علامات ظهور المهدي من آل محمد
السفياني والدجال وغير ذلك ، وفيه ذكر بعض أشراط الساعة
قال النبي (ص) : كيف بكم إذا فسد نساؤكم ، وفسق شبّانكم ، ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر ؟.. فقيل له : ويكون ذلك يا رسول الله ؟!.. قال : نعم ، وشرٌّ من ذلك ، كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ، ونهيتم عن المعروف ؟.. قيل :
يا رسول الله !.. ويكون ذلك ؟.. قال : نعم ، وشرٌّ من ذلك ، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكراً والمنكر معروفاً ؟.. ص181
المصدر: قرب الإسناد
قال رسول الله (ص) : سيأتي زمانٌ على أمتي لا يبقى من القرآن إلا رسمه ، ولا من الإسلام إلا اسمه ، يُسمّون به وهم أبعد الناس منه ، مساجدُهم عامرةٌ ، وهي خرابٌ من الهدى ، فقهاء ذلك الزمان شرّ فقهاء تحت ظلّ السماء ، منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود . ص191
المصدر: ثواب الأعمال
قال رسول الله (ص) : إنّ الإسلام بدأ غريباً ، وسيعود غريباً ، فطوبى للغرباء . ص191
المصدر: إكمال الدين 1/308
قال الباقر (ع) : القائم منصورٌ بالرعب ، مؤيّدٌ بالنصر ، تُطوى له الأرض وتظهر له الكنوز ، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب ، ويظهر الله عزّ وجلّ به دينه ولو كره المشركون .... الخبر . ص191
المصدر: إكمال الدين
خطبنا علي بن أبي طالب (ع) ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :
سلوني أيها الناس !.. قبل أن تفقدوني - ثلاثا - فقام إليه صعصعة بن صوحان ، فقال : يا أمير المؤمنين !.. متى يخرج الدجّال ؟..
فقال له علي (ع) : اقعد !.. فقد سمع الله كلامك وعلم ما أردت ، والله ما المسؤول عنه بأعلم من السائل ، ولكن لذلك علاماتٍ وهيئاتٍ يتبع بعضها بعضاً ، كحذو النّعل بالنّعل ، وإن شئت أنبأتك بها ؟..
قال : نعم ، يا أمير المؤمنين !..
فقال (ع) : احفظ !.. فإنّ علامة ذلك إذا أمات الناس الصلاة ، وأضاعوا الأمانة ، واستحلّوا الكذب ، وأكلوا الرّبا ، وأخذوا الرّشا ، وشيّدوا البنيان ، وباعوا الدين بالدنيا ، واستعملوا السفهاء ، وشاوروا النساء ، وقطعوا الأرحام ، واتّبعوا الأهواء ، واستخفّوا بالدماء .
وكان الحلم ضعفاً ، والظلم فخراً ، وكانت الأمراء فجرةً ، والوزراء ظلمةً ، والعرفاء خونةً ، والقرّاء فسقةً ، وظهرت شهادات الزور ، واستعلن الفجور ، وقول البهتان ، والإثم والطغيان .
وحُليت المصاحف ، وزُخرفت المساجد ، وطُوّلت المنار ، وأُكرم الأشرار ، وازدحمت الصفوف ، واختلفت الأهواء ، ونُقضت العقود ، واقترب الموعود ، وشارك النساء أزواجهن في التجارة حرصاً على الدنيا ، وعلت أصوات الفسّاق واستمع منهم ، وكان زعيم القوم أرذلهم ، واتُّقي الفاجر مخافةَ شرّه ، وصُدّق الكاذب ، واُؤتمن الخائن ، واتُخذت القيان والمعازف ، ولعن آخر هذه الأمة أولها ، وركب ذوات الفروج السروج .
وتشبّه النساء بالرجال والرجال بالنساء ، وشهد شاهدٌ من غير أن يُستشهد ، وشهد الآخر قضاءً لذمامٍ بغير حقٍّ عرفه ، وتُفقّه لغير الدين ، وآثروا عمل الدنيا على الآخرة ، ولبسوا جلود الضأن على قلوب الذئاب ، وقلوبهم أنتن من الجيف ، وأمرُّ من الصبر ، فعند ذلك الوحا الوحا ، العجل العجل ، خير المساكن يومئذ بيت المقدس ، ليأتين على الناس زمانٌ يتمنى أحدهم أنه من سكانه .... الخبر . ص193
المصدر: إكمال الدين2/207
قال الباقر (ع) : كأني بقومٍ قد خرجوا بالمشرق ، يطلبون الحقّ فلا يُعطَونه ثم يطلبونه فلا يُعطَونه ، فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم ، فيُعطَون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يقوموا ، ولا يدفعونها إلا إلى صاحبكم ، قتلاهم شهداءٌ ، أما إني لو أدركت ذلك لأبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر . ص243
المصدر: غيبة النعماني ص145
قال الصادق (ع) - وقد ذُكر هؤلاء عنده وسوء حال الشيعة عندهم - : إني سرتُ مع أبي جعفر المنصور وهو في موكبه ، وهو على فرسٍ وبين يديه خيلٌ ومن خلفه خيلٌ ، وأنا على حمارٍ إلى جانبه ، فقال لي : يا أبا عبد الله !.. قد كان ينبغي لك أن تفرح بما أعطانا الله من القوة ، وفتح لنا من العزّ ، ولا تُخبر الناس أنك أحقّ بهذا الأمر منا وأهل بيتك ، فتغرينا بك وبهم ، فقلت :
ومن رفع هذا إليك عني فقد كذب ، فقال : أتحلف على ما تقول ؟..
فقلت : إنّ الناس سحرةٌ - يعني يحبون أن يفسدوا قلبك عليّ - فلا تمكّنهم من سمعك فإنا إليك أحوج منك إلينا .
فقال لي : تذكر يوم سألتك : " هل لنا ملكٌ ؟.. فقلت ُ: نعم ، طويل عريضٌ شديدٌ ، فلا تزالون في مهلةٍ من أمركم ، وفسحةٍ من دنياكم ، حتى تصيبوا منّا دماً حراماً في شهرٍ حرامٍ في بلدٍ حرامٍ ؟.. " فعرفتُ أنه قد حفظ الحديث ، فقلتُ : لعلّ الله عزّ وجلّ أن يكفيك ، فإني لم أخصّك بهذا إنما هو حديث رويته .. ثم لعلّ غيرك من أهل بيتك أن يتولى ذلك ، فسكت عني .
فلما رجعت إلى منزلي أتاني بعض موالينا فقال : جعلت فداك !.. والله لقد رأيتك في موكب أبي جعفر ، وأنت على حمارٍ وهو على فرسٍ ، وقد أشرف عليك يكلّمك كأنك تحته ، فقلت بيني وبين نفسي :
هذا حجّة الله على الخلق ، وصاحب هذا الأمر الذي يُقتدى به ، وهذا الآخر يعمل بالجور ، ويقتل أولاد الأنبياء ، ويسفك الدماء في الأرض بما لا يحب الله ، وهو في موكبه ، وأنت على حمارٍ ، فدخلني من ذلك شكٌّ حتى خفت على ديني ونفسي .
فقلتُ : لو رأيتَ مَن كان حولي ، وبين يدي ، ومن خلفي ، وعن يميني ، وعن شمالي من الملائكة لاحتقرته واحتقرت ما هو فيه ، فقال : الآن سكن قلبي .
ثم قال : إلى متى هؤلاء يملكون ؟.. أو متى الراحة منهم ؟.. فقلتُ : أليس تعلم أنّ لكلّ شيءٍ مدةً ؟.. قال : بلى ، فقلت : هل ينفعك علمك ؟..
إنّ هذا الأمر إذا جاء كان أسرع من طرفة العين ، إنك لو تعلم حالهم عند الله عزّ وجلّ وكيف هي ؟.. كنتَ لهم أشدّ بغضاً ، ولو جهدتَ وجهد أهل الأرض أن يدخلوهم في أشدّ ما هم فيه من الإثم لم يقدروا ، فلا يستفزنّك الشيطان ، فإنّ العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون .
ألا تعلم أنّ من انتظر أمرنا ، وصبر على ما يرى من الأذى والخوف ، هو غداً في زمرتنا ؟..
فإذا رأيتَ الحقّ قد مات وذهب أهله ، ورأيتَ الجور قد شمل البلاد ، ورأيت القرآن قد خلق ، وأُحدث فيه ما ليس فيه ، ووُجّه على الأهواء ، ورأيتَ الدين قد انكفأ كما ينكفئ الإناء .. ورأيتَ أهل الباطل قد استعلوا على أهل الحقّ ، ورأيت الشرّ ظاهراً لا يُنهى عنه ويُعذر أصحابه .. ورأيتَ الفسق قد ظهر ، واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء ، ورأيتَ المؤمن صامتاً لا يُقبل قوله ، ورأيتَ الفاسق يكذب ولا يُردّ عليه كذبه وفريته ..
ورأيتَ الصغير يستحقر بالكبير ، ورأيتَ الأرحام قد تقطّعت ، ورأيتَ من يمتدح بالفسق يضحك منه ولا يرد عليه قوله .. ورأيتَ الغلام يُعطى ما تُعطى المرأة ، ورأيتَ النساء يتزوّجن النساء ....
ورأيتَ الكافر فرحاً لما يرى في المؤمن ، مرحاً لما يرى في الأرض من الفساد ، ورأيتَ الخمور تُشرب علانيةً ، ويجتمع عليها من لا يخاف الله عزّ وجلّ ، ورأيتَ الآمر بالمعروف ذليلاً ، ورأيتَ الفاسق فيما لا يحبّ الله قوياً محموداً ....
ورأيتَ الرجل معيشته من دبره ، ومعيشة المرأة من فرجها ، ورأيتَ النساء يتخذن المجالس كما يتخذها الرجال ....
وكان الربا ظاهراً لا يُعير ، وكان الزنا تُمتدح به النساء ....
ورأيتَ الليل لا يُستخفى به من الجرأة على الله ....
ورأيتَ المرأة تقهر زوجها ، وتعمل ما لا يشتهي ، وتنفق على زوجها .... ورأيتَ القرآن قد ثقُل على الناس استماعه ، وخفّ على الناس استماع الباطل ....
ورأيتَ الغيبة تُستملح ، ويبشر بها الناس بعضهم بعضاً .. ورأيتَ طلب الحجّ والجهاد لغير الله ....
ورأيتَ الرجل يطلب الرئاسة لعَرض الدنيا ....
ورأيتَ الرجل عنده المال الكثير لم يزكّه منذ ملكه ....
ورأيتَ الرجل يُمسي نشوان ، ويصبح سكران ....
ورأيتَ البهائم تُنكح ....
ورأيتَ قلوب الناس قد قست ، وجمدت أعينهم ، وثقُل الذّكر عليهم .... ورأيتَ كلّ عامٍ يحدث فيه من البدعة والشرّ أكثر مما كان ....
ورأيتَ الناس يتسافدون ( أي يتناكحون علانية على ظهر الطريق ) كما تسافد البهائم ، لا ينكر أحدٌ منكراً تخوّفاً من الناس ....
ورأيتَ النساء قد غلبن على الملك ، وغلبن على كلّ أمرٍ ، لا يُؤتى إلا ما لهن فيه هوى ....
ورأيتَ المساجد محتشيةً ممن لا يخاف الله ، مجتمعون فيها للغيبة وأكل لحوم أهل الحقّ .... ورأيتّ الصلاة قد استُخفّ بأوقاتها ....
فكن على حذر ، واطلب من الله عزّ وجلّ النجاة ، واعلم أنّ الناس في سخط الله عزّ وجلّ ، وإنما يمهلهم لأمرٍ يُراد بهم ، فكن مترقّباً !..
واجتهد ليراك الله عزّ وجلّ في خلاف ما هم عليه ، فإن نزل بهم العذاب وكنت فيهم ، عجّلت إلى رحمة الله ، وإن أُخّرت ابتلوا وكنت قد خرجت مما هم فيه ، من الجرأة على الله عزّ وجلّ .. واعلم أنّ الله لا يضيع أجر المحسنين ، وأنّ رحمة الله قريبٌ من المحسنين . ص260
المصدر: روضة الكافي ص36
السفياني والدجال وغير ذلك ، وفيه ذكر بعض أشراط الساعة
قال النبي (ص) : كيف بكم إذا فسد نساؤكم ، وفسق شبّانكم ، ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر ؟.. فقيل له : ويكون ذلك يا رسول الله ؟!.. قال : نعم ، وشرٌّ من ذلك ، كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ، ونهيتم عن المعروف ؟.. قيل :
يا رسول الله !.. ويكون ذلك ؟.. قال : نعم ، وشرٌّ من ذلك ، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكراً والمنكر معروفاً ؟.. ص181
المصدر: قرب الإسناد
قال رسول الله (ص) : سيأتي زمانٌ على أمتي لا يبقى من القرآن إلا رسمه ، ولا من الإسلام إلا اسمه ، يُسمّون به وهم أبعد الناس منه ، مساجدُهم عامرةٌ ، وهي خرابٌ من الهدى ، فقهاء ذلك الزمان شرّ فقهاء تحت ظلّ السماء ، منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود . ص191
المصدر: ثواب الأعمال
قال رسول الله (ص) : إنّ الإسلام بدأ غريباً ، وسيعود غريباً ، فطوبى للغرباء . ص191
المصدر: إكمال الدين 1/308
قال الباقر (ع) : القائم منصورٌ بالرعب ، مؤيّدٌ بالنصر ، تُطوى له الأرض وتظهر له الكنوز ، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب ، ويظهر الله عزّ وجلّ به دينه ولو كره المشركون .... الخبر . ص191
المصدر: إكمال الدين
خطبنا علي بن أبي طالب (ع) ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :
سلوني أيها الناس !.. قبل أن تفقدوني - ثلاثا - فقام إليه صعصعة بن صوحان ، فقال : يا أمير المؤمنين !.. متى يخرج الدجّال ؟..
فقال له علي (ع) : اقعد !.. فقد سمع الله كلامك وعلم ما أردت ، والله ما المسؤول عنه بأعلم من السائل ، ولكن لذلك علاماتٍ وهيئاتٍ يتبع بعضها بعضاً ، كحذو النّعل بالنّعل ، وإن شئت أنبأتك بها ؟..
قال : نعم ، يا أمير المؤمنين !..
فقال (ع) : احفظ !.. فإنّ علامة ذلك إذا أمات الناس الصلاة ، وأضاعوا الأمانة ، واستحلّوا الكذب ، وأكلوا الرّبا ، وأخذوا الرّشا ، وشيّدوا البنيان ، وباعوا الدين بالدنيا ، واستعملوا السفهاء ، وشاوروا النساء ، وقطعوا الأرحام ، واتّبعوا الأهواء ، واستخفّوا بالدماء .
وكان الحلم ضعفاً ، والظلم فخراً ، وكانت الأمراء فجرةً ، والوزراء ظلمةً ، والعرفاء خونةً ، والقرّاء فسقةً ، وظهرت شهادات الزور ، واستعلن الفجور ، وقول البهتان ، والإثم والطغيان .
وحُليت المصاحف ، وزُخرفت المساجد ، وطُوّلت المنار ، وأُكرم الأشرار ، وازدحمت الصفوف ، واختلفت الأهواء ، ونُقضت العقود ، واقترب الموعود ، وشارك النساء أزواجهن في التجارة حرصاً على الدنيا ، وعلت أصوات الفسّاق واستمع منهم ، وكان زعيم القوم أرذلهم ، واتُّقي الفاجر مخافةَ شرّه ، وصُدّق الكاذب ، واُؤتمن الخائن ، واتُخذت القيان والمعازف ، ولعن آخر هذه الأمة أولها ، وركب ذوات الفروج السروج .
وتشبّه النساء بالرجال والرجال بالنساء ، وشهد شاهدٌ من غير أن يُستشهد ، وشهد الآخر قضاءً لذمامٍ بغير حقٍّ عرفه ، وتُفقّه لغير الدين ، وآثروا عمل الدنيا على الآخرة ، ولبسوا جلود الضأن على قلوب الذئاب ، وقلوبهم أنتن من الجيف ، وأمرُّ من الصبر ، فعند ذلك الوحا الوحا ، العجل العجل ، خير المساكن يومئذ بيت المقدس ، ليأتين على الناس زمانٌ يتمنى أحدهم أنه من سكانه .... الخبر . ص193
المصدر: إكمال الدين2/207
قال الباقر (ع) : كأني بقومٍ قد خرجوا بالمشرق ، يطلبون الحقّ فلا يُعطَونه ثم يطلبونه فلا يُعطَونه ، فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم ، فيُعطَون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يقوموا ، ولا يدفعونها إلا إلى صاحبكم ، قتلاهم شهداءٌ ، أما إني لو أدركت ذلك لأبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر . ص243
المصدر: غيبة النعماني ص145
قال الصادق (ع) - وقد ذُكر هؤلاء عنده وسوء حال الشيعة عندهم - : إني سرتُ مع أبي جعفر المنصور وهو في موكبه ، وهو على فرسٍ وبين يديه خيلٌ ومن خلفه خيلٌ ، وأنا على حمارٍ إلى جانبه ، فقال لي : يا أبا عبد الله !.. قد كان ينبغي لك أن تفرح بما أعطانا الله من القوة ، وفتح لنا من العزّ ، ولا تُخبر الناس أنك أحقّ بهذا الأمر منا وأهل بيتك ، فتغرينا بك وبهم ، فقلت :
ومن رفع هذا إليك عني فقد كذب ، فقال : أتحلف على ما تقول ؟..
فقلت : إنّ الناس سحرةٌ - يعني يحبون أن يفسدوا قلبك عليّ - فلا تمكّنهم من سمعك فإنا إليك أحوج منك إلينا .
فقال لي : تذكر يوم سألتك : " هل لنا ملكٌ ؟.. فقلت ُ: نعم ، طويل عريضٌ شديدٌ ، فلا تزالون في مهلةٍ من أمركم ، وفسحةٍ من دنياكم ، حتى تصيبوا منّا دماً حراماً في شهرٍ حرامٍ في بلدٍ حرامٍ ؟.. " فعرفتُ أنه قد حفظ الحديث ، فقلتُ : لعلّ الله عزّ وجلّ أن يكفيك ، فإني لم أخصّك بهذا إنما هو حديث رويته .. ثم لعلّ غيرك من أهل بيتك أن يتولى ذلك ، فسكت عني .
فلما رجعت إلى منزلي أتاني بعض موالينا فقال : جعلت فداك !.. والله لقد رأيتك في موكب أبي جعفر ، وأنت على حمارٍ وهو على فرسٍ ، وقد أشرف عليك يكلّمك كأنك تحته ، فقلت بيني وبين نفسي :
هذا حجّة الله على الخلق ، وصاحب هذا الأمر الذي يُقتدى به ، وهذا الآخر يعمل بالجور ، ويقتل أولاد الأنبياء ، ويسفك الدماء في الأرض بما لا يحب الله ، وهو في موكبه ، وأنت على حمارٍ ، فدخلني من ذلك شكٌّ حتى خفت على ديني ونفسي .
فقلتُ : لو رأيتَ مَن كان حولي ، وبين يدي ، ومن خلفي ، وعن يميني ، وعن شمالي من الملائكة لاحتقرته واحتقرت ما هو فيه ، فقال : الآن سكن قلبي .
ثم قال : إلى متى هؤلاء يملكون ؟.. أو متى الراحة منهم ؟.. فقلتُ : أليس تعلم أنّ لكلّ شيءٍ مدةً ؟.. قال : بلى ، فقلت : هل ينفعك علمك ؟..
إنّ هذا الأمر إذا جاء كان أسرع من طرفة العين ، إنك لو تعلم حالهم عند الله عزّ وجلّ وكيف هي ؟.. كنتَ لهم أشدّ بغضاً ، ولو جهدتَ وجهد أهل الأرض أن يدخلوهم في أشدّ ما هم فيه من الإثم لم يقدروا ، فلا يستفزنّك الشيطان ، فإنّ العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون .
ألا تعلم أنّ من انتظر أمرنا ، وصبر على ما يرى من الأذى والخوف ، هو غداً في زمرتنا ؟..
فإذا رأيتَ الحقّ قد مات وذهب أهله ، ورأيتَ الجور قد شمل البلاد ، ورأيت القرآن قد خلق ، وأُحدث فيه ما ليس فيه ، ووُجّه على الأهواء ، ورأيتَ الدين قد انكفأ كما ينكفئ الإناء .. ورأيتَ أهل الباطل قد استعلوا على أهل الحقّ ، ورأيت الشرّ ظاهراً لا يُنهى عنه ويُعذر أصحابه .. ورأيتَ الفسق قد ظهر ، واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء ، ورأيتَ المؤمن صامتاً لا يُقبل قوله ، ورأيتَ الفاسق يكذب ولا يُردّ عليه كذبه وفريته ..
ورأيتَ الصغير يستحقر بالكبير ، ورأيتَ الأرحام قد تقطّعت ، ورأيتَ من يمتدح بالفسق يضحك منه ولا يرد عليه قوله .. ورأيتَ الغلام يُعطى ما تُعطى المرأة ، ورأيتَ النساء يتزوّجن النساء ....
ورأيتَ الكافر فرحاً لما يرى في المؤمن ، مرحاً لما يرى في الأرض من الفساد ، ورأيتَ الخمور تُشرب علانيةً ، ويجتمع عليها من لا يخاف الله عزّ وجلّ ، ورأيتَ الآمر بالمعروف ذليلاً ، ورأيتَ الفاسق فيما لا يحبّ الله قوياً محموداً ....
ورأيتَ الرجل معيشته من دبره ، ومعيشة المرأة من فرجها ، ورأيتَ النساء يتخذن المجالس كما يتخذها الرجال ....
وكان الربا ظاهراً لا يُعير ، وكان الزنا تُمتدح به النساء ....
ورأيتَ الليل لا يُستخفى به من الجرأة على الله ....
ورأيتَ المرأة تقهر زوجها ، وتعمل ما لا يشتهي ، وتنفق على زوجها .... ورأيتَ القرآن قد ثقُل على الناس استماعه ، وخفّ على الناس استماع الباطل ....
ورأيتَ الغيبة تُستملح ، ويبشر بها الناس بعضهم بعضاً .. ورأيتَ طلب الحجّ والجهاد لغير الله ....
ورأيتَ الرجل يطلب الرئاسة لعَرض الدنيا ....
ورأيتَ الرجل عنده المال الكثير لم يزكّه منذ ملكه ....
ورأيتَ الرجل يُمسي نشوان ، ويصبح سكران ....
ورأيتَ البهائم تُنكح ....
ورأيتَ قلوب الناس قد قست ، وجمدت أعينهم ، وثقُل الذّكر عليهم .... ورأيتَ كلّ عامٍ يحدث فيه من البدعة والشرّ أكثر مما كان ....
ورأيتَ الناس يتسافدون ( أي يتناكحون علانية على ظهر الطريق ) كما تسافد البهائم ، لا ينكر أحدٌ منكراً تخوّفاً من الناس ....
ورأيتَ النساء قد غلبن على الملك ، وغلبن على كلّ أمرٍ ، لا يُؤتى إلا ما لهن فيه هوى ....
ورأيتَ المساجد محتشيةً ممن لا يخاف الله ، مجتمعون فيها للغيبة وأكل لحوم أهل الحقّ .... ورأيتّ الصلاة قد استُخفّ بأوقاتها ....
فكن على حذر ، واطلب من الله عزّ وجلّ النجاة ، واعلم أنّ الناس في سخط الله عزّ وجلّ ، وإنما يمهلهم لأمرٍ يُراد بهم ، فكن مترقّباً !..
واجتهد ليراك الله عزّ وجلّ في خلاف ما هم عليه ، فإن نزل بهم العذاب وكنت فيهم ، عجّلت إلى رحمة الله ، وإن أُخّرت ابتلوا وكنت قد خرجت مما هم فيه ، من الجرأة على الله عزّ وجلّ .. واعلم أنّ الله لا يضيع أجر المحسنين ، وأنّ رحمة الله قريبٌ من المحسنين . ص260
المصدر: روضة الكافي ص36