بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد واله وعجل فرجهم والعن عدوهم
سلسلة الفرق بين دين ال محمد ودين فقهاء الحوزة ( الجزء الثاني )
{ أل محمد يحرمون الإفتاء بالظن وفقهاء الحوزة يحلون ذلك }
تعريف الظن : أن الظن نقيض العلم ومن لم يقل بعلم فإنما هو ظن وشاهد على ذلك قول الله عز وجل { قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون} ( الأنعام:148)
على ضوء ما تضمنته الآية الكريمة فأن القول بغير علم ظن,
وقال تعالى في أية أخرى { وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون } ( الجاثية:24) فتبين أن العلم نقيض الظن ومن لم يقل بعلم فإنما هو ظن .
وقد حكم الله على الظن أنه لا يغني من الحق شيئا, قال تعالى { قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق قل الله يهدي للحق أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون * وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا } (يونس:36,35)
وحيث أنه لا يغني من الحق شيء فهو وباليقين الجازم ضلال, قال سبحانه وتعالى { فماذا بعد الحق إلا الضلال } (يونس:32)
وقال جل ذكره { وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وأنهم إلا يخرصون } (الأنعام:116) فقد وضح الله أن الظن ضلال وأنه لا يقوم بشيء من الحق
وقد جعل الله الظن نقيض الهدى, حيث قال { إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى } (النجم:23)
فيكون : كل فقيه يفتي بغير علم فقد أفتى بالظن ومن أفتى بالظن فقد ضل وأضل من يقلده في الفتوى
{ عقاب الذي يفتي من غير علم وينسب فتواه إلى الله عز وجل }
قال الله عز وجل كتابه :
{ ويوم القيامة ترى الّذين كذبوا على الله وجوههم مسودّة أليس في جهنّم مثوى للمتكبّرين }
{ ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لّتفتروا على اللّه الكذب إنّ الّذين يفترون على اللّه الكذب لا يفلحون } النحل116.
{ انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا } لنساء
50
{ فمن افترى على اللّه الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظّالمون } آل عمران
94
{ وما ظنّ الّذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة } .يونس
60
{ قل إنّ الّذين يفترون على اللّه الكذب لا يفلحون } يونس69] .
{ إنّما يفتري الكذب الّذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون } .النحل
إن الله عز وجل يتوعد الذي يفتي بالظن من غير علم منه سبحانه بأنه سوف يخلد في النار ابد الآبدين ويصفهم بالظالمين والكاذبين والمتكبرين ولا يفلحون و وجوههم سوف تسود في الدنيا قبل الأخرى :
وإما ما جاء على لسان محمد وال محمد الطيبين في عاقبة و عقاب الذي يفتي بالظن فقد ورد عن
مفضل بن يزيد قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: { أنهاك عن خصلتين فيهما هلاك الرجال: أنهاك أن تدين الله بالباطل، وتفتي الناس بما لا تعلم }
وعن يونس بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام { إياك وخصلتين ففيهما هلك من هلك: إياك أن تفتي الناس برأيك أو تدين بما لا تعلم }
وعن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر عليه السلام قال: { من أفتى الناس بغير علم ولا هدى لعنته ملائكة الرحمة، وملائكة العذاب، ولحقه وزر من عمل بفتياه }
و عن زياد بن أبي رجاء، عن أبي جعفر عليه السلام قال: { ما علمتم فقولوا، و ما لم تعلموا فقولوا: الله أعلم، إن الرجل لينتزع الآية من القرآن يخر فيها أبعد ما بين السماء والأرض } .
و عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: { إذا سئل الرجل منكم عما لا يعلم فليقل: لا أدري ولا يقل: الله أعلم، فيوقع في قلب صاحبه شكا و إذا قال المسؤول: لا أدري فلا يتهمه السائل }
وعن زرارة بن أعين قال: سألت أبا جعفر عليه السلام ما حق الله على العباد؟ قال:{ أن يقولوا ما يعلمون ويقفوا عند ما لا يعلمون }
وعن أبي يعقوب إسحاق بن عبد الله، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: { إن الله خص عباده بآيتين من كتابه: أن لا يقولوا حتى يعلموا ولا يردوا ما لم يعلموا وقال عز وجل: { ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق }
وقال { بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله }
نستخلص من كلام حجج الملك العلام
اولاً : من أفتى من غير علم فمصيره إلى النار وبئس القرار
ثانياً : لله عز وجل حق على العباد بدون استثناء الفقهاء وعامة الناس أن يقولوا ما عرفوا وعلموا وان لا يردوا أي حديث وان اشمأزت منه قلوبهم منه لعله صادر من قبل الله عز وجل أو من محمد وال محمد علبهم السلام
ثالثاً : نهى الله عز وجل أن يدين المرء بما لا يعلم ونهى عن التقليد من غير علم من الله عز وجل ومن محمد وال محمد عليهم السلام
{ تعريف العلم ومصدره }
بقي علينا أن نحدد ونبين ما هو العلم المقصود في الآيات والروايات الشريفة الذي من أفتى ولم يكن محيط به هلك واهلك المقلدون والسامعون منه والآخذون منه الفتوى وما هو مصدره :
إما تحديد ونوع العلم : أقول : قد بينه الذي لا ينطق عن الهوى عليه واله أفضل الصلاة وأفضل التسليم فقد قال : أبي الحسن موسى عليه السلام { دخل رسول الله صلى الله عليه وآله المسجد فإذا جماعة قد أطافوا برجل فقال: ما هذا؟ فقيل: علامة فقال: وما العلامة؟ فقالوا له: أعلم الناس بأنساب العرب ووقائعها، وأيام الجاهلية، والأشعار العربية، قال: فقال النبي صلى الله عليه وآله: ذاك علم لا يضر من جهله، ولا ينفع من علمه، ثم قال النبي صلى الله عليه وآله: إنما العلم ثلاثة: آية محكمة، أو فريضة عادلة، أو سنة قائمة، وما خلاهن فهو فضل }
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: { إن العلماء ورثة الأنبياء وذاك أن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا، وإنما أورثوا أحاديث من أحاديثهم، فمن أخذ بشئ منها فقد أخذ حظا وافرا، فانظروا علمكم هذا عمن تأخذونه؟ فإن فينا أهل البيت في كل خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين }
يتبين مما مر إن العلم المقصود هو كلام الله عز وجل وأحاديث محمد وال محمد عليهم السلام وإما باقي العلوم التي ليس لها علاقة بالله ومحمد وال محمد فهي فضل بمعني من جهلها لا تدخله النار ومن عرفها أو تعلمها لا تنفعه ولا تصل به إلى بر الأمان ولا تدخله الجنة التي هي ثمن نفس الإنسان كما قال أمير المؤمنين عليه السلام ما معناه إن ثمن نفس الإنسان هي الجنة فلا تبيعوها بغير ثمنها وهو الجنة
{ محمد وال محمد هم معدن العلم وخزانه وهم بابه فقط لا غير }
بعد أن عرفنا العلم ومصدره بقي أن نعرف من صاحب العلم الذي إذا أخذنا منه نكون قد أخذنا من المعين الصافي الذي أمرنا الله عز وجل به ونكون من الناجين بأتباع أثره سأورد هذه الأحاديث شريفة للتبيان
4 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن جميل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: { سمعته يقول يغدوا الناس على ثلاثة أصناف: عالم ومتعلم وغثاء، فنحن العلماء وشيعتنا المتعلمون وسائر الناس غثاء }
وعن الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن عبد الله بن عجلان ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) في قول الله عزّ وجلّ : ( فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : الذكر : أنا ، والأئمة : أهل الذكر ، وقوله عز وجل : ( وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون ) قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : نحن قومه ، ونحن المسؤولون .
علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد المؤمن بن القاسم الأنصاري، عن سعد، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: { هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب }
قال أبو جعفر عليه السلام: { إنما نحن الذين يعلمون والذين لا يعلمون عدونا وشيعتنا أولو الألباب }
عن معلى ، عن الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الله بن سليمان ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ قال : { فليذهب الحسن ـ يعني : البصري ـ يميناً وشمالاً ، فو الله ما يوجد العلم إلا ههنا }
عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال لي: { إن الحكم بن عتيبة ممن قال الله ( وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ ما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ) فليشرق الحكم و ليغرب، أما و الله لا يصيب العلم إلا من أهل بيت نزل عليهم جبرئيل }
أقول : بعد أن تبين إن العلم المقصود خاص لمحمد وال محمد عليهم السلام وغيرهم جاهلون لا علم لهم بلا استثناء بل حتى شيعتهم غير علماء بل متعلمون بنص كلام الطاهرين عليهم السلام
أقول : هل علم محمد وال محمد عليه السلام من عند أنفسهم ولا يحتاجون السماء لمعرفة أحكام الدين أو بعبارة أخرى هل يستخدمون الرأي والعقل لمعرفة أحكام الدين ويفتون الناس بهذه الطريقة كما يفعل فقهاء الحوزات اليوم أم إن علمهم من السماء ومحظور عليهم استخدام هذه الأدوات اللعينة في معرفة الأحكام التي يستخدمها فقهاء الحوزة في زمانا هذا
سنعرف هذا الأمر من الذين فرض الله طاعتهم على الأنس والجن أجمعين
يتبع
تعليق