بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد واله وعجل فرجهم والعن عدوهم
سلسلة الفرق بين دين ال محمد ودين فقهاء الحوزة ( الحلقة الثالثة )
{ أل محمد يحرمون تأييد الحكومات الظالمة والتحاكم إليها التي تحكم قبل القائم وفقهاء الحوزة يحللون ذلك }
قال الله سبحانه { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ ءَامَنُوا بِمَآ اُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ اُنْزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ اُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً } ( النساء/60)
قال الحق سبحانه في إيه أخرى : { يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد امروا أن يكفروا به }
قال تعالى : { وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُولُواْ الألباب } (الزمر/17-18)
ويعرف الطاغوت العلامة المجلسي فيقول { الطاغوت فلعوت من الطغيان ، وهو تجاوز الحد ، وأصله طغيوت فقدموا لامه على عينه ، على خلاف القياس ، ثم قلبوا الياء ألفا فصار طاغوت ، وهو يطلق على الكاهن والشيطان والأصنام ، وعلى كل رئيس في الضلالة ، وعلى كل ما يصد عن عبادة الله تعالى ، وعلى ما عبد من دون الله ، ويجئ مفردا لقوله تعالى { يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به }
وجمعا كقوله تعالى { والذين كفروا أوليائهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات } في البحار ( ج 70 ص 13 ) : انتهى كلام الكليني رحمه الله
وكلمة طـاغوت مشتقة من الطغيان , وهذه الكلمة مع جميع مشتقاتها تعني التجاوز والتعدي وكسر الحدود وتجاهل القيود, أو كل شي ء يكون وسيلة للطغيان أو التمرد.
والطاغوت كل من يحكم بغير ما انزل الله سبحانه وتعالى وكل من لم يحكم بحكم الله عز وجل فقد حكم بالظلم والطغيان و الله سبحانه أمر الناس أن يكفر بالطاغوت لا أن يؤمنوا به ولا يستطيع احد مهما وصل من العلم والفهم أن يحكم بالحق إلا النبي أو الوصي فهم الذين يحكمون بحكم الله تعالى وغيرهم طغاة ولا يحكمون إلا بالباطل
وعلى هذا الأساس يكون كل من يحكم بالباطل طاغوتا, لأنه تجاوز حدود اللّه وتعدي على قوانين الحق والعدل , ففي الحديث عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع ) انه قال : { الطاغوت كل من يتحاكم أليه ممن يحكم بغير الحق }
{ من تحاكم إلى حاكم أو قاضي أو رئيس أو ملك أو فقيه فقد تحاكم إلى طاغوت }
من تحاكم إلى هؤلاء فقد تحاكم إلى الطواغيت والى الظلمة ومن اخذ منهم حق فهو سحت وان كان حقاً ثابتاً فيكون مصداقاً لقول الله عز وجل { يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا }
عن عمر بن حنظلة قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة أيحل ذلك ؟ فقال : من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى طاغوت وما يحكم له فإنما يأخذ سحتا وإن كان حقه ثابتا ، لأنه أخذه بحكم الطاغوت وقد أمر الله أن يكفر به قال الله تعالى : ( يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد امروا أن يكفروا به )
وقد جاء ما يؤيد هذا القول أيضا عن أمير المؤمنين( عليه السلام ) انه قال: { كل حاكم حكم بغير قولنا أهل البيت فهو طاغوت وقرء ( يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا }
وقال الإمام الصادق ( عليه السلام ) { الحكم حكمان ، حكم الله عز وجل وحكم الجاهلية ، فمن أخطأ حكم الله فحكم الجاهلية }
وروي أن القضاة أربعة : ثلاثة في النار وواحد في الجنة ، فأما الثلاثة التي في النار : فقاض قضى بالباطل وهو يعلم أنه الباطل ، وقاض قضى بالباطل وهو يظن أنه حق وقاض قضى بشئ وهو لا يعلم أنه حق أو باطل ، وأما الذي في الجنة فقاض قضى بالحق وهو يعلم أنه حق (المهذب - القاضي ابن البراج ج 2 ص 591
وعن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : { أيما مؤمن قدم مؤمنا في خصومة إلى قاض أو سلطان جائر فقضى عليه بغير حكم الله ، فقد شركه في ألاثم }
وعن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أيضاً قال{ في رجل كان بينه وبين أخ له مماراة في حق ، فدعاه إلى رجل من إخوانه ليحكم بينه وبينه ، فأبى إلا أن يرافعه إلى هؤلاء : كان بمنزلة الذين قال الله عز وجل ( ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما انزل إليك وما انزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به }
وعن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : قول الله عز وجل في كتابه : ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام ) ( البقرة ـ 188 )
فقال : يا أبا بصير ! إن الله عز وجل قد علم أن في الأمة حكاما يجوزون ، أما أنه لم يعن : حكام أهل العدل ولكنه عنى حكام أهل الجور ، يا أبا محمد انه لو كان لك على رجل حق فدعوته إلى حكام أهل العدل ، فأبى عليك إلا أن يرافعك إلى حكام أهل الجور ليقضوا له ، لكان ممن حاكم إلى الطاغوت وهو قول الله عز وجل : ( ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما انزل إليك وما انزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت ) ( النساء ـ 60 )
والنتيجة انه لا يحق لأحد التصدي للحكم غير النبي أو الوصي وما دونهما من الحكام فهم حكام جور
{ السبب والعلة في إن حكم غير النبي أو الوصي حكم طاغوت }
وقال تعالى في كتابه الكريم { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأؤلئك هم الظالمون }
وفي إيه أخرى { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأؤلئك هم الكافرون }
وفي إيه أخرى { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأؤلئك هم الفاسقون }
كل حاكم أو قاضي أو رئيس أو ما شابه إذا لم يكن له اتصال بالسماء فان حكمة لا محال أن يكون ضني وليس له أي قيمة في نظر الله سبحانه والحكم حكمان إما حق أو باطل كما قال الإمام الصادق عليه السلام { الحكم حكمان ، حكم الله عز وجل وحكم الجاهلية ، فمن أخطأ حكم الله فحكم الجاهلية }
وليس هناك احد دون الأنبياء والأوصياء يحكم بحكم الله سبحانه وتعالى ولا يوجد احد يزعم إن حكمه حكم الله سبحانه وانه مسدد بالوحي من السماء فلا يدعي ذلك إلا مجنون ومن حكم في أمر وهو ليس بنبي أو وصي وتطابق حكمه مع الحكم الصحيح لا يتقبل منه ذلك ويكون مأثوم بل ويدخله هذا المورد النار والعياذ بالله ويؤيد هذا القول قول الإمام علي عليه السلام { أن القضاة أربعة : ثلاثة في النار وواحد في الجنة ، فأما الثلاثة التي في النار : فقاض قضى بالباطل وهو يعلم أنه الباطل ، وقاض قضى بالباطل وهو يظن أنه حق وقاض قضى بشئ وهو لا يعلم أنه حق أو باطل ، وأما الذي في الجنة فقاض قضى بالحق وهو يعلم أنه حق }
وفي كلام الإمام علي عليه السلام ما أشرت إليه من إن علة رد حكم غير المعصوم هو حكمه بالظن وليس حكمه حكم يقيني كالأنبياء والأوصياء بل الحكم بين الناس من اختصاص الله عز وجل فهو العدل وهو المحيط بكل شيء ولا يعزب عن علمه شيء ولا يخدعه شيء ولا بغفل عن شيء وبطبيعة الحال فانه سبحانه يوحي إلى أنبيائه وأوصيائه فيكون حكمهم حكم الله عز وجل
يتبع
تعليق