ولاية الأنسان على نفسه :بسم الله الرحمن الرحيمو صلى الله على سيدنا محمد و آله الطيبين الطاهرين و لعنة الله على اعدائهم اجمعين من الآن الى قيام يوم الدين ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
افمن يهدى الى الحق أحق ان يتبع امن لا يهدى الا ان يهدى فما لكم كيف تحكمون (ذيل الآية 35، من السورة 10: يونس)
هذه آية من الآيات الدالة على وجوب طاعة الإمام المعصوم، و ان من يستطيع اولا وبالذات ان يحكم بين الناس و يكون واجب الاطاعة هو الممتلك لمقام العصمة، فان علمه علم حضوري و الهي، و قلبه متصل بالحق تعالى، و ليست علومه علوما كسبية تحصيلية.
و شاهدنا في هذه الآية الاستدلال على ولاية الإمام لا ولاية الفقيه.
و تقريب الاستدلال بهذا النحو: ان احتجاج آيات القرآن هنا مبني على لزوم اتباع الحق.فعلى الانسان ان يتبع الحق الذي هو عين الواقعية و الأصالة و الحقيقة، في مقابل الباطل الفاقد للاصالة و الواقعية، و المبتني
على اساس الاعتبارات و الاوهام و الامور السرابية و الوهمية و الخيالية الحق هو صلب الواقع.و العلوم الحضورية للائمة عليهم السلام هي عين الحق، لان الباطل ليس له طريق اليها، خلافا للعلوم التي يكتسبها الانسان من الخارج و المشوبة بالباطل و المحتملة للخطا و الاشتباه.
و لذا يقول الله تعالى في هذه الآية المباركة: ان الانسان يجب ان يتبع من كان قلبه متصلا بالحق و الحقيقة، لا تدخل فيه اية شائبة من البطلان و الآراء الشخصية و الاهواء النفسانية.و خلاصة الامر من لا يميل قلبه الى الباطل باي وجه من الوجوه.
فبناء الاستدلال في هذه الآيات المباركة الواردة في هذه السورة الشريفة على هذا الاساس: اي الاستدلال على لزوم اتباع الحق لان الله تعالى يقول:
قل الله يهدى للحق
فبعد ان اخذ الله تعالى بواسطة الاستفهام الانكاري اقرارا بالمعنى من المشركين، قبل هذه الجملة:
قل هل من شركائكم من يهدى الى الحق
بان الشركاء الذين جعلوهم لله تعالى لا يستطيعون هداية الانسان الى الحق، اجاب بلا فصل: قل الله يهدى للحق.و من البديهي ان المقام يستلزم الاجابة الفورية على هذا السؤال و لا ينتظر جواب المخاطب، لذا فقد اجاب فورا بهذا الشكل فقال: قل الله يهدى للحق ثم قال:
افمن يهدى الى الحق احق ان يتبع امن لا يهدى الا ان يهدى
و نلاحظ هنا انه على اساس مبنى لزوم متابعة الحق هذا، فقد جعل الله تعالى معادلة بين قوله: افمن يهدى الى الحق
و قوله: امن لا يهدى الا ان يهدى.
و الاستفهام يجب ان يكون له طرفان - لان الاستفهام يتردد دوما بين النفي و الاثبات - و احد طرفي الاستفهام هنا: افمن يهدى الى الحق و طرفه الآخر امن لا يهدى الا ان يهدى.و نحن نعلم ان «يهدى » من باب الافتعال، و أصلها يهتدي، لانه يجوز قلب «التاء» «دالا» و إدغامها بالدال الأخرى و كسر «الهاء» للمناسبة، فتصبح يهتدي: يهدي، فلا يهدي اذن تعني لا يهتدي، و نرى في هذه الصورة ان طرفي المعادلة هذين لا يستقبحان في هذا للاستفهام، ذلك لان المعادلة الصحيحة يجب ان تكون بين النفي و الإثبات، فنقول مثلا: هل جاء زيد أم لم يأت؟ و هو استفهاما بين النفي و الإثبات.لكن هل يمكن القول يا ترى: هل جاء زيد أم ان غرفته مظلمة؟ كلا بالطبع فهذا استفهام غير صحيح، فظلمة غرفة زيد لا يمكن ان تكون عدلا لمجي ء زيد.و علينا ان نقول اذن: هل جاء زيد أم لم يأت؟ او نقول مثلا: هل ذكرت هذا الامر لعمرو أم لم تذكره؟ بحيث يدور الاستفهام دوما بين النفي و الإثبات.
لو كانت هذه الآية هنا:
افمن يهدى الى الحق أحق ان يتبع امن لا يهدى.
(يهدى او لا يهدى) فكان نفيا و إثباتا، فلا إشكال في الامر.لكن المعادلة في هذه الآية بنحو آخر، فهي تقول: هل الذي يهدي الى الحق أحق ان يتبعه الانسان (هدى يهدى فعل متعدي) أم ذلك الذي لا يهتدي الا ان يهدى؟ ! و الذي لا يهتدي ليس عدلا لمن يهدي.
و علينا القول هنا: ان هذه المعادلة انما تصح فيما لو كان في كل طرف جملة مقدرة، كما لو سالتكم: هل جاء زيد أم ان غرفته مظلمة؟ و ظلمة غرفة زيد ليس عدلا لمجيئه في الاستفهام، لكن حيث انا علمنا بالملازمة الخارجية ان زيدا كلما جاء اضاء غرفته، و حين لا يكون قد اتى فان غرفته ستكون مظلمة، فعندئذ و بدلا من ان نذكر جزئي كلتا الملازمين فاننا نذكر احداها في طرف و الأخرى في الطرف الآخر و نحذف من [كلا] طرفي المعادلة جزءا.
اي بدلا من ان نقول: هل جاء زيد و غرفته مضاءة أم لم يأت و غرفته مظلمة؟ فاننا نقول: هل جاء زيد أم ان غرفته مظلمة؟ و هناك الكثير من الاستعمالات بهذا النحو.
و الآية محل البحث من هذا القبيل ايضا و السبب في ذلك هو ان لا يهدى (لا يهتدي) الا ان يهدى لا يمكنها ان تكون عدلا ل افمن يهدى لتكون عدلا لهذه المعادلة الا بتقدير جملتين: احداها في جانب الإثبات و الأخرى في جانب النفي.
فتاتي المعادلة اذن بهذه الصورة:
افمن يهدى الى الحق و يهتدى بنفسه أحق ان يتبع امن لا يهدى الى الحق و لا يهتدى الا ان يهدى
بما ان في الطرف الآخر للمعادلة: امن لا يهدى الا ان يهدى اي من لا يهتدي الا ان يقوم غيره من الناس بهدايته، اي ان هدايته غيرية، ففي هذا الطرف من المعادلة يكون من يهتدي بنفسه اي من تكون هدايته ذاتية دونما تعلم او تعليم او هداية من الآخرين.
فالآية اذن تريد ان تقول: ان من يهدي يجب ان تكون هذايته ذاتية و لا يكون ممن يهدى بالغير و يهتدي بالتعليم و التدريس، و انما يهتدي بنفسه، و هذا هو العلم الحضوري.فالذين يمتلكون العلم الحضوري قد اهتدوا بانفسهم بالهداية الالهية.
و على هذا فاننا نجعل جملة: أحق ان يتبع مثل «لسان الميزان » و نقول ان في هذا الطرف من المعادلة افمن يهدى الى الحق و يهتدي بدون ان يهدى اي من لا تكون هدايته بالغير، و انما منبينما نقول ان في ذاك الطرف من المعادلة امن لا يهدى الى الحق و لا يهدى الا ان يهدى اي من كانت هدايته بالغير.و نتيجة هذه المعادلة هي: ان كل من كانت هدايته غيرية لا يمكن ان يهدي الى الحق، فالذي يهدي الى عين الحق يجب ان تكون هدايته ذاتية و نفسية، و الذي يهدي الى الحق هو من تكون هدايته ذاتية و إلهية.
و هذا هو معنى العلم الحضوري الذي له الفعلية و الذي يكون علما فعليا للشخص الذي يحصل عليه و يعظاه، فيصونه الله تعالى بواسطة هذا العلم الحضوري من جميع الزلات و الخطايا: و ظهور الآية في هذا المعنى - بعد هذا البيان الدقيق - واضح و بين جدا. و عندما تكلمت فيما مضى مع احد علماء مشهد حول هذه الآية قال: ما هذا الذي تقوله أيها السيد! اذ معنى الآية ظاهر، و هو انه هل من الأفضل اتباع الذي يهدي الى الحق أم الذي لا يهدي؟ فكيف تستفيدون العصمة من هذا؟ !
فقلت له: نعم لو كان الشق الآخر من الآية: امن لا يهدى و كانت الآية بهذا النحو:
افمن يهدى الى الحق أحق ان يتبع امن لا يهدى
و كان هناك نفي و اثبات لكان كلامكم تاما.و لكن للقرآن في كلماته و عباراته في كل «واو» و «فاء» معنى، و قد حصل مكان لا يهدى، لا يهدى و لكي يبين ان: «يهدي » ليست هداية ذاتية اتى بعبارة الا ان يهدى.
و هذا القرآن قول فصل.
و ما هو بالهزل (الآية 14، من السورة 84: الطارق) .
فكيف نستطيع ان نأخذ يهدى الواردة هنا على انها يهدى من دون دليل؟ ! فنجعل الفعل اللازم متعديا، و نضع المعنى و المراد الخاص بنا في قالب القرآن؟ ! فهذا ليس بالأمر الصحيح.و يفهم مما بيناه و شرحناه ان هذه الآية انما وردت فقط في عصمة الإمام (الإمام المعصوم القائم بالأمور و الذي يجب ان يقضي و يحكم بين الناس) .( هذا القول لمحمد الحسين الحسيني الطهراني:
و من هنا يتضح ان استدلال بعض الإعلام بهذه الآية على ولاية الفقيه - كما سمعت ذلك بنفسي في احد الأيام التي كانت تقام فيها صلاة الجمعة في مقبرة جنة الزهراء و كنت حاضرا (مقبرة عامة قرب مدينة طهران تسمى (بهشة زهراء) في فترة أقيمت فيها صلاة الجمعة. (م) استدلال غير صحيح.
و من الآيات الأخرى التي يمكن الاستدلال بها على لزوم اتباع الإمام المعصوم هي الآية المباركة التي يقول الله تعالى فيها لرسوله الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم:
انا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خصينا (النساء 105)
بل لتكون مدافعا عن المؤمنين ضد الخائنين.
و الاستدلال بهذه الآية متوقف ايضا على لزوم انحصار التبعية للحق، و عدم وجود فصل بين الحق و الباطل.حيث جاء في القرآن الكريم:
فماذا بعد الحق الا الضلال فانى تصرفون
فليس ثمة فاصل بين الحق و الباطل.فاذا عدلتم عن الحق وقعتم في شراك الباطل.و لا يمكن ان يجد الانسان مكانا يكون برزخا بين الحق و الباطل.فاذا كان ثمة امر متحقق بالحق و كان واقعيا صرفا فذلك هو الحق، و الا فهو باطل.و لا وجود لبرزخ بين الحق و الباطل.
و الآية هنا تقول: لقد أنزلنا إليك القرآن بالحق.يعني عين الحق و الحقيقة و صلب الواقع و الأصالة، بحيث لا تكون فيه شائبة من الآراء الشيطانية و الأفكار النفسانية و الآراء الشخصية و المطالب التي لا تنطبق على حقيقة الواقع.و انما أنزلنا عليك من إخبار الماضين و القوانين و المعارف ما هو صلب الواقع و حاق الحقيقة، لكي تحكم بين الناس بما أراك الله.
فتلك الرؤية التي اعطاكها الله تعالى اذن رؤية معطاة على اساس هذا الحق و اساس حقيقة نزول القرآن هذه.ورؤيتك تلك علم حضوري و وجداني، لأننا انما أنزلنا عليك القرآن لتحكم بما أراك الله، اما اذا لم يكن نازلا بالحق لم تكن رؤيتك رؤية إلهية، و لكانت رؤية شخصية و مشوبة بالباطل.
وعليه فاننا عندما أنزلنا القرآن بالحق فلأجل ان تكون نظرتك و فكرك حقا متصلا بالغيب و الأصالة و الحقيقة (و هذا معنى العلم الحضوري و الوجداني)، لكي تحكم بين الناس بما أراك الله.و هذا متفرع على نزول القرآن بالحق.فنزول القرآن بالحق على قلب النبي - و هو الواعي للوحي الإلهي، و المتلقي للإسرار اللاهوتية و الجبروتية و الملكوتية لله - علة لكي يترتب عليه معلولة.و معلولة هو الحكم بين الناس بما أراه الله و هو الحق.فنحن أنزلنا القرآن لكي تحكم بين الناس بما أراك الله الذي هو الحق.
و من الآيات القرآنية الأخرى هذه الآية:
كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ( البقرة213)
في هذه الآية ايضا كان الحكم بين الناس في المسائل المختلف فيها متفرعا على نزول الكتب على الأنبياء بالحق.و يستفاد هنا ايضا بنفس التقريب الذي بيناه في الآية السابقة ان الحكم بين الناس يجب ان يكون مترتبا بالحق.وهو نزول الكتاب بالحق على الأنبياء.
و من الآيات الأخرى هذه الآية:
َوأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ (المائدة 48) .
فهو لم يقل: لا تتبع أقوالهم و لا كلامهم و لا حتى فكرهم، و ذلك لان لها أصالة وواقعية، لذا لم يذكر أيا من هذه التعبيرات، و انما قال ولا تتبع أهواءهم والأهواء تعني الأفكار الخالية والجوفاء بلا محتوى.
و قد استعمل هذا اللفظ في كثير من آيات القرآن المجيد، اي ان أفكارهم جوفاء وأهواء وباطل.لقد أنزلنا القرآن عليك بالحق لكي تحكم بينهم بما انزل الله، حيث ان ذلك الحكم بالحق.و بالطبع فان هذا الحق قد صار متحققا،
و لا تتبع أهواءهم
ثم يقول بعيد هذا الكلام:
و ان احكم بينهم بما انزل الله و لا تتبع أهواءهم و احذرهم ان يفتنوك عن بعض ما انزل الله إليك .
فاحذر ان تتأثر و لو شيئا قليلا بآرائهم الشخصية و خيالاتهم، لان تلك الاهواء باطلة و شيطانية لا أصالة لها، و ان ما انزله الله إليك هو عين الحق و الحقيقة.
و تقريب الاستدلال بهذه الآية الكريمة ايضا على وجوب اتباع المعصوم كما سبق، و ذلك لان الحكم بما انزل الله قد فرع على نزول الكتاب بالحق، اي انه بما انا أنزلنا الكتاب عليك بالحق، لذا فانك أنت الذي يجب ان تحكم بين الناس، اما من لم يتحقق بالحق، فليس له حق الحكم بين الناس.
و من آيات القرآن المباركة الأخرى هذه الآية:
فَلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا( النساء 65)
فلا يكون هناك حرج و لا ضيق في صدر من يحكم عليه، اذ انه من الطبيعي ان يكون الحكم لشخص على شخص، و يسلموا تسليما بكل ما للكلمة من معنى، كان يكون الحكم للشخص على حد سواء، كان الحق له او عليه.
و هذا هو الإيمان، و في تلك الحال فأنهم سيكونون قد آمنوا، و الامر كذلك ايضا في الواقع.و ذلك لان قلب النبي و وجوده عين الحق و عين الواقع، فيمكن ان يحكم بالباطل؟ ! ان مثله في ذلك مثل الله، فهل يمكن ان يحكم الله بالباطل.مع اطلاعه على جميع العلوم و الوقائع؟ ! و عليه فان وجود الموجودات هو العلم الحضوري لله، و العلم الفعلي الحضوري لله هو نفس الموجودات.
وما أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا (النساء 64).
(حيث يستفاد من هذه الآية ايضا وجوب الإطاعة، اذ ان لكل نبي ولاية، و على الناس ان يتبعوه و يطيعوه) و لو أنهم اذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله و استغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما. اي ان الله سيعفو عنهم.
و لكن ما العمل؟ فان الناس لا ينصاعون و لا يخضعون و لا يسلموا تسليما.فهم لا يرجعون الى النبي أصلا، فكيف يجعلونه حكما دون ان يحسوا في قلوبهم باي حرج.
و يقول تعالى بعد هذه الآية:
و لو انا كتبنا عليهم ان اقتلوا أنفسكم او اخرجوا من ديركم ما فعلوه الا قليل منهم.
مع انه
و لو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم و اشد تثبيتا و اذا لأتينهم من لدنا أجرا عظيما و لهدينهم صراطا مستقيما.
ثم يقول:
و من يطع الله و الرسول فأولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله و كفى بالله عليما
حيث ان الذين يتبعون النبي يصلون بسبب ولايتهم للنبي، الى حيث يكونون في حالة معية معه، و هذا بنفسه ولاية، لذا يمكن استفادة الولاية من هذه الآية، كما يمكن استفادة وجوب اتباع هؤلاء الأشخاص الذين يكونون في حالة من المعية مع النبي.
و مفاد هذه الآية هو نفس مفاد الآية التي نقراها كل يوم في الصلاة:
أهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين.
و هنا يقول تعالى ايضا
و لهدينهم صراطا مستقيما،
و أنهم يصيرون مع النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين.و خلاصة الامر أنهم يتحدون معهم فيدخلون بجامعهم في معدن الولاية الالهية حيث لا انقطاع هناك و لا تميز و هنالك الولية لله الحق
افمن يهدى الى الحق أحق ان يتبع امن لا يهدى الا ان يهدى فما لكم كيف تحكمون (ذيل الآية 35، من السورة 10: يونس)
هذه آية من الآيات الدالة على وجوب طاعة الإمام المعصوم، و ان من يستطيع اولا وبالذات ان يحكم بين الناس و يكون واجب الاطاعة هو الممتلك لمقام العصمة، فان علمه علم حضوري و الهي، و قلبه متصل بالحق تعالى، و ليست علومه علوما كسبية تحصيلية.
و شاهدنا في هذه الآية الاستدلال على ولاية الإمام لا ولاية الفقيه.
و تقريب الاستدلال بهذا النحو: ان احتجاج آيات القرآن هنا مبني على لزوم اتباع الحق.فعلى الانسان ان يتبع الحق الذي هو عين الواقعية و الأصالة و الحقيقة، في مقابل الباطل الفاقد للاصالة و الواقعية، و المبتني
على اساس الاعتبارات و الاوهام و الامور السرابية و الوهمية و الخيالية الحق هو صلب الواقع.و العلوم الحضورية للائمة عليهم السلام هي عين الحق، لان الباطل ليس له طريق اليها، خلافا للعلوم التي يكتسبها الانسان من الخارج و المشوبة بالباطل و المحتملة للخطا و الاشتباه.
و لذا يقول الله تعالى في هذه الآية المباركة: ان الانسان يجب ان يتبع من كان قلبه متصلا بالحق و الحقيقة، لا تدخل فيه اية شائبة من البطلان و الآراء الشخصية و الاهواء النفسانية.و خلاصة الامر من لا يميل قلبه الى الباطل باي وجه من الوجوه.
فبناء الاستدلال في هذه الآيات المباركة الواردة في هذه السورة الشريفة على هذا الاساس: اي الاستدلال على لزوم اتباع الحق لان الله تعالى يقول:
قل الله يهدى للحق
فبعد ان اخذ الله تعالى بواسطة الاستفهام الانكاري اقرارا بالمعنى من المشركين، قبل هذه الجملة:
قل هل من شركائكم من يهدى الى الحق
بان الشركاء الذين جعلوهم لله تعالى لا يستطيعون هداية الانسان الى الحق، اجاب بلا فصل: قل الله يهدى للحق.و من البديهي ان المقام يستلزم الاجابة الفورية على هذا السؤال و لا ينتظر جواب المخاطب، لذا فقد اجاب فورا بهذا الشكل فقال: قل الله يهدى للحق ثم قال:
افمن يهدى الى الحق احق ان يتبع امن لا يهدى الا ان يهدى
و نلاحظ هنا انه على اساس مبنى لزوم متابعة الحق هذا، فقد جعل الله تعالى معادلة بين قوله: افمن يهدى الى الحق
و قوله: امن لا يهدى الا ان يهدى.
و الاستفهام يجب ان يكون له طرفان - لان الاستفهام يتردد دوما بين النفي و الاثبات - و احد طرفي الاستفهام هنا: افمن يهدى الى الحق و طرفه الآخر امن لا يهدى الا ان يهدى.و نحن نعلم ان «يهدى » من باب الافتعال، و أصلها يهتدي، لانه يجوز قلب «التاء» «دالا» و إدغامها بالدال الأخرى و كسر «الهاء» للمناسبة، فتصبح يهتدي: يهدي، فلا يهدي اذن تعني لا يهتدي، و نرى في هذه الصورة ان طرفي المعادلة هذين لا يستقبحان في هذا للاستفهام، ذلك لان المعادلة الصحيحة يجب ان تكون بين النفي و الإثبات، فنقول مثلا: هل جاء زيد أم لم يأت؟ و هو استفهاما بين النفي و الإثبات.لكن هل يمكن القول يا ترى: هل جاء زيد أم ان غرفته مظلمة؟ كلا بالطبع فهذا استفهام غير صحيح، فظلمة غرفة زيد لا يمكن ان تكون عدلا لمجي ء زيد.و علينا ان نقول اذن: هل جاء زيد أم لم يأت؟ او نقول مثلا: هل ذكرت هذا الامر لعمرو أم لم تذكره؟ بحيث يدور الاستفهام دوما بين النفي و الإثبات.
لو كانت هذه الآية هنا:
افمن يهدى الى الحق أحق ان يتبع امن لا يهدى.
(يهدى او لا يهدى) فكان نفيا و إثباتا، فلا إشكال في الامر.لكن المعادلة في هذه الآية بنحو آخر، فهي تقول: هل الذي يهدي الى الحق أحق ان يتبعه الانسان (هدى يهدى فعل متعدي) أم ذلك الذي لا يهتدي الا ان يهدى؟ ! و الذي لا يهتدي ليس عدلا لمن يهدي.
و علينا القول هنا: ان هذه المعادلة انما تصح فيما لو كان في كل طرف جملة مقدرة، كما لو سالتكم: هل جاء زيد أم ان غرفته مظلمة؟ و ظلمة غرفة زيد ليس عدلا لمجيئه في الاستفهام، لكن حيث انا علمنا بالملازمة الخارجية ان زيدا كلما جاء اضاء غرفته، و حين لا يكون قد اتى فان غرفته ستكون مظلمة، فعندئذ و بدلا من ان نذكر جزئي كلتا الملازمين فاننا نذكر احداها في طرف و الأخرى في الطرف الآخر و نحذف من [كلا] طرفي المعادلة جزءا.
اي بدلا من ان نقول: هل جاء زيد و غرفته مضاءة أم لم يأت و غرفته مظلمة؟ فاننا نقول: هل جاء زيد أم ان غرفته مظلمة؟ و هناك الكثير من الاستعمالات بهذا النحو.
و الآية محل البحث من هذا القبيل ايضا و السبب في ذلك هو ان لا يهدى (لا يهتدي) الا ان يهدى لا يمكنها ان تكون عدلا ل افمن يهدى لتكون عدلا لهذه المعادلة الا بتقدير جملتين: احداها في جانب الإثبات و الأخرى في جانب النفي.
فتاتي المعادلة اذن بهذه الصورة:
افمن يهدى الى الحق و يهتدى بنفسه أحق ان يتبع امن لا يهدى الى الحق و لا يهتدى الا ان يهدى
بما ان في الطرف الآخر للمعادلة: امن لا يهدى الا ان يهدى اي من لا يهتدي الا ان يقوم غيره من الناس بهدايته، اي ان هدايته غيرية، ففي هذا الطرف من المعادلة يكون من يهتدي بنفسه اي من تكون هدايته ذاتية دونما تعلم او تعليم او هداية من الآخرين.
فالآية اذن تريد ان تقول: ان من يهدي يجب ان تكون هذايته ذاتية و لا يكون ممن يهدى بالغير و يهتدي بالتعليم و التدريس، و انما يهتدي بنفسه، و هذا هو العلم الحضوري.فالذين يمتلكون العلم الحضوري قد اهتدوا بانفسهم بالهداية الالهية.
و على هذا فاننا نجعل جملة: أحق ان يتبع مثل «لسان الميزان » و نقول ان في هذا الطرف من المعادلة افمن يهدى الى الحق و يهتدي بدون ان يهدى اي من لا تكون هدايته بالغير، و انما منبينما نقول ان في ذاك الطرف من المعادلة امن لا يهدى الى الحق و لا يهدى الا ان يهدى اي من كانت هدايته بالغير.و نتيجة هذه المعادلة هي: ان كل من كانت هدايته غيرية لا يمكن ان يهدي الى الحق، فالذي يهدي الى عين الحق يجب ان تكون هدايته ذاتية و نفسية، و الذي يهدي الى الحق هو من تكون هدايته ذاتية و إلهية.
و هذا هو معنى العلم الحضوري الذي له الفعلية و الذي يكون علما فعليا للشخص الذي يحصل عليه و يعظاه، فيصونه الله تعالى بواسطة هذا العلم الحضوري من جميع الزلات و الخطايا: و ظهور الآية في هذا المعنى - بعد هذا البيان الدقيق - واضح و بين جدا. و عندما تكلمت فيما مضى مع احد علماء مشهد حول هذه الآية قال: ما هذا الذي تقوله أيها السيد! اذ معنى الآية ظاهر، و هو انه هل من الأفضل اتباع الذي يهدي الى الحق أم الذي لا يهدي؟ فكيف تستفيدون العصمة من هذا؟ !
فقلت له: نعم لو كان الشق الآخر من الآية: امن لا يهدى و كانت الآية بهذا النحو:
افمن يهدى الى الحق أحق ان يتبع امن لا يهدى
و كان هناك نفي و اثبات لكان كلامكم تاما.و لكن للقرآن في كلماته و عباراته في كل «واو» و «فاء» معنى، و قد حصل مكان لا يهدى، لا يهدى و لكي يبين ان: «يهدي » ليست هداية ذاتية اتى بعبارة الا ان يهدى.
و هذا القرآن قول فصل.
و ما هو بالهزل (الآية 14، من السورة 84: الطارق) .
فكيف نستطيع ان نأخذ يهدى الواردة هنا على انها يهدى من دون دليل؟ ! فنجعل الفعل اللازم متعديا، و نضع المعنى و المراد الخاص بنا في قالب القرآن؟ ! فهذا ليس بالأمر الصحيح.و يفهم مما بيناه و شرحناه ان هذه الآية انما وردت فقط في عصمة الإمام (الإمام المعصوم القائم بالأمور و الذي يجب ان يقضي و يحكم بين الناس) .( هذا القول لمحمد الحسين الحسيني الطهراني:
و من هنا يتضح ان استدلال بعض الإعلام بهذه الآية على ولاية الفقيه - كما سمعت ذلك بنفسي في احد الأيام التي كانت تقام فيها صلاة الجمعة في مقبرة جنة الزهراء و كنت حاضرا (مقبرة عامة قرب مدينة طهران تسمى (بهشة زهراء) في فترة أقيمت فيها صلاة الجمعة. (م) استدلال غير صحيح.
و من الآيات الأخرى التي يمكن الاستدلال بها على لزوم اتباع الإمام المعصوم هي الآية المباركة التي يقول الله تعالى فيها لرسوله الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم:
انا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خصينا (النساء 105)
بل لتكون مدافعا عن المؤمنين ضد الخائنين.
و الاستدلال بهذه الآية متوقف ايضا على لزوم انحصار التبعية للحق، و عدم وجود فصل بين الحق و الباطل.حيث جاء في القرآن الكريم:
فماذا بعد الحق الا الضلال فانى تصرفون
فليس ثمة فاصل بين الحق و الباطل.فاذا عدلتم عن الحق وقعتم في شراك الباطل.و لا يمكن ان يجد الانسان مكانا يكون برزخا بين الحق و الباطل.فاذا كان ثمة امر متحقق بالحق و كان واقعيا صرفا فذلك هو الحق، و الا فهو باطل.و لا وجود لبرزخ بين الحق و الباطل.
و الآية هنا تقول: لقد أنزلنا إليك القرآن بالحق.يعني عين الحق و الحقيقة و صلب الواقع و الأصالة، بحيث لا تكون فيه شائبة من الآراء الشيطانية و الأفكار النفسانية و الآراء الشخصية و المطالب التي لا تنطبق على حقيقة الواقع.و انما أنزلنا عليك من إخبار الماضين و القوانين و المعارف ما هو صلب الواقع و حاق الحقيقة، لكي تحكم بين الناس بما أراك الله.
فتلك الرؤية التي اعطاكها الله تعالى اذن رؤية معطاة على اساس هذا الحق و اساس حقيقة نزول القرآن هذه.ورؤيتك تلك علم حضوري و وجداني، لأننا انما أنزلنا عليك القرآن لتحكم بما أراك الله، اما اذا لم يكن نازلا بالحق لم تكن رؤيتك رؤية إلهية، و لكانت رؤية شخصية و مشوبة بالباطل.
وعليه فاننا عندما أنزلنا القرآن بالحق فلأجل ان تكون نظرتك و فكرك حقا متصلا بالغيب و الأصالة و الحقيقة (و هذا معنى العلم الحضوري و الوجداني)، لكي تحكم بين الناس بما أراك الله.و هذا متفرع على نزول القرآن بالحق.فنزول القرآن بالحق على قلب النبي - و هو الواعي للوحي الإلهي، و المتلقي للإسرار اللاهوتية و الجبروتية و الملكوتية لله - علة لكي يترتب عليه معلولة.و معلولة هو الحكم بين الناس بما أراه الله و هو الحق.فنحن أنزلنا القرآن لكي تحكم بين الناس بما أراك الله الذي هو الحق.
و من الآيات القرآنية الأخرى هذه الآية:
كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ( البقرة213)
في هذه الآية ايضا كان الحكم بين الناس في المسائل المختلف فيها متفرعا على نزول الكتب على الأنبياء بالحق.و يستفاد هنا ايضا بنفس التقريب الذي بيناه في الآية السابقة ان الحكم بين الناس يجب ان يكون مترتبا بالحق.وهو نزول الكتاب بالحق على الأنبياء.
و من الآيات الأخرى هذه الآية:
َوأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ (المائدة 48) .
فهو لم يقل: لا تتبع أقوالهم و لا كلامهم و لا حتى فكرهم، و ذلك لان لها أصالة وواقعية، لذا لم يذكر أيا من هذه التعبيرات، و انما قال ولا تتبع أهواءهم والأهواء تعني الأفكار الخالية والجوفاء بلا محتوى.
و قد استعمل هذا اللفظ في كثير من آيات القرآن المجيد، اي ان أفكارهم جوفاء وأهواء وباطل.لقد أنزلنا القرآن عليك بالحق لكي تحكم بينهم بما انزل الله، حيث ان ذلك الحكم بالحق.و بالطبع فان هذا الحق قد صار متحققا،
و لا تتبع أهواءهم
ثم يقول بعيد هذا الكلام:
و ان احكم بينهم بما انزل الله و لا تتبع أهواءهم و احذرهم ان يفتنوك عن بعض ما انزل الله إليك .
فاحذر ان تتأثر و لو شيئا قليلا بآرائهم الشخصية و خيالاتهم، لان تلك الاهواء باطلة و شيطانية لا أصالة لها، و ان ما انزله الله إليك هو عين الحق و الحقيقة.
و تقريب الاستدلال بهذه الآية الكريمة ايضا على وجوب اتباع المعصوم كما سبق، و ذلك لان الحكم بما انزل الله قد فرع على نزول الكتاب بالحق، اي انه بما انا أنزلنا الكتاب عليك بالحق، لذا فانك أنت الذي يجب ان تحكم بين الناس، اما من لم يتحقق بالحق، فليس له حق الحكم بين الناس.
و من آيات القرآن المباركة الأخرى هذه الآية:
فَلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا( النساء 65)
فلا يكون هناك حرج و لا ضيق في صدر من يحكم عليه، اذ انه من الطبيعي ان يكون الحكم لشخص على شخص، و يسلموا تسليما بكل ما للكلمة من معنى، كان يكون الحكم للشخص على حد سواء، كان الحق له او عليه.
و هذا هو الإيمان، و في تلك الحال فأنهم سيكونون قد آمنوا، و الامر كذلك ايضا في الواقع.و ذلك لان قلب النبي و وجوده عين الحق و عين الواقع، فيمكن ان يحكم بالباطل؟ ! ان مثله في ذلك مثل الله، فهل يمكن ان يحكم الله بالباطل.مع اطلاعه على جميع العلوم و الوقائع؟ ! و عليه فان وجود الموجودات هو العلم الحضوري لله، و العلم الفعلي الحضوري لله هو نفس الموجودات.
وما أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا (النساء 64).
(حيث يستفاد من هذه الآية ايضا وجوب الإطاعة، اذ ان لكل نبي ولاية، و على الناس ان يتبعوه و يطيعوه) و لو أنهم اذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله و استغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما. اي ان الله سيعفو عنهم.
و لكن ما العمل؟ فان الناس لا ينصاعون و لا يخضعون و لا يسلموا تسليما.فهم لا يرجعون الى النبي أصلا، فكيف يجعلونه حكما دون ان يحسوا في قلوبهم باي حرج.
و يقول تعالى بعد هذه الآية:
و لو انا كتبنا عليهم ان اقتلوا أنفسكم او اخرجوا من ديركم ما فعلوه الا قليل منهم.
مع انه
و لو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم و اشد تثبيتا و اذا لأتينهم من لدنا أجرا عظيما و لهدينهم صراطا مستقيما.
ثم يقول:
و من يطع الله و الرسول فأولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله و كفى بالله عليما
حيث ان الذين يتبعون النبي يصلون بسبب ولايتهم للنبي، الى حيث يكونون في حالة معية معه، و هذا بنفسه ولاية، لذا يمكن استفادة الولاية من هذه الآية، كما يمكن استفادة وجوب اتباع هؤلاء الأشخاص الذين يكونون في حالة من المعية مع النبي.
و مفاد هذه الآية هو نفس مفاد الآية التي نقراها كل يوم في الصلاة:
أهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين.
و هنا يقول تعالى ايضا
و لهدينهم صراطا مستقيما،
و أنهم يصيرون مع النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين.و خلاصة الامر أنهم يتحدون معهم فيدخلون بجامعهم في معدن الولاية الالهية حيث لا انقطاع هناك و لا تميز و هنالك الولية لله الحق
تعليق