استحباب الحجامة
مسألة: تستحب الحجامة استحباباً مؤكداً، خصوصاً لمن هاج به الدم، فان الحجامة تنقذ الإنسان من السكتة القلبية والدماغية أو ما أشبه ذلك.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «احتجموا إذا هاج بكم الدم فإن الدم ربما تبيغ بصاحبه فيقتله»[1].
وكذلك تكون الحجامة لكل عضوٍ من الأعضاء حسب المقرر في الطب، فيحتجم الإنسان على الرأس مما تسمى بالمنقذة، وعند النقرة وبين الكتفين وغير ذلك.
فعن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: في خبر المعراج، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) انه قال: «ثم صعدنا إلى السماء السابعة فما مررت بملك من الملائكة إلا قالوا: يا محمد احتجم، وأمر أمتك بالحجامة»[2].
وفي حديث قال (صلى الله عليه وآله): «في ليلة أسري بي إلى السماء ما مررت بملأٍ من الملائكة إلا قالوا يا محمد مُرّ أمتك بالحجامة»[3].
دواء الدم
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «الداء ثلاثة والدواء ثلاثة فأما الداء فالدم والمرة والبلغم فدواء الدم الحجامة ودواء البلغم الحمام ودواء المرة المشي»[4].
خير الدواء
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «خير ما تداويتم به الحجامة والسعوط والحمام والحقنة»[5].
أقول: فان الحجامة للموضع، والسعوط لأمراض الرأس المرتبطة بالعين والأذن والحنجرة والأسنان وغيرها كما لا يخفى، وهذا من باب أظهر المصاديق.
الدواء أربعة
وعن جعفر بن محمد (عليهم السلام) قال: «الدواء أربعة الحجامة والطلي والقيء والحقنة»[6].
على تفصيل مذكور في الطب والطلي يوجب تنظيف الجسد ظاهراً وباطناً من الأمراض كما ذكر في الجملة.
طب العرب
وعن ابن مسكان وزرارة قالا قال: أبو جعفر محمد بن علي (عليه السلام) «طب العرب في ثلاث شرطة الحجامة والحقنة وآخر الدواء الكيّ»[7].
ومعنى (آخر الدواء) أن الكيّ هو آخر ما يستفيد منه الإنسان في الطب.
وفي خبر آخر عن الصادق (عليه السلام): «طب العرب في خمسة شرطة الحجام، والحقنة والسعوط والحمام وآخر الدواء الكي... »[8].
وفي خبر آخر عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): «طب العرب في سبعة شرطة الحجامة، والحقنة، والحمام، والسعوط، والقيء وشربة عسل وآخر الدواء الكيّ»[9] وربما يزاد فيه النورة.
ولا يخفى أن اختلاف الروايات في العدد من ثلاثة وأربعة وخمسة وسبعة وما أشبه ذلك، باعتبار السائل أو الراوي أو السامع أو ما أشبه فقد كان الأئمة (عليهم السلام) يذكرون العدد حسب موارد الابتلاء وظروف المخاطب وما أشبه، كما ذكرنا ذلك في كتاب الصوم[10] ومن هنا ورد الاختلاف في العدد في بابه بالنسبة إلى المفطرات وهكذا في غيرها.
إنها وقاية وعلاج
مسألة: الحجامة تعتبر من الدواء وقاية وعلاجاً.
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «نعم العيد الحجامة يعني العادة، تجلو البصر وتذهب بالداء»[11].
ويعني بالعيد: العادة.
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «الدواء أربعة: الحجامة والسعوط والحقنة والقيء»[12].
ومن الواضح أن الحجامة توجب تخفيف الدم في بدن الإنسان، فان شدة الدم في بدنه يوجب السكتة عادة وأحياناً العمى وأمراض أخر كما ذكره الأطباء في الطب.
وهناك من يصاب بضعف أو فقد في بصره بسبب ذلك، فيأخذون الدم من طرف عينه الأيمن أو الأيسر فيكون نافعاً في العين التي في جانبه.
وأما السعوط، فانه ينفع المخّ.
والحقنة، تنفع الثقل في أسفل المعدة.
والقيء، ينفع الثقل في أعلى المعدة على ما ذكره الأطباء.
من فوائد الحجامة
مسألة: للحجامة فوائد كثيرة، منها لدفع الأوجاع.
عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: «ما وجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجعاً قط إلا كان فزعه إلى الحجامة»[13].
أقول: من غير فرق بين أن يكون الوجع من الصفراء أو السوداء، أو البلغم أو الدم، أو ما أشبه، فإن الحجامة بما يقترن معها من سحب الهواء أو ما أشبه ذلك يكون نافعاً لكل الأمراض في الجملة، لكن الظاهر أن المراد بذلك أمراض ظاهر البدن لا مثل أمراض القلب والكبد وما أشبه ذلك.
الحجامة ودوران الرأس
مسألة: تستحب الحجامة لمن أصيب بدوران الرأس.
عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «إن أخذ الرجل الدوران فليحتجم»[14].
أقول: والظاهر أن (الرجل) لا خصوصية له وإنما هو من باب المثال، فيشمل الرجل والمرأة مثل الضمائر المذكورة في الآيات والروايات حيث لا يراد بها ـ عادة ـ الرجل فقط، بل الأعم، إلا إذا كان هناك دليل على الخصوصية.
والمراد بالدوران: دوران الرأس على الظاهر أي الصداع أو الغثيان.
الحجامة ووجع العنق
وفي رواية عبد الله بن موسى الطبري قال: حدثني إسحاق بن أبي الحسن عن أمه أم محمد قلت: قال سيدي (عليه السلام): من نظر إلى أول محجمة من دمه أمن الواهية إلى الحجامة الأخرى وسألت سيدي ما الواهية؟ فقال: وجع العنق[15].
أقول: وأما كون النظر موجباً للأمان من مرض، فان العين تأثيرها سلباً وإيجاباً على ما ذكر، وليس هذا الكتاب موضوعاً لتفصيله وإلا لذكرنا تفصيلاً حوله.
الحجامة والرمد
وفي رواية أخرى عن الباقر (عليه السلام) قال: «من احتجم فنظر إلى أول محجمة من دمه أمن من الرمد إلى الحجامة الأخرى»[16].
موضع الحجامة
مسألة: للحجامة مواضع خاصة وردت في الروايات وذكرها الأطباء.
عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عن أبيه (صلوات الله عليهما) قال: «احتجم النبي (صلى الله عليه وآله) في رأسه وبين كتفيه وفي قفاه ثلاثاً، سمى واحدة النافعة والأخرى المغيثة والثالثة المنقذة»[17].
ولا يخفى أن هذه المصطلحات هي تعبير من حيث اللفظ، وان كان الأمر من حيث المعنى واحداً.
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يحتجم بثلاثة، واحدة منها في الرأس ويسميها المتقدمة، وواحدة بين الكتفين يسميها النافعة، وواحدة بين الوركين يسميها المغيثة»[18].
حجامة الرأس
مسألة: من مواضع الحجامة الرأس.
عن سالم بن مكرم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «الحجامة على الرأس على شبر من طرف الأنف وفترٍ ما بين الحاجبين، فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يسميها المنقذة»[19].
والفتر: ما بين السبابة والإبهام.
وفي حديث آخر: «كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يحتجم على رأسه ويسميها المغيثة أو المنقذة»[20].
أقول: لأنها تنقذ الإنسان وتحفظه من الهلاك والتلف.
وفي رواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: «الحجامة في الرأس هي المغيثة تنفع من كل داء إلا السام، وشبر من الحاجبين إلى حيث بلغ إبهامه، ثم قال: ها هنا، وأشار إلى موضع من الرأس»[21].
أقول: المراد بالسام الموت، أي الموت المقدّر.
وعن زرارة قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «الحجامة من الرأس شفاء من كل داء إلا السام»[22].
وعن الصادق (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأشار بيده إلى رأسه: عليكم بالمغيثة، فإنها تنفع من الجنون والجذام والبرص والآكلة ووجع الأضراس»[23].
وعن عامر سمع عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال في حديث: «والحجامة في الرأس شفاء من كل داء، والدواء في أربعة: الحجامة والحقنة والنورة والقيء، فإذا تبيغ الدم في أحدكم فليحتجم في أي الأيام، وليقرأ آية الكرسي وليستغفر الله عزوجل وليصل على النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: لا تعادوا الأيام فتعاديكم فإذا تبيغ الدم بأحدكم فليهرقه ولو بمشقص»[24].
أقول: (المشقص) نوع من نصال السهام والظاهر أن المراد بأية آلة تمكن من إخراج الدم بسببها.
حجامة الرجل
مسألة: من مواضع الحجامة الرجل.
عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «إن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يحتجم في باطن رجله من وجع أصابه»[25].
وروي عن الصادق (عليه السلام) أنه شكى إليه رجل الحكّة، فقال: «احتجم ثلاث مرّات في الرجلين جميعاً فيما بين العرقوب والكعب» ففعل الرجل ذلك فذهب عنه، وشكى إليه آخر فقال: «احتجم في أحد عقبيك أومن الرجلين جميعاً ثلاث مرات تبرأ إن شاء الله»[26].
ولا يخفى أن العرقوب والعصب الغليظ الموتر فوق عقب الإنسان خلف الكعبين من مفصل القدم والساق كما ذكره أهل اللغة[27].
حجامة الكاهل والأخدعين
مسألة: من مواضع الحجامة الأخدعان والكاهل.
عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «كان النبي (صلى الله عليه وآله) يحتجم في الأخدعين فأتاه جبرائيل (عليه السلام) عن الله تبارك وتعالى بحجامة الكاهل»[28].
أقول: في الرواية: «إن الله أدب نبيه بآدابه ففوّض إليه دينه»[29].
ومعنى ذلك أن كلا الأمرين جائزان ويكون حجامة الكاهل أولى.
و (الأخدعان): عرقان خفيان في موضع الحجامة من العنق كما ذكره لسان العرب[30].
وقت الحجامة
مسألة: تجوز الحجامة في جميع الأوقات وإن كان الأفضل في الجملة أن تكون في أوقات خاصة.
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «اقرأ آية الكرسي واحتجم أي يوم شئت، وتصدق وأخرج أي يوم شئت»[31].
ولا يخفى أنه يستفاد من هذا الحديث بالملاك وما أشبه: جواز الزواج وغير ذلك هكذا أي في كل الأوقات وذلك بعد التصدق وما أشبه، ففي الرواية: «من سافر أو تزوج والقمر في العقرب لم ير الحسنى»[32]، فإن الحديث السابق حاكم على هذا الحديث أيضاً.
أما أصل الكراهة في بعض الأوقات للحجامة أو السفر أو الزواج أو ما أشبه، فتلك لحقائق ترتبط بداخل بدن الإنسان أو لحقائق كونية أو ما أشبه ذلك مما ذكر في المفصلات.
وربما يقال: إن ما ورد في بعض روايات الحجامة من وقت خاص فإنه فضل لبعض الناس، أو لبعض الأحوال، أو لبعض الأماكن، أو لبعض الشرائط، أو ما أشبه.
قال (عليه السلام): «توقوا الحجامة والنورة يوم الأربعاء، فان يوم الأربعاء يوم نحس مستمر وفيه خلقت جهنم، وفي يوم الجمعة ساعة لا يحتجم فيها أحد إلا مات»[33].
وفي حديث: سأل طلحة بن زيد أبا عبد الله (عليه السلام) عن الحجامة يوم السبت ويوم الأربعاء وحدّثته بالحديث الذي ترويه العامة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنكروه وقالوا: الصحيح عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا تبيغ بأحدكم الدم فليحجم لا يقتله، ثم قال: «ما علمت أحد من أهل بيتي يرى به بأسا»[34].
وقوله (عليه السلام): (لا يقتله) أي التبيغ، وإلا فان زيادة الدم تسبب الأمراض المختلفة وآخرها الموت أي السكتة القلبية أو الدماغية.
.
مسألة: تستحب الحجامة استحباباً مؤكداً، خصوصاً لمن هاج به الدم، فان الحجامة تنقذ الإنسان من السكتة القلبية والدماغية أو ما أشبه ذلك.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «احتجموا إذا هاج بكم الدم فإن الدم ربما تبيغ بصاحبه فيقتله»[1].
وكذلك تكون الحجامة لكل عضوٍ من الأعضاء حسب المقرر في الطب، فيحتجم الإنسان على الرأس مما تسمى بالمنقذة، وعند النقرة وبين الكتفين وغير ذلك.
فعن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: في خبر المعراج، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) انه قال: «ثم صعدنا إلى السماء السابعة فما مررت بملك من الملائكة إلا قالوا: يا محمد احتجم، وأمر أمتك بالحجامة»[2].
وفي حديث قال (صلى الله عليه وآله): «في ليلة أسري بي إلى السماء ما مررت بملأٍ من الملائكة إلا قالوا يا محمد مُرّ أمتك بالحجامة»[3].
دواء الدم
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «الداء ثلاثة والدواء ثلاثة فأما الداء فالدم والمرة والبلغم فدواء الدم الحجامة ودواء البلغم الحمام ودواء المرة المشي»[4].
خير الدواء
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «خير ما تداويتم به الحجامة والسعوط والحمام والحقنة»[5].
أقول: فان الحجامة للموضع، والسعوط لأمراض الرأس المرتبطة بالعين والأذن والحنجرة والأسنان وغيرها كما لا يخفى، وهذا من باب أظهر المصاديق.
الدواء أربعة
وعن جعفر بن محمد (عليهم السلام) قال: «الدواء أربعة الحجامة والطلي والقيء والحقنة»[6].
على تفصيل مذكور في الطب والطلي يوجب تنظيف الجسد ظاهراً وباطناً من الأمراض كما ذكر في الجملة.
طب العرب
وعن ابن مسكان وزرارة قالا قال: أبو جعفر محمد بن علي (عليه السلام) «طب العرب في ثلاث شرطة الحجامة والحقنة وآخر الدواء الكيّ»[7].
ومعنى (آخر الدواء) أن الكيّ هو آخر ما يستفيد منه الإنسان في الطب.
وفي خبر آخر عن الصادق (عليه السلام): «طب العرب في خمسة شرطة الحجام، والحقنة والسعوط والحمام وآخر الدواء الكي... »[8].
وفي خبر آخر عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): «طب العرب في سبعة شرطة الحجامة، والحقنة، والحمام، والسعوط، والقيء وشربة عسل وآخر الدواء الكيّ»[9] وربما يزاد فيه النورة.
ولا يخفى أن اختلاف الروايات في العدد من ثلاثة وأربعة وخمسة وسبعة وما أشبه ذلك، باعتبار السائل أو الراوي أو السامع أو ما أشبه فقد كان الأئمة (عليهم السلام) يذكرون العدد حسب موارد الابتلاء وظروف المخاطب وما أشبه، كما ذكرنا ذلك في كتاب الصوم[10] ومن هنا ورد الاختلاف في العدد في بابه بالنسبة إلى المفطرات وهكذا في غيرها.
إنها وقاية وعلاج
مسألة: الحجامة تعتبر من الدواء وقاية وعلاجاً.
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «نعم العيد الحجامة يعني العادة، تجلو البصر وتذهب بالداء»[11].
ويعني بالعيد: العادة.
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «الدواء أربعة: الحجامة والسعوط والحقنة والقيء»[12].
ومن الواضح أن الحجامة توجب تخفيف الدم في بدن الإنسان، فان شدة الدم في بدنه يوجب السكتة عادة وأحياناً العمى وأمراض أخر كما ذكره الأطباء في الطب.
وهناك من يصاب بضعف أو فقد في بصره بسبب ذلك، فيأخذون الدم من طرف عينه الأيمن أو الأيسر فيكون نافعاً في العين التي في جانبه.
وأما السعوط، فانه ينفع المخّ.
والحقنة، تنفع الثقل في أسفل المعدة.
والقيء، ينفع الثقل في أعلى المعدة على ما ذكره الأطباء.
من فوائد الحجامة
مسألة: للحجامة فوائد كثيرة، منها لدفع الأوجاع.
عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: «ما وجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجعاً قط إلا كان فزعه إلى الحجامة»[13].
أقول: من غير فرق بين أن يكون الوجع من الصفراء أو السوداء، أو البلغم أو الدم، أو ما أشبه، فإن الحجامة بما يقترن معها من سحب الهواء أو ما أشبه ذلك يكون نافعاً لكل الأمراض في الجملة، لكن الظاهر أن المراد بذلك أمراض ظاهر البدن لا مثل أمراض القلب والكبد وما أشبه ذلك.
الحجامة ودوران الرأس
مسألة: تستحب الحجامة لمن أصيب بدوران الرأس.
عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «إن أخذ الرجل الدوران فليحتجم»[14].
أقول: والظاهر أن (الرجل) لا خصوصية له وإنما هو من باب المثال، فيشمل الرجل والمرأة مثل الضمائر المذكورة في الآيات والروايات حيث لا يراد بها ـ عادة ـ الرجل فقط، بل الأعم، إلا إذا كان هناك دليل على الخصوصية.
والمراد بالدوران: دوران الرأس على الظاهر أي الصداع أو الغثيان.
الحجامة ووجع العنق
وفي رواية عبد الله بن موسى الطبري قال: حدثني إسحاق بن أبي الحسن عن أمه أم محمد قلت: قال سيدي (عليه السلام): من نظر إلى أول محجمة من دمه أمن الواهية إلى الحجامة الأخرى وسألت سيدي ما الواهية؟ فقال: وجع العنق[15].
أقول: وأما كون النظر موجباً للأمان من مرض، فان العين تأثيرها سلباً وإيجاباً على ما ذكر، وليس هذا الكتاب موضوعاً لتفصيله وإلا لذكرنا تفصيلاً حوله.
الحجامة والرمد
وفي رواية أخرى عن الباقر (عليه السلام) قال: «من احتجم فنظر إلى أول محجمة من دمه أمن من الرمد إلى الحجامة الأخرى»[16].
موضع الحجامة
مسألة: للحجامة مواضع خاصة وردت في الروايات وذكرها الأطباء.
عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عن أبيه (صلوات الله عليهما) قال: «احتجم النبي (صلى الله عليه وآله) في رأسه وبين كتفيه وفي قفاه ثلاثاً، سمى واحدة النافعة والأخرى المغيثة والثالثة المنقذة»[17].
ولا يخفى أن هذه المصطلحات هي تعبير من حيث اللفظ، وان كان الأمر من حيث المعنى واحداً.
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يحتجم بثلاثة، واحدة منها في الرأس ويسميها المتقدمة، وواحدة بين الكتفين يسميها النافعة، وواحدة بين الوركين يسميها المغيثة»[18].
حجامة الرأس
مسألة: من مواضع الحجامة الرأس.
عن سالم بن مكرم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «الحجامة على الرأس على شبر من طرف الأنف وفترٍ ما بين الحاجبين، فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يسميها المنقذة»[19].
والفتر: ما بين السبابة والإبهام.
وفي حديث آخر: «كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يحتجم على رأسه ويسميها المغيثة أو المنقذة»[20].
أقول: لأنها تنقذ الإنسان وتحفظه من الهلاك والتلف.
وفي رواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: «الحجامة في الرأس هي المغيثة تنفع من كل داء إلا السام، وشبر من الحاجبين إلى حيث بلغ إبهامه، ثم قال: ها هنا، وأشار إلى موضع من الرأس»[21].
أقول: المراد بالسام الموت، أي الموت المقدّر.
وعن زرارة قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «الحجامة من الرأس شفاء من كل داء إلا السام»[22].
وعن الصادق (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأشار بيده إلى رأسه: عليكم بالمغيثة، فإنها تنفع من الجنون والجذام والبرص والآكلة ووجع الأضراس»[23].
وعن عامر سمع عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال في حديث: «والحجامة في الرأس شفاء من كل داء، والدواء في أربعة: الحجامة والحقنة والنورة والقيء، فإذا تبيغ الدم في أحدكم فليحتجم في أي الأيام، وليقرأ آية الكرسي وليستغفر الله عزوجل وليصل على النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: لا تعادوا الأيام فتعاديكم فإذا تبيغ الدم بأحدكم فليهرقه ولو بمشقص»[24].
أقول: (المشقص) نوع من نصال السهام والظاهر أن المراد بأية آلة تمكن من إخراج الدم بسببها.
حجامة الرجل
مسألة: من مواضع الحجامة الرجل.
عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «إن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يحتجم في باطن رجله من وجع أصابه»[25].
وروي عن الصادق (عليه السلام) أنه شكى إليه رجل الحكّة، فقال: «احتجم ثلاث مرّات في الرجلين جميعاً فيما بين العرقوب والكعب» ففعل الرجل ذلك فذهب عنه، وشكى إليه آخر فقال: «احتجم في أحد عقبيك أومن الرجلين جميعاً ثلاث مرات تبرأ إن شاء الله»[26].
ولا يخفى أن العرقوب والعصب الغليظ الموتر فوق عقب الإنسان خلف الكعبين من مفصل القدم والساق كما ذكره أهل اللغة[27].
حجامة الكاهل والأخدعين
مسألة: من مواضع الحجامة الأخدعان والكاهل.
عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «كان النبي (صلى الله عليه وآله) يحتجم في الأخدعين فأتاه جبرائيل (عليه السلام) عن الله تبارك وتعالى بحجامة الكاهل»[28].
أقول: في الرواية: «إن الله أدب نبيه بآدابه ففوّض إليه دينه»[29].
ومعنى ذلك أن كلا الأمرين جائزان ويكون حجامة الكاهل أولى.
و (الأخدعان): عرقان خفيان في موضع الحجامة من العنق كما ذكره لسان العرب[30].
وقت الحجامة
مسألة: تجوز الحجامة في جميع الأوقات وإن كان الأفضل في الجملة أن تكون في أوقات خاصة.
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «اقرأ آية الكرسي واحتجم أي يوم شئت، وتصدق وأخرج أي يوم شئت»[31].
ولا يخفى أنه يستفاد من هذا الحديث بالملاك وما أشبه: جواز الزواج وغير ذلك هكذا أي في كل الأوقات وذلك بعد التصدق وما أشبه، ففي الرواية: «من سافر أو تزوج والقمر في العقرب لم ير الحسنى»[32]، فإن الحديث السابق حاكم على هذا الحديث أيضاً.
أما أصل الكراهة في بعض الأوقات للحجامة أو السفر أو الزواج أو ما أشبه، فتلك لحقائق ترتبط بداخل بدن الإنسان أو لحقائق كونية أو ما أشبه ذلك مما ذكر في المفصلات.
وربما يقال: إن ما ورد في بعض روايات الحجامة من وقت خاص فإنه فضل لبعض الناس، أو لبعض الأحوال، أو لبعض الأماكن، أو لبعض الشرائط، أو ما أشبه.
قال (عليه السلام): «توقوا الحجامة والنورة يوم الأربعاء، فان يوم الأربعاء يوم نحس مستمر وفيه خلقت جهنم، وفي يوم الجمعة ساعة لا يحتجم فيها أحد إلا مات»[33].
وفي حديث: سأل طلحة بن زيد أبا عبد الله (عليه السلام) عن الحجامة يوم السبت ويوم الأربعاء وحدّثته بالحديث الذي ترويه العامة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنكروه وقالوا: الصحيح عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا تبيغ بأحدكم الدم فليحجم لا يقتله، ثم قال: «ما علمت أحد من أهل بيتي يرى به بأسا»[34].
وقوله (عليه السلام): (لا يقتله) أي التبيغ، وإلا فان زيادة الدم تسبب الأمراض المختلفة وآخرها الموت أي السكتة القلبية أو الدماغية.
.
تعليق