إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

النسب الروحي والنسب المادي في مصادر اهل السنة من فكر السيد القحطاني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • النسب الروحي والنسب المادي في مصادر اهل السنة من فكر السيد القحطاني

    النسب الروحي والنسب المادي في مصادر اهل السنة
    من فكر السيد القحطاني

    قد ترى شخصاً لا تعرفه مسبقاً ولا تربطك به أية علاقة ، ولكنك تشعر إن هنالك رباطاً قوياً يشدك إليه ، وتجد إنك تحبه وتتودد له وتنجذب إليه ، بل تتمنى أن تكون ملاصقاً له في حله وترحاله ، وعندها تصاب بالدهشة والذهول متسائلاً ما الذي دفعك إلى هذا الاندفاع العارم تجاه ذلك الإنسان الذي لم تربطك معه سابق معرفة ، وقد يكون الأمر معكوساً تماماً ، أي إنك ترى شخصاً آخراً لا تعرفه أيضاً ولكنك تتخذ منه موقفاً سلبياً لمجرد رؤيته ، فتنفر منه نفوراً شديداً ، وحتى إنك تؤنب نفسك مرة تلو أخرى لكون هذا الشخص لم يتعرض لإيذائك بأي نوع من أنواع الأذى وتتمنى أن تكون معه اعتيادياً جداً ، ولكنك لا تستطيع ، وقد لا تطيق رؤيته مرة أخرى وتتمنى أن يكون بينك وبينه بعد المشرق والمغرب ، وفي كلتا الحالتين إن الأمر مدعاة للغرابة والتعجّب .
    ولكننا لو رجعنا إلى حديث رسول الله (ص) الذي ذكرناه آنفاً عن الأرواح التي وصفها بقوله: الأرواحُ جنودٌ مجنَّدةٌ فما تعارَف منها ائتَلَف وما تناكَر منها اختَلَف الراوي: أبو هريرة المحدث: ابن حبان - المصدر: صحيح ابن حبان - الصفحة أو الرقم: 6168 خلاصة حكم المحدث: أخرجه في صحيحه.

    يتبدد الاستغراب تماماً ، ففي الحالة الأولى تعكس الأرواح المؤتلفة ، وفي الحالة الثانية تعكس الأرواح المختلفة .

    إن هنالك اختلاف تام بين النسب الروحي (النوراني) والنسب المادي – وأقول عن الروحي النوراني لأن الروح أصلها النور- فالنسب المادي يتكون من تزاوج الأبدان ، وأما النسب الروحي فهو ناتج من تزاوج الأرواح ، وهذا النسب أكثر ارتباطاً من النسب المادي ، وعليه فإن مؤثراته تكون أعم وأوسع ، فالمؤمن أخو المؤمن وكلاهما من نسب روحي واحد ، ويعودان لأم وأب في عالم الأرواح ، وهما أخوان في ذلك ، وإذا لم يكونا أخوين في المادة والبدن ، فتجدهما يتأثران بشكل أو آخر إن تعرض أحدهما لأذى أو حزن أو غير ذلك ، وهذا ما نجده جلياً في الرواية الشريفة :لمَّا خلق اللهُ آدمَ عليه السَّلامُ وحوَّاءُ تبَخْترا في الجنَّةِ وقالا : ما خلق اللهُ خَلقًا أحسن منَّا ، فبينما هما كذلك إذا هما بصورةِ جاريةٍ لم يرَ الرَّاؤون أحسنَ منها ، لها نورٌ شعْشعاني يكادُ يُطفئُ الأبصارَ على رأسِها تاجٌ ، وفي أُذُنيْها قُرطان فقالا : يا ربِّ ما هذه الجاريةُ ؟ قال : صورةُ فاطمةَ بنتِ محمَّدٍ سيِّدةِ ولَدِك . فقالا : ما هذا التَّاجُ على رأسِها ؟ قال : هذا بعلُها عليُّ بنُ أبي طالبٍ قال : فما هذان القُرطان ؟ قال : ابناها الحسنُ والحسينُ ، وُجد ذلك في غامضِ علمي قبل أن أخلقَك بألفيْ عامٍ الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: ابن الجوزي - المصدر: موضوعات ابن الجوزي - الصفحة أو الرقم: 2/215

    وأيضا ورد عن رسول الله (ص) : المؤمنُ أخو المؤمنِ فلا يحلُّ للمؤمنِ أن يبتاعَ على بيعِ أخيه ، ولا يخطُبُ على خِطبةِ أخيه الراوي: - المحدث: الألباني - المصدر: غاية المرام - الصفحة أو الرقم: 214

    يتبين من ذلك اتصال النسب الروحي بين الناس الذي هو متقدم على النسب المادي لأن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأبدان كما بيّنا .
    وبذلك فإنك قد تجد أبداناً يجمعها رابط الزواج لكنها متنافرة روحياً أو أنك تجد أشخاصاً يجمعهم النسب المادي ويرجعون إلى أب واحد وأم واحدة ولكنهم متنافرين أيضاً ، وذلك كله عائد لأصل النسب الروحي ، فهؤلاء هم أصلاً من الأرواح المختلفة ، وما داموا من الأرواح التي تناكرت فاختلفت ، أي انهم ليس بين بعضهم البعض أي تزاوج أو نسب روحي في عالم الأرواح .
    وكذلك في الطرف المقابل تجد أشخاصاً بعيدين عن النسب المادي لكنهم مرتبطين ارتباطاً حميماً وقوياً ولا يوجد بينهم تلاقي في النسب من حيث التدرج الروحي ، وعليه يتجلى المعنى الحقيقي لقوله تعالى : {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ} (الصافات 22)
    فلو أخذنا هذه الآية على المعنى الظاهري لها ، فما ذنب آسيا بنت مزاحم وهي مؤمنة صالحة صابرة ، هل تُحشر مع زوجها الظالم فرعون ؟! حاشا لله أن يكون ذلك ، فمعنى الآية الكريمة إن ذلك الحشر يكون للمتزاوجين روحياً من الظالمين وليس لغيرهم .
    ولو عدنا لأصل الخلق الروحي ، فهو يختلف تماماً عن الخلق البدني ، فأصل الروح عائدة لسيد الخلائق محمد (ص) ، كما إن أصل البدن لآدم (عليه السلام) ، فرسول الله (ص ) أبو الأرواح ، وآدم (عليه السلام) أبو الأبدان ، وعليه فيكون خلق الأبدان من المفضول إلى الأفضل ، وخلق الأرواح من الأفضل إلى المفضول .
يعمل...
X