إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حدث العاقل بما لا يليق

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حدث العاقل بما لا يليق

    حدث العاقل بما لا يليق ..
    أبا جعفر الحسيني
    لقد ورد في كتب التفسير الكثير من الآراء التي تحاول أن تفسر الآيات القرآنية بحسب الرأي والاجتهاد دون الرجوع إلى نص يقطع الرأي عن المعصوم وهذا لا يقتصر على أهل السنة والجماعة بل يتعداه إلى بعض مفسري الشيعة كذلك إذ يفترض بالمفسر مهما بلغت همته لدى تفسيره لآي الذكر الحكيم أن يستند في قوله إلى رواية واحدة بالأقل للمعصومين فيجتنب انتحال مهمة الإمام التي حذر منها خير البشر بقوله ( من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار ) وفي حديث أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام ) إذ قال ( من فسر القرآن برأيه فأصاب لم يؤجر وإن أخطأ خر أبعد من السماء- العياشي ) وقوله (عليه السلام ) ( ما ضرب رجل القرآن بعضه ببعض إلا كفر )
    وقد التمس بعض المحققين العذر في ذلك من قوله تعالى ( لعلمه الذي يستنبطونه – سورة النساء – 83 ) كما ذكره المحقق الأردبيلي في ( زبدة البيان ) عن قول بعض التابعين مثل عبيدة السلماني وسالم ابن عبد الله وغيرهم من أن المراد من هذه الآية إنما هو الحث على استنباط العامة للأحكام من القرآن مباشرة اعتمادا على الرأي
    فيما أظهر المحقق البحراني في ( الحدائق النضرة ج 1 ) لدى كلامه عن حجية ظواهر الكتاب وعدمها إذا لم يرد التفسير عن أهل بيت العصمة – حيث بين أن الآية المذكورة لو أنها أخذت مع ما قبلها ( ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ... الآية ) لتبين جليا أن الذين يستنبطونه هم أئمة أهل البيت دون سواهم .. حيث جاء في الجوامع عن الباقر ( عليه السلام ) : هم الأئمة المعصومون .. وما ذكره العياشي ( عن الرضا –عليه السلام ) قوله في تفسيرها ( يعني أل محمد وهم الذين يستنبطون من القرآن ويعرفون الحلال والحرام )
    إلا أن آخرون انعطفوا على قوله تعالى ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها – سورة محمد صلى الله عليه وآله وسلم تسليما – 24 ) للإشاعة بأن التدبر في القرآن ( تفسيره ) أمر يحث عليه مولى الخلق وهو يذم من لم يفعل ( أم على قلوب أقفالها .. ) والمعلوم أن هذا الخطاب من سياق الآية وما قبلها وما بعدها يختص التهديد والوعيد للذين يخالفون البيَن من الآيات بالتحريم والنهي مما اتضح معناها جليا ( كمعنىً ظاهرا – لا يمنع من وجود معنىً باطن في ذات الوقت – على أن ظاهر المعنى مفروض على من يعيه والباطن موكول بيانه إلى رديف القرآن أي العترة الطاهرة عليهم السلام )
    ومع ذلك فإن هؤلاء اعتمدوا قول ابن عباس حول تقسيمه تفسير القرآن إلى أربعة أجزاء هي :
    ( ما لا يعذر أحد بجهالته) و( ما تعرفه العرب بكلامها ) و ( ما يعلمه العلماء ) و ( ما لا يعلمه إلا الله عز وجل )
    فإذا ما أخذنا بنظر الاعتبار إن الكثير من الجهلة ( مع تقديرنا للعلماء ) يرون لأنفسهم الحق ( لما يظنون في أعماقهم من العلم ) فان التصدي لتفسير القرآن لن يكون حجرا على أحد دون سواه حتى إننا قد نجد من الناس من يتجرأ حتى على ما اختصه الرحمن بالعلم عنده ليدعي الفتح الإلهي والإلهام الغيبي بما غاب فهمه على سائر الخلق
    في حين أن شيخ الطائفة في كتابه ( البيان ) ورغم تصنيفه التفسير إلى الأربع أصناف ولكنه أوضح باختصار المرجع في كل منها وهي:
    أولها ما اختصه تعالى بالعلم عنده فلا يجوز لأحد تكلف القول فيه أصلا.
    والثاني ما يكون ظاهره مطابقا لمعناه فمن عرف اللغة أمكنه الوقوف على المراد منه كقوله تعالى ( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق .. الأنعام 151 )
    والثالث ما كان مجملا لا ينبئ بكل تفاصيله كقوله تعالى (وأقيموا الصلاة ..- الأنعام 72 ) وهذا مما يستوجب الرجوع فيه إلى بيان الرسول صلى الله عليه وأله وسلم تسليما في الحديث والسنة النبوية الشريفة .
    ورابعها ما كان يحتمل أكثر من معنى فإنه لا ينبغي لأحد أن يتصدى للقول فيها إلا بعد الرجوع إلى النبي أو الإمام .

    ومن المشكل في الأمر أن يعتمد المفسر في بيان معنىً ما ( وإن لم يدخل في باب العبادات والمعاملات ) على مصادر شتى ويعتبر ذلك قطعيا لشهرته أو لتضافر نقله .. وهو على الأرجح غير كاف للإثبات خاصة إذا كان مخالفا للدلالات الأقرب للمراد في هذه الآية أو تلك .
    فقد أجمع المفسرون ( على حد علمي القاصر ) على أن الآية الكريمة ( إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا .. التوبة 39 ) قد نزلت في هجرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تسليما ومعه ( أبو بكر- الخليفة الأول ) كما جاء في تفسير الميزان للسيد محمد حسين الطباطبائي ( أن المراد بصاحبه في الآية هو أبو بكر ( للنقل القطعي ) ) وقد أومأ إلى ذات المعنى في تفسيره السيد عبد الله شبر مع تركيزه على أن الصحبة لا تستلزم الإيمان بالضرورة وتغافله عن أن المراد بصاحبه ( أبو بكر ) والاكتفاء بالإشارة السابقة .
    أما السيد علي عاشور في التفسير برواية الإمام علي ( عليه السلام ) فإنه أغفل الآية بتمامها واكتفى بما قبلها وما بعدها ولم يبين السبب في ذلك .. وعلى هذا المنوال يمكن القول أن مفسري الشيعة حاولوا أن يقللوا بطريقة أو بأخرى من أهمية صحبة أبو بكر للرسول صلى الله عليه وآله وسلم تسليما .. مع أن الأمر من أوله يسترعي الوقوف والتأمل ..
    فإذا نظرنا لتفاصيل الآية بـ ( ما تعرفه العرب بكلامها ) أو (ما يكون ظاهره مطابقا لمعناه ) لوجدنا أن ما يعول عليه أنصار القول ( من أهل السنة ) في أن الخليفة الأول يأتي- ثانيا - بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تسليما, استنادا لما جاء في هذا الموضع بالذات مما يجعله أهلا للخلافة لا ( الإمام علي – عليه السلام ) فإن السياق يأبى ذلك في كلام العرب ..!!
    حيث نجد أن الآية وابتدءا من القول ( ثاني اثنين ) وحتى نهاية الآية لم تأتي على ذكر ( الأول ) مطلقا لأن ( إذ ) وهو يشير في كلا الموضعين الذين جاء فيهما إلى الثاني ( حصرا ) باعتباره ( بدل ) يؤكد أن الثاني كان مع صاحبه في الغار ؛ وهو نفسه الذي يقول له ( لا تحزن إن الله معنا )
    فإذا كان الثاني هو الخليفة الأول – صار أعظم يقينا من صاحبه ( الذي هو الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تسليما ) لأنه هو الذي يطمئنه إلى ( إن الله معنا ) – ومع إن مثل هذا الزعم ليس ببعيد على من ينسب لـ ( محمد صلى الله عليه وآله وسلم تسليما ) ما ينسب من الأخطاء والهفوات وينزه عنها سواه – إلا إنه لا يملك الجرأة على هذا القول لأن ذلك ينسف عقيدته من الأساس ولا معنى عندها لادعائه إتباع هدي ( محمد صلى الله عليه وآله وسلم تسليما ) لأن الهدي عندها سيكون هدي أبي بكر .
    ولا ريب في أن إنكار هذه الدعوى ( أن يكون القائل – الثاني – هو أبو بكر - بل الرسول صلى الله عليه وسلم تسليما ) سيطيح بوسيلة الاحتجاج والتفضيل الوحيدة التي تشبث بها هؤلاء من أن صاحبهم الثاني في المقام دون سائر الصحابة ( وعليهم عندها أن يبحثوا عن آية أخرى تضع - ثانيا - فيدَعوها لمن يريدون ) .. إلا إن ذلك لن يرفع الإشكال نهائيا .. فإن نسبة القول إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تسليما سوف تجعله - ثاني الاثنين - بدلا من ذاك ..
    ولو كان الوصف من رجل لدعتنا الغيرة على نبينا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم تسليما إلى عتابه لإنزاله إياه مرتبة أدنى من سواه .. فكيف والقائل هو رب العزة ( تعالى عن الغفلة والخطأ ) .. فلا سبيل هنا إلا التسليم بوجود رفيق للرسول صلى الله عليه وآله وسلم تسليما هو بمرتبة الثاني بأي حال ولكن لا بأس في أن يبادر في القول (لا تحزن – والحزن غير الخوف – إن الله معنا ) ومثل هذا الرفيق يمكن أن يكون جبرائيل ( عليه السلام ) .
    وحيث أن المتحدث لا يرغب في أن يتبوأ مقعدا من النار ( والعياذ بالله ) فإني لن أدعي المعرفة بالقرآن دون الرجوع لآل البيت ( عليهم السلام ) فيه .. ولكني لم أستسغ فكرة أن يأتي المولى ( جل وعلا ) بذكر الأدنى منزلة بمنزلة من علاه لدى الخلق والخالق وكان ذلك أدعى للتأمل والبحث دون التسليم لفكرة سقيمة أقل ما يقال فيها (( حدث العاقل بما لا يليق .. فإن صدق فلا عقل له )) وللحديث بقية ..
    التعديل الأخير تم بواسطة ابا جعفر; الساعة 03-11-13, 02:09 AM.
    رب إني مغلوب فانتصر

  • #2
    احسنت الاختيار بحث اكثر من رائع فيه استدلال بحقائق ملفته للانتباه

    فبارك الله فيك وسدد خطاك
    ننتظر منك المزيد

    تعليق


    • #3
      بارك الله فيكم أخي العزيز .. وسددنا وإياكم لكل خير
      رب إني مغلوب فانتصر

      تعليق

      يعمل...
      X