منقول من موسوعة القائم من فكر السيد القحطاني
السفياني في القرآن والسنة
أولا : السفياني في القرآن
إن القرآن فيه تبيان كل شيء وقد فصل الله تعالى فيه الآيات للناس لكي يعتبروا ويهتدوا إلى طريق الحق والصراط المستقيم، ومثلما ذكر جانب الخير وطريق الحق الممثل بخط الرسل والأنبياء والأولياء والصالحين فإنه ذكر جانب الشر وطريق الباطل ممثلاً بخط الشيطان وأعوانه من طواغيت العصر وجبابرته كنمرود وفرعون وهامان وغيرهم.
وبما ان القرآن هو حاكي عن كل زمان فلا بد أن يكون حاكي بصورة خاصة عن قضية وحركة الإمام المهدي (عليه السلام) وقيامه المقدس الذي يمثل ثمرة بعثة الأنبياء والأئمة والأوصياء على طريق توحيد الله عز وجل وإقامة دولة الحق والعدل الإلهي في هذه الأرض بل في الكون كله، فمن الطبيعي والحال هذه ذكر أعداء الإمام المهدي (عليه السلام) وعلى رأسهم العدو الأكبر السفياني اللعين الذي يمثل أبو سفيان في عصر الظهور الشريف .
صحيح إن الآيات القرآنية لا تصرح باسمه بشكل صريح إلا إن ذلك نستشفه من سياق تفسير الآيات القرآنية تلك والتي أوردها أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وإليك بعض تلك الآيات والشواهد القرآنية.
الآية الأولى: قوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً }( ) فقد ورد في تفسير هذه الآية : ( ما يحدث من أمر القائم والسفياني )( ).
الآية الثانية: قوله تعالى: {فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ }( ).
وهي أحد الآيات التي نزلت في السفياني أيضاً، فقد روي عن جابر الجعفي عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: ( إلزام الأرض ولا تحركن يدك ولا رجلك أبداً حتى ترى علامات أذكرها لك... وإن أهل الشام يختلفون عند ذلك على ثلاثة رايات الأصهب والأبقع والسفياني مع بني ذنب الحمار مضر حتى يقتتلوا قتلا لم يقتله شيء قط ويحضر رجلاً من دمشق فيقتل هو ومن معه قتلاً لم يقتله شيء قط وهو من بني ذنب الحمار وهي الآية التي يقول الله تبارك وتعالى فيها فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ ويظهر السفياني ومن معه حتى لا يكون همه إلا آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وشيعتهم...)( ).
وبذلك يكون السفياني قد شابه جده أبا سفيان بن حرب في جمعه الأحزاب من قريش وبعض قبائل العرب من كنانة وغطفان وسليم وغيرها وحتى اليهود وسيره بهم لقتال الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما)، ومصير أحزاب السفياني من التشتت هو ذاته مصير الأحزاب بقيادة أبي سفيان بن حرب الذين تشتتوا وتفرقوا لوقوع الخلاف فيما بينهم، وإن الله عز وجل سينصر وليه الإمام القائم (عليه السلام) بنصر من عنده والمتمثل بالخسف الذي يخسف بجيشه في البيداء، كما نصر الله تعالى رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) في واقعة الأحزاب أي معركة الخندق بأن أرسل عليهم ريحاً شتتهم وفرقتهم وردوا بغيضهم لم ينالوا خيراً ونصر الله عبده وأعز جنده ( ).
وكما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) فيما ينسب إليه
لا تحسبن الله خاذلا دينه ونبيه يا معشر الأحزاب
الآية الثالثة: قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } وجاء في تفسير هذه الآية: (فإذا جاء إلى البيداء يخرج إليه جيش السفياني فيأمر الله الأرض فتأخذ أقدامهم ...)( ).
وهي حكاية عن جيش الخسف الذي يرسله السفياني لقتال الإمام المهدي (عليه السلام) ولعله يوجد في القرآن أكثر من آية تقابلها إذ تحكي ما كان عليه أبو سفيان وحال جنوده وأشياعه أيام بعثة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وعدائه لهم ومن ذلك قوله تعالى { والركب أسفل منكم } وقد ورد في تفسيرها عن الإمام الصادق (عليه السلام) : ( أبو سفيان وأصحابه )( ).
الآية الرابعة : قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً }( ) وهي في جيش السفياني أيضاً كما ذكر الإمام الباقر (عليه السلام) حيث قال في تفسير هذه الآية: ( لا يفلت من جيش السفياني الهالكين في خسف البيداء سوى ثلاثة نفر يحول الله وجوههم في أقفيتهم وذلك عند قيام القائم المهدي )( ).
وهذه الآيات بجملتها تدل على وجود ذكر السفياني في القرآن وتحذر من مغبة الانجرار وراء حركته وتأييدها لأن في ذلك حرب لله تعالى ذكره، وإن المنتسبين إليها سيرون وبال عملهم هذا، كما إن فيها إيحاء إلى الشبه بين أبو سفيان وحفيده السفياني من حيث العداء لأهل البيت (عليهم السلام) وحرب الإسلام المحمدي المهدوي عن طريق تشابه المواقف والأحداث التي تحكيها الآيات القرآنية التي ذكرناها آنفاً .
ثانياً : السفياني في الروايات
إن روايات كلا الفريقين ذكرت حركة السفياني وتفاصيلها وذمها وتحذير الناس منها، إضافة إلى تناول صفات السفياني واسمه ونسبه، وسنحاول ذكر الروايات من كلا الفريقين حول الحركة بصورة عامة وسماتها وسمات قائدها وبطلانه على عدة محاور.
المحور الأول :
من حيث خروج السفياني عن ربقة الدين الإسلامي وكفره صراحة وهذا الشيء ليس بالمستغرب فهو يشابه فيه جده أبو سفيان حيث ورد عن عبد الله بن مسعود عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) أنه قال: ( إذا عبر السفياني الفرات بلغ موقع يقال له عاقر قوفا محا الله تعالى الإيمان من قلبه ...)( ).
وجاء في رواية عن كعب أنه قال: ( لا يعبر السفياني الفرات إلا وهو كافر)( ).
أما من روايات الشيعة التي تؤكد على كفر السفياني وخروجه من الإسلام إلى دين النصرانية ما جاء عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) أنه قال: ( إذا حاد السفياني عن الحق وحاد عن جادة الدين تقوم له قيس من مصر فينتصر على جيشها الذي ترسله لقتاله ...)( ).
وجاء في رواية ثانية عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: ( هو من أخبث الناس لأنه لم يعبد الله قط ولم يدخل مكة قط ولا المدينة قط ...)( ).
وكذلك وردت روايات تشير إلى كفر أصحاب حركة السفياني فقد جاء عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: ( إذا بلغ السفياني إن القائم قد توجه إليه من ناحية الكوفة يتجرد بخيله حتى يلقى القائم ..ثم يصبحون للقائم (عليه السلام) بالحرب فيقتتلون يومهم ذلك ثم إن الله تعالى يمنح القائم وأصحابه أكتافهم فيقتلونهم حتى يفنوهم حتى إن الرجل يختفي في الشجرة والحجرة فتقول الشجرة والحجرة يا مؤمن هذا رجل كافر فقتله فيقتله، قال فتشبع السباع والطير من لحومهم ...)( ).
وجاء عن حذيفة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) أنه قال: ( فيقدم الشام فيذبح السفياني تحت شجرة التي أغصانها إلى بحيرة طبرية ويقتل كلباً ... قال حذيفة يا رسول الله وكيف يحل قتالهم وهم موحدون ؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما): يا حذيفة هو يومئذ على ردة يزعمون أن الخمر حلال ولا يصلون ...)( ).
وهذا مما يؤكد بشكل جلي ارتداد أصحاب السفياني مثله تماماً عن الدين الإسلامي بأعمالهم تلك وكما هو واضح بقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وإنهم يومئذ على الردة .
وهذا بالتالي يثبت لنا ردة السفياني عن الإسلام وهذا هو بعينه حال أبو سفيان بن حرب إلا أنه في الخفاء والباطن، من حيث انه دخل الإسلام مكرهاً وذلك بعد أن رأى قوة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وكثرة جيشه، فنصحه العباس بن عبد المطلب أن يسلم وإلا ضربت عنقه وكان صديقه في الجاهلية، فجاء إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) مستجيراً به، وقد وردت عدة روايات تشير إلى إظهار أبو سفيان الإسلام وإبطانه الكفر .
فقد ورد انه لما بويع لأبي بكر جاء أبو سفيان إلى الإمام علي (عليه السلام) وقال له: ( أغلبكم على هذا الأمر أقل بيت في قريش أما والله لأملأنها خيلاً ورجلاً إن شئت. فقال علي (عليه السلام) : ما زلت عدواً للإسلام وأهله فما ضر ذلك الإسلام وأهله شيئاً ...)( ).
ونلاحظ إن الإمام علي (عليه السلام) يشير بوضوح إلى عداء أبو سفيان للإسلام وأهله مما يدل على انه غير مسلم من حيث الباطن بدليل انه كان يحاول إثارة النعرات والصراعات الداخلية بين المسلمين( ).
وقد صرح أبو سفيان بلسان صريح بأنه منكر للجنة والنار وهذا يعني انه غير مؤمن بما جاء به محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) من تعاليم الإسلام والتي من بينها الاعتراف بوجود الجنة والنار كما انه في نفس الوقت لا يعترف بخلافة المسلمين إنما يعد ذلك ملك حازه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما)، حيث روي: ( إن أبا سفيان دخل على عثمان حينما صارت الخلافة إليه فقال: قد صارت إليك بعد تيم وعدي فأدرها كالكرة واجعل أوتادها بني أمية فإنما هو ملك ولا أدري ما جنة ولا نار فصاح به عثمان ..ما يدل على إنه لم يكن إسلامه سالماً ...)( ).
المحور الثاني :
وهنا سنبين ضلال السفياني ولعنه، لأن اللعن لا يكون لإنسان إلا إذا كان باطلاً ومعادياً للإسلام وذلك كما ورد في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ }( )وقوله عز وجل {مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً *سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً }( ).
وقد ورد عن الإمام علي (عليه السلام): (إن هؤلاء الملعونين هم بني أمية الذين يقوم الإمام المهدي (عليه السلام) فيغريه بهم فيقتلهم ملعونين أينما ثقفوا فيأخذهم ويقتلهم)( ).
أما ما ورد في لعن السفياني ما جاء عن جابر عن الإمام الباقر(عليه السلام) أنه قال: ( يظهر الأبقع بمصر يقتلون الناس حتى يبلغوا إرم ثم يثور المشوه عليه فتكون بينهما ملحمة عظيمة ثم يظهر السفياني الملعون فيظفر بهما جميعاً ...)( ).
كما روى حذلم بن بشير عن الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) أنه قال: ( ثم يخرج السفياني الملعون من الوادي اليابس )( ).
وهكذا نجد التأكيد على لعن السفياني وحركته في آخر الزمان، كما ورد في لعن أبو سفيان من قبل مما يدل على الشبه بينهما من هذه الناحية أيضاً.
وقد ورد في لعن أبو سفيان على لسان أئمة أهل البيت (عليهم السلام) منها على سبيل المثال ما ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) في زيارة عاشوراء: ( السلام عليك يا أبا عبد الله السلام عليك يا ابن رسول الله ... اللهم أجعل محياي محيا محمد وآل محمد ومماتي ممات محمد وآل محمد أللهم إن هذا يوم تبركت به بنو أمية وابن آكلة الأكباد اللعين ابن اللعين على لسانك ولسان نبيك صلى الله عليه وآله في كل موطن وموقف وقف فيه نبيك صلى الله عليه وآله أللهم العن أبا سفيان ومعاوية ويزيد بن معاوية عليهم منك اللعن أبد الآبدين ...)( ).
كما ورد عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في أعمال اليوم الثالث من شهر صفر لعن آل أبي سفيان مائة مرة، حيث انه في شهر صفر وقيل في ذلك اليوم أدخلوا سبايا آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) إلى دمشق.
ونرى انه يفهم من فحوى الزيارة الواردة عن الإمام الباقر (عليه السلام) بأن يلعن أبو سفيان ويدعو إلى البراءة منه ومن آل أبي سفيان وبني أمية، والتمسك بولاية محمد وآل محمد ( صلوات الله عليهم أجمعين ).
يتبع لطفا
السفياني في القرآن والسنة
أولا : السفياني في القرآن
إن القرآن فيه تبيان كل شيء وقد فصل الله تعالى فيه الآيات للناس لكي يعتبروا ويهتدوا إلى طريق الحق والصراط المستقيم، ومثلما ذكر جانب الخير وطريق الحق الممثل بخط الرسل والأنبياء والأولياء والصالحين فإنه ذكر جانب الشر وطريق الباطل ممثلاً بخط الشيطان وأعوانه من طواغيت العصر وجبابرته كنمرود وفرعون وهامان وغيرهم.
وبما ان القرآن هو حاكي عن كل زمان فلا بد أن يكون حاكي بصورة خاصة عن قضية وحركة الإمام المهدي (عليه السلام) وقيامه المقدس الذي يمثل ثمرة بعثة الأنبياء والأئمة والأوصياء على طريق توحيد الله عز وجل وإقامة دولة الحق والعدل الإلهي في هذه الأرض بل في الكون كله، فمن الطبيعي والحال هذه ذكر أعداء الإمام المهدي (عليه السلام) وعلى رأسهم العدو الأكبر السفياني اللعين الذي يمثل أبو سفيان في عصر الظهور الشريف .
صحيح إن الآيات القرآنية لا تصرح باسمه بشكل صريح إلا إن ذلك نستشفه من سياق تفسير الآيات القرآنية تلك والتي أوردها أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وإليك بعض تلك الآيات والشواهد القرآنية.
الآية الأولى: قوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً }( ) فقد ورد في تفسير هذه الآية : ( ما يحدث من أمر القائم والسفياني )( ).
الآية الثانية: قوله تعالى: {فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ }( ).
وهي أحد الآيات التي نزلت في السفياني أيضاً، فقد روي عن جابر الجعفي عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: ( إلزام الأرض ولا تحركن يدك ولا رجلك أبداً حتى ترى علامات أذكرها لك... وإن أهل الشام يختلفون عند ذلك على ثلاثة رايات الأصهب والأبقع والسفياني مع بني ذنب الحمار مضر حتى يقتتلوا قتلا لم يقتله شيء قط ويحضر رجلاً من دمشق فيقتل هو ومن معه قتلاً لم يقتله شيء قط وهو من بني ذنب الحمار وهي الآية التي يقول الله تبارك وتعالى فيها فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ ويظهر السفياني ومن معه حتى لا يكون همه إلا آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وشيعتهم...)( ).
وبذلك يكون السفياني قد شابه جده أبا سفيان بن حرب في جمعه الأحزاب من قريش وبعض قبائل العرب من كنانة وغطفان وسليم وغيرها وحتى اليهود وسيره بهم لقتال الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما)، ومصير أحزاب السفياني من التشتت هو ذاته مصير الأحزاب بقيادة أبي سفيان بن حرب الذين تشتتوا وتفرقوا لوقوع الخلاف فيما بينهم، وإن الله عز وجل سينصر وليه الإمام القائم (عليه السلام) بنصر من عنده والمتمثل بالخسف الذي يخسف بجيشه في البيداء، كما نصر الله تعالى رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) في واقعة الأحزاب أي معركة الخندق بأن أرسل عليهم ريحاً شتتهم وفرقتهم وردوا بغيضهم لم ينالوا خيراً ونصر الله عبده وأعز جنده ( ).
وكما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) فيما ينسب إليه
لا تحسبن الله خاذلا دينه ونبيه يا معشر الأحزاب
الآية الثالثة: قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } وجاء في تفسير هذه الآية: (فإذا جاء إلى البيداء يخرج إليه جيش السفياني فيأمر الله الأرض فتأخذ أقدامهم ...)( ).
وهي حكاية عن جيش الخسف الذي يرسله السفياني لقتال الإمام المهدي (عليه السلام) ولعله يوجد في القرآن أكثر من آية تقابلها إذ تحكي ما كان عليه أبو سفيان وحال جنوده وأشياعه أيام بعثة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وعدائه لهم ومن ذلك قوله تعالى { والركب أسفل منكم } وقد ورد في تفسيرها عن الإمام الصادق (عليه السلام) : ( أبو سفيان وأصحابه )( ).
الآية الرابعة : قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً }( ) وهي في جيش السفياني أيضاً كما ذكر الإمام الباقر (عليه السلام) حيث قال في تفسير هذه الآية: ( لا يفلت من جيش السفياني الهالكين في خسف البيداء سوى ثلاثة نفر يحول الله وجوههم في أقفيتهم وذلك عند قيام القائم المهدي )( ).
وهذه الآيات بجملتها تدل على وجود ذكر السفياني في القرآن وتحذر من مغبة الانجرار وراء حركته وتأييدها لأن في ذلك حرب لله تعالى ذكره، وإن المنتسبين إليها سيرون وبال عملهم هذا، كما إن فيها إيحاء إلى الشبه بين أبو سفيان وحفيده السفياني من حيث العداء لأهل البيت (عليهم السلام) وحرب الإسلام المحمدي المهدوي عن طريق تشابه المواقف والأحداث التي تحكيها الآيات القرآنية التي ذكرناها آنفاً .
ثانياً : السفياني في الروايات
إن روايات كلا الفريقين ذكرت حركة السفياني وتفاصيلها وذمها وتحذير الناس منها، إضافة إلى تناول صفات السفياني واسمه ونسبه، وسنحاول ذكر الروايات من كلا الفريقين حول الحركة بصورة عامة وسماتها وسمات قائدها وبطلانه على عدة محاور.
المحور الأول :
من حيث خروج السفياني عن ربقة الدين الإسلامي وكفره صراحة وهذا الشيء ليس بالمستغرب فهو يشابه فيه جده أبو سفيان حيث ورد عن عبد الله بن مسعود عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) أنه قال: ( إذا عبر السفياني الفرات بلغ موقع يقال له عاقر قوفا محا الله تعالى الإيمان من قلبه ...)( ).
وجاء في رواية عن كعب أنه قال: ( لا يعبر السفياني الفرات إلا وهو كافر)( ).
أما من روايات الشيعة التي تؤكد على كفر السفياني وخروجه من الإسلام إلى دين النصرانية ما جاء عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) أنه قال: ( إذا حاد السفياني عن الحق وحاد عن جادة الدين تقوم له قيس من مصر فينتصر على جيشها الذي ترسله لقتاله ...)( ).
وجاء في رواية ثانية عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: ( هو من أخبث الناس لأنه لم يعبد الله قط ولم يدخل مكة قط ولا المدينة قط ...)( ).
وكذلك وردت روايات تشير إلى كفر أصحاب حركة السفياني فقد جاء عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: ( إذا بلغ السفياني إن القائم قد توجه إليه من ناحية الكوفة يتجرد بخيله حتى يلقى القائم ..ثم يصبحون للقائم (عليه السلام) بالحرب فيقتتلون يومهم ذلك ثم إن الله تعالى يمنح القائم وأصحابه أكتافهم فيقتلونهم حتى يفنوهم حتى إن الرجل يختفي في الشجرة والحجرة فتقول الشجرة والحجرة يا مؤمن هذا رجل كافر فقتله فيقتله، قال فتشبع السباع والطير من لحومهم ...)( ).
وجاء عن حذيفة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) أنه قال: ( فيقدم الشام فيذبح السفياني تحت شجرة التي أغصانها إلى بحيرة طبرية ويقتل كلباً ... قال حذيفة يا رسول الله وكيف يحل قتالهم وهم موحدون ؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما): يا حذيفة هو يومئذ على ردة يزعمون أن الخمر حلال ولا يصلون ...)( ).
وهذا مما يؤكد بشكل جلي ارتداد أصحاب السفياني مثله تماماً عن الدين الإسلامي بأعمالهم تلك وكما هو واضح بقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وإنهم يومئذ على الردة .
وهذا بالتالي يثبت لنا ردة السفياني عن الإسلام وهذا هو بعينه حال أبو سفيان بن حرب إلا أنه في الخفاء والباطن، من حيث انه دخل الإسلام مكرهاً وذلك بعد أن رأى قوة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وكثرة جيشه، فنصحه العباس بن عبد المطلب أن يسلم وإلا ضربت عنقه وكان صديقه في الجاهلية، فجاء إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) مستجيراً به، وقد وردت عدة روايات تشير إلى إظهار أبو سفيان الإسلام وإبطانه الكفر .
فقد ورد انه لما بويع لأبي بكر جاء أبو سفيان إلى الإمام علي (عليه السلام) وقال له: ( أغلبكم على هذا الأمر أقل بيت في قريش أما والله لأملأنها خيلاً ورجلاً إن شئت. فقال علي (عليه السلام) : ما زلت عدواً للإسلام وأهله فما ضر ذلك الإسلام وأهله شيئاً ...)( ).
ونلاحظ إن الإمام علي (عليه السلام) يشير بوضوح إلى عداء أبو سفيان للإسلام وأهله مما يدل على انه غير مسلم من حيث الباطن بدليل انه كان يحاول إثارة النعرات والصراعات الداخلية بين المسلمين( ).
وقد صرح أبو سفيان بلسان صريح بأنه منكر للجنة والنار وهذا يعني انه غير مؤمن بما جاء به محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) من تعاليم الإسلام والتي من بينها الاعتراف بوجود الجنة والنار كما انه في نفس الوقت لا يعترف بخلافة المسلمين إنما يعد ذلك ملك حازه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما)، حيث روي: ( إن أبا سفيان دخل على عثمان حينما صارت الخلافة إليه فقال: قد صارت إليك بعد تيم وعدي فأدرها كالكرة واجعل أوتادها بني أمية فإنما هو ملك ولا أدري ما جنة ولا نار فصاح به عثمان ..ما يدل على إنه لم يكن إسلامه سالماً ...)( ).
المحور الثاني :
وهنا سنبين ضلال السفياني ولعنه، لأن اللعن لا يكون لإنسان إلا إذا كان باطلاً ومعادياً للإسلام وذلك كما ورد في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ }( )وقوله عز وجل {مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً *سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً }( ).
وقد ورد عن الإمام علي (عليه السلام): (إن هؤلاء الملعونين هم بني أمية الذين يقوم الإمام المهدي (عليه السلام) فيغريه بهم فيقتلهم ملعونين أينما ثقفوا فيأخذهم ويقتلهم)( ).
أما ما ورد في لعن السفياني ما جاء عن جابر عن الإمام الباقر(عليه السلام) أنه قال: ( يظهر الأبقع بمصر يقتلون الناس حتى يبلغوا إرم ثم يثور المشوه عليه فتكون بينهما ملحمة عظيمة ثم يظهر السفياني الملعون فيظفر بهما جميعاً ...)( ).
كما روى حذلم بن بشير عن الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) أنه قال: ( ثم يخرج السفياني الملعون من الوادي اليابس )( ).
وهكذا نجد التأكيد على لعن السفياني وحركته في آخر الزمان، كما ورد في لعن أبو سفيان من قبل مما يدل على الشبه بينهما من هذه الناحية أيضاً.
وقد ورد في لعن أبو سفيان على لسان أئمة أهل البيت (عليهم السلام) منها على سبيل المثال ما ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) في زيارة عاشوراء: ( السلام عليك يا أبا عبد الله السلام عليك يا ابن رسول الله ... اللهم أجعل محياي محيا محمد وآل محمد ومماتي ممات محمد وآل محمد أللهم إن هذا يوم تبركت به بنو أمية وابن آكلة الأكباد اللعين ابن اللعين على لسانك ولسان نبيك صلى الله عليه وآله في كل موطن وموقف وقف فيه نبيك صلى الله عليه وآله أللهم العن أبا سفيان ومعاوية ويزيد بن معاوية عليهم منك اللعن أبد الآبدين ...)( ).
كما ورد عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في أعمال اليوم الثالث من شهر صفر لعن آل أبي سفيان مائة مرة، حيث انه في شهر صفر وقيل في ذلك اليوم أدخلوا سبايا آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) إلى دمشق.
ونرى انه يفهم من فحوى الزيارة الواردة عن الإمام الباقر (عليه السلام) بأن يلعن أبو سفيان ويدعو إلى البراءة منه ومن آل أبي سفيان وبني أمية، والتمسك بولاية محمد وآل محمد ( صلوات الله عليهم أجمعين ).
يتبع لطفا
تعليق