إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

إحتجاج يعقوب بخوفه من أكل الذئب ليوسف

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • إحتجاج يعقوب بخوفه من أكل الذئب ليوسف

    احتجاج يعقوب بخوفه من أكل الذئب ليوسف
    ________________________________________

    احتجاج يعقوب بخوفه من أكل الذئب ليوسف

    روى في كنز الدقائق(1) روايات أذكر منها مايلي:
    1 ـ عن تفسير العيّاشيّ، عن أبي خديجة، عن رجل، عن أبي عبد الله قال: «إنّما ابتلي يعقوب بيوسف أنّه ذبح كبشاً سميناً ورجل من أصحابه محتاج لم يجد ما يفطر عليه، فأغفله ولم يطعمه، فابتلي بيوسف، وكان بعد ذلك كلّ صباح مناديه ينادي: من لم يكن صائماً فليشهد غداء يعقوب، فإذا كان المساء نادى: من كان صائماً فليشهد عشاء يعقوب».
    2 ـ عن كتاب علل الشرائع بإسناده إلى عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله قال: «إنّ بني يعقوب لمّا سألوا أباهم يعقوب أن يأذن ليوسف في الخروج معهم قال لهم: إنّي أخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون، قال: فقال أبو عبد الله : قرّب يعقوب لهم العلّة، فاعتلّوا بها في يوسف».

    --------------------------------------------------------------------------------
    عليه، لكن يخاف أن يأكله الذئب على حين غفلة منهم، فردّوه ردّ منكر مستغرب، وذكروا لتطيب نفسه: أنّهم جماعة أقوياء متعاضدون ذوو بأس وشدّة، وأكّدوا أنّ أكل الذئب إيّاه وهم عصبة يقضي بخسرانهم، ولن يكونوا خاسرين البتّة.
    (1) ج 6، ص 279 فصاعداً.

    3 ـ عن مجمع البيان: روي عن النبيّ أنّه قال: «لا تلقّنوا الكذب فتُكذَبوا، إنّ بني يعقوب لم يعلموا أنّ الذئب يأكل الإنسان حتّى لقّنهم أبوهم».
    4 ـ عن علل الشرائع، عن محمّد بن موسى بن المتوكّل قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطيّة، عن الثمالي قال: «صلّيت مع عليّ بن الحسين الفجر بالمدينة يوم الجمعة، فلمّا فرغ من صلاته وسبحته نهض إلى منزله وأنا معه، فدعا مولاة له تسمّى سكينة، فقال لها: لا يعبر على بابي اليوم سائل إلاّ أطعمتموه، وإنّ اليوم يوم الجمعة، قلت له: ليس كلّ من يسأل مستحقّاً، فقال: يا ثابت أخاف أن يكون بعض من يسألنا مستحقّاً فلا نطعمه ونردّه، فينزل بنا أهل البيت ما نزل بيعقوب وآله، أطعموهم أطعموهم.
    إنّ يعقوب كان يذبح كلّ يوم كبشاً، فيتصدّق منه ويأكل هو وعياله، وإنّ سائلاً مؤمناً صوّاماً محقّاً له عند الله منزلة، وكان مجتازاً غريباً اعترّ على باب يعقوب عشيّة جمعة عند (غير خل) أوان إفطاره، فهتف على بابه، وقال: أطعموا السائل المجتاز الغريب الجائع من فضل طعامكم، يهتف بذلك على بابه مراراً وهم يسمعونه، وقد جهلوا حقّه، ولم يصدّقوا قوله.



    فلمّا يئس أن يطعموه، وغشيه الليل استرجع واستصبر وبكى وشكا جوعه إلى الله ، وبات طاوياً (أي: جائعاً) حامداً لله، وبات يعقوب وآل يعقوب شبعاناً بطنانا، وأصبحوا وعندهم فضلة من الطعام.
    قال: فأوحى الله إلى يعقوب في صبيحة تلك الليلة: لقد أذللت يا يعقوب عبدي ذلّة استجرت بها غضبي، واستوجبت بها أدبي، ونزول عقوبتي، وبلواي عليك وعلى ولدك، يا يعقوب إنّ أحبّ أنبيائي إليّ وأكرمهم عليّ من رحم مساكين عبادي، وقرّبهم إليه، وأطعمهم، وكان لهم مأوىً و ملجأ، يا يعقوب أما رحمت ذميال عبدي المجتهد في عبادتي القانع باليسير من ظاهر الدنيا عشاء أمس...
    أو ما علمت يا يعقوب أ نّي بالعقوبة والبلوى إلى أوليائي أسرع منّي بها إلى أعدائي!؟ وذلك حسن النظر منّي لأوليائي، واستدراج منّي لأعدائي.
    أما وعزّتي لاُنزلنّ بك بلائي، ولأجعلك وولدك به غرضاً لمصائبي، ولاُؤدّبنّك بعقوبتي، فاستعدّوا لبلائي، وارضوا بقضائي، واصبروا للمصائب.
    فقلت لعليّ بن الحسين : جعلت فداك، متى رأى يوسف الرؤيا؟ فقال: في تلك الليلة التي بات فيها يعقوب شبعاناً، وبات فيها ذميال طاوياً جائعاً.



    فلمّا رأى يوسف الرؤيا أصبح، فقصّها على أبيه يعقوب، فاغتمّ يعقوب لمّا سمع من يوسف الرؤيا مع ما أوحى الله إليه أن استعدّ للبلاء، فقال يعقوب ليوسف: لا تقصص رؤيتك هذه على إخوتك، فإنّي أخاف أن يكيدوا لك كيداً، فلم يكتم يوسف رؤياه وقصّها على إخوته.
    قال عليّ بن الحسين : وكانت أوّل بلوى نزلت بيعقوب وآل يعقوب الحسد ليوسف لمّا سمعوا منه الرؤيا.
    قال: فاشتدّت رقّة يعقوب على يوسف، وخاف أن يكون ما أوحى الله إليه من الاستعداد للبلاء إنّما هو في يوسف خاصّة، فاشتدّت رقّته عليه من بين ولده، فلمّا رأى إخوة يوسف ما يصنع يعقوب بيوسف وتكرمته إيّاه، وإيثاره إيّاه عليهم اشتدّ ذلك عليهم، وبدأ البلاء فيهم، فتآمروا فيما بينهم، وقالوا: إنّ يوسف وأخاه أحبّ إلى أبينا منّا ونحن عصبة، إنّ أبانا لفي ضلال مبين، اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً يخلُ لكم وجه أبيكم، وتكونوا من بعده قوماً صالحين، أي: تتوبون، فعند ذلك ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ * أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ فقال يعقوب: ﴿إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ﴾ .



    فانتزعه حذراً عليه من أن تكون بلوىً من الله على يعقوب في يوسف خاصّة; لموقعه من قلبه، و حبّه له.
    قال: فغلبت قدرة الله وقضاؤه ونافذُ أمره في يعقوب ويوسف وإخوته، فلم يقدر يعقوب على دفع البلاء عن نفسه، ولا عن يوسف وولده، فدفعه إليهم وهو لذلك كاره متوقّع للبلوى من الله في يوسف.
    فلمّا خرجوا من منزلهم لحقهم أبوهم مسرعاً، فانتزعه من أيديهم، فضمّه إليه واعتنقه وبكى ودفعه إليهم، فانطلقوا به مسرعين مخافة أن يأخذه منهم، ولا يدفعه إليهم.
    فلمّا مضوا به أتوا به غيضة أشجار، فقالوا: نذبحه و نلقيه تحت هذه الشجرة، فيأكله الذئب الليلة، فقال كبيرهم يهوذا: لا تقتلوا يوسف، ولكن ألقوه في غيابة الجُبّ يلتقطه بعض السيّارة إن كنتم فاعلين».





    ﴿فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ﴾ (1).

    المقصود بالوحي في الآية:
    روى في كنز الدقائق(2) عن أصول الكافي، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن الحسن بن عمّار الدهّان، عن مسمع، عن أبي عبدالله قال: «لمّا طرح إخوة يوسف يوسف في الجبّ أتاه

    --------------------------------------------------------------------------------
    (1) الآية: 15.
    ﴿فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ...﴾ أجمعوا، أي: عزموا جميعاً أن يجعلوه في غيابة الجبّ، وهو: قعر البئر، واتّفقت دواعيهم عليه. فالمعنى : وأوحينا إلى يوسف: اُقسم لتخبرنّهم بحقيقة أمرهم هذا، وتأويل ما فعلوا بك، فإنّهم يرونه نفياً لشخصك وإنساءً لاسمك، وهو في الحقيقة تقريب لك إلى أريكة العزّة وعرش المملكة، وإحياء لذكرك، وهم لا يشعرون بهذه الحقيقة، وستنبّؤهم بذلك.
    (2) ج 6، ص 284 ـ 285.


    جبرئيل فدخل عليه، فقال: يا غلام، ما تصنع هاهنا!؟
    فقال: إنّ إخوتي ألقوني في الجبّ. قال: أفتحبّ أن تخرج منه؟ قال: ذاك إلى الله ، إن شاء أخرجني، قال: فقال له: إنّ الله يقول لك: ادعني بهذا الدعاء حتّى اُخرجك من الجبّ، فقال له: وما الدعاء؟ قال: قل: اللّهمّ إنّي أسألك، بأنّ لك الحمد، لا إله إلاّ أنت المنّان، بديع السماوات والأرض، ذوالجلال والإكرام، أن تصلّي على محمّد وآل محمّد، وأن تجعل لي ممّا أنا فيه فرجاً ومخرجاً».
    والوحي المشار إليه في هذه الآية الكريمة يحتمل أن يكون هو وحي النبوّة، فأصبح نبيّاً في غيابة الجبّ في صغره، كما أصبح يحيى وعيسى نبيّين في صغرهما، ويحتمل أن لا يكون على مستوى النبوّة، وأن تكون نبوّته حصلت في سنّ البلوغ، كما قد يستظهر ذلك من قوله تعالى في الآية (22) من نفس السورة:﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمَاً وَعِلْمَاً﴾ .
    أمّا بناءً على الرواية التي رويناها، فلو صحّت، فقد يفترض أنّ نزول جبرئيل عليه، وأمره إيّاه بالدعاء يكون نوع نبوّة، ويحمل قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمَاً وَعِلْمَاً﴾ على الرسالة.
    وعلى أيّ حال، فيبدو أنّ قوله سبحانه وتعالى: ﴿لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَـذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ﴾ إشارة إلى ما وقع بعد ذلك من دخولهم على



    يوسف يمدّون إليه يد الحاجة، فعرفهم وهم له منكرون، وإلى أن قال لهم يوسف: ﴿هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ﴾ (1(

    لا ينبغي الاعتماد إلاّ على الله:
    وأخيراً أقول: روى سماحة آية الله الشيخ ناصر مكارم ـ حفظه الله ـ رواية مفادها: «أنّ يوسف كان يبكي تحت وابل الضربات القاسية، لكن حين أرادوا أن يلقوه في الجبّ شرع بالضحك فجأة، فتعجّب إخوته كثيراً، وحسبوا أنّ أخاهم يظنّ أنّ الأمر لا يعدو كونه مزاحاً، لكنّه فسّر سبب ضحكه قائلاً: لا أنسى أنّني نظرت ـ أيّها الإخوة ـ إلى سواعدكم القويّة وقواكم الجسديّة الخارقة، فسررت، وقلت في نفسي: ما عسى أن يخاف من الملمّات من عنده مثل هؤلاء الإخوة، فاعتمدت عليكم، والآن وقد أصبحت أسيراً بين أيديكم وأستجير بكم من واحد لآخر فلا اُجار، وقد سلّطكم الله عليّ لأتعلّم أن لا أعتمد وأتوكّل على أحد سواه»(2)

    --------------------------------------------------------------------------------
    (1) الآية 89 من نفس السورة.
    (2) تفسير الأمثل، ج 7، ص 155.





    ﴿وَجَاؤُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ * قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِن لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ * وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَم كَذِب قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرَاً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ (1)

    --------------------------------------------------------------------------------
    (1) الآية: 16 ـ 18.
    ﴿وَجَاؤُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ * قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا...﴾ أي: أنّهم حينما جاؤوا أباهم عشاءً يبكون قالوا لأبيهم: يا أبانا إنّا معشر الإخوة ذهبنا إلى البيداء نتسابق في عدو أو رمي، وتركنا يوسف عند رحلنا ومتاعنا، فأكله الذئب، ومن خيبتنا ومسكنتنا أنّك لست بمصدّق لنا فيما نقوله ونخبر به ولو كنّا صادقين فيه.
    ﴿وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَم كَذِب...﴾ فوجئ يعقوب بنعي ابنه وحبيبه يوسف عندما دخلوا عليه وليس معهم يوسف وهم يبكون، يخبرونه: أنّ يوسف قد أكله الذئب، وجاؤوا بقميصه وعليه دم كذب ينادي بكذبهم فيما قالوه وأخبروا به. فأضرب عن قولهم: ﴿إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ...﴾ بقوله: ﴿بَلْ
    سولّت لكم أنفسكم أمراً فصبرٌ جميل)










    من كتاب مفاهيم تربويّة في قصّة يوسف
    قال الامام علي {ع} {إعرف الحق تعرف أهله}
يعمل...
X