فلسفة العلامات
ان لقضية الامام المهدي (عليه السلام) علامات تتحقق تباعا وهي متسلسلة ، ومنها مرتبط بعضها ببعض ، فقد قال الامام الباقر (عليه السلام) : ( وجدنا في كتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اذا ظهر الزنى من بعدي كثر موت الفجأة ، واذا طُفف المكيال الميزان اخذهم الله بالسنين والنقص واذا منعوا الزكاة منعت الارض بركتها من الزرع والثمار والمعادن كلها، واذا جاروا في الاحكام تعاونوا على الظلم والعدوان ، واذا نقضوا العهد سلط الله عليهم عدوهم ، واذا قطّعوا الارحام جعلت الاموال في ايدي الاشرار ، واذا لم يامروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر ولم يتبعوا الاخيار من أهل بيتي ، سلط الله عليهم شرارهم فيدعون خيارهم فلا يستجاب لهم )( ) .
وتكمن الفائدة المرجوة من معرفة تحقق العلامات في تهيؤ جمهور المنتظرين للاستعداد والنصرة من خلال اعداد العدة واتمام العدد المطلوب لقيام الامام المهدي (عليه السلام) ، وهي ايضاً فرصة للكافر والمعاند بان يرجع الى طريق الهداية قبل ان يأتي يوم لامرد له ولاتنفع نفس ايمانها ان لم تكن امنت من قبل او كسبت في ايمانها خيرا ، فجعل الله تعالى هذه العلامات بشارة للمؤمنين واتماماً للحجة على الكافرين والمعاندين .
وقد جعلت العلامات من الله تعالى لفلسفة التدرج والظهور من عالم الغيب الى عالم الشهادة فتبدأ العلامات بالتدرج الظهوري ، مثلا ان الولادة بعد تسعة اشهر من الحمل ، لكن تبدا قبل الولادة عند الام علامات تدل على قرب موعد الولادة . فان امر الامام المهدي (عليه السلام) يولد بعد اكتمال العلامات المتسلسلة والدالة عليه .
تنقسم العلامات الى محتومة وغير محتومة ومنها لابدية الوقوع وهي كما ياتي:-
اولاً : ( العلامات المحتومة ) :
وهي العلامات التي لا تخضع لقانون البداء ، والبداء كما هو معروف عند الامامية لغة ( هو الظهور ) فلا يمتنع ان يظهر لنا من افعال الله تعالى ما كنا نضن خلافه سواء كنا نعلم او لا نعلم شرطه ، وتقول العرب بدا لي شخص في طريقي أي ظهر ، وقال الله عز وجل:
{وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون } .
والمحتوم هو الذي لا يتبدل ولا يقع فيه البداء ، واما العلامات الحتمية فهي خمسة حصرا كما جاء في الرواية عن بن حنظلة قال :
سمعت ابا عبد الله (عليه السلام) يقول : (قبل قيام القائم خمس علامات محتومات ، اليماني والسفياني والصيحة وقتل النفس الزكية والخسف في البيداء ) .
ثانياً : ( العلامات الغير محتومة ) :
وهي العلامات التي يقع فيها البداء والتي تكون قابلة للتغيير والتبديل .
ولتوضيح معنى المحتوم وغير المحتوم وعلاقته بالبداء ونوعه يجب تفصيل ذلك فيما يلي :-
ينقسم الحتم والبداء الى نوعان هما : ( الحتم الزماني والبداء الزماني ) و ( الحتم الذاتي والبداء الذاتي ) .
الحتم الزماني :
معناه ان الشيء من المحتوم الذي لا يقع فيه البداء والتغيير والتبديل والمحو والاثبات في الزمان والذات .
اما البداء الزماني :
فهو ان الشيء من المحتوم بالذات والذي يقع فيه البداء في الزمن يسمى (بداء التاجيل حيث قال المعصومون (عليه السلام) :
( انكم اذعتموه فأجله الله ) .
حيث ورد عن الامام الباقر (عليه السلام) قوله :
( يا ثابت ان الله تعالى قد كان وقّت هذا الامر في سنة السبعين ، فلما قتل الحسين اشتد غضب الله فأخره الى اربعين ومائة ، فحدثناكم بذلك فأذعتم وكشفتم قناع الستر فلم يجعل الله لهذا الامر بعد ذلك امرا عندنا { يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب } قال ابو حمزة الثمالي فحدثت بذلك ابا عبد الله الصادق (عليه السلام) قال : قد كان ذلك ) .
اما الحتم الذاتي :
فهو ان الشيء لا يقع فيه البداء ذاتا ولا زمانا حيث لا يمكن محوه ولا يمكن ان يؤجل .
واما البداء الذاتي :
فهو ان يقع البداء في الشيء بذاته ، كأن يُمحى وان يقع فيه المحو الذاتي .