السيد القحطاني يناقش السيد علي السبزواري في قضية الإمام المهدي(ع)
كثيرون هم الذين كتبوا في قضية الإمام المهدي عليه السلام سواء كانوا من العلماء والباحثين وغيرهم ، إلا إننا في الواقع نجد إن الأعم الأغلب من تلك الكتابات تفتقر إلى المعرفة بالإمام المهدي (ع) وقضيته وأمره سلام الله عليه ، فقد أهمل هؤلاء العلماء والباحثون وللأسف الشديد أمر الإمام المهدي (ع) وقضيته ومعرفته ، واهتموا بعلوم أخرى كالفقه والأصول والمنطق وغيرها ، ونسوا أو تناسوا أو جهلوا إن المعرفة والأعلمية يجب أن تكون في الإمام المهدي (ع) وأمره وقضيته المباركة . لأن في معرفة الإمام الذي هو الحجة علينا معرفة الله تبارك وتعالى فقد ورد في الدعاء ( اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف رسولك ، اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك ، اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني )إذن فإن معنى هذا إن من لم يعرف الله عز وجل لم يعرف النبي (ص) وإن من لم يعرف النبي لم يعرف الحجة ، ومعنى هذا إن من لا يعرف حجة الله فهو لا يعرف الله تبارك وتعالى وبهذا يتبين لنا إن أفضل المعرفة وأحسن العلم هو المعرفة والعلم بالإمام المهدي (ع) وأمره وقضيته وإلا فما الفائدة من علومنا مهما بلغت درجتنا فيها إن لم نكن نعرف إمامنا صلوات الله وسلامه عليه ، فهو من يكون الفيض الإلهي عن طريقه وهو الوسيلة في ذلك ، ثم إنه قد دلت الأحاديث والروايات الشريفة على إن من لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية فقد جاء في الرواية الواردة عن معاوية بن وهب قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول :قال رسول الله (ص) ( من مات ولم يعرف إمامه مات ميتة جاهلية ) غيبة النعماني ص129 ، وإمامنا في هذا العصر كما هو معلوم الإمام المهدي مكن الله له في الأرض فمن لم يعرفه مات ميتة جاهلية فقد جاء في الرواية الواردة عن محمد بن عثمان قال سؤل أبو محمد الحسن بن علي العسكري (ع) عن الخبر الذي روي عن آبائه عليهم السلام إن الأرض لا تخلوا من حجة لله على خلقه وإن من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ؟ فقال : ( هذا حق كما إن النهار حق ، فقيل : يا أبن رسول الله فمن الحجة والإمام بعدك ؟ فقال : إبني محمد هو الإمام والحجة بعدي من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهلية أما إن له غيبة يحار فيها الجاهلون ويهلك فيها المبطلون ويكذب فيها الوقاتون ، ثم يخرج فكأني أنظر إلى الأعلام البيض تخفق فوق رأسه في نجف الكوفة ) إثبات الهداة . وبهذا يظهر لنا واضحاً إن الأعلم يجب أن يكون أعلم في الإمام وقضيته وأمره فالأعلم أعلم في الأمور العقائدية وأصول الدين لا في فروع الدين كعلم الفقه وعلم الأصول والمنطق وغيرها من العلوم . ونحن في هذا الموضوع سنناقش آراء أحد العلماء الذين كتبوا في قضية الإمام المهدي (ع) وأمره ، وهذا العالم هو سماحة السيد علي السبزواري حيث كتب بحثاً أطلق عليه إسم ( عمر الإمام المهدي ) وصدر هذا البحث عن مركز الدراسات التخصصية للإمام المهدي التابع لسماحة السيد السيستاني وإجابته عليها ، إننا وجدنا بعض الأجوبة التي طرحها السيد لم تكن صحيحة ولم تكن موافقة لاحاديثهم ورواياتهم عليهم السلام ، ونحن إذ نناقش ونرد على ما أورده السيد في هذا البحث لا يعني إننا على خلاف شخصي معه فنحن مع احترامنا له إنما نناقش آراءه ونرد على ما كتبه لأجل بيان الحق وإزالة اللبس والشبهة التي تتسبب بها مثل هذه الآراء التي هي في الواقع تنم عن الجهل بأمر الإمام وقضيته وبيان من هو أولى بالإمام (ع) ومعرفته .
وفيما يلي عرضاً لبعض الأسئلة وأجوبة السيد السبزواري ثم التعليق على الإجابة وبيان الصحيح فيها من الخطأ : فقد جاء في السؤال رقم (6) ما هذا نصه : ( س6 / كيف يمكن التوفيق بين الرواية القائلة بأن من ادعى إنه رأى الإمام كذاب والرواية الأخرى القائلة بأن صاحب النفس الزكية يدعي إنه من قبل الإمام الحجة (ع) ؟) .
وقد أجاب السيد بما هذا نصه : ( ج/ أولاً لم يظهر صاحب النفس الزكية حتى نسأله إنه مأمور من قبل الإمام (ع) أو لا ، ولكن لو إنه ظهر وظهرت عليه علامات الصدق نقبله إن شاء الله ) .
ويرد على جواب السيد ما يلي : كان الأولى أن يجيب السيد وفق ما ذكره أهل البيت (ع) لأننا نضل عاجزين عن الإجابة أو إننا نجيب بآراءنا وعقولنا فلو كان السيد ملتفتاً إلى أحديث وروايات الأئمة الطاهرين (ع) لوجد إن النفس الزكية يخرج قبل قيام الإمام المهدي (ع) بخمسة عشر ليلة وهذا معناه إنه يخرج بعد وقوع الصيحة وظهور السفياني الملعون وهذا يعني عدم وجود التعارض بين الروايتين فالرواية الأولى المنسوبة للإمام (ع) تقول ( من إدعى المشاهدة قبل الصيحة والسفياني فهو كذاب مفتر )حددت هذه الرواية تكذيب المشاهدة قبل خروج السفياني ووقوع الصيحة وهما متقدمان زماناً على خروج النفس الزكية رسول الإمام الذي يقتل بين الركن والمقام ، فقد جاء في الرواية الشريفة الواردة عن صالح قال : سمعت أبا عبد الله (ع) يقول ليس بين قيام القائم وقتل النفس الزكية إلا خمس عشر ليلة ) غيبة الطوسي أفلم يكن من الأولى الإجابة بهذه الرواية بدل الجواب الذي أورده السيد في كتابه ثم إن السيد قال لم يظهر صاحب النفس الزكية حتى نساله إنه مأمور من قبل الإمام (ع) أولاً ...) ويرد على هذا الكلام : إن النفس الزكية ما إن يبلغ أهل مكة برسالة الإمام (ع) حتى يقوموا بقتله بين الركن والمقام فمن أين يأتي لك يا سيد أن تسأله هل هو من الإمام أم لا ألا يكفي كونه يظهر هناك ويعلن إنه مرسل من الإمام في صدقه وقد أخبر اهل البيت إنه علامة من العلامات الحتمية الدالة على قرب القيام المقدس للإمام (ع) .
وفي سؤال أخر جاء فيه : ( س7/ بعد وفاة الإمام (ع) من هو المغسل والمصلي عليه ، علماً قد جرت السيرة على هذه القاعدة فهل هي ثابتة أم لا ؟ ) وجاء في جواب السيد على هذا السؤال : ( ج/ القاعدة هي إنه على ما تدل عليه الروايات المتعددة إن الإمام عجل الله فرجه لا يغسله ولا يكفنه إلا إمام مثله أو معصوم مثله ، فلا بد أن نقول بالرجعة وهذه من معتقدات الشيعة إن الإمام عجل الله فرجه بعد إرتحاله من هذه لدنيا سيظهر أمير المؤمنين (ع) ).
ويرد على جواب السيد هذا : أما القاعدة المداعاة فغير ثابتة فلو رجعنا إلى سيرة الأئمة لوجنا انهم قد تولى بعضهم تجهيز البعض إلا إن ذلك ليس على نحو القاعدة الثابتة فلم يرد عليها دليل من حديث او رواية . ثم لو تنزلنا جدلاً وقلنا إن المعصوم لا يغسله ولا يكفنه ولا يدفنه إلا المعصوم فلماذا لا يكون عيسى بن مريم (ع) هو من يقوم بذلك وهو النبي المعصوم أما إذا قلنا بالرجعة المادية وهي رجوع الأئمة سلام الله عليهم باجسامهم ولو فرضنا إن أحد الأئمة هو من يقوم بذلك العمل للزم أيضاً وعلى نفس القاعدة أن يرجع الإمام الآخر ليقوم بتجهيز الإمام الذي تولى تجهيز المهدي (ع) وهكذا يستمر الحال وهذا الأمر يلزم الدور والدور كما هو مقرر باطل . ثم إن السيد أجاب إن أمير المؤمنين (ع) هو الذي يخلف المهدي أي إنه هو الذي يلي تجهيز المهدي (ع) وهو مخالف لما صرحت به الرواية الشريفة الواردة عن أبي عبد الله (ع) إنه قال ويقبل الحسين (ع) في أصحابه الذين قتلوا معه ، ومعه سبعون نبياً كما بعثوا مع موسى بن عمران ، فيدفع إليه القائم (ع) الخاتم فيكون الحسين (ع) هو الذي يلي غسله وكفنه وحنوطه ويواريه في حفرته ) بحار الأنوار ج53 - فكما هو واضح من الرواية إن الحسين (ع) هو الذي يلي تجهيز الإمام المهدي (ع) ولا توجد رواية تذكر إن الذي يلي تجهيزالإمام هو أمير المؤمنين (ع) ، فلا أدري من أين أتى السيد علي السبزواري بهذه الإجابة .
وجاء في سؤال آخر : ( س10 / وهل يحصل البداء في العلامات الكبرى مثل الصيحة ؟) فأجاب السيد قائلاً : ( ج/ نعم هذا ممكن .
لكن يرد على جواب السيد السبزواري إن الصيحة من المحتوم فقد جاء في الرواية الواردة عن عمر بن حنظلة قال : سمعت ابا عبد الله (ع) يقول قبل قيام القائم خمس علامات محتومات : اليماني ، والسفياني ، والصيحة ، والنفس الزكية ، والخسف بالبيداء ) الإكمال . والمعلوم إن البداء لا يقع في المحتوم فقد جاء في الرواية عن عبد الملك بن اعين قال : كنت عند أبي جعفر (ع) فجرى ذكر القائم (ع) فقلت له : أرجوا أن يكون عاجلاً ولا يكون سفياني ، فقال : لا والله إنه لمن المحتوم الذي لا بد منه . غيبة النعماني .فمن هذه الرواية وغيرها الكثير يتبين لنا إن الكثير يتبين لنا إن المحتوم لا بد منه ولا يقع فيه البداء فلا أدري كيف أجاب السيد بأنه يمكن أن يقع البداء في الصيحة .
يتبع يتبع
..
تعليق