المهدي في القرآن
ستقرأ فيما يلي مقتطفات من كتاب (المهدي في القرآن) وهو من تأليف سماحة السيد صادق الحسيني الشيرازي.
﴿هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب﴾ البقرة/ 2 ـ 3
روى الحافظ سليمان القندوزي (الحنفي) في ينابيع المودة [باسناده المذكور] عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: دخل جندل بن جنادة بن جبير اليهودي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسأله عن أشياء، وإسلامه على يد النبي صلى الله عليه وآله ـ في حديث طويل إلى أن قال ـ :
سئل النبي صلى الله عليه وآله عن أوصيائه، فعدهم النبي صلى الله عليه وآله له، إلى أن قال صلى الله عليه وآله:
«... فبعده ابنه محمد، يدعى بالمهدي، والقائم، والحجة، فيغيب، ثم يخرج، فاذا خرج يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، طوبى للصابرين في غيبته، طوبى للمقيمين على محبتهم، أولئك الذين وصفهم الله في كتابه وقال:
﴿هدى للمتقين، الذين يؤمنون بالغيب﴾ إلى آخر الحديث.
(أقول) يعني: أن المتقين هم المؤمنون بالإمام المهدي عليه السلام ، ويعني بالغيب، هو نفس الإمام المهدي، فالغيب، ما غاب عن الحواس الخمس، وكما أن الله غيب، لأنه لا يدرك بالحواس الخمس، والآخرة غيب لغيبتها عن الحواس، كذلك الإمام المهدي عليه السلام غيب، لأنه لا يرى في زمن الغيب رؤية عمومية يعرف بها.
﴿وإذ ابتلى إبراهيم ربُّه بكلمات فأتمهن﴾ البقرة/ 124
روى الحافظ سليمان القندوزي (الحنفي) [بأسناده المذكور] عن المفضل بن عمر، قال: سألت جعفراً الصادق عن قوله عزّ وجلّ:
«وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات» الآية.
قال: هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه وهو انه قال:
(يا رب أسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت عليّ)
«فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم»
فقلت له: يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله فما يعني بقوله:
«فأتمهن»؟
قال: يعني: أتمهن إلى القائم المهدي اثني عشر إماماً تسعة من [ولد] الحسين عليه السلام.
(أقول) (ابتلى) بمعنى: الامتحان والاختبار، ومعنى الحديث أن الله تعالى اختبر نبيه الخليل عليه السلام ، وامتحنه بأسماء رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة ألاثني عشر عليهم السلام. وأما حقيقة الاختبار ماذا كان فقد سكتت عنها هذه الآية الكريمة ولكن وضحتها أحاديث شريفة، وأنها كانت الخضوع لأفضليتهم والاعتقاد بمتابعته إياهم.
﴿فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعاً﴾ البقرة/ 148
روى الحافظ القندوزي (الحنفي) بإسناده المذكور، قال: عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام] في قول الله عزّ وجلّ:
«فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعاً»
قال: يعني: أصحاب (القائم) الثلاثمائة وبضعة عشر.
وهم والله «الأمة المعدودة» يجتمعون في ساعة واحدة، كقزع الخريف.
(أقول) يعني بالأمة المعدودة، ما ذكره القرآن الحكيم بقوله:
«ولئن أخّرنا عنهم العذاب إلى امة معدودة ليقولن ما يحبسه» هود/ 8
وسيأتي تفسيرها بذلك في سورة (هود) عليه السلام إن شاء الله تعالى:
(وقد) ورد في الأحاديث الشريفة ما يفسر هذه الآية الكريمة بالتفصيل، وخلاصته: أن الرعيل الأول من أصحاب الإمام المهدي عليه السلام ـ وعددهم 313 كعدد أصحاب بدر ـ يلتحقون به اول ظهوره عليه السلام وهو بعد في مكة وهم في أكناف الأرض وأطراف البلاد، خلال ساعة واحدة بقدرة الله تعالى، نظير قصة (عرش بلقيس) ومجئ آصف بن برخيا ـ وصي سليمان النبي عليه السلام ـ به من اليمن إلى (القدس) في أقل من لحظة واحدة، وقد نقلها القرآن الحكيم.
﴿وليمحّص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين﴾ آل عمران/ 141
أخرج الفقيه الشافعي (الحمويني) بسنده المذكور قال: عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (رضي الله عنهما) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
إن علياً وصيي ومن ولده (القائم) المنتظر الذي يملأ به الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، والذي بعثني بالحق بشيراً ونذيراً إن الثابتين على القول بإمامته في زمان غيبته لأعز من الكبريت الأحمر.
فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري فقال: يا رسول الله وللقائم من ولدك غيبة؟
قال صلى الله عليه وآله: أي وربّي «ليمحّص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين»
يا جابر: إن هذا لأمر من أمر الله، وسر من سر الله من سر علته مطوية عن عباده فإياك والشك، فإن الشك في أمر الله عزّ وجلّ كفر.
(أقول) وممن أخرج الحديث ابن خلدون في (مقدمته)
وهكذا أخرجه أيضاً عالم (الشافعية) الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي في كتاب مجمع الفوائد ومنبع الفرائد وغيرهما.
(الكبريت الأحمر) من معانيه الذهب الأحمر أي الخالص والمقصود: أن المؤمن بالإمام المهدي عليه السلام في أيام غيبته أقل وجوداً من الذهب الخالص.
ووجه الشبه: هو أن الذهب الخالص قليل الوجود لأن الذهب غالباً ـ مصوغاً وغير مصوغ ـ مخلوط بغيره من نحاس، أو صفر، أو نيكل، أو غيرهما.
والمؤمن بالإمام المهدي عليه السلام أقل وجوداً منه (وفي هذا) الحديث دليل على أن (غيبة) الإمام عليه السلام سببها امتحان الناس، وتمحيص المؤمن الخالص، والكافر والمؤمن المغشوش.
(فالكافر) بالإمام يمحق ويضمحل، والمؤمن المغشوش ينكر الإمام المهدي عند طول غيبته فينطبق عليه حديث الرسول صلى الله عليه وآله: (من أنكر خروج المهدي فقد كفر بما انزل على محمد) والمؤمن الخالص يبقى على الاعتقاد بإمامته مهما طالت الغيبة.
قوله صلى الله عليه وآله: (إن هذا الأمر) الظاهر أن المراد منه وقت ظهور الإمام عليه السلام .
قوله صلى الله عليه وآله (وإياكم والشك) يعني: إذا طالت الغيبة فلا تشكّوا في الإمام، ولا تقولوا: لو كان لظهر. فإنه كفر ـ كما أسلفنا حديث النبي صلى الله عليه وآله
ستقرأ فيما يلي مقتطفات من كتاب (المهدي في القرآن) وهو من تأليف سماحة السيد صادق الحسيني الشيرازي.
﴿هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب﴾ البقرة/ 2 ـ 3
روى الحافظ سليمان القندوزي (الحنفي) في ينابيع المودة [باسناده المذكور] عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: دخل جندل بن جنادة بن جبير اليهودي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسأله عن أشياء، وإسلامه على يد النبي صلى الله عليه وآله ـ في حديث طويل إلى أن قال ـ :
سئل النبي صلى الله عليه وآله عن أوصيائه، فعدهم النبي صلى الله عليه وآله له، إلى أن قال صلى الله عليه وآله:
«... فبعده ابنه محمد، يدعى بالمهدي، والقائم، والحجة، فيغيب، ثم يخرج، فاذا خرج يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، طوبى للصابرين في غيبته، طوبى للمقيمين على محبتهم، أولئك الذين وصفهم الله في كتابه وقال:
﴿هدى للمتقين، الذين يؤمنون بالغيب﴾ إلى آخر الحديث.
(أقول) يعني: أن المتقين هم المؤمنون بالإمام المهدي عليه السلام ، ويعني بالغيب، هو نفس الإمام المهدي، فالغيب، ما غاب عن الحواس الخمس، وكما أن الله غيب، لأنه لا يدرك بالحواس الخمس، والآخرة غيب لغيبتها عن الحواس، كذلك الإمام المهدي عليه السلام غيب، لأنه لا يرى في زمن الغيب رؤية عمومية يعرف بها.
﴿وإذ ابتلى إبراهيم ربُّه بكلمات فأتمهن﴾ البقرة/ 124
روى الحافظ سليمان القندوزي (الحنفي) [بأسناده المذكور] عن المفضل بن عمر، قال: سألت جعفراً الصادق عن قوله عزّ وجلّ:
«وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات» الآية.
قال: هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه وهو انه قال:
(يا رب أسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت عليّ)
«فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم»
فقلت له: يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله فما يعني بقوله:
«فأتمهن»؟
قال: يعني: أتمهن إلى القائم المهدي اثني عشر إماماً تسعة من [ولد] الحسين عليه السلام.
(أقول) (ابتلى) بمعنى: الامتحان والاختبار، ومعنى الحديث أن الله تعالى اختبر نبيه الخليل عليه السلام ، وامتحنه بأسماء رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة ألاثني عشر عليهم السلام. وأما حقيقة الاختبار ماذا كان فقد سكتت عنها هذه الآية الكريمة ولكن وضحتها أحاديث شريفة، وأنها كانت الخضوع لأفضليتهم والاعتقاد بمتابعته إياهم.
﴿فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعاً﴾ البقرة/ 148
روى الحافظ القندوزي (الحنفي) بإسناده المذكور، قال: عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام] في قول الله عزّ وجلّ:
«فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعاً»
قال: يعني: أصحاب (القائم) الثلاثمائة وبضعة عشر.
وهم والله «الأمة المعدودة» يجتمعون في ساعة واحدة، كقزع الخريف.
(أقول) يعني بالأمة المعدودة، ما ذكره القرآن الحكيم بقوله:
«ولئن أخّرنا عنهم العذاب إلى امة معدودة ليقولن ما يحبسه» هود/ 8
وسيأتي تفسيرها بذلك في سورة (هود) عليه السلام إن شاء الله تعالى:
(وقد) ورد في الأحاديث الشريفة ما يفسر هذه الآية الكريمة بالتفصيل، وخلاصته: أن الرعيل الأول من أصحاب الإمام المهدي عليه السلام ـ وعددهم 313 كعدد أصحاب بدر ـ يلتحقون به اول ظهوره عليه السلام وهو بعد في مكة وهم في أكناف الأرض وأطراف البلاد، خلال ساعة واحدة بقدرة الله تعالى، نظير قصة (عرش بلقيس) ومجئ آصف بن برخيا ـ وصي سليمان النبي عليه السلام ـ به من اليمن إلى (القدس) في أقل من لحظة واحدة، وقد نقلها القرآن الحكيم.
﴿وليمحّص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين﴾ آل عمران/ 141
أخرج الفقيه الشافعي (الحمويني) بسنده المذكور قال: عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (رضي الله عنهما) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
إن علياً وصيي ومن ولده (القائم) المنتظر الذي يملأ به الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، والذي بعثني بالحق بشيراً ونذيراً إن الثابتين على القول بإمامته في زمان غيبته لأعز من الكبريت الأحمر.
فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري فقال: يا رسول الله وللقائم من ولدك غيبة؟
قال صلى الله عليه وآله: أي وربّي «ليمحّص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين»
يا جابر: إن هذا لأمر من أمر الله، وسر من سر الله من سر علته مطوية عن عباده فإياك والشك، فإن الشك في أمر الله عزّ وجلّ كفر.
(أقول) وممن أخرج الحديث ابن خلدون في (مقدمته)
وهكذا أخرجه أيضاً عالم (الشافعية) الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي في كتاب مجمع الفوائد ومنبع الفرائد وغيرهما.
(الكبريت الأحمر) من معانيه الذهب الأحمر أي الخالص والمقصود: أن المؤمن بالإمام المهدي عليه السلام في أيام غيبته أقل وجوداً من الذهب الخالص.
ووجه الشبه: هو أن الذهب الخالص قليل الوجود لأن الذهب غالباً ـ مصوغاً وغير مصوغ ـ مخلوط بغيره من نحاس، أو صفر، أو نيكل، أو غيرهما.
والمؤمن بالإمام المهدي عليه السلام أقل وجوداً منه (وفي هذا) الحديث دليل على أن (غيبة) الإمام عليه السلام سببها امتحان الناس، وتمحيص المؤمن الخالص، والكافر والمؤمن المغشوش.
(فالكافر) بالإمام يمحق ويضمحل، والمؤمن المغشوش ينكر الإمام المهدي عند طول غيبته فينطبق عليه حديث الرسول صلى الله عليه وآله: (من أنكر خروج المهدي فقد كفر بما انزل على محمد) والمؤمن الخالص يبقى على الاعتقاد بإمامته مهما طالت الغيبة.
قوله صلى الله عليه وآله: (إن هذا الأمر) الظاهر أن المراد منه وقت ظهور الإمام عليه السلام .
قوله صلى الله عليه وآله (وإياكم والشك) يعني: إذا طالت الغيبة فلا تشكّوا في الإمام، ولا تقولوا: لو كان لظهر. فإنه كفر ـ كما أسلفنا حديث النبي صلى الله عليه وآله
تعليق