:.
قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز:
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ﴾( 1)
ورد في كتب التفاسير ومجاميع روايات أهل البيت (ع) مجموعة من الروايات الدالة على فضائل أهل البيت (عليهم السلام) في تفسير الآية المذكورة، نوجزها في ما يلي:
الحق مع علي أين ما مال:
ورد في الكافي للشيخ الكليني عن محمد بن الحسين وغيره، عن سهل، عن محمد بن عيسى، ومحمد بن يحيى ومحمد بن الحسين جميعا، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو، عن عبد الحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أوصى موسى عليه السلام إلى يوشع ابن نون، وأوصى يوشع بن نون إلى ولد هارون، ولم يوص إلى ولده ولا إلى ولد موسى، إن الله تعالى له الخيرة، يختار من يشاء ممن يشاء، وبشر موسى ويوشع بالمسيح عليهم السلام فلما أن بعث الله عز وجل المسيح عليه السلام قال المسيح لهم: إنه سوف يأتي من بعدي نبي اسمه أحمد من ولد إسماعيل عليه السلام يجيئ بتصديقي وتصديقكم، وعذري وعذركم وجرت من بعده في الحواريين في المستحفظين، وإنما سماهم الله تعالى المستحفظين لأنهم استحفظوا الاسم الأكبر وهو الكتاب الذي يعلم به علم كل شئ، الذي كان مع الأنبياء صلوات الله عليهم يقول الله تعالى. ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ) الكتاب الاسم الأكبر وإنما عرف مما يدعى الكتاب التوراة والإنجيل والفرقان فيها كتاب نوح وفيها كتاب صالح وشعيب وإبراهيم عليهم السلام فأخبر الله عز وجل: ﴿إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى، صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى) فأين صحف إبراهيم، إنما صحف إبراهيم الاسم الأكبر، وصحف موسى الاسم الأكبر فلم تزل الوصية في عالم بعد عالم حتى دفعوها إلى محمد صلى الله عليه وآله. فلما بعث الله عز وجل محمدا صلى الله عليه وآله أسلم له العقب من المستحفظين وكذبه بنو إسرائيل ودعا إلى الله عز وجل وجاهد في سبيله، ثم أنزل الله جل ذكره عليه أن أعلن فضل وصيك فقال: رب إن العرب قوم جفاة، لم يكن فيهم كتاب ولم يبعث إليهم نبي ولا يعرفون فضل نبوات الأنبياء عليهم السلام ولا شرفهم، ولا يؤمنون بي إن أنا أخبرتهم بفضل أهل بيتي، فقال الله جل ذكره: ﴿وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) ﴿وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) فذكر من فضل وصيه ذكرا فوقع النفاق في قلوبهم، فعلم رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك وما يقولون، فقال الله جل ذكره: "يا محمد! -﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ﴾- فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون" ولكنهم يجحدون بغير حجة لهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يتألفهم ويستعين ببعضهم على بعض، ولا يزال يخرج لهم شيئا في فضل وصيه حتى نزلت هذه السورة، فاحتج عليهم حين أعلم بموته، ونعيت إليه نفسه، فقال الله جل ذكره: ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ، وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) يقول: إذا فرغت فانصب علمك، وأعلن وصيك فأعلمهم فضله علانية، فقال صلى الله عليه وآله: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وآل من والاه، وعاد من عاداه - ثلاث مرات - ثم قال: لأبعثن رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، ليس بفرار يعرض بمن رجع، يجبن أصحابه ويجبنونه، و قال: صلى الله عليه وآله: علي سيد المؤمنين وقال: علي عمود الدين، وقال: هذا هو الذي يضرب الناس بالسيف على الحق بعدي وقال: الحق مع علي أينما مال، وقال: إني تارك فيكم أمرين إن أخذتم بهما لن تضلوا: كتاب الله عز وجول أهل بيتي عترتي، أيها الناس اسمعوا وقد بلغت، إنكم ستردون علي الحوض فأسألكم عما فعلتم في الثقلين والثقلان: كتاب الله جل ذكره وأهل بيتي، فلا تسبقوهم فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم. فوقعت الحجة بقول النبي صلى الله عليه وآله وبالكتاب الذي يقرأه الناس فلم يزل يلقي فضل أهل بيته بالكلام ويبين لهم القرآن: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ وقال عز ذكره: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى) ثم قال: "﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) ) فكان علي عليه السلام وكان حقه الوصية التي جعلت له، والاسم الأكبر، ميراث العلم، وآثار علم النبوة فقال: ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ ثم قال: ﴿وَإِذَا الْمَوءودَةُ سُئِلَتْ، بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ﴾( يقول أسألكم عن الموؤودة التي أنزلت عليكم فضلها، مودة القربى بأي ذنب قتلتموهم وقال جل ذكره: ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ قال: الكتاب (هو) الذكر، وأهله آل محمد عليهم السلام أمر الله عز وجل بسؤالهم ولم يؤمروا بسؤال الجهال وسمى الله عز وجل القرآن ذكرا فقال تبارك وتعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ ) وقال عز وجل: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) وقال عز وجل: ﴿أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) وقال عز وجل: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إلى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُم) فرد الامر - أمر الناس - إلى أولي الامر منهم الذين أمر بطاعتهم وبالرد إليهم.
وجاء في الأمالي للشيخ الصدوق:
قال له علي بن الحسين (عليهما السلام): أما قرأت كتاب الله عز وجل؟ قال: نعم. قال: أما قرأت هذه الآية ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) قال: بلى. قال: فنحن أولئك. ثم قال: أما قرأت ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ﴾ قال: بلى. قال: فنحن هم.
فدك من حق ذي القربي
ورد في وسائل الشيعة (آل البيت) للحر العاملي
وعن علي بن محمد بن عبد الله، عن بعض أصحابنا أظنه السياري، عن علي ابن أسباط، عن أبي الحسن موسى عليه السلام - في حديث- قال: إن الله لما فتح على نبيه فدك وما والاها لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، فأنزل الله على نبيه: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ﴾ فلم يدر رسول الله صلى الله عليه وآله من هم فراجع في ذلك جبرئيل، وراجع جبرئيل ربه، فأوحى الله إليه أن ادفع فدك إلى فاطمة - إلى أن قال: - حد منها جبل أحد وحد منها عريش مصر، وحد منها سيف البحر، وحد منها دومة الجندل قيل له: كل هذا؟ قال: نعم إن هذا كله مما لم يوجف أهله على رسول الله صلى الله عليه وآله بخيل ولا ركاب، محمد بن الحسن بإسناده عن السياري نحوه إلا أنه ترك ذكر الحدود
فأوحى الله لرسوله: أنْ ادفع فدك لفاطمة:
.
بل الله أعطاها:
ورد في مناقب الإمام أمير المؤمنين (ع) لمحمد بن سليمان الكوفي (رحمه الله)
محمد بن سليمان قال: حدثنا عثمان بن محمد الألثغ قال: حدثنا جعفر بن مسلم قال: حدثنا يحي بن الحسن قال: حدثنا أبان بن عثمان عن أبي مريم الأنصاري وأبان بن تغلب: عن جعفر بن محمد قال: لما نزلت هذه الآية: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ﴾ قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة فأعطاها فدك. قال أبان بن تغلب: قلت لجعفر بن محمد: من رسول الله أعطاها؟ قال: بل الله أعطاها.
¬هل الأنبياء توَّرث؟ ((وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ)):
ورد في شرح الأخبار للقاضي النعمان المغربي
مما رواه محمد بن سلام بن سار الكوفي باسناده، عنها عليها السلام، أنه لما أمر أبو بكر بأخذ فدك من يديها، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله أقطعها إياها لما أنزل الله عز وجل ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ﴾ فكانت مما أفاء الله عز وجل عليه. فقال أبو بكر: هي لرسول الله صلى الله عليه وآله. فشهد علي عليه السلام وأم أيمن وهي ممن شهد له رسول الله صلى الله عليه وآله بالجنة إن رسول الله صلى الله عليه وآله أقطعها ذلك فاطمة (عليها السلام). فرد أبو بكر شهادتها، وقال: علي جار إلى نفسه وشهادة أم أيمن وحدها لا تجوز. فقالت فاطمة عليها السلام: إن لا يكن ذلك، فميراثي من رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال: إن الأنبياء لا يورثون. وهذا خلاف كتاب الله عز وجل لأنه يقول جل من قائل: ﴿¬وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ﴾( وقال حكاية عن زكريا عليه السلام: ﴿فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا، يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ﴾ وذكر فرض المواريث ذكرا عاما لم يستثن فيها أحدا. خرجت صلوات الله عليها في ذلك إلى مجلس أبي بكر، واحتجت فيه عليه، فلم ينصرف إلى قولها واستنصرت الأمة فلم تجد لها ناصرا، فلذلك ولما هو أعظم وأجل منه في الاستيثار بحق بعلها، وبينها لزمت فراشها أسفا وكمداحتى لحقت رسول الله صلى الله عليه وآله بعد سبعين يوما من وفاته غما وحزنا عليه، وهي ساخطة على الأمة لما اضطهدته فيها وابتزته من حق بعلها وبنيها.
تعليق