إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كيفية معرفة الحديث الصحيح ؟؟

تقليص
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كيفية معرفة الحديث الصحيح ؟؟

    كيفية معرفة الحديث الصحيح :
    لقد وضع أئمة أهل البيت ﴿عليهم السلام﴾ القواعد والقوانين التي تُعرّفنا على صحة الحديث من كذبه وقد نقل لنا جمهور المحدثين هذه القواعد التي سنذكرها سائلين المولى عز وجل التوفيق والسداد :
    1- الدين لا يعرف بالرجال :
    إن من أعظم الطعون على علم الرجال هو قول أمير المؤمنين ﴿عليه السلام﴾ حين سُئل عن اختلاف الشيعة فقال : ﴿إن دين الله لا يعرف بالرجال ، بل بآية الحق ، فاعرف الحق تعرف أهله ، إن الحق أحسن الحديث ، والصادع به مجاهد وبالحق أخبرك فأرعني سمعك ﴾﴿ ﴾.
    وقال أمير المؤمنين ﴿عليه السلام﴾ : ﴿الحق لا يعرف بالرجال اعرف الحق تعرف أهله﴾﴿ ﴾.
    إن لقول أمير المؤمنين ﴿عليه السلام﴾ معاني عديدة إذ ان الرجال مهما بلغوا في العلو والكمال فإنهم غير معصومين عن الخطأ والسهو فإن صدق الحديث يعرف بالقرائن الدالة على صدقه ولا يعرف بمعرفتنا للرجال كما فعل الأصوليون حين وضعوا طريقتهم الرجالية .
    إن قول أمير المؤمنين ﴿عليه السلام﴾ وحده ينسف الطريقة الرجالية بالجملة ولا يبقي من اركانها شيء أبداً فإن القول بتوقف معرفتنا على صدق الحديث على معرفتنا بحال الرجال منافي لما ذكره أمير المؤمنين ﴿عليه السلام﴾ من الأساس فليت شعري أعلموا هذا القول أم لا أم غضوا عنه البصر وتغافلوا عن وصايا الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ كما تغافلوا عن وصايا الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ بحرمة الإجتهاد وحرمة متابعة العامة وغيرها من الامور .
    2- عرض الأحاديث على الكتاب والسُنة :
    إن القاعدة الثانية في علم الحديث والتي سنها النبي ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ ثم أكد عليها الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ في أكثر من حديث وخبر جاء عنهم هي عرض الأحاديث والأخبار على الكتاب والسُنة الشريفة حيث جاء عن أبي عبد الله ﴿عليه السلام﴾ قال : خطب النبي ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ بمنى فقال : ﴿أيها الناس ما جاء كم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته وما جاء كم يخالف كتاب الله فلم أقله﴾﴿ ﴾.
    كما جاءت الأخبار عن الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ لتؤكد لزوم عرض الأحاديث على الكتاب والسُنة الشريفة ليعرف ما يوافقهما فيأخذ به فقد جاء عن الحسن بن الجهم ، عن الرضا ﴿عليه السلام﴾ قال : قلت له : تجيئنا الأحاديث عنكم مختلفة ، فقال : ﴿ما جاءك عنا فقس على كتاب الله عز وجل وأحاديثنا ، فإن كان يشبههما فهو منا ، وإن لم يكن يشبههما فليس منا ...﴾﴿ ﴾.
    إن هذه القاعدة من أهم القواعد في معرفة صدق الحديث من عدمه ولهذا قال المحقق البحراني بعدم الحاجة إلى طرق الأصوليين واكتفائه بهذه القاعدة لمعرفة صدق الحديث وذلك في قوله : ﴿أنه لا ضرورة تلجئ إلى اصطلاحهم ، لأنهم ﴿عليهم السلام﴾ قد أمرونا بعرض ما شك فيه من الأخبار على الكتاب والسُنة فيؤخذ بما وافقهما ويطرح ما خالفهما ، فالواجب في تمييز الخبر الصادق من الكاذب مراعاة ذلك ، وفيه غنية عما تكلفوه ، ولا ريب أن إتباع الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ أولى من إتباعهم﴾﴿ ﴾.
    نعم إن إتباع الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ اولى من إتباع غيرهم فَهُم أولي الأمر وأهل الذكر الذي أُمرنا بسؤالهم ومعرفة الدين لا تتم إلا بهم فَهُم النعمة التي انعم الله بها عليها .
    لقد وصف الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ الفقهاء في أقوالهم بانهم المتمسكون بسُنة النبي ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ فقد جاء عن أبأن بن تغلب ، عن أبي جعفر ﴿عليه السلام﴾ أنه سُئل عن مسألة فأجاب فيها ، قال : فقال الرجل : إن الفقهاء لا يقولون هذا ، فقال : ﴿يا ويحك وهل رأيت فقيها قط ؟ ! إن الفقيه حق الفقيه الزاهد في الدنيا ، الراغب في الآخرة ، المتمسك بسُنة النبي صلى الله عليه وآله﴾﴿ ﴾.
    فعلى الفقهاء التمسك بسُنة النبي ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ ومن السُنة عرض الأحاديث على الكتاب والسُنة الشريفة لا عرضها على أحوال الرجال كما فعل العامة .

    3- المحكم والمتشابه في الأحاديث :
    ومن القواعد الأخرى التي يجب الاهتمام بها هي معرفة المحكم من المتشابه وتمييزه في أقوال الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ ومعرفة كيفية التعامل مع هذه النوعية من الأخبار حيث جاء عن الرضا ﴿عليه السلام﴾ أنه قال : ﴿من رد متشابه القرآن إلى محكمه فقد هدي إلى صراط مستقيم﴾ ، ثم قال ﴿عليه السلام﴾ : ﴿إن في أخبارنا محكماً كمحكم القرآن ، ومتشابها كمتشابه القرآن ، فردوا متشابهها إلى محكمها ولا تتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلوا﴾﴿ ﴾.
    إن هذه المسألة من المسائل الخطرة جداً حيث يجب علينا تمييز المحكم من المتشابه في أقوال الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ لكي يؤخذ المحكم ويعمل به بعد الإيمان به أما المتشابه فيجب ان لا يعمل به طبعاً بعد الإيمان به أيضاً فقد ورد عن أبي عبد الله ﴿عليه السلام﴾ انه قال : ﴿ إن القرآن فيه محكم ومتشابه فاما المحكم فنؤمن به فنعمل به وندين به واما المتشابه فنؤمن به ولا نعمل به وهو قول الله تبارك وتعالى فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم﴾﴿ ﴾.
    إن هذه المسألة مما لا يلتفت إليه في علم الحديث فقد غُض البصر عنها كما هو الحال في أغلب القواعد فإن اهتمام القوم منصب على معرفة أحوال الرجال وطبقات الرواة فإن مثل هذه المسائل لا تولى ادنى اهتمام كما هو الحال في كتب الأصوليين .
    4- الناسخ والمنسوخ في الأحاديث :
    كما ذكرنا المحكم والمتشابه في أحاديث الرسول وأهل البيت ﴿عليهم السلام﴾ فإن في أحاديثهم ناسخ ومنسوخ أيضاً فقد جاء عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله ﴿عليه السلام﴾ قال : قلت له : ما بال أقوام يروون عن فلان وفلان عن رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ لا يتهمون بالكذب ، فيجيئ منكم خلافه ؟ قال : ﴿إن الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن﴾﴿ ﴾
    إن مسألة الناسخ والمنسوخ من المسائل التي دعت إلى الاختلاف في الأحاديث إلا أن الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ بينوا الطريقة السليمة لمعرفة الناسخ من المنسوخ في الأحاديث فقد جاء عن المعلى بن خنيس قال : قلت لأبي عبد الله ﴿عليه السلام﴾ : إذا جاء حديث عن أولكم وحديث عن آخركم بأيهما نأخذ ؟ فقال : ﴿خذوا به حتى يبلغكم عن الحي ، فإن بلغكم عن الحي فخذوا قوله ﴾ ... وفي حديث آخر ﴿خذوا بالأحدث﴾﴿ ﴾
    وجاء عن أبي عبد الله ﴿عليه السلام﴾ انه قال لأحد الأصحاب : ﴿أرأيتك لو حدثتك بحديث العام ثم جئتني من قابل فحدثتك بخلافه بأيهما كنت تأخذ ؟ قال : قلت : كنت آخذ بالأخير ، فقال لي : رحمك الله﴾﴿ ﴾
    إذن فعلينا ان نتحرى الأحاديث التي يشملها قانون النسخ وخير طريقة هي الأخذ بالأحدث من أقوال الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ .

    5- عدالة الراوي ليست حجة قطعية على صدق الحديث :
    إن مسألة حجية الخبر عند الأصوليين تتوقف بالدرجة الأساس على عدالة الراوي إلا إنهم حين انصدموا بقلة العدول في رواة الإمامية ذهبوا لتوثيق العديد من الرجال الذين اتصفوا بصفات ذميمة مثل انعدام الإيمان أو اعتناق المذاهب الفاسدة والمنحرفة كل هذا ليجعلوا شرعية لعلم الرجال حتى يندفع بذلك تعيير العامة !!
    إن مسألة حجية الخبر عند الأصوليين أصبحت لا تتوقف على عدالة الراوي بل ان خبر الثقة أصبح حجة يحتج بها عندهم وقد بينا فيما تقدم من هم الثقاة عند الأصوليين إلا أن ما يهمنا بيانه الآن هو ما اعطاه الأصوليون لخبر الثقة من الحجية المطلقة وكأنه من أوامر الله ، حيث اعتبروا قوله حجة دون ان يراعى الخطأ أو الشذود عند الثقة ، حيث قال السيد محمد باقر الصدر ما هذا نصه : ﴿والثقة وإن كان قد يخطئ أو يشذ أحياناً ولكن الشارع أمرنا بعدم إتهام الثقة بالخطأ والشذوذ واعتبر روايته دليلا وأمرنا بإتباعها ، دون أن نعير احتمال الخطأ أو الشذوذ بالا ﴾﴿ ﴾.
    إن هذا الكلام ليس عليه دليلاً من الأحاديث الشريفة أو الآيات القرآنية ولم يقدم السيد الصدر الدليل على أمر الشارع هذا بل ان في روايات الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ ما ينافي ويعارض هذا الكلام بالجملة فقد جاء عن أبن أبي يعفور انه قال : سألت أبا عبد الله ﴿عليه السلام﴾ عن اختلاف الحديث يرويه من نثق به ومنهم من لا نثق به ؟ قال : ﴿إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب الله أو من قول رسول الله صلى الله عليه وآله وإلا فالذي جاء كم به أولى به﴾﴿ ﴾.
    إن هذا الخبر ينسف القواعد الرجالية نسفاً حيث سُئل الإمام عن خبر الثقة وخبر فاقد الوثاقة فلم يقل الإمام بأن خبر الثقة هو الصواب ولم يأمرنا بالأخذ بكلام الثقة باعتباره دليلاً دون أن نعير لاحتمال الخطأ أو الشذوذ بالا كما يقول السيد الصدر بل ان الإمام ﴿عليه السلام﴾ أمرنا بعرض خبر من نثق به وخبر من لا نثق به على كتاب الله وسُنة نبيه ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ فإن وجدنا شاهداً له من كتاب الله تعالى أو قول نبيه ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ كان حقاً علينا تصديقه وإلا فالذي جاءنا به أولى به إن كان ثقة أو لا وهذا الأمر على العكس تماماً لما ذهب إليه السيد الصدر وجمهور الأصوليين .
    لقد بين لنا أمير المؤمنين ﴿عليه السلام﴾ اربعة طبقات من الرواة ليس لهم خامس وهؤلاء الاربعة هم الذين ينقلون كلاما يخالف الحق أو ما يسمى خبرهم عند الأصوليين بالضعيف ، إلا أن مصداقهم لا يتوافق مع المصداق الذي فرضه الأصوليون في تقسيمهم للحديث حيث فرضوا ان الخبر الضعيف ما كان ناقله مجروح بالفسق أو مجهول الحال أو وضاع للحديث وهذا خلاف لما ذكره أمير المؤمنين ﴿عليه السلام﴾ لسُليم بن قيس الهلالي حين سأل أمير المؤمنين ﴿عليه السلام﴾ عن السبب باختلاف حديث الناس عن حديثه وحديث أصحابه كسلمان والمقداد وأبي ذر فأجاب أمير المؤمنين ﴿عليه السلام﴾ قائلاً : ﴿ قد سألت فافهم الجواب . إن في أيدي الناس حقاً وباطلاً ، وصدقاً وكذباً ، وناسخاً ومنسوخاً ، وعاماً وخاصاً ، ومحكماً ومتشابهاً ، وحفظاً ووهماً ، وقد كذب على رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ على عهده حتى قام خطيبا فقال : أيها الناس قد كثرت علي الكذابة فمن كذب علي متعمدا فليتبوء مقعده من النار ، ثم كذب عليه من بعده ، وإنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس : رجل منافق يظهر الإيمان ، متصنع بالإسلام لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدا ، فلو علم الناس أنه منافق كذاب ، لم يقبلوا منه ولم يصدقوه ، ولكنهم قالوا هذا قد صحب رسول الله صلى الله عليه وآله ورآه وسمع منه ، وأخذوا عنه ، وهم لا يعرفون حاله ، وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم فقال عز وجل : " وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم " ثم بقوا بعده فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان فولوهم الأعمال ، وحملوهم على رقاب الناس ، وأكلوا بهم الدنيا ، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله ، فهذا أحد الأربعة .﴾﴿ ﴾.
    لقد بينا فيما تقدم صعوبة الكشف عن هذه النوعية من الرواة فإن مسألة النفاق من المسائل التي أخفيت عن انظار الناس ولم يُعرف أصحابهم في العلن الا نادراً وقد ذكرنا بأن رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ كان لا يعلمهم بنص القرآن الكريم فكيف بنا ونحن دون رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ في العلم والمعرفة بل لا توجد أي مقارنة بيننا وبينه من هذا الوجه .
    فإن كان جميع المنافقين معروفين لكان من السهل على سُليم بن قيس معرفتهم وتجنب كلامهم وهو من العقلاء إلا إنه وبحسب ظاهر الحديث كان لا يعلمهم ولا يعلم كذبهم والا لماذا سأل الإمام عن اختلاف الحديث ؟ ولماذا بين الإمام لسليم هذه النوعية من الرواة ؟
    أما النوع الثاني من الرواة الذين ينقلون كلاما غير صحيح فقد ذكرهم أمير المؤمنين ﴿عليه السلام﴾ في قوله : ﴿ .. ورجل سمع من رسول الله شيئاً لم يحمله على وجهه ووهم فيه ، ولم يتعمد كذباً فهو في يده ، يقول به ويعمل به ويرويه فيقول : أنا سمعته من رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوه ولو علم هو أنه وهم لرفضه﴾﴿ ﴾.
    وهنا لنا وقفه أخرى مع هذه النوعية الثانية من الرواة والغريب ان هذه النوعية من الثقاة ولكنهم توهموا حين سمعوا من رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ فنقلوا للناس وهمٌ ، والدليل على انه ثقة هو قول الإمام عنه : ﴿ولم يتعمد كذبا﴾ وقوله ﴿عليه السلام﴾ : ﴿ولو علم هو أنه وَهَمَ لرفضه﴾ وهذان الأمران يدلان على ثقة هذه النوعية من الرواة فكيف يقبل السيد الصدر هذه النوعية ولا يعير لتوهمهم بالاً ؟!
    ولعل سائل يسأل فيقول : كيف يستطيع السيد الصدر معرفة توهم الراوي الثقة ؟ نقول : يتوجب على من يدعي الاعلمية أن يكون قادراً على عرض الرواية على القواعد الشرعية التي أُمرنا بها من قبل أهل الذكر ﴿عليهم السلام﴾ فإذا كان الجواب لا يستطيع ذلك إذن فهو ليس بأعلم بل يكون مصداق الأعلم هو من يستطيع معرفة الروايات الصحيحة من خلال عرضها على القواعد الشرعية التي أُمرنا بإتباعها لكي .
    أما النوعية الثالثة من الرواة الذين ينقلون كلاماً غير صحيح فقد بين أمير المؤمنين ﴿عليه السلام﴾ هذه النوعية في قوله : ﴿ورجل ثالث سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله شيئاً أمر به ثم نهى عنه وهو لا يعلم ، أو سمعه ينهى عن شيء ثم أمر به وهو لا يعلم ، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ ، ولو علم أنه منسوخ لرفضه ، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه ﴾﴿ ﴾.
    وهذا النوع من الرواة أيضاً ثقة ولكنه سمع المنسوخ من الأحاديث وحفظه ولم يسمع الناسخ لكي يعلم ببطلان قوله ولو علم ان ما في يديه منسوخ لرفضه وهذا الرفض يدل على وثاقة هذه النوعية من الرواة وتورعهم من الكذب والافتراء فهل لنا ان نسمع كلام هذا الثقة ولا نرده كما يقول السيد الصدر.

    ويكمل مولانا أمير المؤمنين ﴿عليه السلام﴾ في تعداد الرواة فيصل إلى الراوي الرابع والاخير فيقول : ﴿وآخر رابع لم يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله ، مبغض للكذب خوفاً من الله وتعظيما لرسول الله صلى الله عليه وآله ، لم ينسه ، بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمع لم يزد فيه ولم ينقص منه ، وعلم الناسخ من المنسوخ ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ فإن أمر النبي صلى الله عليه وآله مثل القرآن ناسخ ومنسوخ وخاص وعام ومحكم ومتشابه قد كان يكون من رسول الله صلى الله عليه وآله الكلام له وجهان : كلام عام وكلام خاص مثل القرآن وقال الله عز وجل في كتابه : " ما آتاكم الرسول فخذوه ، وما نهاكم عنه فانتهوا " فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى الله به ورسوله صلى الله عليه وآله وليس كل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كان يسأله عن الشيء فيفهم وكان منهم من يسأله ولا يستفهمه حتى أن كانوا ليحبون أن يجيئ الأعرابي والطاري فيسأل رسول الله صلى الله عليه وآله حتى يسمعوا . ﴾﴿ ﴾.
    ومن قول أمير المؤمنين ﴿عليه السلام﴾ نفهم وثاقة هذا النوع من الرواة بل أنه مؤكد في وثاقته ولكنه لم يستطع فهم كلام رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ على وجهه الصحيح فكلام رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ وأهل بيته ﴿عليهم السلام﴾ عام وخاص وقد وصف الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ من يعرف وجوه كلامهم بانه افقه الناس فقد جاء عن داود بن فرقد قال : سمعت أبا عبد الله ﴿عليه السلام﴾ يقول : ﴿أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا ، إن الكلمة لتنصرف على وجوه ، فلو شاء إنسان لصرف كلامه كيف شاء ، ولا يكذب﴾﴿ ﴾.
    إن النتيجة التي نخرج بها من صفة الراوي الرابع انه ثقة بل ومؤكد الوثاقة إلا إنه لم يستطع فهم الكلام على الوجه الصحيح حيث خلط بين العام والخاص وبالنتيجه ان كلام هذا الثقة غير صحيح أيضاً ويحتاج للفحص والتدقيق وفق القواعد الشرعية وكما أمرنا محمد وآل محمد ﴿عليهم السلام﴾ ان نتبعة في ديننا وعقيدتنا .
    إن هؤلاء الرواة الذين تحدث عنهم أمير المؤمنين ﴿عليه السلام﴾ هم الذين ينقلون روايات وأحاديث غير صحيحة فهم اربعة لا خامس لهم وهؤلاء الاربعة ثلاثة منهم ثقاة وواحد منهم كذاب أي ان نسبة الثقاة الذين ينقلون كلاما غير صحيح هي نسبة 75% من جملة الروايات الغير صحيحة فكيف يصح ان نأخذ بكلام الثقة دون ان نعير لاحتمال الخطأ والشذوذ بالاً ؟
    وقد يشتبه البعض ويقول : إن الرواة لم يبقى فيهم راوي ينقل لنا خبراً صحيحاً ؟ نقول : إن الرواة الاربعة الذين ذكرهم أمير المؤمنين ﴿عليه السلام﴾ في كلامه هم من ينقلون الحديث الخطأ وهم غير الذين ينقلون الحديث الصحيح ولو رجعنا إلى بداية الرواية لوجدنا ان سُليم بن قيس قد سأل أمير المؤمنين ﴿عليه السلام﴾ عن سبب الاختلاف بين حديث الناس من جه وحديثه ﴿عليه السلام﴾ وحديث أصحابه كسلمان والمقداد وأبي ذر من جهة أخرى فأجاب أمير المؤمنين ﴿عليه السلام﴾ قائلاً : ﴿ وإنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس﴾ أي ان ماسمعته يا سُليم من الحديث الذي يتناقله الناس والذي يخالف قول أمير المؤمنين ﴿عليه السلام﴾ وأصحابه قد خرجت هذه الأحاديث المخالفة للحق من اربعة رواة ليس لهم خامس والحق كما مر هو في قول أمير المؤمنين ﴿عليه السلام﴾ وأصحابه والرواة الاربعة الذين ليس لهم خامس هم الناس الذين ينقلون الأحاديث الغير صحيحة .
    وبعد ما تقدم من البيان يتبين لنا وبشكل واضح ان وثاقة الراوي ليست حجة قطعية على صدق الحديث كما زعم الأصوليون ذلك وعدوه من الثوابت التي لا نقاش فيها فقد ثبت بأن الثقة يتوهم ويجهل الناسخ من المنسوخ ويخلط بين العام والخاص فكيف بعد كل هذا البيان أن نأخذ بكلام الثقة دون ان نعطي الخطأ والشذوذ ادنى اهتمام .

  • #2
    6- مخالفة العامة :
    ومن القواعد الأخرى التي وضعها الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ عند اختلاف الأحاديث هي عرض الأحاديث على ما ذهب إليه العامة فالحديث الذي يوافق مذهبهم يترك والذي يخالفهم يؤخذ به وعلى هذه القاعدة جاءت العديد من الأخبار منها ما روي عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : قال الصادق ﴿عليه السلام﴾ : ﴿ إذا ورد عليكم حديثان مختلفإن فاعرضوهما على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فردوه ، فإن لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامة ، فما وافق أخبارهم فذروه ، وما خالف أخبارهم فخذوه﴾﴿ ﴾.
    وجاء عن علي بن أسباط قال : قلت للرضا ﴿عليه السلام﴾ : يحدث الأمر لا أجد بدا من معرفته ، وليس في البلد الذي أنا فيه أحد أستفتيه من مواليك ، قال : فقال : ﴿ائت فقيه البلد فاستفته من أمرك فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه فإن الحق فيه﴾﴿ ﴾.
    إن هذه القاعدة ليست هي القاعدة الاولى في معرفة الحديث حيث إننا إذا وجدنا حديثين مختلفين لا يمكننا أن نعرضهما على أقوال العامة مباشرةً بل لا بد من عرضهما على كتاب الله وسُنة نبيه في أول الأمر فإن لم نجد بعد علمنا بالناسخ والمنسوخ والمحكم والتشابه من الأحاديث وجب علينا في هذه الحالة ان نعرضهما على أخبار العامة ونأخذ حين ذاك بخلافهم .
    أما الدليل على صدق الحديث إذا خالف العامة فإن ذلك يرجع لمخالفتهم لأهل البيت ﴿عليهم السلام﴾ ولذلك اطلق عليهم تسمية المخالفين لأنهم كانوا يخالفون الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ في كل شيء ولذلك فإن في خلافهم الرشاد وعلى هذا المعنى جاءت الأخبار عن آل الرسول ﴿عليهم السلام﴾ .
    منها ما جاء عن أبي إسحاق الأرجاني رفعه قال : قال أبو عبد الله ﴿عليه السلام﴾ : ﴿أتدري لم أمرتم بالأخذ بخلاف ما تقول العامة؟﴾ فقلت : لا أدري فقال : ﴿إن عليا ﴿عليه السلام﴾ لم يكن يدين الله بدين ، إلا خالفت عليه الأمة إلى غيره ، إرادة لابطال أمره ، وكانوا يسألون أمير المؤمنين ﴿عليه السلام﴾ عن الشيء الذي لا يعلمونه ، فإذا أفتاهم ، جعلوا له ضدا من عندهم ، ليلبسوا على الناس﴾﴿ ﴾.
    ولأفعال العامة هذه شواهد عديدة لا يسع المقام لذكرها نختصر منها ما كان يقوله أبا حنيفة عن مخالفته للأئمة ﴿عليهم السلام﴾ في قوله : ﴿ قال علي عليه السلام وأنا أقول خلافاً لقوله وحكى عنه أنه كان يقول خالفت جعفر بن محمد في جميع أقواله وفتاواه ولم يبقى الا حالة السجود فما أدري أنه يغمض عينيه أو يفتحها حتى أذهب إلى خلافه وأفتي الناس بنقيض فعله﴾﴿ ﴾.
    ولهذا السبب كان في خلافهم الرشاد إلا أن الأصوليين كما ذكرنا في أكثر من مقام أصبح الأمر عندهم على العكس تماماً حيث انهم اخذوا أكثر اعتقادات العامة وأصولهم الفقهية وزجوها في كتبهم زعماً منهم بأن العقل هو الحكم في هذه الأصول متناسين أقوال الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ بمخالفة العامة وبُعد العقول عن اصابة الأحكام والأصول .
    7- خروج الأحاديث تقية :
    إن الظروف التي مرت على أهل بيت النبوة ﴿عليهم السلام﴾ كانت على أعلى مستويات الاضطهاد والظلم مما جعل الانظار والعيون تتلفت من حولهم وعلى طول حياتهم الشريفة ولذلك فإنهم كانوا يفتون الناس في بعض الاحيان بشيء من التقية فقد جاء عن أبي عبيدة ، عن أبي جعفر ﴿عليه السلام﴾ قال : قال لي : ﴿يا زياد ما تقول لو أفتينا رجلا ممن يتولانا بشيء من التقية ؟﴾ قال : قلت له : أنت أعلم جعلت فداك ، قال : ﴿إن أخذ به فهو خير له وأعظم أجرا﴾ . وفي رواية أخرى : ﴿إن أخذ به أوجر ، وإن تركه والله أثم﴾﴿ ﴾.
    لقد وضع الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ قانوناً لمعرفة الأحاديث التي خرجت وفق ظروف التقية حيث جاء عن عبيد بن زرارة ، عن أبي عبد الله ﴿عليه السلام﴾ قال : ﴿ما سمعته مني يشبه قول الناس فيه التقية ، وما سمعت مني لا يشبه قول الناس فلا تقية فيه﴾﴿ ﴾
    إن المقصود بالناس في الخبر هم من خالف الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ فما خرج من الأحاديث موافق لما عليه المخالفون ففيه تقية أما حكم هذه الأحاديث من ناحية العمل بها فقد صرح الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ بجواز العمل بالأحاديث التي خرجت تقية فقد جاء عن أبي عبد الله ﴿عليه السلام﴾ قال : ﴿لا يسع الناس حتى يسألوا ، ويتفقهوا ويعرفوا إمامهم ، ويسعهم أن يأخذوا بما يقول وإن كان تقية﴾﴿ ﴾.
    إن الأحاديث التي خرجت من الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ لا يمكن أن يكون بها معصية لله تبارك وتعالى لأنه لا يمكن أن يعصى الله بحجة التقية ولهذا السبب كان العمل بأحاديث التقية جائز .
    8- العمل بالمشهور :
    إن من القواعد الشرعية لترجيح الأحاديث المتعارضة هي قاعدة العمل بالمشهور وترك الشاذ من الأحاديث فقد جاء عن أبي عبد الله ﴿عليه السلام﴾ انه قال : ﴿... ينظر إلى ما كان من روايتهم عنا في ذلك الذي حكماً به المجمع عليه من أصحابك فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك فإن المجمع عليه لا ريب فيه...﴾﴿ ﴾.
    إن المجمع عليه في الأحاديث هي الأحاديث التي ينقلها أكثر من شخص حتى يصل الحال إلى حد الشهرة ففي هذه الحالة يؤخذ بالمشهور ويترك الشاذ النادر وهذه المسألة لا تفسر بالإجماع الذي زعم الأصوليون حجيته لأن الإجماع الذي جاء في الخبر بمعنى الشهرة التي يتمتع بها الخبر وليس إجماع الفقهاء دون دليل من الكتاب والسُنة فتأمل .
    9- السعة عند اختلاف الحديث وتعسر معرفة الخبر الصحيح :
    بعد أن ذكرنا قواعد الحديث وقوانينه وتعرفنا من خلال هذه القوانين على طريقة أهل البيت ﴿عليهم السلام﴾ التي اعطوها لأصحابهم لكي يميزوا بها الحديث الصحيح عن غيره أما إذا تعسر الأمر علينا ولم نستطع وفق كل هذه القواعد أن تمييز الحديث الصحيح ففي هذه الحالة وسّع الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ على شيعتهم ومواليهم أن يأخذوا بأحد الخبرين المتعارضين من باب التسليم إلى يوم ظهور القائم ﴿عليه السلام﴾ فقد جاء عن سماعة ، عن أبي عبد الله ﴿عليه السلام﴾ قال : سألته عن رجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمر كلاهما يرويه : أحدهما يأمر بأخذه والآخر ينهاه عنه ، كيف يصنع ؟ فقال : ﴿يرجئه حتى يلقي من يخبره ، فهو في سعة حتى يلقاه ،﴾ وفي رواية أخرى ﴿بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك﴾﴿ ﴾.
    إن هذه المسألة من المسائل التي جاءت لتيسير الدين على الرعية فإن الله يريد بنا اليسر ولا يريد بنا العسر فإن استطعنا تمييز الأخبار وفق القواعد الشرعية التي سنها النبي والأئمة ﴿عليهم السلام﴾ كان بها وإذا اعيتنا المسألة فموسع علينا الأخذ بأي الخبرين ولذلك قال أبو عبد الله ﴿عليه السلام﴾ : ﴿إنا والله لا ندخلكم إلا فيما يسعكم﴾﴿ ﴾

    خلاصــــة الموضـــوع :
    إن خلاصة الموضوع هو وجوب التمسك بالقواعد التي سنها الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ لمعرفة صحة الخبر المروي عنهم وقد بينا هذه القواعد وقد ثبت من خلال البحث ضعف التقسيمات التي وضعها الفقهاء لتمييز الحديث فلم ترد أيٍ منها في أخبار الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ ليكون بذلك قولهم حجة علينا، وقد تبين أيضاً عدم صحة القول الذي تبناه الأخباريون حين صرحوا بصحة جميع ما ورد في الكتب الاربعة وغيرها .
    لقد ذكر أمير المؤمنين ﴿عليه السلام﴾ بأن الحق لا يعرف بالرجال بل بآية الحق فاعرف الحق تعرف اهله، والحق ما قاله الأئمة ﴿عليهم السلام﴾، فإن معرفتنا لهذا الحق تعصمنا من الوقوع بأخطاء الرجال مهما بلغوا من مقامات فلا يعد قولهم بقول المعصوم أبداً ولا يقارن بالمرة مهما بلغ في الوثاقة فإن الاعتماد على وثاقة الرجال –كما ذكرنا- لا تؤدي بنا في كل الاحول إلى القطع بصحة كلامه فإن الثقة يتوهم وينسى ويغلط لعلة فقدانه العصمة، فالفيصل بيننا وبين أي مقالة يتبناها أي فقيه هي معرفة أقوال الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ في حجية هذه المقالة .
    لقد ثبت لدينا من خلال مطالعة أخبارهم ﴿عليهم السلام﴾ بأن علم الرجال الذي وضعته العامة وتسلل إلى ساحة الإمامية بعد الغيبة لا حجية له من الأساس بل الحجية كلها لأقوالهم التي بينت القواعد والقوانين الدالة على صدق الحديث فإن أي حديث يمر على هذه القوانين فيثبت من خلالها صحته فهو صحيح والا فهو باطل وليس ضعيف كما سموه وبهذا البيان نكون قد انتهينا من مناقشتنا لكيفية تعامل المسلمين بشكل عام مع السُنة الشريفة والإمامية بشكل خاص .

    تعليق

    يعمل...
    X