الخمس من الوجوب الى الحرمة الجزء الأول
قال تعالى{وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }الأنفال41 - ورد في الكافي ج1 عن محمد بن مسلم عن ابي جعفر الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى قال (عليه السلام) :هم قرابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) والخمس لله وللرسول ولنا ) .
ان الخمس هذه الفريضة المهمة سميت بهذا الاسم لكون المال المستخرج يمثل نسبة الخمس من المال الكلي . عند استقرائنا لتاريخ الخمس في الاسلام نجد ان الخمس في زمن الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) كان خمس الغنيمة فقط ، ولم تنقل لنا اية رواية في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) بان الصحابة اخرجوا ما زاد على اموالهم وملابسهم اي خمس ما زاد على المؤونة فالذي كان موجود فقط هو خمس غنيمة الحرب ، والدليل على ذلك ان في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) كان هناك جبات خاصين لجباية الزكاة ولم يكن هناك جبات لجباية الخمس ، وقد وردت العديد من الروايات التي تتوعد بمانع الزكاة وقد وردت روايات تؤكد على قتل مستحل الزكاة ، وذلك على خلاف الخمس ، وبما ان الخمس (ما زاد على المؤونة)لم يكن موجوداً في ذلك الزمان إذن فمن اين اتت هذه التوسعة في الخمس ؟
قبل لاجابة على هذا السؤال لا بد من تبيان بعض الامور المهمة :-
ان من الثابت ان لكل نظرية او قانون يضعه الاسلام يجب ان يكون متكامل وخالي من الثغرات ولا يمكن ان يكون ناقص ويكون التغير فيه حسب المتغيرات المحيطة به ، وهذا ينطبق على القانون السياسي والاجتماعي والاقتصادي ، فالنظام الاقتصادي الاسلامي سيشل نهائياً اذا ما تمسكنا بالنظريةالسابقة للخمس والتي كانت قائمة في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) وهي خاصة بغنيمة الحرب حصراً حيث ان المسلمون بعد الامام علي (عليه السلام) باتوا معرضين للغزوات من كل الجهات وهم يغنم منهم ولا يغنمون شيء ، فكيف سيقف النظام الاقتصادي الاسلامي على قدميه ؟ بالتأكيد ان النظام الاسلامي سينهار ، وخصوصاً ان الاعتماد الرئيسي لقانون الاقتصاد الاسلامي يعتمد كلياً على الزكاة ، وان الزكاة هي من ثلاثة اشياء ، وهي : ( زكاة النقدين - زكاة الانعام - زكاة الغلات ) ، فاما زكاة النقدين فهي مشروطةبان تكون مسكوكة بسكة الاسلام وقد تعطلت هذه منذ زمن بعيد بعد ان تغيرت العملة ،واما زكاة الانعام فهي تشمل (الابل والبقر والاغنام ) شريطة ان تكون سائمة وفي الوقت الحاضر قد انتشرت التربية الحيوانية الحقلية والبيتية وتم توفير الاعلاف لها نتيجة لذلك فقد قلت الزكاة لهذه الانعام ، واما زكاة الغلات ، وهي الغلات الاربعة ( الحنطة والشعير والتمر والزبيب ) فهي تزيد عند سقيها على المطر او السيح ، والان فان اغلب هذه الغلات تسقى بواسطة المكائن ومنها نسبة قليلة تعتمد على المطر ، او السيح ، فاذا سقيت من السماء او سيحاً فعليها نسبة عالية من الزكاة ، اما اذا سقيت بالمكائن فعليها نسبة قليلة ، ولوجمعنا كل الزكاة الان فانها تصل الى 25% من مجموع احتياج الاقتصاد الاسلامي ، اذن فنسبة 75% سوف تثبت فشل النظام الاسلامي ، وفي هذه الحالة لا بد من طرح اطروحة جديدة لتقويم النظام الاقتصادي وبناءه من جديد .
ورد في بحار الانوار ج23 - عن موسى بن اشيم قال : ( دخلت على ابي عبد الله (عليه السلام) فسألته عن مسألة فاجابني فيها بجواب فانا جالس اذ دخل رجل فسأله عنها بعينها فاجابه بخلاف ما اجابني فدخل رجل اخر فسأله عنها بعينها فاجابه بخلاف ما اجابني وخلاف ما اجاب به صاحبي ففزعت من ذلك وعظم علي فلما خرج القوم نظر الي وقال يابن اشيم كأنك جزعت فقلت : جعلت فداك انما جزعت من ثلاثة اقاويل في مسألة واحدة فقال (عليه السلام) : يابن اشيم ان الله فوض الى سليمان امر ملكه فقال : {هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ }ص39 وفوض الى محمد (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) امر دينه فقالوَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }الحشر7 ،ان الله فوض الى الائمة منا والينا ما فوض الى محمد (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) فلا تجزع ) . ومن هذا المنطلق اخذ الامام الصادق (عليه السلام) على عاتقه امر توسعة الخمس ، وقد طرح الامام هذا الامر بتوسيع دائرة الغنيمة (المذكورة في الاية الكريمة) فكل شيء غنمه الانسان هو عليه خمس ، فقد ورد في الكافي ج1 عن عثمان عن سماعة قال: ( سألت ابا الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) عن الخمس فقال : في كل ما افاد الناس من قليل او كثير ) . وهذه التوسعة هي اعم من الحرب وغنيمتها ، واما الاشياء المغنومة التي يشتمل عليها الخمس فهي :
1- الميراث الغير محتسب . والميراث الغير محتسب هو عكس الميراث المحتسب فالمحتسب هو معروف ان يرث الانسان اباه او اخاه اوجده او عمه وغير ذلك ، والغير محتسب ان يأتيك ميراث من غير حسبان ولم يخطر على بالك مصدره او مبلغه .
2- الكنز . وهو ايضا يأتيك من غير حسبان .
3- الركاز ( المعادن ) وهو نفسه ايضاً .
وبهذه التوسعة ستكون عملية موازنة دقيقة تسد الفراغ الواسع الذي تركته واردات الزكاة وبهذا يتم تقويم النظام الاقتصادي الاسلامي . اما اليوم فاين نحن من النظام الاقتصادي ؟ وهل يُجمع الخمس وفق القاعدة التي اوجدها الامام الصادق (عليه السلام) ؟ وهل يصح التصرف بحق الامام المهدي (عليه السلام) ؟ وهل ان الخمس يغطي الايتام والمساكين وابن السبيل ؟ وهل الطرق التي يسلكها القائمين على الخمس هي صحيحة ام لا ؟
سنقوم بعون الله ومنته بتوضيح الكثير من الملابسات التي خلطت الاوراق على الكثير الكثير من الناس وذلك بالادلة القاطعة .
-{{ لا يجوز التصرف بحق الامام المهدي (عليه السلام)إلا بأذنه }}-
لا يصح نهائياً التصرف في حق الامام المهدي (عليه السلام) ويحرم على جميع الفقهاء خصوصاً والمجتمع عموماً التصرف في هذه الاموال سواء اكان ذلك في انفاقه في وجوه البر او على انفسهم الا باذنه ، وذلك لانه ملك خاص للامام المهدي (عليه السلام) ، فان الله تبارك وتعالى عندما شرّع الخمس جعله ستة اسهم هي ( سهم الله ، سهم الرسول ، سهم ذوي القربى ) وهذه الثلاثة كلها ملك للامام وتسمى حق الامام ، اما الثلاثة الباقية وهي ( سهم الايتام ، والمساكين ، وابن السبيل ) وتسمى حق السادة ولا يوجد اختلاف عند علماء المذهب في صرف حق السادة على اصنافه الثلاثة ، لكن وقع الخلاف في ( حق الامام ) فقد تناقضت الاراء وتضاربت فوصلت الى عشرين رأي ، فبعضهم ذهب الى الحلّية المطلقة وهذا ما ذهب اليه صاحب الحدائق الناظرة ومنهم ذهب الى حفظه وبعضهم دفنه مثل الشيخ المفيد والشيخ الطوسي ( وهم قريبون على زمن النص) ، واخر ذهب الى انه مجهول المالك ويتصرف به نيابة عن صاحبه مثل صاحب الجواهر ، وغير ذلك من الاراء ، واما ما ذهب اليه متأخري العلماء هو ان يتصرفوا بحق الامام تحت قاعدة جديدة أسموها ( بما يحرز رضا الامام ) حيث يقولون : ( لو كان الامام المهدي(عليه السلام) موجود لفعل كما فعلنا فكل مورد لا يحرز رضا الامام لا يصح التصرف به ) وهذا رأي باطل وغير مقبول وذلك لعدة اسباب : -
اولاً : ان من الامور المسلم بها في ديننا الحنيف عدم جوازية التصرف في مال الغير الا بعد الاستئذان من صاحب المال ومهما كانت الاسباب ، والامام المهدي (عليه السلام) هو حي غير ميت ، ولا يوجد احد من العلماء قد استأذن منه حيث لا يصح التصرف لاي احد بحق الامام الا بعد حصول اذنه (عليه السلام) وهذا ممكن جداً لكونه(عليه السلام) حي وقد التقى به جمع من العلماء وان بحث الاول لا يكون حجة على الثاني ولا يمكن الاستدلال به لاحوال اخرى وذلك لان هذا الامر (حصول الاذن من الامام ) يتعلق به (عليه السلام) ، واما ما يدعيه بعضهم بان امكانية اللقاء او الالتقاء بالامام المهدي (عليه السلام) لا يمكن تحصيلها احتجاجاً منه بالمكاتبة التي وردت عن السفير الرابع السمري (رحمه الله ) : ( الا من ادعى المشاهدة قبل السفياني والصيحة فهو كذاب مفتري) ، فأقول : ان هذه المكاتبة لا يمكن لاي احد من الفقهاء ان يحتج بها وذلك لانهم لا يعملون بالمراسيل اصلاً وهذه مرسلة ومعارضة لاخبار صحيحة وكثيرة تؤكد على امكانية اللقاء بالامام المهدي(عليه السلام) مثل ما رواه الكليني والنعماني والشيخ الطوسي باسانيدهم المعتبرة عن الامام الصادق (عليه السلام) قال: (لا بد لصاحب هذا الامر من غيبة ولا بد له من عزلة وما بثلاثين من وحشة) وظاهر هذا القول الصادر من الامام الصادق (عليه السلام) كما صرح به شراح الحديث انه (عليه السلام) يستأنس بثلاثين من اوليائه في غيبته(بشارة الاسلام ص171) بل هي معارضة بوقوع اللقاء مع جمع من العلماء الثقاة امثال ابن طاووس والسيد بحر العلوم وغيرهم ، وان قولنا بحرمة التصرف باموال الامام (عليه السلام) دون اذنه ، مسنود بمكاتبات نقلت عنه (عليه السلام) حيث سؤل في الغيبة الصغرى عن طريق السفير ابي جعفر محمد بن عثمان ، فقال : ( فأما ما سألت من امر الضياع التي بناحيتنا هل يجوز القيام بعمارتها واداء الخراج وصرف ما يفضل من دخلها الى الناحية احتساباً للاجر وتقرباً اليكم ؟ (الجواب) فلا يحل لأحد ان يتصرف في مال غيره بغير اذنه فكيف يحل ذلك في مالنا فمن فعل ذلك بغير امرنا فقد استحل منا ما حرم عليه ومن اكل من اموالنا شيئاً فأنما يأكل في بطنه ناراً وسيصلى سعيراً) ، وكذلك ورد من التوقيعات عن ابي الحسن الاسدي ايضاً قال : ورد علي توقيع من الشيخ ابي جعفر محمد بن عثمان العمري (رض) ابتداءلم يتقدمه سؤال عنه نسخه ( بسم الله الرحمن الرحيم لعنة الله والملائكة والناس اجمعين على من استحل من اموالنا درهماً { قال ابو الحسن : فوقع في نفسي ان ذلك في من استحل من مال الناحية درهماً دون من اكل منه غير مستحل له وقلت في نفسي ايضاً ان ذلك في جميع من استحل من محرماً فأي فضل للحجة (عليه السلام) في ذلك على غيره ؟ } قال : فو الذي بعث محمد نبياً بشيراً لقد نظرت بعد ذلك في التوقيع فوجدته قد انقلب الى ما كان في نفس نسخته بسم الله الرحمن الرحيم ( لعنة الله والملائكة والناس اجمعين على من اكل من مالنا درهماً حراما) ) ومعنى ذلك ان المرء ياكل حق الامام وهو يعرف انه حق الامام ويقول نعم هو حق للامام ولكنه يأكل فالحرمة واقعة باكله اصلاً حتى مع الاعتراف بأحقية الامام به دون غيره .
فالمتصرف بحق الامام المهدي(عليه السلام) من غير اذنه متجاوز على حق الامام وما ياكله في بطنه ناراً وسيصلى سعيراً ، اما بالنسبة للعالم الذي يتصرف بحق الامام فاقول له : اما ان تلتقي بالامام المهدي (عليه السلام) وانت تقول بانك نائب للامام ، وقد التقى به العديد من العلماء الثقاة والصالحين ، وبذلك يتم اتصالك بالامام المعصوم فيكون دليلا على التصرف بحقه بما يتلائم وفعل المعصوم الذي يخلو من الزلل والاشتباه ، واما ان تقول ان الامام ميت وهذا قطعاً لا يجوز فانه حي غائب ، وهناك طرق عديدة للاتصال بالامام المهدي (عليه السلام) منها التوجه بالدعاء الحاوي لكافة الشروط ، والرؤيا الصادقة للتشرف بلقاء الامام (عليه السلام) فضلاً عن لقائه حقيقة كما تشرف بلقائه العديد من الناس المشهورين وغير المشهورين ، وبحصول العجز عن لقاء الامام المهدي (عليه السلام) فضلاً عن الاتصال به والتواصل معه ، فأقول : اما هذه الروايات التي تنقلونها عن لقاء الامام المهدي (عليه السلام) بالعلماء فيها اخطاء وانتم تتناقلونها وتنقلونها الى الناس او انكم غير مهيئين للقاء الامام (عليه السلام) كما التقى مع غيركم .
قال تعالى{وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }الأنفال41 - ورد في الكافي ج1 عن محمد بن مسلم عن ابي جعفر الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى قال (عليه السلام) :هم قرابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) والخمس لله وللرسول ولنا ) .
ان الخمس هذه الفريضة المهمة سميت بهذا الاسم لكون المال المستخرج يمثل نسبة الخمس من المال الكلي . عند استقرائنا لتاريخ الخمس في الاسلام نجد ان الخمس في زمن الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) كان خمس الغنيمة فقط ، ولم تنقل لنا اية رواية في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) بان الصحابة اخرجوا ما زاد على اموالهم وملابسهم اي خمس ما زاد على المؤونة فالذي كان موجود فقط هو خمس غنيمة الحرب ، والدليل على ذلك ان في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) كان هناك جبات خاصين لجباية الزكاة ولم يكن هناك جبات لجباية الخمس ، وقد وردت العديد من الروايات التي تتوعد بمانع الزكاة وقد وردت روايات تؤكد على قتل مستحل الزكاة ، وذلك على خلاف الخمس ، وبما ان الخمس (ما زاد على المؤونة)لم يكن موجوداً في ذلك الزمان إذن فمن اين اتت هذه التوسعة في الخمس ؟
قبل لاجابة على هذا السؤال لا بد من تبيان بعض الامور المهمة :-
ان من الثابت ان لكل نظرية او قانون يضعه الاسلام يجب ان يكون متكامل وخالي من الثغرات ولا يمكن ان يكون ناقص ويكون التغير فيه حسب المتغيرات المحيطة به ، وهذا ينطبق على القانون السياسي والاجتماعي والاقتصادي ، فالنظام الاقتصادي الاسلامي سيشل نهائياً اذا ما تمسكنا بالنظريةالسابقة للخمس والتي كانت قائمة في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) وهي خاصة بغنيمة الحرب حصراً حيث ان المسلمون بعد الامام علي (عليه السلام) باتوا معرضين للغزوات من كل الجهات وهم يغنم منهم ولا يغنمون شيء ، فكيف سيقف النظام الاقتصادي الاسلامي على قدميه ؟ بالتأكيد ان النظام الاسلامي سينهار ، وخصوصاً ان الاعتماد الرئيسي لقانون الاقتصاد الاسلامي يعتمد كلياً على الزكاة ، وان الزكاة هي من ثلاثة اشياء ، وهي : ( زكاة النقدين - زكاة الانعام - زكاة الغلات ) ، فاما زكاة النقدين فهي مشروطةبان تكون مسكوكة بسكة الاسلام وقد تعطلت هذه منذ زمن بعيد بعد ان تغيرت العملة ،واما زكاة الانعام فهي تشمل (الابل والبقر والاغنام ) شريطة ان تكون سائمة وفي الوقت الحاضر قد انتشرت التربية الحيوانية الحقلية والبيتية وتم توفير الاعلاف لها نتيجة لذلك فقد قلت الزكاة لهذه الانعام ، واما زكاة الغلات ، وهي الغلات الاربعة ( الحنطة والشعير والتمر والزبيب ) فهي تزيد عند سقيها على المطر او السيح ، والان فان اغلب هذه الغلات تسقى بواسطة المكائن ومنها نسبة قليلة تعتمد على المطر ، او السيح ، فاذا سقيت من السماء او سيحاً فعليها نسبة عالية من الزكاة ، اما اذا سقيت بالمكائن فعليها نسبة قليلة ، ولوجمعنا كل الزكاة الان فانها تصل الى 25% من مجموع احتياج الاقتصاد الاسلامي ، اذن فنسبة 75% سوف تثبت فشل النظام الاسلامي ، وفي هذه الحالة لا بد من طرح اطروحة جديدة لتقويم النظام الاقتصادي وبناءه من جديد .
ورد في بحار الانوار ج23 - عن موسى بن اشيم قال : ( دخلت على ابي عبد الله (عليه السلام) فسألته عن مسألة فاجابني فيها بجواب فانا جالس اذ دخل رجل فسأله عنها بعينها فاجابه بخلاف ما اجابني فدخل رجل اخر فسأله عنها بعينها فاجابه بخلاف ما اجابني وخلاف ما اجاب به صاحبي ففزعت من ذلك وعظم علي فلما خرج القوم نظر الي وقال يابن اشيم كأنك جزعت فقلت : جعلت فداك انما جزعت من ثلاثة اقاويل في مسألة واحدة فقال (عليه السلام) : يابن اشيم ان الله فوض الى سليمان امر ملكه فقال : {هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ }ص39 وفوض الى محمد (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) امر دينه فقالوَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }الحشر7 ،ان الله فوض الى الائمة منا والينا ما فوض الى محمد (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) فلا تجزع ) . ومن هذا المنطلق اخذ الامام الصادق (عليه السلام) على عاتقه امر توسعة الخمس ، وقد طرح الامام هذا الامر بتوسيع دائرة الغنيمة (المذكورة في الاية الكريمة) فكل شيء غنمه الانسان هو عليه خمس ، فقد ورد في الكافي ج1 عن عثمان عن سماعة قال: ( سألت ابا الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) عن الخمس فقال : في كل ما افاد الناس من قليل او كثير ) . وهذه التوسعة هي اعم من الحرب وغنيمتها ، واما الاشياء المغنومة التي يشتمل عليها الخمس فهي :
1- الميراث الغير محتسب . والميراث الغير محتسب هو عكس الميراث المحتسب فالمحتسب هو معروف ان يرث الانسان اباه او اخاه اوجده او عمه وغير ذلك ، والغير محتسب ان يأتيك ميراث من غير حسبان ولم يخطر على بالك مصدره او مبلغه .
2- الكنز . وهو ايضا يأتيك من غير حسبان .
3- الركاز ( المعادن ) وهو نفسه ايضاً .
وبهذه التوسعة ستكون عملية موازنة دقيقة تسد الفراغ الواسع الذي تركته واردات الزكاة وبهذا يتم تقويم النظام الاقتصادي الاسلامي . اما اليوم فاين نحن من النظام الاقتصادي ؟ وهل يُجمع الخمس وفق القاعدة التي اوجدها الامام الصادق (عليه السلام) ؟ وهل يصح التصرف بحق الامام المهدي (عليه السلام) ؟ وهل ان الخمس يغطي الايتام والمساكين وابن السبيل ؟ وهل الطرق التي يسلكها القائمين على الخمس هي صحيحة ام لا ؟
سنقوم بعون الله ومنته بتوضيح الكثير من الملابسات التي خلطت الاوراق على الكثير الكثير من الناس وذلك بالادلة القاطعة .
-{{ لا يجوز التصرف بحق الامام المهدي (عليه السلام)إلا بأذنه }}-
لا يصح نهائياً التصرف في حق الامام المهدي (عليه السلام) ويحرم على جميع الفقهاء خصوصاً والمجتمع عموماً التصرف في هذه الاموال سواء اكان ذلك في انفاقه في وجوه البر او على انفسهم الا باذنه ، وذلك لانه ملك خاص للامام المهدي (عليه السلام) ، فان الله تبارك وتعالى عندما شرّع الخمس جعله ستة اسهم هي ( سهم الله ، سهم الرسول ، سهم ذوي القربى ) وهذه الثلاثة كلها ملك للامام وتسمى حق الامام ، اما الثلاثة الباقية وهي ( سهم الايتام ، والمساكين ، وابن السبيل ) وتسمى حق السادة ولا يوجد اختلاف عند علماء المذهب في صرف حق السادة على اصنافه الثلاثة ، لكن وقع الخلاف في ( حق الامام ) فقد تناقضت الاراء وتضاربت فوصلت الى عشرين رأي ، فبعضهم ذهب الى الحلّية المطلقة وهذا ما ذهب اليه صاحب الحدائق الناظرة ومنهم ذهب الى حفظه وبعضهم دفنه مثل الشيخ المفيد والشيخ الطوسي ( وهم قريبون على زمن النص) ، واخر ذهب الى انه مجهول المالك ويتصرف به نيابة عن صاحبه مثل صاحب الجواهر ، وغير ذلك من الاراء ، واما ما ذهب اليه متأخري العلماء هو ان يتصرفوا بحق الامام تحت قاعدة جديدة أسموها ( بما يحرز رضا الامام ) حيث يقولون : ( لو كان الامام المهدي(عليه السلام) موجود لفعل كما فعلنا فكل مورد لا يحرز رضا الامام لا يصح التصرف به ) وهذا رأي باطل وغير مقبول وذلك لعدة اسباب : -
اولاً : ان من الامور المسلم بها في ديننا الحنيف عدم جوازية التصرف في مال الغير الا بعد الاستئذان من صاحب المال ومهما كانت الاسباب ، والامام المهدي (عليه السلام) هو حي غير ميت ، ولا يوجد احد من العلماء قد استأذن منه حيث لا يصح التصرف لاي احد بحق الامام الا بعد حصول اذنه (عليه السلام) وهذا ممكن جداً لكونه(عليه السلام) حي وقد التقى به جمع من العلماء وان بحث الاول لا يكون حجة على الثاني ولا يمكن الاستدلال به لاحوال اخرى وذلك لان هذا الامر (حصول الاذن من الامام ) يتعلق به (عليه السلام) ، واما ما يدعيه بعضهم بان امكانية اللقاء او الالتقاء بالامام المهدي (عليه السلام) لا يمكن تحصيلها احتجاجاً منه بالمكاتبة التي وردت عن السفير الرابع السمري (رحمه الله ) : ( الا من ادعى المشاهدة قبل السفياني والصيحة فهو كذاب مفتري) ، فأقول : ان هذه المكاتبة لا يمكن لاي احد من الفقهاء ان يحتج بها وذلك لانهم لا يعملون بالمراسيل اصلاً وهذه مرسلة ومعارضة لاخبار صحيحة وكثيرة تؤكد على امكانية اللقاء بالامام المهدي(عليه السلام) مثل ما رواه الكليني والنعماني والشيخ الطوسي باسانيدهم المعتبرة عن الامام الصادق (عليه السلام) قال: (لا بد لصاحب هذا الامر من غيبة ولا بد له من عزلة وما بثلاثين من وحشة) وظاهر هذا القول الصادر من الامام الصادق (عليه السلام) كما صرح به شراح الحديث انه (عليه السلام) يستأنس بثلاثين من اوليائه في غيبته(بشارة الاسلام ص171) بل هي معارضة بوقوع اللقاء مع جمع من العلماء الثقاة امثال ابن طاووس والسيد بحر العلوم وغيرهم ، وان قولنا بحرمة التصرف باموال الامام (عليه السلام) دون اذنه ، مسنود بمكاتبات نقلت عنه (عليه السلام) حيث سؤل في الغيبة الصغرى عن طريق السفير ابي جعفر محمد بن عثمان ، فقال : ( فأما ما سألت من امر الضياع التي بناحيتنا هل يجوز القيام بعمارتها واداء الخراج وصرف ما يفضل من دخلها الى الناحية احتساباً للاجر وتقرباً اليكم ؟ (الجواب) فلا يحل لأحد ان يتصرف في مال غيره بغير اذنه فكيف يحل ذلك في مالنا فمن فعل ذلك بغير امرنا فقد استحل منا ما حرم عليه ومن اكل من اموالنا شيئاً فأنما يأكل في بطنه ناراً وسيصلى سعيراً) ، وكذلك ورد من التوقيعات عن ابي الحسن الاسدي ايضاً قال : ورد علي توقيع من الشيخ ابي جعفر محمد بن عثمان العمري (رض) ابتداءلم يتقدمه سؤال عنه نسخه ( بسم الله الرحمن الرحيم لعنة الله والملائكة والناس اجمعين على من استحل من اموالنا درهماً { قال ابو الحسن : فوقع في نفسي ان ذلك في من استحل من مال الناحية درهماً دون من اكل منه غير مستحل له وقلت في نفسي ايضاً ان ذلك في جميع من استحل من محرماً فأي فضل للحجة (عليه السلام) في ذلك على غيره ؟ } قال : فو الذي بعث محمد نبياً بشيراً لقد نظرت بعد ذلك في التوقيع فوجدته قد انقلب الى ما كان في نفس نسخته بسم الله الرحمن الرحيم ( لعنة الله والملائكة والناس اجمعين على من اكل من مالنا درهماً حراما) ) ومعنى ذلك ان المرء ياكل حق الامام وهو يعرف انه حق الامام ويقول نعم هو حق للامام ولكنه يأكل فالحرمة واقعة باكله اصلاً حتى مع الاعتراف بأحقية الامام به دون غيره .
فالمتصرف بحق الامام المهدي(عليه السلام) من غير اذنه متجاوز على حق الامام وما ياكله في بطنه ناراً وسيصلى سعيراً ، اما بالنسبة للعالم الذي يتصرف بحق الامام فاقول له : اما ان تلتقي بالامام المهدي (عليه السلام) وانت تقول بانك نائب للامام ، وقد التقى به العديد من العلماء الثقاة والصالحين ، وبذلك يتم اتصالك بالامام المعصوم فيكون دليلا على التصرف بحقه بما يتلائم وفعل المعصوم الذي يخلو من الزلل والاشتباه ، واما ان تقول ان الامام ميت وهذا قطعاً لا يجوز فانه حي غائب ، وهناك طرق عديدة للاتصال بالامام المهدي (عليه السلام) منها التوجه بالدعاء الحاوي لكافة الشروط ، والرؤيا الصادقة للتشرف بلقاء الامام (عليه السلام) فضلاً عن لقائه حقيقة كما تشرف بلقائه العديد من الناس المشهورين وغير المشهورين ، وبحصول العجز عن لقاء الامام المهدي (عليه السلام) فضلاً عن الاتصال به والتواصل معه ، فأقول : اما هذه الروايات التي تنقلونها عن لقاء الامام المهدي (عليه السلام) بالعلماء فيها اخطاء وانتم تتناقلونها وتنقلونها الى الناس او انكم غير مهيئين للقاء الامام (عليه السلام) كما التقى مع غيركم .
تعليق