إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفهوم أهل البيت في القرآن (الموسوعة القرآنية للسيد القحطاني )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفهوم أهل البيت في القرآن (الموسوعة القرآنية للسيد القحطاني )

    من موسوعة السيد القحطاني القرآنية - الجزء الثاني
    قد يتصور البعض بأن مفهوم اهل البيت ( عليهم السلام ) يمكن أن يكون مفهوم شامل ومطلق ويمكن تعميمه على الكثير ، ولاجل أن لاتختلط الامور على الجميع ارتأيت نشر هذه العلوم الجمة والمفيدة الموجودة في الموسوعة القرآنية للسيد القحطاني عند اقتنائي لهذه الموسوعة من الاسواق والقيام بنشر موضوع ( مفهوم أهل البيت ) وهي من أفكار السيد القحطاني لاجل الاحاطة بكل تفاصيله وعلى شكل حلقات بأذن الله تعالى خدمة للأمام المهدي( ارواحنا لتراب مقدمه الفداء ) .


    الحلقة الاولى
    مفهوم أهل البيت في القران

    أهل البيت هذا المفهوم القديم بقدم بيت الله الحرام والمرتبط به ارتباطاً وثيقاً تعارف اليوم إطلاقه على الأربعة عشر المعصومين الخمسة أصحاب الكساء والتسعة من ولد الحسين (عليهم السلام أجمعين) وهذا صحيح وهو الحق .
    إلا اننا لو بحثنا في هذه التسمية لوجدناها مرتبطة ببيت الله الحرام فالبيت هو الكعبة المشرفة وأهله هم الذين قاموا ببنائه وهما إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام) وذرية إسماعيل من بعده الذين سكنوا بجواره وقاموا بعمارته وخدمة زواره والتزموا دين الحنيفية ، دين إبراهيم (عليه السلام) فهؤلاء هم أهل البيت الذين أشارت إليهم الكثير من الآيات القرانية ، قال تعالى :
    {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا انكَ انتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}البقرة ( 127) . وقال تعالى : {جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلاَئِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُواْ ان اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَان اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}( المائدة 97) .
    وقال تعالى : {قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ انهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ}( هود 73) .
    فهذه الآيات الكريمة كاشفة عن المعنى الذي ذهبنا إليه وخاصة بالنسبة للآية الشريفة ان أهل البيت هم آل إبراهيم (عليهم السلام) ومن هنا يتضح ان معنى أهل البيت أعم مما يعتقده الكثير من المسلمين بما فيهم العلماء والباحثين .
    إلا انه قد يعترض علينا معترض فيقول : كيف صح وجاز إطلاق هذا اللقب على ذرية إبراهيم (عليهم السلام) وفيهم الكثير من الظالمين والمنحرفين والمشركين فالكثير من أهل مكة هم من ذرية إبراهيم إلا انهم من المشركين ومن أشد المحاربين للإسلام ، فكيف صحّ إطلاق هذا اللقب عليهم ؟
    والحقيقة وقبل ذكر الجواب على هذا التساؤل لابد من ذكر مقدمة ، وهي ان المولى تبارك وتعالى ذكر في الآية المتقدمة ان رحمته وبركاته تتنزل على أهل البيت ومقتضى هذا التنزيل (أي نزول الرحمة والبركة الإلهية من جناب المولى تبارك وتعالى) ان يكون المشمول بهذه الرحمة والبركة مستحقاً لها ، لا انها وقعت من دون استحقاق لها ، حتى يتسنى للبعض الاعتراض على فعله عز وجل .
    أما ما هو السبيل لحصول ذلك الاستحقاق من نزول الرحمة والبركة ، فقد بين جناب الحق تعالى ان ذلك متوقف على أمرين .
    الأمر الأول :
    حصول الإحسان فلولا إحسان العبد بكل ما تفيده هذه الكلمة من معنى لما استحق العبد نزول الرحمة وقد قال عز من قائل :
    {وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً ان رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ}( الاعراف 56) .
    فالآية الشريفة تبين لنا ان رحمة الله قريب من المحسنين .
    وقال تعالى : {وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}( يوسف 56) .فلم يكن يصيبه الله برحمته لولا ان كان من المحسنين . وقال تعالى : {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ}( لقمان 2-3).
    فمن مجموع هذه الآيات يتبين لنا ان المولى تبارك وتعالى يخبرنا بان نزول الرحمة على قدر الإحسان فكلما ازداد إحسان العبد زادت رحمة الله عليه .
    وان من أهم دواعي نزول الرحمة هو وقوع الإحسان من العبد فمتى ما كان العبد محسناً كان قريباً من رحمة الله تبارك وتعالى .
    الأمر الثاني :
    هو حصول الإيمان فهو سبب لنزول البركة على العبد من جناب المولى عز وجل فالبركة لا يمكن ان تصيب العبد ان لم يكن مؤمناً ، قال تعالى : {وَلَوْ ان أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانواْ يَكْسِبُونَ }( الاعراف 96) .
    يشير المولى جل وعلا في هذه الآية الشريفة إلى ان البركة لا تتأتى إلا بالإيمان والتقوى فهما العاملان والسببان اللذان ما ان توفرا في العبد أو الأمة حتى فتح الله تبارك وتعالى لهما باباً من السماء وآخر من الأرض ، وهذان البابان من بركاته سبحانه وتعالى . وإليك ما يؤكد ذلك ، فقد جاء في الآية الكريمة : {قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ}( هود 48)
    فان الله تبارك وتعالى يخاطب في هذه الآية نوحاً والذين ركبوا معه في السفينة ، وهؤلاء هم المؤمنون فقط في زمن الطوفان ، ولما كانوا كذلك جعل الله عز وجل بركاته عليهم .
    وكذلك قوله تعالى : {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}( البقرة 126).
    وبهذا يتبين لنا ان البركة من لوازم الإيمان فإذا لم يكن العبد مؤمناً لم يكن مستحقاً لنزول البركة من الله عز وجل ، فنزول البركة متوقف على حصول الإيمان .
    وبهذا يتضح لنا السبب في نزول الرحمة والبركة كما تبين انفاً عائد لكون أهل البيت من شانهم الإحسان ، فهم يفعلونه ويواضبون عليه حتى عرفوا بكونهم محسنين ، كما انهم إضافة لكونهم محسنين فهم أيضاً مؤمنين ، وبذلك استحقوا نزول الرحمة والبركة من قبله تعالى .
    ومن هنا فلا يرد الاعتراض المتقدم والذي مفاده : كيف صح إطلاق لقب أهل البيت على ذرية إبراهيم (عليه السلام) علماً ان الكثير منهم ظالمين ومشركين.
    ولو تنزلنا جدلاً وقبلنا الاعتراض فقد اتضح ان أهل البيت هم المحسنين المؤمنين فقط لا غيرهم ، فكل من لم يصدق عليه انه محسن ومؤمن بدين إبراهيم (عليه السلام) فهو ليس من أهل البيت حتماً فان المصداق الحقيقي لهذا المفهوم في ذلك الزمان هم آل إبراهيم .
    ولا نعني بذلك كل آل إبراهيم بل نعني كل من اتصف بصفة الإحسان والإيمان من آل إبراهيم فهو من أهل البيت الذين ذكرتهم الآية ، وهذا هو المفهوم العام لأهل البيت .
    ومن هنا عرف أهل مكة بأهل البيت ، وكانوا يفتخرون بذلك ، ولما كان بنو هاشم هم سادة قريش وكانت بيدهم مفاتيح البيت وهم ذرية إبراهيم (عليه السلام) شاع وعرف عنهم انهم أهل البيت ، واستمر هذا الحال من بعد بعثة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) .
    إلا ان المولى تبارك وتعالى قلص المصداق لهذا المفهوم وخصص بعض من الناس بكونهم هم أهل البيت لذلك قام تعالى بتخصيص هذا المفهوم بطائفة معينة من الناس تتصف بالإحسان والإيمان .
    وليس معنى ذلك مجرد إحسان أو إيمان الذي من الممكن ان يتحقق في أي فرد مؤمن ، فالمعنى أعمق من ذلك بكثير ، فان المقصود باتصافهم بهاتين الخصلتين هي كثرة إحسانهم وقوة إيمانهم بحيث شاع وعرف عنهم انهم محسنون وانهم مؤمنون .
    وهؤلاء هم الخمسة أهل الكساء وهم محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) فهؤلاء هم أهل البيت ، وفيهم نزل قوله تعالى :
    {انمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}( الاحزاب 33) ، فقد نزلت هذه الآية على أثر حديث الكساء حيث جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) علياً وفاطمة والحسن والحسين وجاء بالكساء فأدخلهم تحته وهو معهم ثم سئل المولى تبارك وتعالى قائلا :
    ( اللهم هؤلاء أهل بيتي - إلى ان قال- فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ) ، فنزل جبرائيل بهذه الآية ، وبهذا يتبين ان أهل البيت هم أهل الكساء خاصة ، ومما يؤكد ذلك هو سؤال أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ان تكون معهم فأبى رسول الله وقال لها انت على خير ، والمعلوم ان أم سلمة من خيرة أزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) بعد خديجة طبعاً ، إلا انه لم يدخلها ضمن نطاق أهل البيت .
    فقد جاء في الرواية الشريفة الواردة عن زيد بن علي عن أبيه (عليهما السلام) قال : ( كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) في بيت أم سلمة فأتى بحريرة فدعا علياً وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) فأكلوا منها ثم جلل عليهم كساء خيبرة ، ثم قال :
    {انمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} .
    فقالت أم سلمة : وانا معهم يا رسول الله ؟
    قال : انت على خير )( بحار الانوار ج52 ، ص 213).
    وأورد القمي عن أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى : (انما يريد ...) قال : ( (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) وعلي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين وذلك في بيت أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) علياً وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) ثم ألبسهم كساء له خيبرياً ودخل معهم فيه ، ثم قال :
    ( اللهم هؤلاء أهل بيتي الذين وعدتني اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ، فنزلت هذه الآية .
    فقالت أم سلمة : وانا معهم يا رسول الله ؟
    قال : أبشري يا أم سلمة فانك على خير )( بحار الانوار ج 35 ، ص 206).
    وبهذا يتبين لنا واضحاً ان أهل البيت هم الخمسة أهل الكساء لا غير وقد سألت أم سلمة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ان تكون منهم فأبى (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) عليها ذلك رغم بشراه لها انها على خير .
    وهنا لابد من الإشارة إلى أمر مهم وهو ان منه المتعارف ان أهل البيت هم المعصومون الأربعة عشر وهذا يعني ان هناك تسعة آخرين يعدون من أهل البيت فكيف كان ذلك ؟ وإذا كانوا من أهل البيت (عليهم السلام) فهل هم مشمولون بإذهاب الرجس عنهم والتطهير أم لا ؟! وما هو المقصود بقوله تعالى ((ليذهب عنكم الرجس)) ، فما هو الرجس ، وما هو المقصود بقوله تعالى : ((ويطهركم تطهيرا)) ما هي هذه الطهارة يا ترى ؟!
يعمل...