كيفية ورود اصحاب المهدي(ع) الى مكه
من فكر السيد ابو عبد الله الحسين القحطاني
ونواجه حول ذلك اطروحتين محتملتين
الاطروحة الاولى :
ان هؤلاء الجماعة يصلون الى مكة ىبشكل اعجازي يجعل وصولهم سريعا جدا ، وهذا هو ظاهر قسم من الروايات يكاد ان يكون صريح روايات اخرى فهم (يجتمعون في ساعة واحدة كما تجتمع قزع الخريف )وهم (الفقداء قوم يفقدون من فرشهم يصبحون في مكة وهو قول الله عز وجل {اينما تكونوا يات بكم الله جميعا} والاستشهاد بالاية الكريمة في الاخبار ايذان بدفع الاستغراب الناتج من تجمعهم الاعجازي والصريح في ذلك ما صرح من الاخبار بانهم يصلون عن طريق طي الارض يعني اختصارها بطريق اعجازي ففي خبر بن الصباغ (فيصير اليه انصاره من اطراف الارض تطوى لهم طيا حتى يبايعوه) وفي خبر الطبرسي (فتصير شيعته من اطراف الارض تطوى لهم طيا حتى يبايعوه) بل ان ظاهر عدد من الروايات ان المعجزة تتحكم في سرعة صول الفرد تبعا لمقدار اخلاصه فكلما كان اخلاصه اعمق اوصله لله تعالى بشكل اسرع فمن هنا سيكون هؤلاء على عدة اقسام
القسم الاول : ( من كان ابتلي بالمسير )وهو السفر الارضي الطبيعي وظاهر سياق الرواية إنه أردأ الاقسام بالرغم من اهميته فلم يوفق الى الوصول الاعجازي.
القسم الثاني (المفقودون من فرشهم) يكون الفرد ليلا مستلقيا وهو (نائم على فراشه فيوافيه في مكة على غير ميعاد ) وظاهر السياق العام انهم هم الذين تطوى لهم الارض وبذلك فهم افضل من القسم الاول القسم الثالث (الذي يسير في السحاب نهارا وهو (يعرف بأسمه وإسم أبيه ونسبه وحليته)وهم الاسرع وصولا والاعظم اعجازاً.... فيكون الافضل من الثلاثة وظاهر هذه الروايات ان القسمين الاخرين لا يكونان إلا من الثلاثمائة وثلاث عشر من الخاصة ، ولكن لا ظهور على انهم جميعا يصلون بالمعجزة بل قد يكون منهم من يكون من القسم الاول ويبتلى بالمسير هذا فضلا عن غيرهم الذين هم اقل اخلاصا فان وصولهم عن طريق المعجزة غير محتمل .
الاطروحة الثانية : انهم يصلون الى مكة بطريق السفر الاعتيادي وقد سبق ان سمعنا كيف يحدث ذلك في وقت واسع باسلوب طبيعي غير ملفت للنظر حيث سمعنا انه ينادى باسم المهدي (ع) في شهر رمضان ويكون موعد ظهوره في العاشر من محرم الحرام وسيمر خلال هذه الفترة موسم الحج في ذي الحجة وحيث يعلم المخلصون الممحصون حصول الظهور في مكة كما يعلمون بإنفصال وقت الظهور عن وقت النداء زمانا ليس بالكثير إذا فسوف يسافر الى الحج في ذلك العام كل راغب بلقاء الامام المهدي (ع) مع سائر الحجاج ، وبعد انتهاء موسم الحج سيتخلف هؤلاء في الحجاز او في مكة على التعيين بدافع من رغبتهم الملحة في حدوثه وسيكون هناك حتى يحصل الظهور في محرم الحرام وبهذا نفهم كيف يحضر الفرد من البلاد البعيدة بالرغم من انه لا يعلم بنفسه انه من المخلصين الممحصين الكاملين كما سبق من ان الفرد لا يعلن انطباق نتجة التخطيط عليه غير انه يبقى في مكة انطلاقا من ايمانه وشوقه لا نتيجة لمعرفته بحقيقة نفسه وبذلك تتم معرفة :كيف ان الله يجمعهم من البلاد المتفرقة أي قطعا كقطع السحاب حين تجتمع في السماء (على غير ميعاد) لا يعرف بعضهم بعضا ولا يعرف أي واحد منهم بمقصود الاخر وربما لا يستطيع ان يسأله عن مقصوده او ان يخبره بذات نفسه إلا إن جميعهم في الواقع منتظرون للظهور مؤيدون له بكل ما لديهم من نفس ونفيس فإذا ظهر قائدهم كانوا هم اول سامع لخطابه واول مدافع عنه واول مبايع له وهم من قبائل مختلفة ومن بلدان شتى لا تجمعهم جنسية ولا لقب ولا قبيلة وانما يكون من كل قبيلة (الرجل والرجلان والثلاثة حتى يبلغ التسعة ) وهكذا الحق ينطبق على افراد قلائل على غير تعيين بحسب ما للفرد من قابليات وثقافة لا بحسب جنسيته او لغته او نسبه . وهم يجتمعون في ساعة واحدة ، لا باعتبار ان الطريق الى مكة يستوعب ساعة واحدة فقط بطي الارض الاعجازي . فان المعجزة لا تستغرق اكثر من دقائق ولا تحتاج الى ساعة وانما بمعنى : ان وقت اجتماعهم متواقف في ساعة واحدة يكونون كلهم في المسجد الحرام سوية ساعة لقاء المهدي (ع) خطبته بغض النظر عن كيفية وصولهم تماما .واما انهم يفقدون من فرشهم ويصبحون بمكة ... فهو واضح للغاية بعد وجود وسائط النقل الحديث السريع ... ان الانسا ن يمكنه ان يدور في ليلة واحدة حول الكرة الارضية عدة مرات ليس فقط ا يسافر الى مكة بل حتى وسائط النقل الارضية يمكن ان توفر الوصول في اقل من يوم كامل لمن كان ساكنا في كثير من مناطق الشرق الاوسط اذا كان السير حثيثا وسريعا . وانما (يفقدون من فرشهم )فباعتبار خروجهم خلسة عن اهلهم وذويهم المنحرفين الكارهين للسفر الى الحق سواء كان الى الحج او الى المهدي (ع) واما السير في السحاب نهارا فهو السفر بطريق الجو الى مكة وهو ايضا بدوره اسلوب معتاد وطبيعي في الوصول الى مكة . ولعمري ان هذه الامور كانت حال صدور هذه الاخبار وحال تسجيلها في مصدرها الاول ، امورا على مستوى المعجزات إلا ان العصر الحديث عصر السرعة حقق ذلك ورفع الاستغراب عنه ، نعم بقي الاعجاز في حصول الاخبار من هذه الامور وتسجيلها في المصادر قبل حدوثها بمئات السنين ولم يكن قانون (كلم الناس على قدر عقولهم )ليسمح بالتصريح بهذه الحقائق في ذلك العصر من قواد الاسلام الاوائل بغير هذا الاسلوب . ونفس الشيء نستطيع ان نفهمه من طي الارض فان الانطباع العام عنه وان كان هو الاعجاز حتى يكاد يكون نصا فيه بحسب الذوق العام .... إلا إننا يمكن ان نفهم منه في كل مورد نسمعه في السنة الشريفة معنى رمزيا لسرعة الانتقال بالوسائط الحديثة او ما كان على غرارها في أي عصر ماض او مستقبل . باعتبار ان التصريح بحقيقة الامر لم يكن مناسبا مع فهم السامعين الموجودين في عصر صدور هذه الاخبار .
ومن تسلسل هذه الفكرة يمكن ان نفهم الوجه فيما دلت عليه بعض الروايات من ان من يسير في السحاب نهارا افضل من المفقود من فراشه ليلا . وذلك لاننا فهمنا من المفقود من فراشه ليلا سيتخذ طريق البر طريقا له ، على حيث يتخذ الاخر طريق الجو وطريق الجو اسرع وصولا فطبقا لاحتمال ظهور المهدي (ع) في اية لحظة يكون الوصول السريع بعد (النداء ) أدل على الخلاص والايمان لأن فيه توفير للوقت الزائدعلى السفر البري واستعدادا للظهور بشكل اسرع . كما يمكن ان نفهم معنى كون الفرد الذي يسير في السحاب نهارا معروفا بحليته واسمه واسم ابيه فان ذلك مما يضبط عادة في سجلات السفر في الدوائر المختصة وفي الدفتر الذي تزوده به والا فليس المفروض ان يعرفه كل الناس او اغلبهم حتى لو سافر بالطريق الاعجازي الا ان تكون المعرفة بالطريق الاعجازي ايضا .وليس في الروايات صراحة في ان المفقودين من فرشهم اعني من يسافرون ارضا ليسوا معروفين فانهم لا محالة معروفون من قبل الناس كالآخرين ومزودين ايضا بدفتر السفر الذي يحتوي على الصورة والاسم واسم الاب وغير ذلك .
بقيت حول هذه الاطروحة الثانية (الطبيعية ) بعض الاستفهامات ينبغي عرضها ونقدها لتستطيع هذه الاطروحة ان تقف تجاه الاطروحة الاولى (الاعجازية):
الاستفهام الاول : ان ضاهر عدد الروايات ان الجميع يصلون سوية في صباح يوم واحد مشترك يكون في الاكثر هو اليوم الذي يحصل الظهور خلاله او في مسائه على ما في بعض الروايات وهذا لا يمكن تفسيره الا بالمفهوم الاعجازي فكيف نوفق بينها وبين الاطروحة الثانية ؟
وجوابه ان كلا الانطباعين وان كانا يردان الى الخيال عند استعراض الروايات الا ان استظهارهما منها محل المناقشة فان الروايات قالت ( منهم من يفقد من فراشه ليلا فيصبح بمكة ) وهذا صحيح بالنسبة الى الفرد الواحد باعتبار سرعة الواسطة التي تحمله . واما ان كان الافراد يصلون في صباح يوم واحد فهذا ما لا دليل عليه .
واما بالنسبة الى الانطباع الاخر وهو انهم يجتمعون في يوم الظهور دون الايام السابقة عليه فكل ما سمعناه من الروايات انها تقول (فتصير شيعته من اطراف الارض حتى يبايعوه)او تقول (وقد وافاه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا فيبايعونه ) وهي غير دالة على ذلك كما هو واضح ... اذ يناسب ان يصلوا في يوم ويبايعونه في يوم اخر مهما كان هذا اليوم بعيدا .
الاستفهام الثاني: ان الاطروحة الاولى الاعجازية موافقة لقانون المعجزات لأن مجيئهم الاعجازي السريع في وقت ضيق نسبيا هو الاوفق بنجاحهم في مهمتهم ومن ثم نجاح المهدي (ع) نفسه ... فيكون المجيء الاعجازي دخيلا في نجاح الدولة العالمية العادلة نفسها فيكون قيام المعجزة ضروريا لذلك ، لانها بحسب قانونها تقوم حينها يتوقف عليها الهدف العادل وتطبيق الهدى والحق ... والامر الان على ذلك . وبذلك تترجح الاطروحة الاولى : ، فكيف ولماذا نرجح الاطروحة الثانية ؟! وجواب ذلك : ان قانون المعجزات دلنا على ان المعجزة انما تقوم اذا انحصر طريق اقامة الحق والعدل بالمعجزة . واما اذا كان هناك اسلوبان كلاهما موصل الى نفس النتيجة ، احدهما :- طبيعي والاخر :- اعجازي لم تحدث المعجزة بل اوكلت النتيجة الى الاسلوب الطبيعي لأنتاجها ، وان كان استغرق وقتا اكبر وجهدا اكثر وقد استنتجنا من ذلك عدة نتائج في التاريخ السابق . وقلنا هناك ان كل ظهور في الروايات او غيرها يخالف هذا القانون ينبغي الاستغناء عنه وعدم الاعتماد عليه. والحال بالنسبة الى هؤلاء الخاصة كذلك فان الاطروحة(الطبيعية) لا قصور فيها عن انتاج النتيجة وهو مؤازرة المهدي (ع) ودعم حركته فان المهم وجودهم جميعا حال القائه الخطبة التي هي اول لحظات الظهور واما ما الذي يحدث لهم قبل ذلك فهذا لا يزيد ولا ينقص في الامر شيئا اذا احرزت حياتهم الى ذلك الحين وسنعرف عدم تعرض احد منهم للقتل فاذا كانت الاطروحة الطبيعية منتجة للمطلوب كانت هي المتعينة ضد الاطروحة الاعجازية لأن المعجزة لا تقوم مع امكان الانتاج بالطريق الطبيعي وكل ظهور في الروايات يقف ضد ذلك لا بد من الاستغناء عنه.
من فكر السيد ابو عبد الله الحسين القحطاني
ونواجه حول ذلك اطروحتين محتملتين
الاطروحة الاولى :
ان هؤلاء الجماعة يصلون الى مكة ىبشكل اعجازي يجعل وصولهم سريعا جدا ، وهذا هو ظاهر قسم من الروايات يكاد ان يكون صريح روايات اخرى فهم (يجتمعون في ساعة واحدة كما تجتمع قزع الخريف )وهم (الفقداء قوم يفقدون من فرشهم يصبحون في مكة وهو قول الله عز وجل {اينما تكونوا يات بكم الله جميعا} والاستشهاد بالاية الكريمة في الاخبار ايذان بدفع الاستغراب الناتج من تجمعهم الاعجازي والصريح في ذلك ما صرح من الاخبار بانهم يصلون عن طريق طي الارض يعني اختصارها بطريق اعجازي ففي خبر بن الصباغ (فيصير اليه انصاره من اطراف الارض تطوى لهم طيا حتى يبايعوه) وفي خبر الطبرسي (فتصير شيعته من اطراف الارض تطوى لهم طيا حتى يبايعوه) بل ان ظاهر عدد من الروايات ان المعجزة تتحكم في سرعة صول الفرد تبعا لمقدار اخلاصه فكلما كان اخلاصه اعمق اوصله لله تعالى بشكل اسرع فمن هنا سيكون هؤلاء على عدة اقسام
القسم الاول : ( من كان ابتلي بالمسير )وهو السفر الارضي الطبيعي وظاهر سياق الرواية إنه أردأ الاقسام بالرغم من اهميته فلم يوفق الى الوصول الاعجازي.
القسم الثاني (المفقودون من فرشهم) يكون الفرد ليلا مستلقيا وهو (نائم على فراشه فيوافيه في مكة على غير ميعاد ) وظاهر السياق العام انهم هم الذين تطوى لهم الارض وبذلك فهم افضل من القسم الاول القسم الثالث (الذي يسير في السحاب نهارا وهو (يعرف بأسمه وإسم أبيه ونسبه وحليته)وهم الاسرع وصولا والاعظم اعجازاً.... فيكون الافضل من الثلاثة وظاهر هذه الروايات ان القسمين الاخرين لا يكونان إلا من الثلاثمائة وثلاث عشر من الخاصة ، ولكن لا ظهور على انهم جميعا يصلون بالمعجزة بل قد يكون منهم من يكون من القسم الاول ويبتلى بالمسير هذا فضلا عن غيرهم الذين هم اقل اخلاصا فان وصولهم عن طريق المعجزة غير محتمل .
الاطروحة الثانية : انهم يصلون الى مكة بطريق السفر الاعتيادي وقد سبق ان سمعنا كيف يحدث ذلك في وقت واسع باسلوب طبيعي غير ملفت للنظر حيث سمعنا انه ينادى باسم المهدي (ع) في شهر رمضان ويكون موعد ظهوره في العاشر من محرم الحرام وسيمر خلال هذه الفترة موسم الحج في ذي الحجة وحيث يعلم المخلصون الممحصون حصول الظهور في مكة كما يعلمون بإنفصال وقت الظهور عن وقت النداء زمانا ليس بالكثير إذا فسوف يسافر الى الحج في ذلك العام كل راغب بلقاء الامام المهدي (ع) مع سائر الحجاج ، وبعد انتهاء موسم الحج سيتخلف هؤلاء في الحجاز او في مكة على التعيين بدافع من رغبتهم الملحة في حدوثه وسيكون هناك حتى يحصل الظهور في محرم الحرام وبهذا نفهم كيف يحضر الفرد من البلاد البعيدة بالرغم من انه لا يعلم بنفسه انه من المخلصين الممحصين الكاملين كما سبق من ان الفرد لا يعلن انطباق نتجة التخطيط عليه غير انه يبقى في مكة انطلاقا من ايمانه وشوقه لا نتيجة لمعرفته بحقيقة نفسه وبذلك تتم معرفة :كيف ان الله يجمعهم من البلاد المتفرقة أي قطعا كقطع السحاب حين تجتمع في السماء (على غير ميعاد) لا يعرف بعضهم بعضا ولا يعرف أي واحد منهم بمقصود الاخر وربما لا يستطيع ان يسأله عن مقصوده او ان يخبره بذات نفسه إلا إن جميعهم في الواقع منتظرون للظهور مؤيدون له بكل ما لديهم من نفس ونفيس فإذا ظهر قائدهم كانوا هم اول سامع لخطابه واول مدافع عنه واول مبايع له وهم من قبائل مختلفة ومن بلدان شتى لا تجمعهم جنسية ولا لقب ولا قبيلة وانما يكون من كل قبيلة (الرجل والرجلان والثلاثة حتى يبلغ التسعة ) وهكذا الحق ينطبق على افراد قلائل على غير تعيين بحسب ما للفرد من قابليات وثقافة لا بحسب جنسيته او لغته او نسبه . وهم يجتمعون في ساعة واحدة ، لا باعتبار ان الطريق الى مكة يستوعب ساعة واحدة فقط بطي الارض الاعجازي . فان المعجزة لا تستغرق اكثر من دقائق ولا تحتاج الى ساعة وانما بمعنى : ان وقت اجتماعهم متواقف في ساعة واحدة يكونون كلهم في المسجد الحرام سوية ساعة لقاء المهدي (ع) خطبته بغض النظر عن كيفية وصولهم تماما .واما انهم يفقدون من فرشهم ويصبحون بمكة ... فهو واضح للغاية بعد وجود وسائط النقل الحديث السريع ... ان الانسا ن يمكنه ان يدور في ليلة واحدة حول الكرة الارضية عدة مرات ليس فقط ا يسافر الى مكة بل حتى وسائط النقل الارضية يمكن ان توفر الوصول في اقل من يوم كامل لمن كان ساكنا في كثير من مناطق الشرق الاوسط اذا كان السير حثيثا وسريعا . وانما (يفقدون من فرشهم )فباعتبار خروجهم خلسة عن اهلهم وذويهم المنحرفين الكارهين للسفر الى الحق سواء كان الى الحج او الى المهدي (ع) واما السير في السحاب نهارا فهو السفر بطريق الجو الى مكة وهو ايضا بدوره اسلوب معتاد وطبيعي في الوصول الى مكة . ولعمري ان هذه الامور كانت حال صدور هذه الاخبار وحال تسجيلها في مصدرها الاول ، امورا على مستوى المعجزات إلا ان العصر الحديث عصر السرعة حقق ذلك ورفع الاستغراب عنه ، نعم بقي الاعجاز في حصول الاخبار من هذه الامور وتسجيلها في المصادر قبل حدوثها بمئات السنين ولم يكن قانون (كلم الناس على قدر عقولهم )ليسمح بالتصريح بهذه الحقائق في ذلك العصر من قواد الاسلام الاوائل بغير هذا الاسلوب . ونفس الشيء نستطيع ان نفهمه من طي الارض فان الانطباع العام عنه وان كان هو الاعجاز حتى يكاد يكون نصا فيه بحسب الذوق العام .... إلا إننا يمكن ان نفهم منه في كل مورد نسمعه في السنة الشريفة معنى رمزيا لسرعة الانتقال بالوسائط الحديثة او ما كان على غرارها في أي عصر ماض او مستقبل . باعتبار ان التصريح بحقيقة الامر لم يكن مناسبا مع فهم السامعين الموجودين في عصر صدور هذه الاخبار .
ومن تسلسل هذه الفكرة يمكن ان نفهم الوجه فيما دلت عليه بعض الروايات من ان من يسير في السحاب نهارا افضل من المفقود من فراشه ليلا . وذلك لاننا فهمنا من المفقود من فراشه ليلا سيتخذ طريق البر طريقا له ، على حيث يتخذ الاخر طريق الجو وطريق الجو اسرع وصولا فطبقا لاحتمال ظهور المهدي (ع) في اية لحظة يكون الوصول السريع بعد (النداء ) أدل على الخلاص والايمان لأن فيه توفير للوقت الزائدعلى السفر البري واستعدادا للظهور بشكل اسرع . كما يمكن ان نفهم معنى كون الفرد الذي يسير في السحاب نهارا معروفا بحليته واسمه واسم ابيه فان ذلك مما يضبط عادة في سجلات السفر في الدوائر المختصة وفي الدفتر الذي تزوده به والا فليس المفروض ان يعرفه كل الناس او اغلبهم حتى لو سافر بالطريق الاعجازي الا ان تكون المعرفة بالطريق الاعجازي ايضا .وليس في الروايات صراحة في ان المفقودين من فرشهم اعني من يسافرون ارضا ليسوا معروفين فانهم لا محالة معروفون من قبل الناس كالآخرين ومزودين ايضا بدفتر السفر الذي يحتوي على الصورة والاسم واسم الاب وغير ذلك .
بقيت حول هذه الاطروحة الثانية (الطبيعية ) بعض الاستفهامات ينبغي عرضها ونقدها لتستطيع هذه الاطروحة ان تقف تجاه الاطروحة الاولى (الاعجازية):
الاستفهام الاول : ان ضاهر عدد الروايات ان الجميع يصلون سوية في صباح يوم واحد مشترك يكون في الاكثر هو اليوم الذي يحصل الظهور خلاله او في مسائه على ما في بعض الروايات وهذا لا يمكن تفسيره الا بالمفهوم الاعجازي فكيف نوفق بينها وبين الاطروحة الثانية ؟
وجوابه ان كلا الانطباعين وان كانا يردان الى الخيال عند استعراض الروايات الا ان استظهارهما منها محل المناقشة فان الروايات قالت ( منهم من يفقد من فراشه ليلا فيصبح بمكة ) وهذا صحيح بالنسبة الى الفرد الواحد باعتبار سرعة الواسطة التي تحمله . واما ان كان الافراد يصلون في صباح يوم واحد فهذا ما لا دليل عليه .
واما بالنسبة الى الانطباع الاخر وهو انهم يجتمعون في يوم الظهور دون الايام السابقة عليه فكل ما سمعناه من الروايات انها تقول (فتصير شيعته من اطراف الارض حتى يبايعوه)او تقول (وقد وافاه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا فيبايعونه ) وهي غير دالة على ذلك كما هو واضح ... اذ يناسب ان يصلوا في يوم ويبايعونه في يوم اخر مهما كان هذا اليوم بعيدا .
الاستفهام الثاني: ان الاطروحة الاولى الاعجازية موافقة لقانون المعجزات لأن مجيئهم الاعجازي السريع في وقت ضيق نسبيا هو الاوفق بنجاحهم في مهمتهم ومن ثم نجاح المهدي (ع) نفسه ... فيكون المجيء الاعجازي دخيلا في نجاح الدولة العالمية العادلة نفسها فيكون قيام المعجزة ضروريا لذلك ، لانها بحسب قانونها تقوم حينها يتوقف عليها الهدف العادل وتطبيق الهدى والحق ... والامر الان على ذلك . وبذلك تترجح الاطروحة الاولى : ، فكيف ولماذا نرجح الاطروحة الثانية ؟! وجواب ذلك : ان قانون المعجزات دلنا على ان المعجزة انما تقوم اذا انحصر طريق اقامة الحق والعدل بالمعجزة . واما اذا كان هناك اسلوبان كلاهما موصل الى نفس النتيجة ، احدهما :- طبيعي والاخر :- اعجازي لم تحدث المعجزة بل اوكلت النتيجة الى الاسلوب الطبيعي لأنتاجها ، وان كان استغرق وقتا اكبر وجهدا اكثر وقد استنتجنا من ذلك عدة نتائج في التاريخ السابق . وقلنا هناك ان كل ظهور في الروايات او غيرها يخالف هذا القانون ينبغي الاستغناء عنه وعدم الاعتماد عليه. والحال بالنسبة الى هؤلاء الخاصة كذلك فان الاطروحة(الطبيعية) لا قصور فيها عن انتاج النتيجة وهو مؤازرة المهدي (ع) ودعم حركته فان المهم وجودهم جميعا حال القائه الخطبة التي هي اول لحظات الظهور واما ما الذي يحدث لهم قبل ذلك فهذا لا يزيد ولا ينقص في الامر شيئا اذا احرزت حياتهم الى ذلك الحين وسنعرف عدم تعرض احد منهم للقتل فاذا كانت الاطروحة الطبيعية منتجة للمطلوب كانت هي المتعينة ضد الاطروحة الاعجازية لأن المعجزة لا تقوم مع امكان الانتاج بالطريق الطبيعي وكل ظهور في الروايات يقف ضد ذلك لا بد من الاستغناء عنه.
تعليق