يؤديه إليهم عمن لم يشاهدوه .

        فهو إذا كلها في قبول الرواية فقط وتصديق الفقيه فيما نقله لا فيما رآه ، وإلا فحرم علينا تقليده ونأخذ بما روى و نترك ما رأى .


        على ذلك فإنك تقول أن ليس كل الناس عوام ، إذ أن السواد الأعظم منه يقرأ و يكتب وعليه فسينتقل مفهوم العوام إلى فئة هلي الأقلية في المجتمع المتحضر منه و غيره لا أعتقد أنه سيتجاوز العشرين بالمائة إذا أخذنا المعيار بالأقصى ، فهل سيصبح معظم المجتمع فقهاء على هذا المعنى ، وهل هناك أحتمال أن تتعطل المعايش لأن الناس أتجهوا إلى التفقه في الدين مما يلزم أن يكون هناك وقت ليس بالقليل في كل يوم يتفقه فيه المرء مما يجعل الكثير من أمور الحياة ضيقة و حرجة ؟

        من قال أن الحياة سستعطل إذا صرف الناس بعض وقتهم في التفقه في الدين ، وقد قلنا إن هذا رجما بالغيب بل ومخالف لما أمره الله عز وجل ، فهل يأمر الله بالمعسور ويأمر بما يضيق على الناس في معايشهم هذا مع العلم أن الناس خلقوا ليعبدوا الله عز وجل و قد وعد الله بتكفل الرزق للعباد وسيأتيهم رغدا من حيث لا يشعرون ، سأضرب مثالاً يعايشه معظم الناس في الدول المتحضرة و غيرها وإذا كنت مخطأ فصوبوني ، نحن مثلاً في دول الخليج معظمنا يعمل لمدة 5 أو 6 أيام في الإسبوع و دعنا نقول 6 أيام في الأسبوع إذا كان يوم الجمعة عطلة ، هذا ويعمل الفرد منا ما ماقداره 6-10 ساعات يومياً فإن أخذنا بالأقصى أي 10 ساعات وأخذنا بالدوام المتقطع الصعب على الكثيرين منا أي في فترتين صباحا و مساءً ودعنا نأخذ بأعظمها على الفرد أي أنه يرجع إلى البيت في حدود الساعة العاشرة ليلاً ، وإذا علمنا أن معظمنا إن لم يكن كلنا يكون موعد نومه الساعة الواحدة ليلاً أو أكثر على كثير منا فسنقول ، يرجع من العمل الساعة العاشرة وقبل رجوعه يشتري له ما أراد من السوق وسيكون رجوعه في حدود الحادية عشرة ويجد أن العائلة تنتظره على العشاء إن لم يجلب هو العشاء من الخارج ولا تنقضي الساعة الحادية عشرة و النصف حتى يكون قد أنتهى من الوجبة وعليه أن يرتاح قليلا لشرب الشاي ويجلس مع الأهل إلى الساعة الثانية عشرة و النصف ، هنا بقي له نصف ساعة فقط لو أن كل شخص أنتهز فرصة النصف ساعة كل يوم في التفقه في الدين فوالله إنها تكفيه وتدرء عنه العذاب وسيكون ملماً بكثير من حلال و حرام محمد و آل محمد ، فنحن لسنا مأمورين بدراسة الأصول التي يشيب منها الصغير و يهرم منها الرجل ، والحمد لله الذي من علينا بأئمة يحدثونا على حسب عقولنا ولم يبهموا في الكلام معنا والله أمرهم بذلك .


        يتبع بإذن الله تعالى ...

        تعليق


        • #5
          لكن كيف نعرف حلالهم وحرامهم ونحن لم نصل بعد إلى مرحلة الاجتهاد ولم يتصل لنا أدنى خبرة في فهم كلامهم إذ أن كلامهم لا يعلمه إلا القليل ممن خاض في الأصول ؟

          هذه مخادعة ومكر يردون بها إبعاد الموالين عن أهل البيت صلوات الله عليهم ، فمن قال إن كلامهم لا يفهم ولا يعلمه إلا من عرف الأصول ، ومن قال إن الأصول توصل إلى فهم مرادهم ، بل العكس هو عين ذلك أقصد أن الأصول هي المبعدة عن معرفة كلامهم و مرادهم ومن ضمن ذلك علمهم المخترع ( البلاغة و الصرف و نحو وغيرها ) ، إذا كان كلامهم ينبغي له من علم و مقدمات طويلة تأخذ عقودا من الزمن لكي يتوصل المرء لفهم مرادهم عليهم السلام إذا لما كانوا هم عدل القرآن و الثقل الثاني و الحبل المؤدي إلى الله ، فهل وجودهم صلوات الله عليهم للإبهام و الإيهام أم للوضوح و التنوير ، وهل وجودهم صلوات الله عليهم للهداية و إنارة الطريق القويم والسراط المستقيم أم للتيه و الضياع ، فإذا كان ذلك إذا لا حجة لهم على العباد بل سيكون للعباد حجة على الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، إذ سيردون ويقولون إن حججك يتكلمون بالإيهام و الإبهام ونحن لا نعلم ما يقولون فكيف لنا الهداية و الطريق به غواية ، وكيف لنا النجاة و ولا نرى إلا الشداد في فهم المراد ، ثم كيف جلت قدرتك تأمرنا بأتباع من لا نفهم ما يقول .
          فإن قال أحدهم إنه ورد عنهم صلوات الله عليهم أن أمرهم صعب مستصحب و حديثهم صعب مستصعب كما التالي :

          سمعت الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام يقول : إن حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب ، أونبي مرسل ، أوعبد امتحن الله قلبه للايمان ، أومدينة حصينة . قال عمرو : فقلت لشعيب : يا أبا الحسن وأي شئ المدينة الحصينة ؟ قال : فقال : سألت الصادق عليه السلام عنها فقال لي : القلب المجتمع .

          قال أميرالمؤمنين عليه السلام : خالطوا الناس بما يعرفون ودعوهم مما ينكرون ، ولا تحملوهم على أنفسكم وعلينا ، إن أمرنا صعب مستصعب لايحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد قد امتحن الله قلبه للايمان .

          إن الخلط في دلالة الرواية هي خلاف الدراية فالبدراية تعرف الرواية وبالدلالة تعرف الدراية ولا دراية بدون دلالة ولا دلالة بدون دراية و الدراية تأتي بلزوم كلامهم ورواياتهم و التدبر فيها و حفظها ووعيها وذلك بعد أن ينبت اللحم بمعين كلامهم وتنفيذ أوامرهم و زواجرهم .
          عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال أبوجعفر عليه السلام : يا بني اعرف منازل الشيعة على قدر روايتهم ومعرفتهم ، فإن المعرفة هي الدراية للرواية ، وبالدرايات للروايات يعلو المؤمن إلى أقصى درجات الايمان ، إني نظرت في كتاب لعلي عليه السلام فوجدت في الكتاب : أن فيمة كل امرئ وقدره معرفته ، إن الله تبارك وتعالى يحاسب الناس على قدر ما آتاهم من العقول في دار الدنيا .
          إن الذي هو صعب مستصعب هو أمرهم و حديثهم وليس كلامهم بما يلائم عقول المتلقي وعليه سأضرب لذلك مثال عسى أن يصل المعنى .

          إن دعوة الأنبياء و الرسل مثل ذلك ففي كثير من المواقف يحصل شيء ضمن الدعوة إلى الله عز وجل خارج نطاق العقل وهو ما يفعله الأنبياء و الرسل من معجزات يستصعب على العقل أن يصدقها في حال عدم الإيمان بقدرات هذا الولي ولكن البعض يؤمن لما يجد أن هذه القدرات لايمكن فعلها إلا بواسطة قدرات لا يمتلكها إلا الخالق أو ممن فوضه الخالق .

          نحن كموالين و مؤمنين لأهل البيت صلوات الله عليهم نعلم أن الله خصم بالأسم الأعظم ولم يحجب عليهم إلا حرف واحد أستفرد به جل و عز لكي يبقى هو تعالى الخالق المطلق والذي لا بد أن يكون هو جل شأنه العالم المتفرد بكل شيء ويبقون صلوات الله عليهم محتاجون إلى فيض علمه وجليل قدرته وعظيم إرادته ، ونعلم كذلك أنهم أسماء الله الحسنى وكلمته العليا ومثله الأعلى وأنهم ووووو .

          ولو تعمقت معكم كثيرا لا أستبعد أن يسميني بعض الأخوة مغالياً وأني أقول في الأئمة ما ليس فيهم وأني أبالغ كثيرا ، وقد يقال لي ماذا أبقيت لله عز وجل .

          أليس نحن نتهم بالغلو ؟
          أفلم يسأل أحدنا ما هو الغلو ؟

          وهل أحدنا إذا قدس و عظم وقال ما قال في أسماء الله عز وجل يتهم بالغلو ؟

          وهل من يمتلك ناصية الأمر بامتلاكه أسم الله الأعظم وعلمه للكتاب كله ، وقد أمتحن الله الخلائق أبتداء من الملائكة و إبليس و آدم و الأنبياء و أمتحنهم بحبهم و وولايتهم و إذا بكثير من الخلق يحدسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة و آتيناهم ملكا عظيماً .

          لو أتيت ببعض مقمات آل البيت وما أعطاهم الله عز وجل مما لم يعط أحدا من العالمين لكبر ذلك في أعين الناس ولم يحتملوه ولم يطيقوه بل سيخرج ممن ينتسبون لأهل البيت الخلق الكثير و يشك فيهم الكثير الكثير بل سيرتد منهم من لا يتحمل أمرهم و حديثهم .

          وهذه الروايتين هما من قبيل هذه الروايات :


          ((لعن الله من أذاع أمرنا))
          1.((من أذاع أمرنا ولم يكتمه أذلّه الله به في الدنيا ونزع النور من بين عينيه في الآخره وجعله ظلمه تقوده إلى النار))
          2.((ولاية الله أسرّها إلى جبرئيل-ع- وأسرّها جبرئيل إلى محمّد-ص- وأسرّها محمّد إلى علي وأسرّها علي إلى من شاء الله ثمّ أنتم تذيعون ذلك، من الّذي أمسك حرفاً سمعه؟))
          3.((كفّوا ألسنتكم وألزموا بيوتكم فإنّه لا يصيبكم أمر تخصون به أبداً ولا تزال الزيّديّة لكم وقاء أبداً))
          4.((إن أمرنا مستور مقنّع بالميثاق فمن هتك علينا أذلّه الله))
          5.((ليس احتمال أمرنا التصديق له والقبول فقط، من احتمال أمرنا ستره وصيانته عن غير أهله، رحم الله عبداً اجتر مودّة الناس إلينا حدثوهم بما يعرفون واستروا عنهم ما ينكرون))
          6.((ليقوّ شديدكم ضعيفكم، وليعُد غنيّكم على فقيركم، ولاتبثّوا سرّنا، ولا تذيعوا أمرنا))
          7.((ما قتلنا من أذاع حديثنا خطاء ولكن قتلنا قتل عمد


          فالمتمعن في هذه الروايات يظهر له بجلاء أن أمرهم و سرهم حديثهم يحرم إذاعته بل و يترتب عليه تبعات دنيويه و أخرويه لا مفر منها .

          فهل وصلت الفكرة أم لا ؟

          فهنا أمرهم و حديثهم وقد حرموا أن يذاع وبالمقابل نأتي إلى الطرف الآخر وهو كما في الروايات الشريفة :


          ((رحم الله خلفائي،فقيل يا رسول الله ومن خلفاؤك؟ قال-ص-الّذين يحيون سنّتي ويعلّمونها عباد الله))(

          (وأشدّ من يُتم اليتيم يتيمٌ انقطع عن إمامه،لا يقدر على الوصول إليه ولا يدري كيف حُكمه فيما يبتلى به من شرائع دينه،ألا فمن كان من شيعتنا عالماً بعلومنا فهذا الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا يتيمٌ في حجره ألا فمن هداه وأرشده وعلّمه شريعتنا كان معنا في الرفيق الأعلى حدّثني بذلك أبي عن أبيه عن آبائه عن رسول الله-ص-))
          ((فقيه واحد ينقذ يتيماً من أيتامنا المنقطعين عن مشاهدتنا والتعلّم من علومنا أشدّ على أبليس من ألف عابد...))
          ((لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم من العلماء الدّاعين إليه والدّالّين عليه والذابّين عن دينه بحجج الله والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك أبليس ومردته ومن فخاخ النواصب الّذين يمسكون أزمّة قلوب ضُعفاء الشيعة كما يُمسك السفينة سكّانها لما بقي أحد إلاّ ارتدّ عن دين الله أولئك هم الأفضلون عند الله عزّ وجل
          ))


          يتبع إن شاء الله

          تعليق


          • #6


            فأنظر وتمعن و تدبر فأيهما الذي يذاع و أيهما الذي حرم إذاعته فإن في كلام الحجج على الله و أئمة الهدى محكم و متشابه ولابد أن نرد المحكم إلى المتشابه و المتشابه إلى المحكم حتى نقتبس من نور علمهم ماهو زادنا إلى رضوان الله تعالى فقد ورد عنهم صلوات الله عليهم :
            إن على كل حق حقيقة و على كل صواب نور فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالفه فدعوه .

            ومما ظهر بجلاء بين ما تم إراده عن منع الإذاع و إيذاعه هو التالي :


            1- يتبين لمن قرأ الروايات الشريفة بشقيها أن هناك فوارق بين الدلالات و المقصود من جانب الآمر للعلم و الناهي .
            2- ولكن في واقع الأمر أن هناك آمر للعلم وهناك ناهي عن إفشاء أو إيذاع أمرهم في رواياتهم منهم السلام .
            3- يتبين الفارق بين الشقين أن الأمر في الشق الأول هو لنشر السنة و الشريعة و العلم مما أقتبس من علمهم صلوات الله عليهم ، أما في الشق الثاني هو للنهي عن إيذاع أمرهم و سرهم و حديثهم إذا هناك فرق بين سنتهم و أمرهم و فرق بين شريعتهم و سرهم و فرق بين علمهم و حديثهم .
            4- لا تناقض في الروايات إذا ما تم تحقيقها و تدبرها سيتبين بجلاء المقصود منها ، ومما يتبين أن هناك خاص و عام و مطلق و مقيد . فالخاص هو أمرهم و حديثهم الخاص بهم و سرهم و العام هو علمهم و سنتهم و شريعتهم . أما المقيد في النهي فهو سرهم و أمرهم و حديثهم الخاص بهم ، و المطلق في الأمر فهو علمهم و سنتهم و شريعتهم .
            5- يتبين من أمر التعلم من علومهم و سنتهم و شريعتهم هو لتعليمه لضعفاء الشيعة و فقرائهم وكما أن هناك ضفعاء أبدان و فقراء أموال هناك ضعفاء علم و فقراء علم أيضا ولذا أتى الوجوب للعالم بشريعتهم و سنتهم و علمهم بتعليمه للشيعة الضعفاء و الفقراء وهنا يتبين أن في ذلك فضل عظيم للعالم الذي ينقذ الضعيف و يتيم آل محمد من التيه و الضلال ومن حبائل الشيطان و مكره ومن ناصب العداء لأهل بيت النبوة .
            6- وكذلك يتبين النهي من إيذاع و إفشاء سرهم و حديثهم و أمرهم ، أن هناك أمر خاص بهم و حديث خاص بهم و سر و السر دائما خاص فهو لهم ، ولذلك فإن الذهن يتبادر في النهي إلى طرح سؤالين ، الأول : هل السر و الأمر و الحديث معلوم لكل الشيعة أو لنقل الموالين لتكن الجملة أعم وعليه فلن يكون سرا وذلك لمعرفة كل الموالين له ؟ الثاني : هل الإفشاء المقصود هو للمخالف لأهل البيت أم لعامة الناس من الموالين أقصد بهم ما أشار إليهم الشق الأول من الأحاديث أي الضعفاء و الفقراء و أيتام آل محمد ؟
            7- يتبين من السؤال الأول ضرورة انقسام الموالين إلى قسمين قسم خاص وصل بهم العلم و التسليم لأهل البيت موصلا تمكنوا من معرفة أمرهم و سرهم و حديثهم أو بعض منه أو أن يكونوا من الأصحاب الخلص لهم ووصلوا درجة من التسليم بحيث أن أهل البيت أودعوهم هذه الأسرار التي يجب أن لا تفشى أو تذاع وذلك مثل المفضل بن عمر و زرارة و أبو خالد الكابلي و غيرهم من أبواب للأئمة و غير الأبواب ممن حصل على الخصوصية و الأصحاب الثقات ، أما القسم الثاني فهم عامة الموالين المتبعين لأهل البيت منهم السلام و الرحمة ومن المحال إيداعهم سر و حديث و أمر أهل البيت الصعب المستصعب الذي يعلوا فوق إيمانهم السطحي و التسليم المتواضع .
            8- يتبين من السؤال الثاني في أمر النهي عن إفشاء حديث و سر و أمر أهل البيت منهم السلام و رحمة انقسامه إلى جهتين ممنوعتين الأولى : المخالفين لأهل البيت من الفرق الأخرى أو النواصب وهنا يتبين أمر النهي بجلاء تام ولا داعي للتبيان . الثانية : عامة الناس من الموالين المتبعين لأهل البيت ، وهم عادة البسطاء من الناس أو ما أشار إليه الشق الأول من الأحاديث الضعفاء و الفقراء و يتامى أهل البيت المقصود بهم الموالين عامة بحيث أنهم جبلوا على البساطة في كل شيء بمعنى أنهم محدودين الفهم وجل اهتمامهم مدارات أعمالهم و سد جوعهم و ستر عورتهم بمعنى آخر أن حياتهم منصبة على شيئين رزق يؤمن لهم عيشة و التزام الفرائض كواجب شرعي .
            9- بما أن هناك خاص و عام و مطلق و مقيد في سر و أمر و حديث أهل البيت منهم السلام ، سيكون الخاص للخاص و المقيد للمقيد و العام للعام و المطلق للمطلق ، بمعنى أن سرهم و حديثهم و أمرهم يذاع لمن أراد الوصول إلى التسليم المطلق لهم و أراد معرفتهم وفهم مقتضى الإيمان بهم و الوصول إلى علم يلزمه فهم هذا التسليم و العمل به و الانقياد له .
            10- مما سبق يتبين أن الخلط بين إيذاع أمرهم الخاص للعام سيكون وبالا على المذيع و المذاع إليه بمعنى إن هذا الأمر و السر و الحديث الخاص إن أُذيع إلى من لا يحتمل إيذاعه إليه سينقلب كافرا و جاحدا لأهل البيت صلوات الله عليهم لعدم فهمه المقصود و عدم نيله التسليم وبطبيعة الحال بعدم معرتهم منهم السلام و الرحمة .

            إن المؤمن الذي أمتحن الله قلبه لا يكون كذلك إلا بمعرفة الله و رسوله و الأئمة كلهم و إمام زمانه ويرد إليه و يسلم له كما ورد عن أحدهما صلوات الله عليهما .
            ومما يدعم القول بأن النهي عن إفشاء الخاص يكون قد حُث عليه من قبلهم منهم السلام ما ورد عن أبي عبد الله صلوت الله عليه حيث قال :
            تزاوروا فان في زيارتكم إحياء لقلوبكم وذكرا لأحاديثنا ، وأحاديثنا تعطف بعضكم على بعض فان أخذتم بها رشدتم ونجوتم ، وإن تركتموها ضللتم وهلكتم ، فخذوا بها وأنا بنجاكم زعيم.
            و اعتقد إنا متعلمون على سبيل نجاة إن شاء الله وكلنا يروم النجاة و النجاة يكون في معرفتهم و الرد إليهم و التسليم لهم و إذا بلغ التسليم مبلغاً يصل فيه المؤمن إلى علم خاص بهم فمن المؤكد أن حرصه على هذا العلم يؤدي به إلى الحفاظ عليه ولا يفشيه لمن هب و دب إلا الخاصة ممن يثق بهم من إخوانه المؤمنين ممن يروم ما توصل إليه وهذا أمر حث عليه أربابنا منه السلام و الرحمة .
            عن جميل ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال :يغدو الناس على ثلاثة أصناف : عالم ، ومتعلم ، وغثاء ، فنحن العلماء ، وشيعتنا المتعلمون وسائر الناس غثاء .
            وجملة سائر الناس غثاء هم البسطاء كما أشرت إليه سابقا و الله تعالى أعلم .


            فهل وصلت الفكرة ؟

            لا أعتقد أنها لم تصل ، حيث أن قول الأصوليين أن كلامهم لا يفهم لأنه صعب ومستصعب فيه أمران :
            الأول : تزكية لأنفسهم وللذين وضعوهم حجة عليهم من المجتهدين و الفقهاء ، فالله عز وجل حرم علينا تزكية أنفسنا فكيف يدعون أنهم هو الوحيدون الذين يعلمون قول الحجج الطاهرة وغيرهم مهما وصلت مداركه و نوابغه لا يصل إلى فهم كلامهم لأنهم لم يتحصلوا على الأصول التي وضعوها هم لكي يتشرف في فهم كلامهم وهذه مغالطة بل ودور فاسد إذ يثبتون فهم كلام المعصوم من الأصول و يثبتون صحة الأصول من الأصول فما أغربها من مفارقة .

            الثاني : أنه لا يفهم فقط وفقط إلا عن طريق أصولهم وفيه مفارقة و دور ، إذ أن علم الأصول من أين أتى وهل له ثوابت و أسس لا يمكن نقضها وهل هو علم بالأساس أم هو الأنا مسمى بغير أسمه وذريعة يتمسكون بها لتغيير طريق أهل البيت صلوات الله عليهم ، ولذا تراهم يكثرون من قولهم (((( إن لم نفهم كلام أهل البيت عن طريق الأصول فكيف نفهمهم ، وإن نقدر أن نعرف الحكم الشرعي في المستحدثات ومما لم يخرج له نص فكيف نعرفه من غير الأصول ….)))) وهذا وغيرها من الذرائع التي توهم اللغثاء و الرعاع أن العلم كل العلم هو الأصول و أن ما من حديث صدر من أهل البيت إلا يعرف عن طريق أصولهم ، فهم يتشبثون بالأصول و أن الأحكم الشرعي لابد أن يعرف و إن لم يعرف عن طريق النصوص فإن ملاذه إستنباطاً عن طريق الأصول وهكذا ذهبت كل الروايات عن طريق فرع من فروعها الشيطانية و هو علم الرجال الذي ما أنزل الله به من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس وقد جاءهم من ربهم الهدى ، وهذا اللاعلم قد ألغى أكثر من ثلاثة أرباع الروايات ، وهو ما يردونه حقاً إذ لا تعتقد أن الأصول تم تكريسها و تثبيتها بعد الغيبة الصغرى مباشرة مع أن بذورها نبتت وبرزت عقيب الغيبة بخمسين سنة بعد أن ظهر ظلام الأصولية على يد إبن الجنيد الإسكافي و إبن أبي عقيل العماني بعد أن ركبوا مراكب قبائح و فواحش فقهاء العامة فهل الأصول إلا أصولهم و وهل القبائح و الفواحش إلا الأصول وهل الأصول إلا منابر التحكم على الناس وذريعة شيطانية للسيطرة عليهم وبلباس الخوف على الناس و لزوم العبادة و معرفة الحكم وما هي إلا تعقيب ولا معقب لحكم الله وما هي إلا سبق أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون ، فأنتم تعلمون أن الكثير من كتب الحديث قد مزقت و حرقت و رميت في الدجلة و الفرات و البحر فأين الأصول الأربعمائة والتي لم يبق منها إلا ستة عشر أصلاً ولا أدري هل هي كاملة أم لا ، وأنظر إلى ذريعتهم هذه وملابساتهم و تشكيكهم عباد الله إذ أوهموا الناس أن بعد أن نقصت السنة فلا حجة في الروايات الضعيفة و غير الموثوقة و المرسل و ووو وتم إخراج الروايات من الحجية وأعقبها كلامهم بأن الروايات ليس فيها كل ما يحتاج إليه الناس من الحلال و الحرام و الحدود و الأحكام وكذلك القرآن الكريم إذ أن آيات الأحكام حسب مدعاهم لا تتعدى الخمسون والخمسمائة آية من أصل 6632 آية أي أقل من عشر المصحف الموجود الذي نقص منه ثلثيه فأوهموا الناس أن الذي بيدهم هو كل ما نقله من الأئمة والقرآن ولا يمكن معرفة الحكم إلا عن طريق إستنباطها بأدوات هي الأصول وفقط الأصول ، وإن هي إلا سقيفة الغيبة وما أدراك ما سقيفة الغيبة .

            إن المشكلة العظمى و الفاجعة الكبرى ليست فقط في كبرائهم وهم يعلمون الحق ويكتمونه ولا في ساداتهم فقط وهم يعرفون الحق وهم يخفونه ولكن في صغرائهم الداعين إليهم وهم المتسيدون الأكثر أثراً الذي قال فيهم صلوات الله عليه لسفيان بن خالد :
            ياسفيان إياك والرئاسة ، فماطلبها أحد إلا هلك ، فقلت له : جعلت فداك قد هلكنا إذا ، ليس أحد منا إلا وهو يحب أن يذكر ويقصد ويؤخذ عنه ، فقال ليس حيث تذهب إليه ، إنما ذلك أن تنصب رجلا دون الحجة فتصدقه في كل ماقال ، وتدعو الناس إلى قوله .

            فهم أخذوا كل ما يعلمون من رئساءهم وكبرائهم فأضلوهم السبيل فضلوا و أضلوا وأضلوا كثيرا عن سواء السبيل .

            فهل تجد منهم من يقول إن الفقهاء يخطئوا ، وهل تجد منهم من تناقشه حول الأصول إلا ويقول إن لا سبيل لنا للحكم الشرعي غير الأصول حتى لو كانت الرواية واضحة وضوح الشمس ولا يختلف فيها أبسط الناس ، مع أن كل الروايات واضحة و ليست خافية ولا فيها إبهام و لا إيهام الذي يصرون أن كتاب الله و سنة نبيه ملئى بهكذا أنموذج من الأسلوب في المخاطبة التي لا يعرفها طبعا إلا هم فقط وهذا ما سنتطرق إليه في المبحث اللآتي والذي سيكون جلياً وواضحا بل وفاضحا لهم في هذه الرواية العسكصادقية التي أستشهدوا بها وهي بالضد من كل أصولهم وتفاصيلها من تقليد و عقل و إجماع و أصول وكل ما يعرف الآن على أنه بديهي ومن فطريات العرف و العقل وسترى كيف أنه صلوات الله عليه رسم لنا طريقا في النور لا نخاف بعده بأسا ولا رهقا وهو رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي وتحقق الحق الآلهي و وقع الدين الرباني لا يسوء وجوه إلا المخالفين للتسليم و الرد و المعرفة للسادة الميامين .




            يتبع بإذن الله جل و علا ...

            تعليق


            • #7



              كيف السبيل إلى معرفة الحكم الشرعي في حال عدم دخول المرء في نطاق العامية و حرمة التقليد ؟

              سؤال مهم جداً لطالما يسئل من قبل المشككين من الأصوليين أو حتى ممن شك و ظن في دينه وكان أمره فرطا ولم يسلم بآيات ربه ورسله و الأئمة من ولد وصي نبيه .

              سؤال لطالما حير الكثير من الباحثين الذين لم يلقوا جواباً شافيا للقلوب التي في الصدور .

              ما من شيء إلا فيه كتاب أو سنة .
              ما من شيء أختلف فيه رجلان إلا وله أصل في كتاب الله ولكن لا تبلغه عقول الرجال .

              قد جاء في الرواية موضوع البحث هذه الكلمات النورنية :
              فلذلك ذمهم لما قلدوا من قد عرفوا ومن قد علموا أنه لا يجوز قبول خبره ، ولا تصديقه في حكاياته ، ولا العمل بما يؤديه إليهم عمن لم يشاهدوه ، ووجب عليهم النظر بأنفسهم في أمر رسول الله صلى الله عليه واله إذ كانت دلائله أوضح من أن تخفى ، وأشهر من أن لاتظهر لهم ، وكذلك عوام امتنا إذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظاهر والعصبية الشديدة ، والتكالب على حطام الدنيا وحرامها ، وإهلاك من يتعصبون عليه وإن كان لاصلاح أمره مستحقا ، والترفرف بالبر والاحسان على من تعصبواله وإن كان للاذلال والاهانة مستحقا . فمن قلد من عوامنا مثل هؤلاء الفقهاء فهم مثل اليهود الذين ذمهم الله تعالى بالتقليد لفسقة فقهائهم . فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه ، حافظا لدينه ، مخالفا على هواه ، مطيعا لامرمولاه ، فللعوام أن يقلدوه . وذلك لايكون إلا بعض فقهاء الشيعة لاجميعهم ، فأما من ركب من القبائح والفواحش مراكب فسقة فقهاء العامة فلا تقبلوا منهم عنا شيئا ولا كرامة.لقد ذكرنا فيما سبق أن التقليد يجوز ضمن شرائط حددها المعصوم وهي لابد منها وهذه الشروط لابد أن تتوفر في المقلد بالفتح و لمقلد بالكسر وقد قلنا بحسب ما أقتبسناه من الرواية الشريفة أن الشروط اللازم توفرها في المقلد بالفتح هي :
              1- صائنا لنفسه .
              2- محافظا لدينه .
              3- مخالفا لهواه .
              4- مطيعا لأمر مولاه .

              وهذا كله بعد أن يكون ضمن دائرة فقيههم التي وجب أن يكون فيها وهي أحتماله للحديث وحفظه ووعيه فإنهم لا يسمون الفقيه فقيها حتى يكون راويا لأحاديثهم والذي يكون بعد الإمتحان الذي أمتحنه الله له محدثا بالفتح أي يلحن له ويكون ضمن من قال فيهم تعالى :






              1.إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون
              كنت مع أحد الأصدقاء الأعزاء نتناقش في بحث حول فقه و الفقيه و التفقه ووصلنا إلى هذه الآية حتى كتب حفظه الله :


              ان الاية كما تلاحظ حاكية عن مجموعة معينة ...هذه المجموعة لم تفعل سوى ..

              1. قالوا ربنا الله ..
              2.ثم استقاموا .


              لا غير ...وانتهى ..

              اذن فلماذا لا تتنزل علينا الملائكة ...فمن منكم أيها الإخوة الكرام لم يقل ...ربي الله ..ومن منكم لم يستقم ..؟

              الظاهر ان الاية تحمل معاني (اعمق)

              فالظاهر ان أفراد هذه المجموعة عندما تقول (ربنا الله) فهي تقول هذه المقولة (من دون مزاح) تقولها فعلا وعملا وقولا بالجوارح وبالجوانح بالتطبيق بالواقع في الخارج وفي الداخل ...تقولها غير مترددة ...تقولها (بصدق)

              اما استقامة هذه المجموعة فهو ليس كاستقامتنا نحن العصاة الاثمون ...نحن الذين نكون في (أحسن حالاتنا) (جيفة بالليل ...بطال في النهار)

              ان القران لا يجامل احد مهما كان فنظامه كما أسلفنا يكشف ويفضح لكل نظام ولا يفضحه نظام ..

              فهو يقرر انك اذا طبقت هذه الشرائط فسوف :-
              1.تتنزل عليك الملائكة
              2.الا تخافوا ولا تحزنوا
              3.وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون
              4.نحن اولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الاخرة
              5. ولكم فيها ما تشتهي انفسكم ولكم فيها ما تدعون ..نزلا من غفور رحيم

              والان نأتي الى مرحلة إيراد الشاهد من كلام أهل البيت سلام الله عليهم أجمعين ...فلاحظ الروايات التالية :-

              الرواية الأولى :- عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في قول الله عز وجل:-

              ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا )

              قال : هم الأئمة ( عليهم السلام )

              ويجري فيمن استقام من شيعتنا وسلم لأمرنا ، وكتم حديثنا عن عدونا

              تستقبله الملائكة بالبشرى من الله تعالى بالجنة ..
              وقد والله مضى أقوام كانوا على مثل ما أنتم عليه من الدين
              استقاموا وسلموا لأمرنا ، وكتموا لحديثنا ، ولم يذيعوه عند عدونا ، ولم يشكوا فيه كما شككتم
              فاستقبلتهم الملائكة بالبشرى من الله بالجنة)

              ارى انه لا توجد حاجة لشرح هذا النص فدلالاته واضحة جدا في اشتراط الامام ع هذه الشرائط في هذه المجموعة التي ذكرناها في بداية البحث ...ثم عقب الامام عليه السلام بالقول ...فاستقبلتهم الملائكة بالبشرى من الله بالجنة !!!

              هنا سيقول القائل ...فما هو وجه الاستفادة اذن من هذه الاية ومن هذا النص المبارك المفسر لهذه الاية المباركة اذن ...؟

              فالنص يقرر بصراحة تامة ..ان هذه المجموعة ذكرهم الامام عليه السلام بالوصف بالزمن الماضي (مضى اقوام) وان هؤلاء (الاقوام) ( استقبلتهم الملائكة بالبشرى من الله بالجنة) أي بمعنى اخر ...حين الوفاة ...فلا دلالة في كل ما ذكر ...

              الا ان هناك امرا اخر لم ننظر اليه بتمعن شديد الا وهو مخاطبة الملائكة لهذه (المجموعة) باننا اولياؤكم في الحياة الدنيا ...(هذا ان اتفقنا ان المخاطبين بكسر الطاء) هم الملائكة) فما فائدة قولهم هذا ان كان الخطاب وقته هو (حال الوفاة) ؟؟؟؟؟؟؟؟؟


              انتبه الى هذه المفارقة العجيبة العارف سلطان عليشاه في تفسيره بيان السعادة حيث قرر وبوضوح ان هذه الاية المباركة وان كانت خاصة بالائمة سلام الله عليهم الا انها تشمل بعض (اتباع الائمة سلام الله عليهم وليست دلالة خطاب الملائكة مقصورا على حالة الوفاة ..بل يشمل الحياة الاعتيادية الطبيعية ) واترك التفصيل لمن اراد مراجعة هذا التفسير ...

              اذن هناك امر قد خفي علينا هنا ..

              وعليه فسوف نلجا الى البحث عن اية اخرى لتشرح لنا ما لم يبين لنا هنا بصورة تامة ...وهذا ما فعله قبلنا الصحابي الجليل ابي بصير قدس الله روحه الطاهرة حينما جرت بينه وبين الامام هذه المحاورة بشان الاية التالية فلاحظ معي رجاء ...


              لاحظ الاية المباركة :- وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءا غدقا .

              والان لاحظ نص المحاورة التي اجراها ابو بصير عليه الرحمة وهي مفتاح الحل لكل ما مر ...وفيها الاجابة على اصل السؤال ..

              عن أبي بصير قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام قول الله : إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا . قال : هو والله ما أنتم عليه ، ولو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءا غدقا ..

              والان نظيف رواية بريد العجلي التي تمثل المفتاح الاخير للاجابة ...فلاحظ معي :-

              وعن بريد العجلي عن أبي عبد الله عليه السلام قال : معناه لأفدناه علما كثيرا يتعلمونه من الأئمة عليهم السلام .

              والان وبعد ذكر كل تلكم المفاتيح ...اظن ان الصورة قد اكتملت لدينا اخيرا من ضم دلالات هاتين الايتين المباركتين بما لا يقبل الجدل ...فاقول لمن (تشابكت عليه المفاهيم) خلال قراءته لهذا الموضوع ...

              ان الاية الاولى تقرر بصراحة وبالدليل الذي ذكرناه ان الملائكة تتنزل على مجموعة خاصة ...اما ما هي وظيفة او وظائف هذه الملائكة التي تتنزل فان الاية قد ذكرت بعضها اغلب الظن والله العالم ...

              الا اننا فهمنا من الاية الثانية ان الاستقامة لو تحققت فان الائمة (سيفيدون هذا الفرد المجهول علما كثيرا يتعلمه من الائمة الكرام )
              سيقول القائل ...

              وكيف عممت دلالة الاية الثانية الى ان الائمة سيفيدون هذا الشخص ؟ وقت الغيبة ووقت الحضور ؟

              في حين ان الظاهر ان الكلام هنا ظاهر في زمن الحضور ..؟

              اقول ...هذا اشكال وارد ...ويجاب عليه ..

              ان انطباق مصداق هذه الاية والاية التي سبقتها خاص بمجموعة معينة (مجهولة عندنا لحد الان ) خلال سيرنا في هذا البحث ...فاذا تحققت الشرائط التي ذكرتها تلكما الايتين الشريفتين فان الشرط سيتحقق بعد تحقق مشروطه وهو الاستقامة والتوحيد .. والنتيجة ...ان الامام غائبا كان او حاضرا ...سيفيد هذا (الشخص المجهول الهوية) ويعلمه ..اما ما هي الالية لذلك التفهيم وذلك التعليم ...
              طبعا ان الالية تختلف بين زمن الحضور وبين زمن الغياب ...وهذا امر طبيعي ...الامر الذي سنتكلم عنه لاحقا ..بروية..

              والان ....هل يكون هذا (المحدث) او (المفهم ) بفتح الدال والهاء ...هو احد مصاديق هاتين الايتين ...أنتهى كلامه حفظه الله .
              يتبع إن شاء الله ...

              تعليق


              • #8
                [b][right][size="5"]مما سبق في الرواية الشريفة المباركة حدد لنا مولاي صلوات الله عليه سبلاً وحبل ممدود بيننا وبين الله وأهل بيت الله عز وجل لا سبيل لتركه وأخذ سواه و إن فعلنا ضللنا إذا ونحن من الظالمين الهالكين ، وتبين أن هذا السبيل هو غير السبيل الذي أوهمونا إياه بل مخالف له بالمطلق ولا يتفق معه في أي نقطة وقد علمنا أن الناس ينقسموا إلى ثلاثة أقسام وهي :
                علماء
                متعلمون
                غثاء

                وقد علمنا أن العلماء هم فقط وفقط أهل البيت صلى الله عليهم ولا يمكن أن ندخل أي شخص مهما علت رتبته و قربه من أهل البيت ضمن هذه الفئة الخاصة جداً بل وأتت جميع الروايات الدالة على العلماء كعلماء أمتي مثل أنبياء بني إسرائيل ، والعلماء ورثة الأنبياء ، وإذا مات العالم أنثلمت ثلمة في الدين لا يسدها شيء هذه وكلها إنما عني بها أهل البيت فقط ولا يجوز مشاركة غيرهم ، وما يفعله الأصوليون الآن من مشاركة أهل البيت حقهم بل ومنازعتهم إياهم هو شيء غريب جداً إذ أنهم إذا جادلوا أهل العامة في آية التطهير و المباهلة وغيرها يأتوا بالكثير من الأدلة على أن هذه الآيات خاصة بأهل البيت ولا يدخل فيهم غيرهم ، ولكن في الجهة المقابلة ومع رعاع الناس يوهموهم أنهم الراسخون في العلم و هم الذين يسنتبطون الكتاب وهم ورثة الأنبياء و كلعلماء بني إسرائيل ، ولا يتحرجوا من أن يقولوا أن ما عني به هم أهل البيت ولكن نحن مصداق من المصاديق و لا يمكن أن يكون أهل البيت فقط هو المصداق الوحيد ، ويمكنكم أن تروا ذلك في مناقشاتهم مع الأخباريين أليس كذلك .

                إذا لا يجوز لنا بل يحرم علينا أن ننصب أحدا مقام و مكان الحجة وندعو الناس إليه أو نسبيه كما سمى الله ورسوله خلفاءه الهاديين المهديين فإن لكل مقام مقال وخير المقال ما خرج من عرش الله جل وعز .

                أما الصنف الثاني وهم المتعلمون :
                فهم الموالون و الشيعة على حسب قربهم ومداركهم و مقامهم وتعلمهم من أهل البيت صلوات الله عليهم مهما علوا ومهما قربوا فهم يظلون متعلمين ، ولا أدري لماذا يتحرج الأصوليون من هذه اللفظة فهل فيها قدح أم هي لا تناسب المقام ولا أدري أيهما أفضل علماء أهل البيت أم متعلمون أهل البيت وما هي أقرب إلى الصواب و أحسنهم فخراً ، فمهما يكن فكلنا متعلمون من أهل البيت ولايمكن لأحد أن يدعي أن علمه لدني ومن عنده .

                إذا فالفئة الثانية هم المتعلمون وهم كل موالٍ وشيعي أخذ علمه من أهل البيت فقط أو ممن ينقلون عنهم وهم الشيعة فكما ورد عن سيدي و مولاي صلوات الله عليه حيث قال :
                عن علي بن سويد السايي قال : كتب إلي أبو الحسن ( عليه السلام ) وهو في السجن : وأما ما ذكرت يا علي ممن تأخذ معالم دينك ، لا تأخذن معالم دينك عن غير شيعتنا ، فإنك إن تعديتهم أخذت دينك عن الخائنين ، الذين خانوا الله ورسوله وخانوا أماناتهم ، إنهم ائتمنوا على كتاب الله ، فحرفوه وبدلوه فعليهم لعنة الله ولعنة رسوله ولعنة ملائكة ، ولعنة آبائي الكرام البررة ولعنتي ولعنة شيعتي إلى يوم القيامة .

                ولكن من هم شيعتهم وهل كل موالٍ ومحب شيعي كما هو متعارف الآن ؟

                الحقيقة التي يكررها المعصوم حين يقول :
                ليس كل من قال بولايتنا مؤمناً ولكن جعلوا أنساً للمؤمنين .

                هذا في المؤمن الموال وليس كل موال شيعي وهذه حقيقة أخرى قد يتفاجئ بها الكثير إذ أن لفظة الشيعة لا يمكن إطلاقها على أي موال مؤمن فضلاُ إن لم يكن مؤمناُ مع إن الإمام يساير الناس على إصرارهم بادعائهم التشيع فيذكر أحيانا أن الشيعة أقسام و فرق ولكن أحيانا يقولها بطريقة لاأياك أعني و أسمعي يا جارة بتكراره الرد و الغضب على من قالها وهو ليس بذلك إنما هو محب و موال لهم فتمعنوا في هذه الروايات عسى أن توصل الفكرة :

                عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبيه قال : قال لي أبوجعفر عليه السلام : يا أبا المقدام إنما شيعة علي عليه السلام الشاحبون الناحلون الذابلون ، ذابلة شفاههم ، خميصة بطونهم ، متغيرة ألوانهم مصفرة وجوههم ، إذا جنهم الليل اتخذوا الارض فراشا ، واستقبلوا الارض بجباههم ، كثير سجودهم كثيرة دموعهم ، كثير دعاؤهم ، كثير بكاؤهم ، يفرح الناس وهم محزنون .


                وقال الباقر عليه السلام لرجل فخرعلى آخر وقال : أتفاخرني وأنا من شيعة آل محمد الطيبين ؟ فقال الباقر عليه السلام : ما فخرت عليه ورب الكعبة وغبن منك على الكذب يا عبدالله ، أما لك معك تنفقه على نفسك أحب إليك أم تنفقه على إخوانك المؤمنين ؟ قال : بل أنفقه على نفسي ، قال : فلست من شيعتنا ، فاننا نحن ما ننفق على المنتحلين من إخواننا أحب إلينا ولكن قل : أنا من محبيكم ومن الراجين النجاة بمحبتكم .

                وقيل للصادق عليه السلام : إن عمارا الدهني شهد اليوم عند ابن أبي ليلى قاضي الكوفة بشهادة فقال له القاضي : قم يا عمار فقد عرفناك لا تقبل شهادتك لانك رافضي فقام عمار وقد ارتعدت فرائصه واستفرغه البكاء فقال له ابن أبي ليلى : أنت رجل من أهل العلم والحديث إن كان يسوءك أن يقال لك رافضي فتبرأ من الرفض فأنت من إخواننا ، فقال له عمار : يا هذا ما ذهبت والله حيث ذهبت ، ولكن بكيت
                عليك وعلي ، أما بكائي على نفسي فانك نسبتني إلى رتبة شريفة لست من أهلها زعمت أني رافضي ويحك لقد حدثني الصادق عليه السلام أن أول من سمي الرفضة السحرة الذين لما شاهدوا آية موسى في عصاه آمنوا به واتبعوه ، ورفضوا أمر فرعون ، واستسلموا لكل ما نزل بهم ، فسماهم فرعون الرافضة لما رفضوا دينه ، فالرافضي كل من رفض جميع ما كره الله ، وفعل كل ما أمره الله ، فأين في هذا الزمان مثل هذا ؟ .
                وإن مابكيت على نفسي خشيت أن يطلع الله عزوجل على قلبي وقد تلقبت هذا الاسم الشريف على نفسي فيعاتبني ربي عزوجل ويقول : يا عمار أكنت رافضا للاباطيل ، عاملا بالطاعات كما قال لك ؟ فيكون ذلك بي مقصرا في الدرجات إن سامحني ، وموجبا لشديد العقاب علي إن ناقشني ، إلا أن يتداركني موالي بشفاعتهم .
                وأما بكائي عليك فلعظم كذبك في تسميتي بغير اسمي وشفقتي الشديدة عليك من عذاب الله أن صرفت أشرف الاسماء إلي ، وإن جعلته من أرذلها كيف يصبر بدنك على عذاب كلمتك هذه ؟ .
                فقال الصادق عليه السلام : لو أن على عمار من الذنوب ما هو أعظم من السماوات و الارضين لمحيت عنه بهذه الكلمات وإنها لتزيد في حسناته عند ربه عزوجل حتى يجعل كل خردلة منها أعظم من الدنيا ألف مرة .

                قال عليه السلام : ودخل رجل على محمد بن علي الرضا عليهما السلام وهو مسرور فقال : مالي أراك مسرورا ؟ قال : يا ابن رسول الله سمعت أباك يقول أحق يوم بأن يسر العبد فيه يوم يرزقه الله صدقات ومبرات ومدخلات من إخوان له مؤمنين ، فانه قصدنى اليوم عشرة من إخواني الفقراء ، لهم عيالات ، فقصدوني من بلد كذا وكذا فأعطيت كل واحد ، منهم ، فلهذا سروري .
                فقال محمد بن علي عليهما السلام : لعمري إنك حقيق بأن تسر إن لم تكن أحبطته أو لم تحبطه فيما بعد ، فقال الرجل : فكيف أحبطته وأنا من شيعتكم الخلص ؟ قال : هاه قد أبطلت برك باخوانك وصدقاتك ، قال : وكيف ذاك يا بن رسول الله ؟ قال له محمد بن علي عليه السلام : اقرء قول الله عزوجل " يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والاذى " ( 1 ) قال : يا ابن رسول الله ما مننت على القوم الذين تصدقت عليهم ولا آذيتهم ، قال له محمد بن علي عليه السلام إن الله عزوجل إنما قال " لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والاذى " ولم يقل بالمن على من تتصدقون عليه ، وبالاذى لمن تتصدقون عليه وهو كل أذى ، أفترى أذاك القوم الذين تصدقت عليهم أعظم أم أذاك لحفظتك وملائكة الله المقربين حواليك أم أذاك لنا ؟ فقال الرجل : بل هذا يا ابن رسول الله فقال : لقد آذيتني وآذيتهم ، وأبطلت صدقتك ، قلا : لما ذا ؟ قال : لقولك ، و كيف أحبطته وأنا من شيعتكم الخلص ؟ ثم قال : ويحك أتدري من شيعتنا الخلص ؟ قال : لا ، قال : فان شيعتنا الخلص حزبيل المؤمن مؤمن آل فرعون ، وصاحب يس الذي قال الله تعالى " وجاء من أقصي المدينة رجل يسعى " ( 1 ) وسلمان وأبوذر والمقداد وعمار ، سويت نفسك بهؤلاء أما آذيت بهذا الملائكة ، وآذيتنا ؟ فقال الرجل : أستغفر الله وأتوب إليه ، فكيف أقول ؟ قال : قل : أنا من مواليك ومحبيك ومعادي أعدائك ، وموالي أوليائك ، قال : فكذلك أقول ، وكذلك أنا يا ابن رسول الله ، وقد تبت من القول الذي أنكرته وأنكرته الملائكة ، فما أنكرتم ذلك إلا لانكار الله عزوجل ، فقال محمد بن علي عليهما السلام الان قد عادت إليك مثوبات صدقاتك ، وزال عنها الاحباط .

                قال أبوعبدالله عليه السلام : ليس من شيعتنا من قال بلسانه وخالفنا في أعمالنا وآثارنا ولكن شيعتنا من وافقنا بلسانه وقلبه ، واتبع آثارنا وعمل بأعمالنا ، اولئك شيعتنا .

                عن أبي جعفر عليه السلام قال : سمعت جابر بن عبدالله بن حرام الانصاري يقول : لو نشر سلمان وأبوذر رحمهما الله لهؤلاء الذين ينتحلون مودتكم أهل البيت لقالوا : هؤلاء كذابون ولو رأى هؤلاء اولئك لقالوا : مجانين ( 2 ) .

                قال أبوعبدالله عليه السلام : ينبغي لمن ادعى هذا الامر في السر أن يأتي عليه ببرهان في العلانية ، قلت : وما هذا البرهالن الذي يأتي به في العلانية ؟ قال : يحل حلال الله ويحرم حرام الله ، و يكون له ظاهر يصدق باطنه ( 3 ) .

                عن أبي عبدالله عليه السلام أنه دخل عليه بعض أصحابه فقال له : جعلت فداك إني والله احبك واحب من يحبك ، يا سيدي ما أكثر شيعتكم ؟ فقال له : اذكرهم فقال : كثير ، فقال : تحصيهم ؟ فقال : هم أكثر من ذلك ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : أما لو كملت العدة الموصوفة ثلاثمائة وبضعة عشر كان الذي تريدون ولكن شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه ، ولا شحناؤه بدنه ( 1 ) ولا يمدح بنا غاليا ، ولا يخاصم لنا واليا ، ولا يجالس لنا عائبا ولا يحدث لنا ثالبا ولا يحب لنا مبغضا ، ولا يبغض لنا محبا .
                فقلت : فكيف أصنع بهذه الشيعة المختلفة الذين يقولون إنهم يتشيعون ؟ فقال : فيهم التمييز وفيهم التمحيص ، وفيهم التبديل ، يأتي عليهم سنون تفنيهم وسيوف تقتلهم ، واختلاف تبددهم ، إنما شيعتنا من لا يهر هرير الكلب ، ولا يطمع طمع الغراب ( 2 ) ولا يسأل الناس بكفه وإن مات جوعا قلت : جعلت فداك فأين أطلب هؤلاء الموصوفين بهذه الصفة ؟ فقال : اطلبهم في أطراف الارض اولئك الخشن عيشهم ، المنتقلة دارهم ، الذين إن شهدوا لم يعرفوا وإن غابوا لم يفتقدوا ، وإن مرضوا لم يعادوا ، وإن خطبوا لم يزوجوا ، وإن ماتوا لم يشهدوا ، اولئك الذين في أموالهم يتواسون ، وفي قبورهم يتزاورون ، ولا يختلف أهواؤهم وإن اختلفت بهم البلدان ) .

                قال الصادق عليه السلام : شيعتنا أهل الورع والاجتهاد وأهل الوفاء والامانة ، وأهل الزهد والعبادة أصحاب إحدى وخمسين ركعة في اليوم والليلة ، القائمون بالليل ، الصائمون بالنهار يزكون أموالهم ويحجون البيت ويجتنبون كل محرم ( 3 ) .
                فليقل لي الآن من يدعي أنه شيعي بالمعنى الأصلي للفظة لا بالمعنى المجازي أو المصداقي كما يدعيه بعضهم ، من من الذي لا يتصف بهذه الصفاة و يدعي أنه شيعي ، دعنا نكون صادقين مع أنفسنا قليلاً ، فقول المعصوم واضح فتراه يغضب حينما يقول أحدهم أنه شيعي ويسرد له صفاة الشيعة ويقول لا تقل ذلك بل قل أني محب لكم و موال لكم ، وتراه يأتي بمثال للشيعة كمؤمن آل فرعون وصاحب يس و سلمان و أبو ذر و المقداد بل ويقول أنه لو ألتقى سلمان و أبو ذر بهؤلاء الذين يدعون التشيع لقالوا لهم أنهم كذابون ولقال من يدعون التشيع أنهما مجانين .



                يتبع ...

                تعليق


                • #9

                  أما القسم الثالث هم الغثاء الرعاع الذين يميلون مع كل ريح ونعقون مع كل ناعق فقد وصفهم أمير المؤمنين صلى الله عليه و آله بقوله وتمعن أيضا بوصفه عن من يأخذ المتعلم علمه :


                  عن كميل بن زياد قال : خرج إلي علي بن أبي طالب عليه السلام فأخذ بيدي وأخرجني إلى الجبان ، وجلس وجلست ، ثم رفع رأسه إلي فقال : يا كميل احفظ عني ما أقول لك : الناس ثلاثة : عالم رباني ، ومتعلم على سبيل نجاة ، وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ( 1 ) ولم يلجأوا إلى ركن وثيق ، يا كميل العلم خير من المال العلم يحرسك وأنت تحرس المال ، والمال تنقصه النفقة والعلم يزكو على الانفاق ، يا كميل محبة العالم دين يدان به ، يكسبه الطاعة في حياته ، وجميل الاحدوثة بعد وفاته فمنفعة ، المال تزول بزواله ، يا كميل مات خزان الاموال وهم أحياء ، والعلماء باقون ما بقي الدهر ، أعيانهم مفقودة و أمثالهم في القلوب موجودة ، هاه ( 2 ) إن ههنا - وأشار بيده إلى صدره - لعلما لو أصبت له حملة بلى أصبت له لقنا غير مأمون ، يستعمل آلة الدين في طلب الدنيا ، ويستظهر بحجج الله على خلقه ، وبنعمه على عباده ليتخذه الضعفاء وليجة من دون ولي الحق ، أو منقادا لحملة العلم ، لا بصيرة له في أحنائه يقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة ، ألا لاذا ولاذاك ، فمنهوم باللذات ، سلس القياد للشهوات ، أو مغرى بالجمع والادخار ليسا من رعاة الدين ( 3 ) ، أقرب شبها بهما الانعام السائمة ! كذلك يموت العلم بموت حامليه ، اللهم بلى لا تخلو الارض من قائم بحجة ظاهر ، أو خافي ( 4 ) مغمور ، لئلا تبطل حجج الله وبيناته ، وكم ذا وأين اولئك الاقلون عددا الاعظمون خطرا ؟ بهم يحفظ الله حججه حتى يودعوها نظراءهم ، ويزرعوها في قلوب أشباههم ، هجم بهم العلم على حقائق الامور ، فباشروا روح اليقين ، واستلانوا ما استوعره المترفون ، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون ، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الاعلى ، يا كميل اولئك خلفاء الله ، والدعاة إلى دينه ، هاى هاى شوقا إلى رؤيتهم ، واستغفر الله لي ولكم .


                  فتدبر و تأمل كلام مولاك و سيدك مالك رقك فوالله إنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ، وانظر كيف أن منطقه القرآن تأمل قوله صلى الله عليه و آله :
                  أتباع كل ناعق .
                  فمن هو الناعق

                  وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ [البقرة : 171]
                  ومن هم الصم البكم العمي الذين لا يعقلون .

                  ومن هم الذين لا يعقلون تحديدا والذين ذكرهم الله إثنا عشر مرة وهو عدد مضاد لعدد خلفاء الله عز وجل فتأمل وتدبر ما قال فيهم عز وجل :

                  وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ [البقرة : 170]

                  وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ [المائدة : 58]

                  مَا جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَـكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ [المائدة : 103]

                  إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ [الأنفال : 22]

                  وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ [يونس : 42]

                  وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ [يونس : 100]

                  أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاء قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلَا يَعْقِلُونَ [الزمر : 43]

                  إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ [الحجرات : 4]

                  لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ [الحشر : 14]
                  أتعلمون من هم الذين لا يعقلون وهل هم حقا لا يعقلون ، فإنه وحسب القاعدة الأصولية داخلون ضمن العقلاء إذا لماذا نعتهم الله بالصم البكم العمي الذين لا يعقلون ، أتعلمون لماذا لأنهم بالضد من الصراط المستقيم لأنهم بالضد من التسليم لأنهم بالضد من الذين آمنوا بسواد على بياض ولم يناقشوا ولم يجادلوا ولم يتفلسفوا و يتكلموا لأنهم آمنوا أول مرة و صدق إيمانهم فلا يملكون إلا التسليم ولا تبرئ ذمتهم أمام المولى عز وجل إلا بالتسليم أما أنهم يتبعون مع كل ناعق ويميلون مع كل ريح فهذا التقليد بعينه .

                  نعم إن الغثاء الهمج الرعاع هم المقلدون لعلماء السوء هم المقلدون للفقهاء الذين ركبوا مراكب فقهاء العامة ، هم المقلدون وقد حرم عليهم التقليد لغير المعصوم ، هم المقلدون الذين قلدوا في التقليد نفسه ، هم المقلدون الذين لم يميزوا بين الحجة و دون الحجة ، هم المقلدون الذين قال مولاهم يجوز لكم تقليد الذي أتصف بأربعة صفاة وكان فقيهنا الذي أحتمل رواياتنا وحفظها ووعاها وعمل بها وصار من شيعتنا ، ولكن الهمج أتبعوا أمر كل حلاف مهين هماز مشائ بنميم مناع للخير معتد أثيم عتل بعد ذلك زنيم إذ كان ذا مال وبنين … .

                  هؤلاء الهمج الرعاع الغثاء الذين تلقى لهم الحجة وهم يعاندون ويحاججون ويجادلون ويدافعون عن ساداتهم الذين نصبوا أنفسهم حجة وفقهاء لا يجوز أن يؤخذ الدين إلا عن طريقهم .


                  نعود الآن إلى سؤالنا الأهم في هذا البحث ، والذي يقول :
                  كيف السبيل إلى معرفة الحكم الشرعي في حال عدم دخول المرء في نطاق العامية و حرمة التقليد ؟

                  فقد قلنا أن العامي والذي لم يخرج من هذا النطاق ولم يدخل من ضمن الذين يعلمون القراءة و الكتابة و يعلمون الكتاب المنزل على الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله ويعلمون كيف يفرقون بينه و بين الكتاب المكذب ، وهذا العامي الذي يريد أن يخرج من دائرة الوجوب التكليفي للفقه في الدين ويأخذ الدين بالمباشر من كلام المعصوم دخل إلى دائرة الجواز في تقليد الفقيه الحامل للصفاة الأربع والذي وجب أن يكون فقيها لأهل البيت وأن يتحمل الحديث ويحفظه ويعيه ويعمل بما روى ويترك ما رأى فهذا الفقيه الجائز أن يأخذ منه هذا العامي الذي لايقرأ ولا يكتب ولا يعلم الكتاب المنزل والمكذب به ولا يميز بينهما ، فهنا إن لم يريد أن ينتقل من نطاق العامية و يدخل في نطاق العلم لكي يعلم كل ما يخوله الخروج من دائرة العامية من القراءة و الكتابة كشرط أساسي بعدها ينتقل إلى الشروط الأخرى التي تعرف مع التواصل و المتابعة العادية للقراءة في القرآن الكريم فأي منا معتاد على القراءة القرآن في كل يوم صفحة أو صفحتين وأصبح مع مرور الزمن يعلم لحن القرآن من غيره فلو أتى أي شخص بآية هي محرفة بما هو موجود عليه في المصحف تراه يلتفت و يتريث ويقول لا أعتقد أن هذه من القرآن بل هي هكذا ، وعندها يفتح المصحف فيرى أن كلامه صحيح هذا مع اللإعتياد البسيط لقراءة القرآن صفحة أو أكثر كل يوم ، فوالله لا أعتقد أن هذا الأمر مكلف ويبغي له العناء الكثير لكي يعرف وهذا الشيء مجرب ولا أعتقد أن أكثركم لا يعلم ذلك .
                  هنا إن كان هذا الشخص عامي بمعناه ولم يجد له الفقيه الذي تطابقت روايات أهل البيت عليه ويملك الصفاة الأربع فوجب عليه أن يتجه الإتجاه الآخر وهو التعلم لكي يخرج من صفته عامي إلى صفته عالم بالقراءة و الكتابة وحينها ينتقل إلى مرحة الممارسة المكثفة لتعلم القرآن الكريم لكي يكون له علم بما هو من القرآن وما هو مكذب به هذا بالنسبة للعامي وهي الآن طبقة أقلية في المجتمع ، أليس كذلك .




                  يتبع ...

                  تعليق


                  • #10

                    وهنا نأتي إلى نقطة غاية في الضرورة تتمثل في السؤال التالي :
                    العامي إذا وجد الفقيه الذي تنتبق عليه الصفاة الأربع وهو فقيه أهل البيت كما ذكروا صلوات الله عليهم فهل يجوز له تقليد هذا الفقيه تحت شروط التقليد الثلاثة بالمطلق أي طوال حياته أم ماذا ؟
                    الجواب الذي اقتبس من الرواية المباركة تجيب بالنفي .
                    قد تقول لماذا ،إذا كان حاملا للصفاة و الشروط والمقليد ملتزم بتقليد الفقيه في موارده الثلاثة لا غيرها فلماذا لا يجوز له مواصلة تقليده للفقيه و إستناسه بهذا التقليد ؟
                    الجواب الذي اقتبس من الرواية يفيد التالي :
                    مركب (( فللعوام أن يقلدوه )) ولفظة للعوام يفيد ماذا ؟
                    يفيد الجواز لا الإختيار .
                    قد يسأل أحدكم كيف ذلك الجواز هوز نفسه الإختيار .
                    حقيقة هذا التساوي خاطئ فلا ينبغي علينا أن نقول أن التخيير يساوي التجويز إطلاقاً .
                    الحقيقة الواقعية لما تفيده الرواية العسكصادقية تقول :
                    إن الجواز في الشيء هو حكم خاص مؤقت لا دائم .
                    الرواية إن قالت إن لفظة للعوام أن يقلدوه تعني التخيير في التقليد من عدمه فهذا ينقض صدر الرواية التي أوجبت على العامي النظر في أمر رسول الله وقالت له أن دلائلة أوضح من أن تخفى .
                    كيف.
                    إن التخيير يعني إما أن تقلد هذا الفقيه الذي يحمل الصفاة وإما لا ، ولكن ألم يتأمل أحدكم أن التخيير للعامي الذي لا يعلم القراءة و الكتابة ، فكيف يخيره الإمام وهو لا يعلم ذلك أي لا يقدر على أن ينظر في أمر رسول الله ، فكيف ينظر في أمر رسول الله وهو لا يعلم القراءة والكتابة ولا يعلم القران المنزل و المتكذب به ولا يميز بينهما ، فهل يستوي هذا التخيير مع الوجوب وكلاهما في العامي .
                    إذا ماذا تقصد من الجواز وهل الجواز يغير من أصل القضية إن كانت القضية معروفة بالتخيير ؟
                    نعم ، يغير الكثير من المعنى و المقصد .
                    فإن التخيير هو كما سبق وهو ظاهر أنه يناقض صدر الرواية وخالف للعقل السليم أليس كذلك .
                    أما إذا أتى المقصد من ( فللعوام ) إلى الجواز بخلاف التخيير فستضح الحل جليا وسيذهب التناقض من غير رجعة .
                    كيف؟
                    إن الإمام اوجب للعامي النظر في أمر رسول الله صلى الله عليه و آله ، ولكن إن توقف المعصوم إلى هنا وسكت لكانت الطامة الكبرى ولكنه صلى الله عليه أكمل وبين حينما عقب بأن هذا العامي يجوز له أن يجد أحدا يتصف بصفاة وثوقية لكي يأمن خبره و حكايته والعمل بما يؤدي إليه عمن لم يشاهده ، فيقلده حتى يكتمل تعلمه ويجتاز مرحلة العامية ويكون من ضمن الذين يعلمون القراءة و الكتابة حتى يتوجب عليه النظر في أمر رسول الله .
                    أوضح أكثر .
                    حينما يكون هذا العامي الذي أوجب عليه الإمام صلوات الله عليه أن ينظر في أمر رسول الله ، هنا يكون هذا العامي أمام أمر واحد لا بد منه هو الإنتقال من حالة العامية إلى حالة العلمية أي لا بد له أن يتعلم ولا ينبغي له أن يظل على ما هو عليه من العامية بل وجب عليه التعلم لكي يتسنى له النظر في أمر رسول الله ، ولكن في هذه الفترة التي لا يعلم فيها الأحكام أو يعلمها و أخذها عن طريق الآباء يجوز له أن يقلد الفقيه الحامل للصفاة الأربع ، وهذا الجواز هو بمعنى الجواز نفسه .
                    كيف؟
                    إذا قلت لك إنه يجب عليك أن تصنع جسرا يؤدي بك إلى الناحية الأخرى من الوادي لكي تخرج من هذه المنطقة ، ولكن بما أنك لا تملك العدة والخشب الذي بهما تصنع الجسر المأمون و الشديد الذي يمكنك عبوره مرارا و تكرارا بين الضفتين فهنا يجوز لك أن تعبر الجسر الخرب حتى تصل للضفة الأخرى التي يكثر فيها العدة والخشب وكذلك فيها ما فيها من المتاع و الطعام والمساحة التي يمكنني أن أواصل حياتي وانا مطمئن ، فإذا سيكون عبروي في الجسر الخرب وبطبيعة الحال لمرة واحدة فقط وفي عبوري فيه سأكون حريصا و متيقظا لكي لا أؤدي بحياتي إلى التهلكة .
                    فهنا جواز .
                    إذا فالجواز هو جواز الشخص من مسلك مؤقت لا دائم لكي يتحصل من هذا المسلك الجائز على المسلك الدائم الذي ينتقل به من حالة الجواز إلى حالة الوجوب و الدوام في المواصلة على سلوك مسلك معين .
                    وهذا مقصدي من جواز تقليد الفقيه المتحصل للصفاة الأربع لا التخيير في تقليده إذ لو كان تخييرا لنتقض شرط جواز التقليد .
                    فإني حينما أقول يجوز لك تقليد الفقيه مخالفا بقولي لك مخير لك تقليد الفقيه .
                    فالجواز هنا جواز مؤقت حتى يتم التحصيل على العلم الذي ينقله من صفته عامي بما هو عامي إلى صفته يعلم القراءة و الكتابة و القرآن و المتكذب به .
                    ولهذا أوجب المعصوم على العامي النظر في أمر رسول الله وجوبا تكليفيا لا مفر منه إطلاقا .
                    إذا لماذا يأمروننا أهل البيت في التفقه إذا خيروا لنا التقليد ، فهل يخالفوا لما أمروا صلوات الله عليهم .
                    إنما كلامهم فيه محكم و متشابه ووجب علينا التمعن في محكمهم ينخرج من التيه .

                    فهل وصلت الفكرة أم لا ؟

                    يتبع ...

                    تعليق


                    • #11

                      أما القسم غير العامي بالمعنى القرآني المعصومي والذي أطلق عليه الأصوليون أنهم عوام لكي يطبقوا عليهم من هذه الجهة ومن جهة الفلسفة فقد أنتهوا من مشكلة جواز التقليد إلى وجوبه بعقلهم القاصر الذي أوهموا الناس أنه من ضمن أدلة التشريع .

                      فالقسم غير العامي بالمعنى الأصلي القرآني المعصومي فوجب عليهم النظر بأنفسهم في أمر رسول الله صلى الله عليه واله إذ كانت دلائله أوضح من أن تخفى ، وأشهر من أن لاتظهر لهم


                      وهنا الإمام صلوات الله عليه خلصنا من التقليد و التبعية وأوجب علينا النظر في الروايات بأنفسنا مهما أختلفت أفهامنا و إدراكاتنا ومهما أختلف مستوى تفكيرنا و نبوغنا ومهما نبغنا في تخصص معين فهذا لا ينفي معلومية الشخص حين المتابعة على قراءة القرآن من معرفة القرآن المنزل و القرآن المتكذب به ، فإن كان الشخص وصل إلى مرحلة الدكتوراه في الطب أو الهندسة أو الفيزياء فهذا لا يمنعه من معرفة القرآن بل سيسهل عليه الأمر لما يمتلك من عقل متفكر ، أما بالنسبة للذين يقرأون و يكتبون ولكنهم لم يصلوا في حياتهم إلى مرحلة متقدمة من العلوم الأخرى فهذا لا يمنعهم البتة من معرفة القرآن و علومه و بيانه وأقصد ببيانه و تفسيره هو ما علمناه عن طريق أهل البيت فقط أما ما يقوله المفسرون فإن جله و كثير منه تحريف لمقصود الله وخالفة لأمره حين حرم تفسير القرآن فإن علم القرآن ليس يعلم ما هو إلا من ذاق طعمه، فعلم بالعلم جهله، وبصر به عماه، وسمع به صممه، وأدرك به علم ما فات، وحيى به بعد إذ مات، واثبت عند الله الحسنات، ومحابه السيئات، وأدرك به رضوانا من الله تعالى فاطلبوا ذلك من عند أهله خاصة فإنهم خاصة نور يستضاء بهم، وأئمة يقتدى بهم، وهم عيش العلم وموت الجهل، هم الذين يخبركم حكمهم عن علمهم، وصمتهم عن منطقهم، وظاهرهم عن باطنهم، لا يخالفون الدين، ولا - يختلفون فيه.

                      فمن قال أنه لا يجوز النظر في أمر رسول الله إلا للمجتهد الذين يقولون الذي يحمل شرائط الإجتهاد هذه الشرائط التي أبتدعوها ولم ينزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ، ومن قال أن المجتهد أو المرجع يعلم بالمحكم و المتشابه و الخاص من العام و الناسخ من المنسوخ و الظاهر من الباطن و التأويل من التفسير وغيرها من العلوم التي أختص بها الأئمة المعصومين صلوات الله عليهم ، فإن أدعوا أنهم يعلمون ذلك وهذا ما تراه واضحا فيهم وإن أنكروه ظاهرا ، فقد شاركوا أهل البيت أمرهم وأصبحوا في مكانهم ، وهم يعلمون ذلك فما أدعائهم بأن لا ملاذ لمعرفة الحكم الشرعي للمستحدثات في وقت عدم وجود الحجة أو غياب الحجة فإن السبيل إلى ذلك هو أستنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية و قالوا أن أدلتها هي الكتاب و السنة و الإجماع و العقل ، فهم يعلمون أن الإستنباط خاص بالأئمة فقط وأنهم يسنبطون الحكم من القرآن وكلامهم بعينه سنة وما حفظوه من كلام رسول الله صلى الله عليه و آله سنة ولم يدخلوا الإجماع و العقل في الموضوع وهذا تراه واضحاً أيضا من كلامهم صلوات الله عليهم ، ولن تجد الأصولي يثبت ما ذهب إليه بالدليل القرآني و الروائي و إن أتى به فهو يزعم أن مراده كذا وكذا و إن أتيت بما ينقضه و يثبت هذا النقض من القرآن فسيقول لك إنه لا يجوز لك أن تفسر قول رسول الله و كلام الله حسب مبتغاك و هواك ، مع أن الدلائله أوضح من أن تخفى و أشهر من أن لا تظهر لهم ، وكأن مراد المعصوم و القرآن لا يعرفه إلا هم . فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

                      فمما عرفنا مما أحتوت عليه هذه الكلمات النورانية التي تأمرنا و توجب علينا بأن ننظر في أمر رسول لله بأنفسنا ، بأن الذمتنا غير مبروءة إن أخذنا علمنا من غير المعصوم بل يجب أن نأخذه بالمباشر عن طريق رواياتهم و إن أخطأنا في فهم الرواية فإن الخطأ في فهم الرواية من الجهل و الجهل غير محاسب عليه حين التلقي للحكم الشرعي و التسليم لما ورد عنهم و الرد إليهم فهم أمروا بثلاث معرفة الأئمة و الرد إليهم و التسليم لهم ، فمن قال أن مراد المعصوم لا بد أن يعرف ، ومن قال أنه يعلم مراد المعصوم بما يعنيه المعصوم فإن المعصوم يتكلم و كلمته لها سبعين وجهاً فأي الوجوه منها نأخذ وأيها نترك ، فهنا يعلم أن الفهم العادي للرواية إن أخذ به الشخص فإنه يجزي و يبرئ للذمة ولكن بشرط أن لا يجبر أحدا بقبول فهمه للرواية .
                      إن براءة الذمة في فهم كل شخص للرواية و أخذ الحكم بما يقتضيه فهمه هو أجدى من أن يتعلق عملنا بفهم غيرنا فمن المعلوم أنه يحرم أن نزر وازرة وز أخرى وجاءت الآيات و الروايات تباعا في هذا الأمر ومن الآية الواضحة في ترك الإتباع و التقليد :


                      قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءكُم بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ [سبأ : 32]وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [سبأ : 33]


                      وَبَرَزُواْ لِلّهِ جَمِيعاً فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللّهِ مِن شَيْءٍ قَالُواْ لَوْ هَدَانَا اللّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ [إبراهيم : 21]وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [إبراهيم : 22]

                      وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِّنَ النَّارِ [غافر : 47]قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ [غافر : 48]

                      وغيرها من الآيات و الروايات الدالة على حرمة التبعية و التقليد لغير المعصوم ، ولهذا حرم علينا التقليد ونعته المعصوم بالمهلك لصاحبه وأن يجتنبه ما أمكن في حال كان عاميا عن طريق التعلم و الخروج من دائرة العامية إلى دائرة المعلومية للقراءة و الكتابة و القرآن و التفريق بينه و بين المتكذب به حتى يصل إلى وجوب النظر بنفسه في أمر رسول الله صلى الله عليه و آله ، ولا أظن أن الانتقال من العامية إلى المعلومية بصعب فكثير من الناس يتعلمون اللغات الأخرى في فترة لا تتجاوز السنتين وذلك للترقي في الوظيفة الدنيوية فكيف بنا لا نتعلم للخروج من العامية إلى صف التفقه في الدين الذي هو أوجب من الوظيفة الدنيوية إذ نحن خلقنا لنعبد ، إذ لا خير في عبادة من غير تفقه وقد كثرت الآيات و الروايات في هذا الأمر فالخيرات لا تأتينا إلا بكثرة المتفقهين في الدين المرتبطين بحجة الله في أرضه و سماءه و إطاعته و مخالفة الهوى وبصيانة النفس و المحافظة على الدين ، أما القول الغريب الذي يقول أنه إذا توجه الناس كلهم إلى التفقه في الدين فإن الحياة ستصبح عبثية و سيصبح المجتمع عاليه سافله لأن الناس كلهم تركوا التجارات و توجهوا للتفقه ، وقد قلنا من قبل إن هذا رجم بالغيب وحرام في ذاته أن يتلفظ بمثل هذا الكلام مسلم قارئ للقرآن وهذا من جهة و من جهة أخرى فمن قال إن التفقه في الدين هو بنفس تفقه الأصوليين بأن يكون حاله حال الدراسة الأكاديمية يخرجون الصباح للدرس و رجعون الظهر ويبيتون بين الفترتين ستة ساعات أو أكثر ، ومن قال إن التفقه في الدين ينبغي له مدرس يدرس في حلقات الدرس و نأخذ ورقة وقلم و نكتب كل ما قاله من رأي و إستحسان و قياس ، فوالله ما هذا من دين جعفر ولا هذا تقليد لجعفر و أبا جعفر ، فإنما الدين بالتسليم فقط فمن سلم لهم أمن من عذاب الله ومن رد عليهم فقد باء بغضب الله عز وجل .

                      أتعلمون ما التفقه في الدين إنما هو :
                      اعرفوا منازل شيعتنا بقدر ما يحسنون من رواياتهم عنا ، فإنّا لا نعدّ الفقيه منهم فقيها حتى يكون محدّثا .أوتعلمون ما حلقات درس الفقه إنما هي :
                      تزاوروا فان في زيارتكم إحياء لقلوبكم وذكرا لأحاديثنا ، وأحاديثنا تعطف بعضكم على بعض فان أخذتم بها رشدتم ونجوتم ، وإن تركتموها ضللتم وهلكتم ، فخذوا بها وأنا بنجاتكم زعيم .
                      أوتريدون ضمانة أكبرو أعظم من هذه ، لا أعتقد .

                      أتعتقدون أن زرارة و يونس ابن عبد الرحمن وغيرهم من الأصحاب المرضيين رضوان الله عليه يفتون الناس برأيهم ، أوتعلمون من أقصد بالناس هم العوام ، هم حتى غير العوام الذين لا يحتفظون بكتب الروايات وأنتم تعلمون كيف أن ذاك الزمان يحمل في طياته صعوبات الحياة وما يترتب عليها ضنك العيش ومع ذلك أمرنا الإمام أن نأخذ بما رووا ونترك ما رأوا إن خرج من قبلهم رأي كما حصل لبني فضال الذين أمر الإمام أن نأخذ ما رووا ونترك ما رأوا .

                      فقل لي هل لنا حجة بعد الذي نملك ، فكل ما تحتاجه هو ضغطة زر ، كبسة مفتاح وتحصل على بحار الأنوار و الكافي و من لا يحضره الفقيه و الإحتجاج و غيرها من كتب الحديث ، بل و كبسة مفتاح وتحصل في ثوان معدودة على الرواية التي ترشدك إلى الحكم الفلاني ، وكبسة زر تصطف إليك الكثير من القرائن في الروايات لكي تأخذ بأيها من باب التسليم ، وما علينا إلا التسلم فقط ، فالحمد لله الذي خلصنا من التيه بالتسليم و من الشك بالتسليم ومن الظن بالتسليم ومن كل لغط الأصوليين بالتسليم ، أفلا تعلمون من هو ( سلم ) الذي يغبطانه أمثال زرارة وغير زرارة رضوان الله عليهم أتعلمون ما قال له الإمام صلوات الله عليه قال ( قد أفلح المسلمون ، إن المسلمين هم النجباء ) ، لقد أمرنا الإمام بترك الكلام فإنه يورث الشك و الظن و التيه و الهلاك والشبهات .
                      أتعلمون أن الشبهة وضعت للفتنة ومن يسلم يخرج من الفنتة وينجى وحق على الإمام أن يضمن له النجاء وهو زعيم بذلك .

                      إن أمر التقليد أبسط من أن يرد عليه ولكن التهريج فيه و المحاججة تجبر المرء على الرد ، فلعل أحد المؤمنين كما وصفه الإمام يخرج من بحر الظلام و ينجو بنفسه إلى بحر النور بسبب أعده الله له على يد أحد المؤمنين كما قال مولاي في الرواية الشريفة :
                      لا جرم أن من علم الله من قلبه من هؤلاء العوام أنه لا يريد إلا صيانة دينه و تعظيمه وليه ، لم يتركه في يد هذا الملبس الكافر ، و لكنه يقيض له مؤمنا يقف به على الصواب ، ثم يوفقه الله للقبول منه ، فيجمع له بذلك خير الدنيا و الآخرة ، و يجمع على من أضله لعن الدنيا و عذاب الآخرة

                      فأسأل الله عز وجل بحق الرسول وبكتابه المهجور و بالزهراء وبضلعها المكسور و بأمير المؤمنين ورأسه المرضوض وبالحسن وكبده المسموم و بالحسين ورأسه المقطوع أن ييسير المؤمنين لمعرفة الحق فيعرفوه و يتبعوه ومعرفة الباطل فيعرفوه و يجتنبوه و أسأله جل و علا أن يجعلني من المسببين للهداية ليكون ذلك أفضل من الدنيا وما فيها ، وأسأله أن يجعل المؤمنين و المؤمنات في هذا الصرح المبارك من المجاهدين تحت لواء سيدي ومولاي الحجة ابن الحسن و أن ينتصر بنا لدينه و أن لا يستبدل به غيرنا بحق أسماءه الحسنى الصافون المسبحون الهادون المهديون صلى الله عليهم .

                      هذا والسلام عليكم و رحمة الله وبركاته

                      وصلى الله على محمد و آله الميامين من ولده وسلم تسليما كثيرا .

                      تعليق


                      • #12
                        بارك الله فيك اخي ابو الحسن وسدد خطاك واثابك خيرا على هذا الجهد المبارك الذي ينير الطريق للناس ويمهد لولي الامر طريق مقدمه المبارك
                        ونشد على يديك على الخروج بمثل هذه الثمار التي غفل الناس عنها
                        ماذا فقد من وجدك وماذا وجد من فقدك

                        تعليق


                        • #13
                          كلنا امتنان منك يا ابا الحسن القطيفي لهذا الكلام المنير
                          بدأت بقراءة كلماتك الجميلة واستفدت كثيرا وسوف اتمم القراءة وإن وجدت ملاحظات سوف نتحاور فيها ولك المنة علينا طبعا

                          تعليق


                          • #14
                            السلام عليكم
                            في الحقيقة نعجز عن الشكر للاخ الفاضل الكريم ابو الحسن القطيفي

                            على ما قدمه لنا شكرا لك واتمنا لك التوفيق دائما جزاك الله الجنة تقبل تحياتي
                            عن ابي الحسن الرضا –ع- انه قال –ان هذا سيفضي الى
                            من يكون له الحمل) بحارالانوار وقال المجلسي لعل المعنى انه يحتاج
                            الى ان يحمل لصغره –ويحتمل ان يكون بالخاء المحجمة –يعني يكون خامل الذكر))

                            تعليق


                            • #15
                              أحسنت وبارك الله فيك أبا الحسن
                              بحث مميز جدا
                              سدد الله خطاك
                              واحسن الله عاقبتك خير
                              واسئلكم الدعاااااااااااء
                              إن الأرض تفخر إذا مر عليها أصحاب القائم (ع) فقد جاء في إكمال الدين عن أبي جعفر (ع) قال كأني بأصحاب القائم وقد أحاطوا بما بين الخافقين ليس من شيء إلا وهو مطيع لهم حتى سباع الأرض وسباع الطير يطلب رضاهم كل شيء حتى تفخر الأرض على الأرض وتقول : مر بي اليوم من أصحاب القائم (ع) .

                              تعليق

                              يعمل...
                              X