أكثر خطباء المنبر الحسيني يقولون مالايفعلون !؟
أكثر من الف سنة والمنبر الحسيني مستمراً في عطائه وتدفقه والكل ينها من فيضه ويرتوي من عذب ماءه ، وقد أبدع الكثير من خدمته من الخطباء الذين قدموا للإسلام الكثير الكثير من المؤسسين لتلك المجالس التي ساهمت الى حد كبير في حفظ الدين والملة والشريعة .
لقد كان للمنبر الحسيني أثر بالغ وكبير في نشر تعاليم وأحكام الدين بين الناس على إختلاف ثقافاتهم ومستوياتهم ، ولم يكن ذلك لولا الخطباء الذين حملوا قضية الإمام الحسين على عواتقهم وقدموا من أجل إيصالها الى الناس الكثير من التضحيات وذلك لا يخفى على اغلب الناس ، أضف الى ذلك إن الخطباء لم يكن ليستطيعوا ذلك لولا خَدَمَة الحسين (عليه السلام) الذين كانوا يقيمون تلك المجالس الحسينية الخالدة وينفقون أموالهم وقوت عيالهم في سبيل ذلك إلا إننا ورغم كل تلك المسيرة العظيمة التي قطعها المنبر الحسيني بكلا جزئيه الخطباء ومقيمي مجالس العزاء ، نرى في الآونة الأخيرة مظاهر سلبية كثيرة وكبيرة وخاصة في الخطباء الذين يمثلون جانباً مهم من تلك القضية وهناك عدة من الأمور السلبية ظهر واضحاً للعيان عند الخطباء ويسيئ بصورة مباشرة للمنبر الحسيني وللإمام الحسين (عليه السلام) نفسه ومن هذه الأمور :-
الأمر الأول : من المعروف بين الخطباء ورجال الدين بل حتى خارج هذا النطاق بأعتبار إن الخطابة ليست مقتصرة على جانب الدين والتدين ، فهناك الخطابة السياسية والإجتماعية وغيرها . إن الخطيب لكي يكون مؤثراً في المجتمع لا بد أن يطابق قوله فعله فيكون صادقاً فيما يقول ويدعو له . وإلا لو كان خلاف ذلك لم يكن في كلامه فائدة تذكر وهذا ألامر أشتهر بين الخطباء وكان يوصي به بعضهم بعضاً . إلا إننا للأسف بتنا نرى أفعال الخطباء بعيدة كل البعد عن أقوالهم وما يدعون له فهم يوصون الناس مثلاً بإقامة صلاة الليل ويستشهدون على ذلك بذكر الروايات التي تؤكد على إقامة صلاة الليل وثوابها وما الى ذلك ، لكننا نجده نفسه لا يصلي صلاة الليل وهذا الأمر ليس من ضرب الخيال بل إنني أؤكد إن الكثير منكم قد رأى ذلك ، فمن منى لم يبت في بيته خطيب ، فهل رآه يصلي صلاة الليل ، ولا أقول كل الخطباء بل إنني أقصد بعضهم وهم الأكثر حتماً .
هذا من جهه ومن جه اخرى نرى الخطباء ونسمعهم يتكلمون عن الزهد و نكران الذات التي تحلى بها الاولياء الصالحين ونراهم ونسمعهم يحثون الناس على التحلي بهذه الصفات العظيمة عند الله ولكننا في نفس الوقت نراهم يركبون في افخم السيارات الحديثة والتي اسعارها بالملايين ونراهم يسكنون في ارقى الاحياء وارقى الدول العالمية اضافة الى اختيارهم للبيوت الفخمة ونحن شخصيا راينا بيت احد الخطباء المشهورين في قم المقدسة والذي كان من افخم البيوت حتى انه لايحتوي على سلم بل قد استبدله جناب الخطيب بمصعد خوفا على عضلات افخاذه من التعب والارهاق وهذا العيش الرغيد قد ادى بهم الى استهجان العراق واهله وطريقة عيشهم بعد سقوط الصنم حين زار اغلبهم هذا البلد الجريح ولطالما سمعناهم يتباكون لفراق العراق والعتبات المقدسة قبل الاحتلال وهذه الامور في حد ذاتها تعتبر من الامور المتناقضة والتي ليست من صفات المؤمنين فضلا عن الصراخ بالزهد والتقشف في المعيشة ونكران الذات التي ينادون بها حتى صاروا مصداقاً للاية الشريفة (( أتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم وانتم تتلون الكتاب ))
وهذا في الواقع خلاف ما أمر به الله سبحانه وتعالى حيث قال عز وجل { يا أيها الذين آمنوا لم تقولوا ما لا تفعلون * كبر مقتأ عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون } الصف 3-4
الأمر الثاني :- ليس خافياً علينا ما يعانيه المقيمون للمجالس الحسينية من صعوبات مالية وغيرها من أجل إقامة تلك المجالس والوفاء ببعض حق آل محمد علينا . ونحن نعلم كم تمنى البعض منا أن يقيم ولو مجلساً لليلة واحدة عسى أن ينال من عظيم الأجر الذي أعده الله عز وجل لمحيي تلك الشعيرة العظيمة فإنهم يضحون براحتهم وراحة عوائلهم ويقدمون قوتهم ويضحون بأشياء كثيرة هم في حاجة ماسة لها من أجل أن يقيموا تلك المجالس ، إلا إنهم يصدمون بالأجور المرتفعة التي يطلبها الخطباء مقابل إحياء تلك المجالس .فإلى زمن ليس ببعيد كان الخطباء لا يشترطون مبالغاً مقابل خطبهم ، إلا إننا نلاحظ اليوم إن أكثر الخطباء باتوا لا يوافقون على إحياء تلك المجالس إلا مقابل مبالغ كبيرة يتم ألأتفاق عليها مسبقاً مما يفقد الخطيب مصداقيته والروحانية التي كان من المفروض أن يتحلى بها لكي يكون مسدداً ومؤيداً بتأييد الله ومؤثرأ في نفوس المستمعين . وقد قيل ( ما يخرج من القلب يدخل الى القلب ) فأصبح هدفهم الكسب المادي ليس إلا ونتيجة لذلك صاروا لا يهتمون بتوعية وتثقيف الناس بقدر ما يهتمون بإرضائهم وإشباع رغبتهم في البكاء وإثارة مشاعر الحزن وما الى ذلك .
وفي هذا الصدد احببت ان نقل لكم هذه القصة التي حدثت مع احد اكبر الخطباء الشيعة في يوم من الايام وفي عهد المقبور صدام اللعين ذهبت الى زيارة احد اقاربنا الذي قد زار العراق حديثا وهو رجل اعمال في دولة الامارات ولحكم القرابه كنا مدعوين لزيارته في بيته في العراق وفي اثناء الزيارة تبادر الكلام بخصوص المجالس الحسينية والخطب والمحاضرات والعلة من ذلك هو حرماننا من هذه المجالس في زمن البعث اللعين فضحك من كلامنا وقال لو كنتم معي حين تعاملنا مع فلان لكرهتم الدين الذي تدانون به فقلنا ولم ذلك قال اتفقت انا و امير اماراتي شيعي وبعض رجال الاعمال على اقامة مجلس حسيني في الامارات فقمنا بالاتصال بالخطيب المعروف جدا فشرط علينا مبلغ مرتفع الى اقصى ما يتصورة العاقل والشرط هو الدفع بالدولار وليس بالعملة العربية فقال لم نستطع دفع المبلغ ففشلنا في اقامة المجلس انتهى كلامه احب ان انوه الى انني نسيت المبلغ بالضبط لان هذه الحادثة قبل اكثر من اثنتي عشر سنة ولكن المهم انه هو التاجر ومعة جماعة وامير اماراتي لم يستطيعوا دفع المبلغ فماذا تتوقعون اذن!!!!
الأمر الثالث :- إهماله قضية مهمة بل هي أهم القضايا التي كان يجب أن لا يفعلوها نهائياً والتي هي في الواقع ما يريده الحسين (عليه السلام) وهي قضية الإمام المهدي (عليه السلام) فلا نكاد نجد خطيباً إلا ما ندر يذكر الإمام المهدي (عليه السلام) في خطبه أو يحاول إيضاح أمره (عليه السلام) للآخرين وربط الناس به منطلقاً من علاقة الحسين بالمهدي (عليهما السلام) وإنه هو الآخذ بثأره والطالب بحقه ، خاصة وإن المهدي (عليه السلام) هو إمام عصرنا وهو الممثل الشرعي للإمام الحسين (عليه السلام) في زمننا هذا بل إنه هو حسين العصر فإن دم الحسين وروحه فيه (عليه السلام) بل انهم وللأسف الشديد هم انفسهم يجهلون امر الامام المهدي (ع) وقضيته ودعوته وكيفية ظهورها وما على الناس فعله للوصول الى نصرته (ع) .
والحقيقة ان هذه الامور ان استمرت على هذا المنوال فان المنبر الحسيني بات مهدداً بل ان هذه الامور تسيء بصورة واضحة للأمام الحسين عليه السلام وليس العكس .
تعليق