أهمية السنة في الاسلام :
ان السنة الشريفة لاتحتاج منا الى كثير من الايضاح لبيان اهميتها في الاسلام فهي بالمنزلة بعد كتاب الله جل وعلى ولها من الشأن مايكفيها لبيان عظمتها وقد بين الكتاب الكريم بان السنة الشريفة ماهي الا تعاليم الله التي خرجت على لسان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) حيث ان كلام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) يعتبر وحيا من الله ولذلك قال تعالى : (ماضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى) وهذه الاية تشهد بان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) لايتكلم من نفسة وإنما يتكلم بما أوحى الله اليه ولهذا فأن التمسك بسنته واجب كالتمسك بكتاب الله فأن الكتاب وحي اوحاه الله الى نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) والسنة كذلك وعلينا بعد ان عرفنا منزلة السنة الشريفة ان نتمسك بها ولو خالفنا من خالفنا في ذلك فلا حجة فوق حجة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ولا قول يعلو قوله الا قوله تعالى .
لقد تحدثنا في كتابنا هذا عن السنة الشريفة في اكثر من موضع وبينا حينها بان العترة الطاهرة هم امتداد للرسالة النبوية وهم اعلم الناس بسنة جدهم النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ولذلك جاء التأكيد على التمسك بالثقلين الكتاب والعترة فأن عترة نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) خزان علم الله وحفاظ السنة وقد تحدثنا في غير مقام عن اهمية اقول العترة الطاهرة فهم خزان علم الله وأهل الذكر الذين امرنا بسؤالهم عن امور ديننا ودنيانا .
بعد ان عرفنا أهمية السنة عند المسلمين عموماً والامامية على وجه الخصوص باعتبار ان السنة عندهم لم تنقطع برحيل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) بل استمرت في عترته الطاهرة (عليهم السلام) نحب ان نبين بعد هذه المعرفة ان المسلمين بشكل عام قد تعاملوا مع السنة الشريفة وفق ادوات لم تسنها الشريعة السمحاء واخص بالذكر علم الرجال هذا المصطلح الذي استحدثة المسلمون لدراسة احوال الرواة وصنفت على اثر هذه المعرفة صحة الروايات والاخبار من عدمها .
ان موضوع علم الرجال من الامور الموضوعة كعلم الاصول بالضبط اذ لم يرد فيه نص صريح يؤيد قواعده وأدواته وسنتعرف فيما يلي كيف استعان به محدثون العامة لتصنيف الاحاديث والاخبار ثم تسلل هذا العلم الى كتب الامامية بعد الغيبة .
تأريخ علم الرجال وتأثيره على الاحاديث :
نشئ علم الرجال كما نشئ علم الاصول في احضان مدارس العامة فأن اول من بداء بالاهتمام باسناد الرواية هم اصحاب الخليفة الثالث عثمان بن عفان وفي أعقاب الفتنة التي حصلت في زمن الخليفة الثالث على وجه التحديد وعن وهذه الحالة قال ابن سيرين ماهذا نصه : (لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة ، قالوا: سموا لنا رجالكم ، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم) رواه مسلم في المقدمة باب بيان أن الإسناد من الدين 1 \ 15 .
وبعد ذلك بدأ اصحاب الحديث بالاهتمام بالاسانيد والالتزام بها حتى وصل الحال الى ان يقولوا (معرفة الرجال نصف العلم) رواه مسلم في المقدمة باب بيان أن الإسناد من الدين 1 \ 15 .
أهتم اصحاب الحديث من مدارس العامة بالالتزام بإسناد الأحاديث التي جمعوها في كتبهم وكان هذا في النصف الأول من القرن الثاني الهجري وقد أطلق على هذه الكتب اسم المسانيد مثل مسند معمر بن راشد المتوفي سنة 152هـ ومسند الطيالسي المتوفي سنة 204 وقد كونت هذه المسانيد المادة ألاساسية التي اعتمد عليها أصحاب الكتب الستة التي ظهرت خلال القرن الثالث الهجري والتي التزم أصحابها بذكر الأسانيد والكتب الستة هي :
1 - صحيح البخاري المتوفي سنة 256هـ- جمع فيه ألفين وستمائة وحديثين انتقاها من ستمائة ألف حديث (هدي الساري مقدمة فتح الباري لابن حجر ص7 ) ويعتبر صحيح البخاري أصح كتاب عند فقهاء العامة الا انهم يقولون فيه الصحيح والضعيف والموضوع وهذه المسألة تعارض تسمية الكتاب بالصحيح.
2 - صحيح مسلم المتوفي سنة 261هـ يعتبر في المرتبة الثانية بعد صحيح البخاري جمع فيه أربعة آلاف حديث (علوم الحديث لابن الصلاح - هامش ص17)
3 - سنن أبي داوود المتوفي سنة 275هـ جمع فيه أربعة آلاف وثمانمائة حديث انتقاها من خمسمائة ألف حديث حيث أخرج أبي داوود في سننه الصحيح والحسن والضعيف والمحتمل وغير ذلك (علوم الحديث لابن الصلاح ص33، تاريخ بغداد 9 \ 57 . )
4 - جامع الترمذي المتوفي سنة 279هـ جمع فيه ثلاثة آلاف وتسعمائة وستة وخمسين حديثا فيها الصحيح والحسن والضعيف والغريب والمعلل وغيره (بحوث في تاريخ السنة المشرفة د. أكرم العمري ص249 )
5 - سنن النسائي المتوفي سنة 303هـ وقد ألف النسائي السنن الكبرى والسنن الصغرى جمع النسائي في السنن الصغرى خمسة آلاف وسبعمائة وواحدا وستين حديثا منها الصحيح والحسن والضعيف (بحوث في تاريخ السنة المشرفة د. أكرم العمري ص250- 251 . )
6 - سنن ابن ماجه المتوفي سنة 273هـ جمع فيه أربعة آلاف وثلاثمائة وإحدى وأربعين حديثا منها الصحيح والحسن والضعيف والمناكير والموضوعات وغيرها (انظر ما قاله محمد فؤاد عبد الباقي في آخر طبعة سنن ابن ماجه 2 \ 1519- 1520 . )
وقد سبق هذه الكتب كتاب الموطأ لمالك بن انس المتوفي سنة 179هـ وقد انتقى مالك أحاديث الموطأ من مائة ألف حديث كان يرويها وجملة ما في الموطأ من الآثار عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وعن الصحابة والتابعين ألف وسبعمائة وعشرون حديثا المسند منها ستمائة حديث والمرسل مائتان واثنان وعشرون حديثا والموقوف ستمائة وثلاثة عشر ومن أقوال التابعين مائتان وخمسة وثمانون (تنوير الحوالك- السيوطي - ص8 ).
كما كتب أحمد بن حنبل المتوفي سنة 241ه كتاب المسند وقد جمع فيه ما يقرب من أربعين ألف حديث منها عشرة آلاف حديث مكررة انتقاها من سبعمائة وخمسين ألف حديث (خصائص المسند لأبي موسى المديني ص22- 23 .- مطبوع في مقدمة المسند بتحقيق أحمد شاكر )
بعد ماتقدم نقول لقد الف فقهاء العامة هذه الكتب والمسانيد والصحاح اعتماداً على اسناد الحديث ورجال الرواية وقد انتقوا القليل القليل من الاحاديث وتركوا الكثير منها اعتماداً على احوال الرواة وقد رأينا بان مالك حين كتب كتاب الموطأ انتقى من مائة الف حديث كان يرويها للناس انتقى فقط الف ونيف حديث وقد انتقى ابي داوود في سننه اربعة الاف وثمانمائة انتقى هذا العدد من خمسامئة الف حديث اما البخاري فقد انتقى الفين وستمائة وحديثين من ستمائة الف حديث وكذلك احمد بن حمبل كما تقدم .
ان هذه النسبة الفضيعة من الاحاديث قد ضاعت اعتماداً على علم الرجال حيث كان الانتقاء يتم اعتماداً على الرجال بالدرجة الاساس والنتيجة لا يقبل الحكم على الحديث بالصحة أو الحسن أو الضعف إلا من المختصين بهذا العلم بناء على القواعد التي وضعوها لتمييز الصحيح من السقيم .
ان الحقيقة التي يجب ان تقال ان علم الرجال من العلوم الوضعية التي وضعها اناس يخطأون ويصيبون ولم يرد في هذا العلم نص صريح يدعونا الى ترك كلام غير موثوق والاخذ بكلام الموثوق واعتبار كلامه حق لاريب فيه ولا تشوبه الشوائب وكأن الموثوق قد اصبح بمقام المعصوم وان لم يقول اصحاب الرجال هذه الحقيقة الا انها هي الحقيقة بعينها عندهم فأننا نراهم يتمسكون بكلام الثقة وكأنه كلام معصوماً عن الخطأ ويغضون البصر عن السهو والنسيان والتوهم التي تصيب هؤلاء الرواة وان كانوا ثقات الا أنهم بشر يخطأون ويصيبون في نقل الاخبار فأن الثقة يتوهم وينسى ويغلط ويشتبه عليه الامر بين الخاص والعام فقد يعمم شيء وهو خاص والعكس صحيح وقد يشتبه بانه قد سمع شيء وهو لم يسمعه او سمعه ففهمه بخلافة حقيقته وغيرها من الامور التي سنتطرق لها خلال البحث .
لقد احتج اصحاب الرجال على صحة وحجية علم الرجال بقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ) نقول ان هذه الاية المباركة لاتدل على طرح كلام الفاسق ابداً بل يجب علينا ان نتبين لا ان نرفض الكلام جملة وتفصيلاً فهذه الاية مما لايصلح ان تكون دليلاً على حجية علم الرجال الذي طرح مئاة الاف من الاحاديث اعتماداً على دراسة لاحوال الرواة ورجال الحديث واذا كانت امة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) فيها هذا العدد من الكذابين وهي نسبة كبيرة جداً حيث تم طرح اكثر من 98% من الاحاديث واخذت نسبة قليلة جداً وهذه النسبة القليلة فيها الضعيف والحسن والموضوع فأذا كانت هذه الامة فيها هذا العدد الهائل من الكذابين فكيف يمكن ان يستقيم هذا المعنى مع قوله تعالى : (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) آل عمران- آية 110
وقد جاء في سنن النسائي عن أبي هريرة قال : (كنتم خير أمة أخرجت للناس قال نحن خير الناس للناس ... ) السنن الكبرى - النسائي - ج 6 - ص 313
فأذا كانت هذه الامة هي خير الامم وفيهم هذا العدد الهائل من الكذابين والوضاعين وليس كذبهم هذا بينهم بل انهم يكذبون على نبيهم فلا انعم ولا اكرم بهذه الامة !!
اننا اما ان نقر بان علم الرجال حق وانه من الدين ونقول بان اكثر من 98% من رواة الحديث كاذبين وضاعين وهذه نسبة كبيرة بل ربما تصل الى اكثر من 99% اذا نقحت كتب الحديث وقارنا مايخرج من التنقيح وما اخرجة البخاري ومالك وغيرهم من الاحاديث التي لم يكتبوها فأن اعداد الاحاديث الضعيفة والموضوعة سيكون رقماً قياسياً والنتيجة كما قرأنا تتعارضت حتى مع كتاب الله عزوجل الذي وصف هذه الامة بانها خير الامم كما يفسرون هم الاية الكريمة فكيف يستقيم هذا المعنى مع هذا العدد الهائل من الكذابين في خير الامم ؟
اننا اما ان نقبل بهذه النتيجة او نقول بان هذا العلم ليس بمعصوم عن الخطأ والحق يقال بان علم الرجال من العلوم الموضوعة والتي وضعها واسس قواعدها اناس ليسوا بمعصومين ولم يحتجوا بفعل للنبي (صلى الله عليه وآلأه وسلم تسليما) ولا أية تدل على ان كلام الموثوق صحيح في كل الاحوال وان كلام فاقد الوثاقة باطل في كل الاحوال وقد قرأنا في البحوث المتقدمة بان بعض الصحابة الثقاة كانوا يفتون الناس بخلاف النص جهلا لا اكثر وقد رجع بعض الصحابة عن فتواهم عندما علموا الحكم من الاخرين فاذا اخذ كلام الصحابي الثقة على انه دستور فأننا سنقع بالغلط يقيناً وهذا مما لايرضا الله به ابداً اما كيف يتم الفحص عن الاخبار الصحيحة فهذا مما سيأتي فنتظر .
ان علم الرجال قائم على دراسة احوال الرواة وقد اهتم فقهاء العامة بدراسة احوال الصحابة والتابعين ومن يروي عن التابعين ونحن سندرس في هذا البحث احوال الصحابة وعددهم وعدالتهم عند فقهاء العامة وسندع التابعين وغيرهم لكي لايطول البحث ويخرج عن سياقة .
ان السنة الشريفة لاتحتاج منا الى كثير من الايضاح لبيان اهميتها في الاسلام فهي بالمنزلة بعد كتاب الله جل وعلى ولها من الشأن مايكفيها لبيان عظمتها وقد بين الكتاب الكريم بان السنة الشريفة ماهي الا تعاليم الله التي خرجت على لسان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) حيث ان كلام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) يعتبر وحيا من الله ولذلك قال تعالى : (ماضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى) وهذه الاية تشهد بان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) لايتكلم من نفسة وإنما يتكلم بما أوحى الله اليه ولهذا فأن التمسك بسنته واجب كالتمسك بكتاب الله فأن الكتاب وحي اوحاه الله الى نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) والسنة كذلك وعلينا بعد ان عرفنا منزلة السنة الشريفة ان نتمسك بها ولو خالفنا من خالفنا في ذلك فلا حجة فوق حجة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ولا قول يعلو قوله الا قوله تعالى .
لقد تحدثنا في كتابنا هذا عن السنة الشريفة في اكثر من موضع وبينا حينها بان العترة الطاهرة هم امتداد للرسالة النبوية وهم اعلم الناس بسنة جدهم النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ولذلك جاء التأكيد على التمسك بالثقلين الكتاب والعترة فأن عترة نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) خزان علم الله وحفاظ السنة وقد تحدثنا في غير مقام عن اهمية اقول العترة الطاهرة فهم خزان علم الله وأهل الذكر الذين امرنا بسؤالهم عن امور ديننا ودنيانا .
بعد ان عرفنا أهمية السنة عند المسلمين عموماً والامامية على وجه الخصوص باعتبار ان السنة عندهم لم تنقطع برحيل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) بل استمرت في عترته الطاهرة (عليهم السلام) نحب ان نبين بعد هذه المعرفة ان المسلمين بشكل عام قد تعاملوا مع السنة الشريفة وفق ادوات لم تسنها الشريعة السمحاء واخص بالذكر علم الرجال هذا المصطلح الذي استحدثة المسلمون لدراسة احوال الرواة وصنفت على اثر هذه المعرفة صحة الروايات والاخبار من عدمها .
ان موضوع علم الرجال من الامور الموضوعة كعلم الاصول بالضبط اذ لم يرد فيه نص صريح يؤيد قواعده وأدواته وسنتعرف فيما يلي كيف استعان به محدثون العامة لتصنيف الاحاديث والاخبار ثم تسلل هذا العلم الى كتب الامامية بعد الغيبة .
تأريخ علم الرجال وتأثيره على الاحاديث :
نشئ علم الرجال كما نشئ علم الاصول في احضان مدارس العامة فأن اول من بداء بالاهتمام باسناد الرواية هم اصحاب الخليفة الثالث عثمان بن عفان وفي أعقاب الفتنة التي حصلت في زمن الخليفة الثالث على وجه التحديد وعن وهذه الحالة قال ابن سيرين ماهذا نصه : (لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة ، قالوا: سموا لنا رجالكم ، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم) رواه مسلم في المقدمة باب بيان أن الإسناد من الدين 1 \ 15 .
وبعد ذلك بدأ اصحاب الحديث بالاهتمام بالاسانيد والالتزام بها حتى وصل الحال الى ان يقولوا (معرفة الرجال نصف العلم) رواه مسلم في المقدمة باب بيان أن الإسناد من الدين 1 \ 15 .
أهتم اصحاب الحديث من مدارس العامة بالالتزام بإسناد الأحاديث التي جمعوها في كتبهم وكان هذا في النصف الأول من القرن الثاني الهجري وقد أطلق على هذه الكتب اسم المسانيد مثل مسند معمر بن راشد المتوفي سنة 152هـ ومسند الطيالسي المتوفي سنة 204 وقد كونت هذه المسانيد المادة ألاساسية التي اعتمد عليها أصحاب الكتب الستة التي ظهرت خلال القرن الثالث الهجري والتي التزم أصحابها بذكر الأسانيد والكتب الستة هي :
1 - صحيح البخاري المتوفي سنة 256هـ- جمع فيه ألفين وستمائة وحديثين انتقاها من ستمائة ألف حديث (هدي الساري مقدمة فتح الباري لابن حجر ص7 ) ويعتبر صحيح البخاري أصح كتاب عند فقهاء العامة الا انهم يقولون فيه الصحيح والضعيف والموضوع وهذه المسألة تعارض تسمية الكتاب بالصحيح.
2 - صحيح مسلم المتوفي سنة 261هـ يعتبر في المرتبة الثانية بعد صحيح البخاري جمع فيه أربعة آلاف حديث (علوم الحديث لابن الصلاح - هامش ص17)
3 - سنن أبي داوود المتوفي سنة 275هـ جمع فيه أربعة آلاف وثمانمائة حديث انتقاها من خمسمائة ألف حديث حيث أخرج أبي داوود في سننه الصحيح والحسن والضعيف والمحتمل وغير ذلك (علوم الحديث لابن الصلاح ص33، تاريخ بغداد 9 \ 57 . )
4 - جامع الترمذي المتوفي سنة 279هـ جمع فيه ثلاثة آلاف وتسعمائة وستة وخمسين حديثا فيها الصحيح والحسن والضعيف والغريب والمعلل وغيره (بحوث في تاريخ السنة المشرفة د. أكرم العمري ص249 )
5 - سنن النسائي المتوفي سنة 303هـ وقد ألف النسائي السنن الكبرى والسنن الصغرى جمع النسائي في السنن الصغرى خمسة آلاف وسبعمائة وواحدا وستين حديثا منها الصحيح والحسن والضعيف (بحوث في تاريخ السنة المشرفة د. أكرم العمري ص250- 251 . )
6 - سنن ابن ماجه المتوفي سنة 273هـ جمع فيه أربعة آلاف وثلاثمائة وإحدى وأربعين حديثا منها الصحيح والحسن والضعيف والمناكير والموضوعات وغيرها (انظر ما قاله محمد فؤاد عبد الباقي في آخر طبعة سنن ابن ماجه 2 \ 1519- 1520 . )
وقد سبق هذه الكتب كتاب الموطأ لمالك بن انس المتوفي سنة 179هـ وقد انتقى مالك أحاديث الموطأ من مائة ألف حديث كان يرويها وجملة ما في الموطأ من الآثار عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وعن الصحابة والتابعين ألف وسبعمائة وعشرون حديثا المسند منها ستمائة حديث والمرسل مائتان واثنان وعشرون حديثا والموقوف ستمائة وثلاثة عشر ومن أقوال التابعين مائتان وخمسة وثمانون (تنوير الحوالك- السيوطي - ص8 ).
كما كتب أحمد بن حنبل المتوفي سنة 241ه كتاب المسند وقد جمع فيه ما يقرب من أربعين ألف حديث منها عشرة آلاف حديث مكررة انتقاها من سبعمائة وخمسين ألف حديث (خصائص المسند لأبي موسى المديني ص22- 23 .- مطبوع في مقدمة المسند بتحقيق أحمد شاكر )
بعد ماتقدم نقول لقد الف فقهاء العامة هذه الكتب والمسانيد والصحاح اعتماداً على اسناد الحديث ورجال الرواية وقد انتقوا القليل القليل من الاحاديث وتركوا الكثير منها اعتماداً على احوال الرواة وقد رأينا بان مالك حين كتب كتاب الموطأ انتقى من مائة الف حديث كان يرويها للناس انتقى فقط الف ونيف حديث وقد انتقى ابي داوود في سننه اربعة الاف وثمانمائة انتقى هذا العدد من خمسامئة الف حديث اما البخاري فقد انتقى الفين وستمائة وحديثين من ستمائة الف حديث وكذلك احمد بن حمبل كما تقدم .
ان هذه النسبة الفضيعة من الاحاديث قد ضاعت اعتماداً على علم الرجال حيث كان الانتقاء يتم اعتماداً على الرجال بالدرجة الاساس والنتيجة لا يقبل الحكم على الحديث بالصحة أو الحسن أو الضعف إلا من المختصين بهذا العلم بناء على القواعد التي وضعوها لتمييز الصحيح من السقيم .
ان الحقيقة التي يجب ان تقال ان علم الرجال من العلوم الوضعية التي وضعها اناس يخطأون ويصيبون ولم يرد في هذا العلم نص صريح يدعونا الى ترك كلام غير موثوق والاخذ بكلام الموثوق واعتبار كلامه حق لاريب فيه ولا تشوبه الشوائب وكأن الموثوق قد اصبح بمقام المعصوم وان لم يقول اصحاب الرجال هذه الحقيقة الا انها هي الحقيقة بعينها عندهم فأننا نراهم يتمسكون بكلام الثقة وكأنه كلام معصوماً عن الخطأ ويغضون البصر عن السهو والنسيان والتوهم التي تصيب هؤلاء الرواة وان كانوا ثقات الا أنهم بشر يخطأون ويصيبون في نقل الاخبار فأن الثقة يتوهم وينسى ويغلط ويشتبه عليه الامر بين الخاص والعام فقد يعمم شيء وهو خاص والعكس صحيح وقد يشتبه بانه قد سمع شيء وهو لم يسمعه او سمعه ففهمه بخلافة حقيقته وغيرها من الامور التي سنتطرق لها خلال البحث .
لقد احتج اصحاب الرجال على صحة وحجية علم الرجال بقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ) نقول ان هذه الاية المباركة لاتدل على طرح كلام الفاسق ابداً بل يجب علينا ان نتبين لا ان نرفض الكلام جملة وتفصيلاً فهذه الاية مما لايصلح ان تكون دليلاً على حجية علم الرجال الذي طرح مئاة الاف من الاحاديث اعتماداً على دراسة لاحوال الرواة ورجال الحديث واذا كانت امة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) فيها هذا العدد من الكذابين وهي نسبة كبيرة جداً حيث تم طرح اكثر من 98% من الاحاديث واخذت نسبة قليلة جداً وهذه النسبة القليلة فيها الضعيف والحسن والموضوع فأذا كانت هذه الامة فيها هذا العدد الهائل من الكذابين فكيف يمكن ان يستقيم هذا المعنى مع قوله تعالى : (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) آل عمران- آية 110
وقد جاء في سنن النسائي عن أبي هريرة قال : (كنتم خير أمة أخرجت للناس قال نحن خير الناس للناس ... ) السنن الكبرى - النسائي - ج 6 - ص 313
فأذا كانت هذه الامة هي خير الامم وفيهم هذا العدد الهائل من الكذابين والوضاعين وليس كذبهم هذا بينهم بل انهم يكذبون على نبيهم فلا انعم ولا اكرم بهذه الامة !!
اننا اما ان نقر بان علم الرجال حق وانه من الدين ونقول بان اكثر من 98% من رواة الحديث كاذبين وضاعين وهذه نسبة كبيرة بل ربما تصل الى اكثر من 99% اذا نقحت كتب الحديث وقارنا مايخرج من التنقيح وما اخرجة البخاري ومالك وغيرهم من الاحاديث التي لم يكتبوها فأن اعداد الاحاديث الضعيفة والموضوعة سيكون رقماً قياسياً والنتيجة كما قرأنا تتعارضت حتى مع كتاب الله عزوجل الذي وصف هذه الامة بانها خير الامم كما يفسرون هم الاية الكريمة فكيف يستقيم هذا المعنى مع هذا العدد الهائل من الكذابين في خير الامم ؟
اننا اما ان نقبل بهذه النتيجة او نقول بان هذا العلم ليس بمعصوم عن الخطأ والحق يقال بان علم الرجال من العلوم الموضوعة والتي وضعها واسس قواعدها اناس ليسوا بمعصومين ولم يحتجوا بفعل للنبي (صلى الله عليه وآلأه وسلم تسليما) ولا أية تدل على ان كلام الموثوق صحيح في كل الاحوال وان كلام فاقد الوثاقة باطل في كل الاحوال وقد قرأنا في البحوث المتقدمة بان بعض الصحابة الثقاة كانوا يفتون الناس بخلاف النص جهلا لا اكثر وقد رجع بعض الصحابة عن فتواهم عندما علموا الحكم من الاخرين فاذا اخذ كلام الصحابي الثقة على انه دستور فأننا سنقع بالغلط يقيناً وهذا مما لايرضا الله به ابداً اما كيف يتم الفحص عن الاخبار الصحيحة فهذا مما سيأتي فنتظر .
ان علم الرجال قائم على دراسة احوال الرواة وقد اهتم فقهاء العامة بدراسة احوال الصحابة والتابعين ومن يروي عن التابعين ونحن سندرس في هذا البحث احوال الصحابة وعددهم وعدالتهم عند فقهاء العامة وسندع التابعين وغيرهم لكي لايطول البحث ويخرج عن سياقة .
تعليق