د. عبدالله المسند*
:. إن حادثة الإسراء والمعراج منعطف كبير ومهم في سيرة المصطفى صلى الله عليه واله وسلم .. رحلة المعراج فريدة بل ويتيمة في تاريخ البشر فلم ولن تتكرر والله أعلم .. رحلة جمعت أفضل البشر مع أفضل الملائكة ليعرج به إلى أين؟ وأي طريق سلكوا؟ وأي وسيلة ركبوا؟ وأي سرعة بلغوا؟
*****
:. قصة المعراج قصة عجيبة غريبة مخيفة وفي نظري أغرب ما روي من السيرة النبوية الشريفة .. قصة معجزة وخارقة لنواميس الكون قاطبة .. ربطت الأرض بالسماء والأحياء بالأموات والقريب بالبعيد والإنسان بالملائكة والحاضر بالماضي والحاضر بالمستقبل بل ربطت بين الدنيا والآخرة .. المعراج لم يحدث لأحد من قبله صلى الله عليه واله وسلم وفقاً للنقل وربما لن تحدث لأحد من بعده .. بل ولم يزعم أو يتجاسر أحد من الدجالين أنه عرج به كما عُرج بمحمد عليه الصلاة والسلام .. المعراج حادثة فريدة غريبة في زمانها ومكانها وشخوصها وفصولها حتى دفعت قريشاً للكذب دون تردد .. بل وحتى لو حصلت في عصرنا هذا عصر النانو والذرة لكذب بها أكثر أهل الأرض إلا من فتح الله عليه {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس} .. رحلة المعراج بأي سرعة تمت؟ وأي مسافة قطعت؟ سؤالان محيران، قال تعالى {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} فدعونا نتفكر ونتأمل ونتدبر جانباً من جوانب القصة هي السرعة والمسافة.
*****
:. لنضرب مثالاً يجسد الفكرة .. المسافة المستقيمة بين مكة المكرمة والقدس الشريف حوالي 1200كم، ولنفترض جدلاً أنها فقط 1000كم .. سيقطعها الإنسان راجلاً في 200 ساعة متواصلة تقريباً بسرعة 5 كم/ساعة .. بينما تقطعها الدراجة الهوائية في 50 ساعة بسرعة 20 كم/ساعة .. بينما تقطعها السيارة بعشر ساعات فقط بسرعة 100كم/ساعة ويقطعها القطار السريع في 3.3 ساعة بسرعة 300 كم/ساعة .. بينما الطائرة تقطعها بساعة واحدة عندما تكون سرعتها 1000 كم/ساعة .. بينما طائرة الميراج على ـ سبيل المثال ـ تقطعها في 50 دقيقة بسرعة الصوت 1200كم/ساعة .. وفي سرعة دخول مكوك الفضاء إلى الأرض (26000 كم/ساعة) تُقطع المسافة بين مكة والقدس بـدقيقتين فقط .. وبأعلى سرعة اخترعها الإنسان وهي سرعة سفينة الفضاء وتبلغ (54400 كم/ساعة) تستغرق الرحلة بين المدينتين فقط دقيقة واحدة!.
*****
******
:. وأخيراً لندع السرعة التقليدية ونحسب وفقاً لأسرع سرعة عرفها الإنسان إنها سرعة الضوء Lightspeed وتعادل 1079252848كم/ساعة وتقطع المسافة بين المدينتين في 0.00006 جزء من الثانية أي أسرع من لمح البصر فسبحان الذي بيده ملكوت السموات والأرض .. وعندها ندرك ماهية سرعة الضوء، ودعونا نستخدم تلك السرعة الرهيبة والتي (لو) استخدمها الإنسان جدلاً للسفر من مكة إلى نيويورك والمسافة بينهما 10000كم بسرعة الضوء لقطعها فقط بـ 0.00006 جزء من الثانية أي أسرع من لمح البصر ... بينما لو استخدمت السرعة نفسها للسفر إلى القمر ومعدل بعده عن الأرض حوالي 381,706 كم لقطعت المسافة بـ 0.02 أي بثانيتين تقريباً.
*****
تعليق