إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مرحلة العلامة الحلي ﴿648 هـ - 726 هـ﴾ :

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مرحلة العلامة الحلي ﴿648 هـ - 726 هـ﴾ :

    مرحلة العلامة الحلي ﴿648 هـ - 726 هـ﴾ :
    وهو الشيخ أبو منصور الحسن بن يوسف بن علي بن مطهر الحلي الأسدي المعروف بالعلامة الحلي ولد في السابع والعشرين من شهر رمضان سنة 648هـ بمدينة الحلة في العراق وكان أبن اخت المحقق الحلي ومن اقرب تلامذته بالاضافة إلى جملة من المشايخ الذين تتلمذ على أيديهم العلامة الحلي، ولعل من أبرز هؤلاء المشايخ هو الشيخ محمد الطوسي المعروف بالخواجة نصير الدين الطوسي كما انه قد درس عند فقهاء المذاهب الأخرى كما هو حال أغلب فقهاء الإمامية في تلك العصور .
    لم يتفق لأحد من الفقهاء قبل الحسن الحلي أن لقب بـ﴿العلامة﴾ فهو أول من لقب بهذا اللقب بعد أن سطع نجمه في ساحة الفقهاء بعد رحيل خاله المحقق الحلي كما انه لم يتفق لأحد من الفقهاء قبل المحقق الحلي ان لقب بـ﴿المحقق﴾ أيضاً ومما يذكره التأريخ أن الحسن الحلي قد لقب بهذا اللقب بعد مناظرة مشهورة له في مجلس السلطان الجايتو خدابنده المغولي ، وعلى أثر تلك المناظرة منح هذا اللقب ارتجالاً ثم ما لبث أن لازمه واختص به في ذلك الزمن على انه قد أصبح هذا اللقب اليوم يعطى لمن تجاوز مقدمات الحوزة أو أقل من ذلك وهذا شيء طبيعى لما ظهر من الالقاب التي ما انزل الله بها من سلطان وكما سياتي ذكرها .
    لقد شهدت تلك الحقبة الزمنية بداية لظهور الالقاب والكنى العجيبة والتي كان يتقلدها الفقهاء واحدا بعد آخر وهم معجبين بها غاية الاعجاب حتى أصبح الأمر تجاسرا على مقام المعصوم فهذا الشهيد الأول عند ذكره للعلامة الحلي قال عنه : ﴿شيخنا الإمام الأعلم حجة الله على الخلق جمال الدين ...- إرشاد الأذهان - العلامة الحلي - ج 1 - ص 56 نقلا عن الأربعون حديثا : 49

    وقال تلميذه محمد بن علي الجرجاني : ﴿شيخنا المعظم وإمامنا الأعظم سيد فضلاء العصر ورئيس علماء الدهر المبرز في فني المعقول والمنقول والمطرز للواء علمي الفروع والأصول ... - إرشاد الأذهان - العلامة الحلي - ج 1 - ص 56 نقلا عن أعيان الشيعة 5 / 397

    وقال الشيخ محمد بن أبي جمهور الأحسائي في إجازته للشيخ محمد صالح الغروي قال : ﴿شيخنا وإمامنا رئيس جميع علمائنا العلامة الفهامة شيخ مشايخ الإسلام والفارق بفتاويه الحلال والحرام المسلم له الرئاسة من جميع فرق الإسلام ... إرشاد الأذهان - العلامة الحلي - ج 1 - ص 56 نقلا عن بحار الأنوار 108 / 19

    إن مقام الإمامة والحجة لم يطلقان على أي فقيه سبق العلامة الحلي وان هذه الالقاب كما هو ثابت في أخبار أهل البيت (ع) خاصة بالمعصومين فكيف جاز لنا إطلاقها على الفقهاء ؟
    إن مقام الإمامة أو مقام الحجة ابعد من ان يعطى إلى فقيه يخطئ ويصيب في قوله وفعله فقد جاء عن الإمام الرضا (ع) في وصف الإمامة انه قال : ﴿ ... ان الإمامة أجل قدرا وأعظم شأناً وأعلى مكانا وامنع جانبا وابعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم أو ينالوها بآرائهم أو يقيموا إماماً باختيارهم ان الإمامة خص الله بها إبراهيم الخليل (ع) بعد النبوة والخلة مرتبة ثالثة وفضيلة شرفه بها وأشاد بها ذكره ... ان الإمامة هي منزلة الأنبياء وارث الأوصياء ان الإمامة خلافة الله عز وجل وخلافة الرسول ومقام أمير المؤمنين وميراث الحسن والحسين عليهما السلام ... الإمام امين الله في ارضه وحجته على عباده وخليفته في بلاده الداعي إلى الله والذاب عن حرم الله الإمام المطهر من الذنوب المبرأ من العيوب مخصوص بالعلم مرسوم بالحلم نظام الدين وعز المسلمين وغيظ المنافقين وبوار الكافرين الإمام واحد دهره لا يدانيه أحد ولا يعادله عالم ولا يوجد منه بدل ولا له مثل ولا نظير مخصوص بالفعل كله من غير طلب منه له ولا اكتساب بل اختصاص من المفضل الوهاب فمن ذا الذي يبلغ معرفه الإمام ويمكنه اختياره ؟ ! هيهات هيهات ! ضلت العقول وتاهت الحلوم وحارت الألباب وحسرت العيون وتصاغرت العظماء وتحيرت الحكماء وتقاصرت الحلماء وحصرت الخطباء وجهلت الألباء وكلت الشعراء وعجزت الأدباء وعييت البلغاء عن وصف شأن من شأنه أو فضيله من فضائله فأقرت بالعجز والتقصير وكيف يوصف له أو ينعت بكنهه يفهم شيء من أمره أو يوجد من يقام مقامه ويغنى غناه لا كيف وانى وهو بحيت النجم من أيدي المتناولين ووصف الواصفين فأين الاختيار من هذا ؟ وأين العقول عن هذا ؟ وأين يوجد مثل هذا ؟ لأظنوا ان يوجد ذلك في غير آل الرسول (ص) ؟ كذبتهم والله أنفسهم ومنتهم الباطل فارتقوا مرتقى صعبا دحضا تزل عنه إلى الحضيض اقدامهم راموا اقامة الإمام بقول جائرة بائرة ناقصة وآراء مضلة فلم يزدادوا منه إلا بعدا ﴿ قاتلهم الله انى يؤفكون ﴾ لقد راموا صعبا وقالوا افكا ﴿ وضلوا ضلالاً بعيداً ﴾ ووقعوا في الحيرة إذ تركوا الإمام عن بصيرة ﴿ وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وما كانوا مستبصرين ﴾ ورغبوا عن اختيار الله واختيار رسوله إلى اختيارهم والقرآن يناديهم ﴿ وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون ﴾ وقال الله عز وجل : ﴿ وما كان لمؤمن ومؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ﴾ ... فكيف لهم باختيار الإمام ؟ ! ... - عيون أخبار الرضا ﴿ع﴾ - الشيخ الصدوق - ج 2 - ص 195 وما بعدها

    وبعد هذا البيان من امامنا الرضا (ع) فهل يُعقل ان يعطى لقب الإمام أو حجة الله على خلقه لغير المعصوم مهما بلغ من العلم والمعرفة بين الناس ؟؟!!
    بعد ما تقدم نحب أن نبين ان العلامة الحلي سار على ما سار عليه خاله المحقق فقال في الإجتهاد بنفس مقولة خاله وذهب إلى ما ذهب إليه المحقق من قبل فقال في تصويب المجتهد ما هذا نصه : ﴿ أن المصيب واحد ، وأن لله تعالى في كل واقعة حكماً معيناً ، وأن عليه دليلا ظاهرا لا قطعيا . والمخطئ بعد الإجتهاد غير مأثوم ، لأن كل واحد من المجتهدين ، إذا اعتقد رجحان أمارته ، كان أحد هذين الاعتقادين خطأ﴾﴿ مبادئ الوصول - العلامة الحلي - ص 244 – 245

    وقول العلامة هذا استنساخ لما ذهب إليه أبن قدامه كما تقدم﴿ - روضة الناظر – أبن قدامه – ج1 – ص383 ﴾ وهو قول الرازي سنة 575 هـ ﴿ - المحصول - الرازي - ج 6 - ص 35 – 36
    - مبادئ الوصول - العلامة الحلي - ص 246﴾ كما ذهب الرازي إلى القول : ﴿أن أحد المجتهدين إذا اعتقد رجحان الأمارة الدالة على الثبوت والمجتهد الثاني اعتقد رجحان الأمارة الدالة على العدم فنقول أحد هذين الاعتقادين خطأ﴾﴿ ﴾.
    ولا يخفى فإن أقوال الأصوليين من الإمامية ما هي إلا استنساخ لأقوال الأصوليين السُنة ويرد عليه بنفس ما يرد به على المحقق وقد ذكرنا الرد فيما سبق فراجع .
    إن العلامة الحلي بين مسألة غاية في الخطورة وهي مسألة تغير إجتهاد المجتهد وكذلك فإنه قد بين مسألة أخرى وهي مسألة نسيان المجتهد لدليله الأول وقبل أن نناقش هذا الكلام لنقرأ ما ذكره العلامة في تفسير الإجتهاد حيث قال ما هذا نصه : ﴿المجتهد : إذا أداه إجتهاده إلى حكم ثم تغير إجتهاده وجب الرجوع إلى الإجتهاد الثاني ويجب على المستفتي العمل بما أداه إجتهاده ثانيا وإذا أفتى غيره عن إجتهاد ثم سئل ثانيا عن تلك الحادثة فله الفتوى بالأول إن كان ذاكرا للإجتهاد الأول وإن كان ناسيا لزم الإجتهاد ثانيا على إشكال منشأه غلبة الظن بأن الطريق الذي أفتى به صالح لذلك الحكم ﴾﴿ - نفس المصدر السابق - ص 37﴾.
    وهذا القول أيضاً مشابه لما ذهب إليه الرازي في المحصول حيث قال : ﴿المجتهد إذا تغير إجتهاده ففيه بحثان الأول أن المجتهد كيف يعمل والثاني أن العامي الذي عمل بفتواه كيف يعمل ... إذا أفتى المجتهد بما أدى إليه إجتهاده ثم سئل ثانيا عن تلك الحادثة فإما أن يكون ذاكرا لطريق الإجتهاد الأول أو لا يكون فإن كان ذاكرا له فهو مجتهد وتجوز له الفتوى وإن نسيه لزمه أن يستأنف الإجتهاد فإن أداه إجتهاده إلى خلاف فتواه في الأول أفتى بما أداه إجتهاده إليه ثانيا ﴾﴿ - المحصول - الرازي - ج 6 - ص 64 - 69﴾.
    إن هذه المسائل التي ذكرها العلامة مما لا دليل عليها فكيف جاز في شرع الله ان يتغير قول المفتي بين حين وآخر وحلال الله واحد إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة فهل يقبل العقل والرب ان نتبع شخصا يتغير حكمة في مسألة واحدة عدة مرات !! وإذا كان كذلك فإن إتباعه يكون غير مبرئ للذمة بل ان الشخص قد يستفتي أحد الفقهاء بمسألة ثم يذهب ويعمل بفتيا الفقيه وهو لا يعلم ان الفقيه قد تغير حكمه في المسألة فهل يعقل ان تكون شريعة الله بيد عباده ويقولون هذا حلال وهذا حرام ثم تتغير المسألة بالكلية فينقلب الحرام حلالاً والحلال حراماً وقد تتغير في المستقبل بل قد يتغير الحكم عدة مرات وفي كل الأحوال لا يؤثم المجتهد كما يقول العلامة والمحقق من قبل !!
    فهل هذا الأمر يعقل وهل يعقل ان يتعبد المرئ بهكذا طريقة وأهل البيت (ع) قد بينوا بأن من حكم في أمر فيه اختلاف وزعم بانه مصيب كان حكمه كحكم الطاغوت فقد روي عن أبي جعفر (ع) قال : ﴿ ... فمن حكم بما ليس فيه اختلاف ، فحكمه من حكم الله عز وجل ، ومن حكم بأمر فيه اختلاف فرأى أنه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت﴾﴿ - الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 248 ﴾.
    إن كلام أهل البيت (ع) نور من نور الله عز وجل وبه يستضاء طريق السالكين إلى رضوان الله تعالى وقد بينوا سلام الله عليهم في أخبار كثيرة بأن حكم الله واحد في كل واقعة تقع بنا فإذا علمنا بأن هذا حكم الله على القطع فبه والا فالتوقف واجب فيما ليس عندنا علمه مصداقا لقوله تعالى : ﴿ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ...﴾﴿ ﴾.
    اما القول الزائد والتكلف فيما لا علم لنا به فقد نتج عنه اختلاف كثير بين الفقهاء حتى أصبح لكل مسألة ثلاثين قولاً أو ازيد وهذا مما لا يرضاه الله لعباده وقد ذم القرآن الاختلاف في الدين في أكثر من آية شريفة كما انه تعالى أسمه قد حذر هؤلاء المختلفين وتوعدهم بعذاب عظيم في قوله تعالى : ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾
    والآيات التي

    يتبع
    اَيْنَ بابُ اللهِ الَّذى مِنْهُ يُؤْتى

  • #2
    ذم الاختلاف في الدين كثيرة منها قوله تعالى : ﴿اِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإسلام وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآَيَاتِ اللَّهِ فإن اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾﴿ ﴾. وقوله تعالى : ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ...﴾﴿ ﴾.
    والآيات بهذا المعنى كثيرة والأحاديث متواترة بذم الاختلاف في دين الله فكيف جاز لنا الاختلاف والقول بأن المجتهد المخطئ لا يؤثم وهذا في حقيقة الأمر من دين المخالفين بل هو صلب دينهم ومعتقدهم كما بينا اوجه الشبه بين أقوال فقهاء الإمامية وفقهاء العامة وهذا مما لم يرد عليه شيء من أقوال الأئمة (ع) ووصاياهم .
    كما اننا حين نطالع احتجاجات الأصحاب نجد ان من أهم الطعون على مذاهب المخالفين هو اختلافهم في الشريعة اما بعد الغيبة بسنوات فلا نجد لهذه الاحتجاجات وجود في كتب العقائد الإمامية والسبب هو ان فقهاء الإمامية قد اختلفوا أكثر من خصومهم وأصبحت هذه من ميزات مذهب الإمامية أكثر من المذاهب الأخرى حتى الف الطوسي كتابه الخلاف وذكر بأن اختلافات فقهاء الإمامية تزيد عن اختلافات أبي حنيفة والشافعي ومالك وكتاب الطوسي هذا مكون من ستة اجزاء اما زمن العلامة الحلي فقد اشتد الاختلاف أكثر وأكثر حتى الف العلامة كتابه مختلف الشيعة وهو بتسعة اجزاء، ولو فرضنا بأن أحد الفقهاء المعاصرين أراد ان يؤلف كتابا يجمع فيه اختلاف الفتاوى لأصبح بمئات الاجزاء أو أكثر ان أراد ان يجمع فيه اختلافات الفقهاء الإمامية، فوالله ما هذا من دين جعفر (ع) في شيء ؟
    ومن الامور الأخرى التي طرحها العلامة هي شرائط الاستفتاء أي بمعنى كيف يستفتي العامي حيث قال : ﴿شرائط الإستفتاء الاتفاق على أنه لا يجوز أن يستفتي ، إلا من غلب على ظنه ، أنه من أهل الإجتهاد والورع ، بأن يراه منتصبا للفتوى بمشهد من الخلق وعلى أنه لا يجوز أن يسأل من يظنه غير عالم ولا متدين ويجب عليه الإجتهاد في معرفة الأعلم والأورع فإن استويا تخير في استفتاء من شاء منهما وإن ترجح أحدهما من كل وجه تعين العمل بالراجح وإن ترجح كل منهما على صاحبه بصفة فالأقوى الأخذ بقول أعلم﴾﴿ - مبادئ الوصول - العلامة الحلي - ص 247 – 249﴾.
    وهذا الكلام أيضاً استنساخ لما قاله الرازي في المحصول حيث قال ما هذا نصه : ﴿في شرائط الاستفتاء اتفقوا على أنه لا يجوز له الاستفتاء إلا إذا غلب على ظنه أن من يفتيه من أهل الإجتهاد ومن أهل الورع وذلك إنما يكون إذا رآه منتصبا للفتوى بمشهد الخلق ويرى اجتماع المسلمين على سؤاله واتفقوا على أنه لا يجوز للعامي أن يسأل من يظنه غير عالم ولا متدين وإنما وجب عليه ذلك لأنه بمنزلة نظر المجتهد في الأمارات ثم هاهنا بحث وهو أن أهل الإجتهاد إذا أفتوه فإن اتفقوا على فتوى لزم المصير إليها وإن اختلفوا فقال قوم وجب عليه الإجتهاد في أعلمهم وأورعهم لأن ذلك طريق قوة ظنه يجري مجرى قوة ظن المجتهد﴾﴿ - المحصول - الرازي - ج 6 - ص 69

    ويرد على العلامة ان العمل وفق الظنون مردود في شريعة الله كما ان المستفتي إذا كانت له القدرة على معرفة الأعلم فهو بطبيعة الحال ليس بحاجة إلى فتوى أي من الفقيهين لأنه أعلم منهما لأنه قادر على تحديد الأعلم من بين الاثنين وإذا فرضنا ان الفقيهين تساويا بالأعلمية وأفتى كل واحد منهم بعكس الآخر فهل في هذه الحالة للمستفتي ان يتخير بين الفتوتين ؟؟!! هذا ما يقوله العلامة ولا دليل على قوله في شريعة الله إلا رأيه الشخصي والرأي باطل في دين الله .
    والحق ان المستفتي يجب ان ياخذ فتواه بالدليل القطعي الوارد عن أئمة أهل البيت (ع) وان يدع قول المتكلفين في شريعة الله دون علم أي ان يدع قول من لا يَقفُ بما ليس له علم وهذا مما ذكرناه وقد اطبقت الأحاديث عليه .
    ومن عجائب الأقوال في هذا المقام هو ما ذكره العلامة في قوله : ﴿ إذا أفتى غير المجتهد ، بما يحكيه عن المجتهد ، فإن كان يحكي عن ميت ، لم يجز الأخذ بقوله ، إذ لا قول للميت﴾﴿ - مبادئ الوصول - العلامة الحلي - ص 248 – 249﴾.
    وهذا الكلام أيضاً ماخوذ من كلام الرازي حيث قال : ﴿لا يخلوا إما أن يحكى عن ميت أو عن حي فاحكي لأنه عن ميت لم يجز الأخذ بقوله لأنه لا قول للميت بدليل أن الإجماع لا ينعقد مع خلافه حيا وينعقد مع موته وهذا يدل على أنه لم يبق له قول بعد موته ﴾﴿ - المحصول - الرازي - ج 6 - ص 71﴾.
    ويرد على هذا الكلام بأن حجية الفتوى لا تتغير بتغير حال الفقيه أي في حياته وموته لأن حكم الله واحد ولا يموت حكم الله بموت الفقيه إذا كان الفقيه افتى وفق أخبار أهل البيت (ع) أما إذا افتى الفقيه وفق قواعد المخالفين وقوانينهم فكلامه مردود في حياته وموته .
    وقبل أن ننتقل إلى موضوع آخر نحب أن نبين مسألة غاية في الخطورة بعد أن تبين لنا بأن ما نقله فقهاء الإمامية في كتبهم الأصولية هو استنساخ لأصول المخالفين وقد تبين لنا ذلك حين راجعنا كتب الأصوليين من الطرفين ولم يكن هذا الاستنساخ قول شخصي لرجل واحد من الإمامية بل أصبح وبمرور الزمن من الأصول الثابتة عند الإمامية خصوصاً في المدارس الأصولية وقد يخفى على الكثير من محبي أهل البيت (ع) هذا الأمر علما باننا مامورون بالتمسك بأقوال أهل بيت العصمة (ع) ولا نتعدى أقوالهم إلى أقوال المخالفين والأكثر من ذلك فإننا قد أُمرنا بمخالفة العامة وقد نصت الأخبار بأن في خلافهم الحق فكيف جاز لنا استنساخ أقوالهم بل حتى امثلتهم التي طرحوها لنزجها بين الإمامية والإمامية بطبيعة الحال مصدقون لما يسمعون ويقرأون لحسن ظنهم بصاحب الكلام والكتاب .
    إن الأخبار الدالة على التمسك باثار الأئمة (ع) وعدم الأخذ بأقوال المخالفين بل ومخالفة أقوالهم كثيرة جداً منها ما روي عن المفضل بن عمر قال : قال الصادق (ع): ﴿كذب من زعم أنه من شيعتنا، وهو متمسك بعروة غيرنا ﴾﴿ وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 117
    ﴾. وجاء عن علي بن سويد السايي قال: كتب إلي أبو الحسن (ع) وهو في السجن: ﴿وأما ما ذكرت يا علي ممن تأخذ معالم دينك، لا تأخذن معالم دينك عن غير شيعتنا، فإنك إن تعديتهم أخذت دينك عن الخائنين، الذين خانوا الله ورسوله وخانوا أماناتهم، إنهم ائتمنوا على كتاب الله، فحرفوه وبدلوه فعليهم لعنة الله ولعنة رسوله ولعنة ملائكته، ولعنة آبائي الكرام البررة ولعنتي ولعنة شيعتي إلى يوم القيامة﴾﴿ نفس المصدر السابق - ص 150
    وجاء عن الحسين بن خالد، عن الرضا(ع) قال: ﴿شيعتنا المسلمون لأمرنا، الآخذون بقولنا، المخالفون لأعدائنا، فمن لم يكن كذلك فليس منا﴾﴿ - نفس المصدر السابق - ص 117
    وجاء أيضاً عن علي بن أسباط قال : قلت للرضا (ع): يحدث الأمر لا أجد بدا من معرفته ، وليس في البلد الذي أنا فيه أحد أستفتيه من مواليك، قال: فقال: ﴿ائت فقيه البلد فاستفته من أمرك فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه فإن الحق فيه ﴾﴿ وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 115 – 116﴾﴾.
    اما العلة في مخالفة العامة فنلمسها مما روي عن أبي إسحاق الأرجاني رفعه قال : قال أبو عبد الله (ع): ﴿أتدري لم أمرتم بالأخذ بخلاف ما تقول العامة ؟ فقلت : لا أدري فقال : إن عليا (ع) لم يكن يدين الله بدين ، إلا خالفت عليه الأمة إلى غيره ، إرادة لابطال أمره ، وكانوا يسألون أمير المؤمنين (ع) عن الشيء الذي لا يعلمونه ، فإذا أفتاهم ، جعلوا له ضدا من عندهم ، ليلبسوا على الناس ﴾﴿ نفس المصدر السابق - ص 116

    والأخبار بهذا المعنى كثيرة جداً قد رواها أصحاب الحديث وبهذه المعاني يتبين لنا الأوامر الدالة على عدم الأخذ بقول من خالف الأئمة (ع) بل ان المخالف لهذه الأوامر المعصومة قد خالف أهل البيت (ع) وأهل البيت منه براء .
    إن الكلمات التي ذكرها العلامة الحلي كثيرة جداً لا يسعنا ذكرها تفصيلا فقد قال بالإجماع وذكر قواعده كما ذكرها من سبقه وقد بينا بطلانه إلا أن العلامة الحلي حين تعرض لمسألة القياس بدا باستعمال التأويل وتغيير الأسماء والألفاظ وقال بأن عدد من أنواع القياس ليست بالقياس، على ان من سبقه من فقهاء الإمامية قد اعترف بانها من القياس وقد ذكرنا ذلك بل ان المخالفين يعدون هذه الأنواع التي قال العلامة بانها ليست من القياس من الأنواع الرئيسية للقياس وقد قام العلامة بتغير أسم قياس الاولوية إلى قاعدة ﴿إلحاق المسكوت عنه بالمنطوق﴾ حيث قال ما هذا نصه : ﴿إلحاق المسكوت عنه بالمنطوق ، قد يكون جليا كتحريم الضرب المستفاد من تحريم التأفيف ، وذلك ليس من باب القياس . لأن شرط هذا ، كون المعنى المسكوت عنه ، أولى بالحكم من المنصوص عليه ، بخلاف القياس ، بل هو من باب المفهوم﴾﴿ مبادئ الوصول - العلامة الحلي - ص218
    ﴾. ﴾.
    وذكر بعد ذلك قياس منصوص العلة وسماه بـ ﴿الحكم المنصوص على علته﴾ وذكر ما هذا نصه : ﴿ الحكم المنصوص على علته " الأقرب عندي: أن الحكم المنصوص على علته ، متعد إلى كل ما علم ثبوت تلك العلة فيه، بالنص لا بالقياس. لأن قوله: حرمت الخمر لكونه مسكرا ، ينزل منزلة قوله: حرمت كل مسكر. لأن مجرد الاسكار: إن كان هو العلة، لزم وجود المعلول معه أينما تحقق، وإلا ! ! لم يكن علة . وإن كانت العلة، إنما هي الاسكار المقيد بالخمرية، لم يكن ما فرضنا علة بل جزء العلة ، [ و ] هذا خلف. والنص على العلة: قد يكون صريحا، كقوله: لعلة كذا أو لأجل كذا، أو لسبب كذا . . وقد يكون ظاهرا، كقوله: لكذا، أو بكذا، أو يأتي بحرف أن ، كقوله " إنها من الطوافين عليكم "، أو بالباء كقوله تعالى: " فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم " - نفس المصدر السابق – ص 219
    .
    إننا هنا لسنا في معرض النقاش عن حجية هذه الأنواع من عدمها فقد فصلنا مبحثاً كاملاً للقياس سياتينا بيانه إلا إنه ما يهمنا الآن هو بيان ظاهرة تغيير الأسماء وتأويلها وهذه الظاهرة سببها الرئيسي يكمن في تحصيل الجو الملائم لنقل قواعد المخالفين وأصولهم الفقهية إلى ساحة الإمامية علما بأن الإمامية كانوا يشمأزون من تلك القواعد والألفاظ لتواتر الأخبار بالمنع من استخدام قواعد المخالفين وأصولهم ولكي يحصل هذا الجو الهادئ لزم على الناقلين لتلك القواعد بذل الجهد واستفراغ الوسع في تغيير أسمائها بقدر المستطاع اضافة إلى تأطيرها باطار شرعي مما عليه ظواهر بعض الألفاظ في النصوص الواردة وكما فعل المخالفين من قبل فإن المطلع على مصنفات المخالفين يجدهم قد استدلوا على قواعدهم بجملة من الأخبار والآيات الكريمة والتي هي بحد زعمهم داعمة لأصولهم وقواعدهم الموضوعة .
    إن مسألة وضع الأدلة على الأقوال المزعومة ليست بالمسألة الجبارة فلو لاحظنا قياس إبليس ﴿عليه اللعنة﴾ لوجدناه قد قام بتقديم دليله على قياسه فقد ذكر الله تعالى في كتابه قول إبليس ﴿عليه اللعنة﴾ : ﴿قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾.
    فقاس قياس اولوية بينه وبين ادم (ع) إلا أن السؤال هو هل كان دليله ناهض بمرضاة الله تعالى ام لاقى من سخط الجبار ما جعله اسفل السافلين ؟
    إننا حين نقول بأن هذا أصل أو هذه قاعدة يجب علينا تقديم الدليل الرصين لقولنا هذا وهذا الدليل لا يكون صادرا إلا من لسانا معصوم عن الخطأ لا ان نأتي بآية ونفسرها وفق عقولنا القاصرة أو ناتي بحديث فناخذ منه ما يفيدنا أو يخدم دليلنا ان هذه الطرق قد استخدمها المخالفون لمنهج أهل البيت (ع) فما كان موقف الأئمة (ع) منهم ؟
    الى هنا نكون قد بينا موجز بسيط لما حظيت به حقبة العلامة الحلي بين طياتها من الأقوال والقواعد التي ظهرت في تلك الفترة وقد يتبادر إلى ذهن القارئ اننا في محل الاساءة إلى فقهاء تلك العصور إلا إننا لا نقول بذلك أبداً إن ما يعنينا فقط مطابقة الأقوال بين الفقهاء من جهة وبين ما هو عليه ثابت الأخبار المتواترة عن أصحاب العصمة (ع) من جهة أخرى وكل إنسان لم يبلغ درجة العصمة فهو معرض للخطأ والغلط وليس علينا حسابه ولكن الذي علينا فعله هو إتباع أقوال المعصومون (ع) فَهُم الحصن الحصين والملاذ الامين .
    اَيْنَ بابُ اللهِ الَّذى مِنْهُ يُؤْتى

    تعليق

    يعمل...
    X