إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

"المرجعية النجفية» و"معدان» الانتفاضة الشعبانية 1/ 3

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "المرجعية النجفية» و"معدان» الانتفاضة الشعبانية 1/ 3

    "المرجعية النجفية»

    و"معدان» الانتفاضة الشعبانية 1/ 3


    بقلم المفكر العراقي عادل رؤوف



    مساكين هؤلاء «الغوغاء» ـ ثوار الانتفاضة ـ التي تعد أكبر حدث ثوري في العراق خلال القرن الماضي، إذ إن غير الله سبحانه وتعالى، لا يعلم الكثير من تفاصيل هذا الحدث، رغم كل ما دون عنه حتى هذه اللحظة، و«مساكين» هؤلاء الثوار الشجعان، الذين استشهدوا دفاعا عن «بيت الخوئي» حتى اللحظة الأخيرة، رغم اندحار الانتفاضة في النجف الاشرف، ورغم الأوامر، التي صدرت لهم من «بيت الخوئي»، بأن عليهم أن ينسحبوا من ساحة المواجهة، علما أن مهمتهم كانت هي حماية هذا البيت، إلا أن غيرتهم «الدينية» ورسوخها الفطري في داخلهم أبت إلا أن يواصلوا مشوار المواجهة مع أزلام السلطة، وأن يرفضوا أوامر الانسحاب التي صدرت إليهم من أحد أولاد الخوئي آنذاك ـ الراحل محمد تقي ـ، واستشهدوا جميعا، وكان عددهم لا يقل عن الأربعة عشر ثائرا، ويتزعمهم الرائد حميد من أهالي مدينة الرميثة، التي رأت «حاشية الخوئي» بأن حمايته وحمايتهم ينبغي أن يكونوا من هذه المدينة، فالرائد حميد وزملائه لا يعرف نظافتهم وفطرتهم الدينية السليمة إلا من عايشهم.

    على أية حال: ـ زارني ذات مرة، وبعد مرور أكثر من ثماني سنوات على مرور الانتفاضة الشعبانية، السيد «ساچت الشرع» في دمشق، عندما كنت مديرا لـ «المركز العراقي للإعلام والدراسات»، وعرض علي الذهاب معه إلى السيد مجيد الخوئي، الذي كان حينها في زيارة إلى سوريا قادما من لندن، والسبب، والكلام ـ للسيد ساچت ـ انك تعرف يا أخي عادل بأن عددا من العوائل تعاني الآن من الجوع المدقع لأن معيليها كانوا من حماية السيد الخوئي أيام الانتفاضة، واستشهدوا جميعا، لذا ما دام السيد مجيد الخوئي موجوداً هنا في دمشق، فأنا أرى أن نذهب أنا وإياك إليه لإيجاد حل لمشكلة هؤلاء العوائل ـ انتهى كلام السيد ساچت ـ بقيت صامتاً للوهلة الأولى، وقفزت ذاكرتي إلى أيام الطفولة مع الشهيد الرائد حميد ـ الذي عرف بطولته كل أبناء مدينة النجف الثوار الذين شاركوا في الانتفاضة ـ وزملائه، وسرح ذهني بعدها بقصة الانتفاضة وضحايا العراق الثوار «الدوريين» ـ أي كلما توفر لهذا العراق منعطف ثوري، أبيد جيله بقسوة لا نظير لها، بسبب غياب الزعامة دائما، بعدها انتقل ذهني إلى ما قاله ضيفي، وكان السيد مجيد الخوئي حينها رئيساً لـ «مؤسسة الخوئي» في لندن، التي ورثها وورث معها الكثير من مئات ملايين دولارات «والده»، وكان حينها غارقا في هموم الزعامة بالتنسيق مع الأميركان، وأحد زعماء المال الكبار لـ «المعارضة العراقية» السابقة، وعندما كان يأتي بزيارة إلى سوريا، يقصده كثير من العراقيين الجياع، وبعض المرتزقة، وتجار المشاريع «النصابين المحتالين»، على أية حال: وجهت كلامي إلى ضيفي قائلا له: «أنا لم ولن أذهب إلى هذا الرجل»، حاول معي كثيراً، فلم أجبه إلا الإجابة ذاتها، وقلت له: «إذهب أنت، وتحدث معه حول الموضوع وجرب»، وفعلا ذهب إليه بعد ما أسمعني كلمات مفادها، بأنه إن لم يستجب لطلبه الخوئي فسوف لن يسكت، ذهب إليه، ثم التقينا بعدها، وإذا به يكاد ينفجر من الألم، قائلا لي: «أتعرف ماذا قال لي ابن الخوئي؟» قلت: «لا، لا أعرف»، قال: «بعد أن شرحت له قصة هؤلاء العوائل، نطق، أول ما نطق، هل هؤلاء نجفيون؟» على القارئ بعدها، أن يتصور كم من الملفات المؤلمة، التي طويت مع الانتفاضة باسم «المرجعية» ودورها في هذا الحدث ـ المنعطف في تاريخ العراق المعاصر ـ!!! وما هو دور الأولاد ـ أولاد «المراجع» ـ الذين كانوا ولا زالوا يتلاعبون بدماء الأبرياء من العراقيين الثوار الشرفاء، فبالأمس كان ابن الخوئي وأولاد المراجع الآخرين، الذين كانوا يطلقون اسم «المعدان» عليهم، كما فعل ذلك السيد عبد العزيز الحكيم من خلال كراسه المشهور، الذي وزع في جنوب العراق ضد ظاهرة الشهيد الصدر الثاني قبل استشهاده، والذي أوردناه بالكامل ـ الكراس ـ في ملاحق كتابنا «مرجعية الميدان»، واليوم، وفي ظل الاحتلال الأميركي، عمار الحكيم ووالده الذي استدرك ما قاله ذات مرة، رفيقه عضو المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، صدر الدين القبانجي في إحدى خطبه في صلاة الجمعة في النجف الاشرف، حيث جاء فيها ما يشير إلى «الزامية» إخراج الوافدين إلى النجف منها، وكان يعني بهم جمهور الصدر الثاني، فاستدرك عبد العزيز الحكيم الموقف «مؤنبا» القبانجي على ما قاله، ومحذرا إياه من تكراره، بحكم تغير الظروف، التي ما عاد في ظلها مثل هذا الكلام يخدم مصالح الظاهرة الحكيمية، التي أبدلت معظم ثوار «فيلق بدر»، بأبناء العشائر الجنوبية، الذين انخرطوا معه بسبب منظومة من العوامل «البطالة، الغيرة على الدين، عدم معرفتهم بتاريخ ما جرى لهذا العراق»، وهم لا يعلمون بأن مَنْ أدخلهم ضمن «فيلق بدر»، كان يطلق عليهم اسم «المعدان»، وبأنهم سيكونون مشروعا مؤجلا للمتاجرة، وربما الموت في دورة من دوراته اللاحقة، التي «اعتادها» العراق، ووضعهم من حيث لا يشعرون بوجه أبناء الصدر الثاني، ربما انتقاما منهم ومن الصدر الثاني ومن كل أبناء العراق الشرفاء، لان حادثة «مسجد أعظم»([1]) تحولت حقدا دفينا على العراقيين.

    على أية حال: وعودة إلى ملف صدام حسين مع «المرجعية»، وتوظيفه لها حسب ما يريد، نطل على مثال آخر نشرته صحيفة «القادسية» بتاريخ 4/ ايلول/1991م، تحت عنوان «القادسية تلتقي العلماء أعضاء الحوزة الدينية الكبرى في النجف ـ تثمين اهتمام القائد صدام حسين بالمراقد المقدسة في النجف وكربلاء» جاء ما يلي:

    « النجف / من عبد الحسن الجنابي: عبر السادة العلماء الأجلاء أعضاء الحوزة العلمية الدينية الكبرى في محافظة النجف عن عظيم اعتزازهم بالدور الرائد، الذي اضطلع به القائد المجاهد صدام حسين في إعادة تعمير وتجميل المراقد المقدسة في محافظتي النجف وكربلاء رغم الظروف الصعبة، التي يمر بها العراق جراء الحصار الاقتصادي الظالم المفروض عليه من قبل الدول الاستعمارية والامبريالية.

    جاء ذلك في لقاءات أجراها مراسل القادسية في محافظة النجف خلال حضورهم الاحتفال الديني الكبير، الذي أقيم في الصحن الحيدري المقدس برعاية السيد الرئيس القائد بمناسبة بدء مراسيم الزيارة للمرقد.

    فقد قال العلامة المجتهد حسين محمد تقي بحر العلوم لقد سعدت كثيرا وأنا ادعى لحضور هذا الاحتفال الكبير، الذي اقيم بمناسبة إكمال مراحل مهمة من عمليات التعمير والتجميل وبدء مراسيم الزيارة التي انتظرها المواطنون بلهفة كبيرة، وإنني على ثقة بأن الفضل الأول في هذا الانجاز يعود لدعم القائد صدام حسين واهتمامه بالمراقد المقدسة.. فتحية كريمة لسيادته بهذه المناسبة ودعوانا إلى الباري عز وجل أن يحقق الآمن والأمان والسلام الدائم في ربوع الوطن والأمة العربية والإسلامية ويوحد الكلمة والصف لما فيه خير العرب والمسلمين وكل الخيرين في العالم.

    وقال العلامة المجتهد محمد كلنتر إن ما رأيناه هذا اليوم من جهد كبير بذلته الجهات المختصة من اجل إعادة اعمار مرقد الإمام العظيم علي بن أبي طالب (ع) يؤكد لنا الاهتمام الكبير، الذي يوليه الرئيس القائد صدام حسين لمراقد الأئمة الأطهار والقادة العظام وكل دور العلم والعبادة، وحتى في الحالات الطارئة كالحالة التي نعيشها الآن نتيجة العدوان الثلاثي.. وإننا في الوقت الذي نعبر فيه عن اعتزازنا ببدء أداء مراسيم الزيارة، نعبر عن أسفنا بل استنكارنا للأعمال التخريبية التي مارسها المجرمون في المراقد المقدسة والتي لاتزال آثارها واضحة في كل مكان من المرقد المقدس الشريف.

    أما العلامة المجتهد محمد سلطان مصطفى فقد قال ونحن نحضر هذا الاحتفال الديني المهيب وفي رحاب الحظرة الحيدرية المقدسة وبمناسبة مهمة هي بدء الزيارة لمرقد الإمام علي بن ابي طالب (ع) والتي توقفت لفترة نتيجة الأضرار البالغة التي أصابت المرقد والصحن خلال الأحداث التي نفذها العملاء والمأجورون.. ندعو الباري عز وجل ونتذرع اليه أن تتعزز حالة الأمن والسلام في بلادنا وأن يلم شمل المسلمين على الخير والعمل الصالح من اجل رقي امتنا وبما يجعلها أكثر قوة بوجه تحديات الكفار والمستعمرين كما نود أن نشكر القائد صدام حسين على ما بذله من جهد كبير من اجل تعمير وتطوير مراقد الأئمة الأطهار متمنين لسيادته التوفيق في سعيه الخير من اجل رفعة العراقيين والعرب والمسلمين.

    يتبع

  • #2
    وحدثنا العلامة المجتهد محمد الصدر قائلا: نحمد الله ونشكره على أن المحنة التي مر بها بلدنا قد ولت وها نحن نعيش حالة الأمن والاستقرار وها هي مراقدنا تفتح أبوابها للزائرين بفضل جهد الحكومة وعلى رأسها السيد الرئيس القائد صدام حسين الذي وفر كل مستلزمات إكمال عمليات ترميم المراقد خاصة مرقد الإمام علي بن أبي طالب (ع).. فتحية احترام وتقدير لسيادته داعين الباري عز وجل أن يأخذ بيده ويعينه في خدمة الوطن والأمة. والتقينا أيضاً بالعلامة المجتهد محمد علي الحكيم الذي عبر عن سعادته وسروره بهذه المناسبة داعيا الجميع إلى التكاتف وعمل الخير والسير على نهج القادة العظام ونبذ الفرقة والحرص على المقدسات معبرا عن شكره لمبادرة الرئيس القائد صدام حسين بفتح أبواب المراقد الحيدرية المقدسة للزائرين رغم استمرار العمل على آثار التخريب. كما أكد عدد من السادة رجال الدين وهم محمد جعفر الكرباسي ومهدي الخرسان ومحسن الحمامي ونوري الموسوي وجمعة الموسوي عن فرحتهم الكبيرة بهذا الحدث المهم واعتزازهم برعاية السيد الرئيس القائد لهذا الاحتفال ودعمه الكبير للجهات المختصة من اجل انجاز عمليات اعمار مرقد الكرار العظيم وكل المراقد المقدسة في المحافظة.»([2]).

    وكذلك نشرت «الجمهورية» التي كان يرأس تحريرها آنذاك سعد البزاز، مقالاً بعنوان «علماء الحوزة العلمية في النجف الاشرف يحرمون الاستعانة بالقوة الكافرة على المسلمين المجاهدين في العراق» وكان ذلك بتاريخ 27/ كانون الثاني/1991م. جاء فيه ما يلي: «إثر العدوان الكافر الفاجر على العراق المسلم المجاهد الصابر وتعرض المقدسات الإسلامية عامة ومراقد آل البيت في النجف الاشرف وكربلاء المقدسة خاصة للقصف الوحشي الغادر تنادى علماء الحوزة العلمية في النجف الاشرف إلى اجتماع ديني كبير في الروضة الحيدرية المطهرة في السنة 11/رجب/1411ھ استشعارا منهم بالجريمة الكبرى التي يقترفها الكفرة بحق العراق وبلد المقدسات وما يتعين عليهم شرعاً من دور جهادي لاستنهاض همم المسلمين وطاقاتهم لرد عدوان الكافرين عن هذا البلد الأمين. فصدروا النداء الإسلامي الجهادي الآتي نصه:

    (بسم الله الرحمن الرحيم

    قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم (الّذِينَ قَالَ لَهُمُ النّاسُ إِنّ النّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)، يتعرض الشعب المسلم في العراق هذه الأيام إلى الملحمة الشرسة الضالة المضلة من قبل جيوش الكافرين المعتدين وعملائهم المنافقين وحلفائهم الخاسئين مستهدفة احتلال أرضنا المقدسة واهانة حرماتنا وهدم تقاليدنا. والحوزة العلمية الإسلامية في النجف الاشرف إذ تعين وعلى أي شعب حسم موقفه (........) حيث كان، اعتداء على المسلمين جميعاً واهانته للدين الحنيف، نهيب بالمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها إلا يتقاعسوا أو يتماهلوا في رد عادية الكافرين وحماية الحرمات المقدسة، التي انتهكت في العراق عامة وفي النجف الاشرف وكربلاء المقدسة خاصة، فان الذي يتقاعس عن هذه المهمة المقدسة انما هو إهمال للدين وإعراض عن شريعة سيد المرسلين، وأنه قد يؤدي ـ لا سامح الله ـ إلى انتشار هذا العدوان إلى مجتمعات إسلامية أخرى ويجدر بالمسلمين عموما أن يجمعوا صفوفهم ويوحدوا كلمتهم ويتصدوا لإنقاذ الدين في هذا البلد الأمين، ويستنكروا الاستعانة بالقوى الكافرة من اجل اللذات الرخيصة و(.........) المسلحة العاجلة، فإن ذلك من المحرمات الكبيرة في الإسلام. قال الله سبحانه وتعالى: (بَشّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً، الّذِينَ يَتّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزّةَ فإن العِزّةَ للهِ جَمِيعاً). ونتضرع إلى الله عز وجل أن يجمع شمل المسلمين على الهدى والإصلاح وأن يجنبهم عاديات البلاء ويوفقهم لرد كيد الكافرين ويوحد كلمتهم العليا انه على كل شيء قدير. والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين. 7 / رجب /1411. عز الدين آل بحر العلوم، السيد علاء الدين بحر العلوم، ومحمد الخرسان، السيد محمد الصدر، على الموسوي السبزواري، محمد الطباطبائي الحكيم، احمد كاظم البهادلي، محمد حسين السيد موسى بحر العلوم، علي الغروي، هادي فياض، محي الدين الغريفي.»([3]).

    ويمكن أن نقرأ في الصحيفة ذاتها بيان لآية الله الخوئي حول الأمر ذاته، ومما جاء في هذه البيان: «بسم الله الرحمن الرحيم

    (الّذِينَ إذا أَصَابَتْهُم مّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنّا للهِ وَإِنّـآ إِلَيْهِ رَاجِعونَ) صدق الله العظيم. تمر بالأمة الإسلامية في هذه الأيام وبسبب تفرق كلمتهم ظروف قاسية وفجائع مؤلمة ومحن تحز في نفس كل غيور. مما أدى إلى اعتداء الكفار عليهم وإراقة الدماء البريئة وانتهاك الحرمات والاعتداء على المقدسات.

    ومما يزيد في النفس ألماً يكون ذلك بفعل الأجنبي الكافر الذي ما انفك يوما عن التآمر جاهدا للوقيعة بين المسلمين وتحطيم مبائدهم وطمس حضارتهم»([4]).

    لقد شكلت محطة وفاة الخوئي لصحافة النظام آنذاك، بعد اشكال الممارسة الاستغلالية، التي مارسها النظام لـ «مرجعيته» باتجاه توظيفها إزاء سياسته الخارجية، وإزاء الرأي العام الداخلي، وفي أخطر مرحلة ثورية شهدها العراق خلال القرن الماضي، شكلت هذه المحطة مادة للتغطية من قبل صحف النظام وبالأخص صحيفة «العراق» الصادرة في 10 / آب / 1992([5]). وصحيفة «الثورة» الصادرة بالتاريخ ذاته([6]). وكذلك صحيفة «القادسية» بتاريخ 11 / آب / 1992([7]). وكذلك صحيفة «بابل» ومجلة «ألف باء» في 2 / أيلول/ 1992([8]). و«الجمهورية» بتاريخ 28 / أيلول / 1992م([9]). و«القادسية» الصادرة بتاريخ 8 / تشرين الأول /1992م([10]). و«القادسية» في 2 / آب / 1994م([11]).

    لم يكن لنثقل القارئ بهذه النصوص الصحفية لولا الأهمية القصوى لإعادة قراءتها، والوقوف عند دلالاتها، في إطار المبحث، الذي نحن بصدده، فقد أكدنا سابقا أن هذه «الحوزة» النجفية، التي وظفها صدام حسين بهذا الشكل، الذي يصب في اتجاه سياساته الخارجية والإقليمية والمحلية، برموزها وأسمائها التي أوردتها تلك الصحف، إنما استجابت لذلك مكرهة... إلا أن الثابت في الأمر الذي لا يستطيع أن ينكره أحد، هو مبدأ الاستجابة، الذي عبرنا عنه في ما مضى، بأنه يعبر عن «حوزة مهزومة ذاتياً»... وما يمكن أن يثار بهذا الصدد هو هل أن الواقع ما كان يسمح لكل هؤلاء ـ باستثناء محمد الصدر الذي كان يخبئ مشروعه واحمد الحسني البغدادي الذي كان لديه تنظيم سري يعمل ضد النظام ـ بأن يضعوا أنفسهم في موقع الذل تحت عنوان «التقية»، لو اخلصت النوايا فعلا؟ وهل مبدأ «التقية» يبرر إذلال الأمة من خلال عملهم به الذي قلنا عنه إنه إذلال لا بعده إذلال؟ إننا نعتقد انه إذا توقف الأمر على هذا الإذلال لهم وللأمة، وعلى خيارات أخرى كانت متاحة، فلا يمكن لعاقل أو متدين أن يرجح هذا الإذلال على خيار الهجرة خارج العراق، أو على خيار ترك «الحوزة» وجلوسهم في بيوتهم، إذا ما كانوا لا يملكون جرأة وشجاعة الصدرين الأول والثاني... وإذا كانت الذريعة ـ السيمفونية ـ المعتادة التي ستقال إزاء مثل هذا الكلام بأن أمر بقائهم يرتبط بـ «حفظ الكيان الحوزوي»... فأي كيان هذا الذي نحافظ عليه بالذل؟ وما فائدة «حوزة» ذليلة تنفذ إرادة السلطان وستكون مساهمة في قتل الناس الأبرياء؟ وما الذي ستخسره الأمة من هكذا «حوزة ذليلة» تؤدي إلى إذلالها بالكامل؟ وأي منجز معرفي لهذه «الحوزة» يبرر ذبح الأمة وإذلالها؟ إنه لأمر غريب أن تدعو هذه «الحوزة» للجهاد «مكرهة» من قبل صدام حسين ضد الأميركان... فيما هي تتخلف عن الجهاد، الذي خاضه الشهيدان الصدران الأول والثاني، وتوجا جهادهما بالاستشهاد... وإن لأمر غريب أن الشعب العراقي يكون ضحية «نخبه» الفكرية والثقافية والسياسية، التي لم توضح له الفرق بين هذين «الجهادين».. «الجهاد الإكراهي» تحت راية صدام حسين.. و«الجهاد الميداني» للصدرين.. وإنه لأمر غريب أن هذه «النخبة» تصالح بين هذين «الجهادين» لـ «حوزة» النجف، ولا تفصل بشكل واضح بين الصدرين ورموز العراق الجهادية الأخرى.. وبين «حوزة» النجف بزعامة «مرجعها» الأعلى.

    على أية حال ولكي تتضح الصورة بشكل أدق، لابد من الرجوع إلى صحافة النظام قبل سقوطه بسنوات قليلة لمواكبة عملية توظيفه لهذه «الحوزة» إذ ذهب عهد الخوئي، وجاء عهد السيستاني والباكستاني ومحمد سعيد الحكيم وبحر العلوم و«حوزتهم»، فقد أوردت صحيفة «الجمهورية» الصادرة بتاريخ 19/كانون الأول/1998م، ما يلي: «علماء النجف الاشرف: الدفاع عن العراق واجب مقدس

    يتبع

    تعليق


    • #3
      ـ من النجف الاشرف / الجمهورية: اصدر عالمان دينيان من علماء مدينة النجف الاشرف فتوى اعتبرا فيها أن الدفاع عن العراق المسلم وكيان المسلمين واجب مقدس، وأهاب الإمام محمد سعيد الحكيم الطباطبائي والسيد الحسين التقي آل بحر العلوم المسلمين، أن يوحدوا كلمتهم في وجه العدو الغاشم، ويتمسكوا بتعاليم دينهم، ودعا السيد الحسين التقي آل بحر العلوم المسلمين إلى رد الاعتداءات الظالمة بوجه واحد وإيمان صامد، معتمدين على الله. واعتبر أن الدفاع عن الوطن المسلم وكيان المسلمين من الواجب المقدس على كل من استطاع إليه سبيلا»([12]). وقد جاء في الصحيفة ذاتها بعد يومين من النص المتقدم، ما يلي:

      «بغداد / واع: أصدر سماحة السيد آية الله العظمى المرجع الديني الكبير علي السيستاني فتوى دعا فيها المسلمين إلى الجهاد من أجل الدفاع عن العراق وإفشال العدوان الأميركي البريطاني البغيض الذي يتعرض له شعبه الصابر. وجاء نص الفتوى. (بسم الله الرحمن الرحيم (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأرْضِ قَالُوَاْ إِنّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ، إلا إِنّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـَكِن لاّ يَشْعُرُونَ) صدق الله العظيم

      نستنكر ما يتعرض إليه العراق العزيز من عدوان غربي سافر وندعو إلى وقفة بجميع اشكالها سائلين الله العلي القدير أن يوحد كلمة المسلمين في مواجهة المعتدين ويدفع عن هذا البلد المسلم شر الأشرار وكيد الكفار وينعم عليه بالأمان والرخاء (رَبّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ) صدق الله العظيم



      سماحة السيد آية الله العظمى المرجع الديني الكبير

      علي الحسيني السيستاني)



      ـ بغداد/ واع: وجه سماحة آية الله السيد حسين الصدر إمام الروضة الكاظمية المقدسة نداء إلى المسلمين عامة والى الشعب العراقي خاصة دعا فيه إلى الوقوف صفا واحدا خلف قيادة السيد الرئيس المجاهد صدام حسين حفظه الله ورعاه وفي ما ياتي نص النداء:

      (بسم الله ارحمن الرحيم قال تعالى (وَمَا النّصْرُ إلا مِنْ عِندِ اللهِ) وقال تعالى (إِن تَنصُرُواْ اللهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبّتْ أَقْدَامَكُمْ). صدق الله العظيم

      ونحن بمقدار ما نستنكر العدوان الجائر على وطننا الحبيب العراق العظيم من قبل الكفرة الملحدين والصهاينة المجرمين ومن اتبعهم ووالاهم ممن يدعون العروبة والإسلام، نهيب بشعبنا الصامد المجاهد الوقوف صفا واحداً بقيادة السيد الرئيس القائد صدام حسين متكاتفين متضامنين كالبنيان المرصوص أمام الأعداء الحاقدين الطامعين بأرضنا ووطننا وعزتنا وكرامتنا لنكون قد قمنا بالمسؤولية الشرعية وادينا الأمانة والله من وراء القصد إنه ارحم الراحمين.



      الكاظمية المقدسة السيد حسين الصدر)



      ـ بغداد/ واع: وجه المرجع الديني السيد محمد كلنتر الموسوي والمؤرخ الكبير الشيخ باقر شريف القرشي نداءين إلى جميع المسلمين وأبناء العراق دعوا فيهما إلى الاستبسال للدفاع عن العراق وترابه المقدس وفي ما يأتي نص النداءين:

      (بسم الله الرحمن الرحيم قال عز من قائل: (لَتَجِدَنّ أَشَدّ النّاسِ عَدَاوَةً لّلّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالّذِينَ أَشْرَكُواْ) وقال عز من قائل: (أَعِدّواْ لَهُمْ مّا اسْتَطَعْتُمْ مّن قُوّةٍ وَمِن رّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوّ اللهِ وَعَدُوّكُمْ) وقال عز من قائل: (يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تَنصُرُواْ اللهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبّتْ أَقْدَامَكُمْ). صدق الله العظيم

      إن الدفاع عن الوطن والبلاد الإسلامية العراقية وكيان المسلمين ومقدساتهم واجب شرعي على كل من استطاع إليه سبيلا.. أخذ الله بيد المسلمين اتجاه هؤلاء اليهود عليهم لعائن الله الذين يتربصون للمسلمين عليهم دائرة السوء.



      السيد محمد كلنتر الموسوي



      (بسم الله الرحمن الرحيم إن الاعتداء الصاروخي على وطننا العزيز من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا بفرض الحصار الغادر علينا وضرب منشآتنا الحيوية والاقتصادية وإزهاق الأنفس البريئة بصواريخهم وقنابلهم المدمرة الذي ينم عن حقدهم البالغ على هذا الوطن العظيم الذي هو القلعة الحصينة للعروبة والإسلام.. إنا نهيب بأحرار العالم أن يهبوا لإدانة هذا الاعتداء الذي هو اعتداء على العالم الإسلامي والعربي، وإنا نسأل من الله تعالى أن يمزق شمل المعتدين ويجعل عليهم غضبهم وأن يتغمد أرواح الشهداء بالرحمة والرضوان إنه تعالى ولي ذلك والقادر عليه.



      باقر شريف القرشي

      النجف الاشرف»([13])

      وجاء في صحيفة (الثورة) بتاريخ 11/2/1999م ما يلي:

      «نداء من آية الله السيد بحر العلوم إلى شعب العراق

      صدر عن مكتب آية الله الحسين بن التقي آل بحر العلوم نداء موجه إلى شعب العراق في ما يأتي نصه: بسم الله الرحمن الرحيم

      قال الله تبارك وتعالى في محكم كتابه المجيد: (وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفّةً). (وَأَعِدّواْ لَهُمْ مّا اسْتَطَعْتُمْ مّن قُوّةٍ وَمِن رّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوّ اللهِ وَعَدُوّكُمْ)، (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ) صدق الله العظيم

      يا أبناءنا العراقيين الغيارى على إسلامهم وكرامتهم ووطنهم الحبيب يا أبناء (ثورة العشرين) المنتصرة بالإيمان الأعزل في وجه الكفر المدجج بالسلاح.

      نهيب بكم يا أبناء العراق المسلم أن تقفوا صفا واحداً كالبنيان المرصوص في وجه الاستعمار الكافر بثالوثه الخبيث (الأنكلو أميركي الصهيوني) وبالضالع وراء ركابه الأهوج من بعض الدول القريبة المحسوبة على الإسلام وهو من نفاقها براء. نهيب بكم يا أبناء العراق اليوم أن تقفوا كما وقف آباءكم بالأمس في وجه الاستعمار الكافر بذاته وذاتياته لتردوا الغارات الصاروخية الموجهة إلى عامة محافظات القطر وبالأخص على النجف الاشرف مثوى الإمام العظيم رائد الإنسانية والإسلام علي بن أبي طالب (ع). دافعوا أيها العراقيون النشامى عن وطنكم وإسلامكم وكرامتكم وممتلكاتكم الحيوية ومن الواجب المقدس على كل من استطاع إليه سبيلا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



      الحسين بن التقي آل بحر العلوم

      صدر عن مكتب السيد بحر العلوم

      النجف ـ جامع الطوسي 18 / شوال لسنة 1419ھ»([14])



      وقبل ذلك بتاريخ 2/كانون الثاني/1999 نشرت صحيفة «العراق» التالي:

      «المراجع الدينية في الحوزة العلمية في النجف الاشرف / العدوان الهمجي الذي شنته أميركا وبريطانيا ضد العراق.

      استنكر عدد من المراجع الدينية في الحوزة العلمية بالنجف الاشرف العدوان الهمجي الذي شنته أميركا وبريطانيا ضد العراق. وأكدوا في فتاوى أصدروها حول العدوان الغاشم أن هذا العدوان الذي يتناقض مع كل القيم السماوية لا يستهدف العراق حسب بل الأمة الإسلامية جمعاء.. مطالبين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بإدانة هذا العدوان السافر الذي يهدف إلى إطالة أمد الحصار الجائر المفروض على الشعب العراقي. فقد اصدر الفتاوى كل من السيد علي الحسيني البهشتي، والسيد محمد مهدي سيد حسن الموسوي الخرسان، والشيخ بشير حسين (الباكستاني) النجفي، والشيخ احمد البهادلي، والسيد عدنان البكاء»([15]).

      وبعد وفاة السيد بحر العلوم، الذي كان مرشح النظام لـ «المرجعية العربية» بعد صراعات مريرة خاضها جميع «المراجع» ضد «مرجعية» الشهيد محمد محمد صادق الصدر، أعطى النظام أهمية بارزة له([16]). وقبل ذلك جاء في «القادسية» الصادرة بتاريخ 4/آذار/2001م، استنكار مجموعة من المراجع للعدوان الأميركي، إذ «اصدر عدد من رجال الدين في العراق فتاوى دانوا فيها عدوان الرجعة الرابعة الأخيرة على العراق.. اصدر السادة العلماء الشيخ بشير حسين (الباكستاني) النجفي الفتاوى التي شجبوا واستنكروا فيها العدوان الأميركي البريطاني الصهيوني على قطرنا المجاهد وننشر في ما يلي يا صوراً لفتاوى السادة العلماء»([17]).

      وقبل ذلك بتاريخ 12/تشرين الأول/2000 نشرت صحيفة «العراق» ما يلي:

      «رجال الدين الأفاضل في النجف الاشرف يدعون للجهاد ومقاتلة الصهاينة اليهود المفسدين: (وجه علماء الدين في النجف الاشرف نداء إلى أبناء الأمة العربية والإسلامية للجهاد ومقاتلة الصهاينة اليهود المعتدين على أرض المقدسات في القدس الشريف موضحين في نداءات.. أن وحدة العرب والمسلمين في مواجهة العدو الصهيوني كفيلة بالتصدي لمخططاتهم الخبيثة التي تستهدف قيم ومبادئ أمتنا العربية والإسلامية، وأهاب العلامة السيد حسين بحر العلوم بالغيارى على عروبتهم وإسلامهم في كل مكان أن يقفوا باسم الإسلام موقف الجهاد المقدس بوجه الصهاينة المتمردين مشيرا إلى أن إسرائيل اللقيطة لن تتجرأ بعدوانها الشرير ضد العرب والمسلمين إلا بدافع ودعم من الاستعمار الغربي الكافر، ودعا العلامة السيد علي السيستاني أبناء الأمة الإسلامية إلى رص صفوفهم ويوحدوا كلمتهم ويستجيبوا لأمر الله عز وجل بقوله (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَآءً فَأَلّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مّنَ النّارِ فَأَنقَذَكُمْ مّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلّكُمْ تَهْتَدُونَ) وأن يكونوا يدا واحدة على من تكالب عليهم من قوى الشر والكفر. وأكد العلامة السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم أن الكيان الصهيوني فئة ملعونة مغضوب عليها بالجريمة والعدوان ما زالت تمارسها في تاريخها الطويل مستنكراً بمرارة وأسى ما قامت به العصابات الصهيونية من انتهاك لحرمة المسجد الأقصى أولى القبلتين والاعتداء على الشعب العربي في فلسطين.

      وقال العلامة الشيخ بشير النجفي إن من المحزن أن تتمكن زمرة من الصهاينة مليئة بالحقد والكراهية على العدالة والإنسانية من زرع كيانها في قلب البلاد الإسلامية.. مباركا انتفاضة الأقصى والدور الفاعل لأطفال وشبان فلسطين الواعي المتحمس لمواجهة العدو الصهيوني المدجج بأحدث الأسلحة وافتك آليات الحرب المدمرة المبيدة وشفاههم تبتسم للموت على الحق دفاعا عن أنفسهم وأعراضهم ومقدساتهم»([18]).




      يتبع

      تعليق


      • #4
        "الرباعي المرجعي»

        بين

        السلطة الصدامية والسلطة الاميركية



        علينا أن نتوقف من جديد إذن على ضوء مجموعتي النصوص المطولة حول ذات المجموعة «المرجعية» الرباعية «علي السيستاني (الايراني)، واسحاق فياض (الافغاني)، وبشير النجفي (الباكستاني)، ومحمد سعيد الحكيم»، و«حوزتهم» في مرحلتين، مرحلة نظام صدام حسين البائد، ومرحلة العراق المحتل أميركيا، وعلينا أن نلحظ الواقعين للمرحلتين... والتوقف عندهما، و«المرحلة» لا شأن لها هنا بأي منجز فكري أو معرفي أو حتى فقهي، لان هذه الرموز لا شأن لها بما هو فكري ومعرفي معاصر، أما في الجانب الفقهي فإن تمايزوا وإن لم يتمايزوا في المنجز، فالأمر سيان، كون هذا المنجز في الحالتين ما هو إلا امتداد لـ «مدرسة» فقهية ـ اجترارية ـ تقليدية، يتساوى فيها العمق واللاعمق من حيث العلاقة مع شؤون الأمة، وشؤون العصر... فعنوان التوقف والملاحظة الأبرز ارتبط بـ «الجهاد» و«فتاواه» الإكراهية، في ظل نظام صدام حسين، و«فتاواه الواقعية» في ظل الاحتلال الأميركي.. فالأمر بدا أنه انتقال من «الجهاد الإكراهي» إلى «المرونة والواقعية مع الاحتلال»... وبما أن هذا «الجهاد» كان إكراهياً، فإن الانتقال بمعنى آخر سيكون من «التقية» الدفاعية عن صدام حسين([19]) إلى «الواقعية»، ومن الإذلال إلى «الفضيحة»، ومن «الارتباط المحلي» إلى «الارتباط مع المحتل الأميركي»، ومن توظيف صدام حسين إلى توظيف الاميركان، ومن المؤثر المحلي إلى المؤثر الإقليمي، ومن المؤثر المحلي إلى المؤثر الدولي الاحتلالي، ومن اصطفاف «مرجعي» رباعي، إلى اصطفاف «مرجعي» رباعي مميز برمز اعلى، ومن دور إلى الدور ذاته في أحد محاوره، ففي مرحلة صدام حسين كان هذا الرباعي قد اتخذ موقفا عدائيا ضد الشهيد محمد صادق الصدر، وفي مرحلة الاحتلال الأميركي اتخذ أيضاً الموقف ذاته، إزاء امتداد ظاهرة الصدر الثاني المليونية، فهذه الظاهرة بغض النظر عما آلت إليه، وبغض النظر عن الجوانب المعرفية والتنظيمية والانقسامية إلا أنها يمكن القول عنها.. إنها ظاهرة لم يشهد تاريخ العراق مثيلا لها من حيث حجمها الجماهيري المليوني، وكان من الممكن تصور حمايتها وتفعيلها والوقوف بوجه الاستهداف الأميركي لها، الذي لا يحتاج إلى معرفة، لو توفر لها «الغطاء المرجعي» الفاقدة له، إلا أن الظروف، التي حكمت ظاهرتي الصدرين الأولى والثانية تتشابهان في هذا الإطار، ففي حين «مرجعية» الخوئي «الأحادية» المتحكمة بـ «الحوزة» اختارت أن تترك الشهيد محمد باقر الصدر وامتداده الجماهيري لقدره، فإن «المرجعية الرباعية» برمزية السيستاني اختارت أيضاً أن تترك الشهيد محمد محمد صادق الصدر وامتداده الجماهيري لقدره أيضاً، ولكن بشكل أمر وأقسى، وما يمايز هذه المرارة والقساوة هو التعاون العلني مع المحتل الأميركي تحت عناوين «المرونة والواقعية والعقلانية والأمر الواقع»!!!!!

        فكثيرا ما يجد المرء نفسه أمام أسوء حالات الهزيمة النفسية إزاء هذه الأفعال العمائمية للسيستاني وغيره من أنصار هذا الرباعي «المرجعي».. وذلك عندما يقولون علنا بلا خجل أو تردد «إن هذه أميركا.. فهل يمكن لأحد أن يقاومها كأكبر قوة في العالم»؟، إن هؤلاء المهزومين المرتزقة ينظرون بعين الجبن والخواء الداخلي والارتزاق والتبرير، فيما عينهم الأخرى عمياء لا تنظر إلى تاريخ الأمم والشعوب وتجاربه المقاومة للاحتلال ـ القاعدة ـ التي حكمت التاريخ.. قاعدة واضحة قوامها الدفاع عن الأوطان، ومقاومة المحتلين، وتحرير الأرض، وصون الكرامة، ورفض ذل الاحتلال ودفع ضريبة الشرف والدين، ومَنْ شذ من الأمم والمجتمعات عبر التاريخ عن ذلك يمثل استثناءً محكوما إلى ظروف تعجيزية، كما أن هؤلاء «المعممين» المرتزقة الناطقين دفاعا عن رموزهم العليا وعينهم الثانية عمياء عن الثورة الإسلامية، التي هزت الكون ولاتزال تفاعلاتها قائمة وهي ملاصقة للعراق، وقادها الإمام الخميني ضد حاكم محلي، وليس ضد محتل أجنبي، بمعنى الاحتلال المباشر.. كما أن عينهم الثانية عمياء عن أصغر دولة عربية وحزب واحد في داخل هذه الدولة يهدر خطاباً ثوريا، وفعلا ميدانيا ـ مقاوماتياً ضد المحتل الإسرائيلي، وحليفه الأميركي، وهو حزب الله، وعينهم عمياء أيضاً عن ملحمة المقاومة الفلسطينية في غزة، أن هؤلاء لم يكونوا قراءً للتاريخ الإنساني، وهم لم يكونوا كذلك، فإنهم عاشوا وعايشوا جدل ثورة الإمام الخميني وجدل حزب الله، الذي هزم إسرائيل مرتين وجدل الملحمة الغزاوية «الاعجازية»... إنهم نتاج لهذه «الحوزة» النجفية، بقاعدتها، وليس باستثنائها الثوري ورموزه وصولاً إلى الصدرين منهما.. كما أنها «حوزة» تمثل امتداداً لرموزها القدامى المتحالفين مع السلطان في القاعدة ما قبل العصر المغولي وما بعده([20])... مع الفارق بين معاناة الأمتين، الأمة أيام الحلي، والأمة أيام السيستاني، فالأمة والوطن في أيام هذا الأخير، وفي ظل الاحتلال الأميركي للعراق، تحولا إلى «إعلان تلفزيوني تجاري ـ مدفوع الثمن» من على فضائيات العالم... وربما لا يعرف لا السيستاني ولا غيره بان هذا الإعلان، الذي يرمز أو يخبئ ما لا يوصف من استفزاز ودلالات سيتحول إلى إعلان حقيقي لنهاية هذا الكون، ولنهاية التاريخ.. وهذا ما له حديث مفصل آخر.. ومهما يكن نعود لنقول إن «حوزة النجف حوزة متأثرة».. وليس مؤثرة، لا بل انها «حوزة تابعة» يؤثر بها «الكل»، بما فيه التجار الفرادى الذين مررنا عليهم بفقرة مقارنة مع «حوزة» قم التي وأن لم تكن «حوزة» مؤثرة بالمطلق, إلا أنها على اقل تقدير بخلاف «حوزة» النجف. إنها «حوزة» ليس متأثرة بالمطلق و«حوزة» ذات دور مؤثر ومتأثر محليا وخارجيا، و«حوزة» جدلية ذات حراك اجتماعي، وحتى في ظل حراكها السيئ، فهي «تناصف» الحاكم المحلي أشياءه لصالحها ولصالح الأمة، «ويتناصف» المؤثر الخارجي أشياءه معها. واقعها هذا وتصاعد حراكها، توج بثورة الإمام الخميني، الذي اريد لخطه ان يذوي هو الاخر بالمتغيرات التي مرت معنا.

        ذلك كله لان «حوزة» قم هي حوزة «وطن».. ولان «حوزة» النجف هي وافدة للوطن، لا علاقة لها به من حيث الارض ومعناها وازماتها، فهي لم تنطق مرة واحدة ازاء هذه الارض عندما «اهدى» «اطرافها» نظام صدام حسين الى دول الجوار الملتصقة بالعراق، واذا كان احد في هذا الكون لديه قصاصة ورق مخبوءة لـ «المراجع» الذين مررنا عليهم تدون موقفاً ازاء أي ترسيم من ترسيمات الحدود مع دول الجوار على حساب ارض العراق، فليظهرها للعالم، ونحن اذ نسوق ذلك كمثال حول الارض الرامزة للوطن في احد مكوناته، فاننا نسوقه تحدياً في ان يكون احد رموز «الحوزة» كان قد سجل موقفاً حيال ارض العراق «المهداة» والمنهوبة، واذا كانت الارض غائبة في «فتاوى المفتين» الوافدين الى العراق و«الناطقين باسم مؤسسته الشيعية الدينية»، فقد مر معنا ما يكفي من «فتاوى» ترتبط بالموقف من الانظمة السياسية اسميناها «فتاوى اكراهية» صادرة تحت سلطة الخوف والذل والتهديد، و«فتاوى واقعية» تحت سلطة الاحتلال الاميركي ازاء اشياء الوطن المرتبطة بالامة، او الشعب كمكون ثاني من مكونات الوطن يضاف الى مكون الارض، ونحن لم نحشد نصوص صحافة نظام صدام حسين، والانظمة التي قبله المتضمنة لـ «فتاواهم» الاكراهية لارهاق القارئ، وتكرار سمفونية مشروخة يعرفها العراقيون جميعاً.. نعم العراقي يعرف لكنه قد ينسى، والعراقي يعرف لكنه ليس بالضرورة ان يملك ادوات التحليل، والعراقي يعرف لكن مشاغله قد لا تسمح له ان يكون مواكباً لهذا التكرار.. والعراقي يعرف باجياله التي عايشت ذلك الواقع، لكن الاجيال اللاحقة قد تضيع عليها الحقيقة، كما ضاعت حقائق على الاجيال السابقة... ولهذه الاسباب واخرى غيرها اقتضى التحشيد لهذا الكم من «الفتاوى» الاكراهية لهذه «المرجعية» ازاء الانظمة العراقية وممارساتها حيال الامة.

        وكانت حصيلة هذه «الفتاوى».. «نعم لذبح الشهيد الصدر الاول وجيله الثوري، ونعم لذبح ثوار الانتفاضة، ونعم لذبح جيل الصدر الثاني ورمزه، ونعم لكل ما يريده صدام حسين»... وهل غير ذلك من «نعم» واحدة للوطن بمكون الامة فيه؟ فلا الارض ولا الامة كمكونين من مكونات الوطن حضيا بـ «نعم» واحدة.. و«النعم» المكرورة كلها كانت لـ «النظام السياسي» الحاكم كـ «مكون» ثالث لهذا الوطن، فماذا تبقى من هذا الوطن اذن؟ هذا في مباني الوطن ومكوناته، اما في تفاصيله المرتبطة بمعرفة الوطن واشياءه فقد تحدثنا وسنتحدث عنها، وحتى الان تجلت لنا عبر ظاهرة «القائد الديني بلا لسان» كظاهرة غريبة لم يشهدها تاريخ البشرية، ولا عالم الكرة الارضية الآني.

        ان جدلية «المرجعية النجفية» والوطن.. جدلية «هزلية» و«فكاهية» و«بكائية» في آن معاً... حتى عندما تحاول ان تضع على كتفها «شارة الوطن»، فهي ستضعها عنواناً مخجلاً يكتبه «كُتّاب الصدف».. وازاء السيستاني كرامز لـ «حوزة النجف»، فلم يجد بـ «اموال المرجعية» و«دعم قوات الاحتلال الاميركية» و«النخبة السياسية المحلية» ووكلائه ومؤسساته و«مكاتبه المرجعية» من يضع على كتفه «شارة الوطن كتاريخ»... لم يضعها سوى «كاتب» يعرفه «العراقيون المعارضون السابقون».. ان لا يكتب الا تحت سلطة «احد الكتبة» المعرفية، لانه اذا ما ترك لشأنه فهو «لا يعرف ماذا يكتب».. انه «يعرف ان يمدح» فقط مقابل المال، وبعبارة اخرى فانه كاتب «حسب الطلب»... ولانه كذلك فقد كتب يوم ما في صحيفة «شيرازية» «نعم للشيرازية اذا كانت الشيرازية كذا وكذا، ونعم لها اذا كانت كذا وكذا... الخ»، وكتب مرة اخرى حول «عبقرية محسن الحكيم في جريدة نداء الرافدين» ـ ونحن نحتفظ بما كتب ـ لم يجد مكتب السيستاني في دمشق سوى هذا الكاتب ذاته لكي يضع «شارة الوطن» على كتف السيستاني، فهو ـ هذا الكاتب ـ يُستدعى لمثل هذه المهمات لكنه يضع عناوين ولا يضع «شارات وطن».. وبالتالي فهو ومن حيث لا يشعر، ولا يشعر الاخرون الذين كلفوه الكتابة انه عندما يكتب فهو لا يضع «شارة وطن » على كتف «المراجع» السيستاني او غيره.. وانما يكشف عبر عناوين ما يكتب لمن لا يعرف عن غياب هذه «الشارة الوطنية»!!

        وحسناً يفعل هكذا «كتبة بالصدفة» لان مجيئهم في الزمن يأتي بالصدفة، وهم لا ينتمون الى الكتبة المعتاشين او المرتزقة، لان لهؤلاء «ادواتهم الكتابية» و«منهجهم التلاعبي» لـ «صناعة الكتابة». وحسناً «وقع» السيستاني في فخ هذه الشاكلة من الكتبة، فلنرى كيف وضع الكاتب «شارة الوطنية» على كتف السيستاني، فقد جاء في كتاب صدر بعد احتلال العراق باشهر تحت عنوان «لمحات من حياة الامام السيستاني، فقيه عصر ورجل سياسة»، وفي فقرة داخلية فيه تحت عنوان «الامام المرجع والحركة الوطنية الاستقلالية» ما يلي: «شكل سقوط النظام الدكتاتوري في بغداد بتاريخ 9/4/2003 حدثاً سياسياً ودولياً عظيماً وهاماً. واحدث دون شك دوياً هائلاً في كل مكان، في العالم العربي والاسلامي وفي ارجاء العالم. واهمية هذا الحدث نابعة دون مواربة من اهمية الازمة الوجودية التي اسسها النظام السابق في العراق وبين العراق وبقية المكونات العربية والاسلامية والدولية عبر حروبه ونزاعاته واحتلاله دولة الكويت وحربه ضد ايران واستخدامه الاسلحة المحرمة ضد الاكراد في الشمال والشيعة في الجنوب وقتل الناس وقمع الحريات وتحويل البلاد الى مزرعة لرجال السلطة واحفاد عوائلها وزبانيتها وحزبها.

        وقد اكد سقوط النظام سقوط الدكتاتورية والعنف المسلح وقمع الحريات وبداية مجيء مرحلة سياسية خالية من اسلحة الدمار الشامل وحكم الفرد الواحد والحزب الواحد والايديولوجية المتفردة وتلك البداية لابد ان يتم تشكيلها بارادة الشعب العراقي ومرجعيته الدينية وقواه الوطنية السياسية من كافة المشارب والتوجهات والتيارات» ويضيف: «فالعراق القادم هو عراق مختلف تتشكل ادوات ومكونات دولته من خلال توافق الارادات واتفاق المواقف ولو بحدودها المعقولة لبناء نظام وطني دستوري برلماني تعددي يقوم على اساس ان يكون الاسلام دين الدولة كون الاسلام يمثل اكثرية الشعب العراقي ومن هنا تدرك المرجعية الدينية الممثلة بالامام آية الله العظمى السيد علي السيستاني انها معنية بتأصيل وتكريس حقوق العراقيين وحماية مكتسبات انتفاضته وثوراته وكفاحه السياسي الطويل ضد الدكتاتورية وتدرك ايضاً موقعها في دائرة التحول الوطني من الدكتاتورية الى الدولة القانونية ـ الدستورية ـ لكنها تعلم ايضاً ان اهمية المرجعية الدينية تكمن في تفاعلها الفقهي والفكري والسياسي مع اجراءات وتفاصيل وحيثيات التحول خصوصا وان القوات الامريكية وادارتها المدنية حسمت امر اعادة السلطة للعراقيين بقرارها تسليم مقاليد الحكم بعد حزيران سنة 2004 كما اكد ذلك الحاكم المدني الامريكي بول بريمر.» ويواصل «ما بذله ويبذله الامام السيستاني في هذا المجال كبير جداً بالقياس الى قصر مدة دخول العراق في دائرة الاستهداف العسكري الامريكي ووقوع البلاد تحت الاحتلال وبالقياس الى الترتيبات التي سبقت قيام مجلس الحكم حيث كانت البلاد بدون سلطة مؤقتة او حكومة شكلية تسّير الشؤون وتتولى بعض المقاليد والقرارات. الامام ادى وبحزم ارادة واعية وذهنية منفتحة على التطورات السياسية والعسكرية العاصفة التي شهدها العراق الدور المفترض ان يؤدية فقيه كبير مثله، فقد تصدى للمسألة العراقية بكل التعقيدات التي تحملها في داخلها بروح مخلصة لشعبها ودينها ومشروعها الاجتماعي ومستقبل انسانها، ومن بين اهم المسائل الوطنية التي اهتم الامام بها واولاها الاهمية الاستثنائية مسألة صياغة الدستور الذي سيضع العراق على سكة الامن والاستقرار والرفاهية والتطور والمدنية والديمقراطية وآفاق علاقاته العربية والاسلامية والدولية وكانت له آراءه وتوجهاته الفقهية والفكرية والسياسية حيث اصبح ما بعد سقوط النظام وتحريك ملف اعادة نظم ايقاع الحركة السياسية في البلاد بعد عهود من الديكتاتورية والاستبداد ملاذ القوى السياسية الوطنية الباحثة عن استقلال بلادها ورفاهيتها فضلاً عن تحول الامام المرجع الى مرجعية قرار خاص بتوجهات البلاد القادمة يؤخذ رأيه في كل صغيرة وكبيرة ويتطلع كل الذين يهمهم امر العراق الى النجف ومرجعيته الدينية باعتبارها القاعدة الفقهية والسياسية والفكرية التي تنظم الفعل السياسي الوطني وتوفق ما بين الفرقاء وتعيد انتاج الحياة السياسية على اساس المشاركة والتعايش وقبول الآخر مهما كان هذا الآخر» ويسهب بالقول «المسألة الدستورية التي يلح الامام السيستاني على ضرورة ان تكون المسألة الاولى نابعة من كون الامام يريد تأسيس نظام سياسي واجتماعي واقتصادي وثقافي في بلاد غير قائم على حاكمية الفرد المطلقة ـ الحاكمية التي كلفت البلاد اكثر من ثلاثة عقود من الحروب والازمات الحدودية والقتل والتعذيب والاعتقال والاختفاء لاكثر من اربعة ملايين مواطن عراقي. ان الامام لا يريد اعادة الدكتاتورية ونظام الاستبداد ببراقع ووجوه اخرى تحت غطاء الديمقراطية ولوائها ولا يريد استعادة النهج السابق في التعاطي مع القيم والنظم التي لها علاقة باخلاقيات الامم وتوازناتها السياسية والثقافية كمسألة الدستور وكتابته والاتفاق على رأي عراقي واحد يقود البلاد الى الوحدة لا الفتنة والتماسك لا التشرذم».

        ويختم فقرته بالتالي

        «ففي جوابه لمراسل وكالة انباء اسوشيتد بريس الامريكية في بغداد بتاريخ 21/ شعبان/1424هـ رداً على سؤال حث الامام على انتخاب من يكتب دستور العراق الجديد ان الاستفتاء على الدستور كتبه اناس تم اختيارهم من كل شرائح المجتمع وفئاته فهل تتم شرعيته على اساس اختيار فئات اجتماعية لكتابة الدستور يجيب الامام على ذلك قائلاً: (في وضع العراق الحالي لا توجد أية جهة يمكنها ان تقوم باختيار اعضاء مجلس كتابة الدستور بصورة مقبولة من الجميع بحيث يتمثل في المجلس المشكل جميع شرائح المجتمع العراقي تمثيلاً عادلاً بل ان المؤكد ان المصالح الشخصية والفئوية والعرقية والحسابات الحزبية والطائفية ستتدخل بصورة او باخرى في عملية الاختيار ويكون المجلس المشكل فاقداً للشرعية ولا يجدي عندئذ اجراء الاستفتاء على ما يضعة من الدستور بـ نعم او لا فلا بديل عن اجراء انتخابات عامة لاختيار اعضاء المؤتمر الدستوري)» ([21]).

        الى هنا لا نريد ان نسهب في التعليق على هذه النصوص، فعلى القارئ ان يقارن بين «الفتاوى الاكراهية» ازاء الحرب العراقية الايرانية، وحرب الخليج الثانية، واحداث الانتفاضة الشعبانية، وتصفية الرموز الوطنية، وقصف العراق بالطائرات الاميركية، للرباعي «المرجعي» برمزه السيستاني الاعلى في صحف النظام التي حشدناها توثيقا، وبين نصوص الكاتب المارة عن «الحركة الوطنية» و«الحركة الوطنية الاستقلالية» اسماءها، احزابها، رموزها، فعلها، ملامحها، قبل ان يبحث عن موقف «الامام السيستاني» ازاءها، انه سوف لا يجد الا عنوان ومتون بأسم «الوطن وامامه الحنون»!!




        تعليق

        يعمل...
        X