منقول من كتاب سقيفة الغيبة المستوحى من فكر السيد القحطاني
مناقشة الدليل الروائي السادس :
وردت طائفة من الروايات فيها اشارة إلى الرجوع إلى اشخاص يحددهم المعصوم (ع) بالنص كالسفير العمري وأبي بصير ويونس بن عبد الرحمان والحارث بن المغيرة النضري وزكريا بن آدم القمي وزرارة أبن اعين وغيرهم حيث جاء ذكرهم في جملة من الروايات منها :
1- عن أحمد بن إسحاق، عن أبي الحسن (ع)، قال سألته وقلت: ï´؟ من أعامل أو عمن آخذ وقول من أقبل ؟ فقال له: العمري ثقتي، فما أدى إليك عني فعني يؤدي، وما قال لك عني فعني يقول، فأسمع له وأطع، فإنه الثقة المأمون. وأخبرني أبو علي أنه سأل أبا محمد (ع) عن مثل ذلك، فقال له: العمري وابنه ثقتان . فما أديا إليك عني فعني يؤديان، وما قالا لك فعني يقولان ، فأسمع لهما وأطعهما ، فإنهما الثقتان المأمونان . . .الكافي 1 / 329 ، كتاب الحجة ، باب في تسمية من رآه ، الحديث 1 ; والوسائل 18 / 99 ، الباب 11 من أبواب صفات القاضي ، الحديث 4
2- ومنها ما رواه الكشي بسنده ، عن شعيب العقرقوفي ، قال : ï´؟ قلت لأبي عبد الله (ع)، ربما احتجنا أن نسأل عن الشيء، فمن نسأل ؟ قال: " عليك بالأسدي، يعني أبا بصير . - وسائل الشيعة – الحر العاملي -ج18 -ص105
-
.
3- ومنها ما رواه أيضاً عن يونس بن يعقوب، قال: ï´؟ كنا عند أبي عبد الله (ع) فقال: " أما لكم من مفزع ؟ أما لكم من مستراح تستريحون إليه ؟ ما يمنعكم من الحارث بن المغيرة النضري ؟ "المصدر السابق ..
4- ومنها ما روي عن على بن المسيب الهمداني ، قال : قلت للرضا (ع): ï´؟ شقتي بعيدة ولست أصل إليك في كل وقت ، فممن آخذ معالم ديني ؟ قال : ï´؟ من زكريا بن آدم القمي المأمون على الدين والدنيا . " قال على بن المسيب : فلما انصرفت قدمنا على زكريا بن آدم فسألته عما احتجت إليهï´¾ï´؟المصدر السابق . ï´¾ .
5- ومنها ما رواي عن عبد العزيز بن المهتدي قال : ï´؟ سألت الرضا (ع) فقلت: إني لا ألقاك في كل وقت ، فممن آخذ معالم ديني ؟ فقال: " خذ عن يونس بن عبد الرحمان . "المصدر السابق . .
أستدل الفقهاء بهذه الطائفة من الروايات على مسألة التقليد والرجوع للفقهاء لأخذ معالم الدين وهذا الاستدلال فيه ألتباس فلا يخفى بأن هؤلاء الثقاة ممن نص عليهم الأئمة (ع) بالأسم ولا يخفى أيضاً ان هذا النص يُعد توثيقاً من الأئمة (ع) لهؤلاء الأصحاب رضي الله عنهم وارضاهم مع ملاحظة بأن هنالك العديد من الفقهاء في البلاد الإسلامية في ذلك الزمان ولكن السائل أراد النص في ذلك من الإمام (ع) حتى يكون عمله الذي يبنه على ما يسمعه من هؤلاء الأصحاب صحيح، وهذا من جهة ومن جهة أخرى نلاحظ بأن السائل لم يكتفِ بما جاء من شيوع الأمة في عدالة كلا من يونس بن عبد الرحمن وأبي بصير وحتى العمري الذي لم يختلف اثنان في وثاقته كما نقل المؤرخون، ولكننا نرى السائل قد ركز على النص من المعصوم (ع) في عدالة من يرجع إليه الناس في دينهم وهذا بحد ذاته وكالة عن المعصوم (ع) لهؤلاء الأصحاب قد أعطاها الأئمة (ع) لهم لشدة وثاقتهم وعظيم أمانتهم فكل ما يقولوه من الأحكام قاله المعصوم (ع) فَهُم خاصة الأئمة ونوابهم فكيف يتم الاستدلال بهذه الطائفة من الروايات على مسألة التقليد لغير المعصوم.
الحقيقة ان مسألة الرجوع لهؤلاء الأصحاب لا يُعد تقليداً لهم ولم يرد في ذلك خبر صريح فما هم الا رواة عن المعصوم (ع) ينقلون ما قاله المعصوم للناس فَهُم – أي الأصحاب - والسامعين منهم مقلدين للمعصوم، فكيف يمكن للمعصوم أن يحث الناس على تقليد أصحابه مع وجوده بين الناس فما هي علة وجود الحجة إذا رجع الناس لأصحابه ولم يرجعوا إليه، إلا إذا كان الأصحاب هم مجرد ناقلين لكلام المعصوم وهذه هي الحقيقة.
اضف إلى ذلك أن هؤلاء الأصحاب لم يجتهدوا أصلاً فيما يعطونه للناس من معالم دينهم كما فعل المتأخرون وليس لهم ان يجتهدوا وقد مُنعوا من ذلك في أكثر من رواية كما تقدم في بحث الإجتهاد وبهذا يكون النص عليهم قد صدر لعلة أمانتهم على حلال الله وحرامه وإذا كان الرجوع عشوائياً أي بلا نص وحسب توفر شروط الفقاهة التي أبتدعها المتأخرون والتي لم تُذكر في كتب الحديث بقول مُعتبر عن إمام المعصوم كان من السهل أن يطبق الموالين ما جاء في وصايا الأئمة (ع) فإن طابق الشروط أحد الفقهاء رجعوا إليه لأخذ معالم الدين، وهذا مما لم يأتِ به نص مُعتبر وهو خلاف لما يتصور البعض من الرجوع إلى مطلق الرواة أو الأصحاب، بل كان التحديد صريح في الروايات لاشخاص معينين كيونس وأبو بصير وغيرهم والعلة في هذا التحديد لا تخفى على كل ذي لب لأن الناس بطبيعتهم البشرية لا يمكنهم الاطلاع على سرائر الخلق ولا يمكنه ذلك الا المعصوم (ع) فهو الذي يشخص للموالين من يكون أهلاً للسؤال ومحلاً للائتمان على حلال الله وحرامه، فلا يقول برأيه ولا ينظر بإجتهاده وهنالك أمور أخرى تتعلق أغلبها بالنفس وهواها ليس باستطاعة الناس الاطلاع عليها فلعل الناس قد يغرهم من يتماوت في منطقه ويتخاضع في حركاته فيقولون هو ذا الامين المؤتمن ويغرهم بما يشاهدون من جمال الظاهر، ولو اطلعوا عليه لولوا منه فراراً فقد جاء ما يؤكد هذا المعنى عن الإمام الرضا (ع) قال: قال علي بن الحسين (ع): ï´؟إذا رأيتم الرجل قد حسن سمته وهديه وتماوت في منطقه وتخاضع في حركاته فرويداً لا يغرنكم فما أكثر من يعجزه تناول الدنيا وركوب المحارم منها لضعف نيته ومهانته وجبن قلبه فينصب الدين فحاله فهو لا يزال يختل الناس بظاهره فإن تمكن من حرام اقتحمه ، فإذا وجدتموه يعف عن الحرام فرويداً لا يغرنكم فإن شهوات الخلق مختلفة فما أكثر من ينبو عن المال الحرام وإن كثر ويحمل نفسه على شوهاء قبيحة فيأتي منها محرما ، فإذا وجدتموه يعف عن ذلك فرويداً لا يغرنكم حتى تنظروا ما عقله فما أكثر من ترك ذلك أجمع ثم لا يرجع إلى عقل متين فيكون ما يفسده بجهله أكثر من ما يصلحه بعقله فإذا وجدتم عقله متينا فرويداً لا يغرنكم حتى تنظروا مع هواه يكون على عقله أم يكون مع عقله على هواه وكيف محبته للرياسات الباطلة وزهده فيها فإن في الناس من خسر الدنيا والآخرة يترك الدنيا للدنيا ويرى أن لذة الرياسة الباطلة أفضل من لذة الأموال والنعم المباحة المحللة فيترك ذلك أجمع طلبا للرياسة حتى ï´؟إِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ï´¾ فهو يخبط خبط عشواء يقوده أول باطل إلى أبعد غايات الخسارة ويمده ربه بعد طلبه لما لا يقدر عليه في طغيانه فهو يحل ما حرم الله تعالى ويحرم ما أحل الله لا يبالي بما فات من دينه ... - الحدائق الناضرة - المحقق البحراني - ج 10 - ص 58 - 59ï´¾.
فمن البديهيات أن هذه الامور لا يطلع عليها إلا المعصوم (ع) فلعل الذي لا يجوز إتباعه يغرنا بحركاته وتصرفاته فنقول ان هذا الثقة المأمون فنتبعه وما هو إلا الخائن الكذوب فيكون إتباعه إتباعاً للشيطان ومن هنا نفهم تركيز الأئمة (ع) على النص فيمن ينصبوه أهلاً لافتاء الناس وتعليمهم معالم دينهم كالعمري وأبي بصير وغيرهم وهؤلاء كما لا يخفى سفراء الأئمة (ع) ونوابهم فلا يجوز لهم الإجتهاد والاختلاف في الآراء والفتاوى فيما بينهم بل تجدهم متفقين على شيء واحد قد قاله المعصوم (ع) وليس كما يحدث الآن بين الفقهاء فلا تجد اثنين منهم متفقين في مسائلهم فإن الخلاف اشهر من ان يخفى على الناس فهل كان أبو بصير يخالف زرارة في الرأي ام كان أحدهم يفتي بخلاف ما يفتي صاحبه وهذا الفارق قد أقره الفقهاء المعاصرين قبل غيرهم فقد صرح السيد الخميني عن ذلك قائلاً : ï´؟إن هذا الاختلاف الكثير الذي نشاهده بين الفقهاء في الفتوى ، لا أظن وجوده في عصر الأئمة ï´؟عليهم السلام﴾﴾ï´؟ - الاجتهاد والتقليد - السيد الخميني - ص 79 - 82 ï´¾.
وهذا تصريح باختلاف العصور فالذي يجوز في ذلك العصر قد أختلف جوازه في هذا العصر بناءاً على اختلاف الفقهاء في الرأي وهذا الاختلاف لم يكن موجوداً في عصور الأئمة (ع) بين الأصحاب الذي أجاز الأئمة (ع) الرجوع لهم بالنص على بعضهم وليس كلهم.
وبهذا نكون قد أنتهينا من مناقشة الأدلة الروائية التي قدمها فقهاء الإمامية محتجين بها على مسألة وجوب التقليد، وقد بينا بعدها الاستدلالي على وجوب التقليد وتم نقاش ما استدل به الفقهاء سندا ومتناً معتنين بذلك بأقوال الفقهاء أنفسهم في مسألة قبول الروايات من جهة السند فإذا كان الفقهاء قد اعتبروا صحة السند في أبواب الطهارة والنجاسة واجبة فيكون لزاماً عليهم اعتبارها في باب التقليد كذلك وإلا يكون مثلهم كمثل الذي يكيل بمكيالين فتارة يقبل وتارة يرفض فأما أن يتقيد الفقهاء بما جاء في القواعد الرجالية التي اقروها واما يذروا تلك القواعد فالقاعدة ثابتة بتغير المعطيات ولا يمكن للقواعد ان تتغير بتغير الموضوع وإلا ما فائدة من تسميتها بالقاعدة .
مناقشة الدليل الروائي السادس :
وردت طائفة من الروايات فيها اشارة إلى الرجوع إلى اشخاص يحددهم المعصوم (ع) بالنص كالسفير العمري وأبي بصير ويونس بن عبد الرحمان والحارث بن المغيرة النضري وزكريا بن آدم القمي وزرارة أبن اعين وغيرهم حيث جاء ذكرهم في جملة من الروايات منها :
1- عن أحمد بن إسحاق، عن أبي الحسن (ع)، قال سألته وقلت: ï´؟ من أعامل أو عمن آخذ وقول من أقبل ؟ فقال له: العمري ثقتي، فما أدى إليك عني فعني يؤدي، وما قال لك عني فعني يقول، فأسمع له وأطع، فإنه الثقة المأمون. وأخبرني أبو علي أنه سأل أبا محمد (ع) عن مثل ذلك، فقال له: العمري وابنه ثقتان . فما أديا إليك عني فعني يؤديان، وما قالا لك فعني يقولان ، فأسمع لهما وأطعهما ، فإنهما الثقتان المأمونان . . .الكافي 1 / 329 ، كتاب الحجة ، باب في تسمية من رآه ، الحديث 1 ; والوسائل 18 / 99 ، الباب 11 من أبواب صفات القاضي ، الحديث 4
2- ومنها ما رواه الكشي بسنده ، عن شعيب العقرقوفي ، قال : ï´؟ قلت لأبي عبد الله (ع)، ربما احتجنا أن نسأل عن الشيء، فمن نسأل ؟ قال: " عليك بالأسدي، يعني أبا بصير . - وسائل الشيعة – الحر العاملي -ج18 -ص105
-
.
3- ومنها ما رواه أيضاً عن يونس بن يعقوب، قال: ï´؟ كنا عند أبي عبد الله (ع) فقال: " أما لكم من مفزع ؟ أما لكم من مستراح تستريحون إليه ؟ ما يمنعكم من الحارث بن المغيرة النضري ؟ "المصدر السابق ..
4- ومنها ما روي عن على بن المسيب الهمداني ، قال : قلت للرضا (ع): ï´؟ شقتي بعيدة ولست أصل إليك في كل وقت ، فممن آخذ معالم ديني ؟ قال : ï´؟ من زكريا بن آدم القمي المأمون على الدين والدنيا . " قال على بن المسيب : فلما انصرفت قدمنا على زكريا بن آدم فسألته عما احتجت إليهï´¾ï´؟المصدر السابق . ï´¾ .
5- ومنها ما رواي عن عبد العزيز بن المهتدي قال : ï´؟ سألت الرضا (ع) فقلت: إني لا ألقاك في كل وقت ، فممن آخذ معالم ديني ؟ فقال: " خذ عن يونس بن عبد الرحمان . "المصدر السابق . .
أستدل الفقهاء بهذه الطائفة من الروايات على مسألة التقليد والرجوع للفقهاء لأخذ معالم الدين وهذا الاستدلال فيه ألتباس فلا يخفى بأن هؤلاء الثقاة ممن نص عليهم الأئمة (ع) بالأسم ولا يخفى أيضاً ان هذا النص يُعد توثيقاً من الأئمة (ع) لهؤلاء الأصحاب رضي الله عنهم وارضاهم مع ملاحظة بأن هنالك العديد من الفقهاء في البلاد الإسلامية في ذلك الزمان ولكن السائل أراد النص في ذلك من الإمام (ع) حتى يكون عمله الذي يبنه على ما يسمعه من هؤلاء الأصحاب صحيح، وهذا من جهة ومن جهة أخرى نلاحظ بأن السائل لم يكتفِ بما جاء من شيوع الأمة في عدالة كلا من يونس بن عبد الرحمن وأبي بصير وحتى العمري الذي لم يختلف اثنان في وثاقته كما نقل المؤرخون، ولكننا نرى السائل قد ركز على النص من المعصوم (ع) في عدالة من يرجع إليه الناس في دينهم وهذا بحد ذاته وكالة عن المعصوم (ع) لهؤلاء الأصحاب قد أعطاها الأئمة (ع) لهم لشدة وثاقتهم وعظيم أمانتهم فكل ما يقولوه من الأحكام قاله المعصوم (ع) فَهُم خاصة الأئمة ونوابهم فكيف يتم الاستدلال بهذه الطائفة من الروايات على مسألة التقليد لغير المعصوم.
الحقيقة ان مسألة الرجوع لهؤلاء الأصحاب لا يُعد تقليداً لهم ولم يرد في ذلك خبر صريح فما هم الا رواة عن المعصوم (ع) ينقلون ما قاله المعصوم للناس فَهُم – أي الأصحاب - والسامعين منهم مقلدين للمعصوم، فكيف يمكن للمعصوم أن يحث الناس على تقليد أصحابه مع وجوده بين الناس فما هي علة وجود الحجة إذا رجع الناس لأصحابه ولم يرجعوا إليه، إلا إذا كان الأصحاب هم مجرد ناقلين لكلام المعصوم وهذه هي الحقيقة.
اضف إلى ذلك أن هؤلاء الأصحاب لم يجتهدوا أصلاً فيما يعطونه للناس من معالم دينهم كما فعل المتأخرون وليس لهم ان يجتهدوا وقد مُنعوا من ذلك في أكثر من رواية كما تقدم في بحث الإجتهاد وبهذا يكون النص عليهم قد صدر لعلة أمانتهم على حلال الله وحرامه وإذا كان الرجوع عشوائياً أي بلا نص وحسب توفر شروط الفقاهة التي أبتدعها المتأخرون والتي لم تُذكر في كتب الحديث بقول مُعتبر عن إمام المعصوم كان من السهل أن يطبق الموالين ما جاء في وصايا الأئمة (ع) فإن طابق الشروط أحد الفقهاء رجعوا إليه لأخذ معالم الدين، وهذا مما لم يأتِ به نص مُعتبر وهو خلاف لما يتصور البعض من الرجوع إلى مطلق الرواة أو الأصحاب، بل كان التحديد صريح في الروايات لاشخاص معينين كيونس وأبو بصير وغيرهم والعلة في هذا التحديد لا تخفى على كل ذي لب لأن الناس بطبيعتهم البشرية لا يمكنهم الاطلاع على سرائر الخلق ولا يمكنه ذلك الا المعصوم (ع) فهو الذي يشخص للموالين من يكون أهلاً للسؤال ومحلاً للائتمان على حلال الله وحرامه، فلا يقول برأيه ولا ينظر بإجتهاده وهنالك أمور أخرى تتعلق أغلبها بالنفس وهواها ليس باستطاعة الناس الاطلاع عليها فلعل الناس قد يغرهم من يتماوت في منطقه ويتخاضع في حركاته فيقولون هو ذا الامين المؤتمن ويغرهم بما يشاهدون من جمال الظاهر، ولو اطلعوا عليه لولوا منه فراراً فقد جاء ما يؤكد هذا المعنى عن الإمام الرضا (ع) قال: قال علي بن الحسين (ع): ï´؟إذا رأيتم الرجل قد حسن سمته وهديه وتماوت في منطقه وتخاضع في حركاته فرويداً لا يغرنكم فما أكثر من يعجزه تناول الدنيا وركوب المحارم منها لضعف نيته ومهانته وجبن قلبه فينصب الدين فحاله فهو لا يزال يختل الناس بظاهره فإن تمكن من حرام اقتحمه ، فإذا وجدتموه يعف عن الحرام فرويداً لا يغرنكم فإن شهوات الخلق مختلفة فما أكثر من ينبو عن المال الحرام وإن كثر ويحمل نفسه على شوهاء قبيحة فيأتي منها محرما ، فإذا وجدتموه يعف عن ذلك فرويداً لا يغرنكم حتى تنظروا ما عقله فما أكثر من ترك ذلك أجمع ثم لا يرجع إلى عقل متين فيكون ما يفسده بجهله أكثر من ما يصلحه بعقله فإذا وجدتم عقله متينا فرويداً لا يغرنكم حتى تنظروا مع هواه يكون على عقله أم يكون مع عقله على هواه وكيف محبته للرياسات الباطلة وزهده فيها فإن في الناس من خسر الدنيا والآخرة يترك الدنيا للدنيا ويرى أن لذة الرياسة الباطلة أفضل من لذة الأموال والنعم المباحة المحللة فيترك ذلك أجمع طلبا للرياسة حتى ï´؟إِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ï´¾ فهو يخبط خبط عشواء يقوده أول باطل إلى أبعد غايات الخسارة ويمده ربه بعد طلبه لما لا يقدر عليه في طغيانه فهو يحل ما حرم الله تعالى ويحرم ما أحل الله لا يبالي بما فات من دينه ... - الحدائق الناضرة - المحقق البحراني - ج 10 - ص 58 - 59ï´¾.
فمن البديهيات أن هذه الامور لا يطلع عليها إلا المعصوم (ع) فلعل الذي لا يجوز إتباعه يغرنا بحركاته وتصرفاته فنقول ان هذا الثقة المأمون فنتبعه وما هو إلا الخائن الكذوب فيكون إتباعه إتباعاً للشيطان ومن هنا نفهم تركيز الأئمة (ع) على النص فيمن ينصبوه أهلاً لافتاء الناس وتعليمهم معالم دينهم كالعمري وأبي بصير وغيرهم وهؤلاء كما لا يخفى سفراء الأئمة (ع) ونوابهم فلا يجوز لهم الإجتهاد والاختلاف في الآراء والفتاوى فيما بينهم بل تجدهم متفقين على شيء واحد قد قاله المعصوم (ع) وليس كما يحدث الآن بين الفقهاء فلا تجد اثنين منهم متفقين في مسائلهم فإن الخلاف اشهر من ان يخفى على الناس فهل كان أبو بصير يخالف زرارة في الرأي ام كان أحدهم يفتي بخلاف ما يفتي صاحبه وهذا الفارق قد أقره الفقهاء المعاصرين قبل غيرهم فقد صرح السيد الخميني عن ذلك قائلاً : ï´؟إن هذا الاختلاف الكثير الذي نشاهده بين الفقهاء في الفتوى ، لا أظن وجوده في عصر الأئمة ï´؟عليهم السلام﴾﴾ï´؟ - الاجتهاد والتقليد - السيد الخميني - ص 79 - 82 ï´¾.
وهذا تصريح باختلاف العصور فالذي يجوز في ذلك العصر قد أختلف جوازه في هذا العصر بناءاً على اختلاف الفقهاء في الرأي وهذا الاختلاف لم يكن موجوداً في عصور الأئمة (ع) بين الأصحاب الذي أجاز الأئمة (ع) الرجوع لهم بالنص على بعضهم وليس كلهم.
وبهذا نكون قد أنتهينا من مناقشة الأدلة الروائية التي قدمها فقهاء الإمامية محتجين بها على مسألة وجوب التقليد، وقد بينا بعدها الاستدلالي على وجوب التقليد وتم نقاش ما استدل به الفقهاء سندا ومتناً معتنين بذلك بأقوال الفقهاء أنفسهم في مسألة قبول الروايات من جهة السند فإذا كان الفقهاء قد اعتبروا صحة السند في أبواب الطهارة والنجاسة واجبة فيكون لزاماً عليهم اعتبارها في باب التقليد كذلك وإلا يكون مثلهم كمثل الذي يكيل بمكيالين فتارة يقبل وتارة يرفض فأما أن يتقيد الفقهاء بما جاء في القواعد الرجالية التي اقروها واما يذروا تلك القواعد فالقاعدة ثابتة بتغير المعطيات ولا يمكن للقواعد ان تتغير بتغير الموضوع وإلا ما فائدة من تسميتها بالقاعدة .
تعليق