أسرار القرآن وكلام المعصومين (ع) لاُتكتشف علومهما إلا عن طريق الإمـام المعصوم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
القرآن ذلك الكتاب السماوي الذي أنزلهُ الله تعالى على قلب سيد الأنبياء والمرسلين نبيّنا الأكرم محمد (صلى الله عليهِ وآلهِ وسلم) ، والذي أودع الله تعالى فيهِ أسرار جميع علوم الكتب السماوية للحياة البشرية على وجه الأرض فليس هو كتاب ظاهري بعلومهِ فحسب إنما فيهِ من بطون العلم ماكان وماسيكون إلى آخر الزمان بل وفيهِ أسرار عالم البرزخ (الحياة بعد الدنيا وقبل الآخرة) وكذلك عالم الآخرة ، وهذهِ العلوم الباطنية لايظهر من حقائقها إلا أولياء الله المصطفين من لدن حكيم عليم وهو محمد وآل بيتهِ الطاهرين لاسيما تراجمته المعصومين الأربعة عشر (عليهم السلام) وهم :
الرسول الأكرم محمد بن عبد الله المصطفى (صلى الله عليهِ وآلهِ وسلم)
الإمام علي بن أبي طالب المرتضى (عليهِ السلام)
فاطمة بن رسول الله الزهراء (عليها السلام)
الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب المجتبى (عليهِ السلام)
الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب الشهيد(عليهِ السلام)
الإمام علي بن الحسين السجّاد (عليه السلام)
الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام)
الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)
الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام)
الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام)
الإمام محمد بن علي الجواد (عليه السلام)
الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام)
الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السلام)
الإمام محمد بن الحسن المهدي (عليه السلام)
صلوات ربي وسلامهُ عليهم أجمعين
فهولاء هم حجج الله على خلقهِ وأمناء الله في بلادهِ ورحمتهِ على عبادهِ هم أهل العلم والصدق والفضائل والمناقب والمعرفة خصّهم الله تعالى وأصطفاهم إماماً بعد إمام لكي لاينقطع وحي الإسلام فلا يكلمون إلا أن يأذن لهم الملك العلاّم ولايظهرون تأويل حرفاً من القرآن إلا بأمر القدّوس السلام ولاينطقون من أنفسهم الكلام إلا ولهُ وجوه ومعاني في التدبير والإلهام .
وبعد هذا البيان البسيط لحقيقة خير أهل التوحيد وأصحاب الذكر في كتاب الله المجيد ، كثر أهل التفسير والتأويل في كتاب الله (القرآن) وذهب من أهل التفسير في مذهب الإمامية إلى مستوى الجزم بالأحاديث الشريفة للمعصومين وتحديد علومها وتخصيصها بأطر ضيّقة تتماشى مع معتقداتهم الفقهية من جهة ومع العناوين الآخرى من جهة ثانية .
ذكر الشيخ النعماني حديثاً لأمير المؤمنين (عليهِ السلام) في كتاب الغيبة وهو يتحدث (عليه السلام) فيهِ عن حقيقة تفسير القرآن وأصناف حملة العلم وصحّتهِ المروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وهذا ينطبق أيضاً مع المعصومين (عليهم السلام) ، وفيهِ مايذكر إن كلام رسول الله (صلى الله عليهِ وآلهِ وسلم) فيهِ وجوه لتفسيرهِ ومعرفة حقيقته كما للقرآن من بطون العلم فلا يصل إلى كلام النبي إلا أولياء الله المعصومين ، وهذا يعني إن كلام المعصوم لايكشف أسرار كلامهِ إلا الإمام المعصوم وفي زماننا هذا هو حجة الله وبقيتهِ في العالمين محمد بن الحسن المهدي المنتظر (أرواحنا لمقدمهِ الفداء) الذي وحدهُ من يُفسر ويُأول الكتب السماوية المنُزّلة على الأنبياء والرسل ومنها القرآن وهو من يُفسر حديث النبي أو وصي نبي فقط لاغيرهُ كما يتلاعب المفسرون في تفاسيرهم المختلفة التي وصلت إلى حد غرابة المعقول في الكلام والمقول .
فهو وحدهُ (عليه السلام) في عصرنا منذ زمن الغيبة الصغرى حتى يومنا هذا هو صاحب مواريث الأنبياء في عهدهم وتراثهم وسلاحهم ولايتصور البعض إنها مع غيرهِ لأن أسرار الله من مواريث الأنبياء والرسل والأوصياء الصالحين لايتلقفها كل من هب ودب ويضع نفسهِ المارقة لأمر قائمهم الموعود في آخر الزمان ويقول أنا من عند الله ومعي مواريث الأنبياء .
كذلك فأن السنن التي جرت على جميع الأنبياء والصالحين ستجري مع الإمام الموعود في عصر الظهور الشريف.
جاء في كتاب الغيبة للشيخ النعماني (قدّس الله روحهُ الطاهرة) في ما يؤكد حقيقة هذا العنوان /
عن عبد الرزاق عن معمر عن أبان عن سليم بن قيس الهلالي قال قلت لعلي (عليه السلام) : إني سمعت من سلمان و من المقداد و من أبي ذر أشياء من تفسير القرآن و من الرواية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غير ما في أيدي الناس ثم سمعت منك تصديقا لما سمعت منهم و رأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن و من الأحاديث عن رسول الله (صلى الله عليهِ وآله وسلم) يخالفونهم فيها و يزعمون أن ذلك كان كله باطلا أ فترى أنهم يكذبون على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) متعمدين و يفسرون القرآن بآرائهم قال فأقبل علي (عليه السلام) و قال: قد سألت فافهم الجواب إن في أيدي الناس حقا و باطلا و صدقا و كذبا و ناسخا و منسوخا و خاصا و عاما و محكما و متشابها و حفظا و وهما و قد كذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على عهده حتى قام خطيبا فقال: أيها الناس قد كثرت علي الكذابة فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ثم كذب عليه من بعده و إنما أتاك بالحديث أربعة ليس لهم خامس رجل منافق مظهر للإيمان متصنع للإسلام باللسان لا يتأثم و لا يتحرج أن يكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) متعمدا فلو علم الناس أنه منافق كاذب ما قبلوا منه و لم يصدقوه و لكنهم قالوا هذا قد صحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و قد رآه و سمع منه و أخذوا عنه و هم لا يعرفون حاله و قد أخبرك الله عن المنافقين بما أخبرك و وصفهم بما وصفهم فقال عز و جل ((وَ إِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَ إِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ)) ثم بقوا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و تقربوا إلى أئمة الضلال و الدعاة إلى النار بالزور و الكذب و البهتان حتى ولوهم الأعمال و حملوهم على رقاب الناس و أكلوا بهم الدنيا و إنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله عز و جل فهذا أحد الأربعة و رجل سمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شيئا و لم يحفظه على وجهه فوهم فيه و لم يتعمد كذبا فهو في يديه و يقول به و يعمل به و يرويه و يقول أنا سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلو علم المسلمون أنه وهم فيه لم يقبلوا منه و لو علم هو أنه وهم لرفضه و رجل ثالث سمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شيئا أمر به ثم نهى عنه و هو لا يعلم أو سمعه ينهى عن شيء ثم أمر به و هو لا يعلم فحفظ المنسوخ و لم يحفظ الناسخ و لو علم أنه منسوخ لرفضه و لو علم الناس إذا سمعوا منه أنه منسوخ لرفضوه و رجل رابع لم يكذب على الله و لا على رسوله بغضا للكذب و خوفا من الله عز و جل و تعظيما لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و لم يسه بل حفظ الحديث على وجهه فجاء به كما سمعه لم يزد فيه و لم ينقص منه و حفظ الناسخ و المنسوخ فعمل بالناسخ و رفض المنسوخ و إن أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و نهيه مثل القرآن ناسخ و منسوخ و عام و خاص و محكم و متشابه قد كان يكون من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الكلام له وجهان كلام عام و كلام خاص مثل القرآن قال الله عز و جل في كتابه ((وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)) يسمعه من لا يعرف و لم يدر ما عنى الله عز و جل و لا ما عنى به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و ليس كل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يسأله عن الشيء فيفهم و كان منهم من يسأله و لا يستفهم حتى إنهم كانوا ليحبون أن يجيء الأعرابي أو الطاري فيسأل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى يسمعوا و قد كنت أنا أدخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)كل يوم دخلة و كل ليلة دخلة فيخليني فيها خلوة أدور معه حيث دار و قد علم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه لم يكن يصنع ذلك بأحد من الناس غيري فربما كان ذلك في بيتي يأتيني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أكثر من ذلك في بيتي و كنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني و أقام عني نساءه فلا يبقى عنده غيري و إذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عني فاطمة و لا أحد من ابني و كنت إذا ابتدأت أجابني و إذا سكت عنه و فنيت مسائلي ابتدأني و دعا الله أن يحفظني و يفهمني فما نسيت شيئا قط مذ دعا لي و إني قلت لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يا نبي الله إنك منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس مما علمتني شيئا و ما تمليه علي فلم تأمرني بكتبه أ تتخوف علي النسيان فقال يا أخي لست أتخوف عليك النسيان و لا الجهل و قد أخبرني الله عز و جل أنه قد استجاب لي فيك و في شركائك الذين يكونون من بعدك و إنما تكتبه لهم قلت يا رسول الله و من شركائي قال الذين قرنهم الله بنفسه و بي فقال ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)) فإن خفتم تنازعا في شيء فأرجعوه إلى الله و إلى الرسول و إلى أولي الأمر منكم فقلت يا نبي الله و من هم قال الأوصياء إلى أن يردوا علي حوضي كلهم هاد مهتد لا يضرهم خذلان من خذلهم هم مع القرآن و القرآن معهم لا يفارقونه و لا يفارقهم بهم تنصر أمتي و يمطرون و يدفع عنهم بعظائم دعواتهم قلت يا رسول الله سمهم لي فقال ابني هذا و وضع يده على رأس الحسن ثم ابني هذا و وضع يده على رأس الحسين ثم ابن له على اسمك يا علي ثم ابن له محمد بن علي ثم أقبل على الحسين و قال سيولد محمد بن علي في حياتك فأقرئه مني السلام ثم تكمله اثني عشر إماما قلت يا نبي الله سمهم لي فسماهم رجلا رجلا منهم و الله يا أخا بني هلال مهدي هذه الأمة الذي يملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا.
تعليق