النسب الروحي والنسب المادي في مصادر اهل السنة
من فكر السيد القحطاني
قد ترى شخصاً لا تعرفه مسبقاً ولا تربطك به أية علاقة ، ولكنك تشعر إن هنالك رباطاً قوياً يشدك إليه ، وتجد إنك تحبه وتتودد له وتنجذب إليه ، بل تتمنى أن تكون ملاصقاً له في حله وترحاله ، وعندها تصاب بالدهشة والذهول متسائلاً ما الذي دفعك إلى هذا الاندفاع العارم تجاه ذلك الإنسان الذي لم تربطك معه سابق معرفة ، وقد يكون الأمر معكوساً تماماً ، أي إنك ترى شخصاً آخراً لا تعرفه أيضاً ولكنك تتخذ منه موقفاً سلبياً لمجرد رؤيته ، فتنفر منه نفوراً شديداً ، وحتى إنك تؤنب نفسك مرة تلو أخرى لكون هذا الشخص لم يتعرض لإيذائك بأي نوع من أنواع الأذى وتتمنى أن تكون معه اعتيادياً جداً ، ولكنك لا تستطيع ، وقد لا تطيق رؤيته مرة أخرى وتتمنى أن يكون بينك وبينه بعد المشرق والمغرب ، وفي كلتا الحالتين إن الأمر مدعاة للغرابة والتعجّب .
ولكننا لو رجعنا إلى حديث رسول الله (ص) الذي ذكرناه آنفاً عن الأرواح التي وصفها بقوله: الأرواحُ جنودٌ مجنَّدةٌ فما تعارَف منها ائتَلَف وما تناكَر منها اختَلَف الراوي: أبو هريرة المحدث: ابن حبان - المصدر: صحيح ابن حبان - الصفحة أو الرقم: 6168 خلاصة حكم المحدث: أخرجه في صحيحه.
يتبدد الاستغراب تماماً ، ففي الحالة الأولى تعكس الأرواح المؤتلفة ، وفي الحالة الثانية تعكس الأرواح المختلفة .
إن هنالك اختلاف تام بين النسب الروحي (النوراني) والنسب المادي – وأقول عن الروحي النوراني لأن الروح أصلها النور- فالنسب المادي يتكون من تزاوج الأبدان ، وأما النسب الروحي فهو ناتج من تزاوج الأرواح ، وهذا النسب أكثر ارتباطاً من النسب المادي ، وعليه فإن مؤثراته تكون أعم وأوسع ، فالمؤمن أخو المؤمن وكلاهما من نسب روحي واحد ، ويعودان لأم وأب في عالم الأرواح ، وهما أخوان في ذلك ، وإذا لم يكونا أخوين في المادة والبدن ، فتجدهما يتأثران بشكل أو آخر إن تعرض أحدهما لأذى أو حزن أو غير ذلك ، وهذا ما نجده جلياً في الرواية الشريفة :لمَّا خلق اللهُ آدمَ عليه السَّلامُ وحوَّاءُ تبَخْترا في الجنَّةِ وقالا : ما خلق اللهُ خَلقًا أحسن منَّا ، فبينما هما كذلك إذا هما بصورةِ جاريةٍ لم يرَ الرَّاؤون أحسنَ منها ، لها نورٌ شعْشعاني يكادُ يُطفئُ الأبصارَ على رأسِها تاجٌ ، وفي أُذُنيْها قُرطان فقالا : يا ربِّ ما هذه الجاريةُ ؟ قال : صورةُ فاطمةَ بنتِ محمَّدٍ سيِّدةِ ولَدِك . فقالا : ما هذا التَّاجُ على رأسِها ؟ قال : هذا بعلُها عليُّ بنُ أبي طالبٍ قال : فما هذان القُرطان ؟ قال : ابناها الحسنُ والحسينُ ، وُجد ذلك في غامضِ علمي قبل أن أخلقَك بألفيْ عامٍ الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: ابن الجوزي - المصدر: موضوعات ابن الجوزي - الصفحة أو الرقم: 2/215
وأيضا ورد عن رسول الله (ص) : المؤمنُ أخو المؤمنِ فلا يحلُّ للمؤمنِ أن يبتاعَ على بيعِ أخيه ، ولا يخطُبُ على خِطبةِ أخيه الراوي: - المحدث: الألباني - المصدر: غاية المرام - الصفحة أو الرقم: 214
يتبين من ذلك اتصال النسب الروحي بين الناس الذي هو متقدم على النسب المادي لأن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأبدان كما بيّنا .
وبذلك فإنك قد تجد أبداناً يجمعها رابط الزواج لكنها متنافرة روحياً أو أنك تجد أشخاصاً يجمعهم النسب المادي ويرجعون إلى أب واحد وأم واحدة ولكنهم متنافرين أيضاً ، وذلك كله عائد لأصل النسب الروحي ، فهؤلاء هم أصلاً من الأرواح المختلفة ، وما داموا من الأرواح التي تناكرت فاختلفت ، أي انهم ليس بين بعضهم البعض أي تزاوج أو نسب روحي في عالم الأرواح .
وكذلك في الطرف المقابل تجد أشخاصاً بعيدين عن النسب المادي لكنهم مرتبطين ارتباطاً حميماً وقوياً ولا يوجد بينهم تلاقي في النسب من حيث التدرج الروحي ، وعليه يتجلى المعنى الحقيقي لقوله تعالى : {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ} (الصافات 22)
فلو أخذنا هذه الآية على المعنى الظاهري لها ، فما ذنب آسيا بنت مزاحم وهي مؤمنة صالحة صابرة ، هل تُحشر مع زوجها الظالم فرعون ؟! حاشا لله أن يكون ذلك ، فمعنى الآية الكريمة إن ذلك الحشر يكون للمتزاوجين روحياً من الظالمين وليس لغيرهم .
ولو عدنا لأصل الخلق الروحي ، فهو يختلف تماماً عن الخلق البدني ، فأصل الروح عائدة لسيد الخلائق محمد (ص) ، كما إن أصل البدن لآدم (عليه السلام) ، فرسول الله (ص ) أبو الأرواح ، وآدم (عليه السلام) أبو الأبدان ، وعليه فيكون خلق الأبدان من المفضول إلى الأفضل ، وخلق الأرواح من الأفضل إلى المفضول .
من فكر السيد القحطاني
قد ترى شخصاً لا تعرفه مسبقاً ولا تربطك به أية علاقة ، ولكنك تشعر إن هنالك رباطاً قوياً يشدك إليه ، وتجد إنك تحبه وتتودد له وتنجذب إليه ، بل تتمنى أن تكون ملاصقاً له في حله وترحاله ، وعندها تصاب بالدهشة والذهول متسائلاً ما الذي دفعك إلى هذا الاندفاع العارم تجاه ذلك الإنسان الذي لم تربطك معه سابق معرفة ، وقد يكون الأمر معكوساً تماماً ، أي إنك ترى شخصاً آخراً لا تعرفه أيضاً ولكنك تتخذ منه موقفاً سلبياً لمجرد رؤيته ، فتنفر منه نفوراً شديداً ، وحتى إنك تؤنب نفسك مرة تلو أخرى لكون هذا الشخص لم يتعرض لإيذائك بأي نوع من أنواع الأذى وتتمنى أن تكون معه اعتيادياً جداً ، ولكنك لا تستطيع ، وقد لا تطيق رؤيته مرة أخرى وتتمنى أن يكون بينك وبينه بعد المشرق والمغرب ، وفي كلتا الحالتين إن الأمر مدعاة للغرابة والتعجّب .
ولكننا لو رجعنا إلى حديث رسول الله (ص) الذي ذكرناه آنفاً عن الأرواح التي وصفها بقوله: الأرواحُ جنودٌ مجنَّدةٌ فما تعارَف منها ائتَلَف وما تناكَر منها اختَلَف الراوي: أبو هريرة المحدث: ابن حبان - المصدر: صحيح ابن حبان - الصفحة أو الرقم: 6168 خلاصة حكم المحدث: أخرجه في صحيحه.
يتبدد الاستغراب تماماً ، ففي الحالة الأولى تعكس الأرواح المؤتلفة ، وفي الحالة الثانية تعكس الأرواح المختلفة .
إن هنالك اختلاف تام بين النسب الروحي (النوراني) والنسب المادي – وأقول عن الروحي النوراني لأن الروح أصلها النور- فالنسب المادي يتكون من تزاوج الأبدان ، وأما النسب الروحي فهو ناتج من تزاوج الأرواح ، وهذا النسب أكثر ارتباطاً من النسب المادي ، وعليه فإن مؤثراته تكون أعم وأوسع ، فالمؤمن أخو المؤمن وكلاهما من نسب روحي واحد ، ويعودان لأم وأب في عالم الأرواح ، وهما أخوان في ذلك ، وإذا لم يكونا أخوين في المادة والبدن ، فتجدهما يتأثران بشكل أو آخر إن تعرض أحدهما لأذى أو حزن أو غير ذلك ، وهذا ما نجده جلياً في الرواية الشريفة :لمَّا خلق اللهُ آدمَ عليه السَّلامُ وحوَّاءُ تبَخْترا في الجنَّةِ وقالا : ما خلق اللهُ خَلقًا أحسن منَّا ، فبينما هما كذلك إذا هما بصورةِ جاريةٍ لم يرَ الرَّاؤون أحسنَ منها ، لها نورٌ شعْشعاني يكادُ يُطفئُ الأبصارَ على رأسِها تاجٌ ، وفي أُذُنيْها قُرطان فقالا : يا ربِّ ما هذه الجاريةُ ؟ قال : صورةُ فاطمةَ بنتِ محمَّدٍ سيِّدةِ ولَدِك . فقالا : ما هذا التَّاجُ على رأسِها ؟ قال : هذا بعلُها عليُّ بنُ أبي طالبٍ قال : فما هذان القُرطان ؟ قال : ابناها الحسنُ والحسينُ ، وُجد ذلك في غامضِ علمي قبل أن أخلقَك بألفيْ عامٍ الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: ابن الجوزي - المصدر: موضوعات ابن الجوزي - الصفحة أو الرقم: 2/215
وأيضا ورد عن رسول الله (ص) : المؤمنُ أخو المؤمنِ فلا يحلُّ للمؤمنِ أن يبتاعَ على بيعِ أخيه ، ولا يخطُبُ على خِطبةِ أخيه الراوي: - المحدث: الألباني - المصدر: غاية المرام - الصفحة أو الرقم: 214
يتبين من ذلك اتصال النسب الروحي بين الناس الذي هو متقدم على النسب المادي لأن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأبدان كما بيّنا .
وبذلك فإنك قد تجد أبداناً يجمعها رابط الزواج لكنها متنافرة روحياً أو أنك تجد أشخاصاً يجمعهم النسب المادي ويرجعون إلى أب واحد وأم واحدة ولكنهم متنافرين أيضاً ، وذلك كله عائد لأصل النسب الروحي ، فهؤلاء هم أصلاً من الأرواح المختلفة ، وما داموا من الأرواح التي تناكرت فاختلفت ، أي انهم ليس بين بعضهم البعض أي تزاوج أو نسب روحي في عالم الأرواح .
وكذلك في الطرف المقابل تجد أشخاصاً بعيدين عن النسب المادي لكنهم مرتبطين ارتباطاً حميماً وقوياً ولا يوجد بينهم تلاقي في النسب من حيث التدرج الروحي ، وعليه يتجلى المعنى الحقيقي لقوله تعالى : {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ} (الصافات 22)
فلو أخذنا هذه الآية على المعنى الظاهري لها ، فما ذنب آسيا بنت مزاحم وهي مؤمنة صالحة صابرة ، هل تُحشر مع زوجها الظالم فرعون ؟! حاشا لله أن يكون ذلك ، فمعنى الآية الكريمة إن ذلك الحشر يكون للمتزاوجين روحياً من الظالمين وليس لغيرهم .
ولو عدنا لأصل الخلق الروحي ، فهو يختلف تماماً عن الخلق البدني ، فأصل الروح عائدة لسيد الخلائق محمد (ص) ، كما إن أصل البدن لآدم (عليه السلام) ، فرسول الله (ص ) أبو الأرواح ، وآدم (عليه السلام) أبو الأبدان ، وعليه فيكون خلق الأبدان من المفضول إلى الأفضل ، وخلق الأرواح من الأفضل إلى المفضول .