منقول من الموسوعة القرآنية للسيد القحطاني (الجزء الأول)
الفصل السادس
المهدي تجتمع فيه جميع صفات الأنبياء والأئمة
إن الإمام المهدي (عليه السلام) هو خاتم الأوصياء وخليفه الله وبقيته في أرضه والمكون لدولة العدل الإلهي ومتم نور الله ومظهر دينه ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون فإنه لا بد أن يكون حاملاً لجميع الجينات الوراثية للأنبياء والمرسلين وأوصياء الانبياء وأمير المؤمنين وأبنائه المعصومين (صلوات الله عليهم اجمعين ) ، وهذا ما سوف يؤكده القائم المهدي (عليه السلام) عند قيامه المقدس .
فقد ذكر المفضل ابن عمر إن الامام الصادق (عليه السلام) قال في كلام طويل عن القائم (عليه السلام ) وسيدنا القائم يسند ظهره إلى الكعبة ويقول : يا معشر الخلائق ألا مَن اراد إن ينظر إلى آدم وشيث فها أنا ذا آدم وشيث ،إلا ومن أراد أن ينظر إلى نوح وولده سام فها أنا ذا نوح وسام ، ألا ومن أراد أن ينظر إلى إبراهيم وإسماعيل فها أنا ذا إبراهيم وإسماعيل ، ألا ومن أراد أن ينظر إلى موسى ويوشع فها أنا ذا موسى ويوشع ، إلا ومن أراد إن ينظر إلى عيسى وشمعون فها أنا ذا عيسى وشمعون ، ألا ومن أراد أن ينظر إلى محمد وأمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ) فها أنا ذا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وأمير المؤمنين (عليه السلام) ، ألا ومن أراد أن ينظر إلى الحسن والحسين (عليهما السلام ) فها أنا ذا الحسن والحسين ، ألا ومن أراد أن ينظر إلى الأئمة من ولد الحسين (عليهم السلام ) فها أنا ذا الأئمة من ولد الحسين (عليهم السلام )( بحار الأنوار ج52ص9
).
وهذا الكلام الذي يطلقه القائم المهدي (عليه السلام) عند قيامه الشريف يوضح بشكل لا لبس فيه إنه يحمل عموم الجينات الوراثية لانبياء الله ورسله وأوصيائه وخلفائه (صلوات الله وسلامه عليهم) .
كما إنه (عليه السلام) هو وارث علوم النبيين ووارث كتبهم وهو بقية الله من النبيين والأوصياء .
فقد روي عن أبي جعفر (عليه السلام) قوله ( والقائم يومئذ بمكة عند الكعبة مستجيراً بها يقول : انا ولي الله انا أولى بالله وبمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) فمن حاجني في آدم فأنا أولى الناس بآدم ومن حاجني في نوح فانا أولى الناس بنوح ومن حاجني في إبراهيم فانا أولى الناس بإبراهيم ومن حاجني في محمد فانا أولى الناس بمحمد ، ومن حاجني في النبيين فانا أولى الناس بالنبيين :إن الله تعالى يقول : إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ، فانا بقية آدم وخيرة نوح ومصطفى إبراهيم وصفوة محمد ألا ومن حاجني في كتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله ) بحار الأنوار ج52ص305.
وهذا الحديث واضح في إن القائم (عليه السلام ) هو من ذرية النبيين ووارثهم تجتمع فيه كل صفاتهم ، ويورثه الله كل صفاتهم وعلومهم ، بل انه تجري عليه سننهم جميعاً .
فقد روي في الكثير من الأحاديث بصيغ متقاربة عنهم (عليهم السلام) : (في القائم منا سنة من الأنبياء ) - كمال الدين ج1ص321.
وعن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله يقول (عليه السلام ) : (إن سنن الأنبياء (عليهم السلام) بما وقع بهم من الغيبات حادثة في القائم منا أهل البيت حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة ) كمال الدين ج2ص345.
وعن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال : (إن للقائم منا غيبة يطول امدها فقلت له : يا ابن رسول الله ولم ذلك ؟ قال : لأن الله عز وجل أبى إلا أن تجري فيه سنن الأنبياء (عليهم السلام ) في غيباتهم) علل الشرائع 245.
إذن فالإمام المهدي سيكون حاملاً لكافة الجينات الجسمانية والروحية والمعنوية فهو وارث الانبياء والمرسلين وهو الذي يصفه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) بأنه أشبه الناس به خلقاً وخلقا ً.
فقد روي عن جابر الأنصاري قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) : (المهدي من ولد علي اسمه اسمي وكنيته كنيتي اشبه الناس بي خلقاً وخلقاً تكون له غيبة وحيرة تضل فيها الأمم ثم يقبل كالشهاب الثاقب ويملاها عدلاً كما ملئت ظلماً وجورا ً) بحار الأنوار ج50ص231.
وينطبق هذا الأمر من وراثة الجينات الجسمانية والروحية والمعنوية على اليماني الموعود أيضاً فهو أشبه خلقاً وخلقاً بعيسى ابن مريم (عليه السلام) ، فقد ورد في غيبة النعماني عن عبد الرحمن ابن حمزة عن كعب الأحبار إنه قال... إن القائم المهدي من نسل علي أشبه الناس بعيسى ابن مريم خلقاً وخلقاً وسيماء وهيئة يعطيه الله عز وجل ما أعطى الأنبياء ويزيده ويفضله ...) بحار الأنوار ج52ص225.
وبذلك تنطبق الآية الكريمة في قوله تعالى {إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ } آل عمران33. فمن آل عمران عيسى ابن مريم ومن آل إبراهيم الإمام المهدي (عليه السلام ).
تعليق