الصيحة في مفهومها العلمي
من فكر السيد أبي عبد الله الحسين القحطاني
كثيراً ما يقف الباحثين في قضية الامام المهدي(عليه السلام) متأملين ومتفكرين حينما تواجههم الاحاديث والروايات المعصومية الشريفة التي تتحدث عن الصيحة او النداء او الصوت كما في بعض الاخبار وذلك يرجع حتماً الى اختلاف تلك الاحاديث والروايات الواردة فيما بينها او نتيجة ما يدور في الذهن او يخطر في القلب من تساؤل حينما تواجههم الاحاديث والروايات التي تذكر قلة أصحاب الامام المهدي (عليه السلام) وأنصاره وكثرة أعدائه حيث يقفز السؤال سريعاً والذي مفاده : لو أن الصيحة كانت من السماء ومن جبرائيل مباشرة وهي على هذا الحال تكون بنحو الاعجاز فلماذا لا ينصر الناس المهدي (عليه السلام) ؟ وكيف يقع الشك في نفوسهم ويكثر أعدائه يا ترى ؟ . ونتيجة لهذه الحيرة وهذه التساؤلات كانت هذه الاطروحة المعاصرة حول الصيحة ومفهومها بدراسة روائية علمية جديدة تفسر لنا الروايات بطريقة قريبة من الواقع ، فأن كانت هذه الاطروحة قائمة على الادلة الشرعية وموافقة الامكان فلا مبرر لرفضها او ردها وان لم تكن مدعمة بالادلة او ان ادلتها غير ناهضة فهي مرفوضة ومردودة ، وعلى من يرفضها أن يأتي بدليل ضدها .
وقد يتساءل البعض لماذا هذا التردد اذن من قبلكم ؟ فأقول : اننا اذ نعرض هذه الاطروحة على الاخوة القراء فأننا لا نريد فرض راينا على الاخرين لأن الاعتقاد بشي ما يجب ان يكون من الشخص ذاته لا بتأثير خارجي .
لقد جاء ذكر الصيحة في الكثير من الاحاديث والروايات الشريفة وقد عبر عنها في بعض الروايات بالنداء او الصوت وهذه الاسماء في الواقع تتحدث عن معنى واحد ، وهو الصيحة او النداء او الصوت الذي يكون عند السحر من ليلة الثالث والعشرين ( ليلة القدر ) من شهر رمضان الذي يسبق قيام الامام المهدي (عليه السلام) وأن ما دعانا للذهاب الى هذه الاطروحة هو تعدد الصيحة فأن الذي يظهر من الروايات المعصومية الشريفة ان هناك اكثر من صيحة تقع قبل قيام الامام المهدي (عليه السلام) فقد اجمعت الكثير من الروايات الشريفة ان الصيحة تكون عند السحر من ليلة القدر في شهر رمضان فقد جاء في الرواية الشريفة عن ابي عبد الله (عليه السلام) انه قال : ( الصيحة التي في شهر رمضان تكون ليلة جمعة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان ) بحار الانوار ج52 ، وعن ابي بصير ، عن ابي جعفر محمد بن علي ( عليه السلام) انه قال : ( يكون الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة ليلة ثلاث وعشرين فلا تشكوا في ذلك ، واسمعوا واطيعوا .....) غيبة النعماني ، الا ان هناك أحاديث وأخبار أخرى تروي لنا ان الصيحة تكون في أشهر اخرى غير شهر رمضان ففي الحديث الشريف المروي عن رسول الله 0 صلى الله عليه واله وسلم ) قال : ( تكون هدة في شهر رمضان توقظ النائم وتفزع اليقضان ، ثم تظهر عصابة في شوال ، ثم تكون معمعة في ذي القعدة ، ثم يسلب الحاج في ذي الحجة ، ثم تنتهك المحارم في المحرم ، ثم يكون صوت في صفر ، ثم تتنازع القبائل في ربيع ، ثم العجب كل العجب بين جمادي ورجب ) الملاحم والفتن . فأن الذي يظهر من هذا الحديث الشريف ان هناك صوت آخر غير الصوت الذي يكون في شهر رمضان وهذا الصوت المشار اليه في الحديث السابق يكون في شهر صفر . وعن الحسن بن محبوب قال : قال لي الرضا ( عليه السلام ) : ( انه يا حسن سيكون فتنة صماء - الى ان قال - كاني بهم أيس ما كانوا قد نودوا نداءً يسمعه من بالبٌعد كما يسمعه من بالقرب ، يكن رحمة على المؤمنين وعذاباً على الكافرين ، فقلت بأبي وأمي انت وما ذلك النداء ؟ قال : ثلاثة اصوات في رجب اولها : الا لعنة الله على الظالمين ، والثاني : أزفت الازفة يا معشر المؤمنين ، والثالث : يرون يدأ بارزاً مع قرن الشمس ينادي : الا ان الله قد بعث فلاناً على هلاك الظالمين ، فعند ذلك يأتي المؤمنين الفرج ويشفي الله صدورهم ، ويذهب غيظ قلوبهم ) دلائل الامامة . وعن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) انه قال : ( في المحرم ينادي مناد من السماء الا ان صفوة الله ( من خلقه ) فلان فاسمعوا له وأطيعوه ، في سنة الصوت المعمعة ) برهان المتقي . فمن هذه الاحاديث والروايات المعصومية الشريفة يظهر لنا واضحاً ان هناك اكثر من صوت وصيحة تكون في اوقات متعددة ومختلفة فصيحة تكون في شهر رمضان واخرى في شهر صفر اضف الى ذلك ثلاث صيحات في شهر رجب كما في الرواية الشريفة الواردة عن الامام الرضا ( عليه السلام ) وصيحة في شهر المحرم ، اذن فلا يعقل ان تكون كل هذه الاصوات عن طريق الاعجاز بل المتوقع ان تكون تلك الصيحات عن طريق القنوات الفضائية التي باتت منتشرة في كل بقاع العالم كما هو معلوم والكل يمكنه سماعها وهي في الواقع من السماء اما لانها تمثل جانب الحق والدعوة الى الله عز وجل فيعبر عنها بأنها من السماء او لان الفضائيات تستلم بثها من الاقمار الصناعية التي هي في الواقع منتشرة في السماء اما بالنسبة لكونها من قبل جبرائيل (عليه السلام) فذلك لانها من الله والى الله وجبرائيل هو الواسطة كما لا يخفى بين جناب المولى تبارك وتعالى وبين خلقه . وقد يتسائل البعض اذا كان الامر كذلك فلابد ان تكون الصيحة الثانية عند المغرب من يوم الثالث والعشرين من شهر رمضان _أي صيحة أبليس عليه اللعنه_ هي ايضاً عن طريق الفضائيات واذا كان كذلك فلم عبر عنها في الروايات بأنها من الارض ولم يقال انها من السماء كما في الصيحة الاولى ؟ فقد جاء في الرواية الشريفة الواردة عن ابي حمزة الثمالي قال: قلت لابي عبد الله(ع) : ان ابا جعفر (ع) كان يقول: خروج السفياني من المحتوم والنداء من المحتوم وطلوع الشمس من المغرب من المحتوم واشياء كان يقولها من المحتوم ، فقال ابو عبد الله (عليه السلام) : وأختلاف بني فلان من المحتوم ، وقتل النفس الزكية من المحتوم وخروج القائم من المحتوم ، قلت : وكيف يكون النداء ؟ قال : ينادي مناد من السماء اول النهار يسمعه كل قوم بالسنتهم الا ان الحق في علي وشيعته ثم ينادي أبليس في أخر النهار من الارض الا ان الحق في عثمان وشيعته فعند ذلك يرتاب المبطلون ، غيبة الطوسي - الظاهر ان الائمة الطاهرين (صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين ) عبروا عن الصيحة الثانية انها من الارض اشارة الى انها ليست من الله ولا تدعو الى الحق أي بتعبير اخر ليس لها ارتباط بالسماء انما هي من أهواء نفوس بعض النواصب لاهل البيت (عليهم السلام) لذلك عبر عنها انها من الارض وقد عبر عنها انها من الشيطان ونسبت اليه لأنها من ضلالته التي يضل بها الناس واتباعه من الانس الذين غرهم وخدعهم وأستمالهم باساليبه الشيطانية والا لو قلنا بأن صيحة الحق تكون من قبل جبرائيل (عليه السلام) بالمباشرة لأستلزم ذلك انها تكون على نحو الاعجاز وان كانت صيحة الباطل من قبل ابليس ويسمعها كل الناس كذلك لكانت على نحو الاعجاز ايضاً وهذا لا يمكن القول به فلا كرامة لابليس 0عليه اللعنة) ولا يمكن ان يجري الله على يديه المعجزات لاي سبب كان والا لما امتاز اهل الحق من اهل الباطل فما هي الحكمة والفائدة اذن من ان تكون صيحة الحق من قبل جبرئيل (عليه السلام) بالمباشرة اذا كانت لاتمتاز عن صيحة ابليس وكانت الصيحتان على نحو الاعجاز ياترى؟ ! ثم ان المعجزات لا تكون الا للأنبياء والرسل (عليهم السلام) ولربما يتسأل البعض ان لم تكن الصيحة من قبل جبرائيل (عليه السلام) وعلى نحو المعجزة فكيف ذكرت الروايات ان الصيحة يسمعها كل قوم بلغتهم ؟ والحقيقة ان هذا الامر ليس بالصعب فكما نرى في الفضائيات وجود الترجمة الفورية بحيث اذا نقل خطاب لاحد الاشخاص بلغة ما عبر الفضائيات هناك من يترجم ذلك الخطاب فوريا واثناء خطاب ذلك الشخص ولعدة لغات حسب الحاجة اليها . ومما يؤيد ما ذهبنا اليه هو ما جاء في الروايات المعصومية الشريفة من وقوع الشك والارتياب في نفوس السامعين للصيحة الثانية بعدما أمنوا بالصيحة الاولى ((صيحة الحق)) فلو كانت الصيحة الاولى تمتاز عن الصيحة الثانية من ناحية الكيفية على فرض انها من جبرائيل بالمباشرة وعن طريق الاعجاز فلماذا اذن وقع الشك والارتياب علماً ان الصيحة الثانية اذا قلنا انها من ابليس ومن الارض فلا يمكن ان تكون كصيحة جبرائيل (عليه السلام) أطلاقاً . فأن الذي يظهر من الرواية الشريفة المتقدمة ان الصيحة الثانية اذا وقعت يرتاب الناس .
وقد جاء ايضاً في الرواية الشريفة الواردة عن زرارة بن اعين قال : ( قلت لابي عبد الله (عليه السلام) : عجبت أصلحك الله واني لاعجب من القائم كيف يُقاتَل مع ما يرون من العجائب من خسف البيداء بالجيش ، ومن النداء من السماء ؟ فقال : ان الشيطان لا يدعهم حتى ينادي كما نادى برسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يوم العقبة ) غيبة النعماني
- وعن زرارة عن ابي عبد الله (عليه السلام ) قال : ( ينادي مناد وبأسم القائم (عليه السلام) ، قلت : خاص ام عام ؟ قال : عام يسمع كل قوم بلسانهم ، قلت : فمن يخالف القائم (عليه السلام) وقد نودي بأسمه ؟ قال : لا يدعهم ابليس حتى ينادي في اخر الليل يشكك الناس )الاكمال - والروايات في هذا الصدد كثيرة ولا يمكن ان تشك الناس وترتاب اذا كانت الصيحة من جبرائيل بالمباشرة وتكون على هذا الفرض مختلفة من ناحية الكيفية عن صيحة ابليس حتماً ، الا ان الروايات كما بينا تؤكد وقوع الشك والارتياب وهذا لا يكون الا ان كانت الصيحتان متماثلتان من حيث الكيفية أي انهما تكونان من الفضائيات . كما ان الذي يظهر من الروايات الشريفة الواردة عنهم (عليهم السلام) ان هذه الصيحة ((صيحة الحق ))تكون معروفة من ناحية الكيفية وقد سمع بها البعض من الناس قبل ان تقع وهؤلاء هم الذين سوف لا يقع منهم الشك والارتياب لانهم قد سمعوا بها وعرفوها وهذا أيضاً يلزم منه ان تكون هناك دعوة للأمام المهدي (عليه السلام) تكون موجودة قبل قيامه المقدس(عليه السلام) وهي التي تتبنا هذه الصيحة فقد جاء في الرواية الشريفة عن الجريري قال : قلت لابي عبد الله ( عليه السلام) : ان الناس يوبخونا ويقولون : من اين يُعرف المحق من المبطل اذا كانتا فقال : ما تردّون عليهم ؟ قلت : فما نرد عليهم شيئاً ، قال : فقال : قولوا لهم يصّدق بها اذا كانت من كان مؤمناً يؤمن بها قبل ان تكون ، ان الله عز وجل يقول {أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ }غيبة النعماني . فالذي يظهر من هذه الرواية ان الامام الصادق (عليه السلام) قد اكد ان الذي يصدق بصيحة الحق هو المؤمن وليس كل مؤمن بل المؤمن بالصيحة وكيفيتها كما ان هذه الرواية تؤكد ما ذهبنا اليه من ان الصيحة لا تكون من جبرائيل (عليه السلام) بالمباشرة وليس عن طريق الاعجاز والا لو كان كذلك لكان الامام (عليه السلام) ، قد ذكر للسائل ان التصديق بها وتميزها عن الصيحة الثانية ((صيحة الباطل)) بأنها سوف يكون مصدرها من السماء ومن جبرائيل مباشرة وعلى نحو الاعجاز ولما لم يذكر ذلك ، تبين ان الصيحتين تكونان متماثلتان من ناحية الكيفية بحيث لا تستطيع الناس التمييز بينهما ومعرفة الصيحة الحقة من الباطلة . بقيت مسألة أود ان الفت اليها نظر الاخوة القراء وهي ان الروايات الواردة في نص الصيحة انما تكلمت برمزية ولم تذكر لنا النص الحقيقي وهذا يتبين من اختلافها في نص الصيحة سواء اكانت صيحة الحق ام صيحة الباطل فقد جاء في الرواية عن ابي جعفر (عليه السلام) : ( قال ينادي مناد من السماء : أن فلان بن فلان هو الامام . وينادي بأسمه ) الاكمال - وفي رواية عن الصادق (عليه السلام) : ( ... قال ينادي مناد من السماء اول النهار : الا ان الحق في علي وشيعته ، ثم ينادي ابليس لعنه الله في اخر النهار : الا ان الحق في السفياني وشيعته فيرتاب عند ذلك المبطلون ) الاكمال
.
من فكر السيد أبي عبد الله الحسين القحطاني
كثيراً ما يقف الباحثين في قضية الامام المهدي(عليه السلام) متأملين ومتفكرين حينما تواجههم الاحاديث والروايات المعصومية الشريفة التي تتحدث عن الصيحة او النداء او الصوت كما في بعض الاخبار وذلك يرجع حتماً الى اختلاف تلك الاحاديث والروايات الواردة فيما بينها او نتيجة ما يدور في الذهن او يخطر في القلب من تساؤل حينما تواجههم الاحاديث والروايات التي تذكر قلة أصحاب الامام المهدي (عليه السلام) وأنصاره وكثرة أعدائه حيث يقفز السؤال سريعاً والذي مفاده : لو أن الصيحة كانت من السماء ومن جبرائيل مباشرة وهي على هذا الحال تكون بنحو الاعجاز فلماذا لا ينصر الناس المهدي (عليه السلام) ؟ وكيف يقع الشك في نفوسهم ويكثر أعدائه يا ترى ؟ . ونتيجة لهذه الحيرة وهذه التساؤلات كانت هذه الاطروحة المعاصرة حول الصيحة ومفهومها بدراسة روائية علمية جديدة تفسر لنا الروايات بطريقة قريبة من الواقع ، فأن كانت هذه الاطروحة قائمة على الادلة الشرعية وموافقة الامكان فلا مبرر لرفضها او ردها وان لم تكن مدعمة بالادلة او ان ادلتها غير ناهضة فهي مرفوضة ومردودة ، وعلى من يرفضها أن يأتي بدليل ضدها .
وقد يتساءل البعض لماذا هذا التردد اذن من قبلكم ؟ فأقول : اننا اذ نعرض هذه الاطروحة على الاخوة القراء فأننا لا نريد فرض راينا على الاخرين لأن الاعتقاد بشي ما يجب ان يكون من الشخص ذاته لا بتأثير خارجي .
لقد جاء ذكر الصيحة في الكثير من الاحاديث والروايات الشريفة وقد عبر عنها في بعض الروايات بالنداء او الصوت وهذه الاسماء في الواقع تتحدث عن معنى واحد ، وهو الصيحة او النداء او الصوت الذي يكون عند السحر من ليلة الثالث والعشرين ( ليلة القدر ) من شهر رمضان الذي يسبق قيام الامام المهدي (عليه السلام) وأن ما دعانا للذهاب الى هذه الاطروحة هو تعدد الصيحة فأن الذي يظهر من الروايات المعصومية الشريفة ان هناك اكثر من صيحة تقع قبل قيام الامام المهدي (عليه السلام) فقد اجمعت الكثير من الروايات الشريفة ان الصيحة تكون عند السحر من ليلة القدر في شهر رمضان فقد جاء في الرواية الشريفة عن ابي عبد الله (عليه السلام) انه قال : ( الصيحة التي في شهر رمضان تكون ليلة جمعة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان ) بحار الانوار ج52 ، وعن ابي بصير ، عن ابي جعفر محمد بن علي ( عليه السلام) انه قال : ( يكون الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة ليلة ثلاث وعشرين فلا تشكوا في ذلك ، واسمعوا واطيعوا .....) غيبة النعماني ، الا ان هناك أحاديث وأخبار أخرى تروي لنا ان الصيحة تكون في أشهر اخرى غير شهر رمضان ففي الحديث الشريف المروي عن رسول الله 0 صلى الله عليه واله وسلم ) قال : ( تكون هدة في شهر رمضان توقظ النائم وتفزع اليقضان ، ثم تظهر عصابة في شوال ، ثم تكون معمعة في ذي القعدة ، ثم يسلب الحاج في ذي الحجة ، ثم تنتهك المحارم في المحرم ، ثم يكون صوت في صفر ، ثم تتنازع القبائل في ربيع ، ثم العجب كل العجب بين جمادي ورجب ) الملاحم والفتن . فأن الذي يظهر من هذا الحديث الشريف ان هناك صوت آخر غير الصوت الذي يكون في شهر رمضان وهذا الصوت المشار اليه في الحديث السابق يكون في شهر صفر . وعن الحسن بن محبوب قال : قال لي الرضا ( عليه السلام ) : ( انه يا حسن سيكون فتنة صماء - الى ان قال - كاني بهم أيس ما كانوا قد نودوا نداءً يسمعه من بالبٌعد كما يسمعه من بالقرب ، يكن رحمة على المؤمنين وعذاباً على الكافرين ، فقلت بأبي وأمي انت وما ذلك النداء ؟ قال : ثلاثة اصوات في رجب اولها : الا لعنة الله على الظالمين ، والثاني : أزفت الازفة يا معشر المؤمنين ، والثالث : يرون يدأ بارزاً مع قرن الشمس ينادي : الا ان الله قد بعث فلاناً على هلاك الظالمين ، فعند ذلك يأتي المؤمنين الفرج ويشفي الله صدورهم ، ويذهب غيظ قلوبهم ) دلائل الامامة . وعن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) انه قال : ( في المحرم ينادي مناد من السماء الا ان صفوة الله ( من خلقه ) فلان فاسمعوا له وأطيعوه ، في سنة الصوت المعمعة ) برهان المتقي . فمن هذه الاحاديث والروايات المعصومية الشريفة يظهر لنا واضحاً ان هناك اكثر من صوت وصيحة تكون في اوقات متعددة ومختلفة فصيحة تكون في شهر رمضان واخرى في شهر صفر اضف الى ذلك ثلاث صيحات في شهر رجب كما في الرواية الشريفة الواردة عن الامام الرضا ( عليه السلام ) وصيحة في شهر المحرم ، اذن فلا يعقل ان تكون كل هذه الاصوات عن طريق الاعجاز بل المتوقع ان تكون تلك الصيحات عن طريق القنوات الفضائية التي باتت منتشرة في كل بقاع العالم كما هو معلوم والكل يمكنه سماعها وهي في الواقع من السماء اما لانها تمثل جانب الحق والدعوة الى الله عز وجل فيعبر عنها بأنها من السماء او لان الفضائيات تستلم بثها من الاقمار الصناعية التي هي في الواقع منتشرة في السماء اما بالنسبة لكونها من قبل جبرائيل (عليه السلام) فذلك لانها من الله والى الله وجبرائيل هو الواسطة كما لا يخفى بين جناب المولى تبارك وتعالى وبين خلقه . وقد يتسائل البعض اذا كان الامر كذلك فلابد ان تكون الصيحة الثانية عند المغرب من يوم الثالث والعشرين من شهر رمضان _أي صيحة أبليس عليه اللعنه_ هي ايضاً عن طريق الفضائيات واذا كان كذلك فلم عبر عنها في الروايات بأنها من الارض ولم يقال انها من السماء كما في الصيحة الاولى ؟ فقد جاء في الرواية الشريفة الواردة عن ابي حمزة الثمالي قال: قلت لابي عبد الله(ع) : ان ابا جعفر (ع) كان يقول: خروج السفياني من المحتوم والنداء من المحتوم وطلوع الشمس من المغرب من المحتوم واشياء كان يقولها من المحتوم ، فقال ابو عبد الله (عليه السلام) : وأختلاف بني فلان من المحتوم ، وقتل النفس الزكية من المحتوم وخروج القائم من المحتوم ، قلت : وكيف يكون النداء ؟ قال : ينادي مناد من السماء اول النهار يسمعه كل قوم بالسنتهم الا ان الحق في علي وشيعته ثم ينادي أبليس في أخر النهار من الارض الا ان الحق في عثمان وشيعته فعند ذلك يرتاب المبطلون ، غيبة الطوسي - الظاهر ان الائمة الطاهرين (صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين ) عبروا عن الصيحة الثانية انها من الارض اشارة الى انها ليست من الله ولا تدعو الى الحق أي بتعبير اخر ليس لها ارتباط بالسماء انما هي من أهواء نفوس بعض النواصب لاهل البيت (عليهم السلام) لذلك عبر عنها انها من الارض وقد عبر عنها انها من الشيطان ونسبت اليه لأنها من ضلالته التي يضل بها الناس واتباعه من الانس الذين غرهم وخدعهم وأستمالهم باساليبه الشيطانية والا لو قلنا بأن صيحة الحق تكون من قبل جبرائيل (عليه السلام) بالمباشرة لأستلزم ذلك انها تكون على نحو الاعجاز وان كانت صيحة الباطل من قبل ابليس ويسمعها كل الناس كذلك لكانت على نحو الاعجاز ايضاً وهذا لا يمكن القول به فلا كرامة لابليس 0عليه اللعنة) ولا يمكن ان يجري الله على يديه المعجزات لاي سبب كان والا لما امتاز اهل الحق من اهل الباطل فما هي الحكمة والفائدة اذن من ان تكون صيحة الحق من قبل جبرئيل (عليه السلام) بالمباشرة اذا كانت لاتمتاز عن صيحة ابليس وكانت الصيحتان على نحو الاعجاز ياترى؟ ! ثم ان المعجزات لا تكون الا للأنبياء والرسل (عليهم السلام) ولربما يتسأل البعض ان لم تكن الصيحة من قبل جبرائيل (عليه السلام) وعلى نحو المعجزة فكيف ذكرت الروايات ان الصيحة يسمعها كل قوم بلغتهم ؟ والحقيقة ان هذا الامر ليس بالصعب فكما نرى في الفضائيات وجود الترجمة الفورية بحيث اذا نقل خطاب لاحد الاشخاص بلغة ما عبر الفضائيات هناك من يترجم ذلك الخطاب فوريا واثناء خطاب ذلك الشخص ولعدة لغات حسب الحاجة اليها . ومما يؤيد ما ذهبنا اليه هو ما جاء في الروايات المعصومية الشريفة من وقوع الشك والارتياب في نفوس السامعين للصيحة الثانية بعدما أمنوا بالصيحة الاولى ((صيحة الحق)) فلو كانت الصيحة الاولى تمتاز عن الصيحة الثانية من ناحية الكيفية على فرض انها من جبرائيل بالمباشرة وعن طريق الاعجاز فلماذا اذن وقع الشك والارتياب علماً ان الصيحة الثانية اذا قلنا انها من ابليس ومن الارض فلا يمكن ان تكون كصيحة جبرائيل (عليه السلام) أطلاقاً . فأن الذي يظهر من الرواية الشريفة المتقدمة ان الصيحة الثانية اذا وقعت يرتاب الناس .
وقد جاء ايضاً في الرواية الشريفة الواردة عن زرارة بن اعين قال : ( قلت لابي عبد الله (عليه السلام) : عجبت أصلحك الله واني لاعجب من القائم كيف يُقاتَل مع ما يرون من العجائب من خسف البيداء بالجيش ، ومن النداء من السماء ؟ فقال : ان الشيطان لا يدعهم حتى ينادي كما نادى برسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يوم العقبة ) غيبة النعماني
- وعن زرارة عن ابي عبد الله (عليه السلام ) قال : ( ينادي مناد وبأسم القائم (عليه السلام) ، قلت : خاص ام عام ؟ قال : عام يسمع كل قوم بلسانهم ، قلت : فمن يخالف القائم (عليه السلام) وقد نودي بأسمه ؟ قال : لا يدعهم ابليس حتى ينادي في اخر الليل يشكك الناس )الاكمال - والروايات في هذا الصدد كثيرة ولا يمكن ان تشك الناس وترتاب اذا كانت الصيحة من جبرائيل بالمباشرة وتكون على هذا الفرض مختلفة من ناحية الكيفية عن صيحة ابليس حتماً ، الا ان الروايات كما بينا تؤكد وقوع الشك والارتياب وهذا لا يكون الا ان كانت الصيحتان متماثلتان من حيث الكيفية أي انهما تكونان من الفضائيات . كما ان الذي يظهر من الروايات الشريفة الواردة عنهم (عليهم السلام) ان هذه الصيحة ((صيحة الحق ))تكون معروفة من ناحية الكيفية وقد سمع بها البعض من الناس قبل ان تقع وهؤلاء هم الذين سوف لا يقع منهم الشك والارتياب لانهم قد سمعوا بها وعرفوها وهذا أيضاً يلزم منه ان تكون هناك دعوة للأمام المهدي (عليه السلام) تكون موجودة قبل قيامه المقدس(عليه السلام) وهي التي تتبنا هذه الصيحة فقد جاء في الرواية الشريفة عن الجريري قال : قلت لابي عبد الله ( عليه السلام) : ان الناس يوبخونا ويقولون : من اين يُعرف المحق من المبطل اذا كانتا فقال : ما تردّون عليهم ؟ قلت : فما نرد عليهم شيئاً ، قال : فقال : قولوا لهم يصّدق بها اذا كانت من كان مؤمناً يؤمن بها قبل ان تكون ، ان الله عز وجل يقول {أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ }غيبة النعماني . فالذي يظهر من هذه الرواية ان الامام الصادق (عليه السلام) قد اكد ان الذي يصدق بصيحة الحق هو المؤمن وليس كل مؤمن بل المؤمن بالصيحة وكيفيتها كما ان هذه الرواية تؤكد ما ذهبنا اليه من ان الصيحة لا تكون من جبرائيل (عليه السلام) بالمباشرة وليس عن طريق الاعجاز والا لو كان كذلك لكان الامام (عليه السلام) ، قد ذكر للسائل ان التصديق بها وتميزها عن الصيحة الثانية ((صيحة الباطل)) بأنها سوف يكون مصدرها من السماء ومن جبرائيل مباشرة وعلى نحو الاعجاز ولما لم يذكر ذلك ، تبين ان الصيحتين تكونان متماثلتان من ناحية الكيفية بحيث لا تستطيع الناس التمييز بينهما ومعرفة الصيحة الحقة من الباطلة . بقيت مسألة أود ان الفت اليها نظر الاخوة القراء وهي ان الروايات الواردة في نص الصيحة انما تكلمت برمزية ولم تذكر لنا النص الحقيقي وهذا يتبين من اختلافها في نص الصيحة سواء اكانت صيحة الحق ام صيحة الباطل فقد جاء في الرواية عن ابي جعفر (عليه السلام) : ( قال ينادي مناد من السماء : أن فلان بن فلان هو الامام . وينادي بأسمه ) الاكمال - وفي رواية عن الصادق (عليه السلام) : ( ... قال ينادي مناد من السماء اول النهار : الا ان الحق في علي وشيعته ، ثم ينادي ابليس لعنه الله في اخر النهار : الا ان الحق في السفياني وشيعته فيرتاب عند ذلك المبطلون ) الاكمال
.
تعليق