موقف أهل البيت ﴿عليهم السلام﴾ من الرأي والإجتهاد :
إن الأئمة من أل محمد ﴿عليهم السلام﴾ لم يكن في قولهم إجتهاداً ولا رأي إطلاقاً فلم يكن قولهم إلا عن رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ فقد روي عن قتيبة قال : سأل رجل أبا عبد الله ﴿عليه السلام﴾ عن مسألة فأجابه فيها ، فقال الرجل : ﴿أرأيت إن كان كذا وكذا ما يكون القول فيها ؟ فقال له : مه ما أجبتك فيه من شيء فهو عن رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ لسنا من : " أرأيت " في شيء﴾﴿ ﴾.
وجاء عن سماعة عن أبي الحسن ﴿عليه السلام﴾ قال : قلت له : ﴿كل شيء تقول به في كتاب الله وسنته أو تقولون برأيكم ؟ قال : بل كل شيء نقوله في كتاب الله وسنته﴾﴿ ﴾.
ومن هذا يتبين لنا موقف الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ من الآراء والإجتهادات التي اعتاد القوم عليها وأصبحت عندهم من ضروريات الدين .
لقد بين لنا أئمة أهل البيت ﴿عليهم السلام﴾ مصدر علمهم هذا في أكثر من خبر ومنها ما جاء عن الفضيل ، عن أبي جعفر الباقر ﴿عليه السلام﴾ أنه قال : ﴿إنا على بينة من ربنا بينها لنبيه ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ فبينها نبيه لنا ، فلولا ذلك كنا كهؤلاء الناس﴾﴿ ﴾.
وجاء عن الحارث بن المغيرة النضري قال : قلت لأبي عبد الله الصادق ﴿عليه السلام﴾ : ﴿علم عالمكم أي شيء وجهه ؟ قال : وراثة من رسول الله وعلي بن أبي طالب صلوات الله عليهما ، يحتاج الناس إلينا ولا نحتاج إليهم﴾﴿ ﴾.
وجاء عن أبي عبد الله الصادق ﴿عليه السلام﴾ روايات كثيرة بلغها أصحابه منها ما جاء في رسالة طويلة له إلى أصحابه أمرهم بالنظر فيها وتعاهدها والعمل بها ومن جملتها قوله ﴿عليه السلام﴾ : ﴿أيتها العصابة المرحومة المفلحة ! إن الله أتم لكم ما آتاكم من الخير ، واعلموا أنه ليس من علم الله ولا من أمره أن يأخذ أحد من خلق الله في دينه بهوى ولا رأي ولا مقاييس ، قد أنزل الله القرآن وجعل فيه تبيان كل شيء ، وجعل للقرآن وتعلم القرآن أهلاً ، لا يسع أهل علم القرآن الذين آتاهم الله علمه أن يأخذوا في دينهم بهوى ولا رأي ولا مقاييس ، وهم أهل الذكر الذين أمر الله الأمة بسؤالهم ... ﴾ . إلى أن قال : ﴿وقد عهد إليهم رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ قبل موته فقالوا : نحن بعد ما قبض الله عز وجل رسوله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ يسعنا أن نأخذ بما اجتمع عليه رأي الناس بعد قبض الله رسوله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ وبعد عهده الذي عهده إلينا وأمرنا به ، مخالفا لله ولرسوله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ فما أحد أجرأ على الله ولا أبين ضلالة ممن أخذ بذلك وزعم أن ذلك يسعه ، والله إن لله على خلقه أن يطيعوه ويتبعوا أمره في حياة محمد ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ وبعد موته ، هل يستطيع أولئك أعداء الله أن يزعموا أن أحداً ممن أسلم مع محمد ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ أخذ بقوله ورأيه ومقاييسه ؟ فإن قال : نعم فقد كذب على الله وضل ضلالا بعيداً ، وإن قال : لا لم يكن لأحد أن يأخذ برأيه وهواه ومقاييسه ، فقد أقر بالحجة على نفسه ، وهو ممن يزعم أن الله يطاع ويتبع أمره بعد قبض رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ ... ﴾ . إلى أن قال : ﴿وكما أنه لم يكن لأحد من الناس مع محمد ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ أن يأخذ بهواه ولا رأيه ولا مقاييسه خلافا لأمر محمد ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ كذلك لم يكن لأحد بعد محمد ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ أن يأخذ بهواه ولا رأيه ولا مقاييسه ، ثم قال : واتبعوا آثار رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ وسنته فخذوا بها ، ولا تتبعوا أهواءكم ورأيكم فتضلوا ، فإن أضل الناس عند الله من اتبع هواه ورأيه بغير هدى من الله ، وقال : أيتها العصابة! عليكم بآثار رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ وسنته ، وآثار الأئمة الهداة من أهل بيت رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ من بعده وسنتهم ، فإنه من أخذ بذلك فقد اهتدى ، ومن ترك ذلك ورغب عنه ضل ، لأنهم هم الذين أمر الله بطاعتهم وولايتهم﴾﴿ ﴾.
إن لهذه الرسالة معانٍ عديدة في غاية الأهمية فهي زبدة البيان وخلاصة الدين القويم . واننا حين نقرأ كلماتها النيرة نجدها مصداقا لآيات الله سبحانه ومرآة تعكس لنا حقيقة الأوامر الإلهية وما يجب علينا فعله لكي نحظى بالخلاص الابدي . فقد بين لنا الإمام الصادق ﴿عليه السلام﴾ إن خير الله قد اكتمل بوجود السلالة الطاهرة من البيت النبوي الشريف فبهم اتم الله تعالى نعمته علينا فلا علم إلا ما جاء نوره من هذا البيت الشريف وانه ليس من علم الله ولا من أمره أن ناخذ في دينه بهوى أو رأي أو مقاييس فقد انزل الله كتابه وجعل فيه تبيان كل شيء وما ترك الله شيئاً تحتاج إليه الأمة في دينه إلا بينه للناس حتى لا يستطيع عبد أن يقول : لو انزل الله هذه المسألة في كتابه وبينها لنا إلا وانزلها الله في كتابه القرآن وجعل للقرآن أهلاً فَهُم أهل الذكر وأولي الأمر الذين أمر الله الأمة بسؤالهم وقد عهد رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ إلى أمته بالعترة الطاهرة وأوصى الأمة بهم ثلاثا حين قال : ﴿ وأهل بيتى اذكركم الله تعالى في أهل بيتى ثلاث مرات﴾﴿ ﴾.
فهل يسع العاقل أن ياخذ بغير هذه العروة الوثقى ويدعي بأن ما اجتمع عليه رأي الناس فهو الصواب بعد أمر النبي هذا وعهده إلينا فما جزاء من يقدم المفضول على الفاضل ولله على خلقه الطاعة وإتباع أمره في حياة النبي ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ وبعد رحيله وإتباع آثار الرسول ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ والأخذ بسنته وآثار الأئمة الهداة من أهل بيت نبينا ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ من بعده وسنتهم ولا نتبع الآراء والأهواء فنضل بعد أن هدانا الله .
لقد كان موقف الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ واضحاً مع الذين إتبعوا آرائهم وإجتهاداتهم الشخصية فقد القوا عليهم الحجج والبراهين ببطلان مسلكهم هذا وكان التصدي من النبي الخاتم ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ وآله الاطهار ﴿عليهم السلام﴾ على طول حياتهم الشريفة فقد ورد عن رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ انه قال : ﴿ قال الله عز وجل : ما آمن بي من فسر برأيه كلامي ، وما عرفني من شبهني بخلقي ، وما على ديني من استعمل القياس في ديني ﴾﴿ ﴾.
واستمر آل محمد ﴿عليهم السلام﴾ بعد رحيل جدهم ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ بمحاربة أصحاب الرأي والإجتهادات فنراهم قد شمروا عن سواعدهم لمحارب البدع والأهواء التي ظهرت بعد رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ ، بدءًا من مولانا أمير المؤمنين ﴿عليه السلام﴾ وانتهاءا بالمهدي من آل محمد ﴿عليه السلام﴾ فنرى مواقفهم الصارمة إتجاه طرق المخالفين وقواعدهم التي وضعوها بانفسهم وتروي لنا كتب الحديث من هذه المواقف الكثير الكثير فقد ورد في نهج البلاغة خطبة لمولانا أمير المؤمنين ﴿عليه السلام﴾ يذم اختلاف الفقهاء في الفتيا قال فيها : ﴿ترد على أحدهم القضية في حكم من الأحكام فيحكم فيها برأيه ثم ترد تلك القضية بعينها على غيره فيحكم فيها بخلافه ثم يجتمع القضاة بذلك عند الإمام الذي استقضاهم فيصوب آراءهم جميعاً وإلههم واحد ونبيهم واحد وكتابهم واحد . أفأمرهم الله تعالى بالاختلاف فأطاعوه . أم نهاهم عنه فعصوه . أم أنزل الله ديناً ناقصاً فاستعان بهم على إتمامه . أم كانوا شركاء له . فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى أم أنزل الله سبحانه ديناً تاماً فقصر الرسول ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ عن تبليغه وأدائه والله سبحانه يقول ﴿ما فرطنا في الكتاب من شيء﴾ فيه تبيان كل شيء وذكر أن الكتاب يصدق بعضه بعضاً وأنه لا اختلاف فيه فقال سبحانه ﴿ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيراً﴾ . وإن القرآن ظاهره أنيق . وباطنه عميق . لا تفنى عجائبه ولا تنقضي غرائبه ولا تكشف الظلمات إلا به﴾﴿ ﴾.
إن كلام أمير المؤمنين ﴿عليه السلام﴾ يدلنا على مدى الاختلاف الذي حصل بعد رحيل النبي ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ إلى حد أن المسألة الواحدة يفتى بها بأكثر من قول حتى وصل الأمر بهم إلى عدة أقوال متناقضات ولكنهم مع هذا التناقض في القول يصوب إمامهم الذي إستقضاهم آرائهم جميعاً وهذا مما لا يقبله الدين والرب .
فهل يقبل الله تعالى بأن يكون حلاله وحرامه على حد سواء ؟! إن هذا الأمر الذي عليه المسلمين كافة لا يجتمع مع كمال الشريعة بل يضاده ويخالفه مما الجأ أصحاب الاختلافات إلى القول بعدم كمال الدين من حيث الأصول والفروع وأن رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ ما جاء بشريعة كاملة جامعة الأطراف شاملة لكل شيء .
وتلك المقالة الردية المضادة لحديث الكمال اعطت شرعية مزيفة للاختلافات الكبيرة والخلافات العريقة التي حدثت بين المسلمين بعد وفاة رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ بل قبيلها أيضاً . فقد صاروا في أبسط المسائل إلى معقدها إلى اليمين واليسار وافترقوا فرقتين أو فرقا حتى انتهوا إلى سبعين فرقة بل إلى سبع مائة فرقة ومع هذا الاختلاف نجد آل الرسول ﴿عليهم السلام﴾ قد ساروا على نفس النهج المحمدي الاصيل فلم يقولوا برأيهم في شيء من المسائل بل كانوا على العكس من هذه الفرق المتناحرة ، فكانت أقوالهم كلها نابعة من الكتاب والسُنة الشريفة وحثوا أتباعهم على هذا النهج القويم .
إن الأئمة من أل محمد ﴿عليهم السلام﴾ لم يكن في قولهم إجتهاداً ولا رأي إطلاقاً فلم يكن قولهم إلا عن رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ فقد روي عن قتيبة قال : سأل رجل أبا عبد الله ﴿عليه السلام﴾ عن مسألة فأجابه فيها ، فقال الرجل : ﴿أرأيت إن كان كذا وكذا ما يكون القول فيها ؟ فقال له : مه ما أجبتك فيه من شيء فهو عن رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ لسنا من : " أرأيت " في شيء﴾﴿ ﴾.
وجاء عن سماعة عن أبي الحسن ﴿عليه السلام﴾ قال : قلت له : ﴿كل شيء تقول به في كتاب الله وسنته أو تقولون برأيكم ؟ قال : بل كل شيء نقوله في كتاب الله وسنته﴾﴿ ﴾.
ومن هذا يتبين لنا موقف الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ من الآراء والإجتهادات التي اعتاد القوم عليها وأصبحت عندهم من ضروريات الدين .
لقد بين لنا أئمة أهل البيت ﴿عليهم السلام﴾ مصدر علمهم هذا في أكثر من خبر ومنها ما جاء عن الفضيل ، عن أبي جعفر الباقر ﴿عليه السلام﴾ أنه قال : ﴿إنا على بينة من ربنا بينها لنبيه ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ فبينها نبيه لنا ، فلولا ذلك كنا كهؤلاء الناس﴾﴿ ﴾.
وجاء عن الحارث بن المغيرة النضري قال : قلت لأبي عبد الله الصادق ﴿عليه السلام﴾ : ﴿علم عالمكم أي شيء وجهه ؟ قال : وراثة من رسول الله وعلي بن أبي طالب صلوات الله عليهما ، يحتاج الناس إلينا ولا نحتاج إليهم﴾﴿ ﴾.
وجاء عن أبي عبد الله الصادق ﴿عليه السلام﴾ روايات كثيرة بلغها أصحابه منها ما جاء في رسالة طويلة له إلى أصحابه أمرهم بالنظر فيها وتعاهدها والعمل بها ومن جملتها قوله ﴿عليه السلام﴾ : ﴿أيتها العصابة المرحومة المفلحة ! إن الله أتم لكم ما آتاكم من الخير ، واعلموا أنه ليس من علم الله ولا من أمره أن يأخذ أحد من خلق الله في دينه بهوى ولا رأي ولا مقاييس ، قد أنزل الله القرآن وجعل فيه تبيان كل شيء ، وجعل للقرآن وتعلم القرآن أهلاً ، لا يسع أهل علم القرآن الذين آتاهم الله علمه أن يأخذوا في دينهم بهوى ولا رأي ولا مقاييس ، وهم أهل الذكر الذين أمر الله الأمة بسؤالهم ... ﴾ . إلى أن قال : ﴿وقد عهد إليهم رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ قبل موته فقالوا : نحن بعد ما قبض الله عز وجل رسوله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ يسعنا أن نأخذ بما اجتمع عليه رأي الناس بعد قبض الله رسوله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ وبعد عهده الذي عهده إلينا وأمرنا به ، مخالفا لله ولرسوله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ فما أحد أجرأ على الله ولا أبين ضلالة ممن أخذ بذلك وزعم أن ذلك يسعه ، والله إن لله على خلقه أن يطيعوه ويتبعوا أمره في حياة محمد ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ وبعد موته ، هل يستطيع أولئك أعداء الله أن يزعموا أن أحداً ممن أسلم مع محمد ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ أخذ بقوله ورأيه ومقاييسه ؟ فإن قال : نعم فقد كذب على الله وضل ضلالا بعيداً ، وإن قال : لا لم يكن لأحد أن يأخذ برأيه وهواه ومقاييسه ، فقد أقر بالحجة على نفسه ، وهو ممن يزعم أن الله يطاع ويتبع أمره بعد قبض رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ ... ﴾ . إلى أن قال : ﴿وكما أنه لم يكن لأحد من الناس مع محمد ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ أن يأخذ بهواه ولا رأيه ولا مقاييسه خلافا لأمر محمد ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ كذلك لم يكن لأحد بعد محمد ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ أن يأخذ بهواه ولا رأيه ولا مقاييسه ، ثم قال : واتبعوا آثار رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ وسنته فخذوا بها ، ولا تتبعوا أهواءكم ورأيكم فتضلوا ، فإن أضل الناس عند الله من اتبع هواه ورأيه بغير هدى من الله ، وقال : أيتها العصابة! عليكم بآثار رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ وسنته ، وآثار الأئمة الهداة من أهل بيت رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ من بعده وسنتهم ، فإنه من أخذ بذلك فقد اهتدى ، ومن ترك ذلك ورغب عنه ضل ، لأنهم هم الذين أمر الله بطاعتهم وولايتهم﴾﴿ ﴾.
إن لهذه الرسالة معانٍ عديدة في غاية الأهمية فهي زبدة البيان وخلاصة الدين القويم . واننا حين نقرأ كلماتها النيرة نجدها مصداقا لآيات الله سبحانه ومرآة تعكس لنا حقيقة الأوامر الإلهية وما يجب علينا فعله لكي نحظى بالخلاص الابدي . فقد بين لنا الإمام الصادق ﴿عليه السلام﴾ إن خير الله قد اكتمل بوجود السلالة الطاهرة من البيت النبوي الشريف فبهم اتم الله تعالى نعمته علينا فلا علم إلا ما جاء نوره من هذا البيت الشريف وانه ليس من علم الله ولا من أمره أن ناخذ في دينه بهوى أو رأي أو مقاييس فقد انزل الله كتابه وجعل فيه تبيان كل شيء وما ترك الله شيئاً تحتاج إليه الأمة في دينه إلا بينه للناس حتى لا يستطيع عبد أن يقول : لو انزل الله هذه المسألة في كتابه وبينها لنا إلا وانزلها الله في كتابه القرآن وجعل للقرآن أهلاً فَهُم أهل الذكر وأولي الأمر الذين أمر الله الأمة بسؤالهم وقد عهد رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ إلى أمته بالعترة الطاهرة وأوصى الأمة بهم ثلاثا حين قال : ﴿ وأهل بيتى اذكركم الله تعالى في أهل بيتى ثلاث مرات﴾﴿ ﴾.
فهل يسع العاقل أن ياخذ بغير هذه العروة الوثقى ويدعي بأن ما اجتمع عليه رأي الناس فهو الصواب بعد أمر النبي هذا وعهده إلينا فما جزاء من يقدم المفضول على الفاضل ولله على خلقه الطاعة وإتباع أمره في حياة النبي ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ وبعد رحيله وإتباع آثار الرسول ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ والأخذ بسنته وآثار الأئمة الهداة من أهل بيت نبينا ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ من بعده وسنتهم ولا نتبع الآراء والأهواء فنضل بعد أن هدانا الله .
لقد كان موقف الأئمة ﴿عليهم السلام﴾ واضحاً مع الذين إتبعوا آرائهم وإجتهاداتهم الشخصية فقد القوا عليهم الحجج والبراهين ببطلان مسلكهم هذا وكان التصدي من النبي الخاتم ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ وآله الاطهار ﴿عليهم السلام﴾ على طول حياتهم الشريفة فقد ورد عن رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ انه قال : ﴿ قال الله عز وجل : ما آمن بي من فسر برأيه كلامي ، وما عرفني من شبهني بخلقي ، وما على ديني من استعمل القياس في ديني ﴾﴿ ﴾.
واستمر آل محمد ﴿عليهم السلام﴾ بعد رحيل جدهم ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ بمحاربة أصحاب الرأي والإجتهادات فنراهم قد شمروا عن سواعدهم لمحارب البدع والأهواء التي ظهرت بعد رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ ، بدءًا من مولانا أمير المؤمنين ﴿عليه السلام﴾ وانتهاءا بالمهدي من آل محمد ﴿عليه السلام﴾ فنرى مواقفهم الصارمة إتجاه طرق المخالفين وقواعدهم التي وضعوها بانفسهم وتروي لنا كتب الحديث من هذه المواقف الكثير الكثير فقد ورد في نهج البلاغة خطبة لمولانا أمير المؤمنين ﴿عليه السلام﴾ يذم اختلاف الفقهاء في الفتيا قال فيها : ﴿ترد على أحدهم القضية في حكم من الأحكام فيحكم فيها برأيه ثم ترد تلك القضية بعينها على غيره فيحكم فيها بخلافه ثم يجتمع القضاة بذلك عند الإمام الذي استقضاهم فيصوب آراءهم جميعاً وإلههم واحد ونبيهم واحد وكتابهم واحد . أفأمرهم الله تعالى بالاختلاف فأطاعوه . أم نهاهم عنه فعصوه . أم أنزل الله ديناً ناقصاً فاستعان بهم على إتمامه . أم كانوا شركاء له . فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى أم أنزل الله سبحانه ديناً تاماً فقصر الرسول ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ عن تبليغه وأدائه والله سبحانه يقول ﴿ما فرطنا في الكتاب من شيء﴾ فيه تبيان كل شيء وذكر أن الكتاب يصدق بعضه بعضاً وأنه لا اختلاف فيه فقال سبحانه ﴿ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيراً﴾ . وإن القرآن ظاهره أنيق . وباطنه عميق . لا تفنى عجائبه ولا تنقضي غرائبه ولا تكشف الظلمات إلا به﴾﴿ ﴾.
إن كلام أمير المؤمنين ﴿عليه السلام﴾ يدلنا على مدى الاختلاف الذي حصل بعد رحيل النبي ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ إلى حد أن المسألة الواحدة يفتى بها بأكثر من قول حتى وصل الأمر بهم إلى عدة أقوال متناقضات ولكنهم مع هذا التناقض في القول يصوب إمامهم الذي إستقضاهم آرائهم جميعاً وهذا مما لا يقبله الدين والرب .
فهل يقبل الله تعالى بأن يكون حلاله وحرامه على حد سواء ؟! إن هذا الأمر الذي عليه المسلمين كافة لا يجتمع مع كمال الشريعة بل يضاده ويخالفه مما الجأ أصحاب الاختلافات إلى القول بعدم كمال الدين من حيث الأصول والفروع وأن رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ ما جاء بشريعة كاملة جامعة الأطراف شاملة لكل شيء .
وتلك المقالة الردية المضادة لحديث الكمال اعطت شرعية مزيفة للاختلافات الكبيرة والخلافات العريقة التي حدثت بين المسلمين بعد وفاة رسول الله ﴿صلى الله عليه وآله وسلم تسليما﴾ بل قبيلها أيضاً . فقد صاروا في أبسط المسائل إلى معقدها إلى اليمين واليسار وافترقوا فرقتين أو فرقا حتى انتهوا إلى سبعين فرقة بل إلى سبع مائة فرقة ومع هذا الاختلاف نجد آل الرسول ﴿عليهم السلام﴾ قد ساروا على نفس النهج المحمدي الاصيل فلم يقولوا برأيهم في شيء من المسائل بل كانوا على العكس من هذه الفرق المتناحرة ، فكانت أقوالهم كلها نابعة من الكتاب والسُنة الشريفة وحثوا أتباعهم على هذا النهج القويم .
تعليق