تجربتي مع رئيسا الوزراء: المالكي والجعفري بقلم: حميد جبر الواسطي
القراءة : 302
التعليقات 3
تاريخ النشر : Wednesday, 14 March 2007
http://www.alwatanvoice.com/arabic/p...=show&id=79066
بِسْمِ اٌللهِ اٌلرَّحمَنِ اٌلرَّحيمِ
تجربتي مع رئيسا الوزراء: نوري المالكي وإبراهيم الجعفري
بقلم: حميد جبر الواسطي
أَمَّا بَعْدُ، عِندَمَا كُنتُّ لاجئاً في مُعسكَر تبوك ومُخيَم رفحاء في المَملَكة العربيَّة السعوديَّة (نهاية آذار 1991- نهاية آب 1995)، وفي بداية اِنتقالي مِن تبوك إلى رفحاء في النصف الثاني مِن عام 91، كُنت أَسكن مَعَ اللاجئين العِرَاقيين مِن أَهالي مُحافظة الحلّة ومَعَ أولاد السَيِّد جواد وتوت وهُم زملائي في اللجوء: ميثم، وعمّار، وأبو ذرّ وبقيَّة اخوانهم، وفي الحقيقة أَنَّ عمّار وشقيقه أبو ذرّ كانا يَختلفان ولَيسَا عَلَى الخطِّ السيِّئ لإبن عمَّهُمَا قيصر وتوت فالأخير كانَ جاسُوساً قذراً، ولُصّاً مُحترفاً وعميلاً فاسِداً لعدَّة جهات، وفاسِد الأخلاق كذلك حيث تربطه علاقات مَعَ جماعات منحطَّة في المُخيم ويراودون مُوْمِس في المخيم إسمها (....)، ومَجموعة قيصر كانت تلتقي مَعَ الجاسُوس والعميل المُزدوَج الرائد عبد الكريم خنجر في أَغلبِ الأيام بَعدَ المَساء لمُشاهدة أَفلام فيديو اباحيَّة!. وأَمَّا بالنِسبَةِ لميثم وتوت فكانَ مُتذبذباً وفق مصالحه وأَنهُ طمّاع جشِع ولا يُؤتمَن جانبه ولَكِن خطره أَقل بكثير مِن خطر إبن عمَّهِ الأَفعى السّامَة والجُرثومَة القذِرَة قيصر وتوت وعَلَى أَية حال، كانَ مِن عادتهِ (ميثم) أَنه يَصنع النوادِر أَو الطرائِف!. ومُقابل الخيمَة الَّتِي كُنتَّ أَسكن فيها مَعَ آل وتوت وعَلَى بُعد حوَالي خمسَة أَمتار كانت هناك خيمَة كبيرة ومُحاطة بسياج مِن قماش (رواك الخيمَة) ويَسكن فيها بَعض لاجئين مِن أَهالي طويريج (قضاء تابع لمُحافظة كربلاء, العِرَاق)، فهذِهِ الخمَسة أَمتار تقريباً هِيَ كانت كمَمَرّ أَو طَرِيق فرعيّ ويَفصل خيَام أَهالي الحلّة عن خيَام أَهالي كربلاء. وجيران الخيمَة المُقابلة لي كانَ يَسكن فيها زميلي الحاج حُمَيِّد(والد زميلي أَيضاً في اللجوء النقيب علي- أبو نور) الأسدي وعائلته، والأخير أَيضاً مِن أَهالي طويريج ومِن نفس مَسقط رأس رئيس وزراء العِرَاق وسَلِيل أبو المَساوئ (المَحاسِن) نوري المالكي (أبو إسراء) والَّذِي كانَ وقتها يَعيش في سوريَّة. وفي الخيمَة المُقابلة كانَ عادةً ماتأتي إليها بَعض مجاميع مِنَ اللاجئين وبأَعداد مُختلفة وعَلَى طَوَال النهار وأَحياناً في الليل! واللافت، أَنَّ طَرِيقة دخولهم إلى الخيمَة وخروجهم منها كانَ يتم بشكل غريب ومُلفِت للنظر وكأَنهم حَرَاميَّة (لُصّوص) أَو في مُهِمَات سِرِّيَّة!. وكُنت أسأَل ميثم وتوت عنهم؟ فيقول السَيِّد وتوت: هذولَه (هؤلاء) نﮕرِيَّة! ((نﮕرِيَّة: مُفردها نﮕَرِي وهِيَ كَلِمَة شائِعَة في بَعض أَوساط الشارِع الشعبيّ العِرَاقي وهِيَ سَلبيَّة عِندَمَا تُطلَق عَلَى أَحَد ما؟ البَعض يَقصد فيها: حَرَامِيّ (لُصّ) أَو سَلاَّب أَو قاطِع طَريق أَو قفَّاص (وقفَّاص أَيضاً كَلِمَة شائِعَة في الشارِع العِرَاقي بمَعنى: خدَّاع أَو يَحتال عَلَى غيرهِ)، ومَاشابه ذلِك؟)) وعِندَمَا كانَ اللاجئ والعَميل المُزدوج والجاسُوس (وصديق لقيصر وتوت والعميد توفيق الياسري والعميد الركن عبد الأمير عبيس) المقدم الركن محمد علي غني- أبو نورة- (يأتي ذِكرهم في مَقالة أخرى بَعدَ مَشِيئَة الله) يَسكن مَعنا في الخيمَة وقبلَ أَن ينتقل للسَكن في المُخيم الآخر ومَعَ الشيخ كاظم الريسان ثمَّ اِنتقلَ فيما بَعد إلى الرياض ليعمَل جاسُوساً في مكتب اللواء محمد العتيبي – مُدير المُخابَرَات السعوديَّة ووكيل الأمير تركي الفيصل – حينذاك- كانَ أَيضاً يقول لي: هذولَه نﮕرِيَّه! وفي أَحَد الأيام مِن نهايات عامّ 91، حَلَّ في خيمَة (النﮕرِيَّة) ضيف وأَحَد أقربائهم وقادِمَاً مِن سوريَّة وهُوَ أبو إسراء المالكي أَو نوري المالكي ورئيس الوزراء الحاليّ للعِرَاق وفي غفلةٍ مِنَ الزمَن! ولمَّا كانَ المالكي مِن أَهالي طويريج، فأَقام الحاج حُميِّد (أبو علي) مأدبَة غداء عَلَى شرف الضيف القادم مِن سوريَّة وهُوَ وكَمَا أَسلَفت مِن نفس مَسقط رأَسه. وقد وجِّهَت دَعوَة لي ولميثم وتوت لحضور المأدبَة عَلَى شرف المالكي. ولَم أَجد وسَيلَة للإعتذار لأني لَم أكن راغباً لحضور تلكَ الوليمَة لَولاَ أَنَّ الحاج أبو علي الأسدي كانَ عادةً مايزورني وتربطني مَعهُ علاقة طيِّبَة فلَم أَستطيع أَن أَردّ دعوته وحضرتها مُكرَهاً كرَاهة شدِيدَة؟ وكُنت قد سَئلت أَولاد جواد وتوت عن أبو إسراء المالكي؟ والَّذِي لَم أَسمَع به مِن قبل وكذلِك لَم يَسمعوا به آل وتوت؟ ولكِّنهُم سَمعوا عنه بواسِطَة مايسمّونهم بالنﮕرِيَّة: فقالوا: أنه مَسؤول الخط العسكري لحزب الدَعوَة (الدَعوَﭼيَّة) ويَعيش في سوريَّة! وكانَ البعض يَظن بأنه جاءَ إلى المُخيم بمُهِمَة (خطيرَة) وسِرِّيَّة تخصّ اللاجئين والقضيَّة العِرَاقيَّة؟ ولَكِن بالنسبةِ لي وللبَعض يَعرف بأَنَّ التحركات المشبُوهَة لمثلِ هؤلاء النكِرَات والمُتسكِّعين لاتتجاوز حدود زيارات خاصَّة ولمَطامِع جشعة ومَصالح شخصيَّة، ولَم أَكن - وكَمَا أسلفت- راغباً للقائهِ! لماذا؟ أَقول نحن كُنّا في مُخيم لجوء مَأْساوي وبعيدين عن الوَطن والأَهَل، وكُنت أَعتقِد بأَنَّ مثل هذِهِ النماذج القذِرَة تبيع فيكات (يَتكبَّر وهُوَ فارغ، أَو عَلَى الفاضي كمَا يَقول البعض) فحضرنا المأدبَة وجَلست عَلَى يَمين المالكي والَّذي كانَ وقتها مشغولاً في الحديث مَعَ مَدعو آخر حَضرَ قبلنا وهُوَ السَيِّد حسن الغالبي. واللافت، أَنَّ إسلوب كلام المالكي وكأَنهُ يُحقِّق أَمنيّاً مَعَ الغالبي بطَرِيقة صلفة وجلفة في أَمور تخصّ مُشكِلَة لحزب الدَعوَة في المخيم وهِيَ مشكلة أثارها بَعض الدَعوَﭼيَّة في المخيم لامَجال لشرحها في هذِهِ المقالة. وقد تطَفَّل المالكي وكأَنهُ هُوَ مَسؤول عن القضيَّة (حسن الغالبي: مِن أهالي الناصريَّة، بعثي ونائب ضابط سابقاً وصار إمَام جمَاعة في المخيم يؤم المصَلِّين في مضيف أَو مَسجد أَهالي طويريج الَّذِي يَرعاه الحاج أبو علي الأسدي، وصارَ يتناقش مَعَ المالكي بأمور تخصّ حزب الدعوة (العميل)! ومِن بَعض إزدراء المالكي بالغالبي وبالحسجة (الحسجة بتضخيم الجيم هِيَ نوع مِنَ الكلام يَستخدمه البَعض وخصُوصاً في الفرات الأوسَط والجنوب العِرَاقي، وهِيَ أَن يَقول كلاماً ولَكِن المقصود منه هُوَ التفسير الباطنيّ للكلام والَّذي يَفهمهُ العارفون فيه) فعِندَمَا كانَ المالكي يشرب الشاي الَّذي قدَّمهُ لَهُ إبن المُضيِّف (النقيب علي الأسدي): قالَ المالكي: الشاي ثﮕيل (ثقيل) يَعني أَنَّ حسن الغالبي ثقيل أَو غير مَرغوباً فيه – مِن وجهَة نظر الفظّ الغليظ والصُعلُوك المُتسكِّع في شوارِع مدينة السَيِّدَة زينب بسوريَّة نوري المالكي- ؟ وإبتسَمَ النقيب علي بخجَل وبَعض الحضور وقد إحمَرَّ وجه السَيِّد حسن الغالبي مِنَ الخجَل أَيضاً وتملَّق بَعض المدعويِّن للمالكي بأَنَّ الرِسَالة وَصَلَت!. وبَعدَ اِنتهاء الغدَاء وشرب الشاي، بدقيقة واحدة أَو دقيقتين وأَنَّ المالكي نهضَ مُسرِعَاً وكالمَصرُوع أَو كالَّذِي لدغته أفعى! وتركنا ذاهباً إلى نفس الخيمَة الَّتِي جاء منها لأَنَّ مَجموعة مِنَ النﮕرِيَّة بإنتظارهِ! نظرتُ إلى الحاج أبو علي (صاحب المأدبَة) والَّذِي كانَ يَجلس عَلَى يَميني فرأيته مَقهوراً ومُتأَلِّمَاً ومُتأَثِراً كثيرَاً، وهَمَسَ في أُذُني شاكياً وقالَ: إِنَّ كُلّ (أفراد) عائلتي لَم تنام ليلَة البارِحَة فكانوا مَشغولين لطبخ (وإعداد) هذا الغدَاء وصاحبنا الأفندي (المالكي) يتغدَّى ويشرب شاي ويﮕوم (وينهض ذاهباً) وين (أين) هُوَ في مَطعم؟ عَلَى الأَقل يجاملنا ساعة أَو نص (نصف) ساعة بَعدَ الغدَاء والشاي و يوَلِّي (ويَذهب إلى غير رجعة) الله ويَّاه (مَعَهُ). حيث كانَ الحاج حُميَّد (أبو علي الأسدي) يتوقَّع مِن نوري المالكي أَن يُشارك ويُجامِل اللاجئين المدعويِّن عَلَى شرفهِ بحضور راعيّ المأدبَة ببعض همُوم ومَأْساة اللجوء أَو عن القضيَّة العِرَاقيَّة؟. ورُبَّ سائِل يَسأَل: إذن ما هُوَ الغرَض الَّذِي كانَ مِن وراءِ زيارة نوري المالكي إلى مُخيم رفحاء؟ الجَوَاب: كانَ المالكي قادِمَاً مِن سوريا إلى أَربعة أَو خمسَة مِن أَقاربهِ مِن أَهالي طويريج الَّذِينَ يَسكنون في خيمَة النﮕرِيَّة! لإكمال مُعاملاتهم ونقلهم مِن مُخيم رفحاء إلى سوريَّة؟ وبَطبيعة الحال لَيسَ مجَّاناً؟ وأَمَّا خارِج مُحيط خيمَة النﮓرِيَّة مِن مُخيم واسِع يَضمّ أَكثر مِن أَربعين ألف لاجئ ولاجئة مِنَ العِرَاقيين والعِرَاقيَّات فهُوَ أَمر لايعنيه في شيءٍ؟. فكَيفَ بالقدر وسُخريته أَن يَجعله رئيساً لوزراء العِرَاق الَّذي يَضمّ 27 مليون نسمَة تقريباً؟ كمَا أَنهُ لا الحاج الأسدي ولا غيره مِنَ الحضور في المأدبَة يتوقَّع أَو يتصوَّر أَنَّ مِثل هذا النكِرَة سَيكون يوم ما رئيساً لوزراء العِرَاق؟. وبَعدَ أَن رَجَعَ المالكي إلى سوريَّة ولَكِن الحاج أبو علي ظلَّ يتكلَّم بها في كُلّ مُناسبة وينتقد تصرّف المالكي وأَنه لَم يُراعي الأصول في مأدبَة الغداء السالِفة الذِكر؟ ولَكِن مالَّذِي دَفعَ كاتب السطور ليقول للحاج الأسدي: أَنتَّ تتكلَّم ضد أبو إسراء المالكي وهُوَ مِن نفس مِنطقتك طويريج ولَكِّنهُ سيَصل يوم ما إلى منصب لاتتوقعه؟ ومِنَ الحاضرين والسامعين لكلامي هذا النقيب علي الأسدي والشيخ نصر الفتلاوي (علماً أنا كُنت ولا أَزال أرى بأَنَّ أبو إسراء (نوري) المالكي لايستحق منصب مُدير مَدرسَة اِبتدائيَّة؟) إذن مالَّذي جَعلَني أَعتقِد بأَنهُ (المالكي) سيَصِل إلى منصب لايتوقعه أَحَد؟ وكانَ ذلِكَ قبلَ أَكثر مِن عقد ونصف مِنَ الزمن؟ الجواب: لا أدري؟ كانَ أبو علي الأسدي ونجله النقيب وغيرهما يثقون بآرائي فعِندَمَا قلت لهم إِنَّ المالكي سيَصِل يوم ما إلى منصب لاتتوقعونه أصابتهم دهشَة وصدمَة حتى أَنَّ الحاج أبو علي الأسدي توقَّف بَعدهَا عن إنتقاد المالكي علناً فضلاً عن كونه مِن أَهل مدينتهِ (طويريج) وهُوَ أَولى بالتنسيق مَعَ رجُل رُبَّمَا سيَستفاد منه في المُستقبل؟!. هذا الثعلَب المالكي! وأنتقِل إلى ثعلَب آخر، وبَعدَ حوالي شهريَن مِن ذلِكَ التأريخ كانت هناك زيارة لإبراهيم الجعفري إلى مُخيم رفحاء، والَّذِي قُدِّرَ له وأَيضاً في غفلةٍ مِنَ الزمن أَن يَكون فيما بَعد رئيساً لوزراء العِرَاق وكانَ في خيمَة لأَحَد أقربائه مِنَ اللاجئين يُقال إبن عمَّه. وكانَ هناك عشرات اللاجئين مِنَ الشباب ينتظرون خارج الخيمَة يُريدون اللقاء بالجعفري؟ كانَ الوقت ليلاً حوالي الساعة التاسعة وبقت الناس تنتظر لحوالي ساعتيَن إلى ثلاثِ ساعات بَعدَها خرَجَ الجعفري مِنَ الخيمة والكُلّ وقفوا (اِحتراماً وتوقعاً منهم أَنهُ سيتحدَّث مَعَهُم) بَعد أَن كانوا جالسين عَلَى الأَرض ولكِّنه صَعَدَ بالسَيِّارة وبُسرعة غير مُبرَّرَة! ومِن دون حتى أَن يُسلِّم عَلَى الناس (اللاجئين العِرَاقيين) الَّذِين كانوا ينتظرونه لساعات ولَو بالإشارَة؟ وهُمَا (المالكي والجعفري) وغيرهما مِنَ الَّذِين كانوا يزورون المُخيم جاءوا بناءً عَلَى تقديم طلبات إلى السفارات السعوديَّة في البلدان الَّتِي كانوا يَعيشون فيها عَلَى أَسَاس زيارة أقاربهم في مُخيَم رفحاء ولَيسَ كمَا يَظن البَعض في المُخيم بأنهم في مُهِمَات سياسيَّة (باِستثناء البَعض ومنهم الَّذِين كانوا يَعيشون في الرياض والمدعومين مِن قِبلِ المَملكة العربيَّة السعوديَّة). وأَقول لاغرَابَة بمَا يَحدث مِنَ الفوضى والتذمُّر في العِرَاق الآن وأَنَّ أَهم الأَسبَاب الرئيسيَّة لذلِك هُوَ فسَاد الحُكُومَة وتوليّ السُلطَة مَن هُوَ لَيسَ مُؤَهَّلاً وكُفؤَاً لهَا؟ وصَدَقَ الداهيَة الأريب عمرو بن العاص في وصيتهِ لإبنهِ: يابنيّ موت ألف مِنَ العُلِّيَة أَقل ضرَرَاً مِن إرتفاع واحد مِنَ السَفلَة.
كانبيرا- استراليا
14 مارس 2007
ajshameed@hotmail.com
القراءة : 302
التعليقات 3
تاريخ النشر : Wednesday, 14 March 2007
http://www.alwatanvoice.com/arabic/p...=show&id=79066
بِسْمِ اٌللهِ اٌلرَّحمَنِ اٌلرَّحيمِ
تجربتي مع رئيسا الوزراء: نوري المالكي وإبراهيم الجعفري
بقلم: حميد جبر الواسطي
أَمَّا بَعْدُ، عِندَمَا كُنتُّ لاجئاً في مُعسكَر تبوك ومُخيَم رفحاء في المَملَكة العربيَّة السعوديَّة (نهاية آذار 1991- نهاية آب 1995)، وفي بداية اِنتقالي مِن تبوك إلى رفحاء في النصف الثاني مِن عام 91، كُنت أَسكن مَعَ اللاجئين العِرَاقيين مِن أَهالي مُحافظة الحلّة ومَعَ أولاد السَيِّد جواد وتوت وهُم زملائي في اللجوء: ميثم، وعمّار، وأبو ذرّ وبقيَّة اخوانهم، وفي الحقيقة أَنَّ عمّار وشقيقه أبو ذرّ كانا يَختلفان ولَيسَا عَلَى الخطِّ السيِّئ لإبن عمَّهُمَا قيصر وتوت فالأخير كانَ جاسُوساً قذراً، ولُصّاً مُحترفاً وعميلاً فاسِداً لعدَّة جهات، وفاسِد الأخلاق كذلك حيث تربطه علاقات مَعَ جماعات منحطَّة في المُخيم ويراودون مُوْمِس في المخيم إسمها (....)، ومَجموعة قيصر كانت تلتقي مَعَ الجاسُوس والعميل المُزدوَج الرائد عبد الكريم خنجر في أَغلبِ الأيام بَعدَ المَساء لمُشاهدة أَفلام فيديو اباحيَّة!. وأَمَّا بالنِسبَةِ لميثم وتوت فكانَ مُتذبذباً وفق مصالحه وأَنهُ طمّاع جشِع ولا يُؤتمَن جانبه ولَكِن خطره أَقل بكثير مِن خطر إبن عمَّهِ الأَفعى السّامَة والجُرثومَة القذِرَة قيصر وتوت وعَلَى أَية حال، كانَ مِن عادتهِ (ميثم) أَنه يَصنع النوادِر أَو الطرائِف!. ومُقابل الخيمَة الَّتِي كُنتَّ أَسكن فيها مَعَ آل وتوت وعَلَى بُعد حوَالي خمسَة أَمتار كانت هناك خيمَة كبيرة ومُحاطة بسياج مِن قماش (رواك الخيمَة) ويَسكن فيها بَعض لاجئين مِن أَهالي طويريج (قضاء تابع لمُحافظة كربلاء, العِرَاق)، فهذِهِ الخمَسة أَمتار تقريباً هِيَ كانت كمَمَرّ أَو طَرِيق فرعيّ ويَفصل خيَام أَهالي الحلّة عن خيَام أَهالي كربلاء. وجيران الخيمَة المُقابلة لي كانَ يَسكن فيها زميلي الحاج حُمَيِّد(والد زميلي أَيضاً في اللجوء النقيب علي- أبو نور) الأسدي وعائلته، والأخير أَيضاً مِن أَهالي طويريج ومِن نفس مَسقط رأس رئيس وزراء العِرَاق وسَلِيل أبو المَساوئ (المَحاسِن) نوري المالكي (أبو إسراء) والَّذِي كانَ وقتها يَعيش في سوريَّة. وفي الخيمَة المُقابلة كانَ عادةً ماتأتي إليها بَعض مجاميع مِنَ اللاجئين وبأَعداد مُختلفة وعَلَى طَوَال النهار وأَحياناً في الليل! واللافت، أَنَّ طَرِيقة دخولهم إلى الخيمَة وخروجهم منها كانَ يتم بشكل غريب ومُلفِت للنظر وكأَنهم حَرَاميَّة (لُصّوص) أَو في مُهِمَات سِرِّيَّة!. وكُنت أسأَل ميثم وتوت عنهم؟ فيقول السَيِّد وتوت: هذولَه (هؤلاء) نﮕرِيَّة! ((نﮕرِيَّة: مُفردها نﮕَرِي وهِيَ كَلِمَة شائِعَة في بَعض أَوساط الشارِع الشعبيّ العِرَاقي وهِيَ سَلبيَّة عِندَمَا تُطلَق عَلَى أَحَد ما؟ البَعض يَقصد فيها: حَرَامِيّ (لُصّ) أَو سَلاَّب أَو قاطِع طَريق أَو قفَّاص (وقفَّاص أَيضاً كَلِمَة شائِعَة في الشارِع العِرَاقي بمَعنى: خدَّاع أَو يَحتال عَلَى غيرهِ)، ومَاشابه ذلِك؟)) وعِندَمَا كانَ اللاجئ والعَميل المُزدوج والجاسُوس (وصديق لقيصر وتوت والعميد توفيق الياسري والعميد الركن عبد الأمير عبيس) المقدم الركن محمد علي غني- أبو نورة- (يأتي ذِكرهم في مَقالة أخرى بَعدَ مَشِيئَة الله) يَسكن مَعنا في الخيمَة وقبلَ أَن ينتقل للسَكن في المُخيم الآخر ومَعَ الشيخ كاظم الريسان ثمَّ اِنتقلَ فيما بَعد إلى الرياض ليعمَل جاسُوساً في مكتب اللواء محمد العتيبي – مُدير المُخابَرَات السعوديَّة ووكيل الأمير تركي الفيصل – حينذاك- كانَ أَيضاً يقول لي: هذولَه نﮕرِيَّه! وفي أَحَد الأيام مِن نهايات عامّ 91، حَلَّ في خيمَة (النﮕرِيَّة) ضيف وأَحَد أقربائهم وقادِمَاً مِن سوريَّة وهُوَ أبو إسراء المالكي أَو نوري المالكي ورئيس الوزراء الحاليّ للعِرَاق وفي غفلةٍ مِنَ الزمَن! ولمَّا كانَ المالكي مِن أَهالي طويريج، فأَقام الحاج حُميِّد (أبو علي) مأدبَة غداء عَلَى شرف الضيف القادم مِن سوريَّة وهُوَ وكَمَا أَسلَفت مِن نفس مَسقط رأَسه. وقد وجِّهَت دَعوَة لي ولميثم وتوت لحضور المأدبَة عَلَى شرف المالكي. ولَم أَجد وسَيلَة للإعتذار لأني لَم أكن راغباً لحضور تلكَ الوليمَة لَولاَ أَنَّ الحاج أبو علي الأسدي كانَ عادةً مايزورني وتربطني مَعهُ علاقة طيِّبَة فلَم أَستطيع أَن أَردّ دعوته وحضرتها مُكرَهاً كرَاهة شدِيدَة؟ وكُنت قد سَئلت أَولاد جواد وتوت عن أبو إسراء المالكي؟ والَّذِي لَم أَسمَع به مِن قبل وكذلِك لَم يَسمعوا به آل وتوت؟ ولكِّنهُم سَمعوا عنه بواسِطَة مايسمّونهم بالنﮕرِيَّة: فقالوا: أنه مَسؤول الخط العسكري لحزب الدَعوَة (الدَعوَﭼيَّة) ويَعيش في سوريَّة! وكانَ البعض يَظن بأنه جاءَ إلى المُخيم بمُهِمَة (خطيرَة) وسِرِّيَّة تخصّ اللاجئين والقضيَّة العِرَاقيَّة؟ ولَكِن بالنسبةِ لي وللبَعض يَعرف بأَنَّ التحركات المشبُوهَة لمثلِ هؤلاء النكِرَات والمُتسكِّعين لاتتجاوز حدود زيارات خاصَّة ولمَطامِع جشعة ومَصالح شخصيَّة، ولَم أَكن - وكَمَا أسلفت- راغباً للقائهِ! لماذا؟ أَقول نحن كُنّا في مُخيم لجوء مَأْساوي وبعيدين عن الوَطن والأَهَل، وكُنت أَعتقِد بأَنَّ مثل هذِهِ النماذج القذِرَة تبيع فيكات (يَتكبَّر وهُوَ فارغ، أَو عَلَى الفاضي كمَا يَقول البعض) فحضرنا المأدبَة وجَلست عَلَى يَمين المالكي والَّذي كانَ وقتها مشغولاً في الحديث مَعَ مَدعو آخر حَضرَ قبلنا وهُوَ السَيِّد حسن الغالبي. واللافت، أَنَّ إسلوب كلام المالكي وكأَنهُ يُحقِّق أَمنيّاً مَعَ الغالبي بطَرِيقة صلفة وجلفة في أَمور تخصّ مُشكِلَة لحزب الدَعوَة في المخيم وهِيَ مشكلة أثارها بَعض الدَعوَﭼيَّة في المخيم لامَجال لشرحها في هذِهِ المقالة. وقد تطَفَّل المالكي وكأَنهُ هُوَ مَسؤول عن القضيَّة (حسن الغالبي: مِن أهالي الناصريَّة، بعثي ونائب ضابط سابقاً وصار إمَام جمَاعة في المخيم يؤم المصَلِّين في مضيف أَو مَسجد أَهالي طويريج الَّذِي يَرعاه الحاج أبو علي الأسدي، وصارَ يتناقش مَعَ المالكي بأمور تخصّ حزب الدعوة (العميل)! ومِن بَعض إزدراء المالكي بالغالبي وبالحسجة (الحسجة بتضخيم الجيم هِيَ نوع مِنَ الكلام يَستخدمه البَعض وخصُوصاً في الفرات الأوسَط والجنوب العِرَاقي، وهِيَ أَن يَقول كلاماً ولَكِن المقصود منه هُوَ التفسير الباطنيّ للكلام والَّذي يَفهمهُ العارفون فيه) فعِندَمَا كانَ المالكي يشرب الشاي الَّذي قدَّمهُ لَهُ إبن المُضيِّف (النقيب علي الأسدي): قالَ المالكي: الشاي ثﮕيل (ثقيل) يَعني أَنَّ حسن الغالبي ثقيل أَو غير مَرغوباً فيه – مِن وجهَة نظر الفظّ الغليظ والصُعلُوك المُتسكِّع في شوارِع مدينة السَيِّدَة زينب بسوريَّة نوري المالكي- ؟ وإبتسَمَ النقيب علي بخجَل وبَعض الحضور وقد إحمَرَّ وجه السَيِّد حسن الغالبي مِنَ الخجَل أَيضاً وتملَّق بَعض المدعويِّن للمالكي بأَنَّ الرِسَالة وَصَلَت!. وبَعدَ اِنتهاء الغدَاء وشرب الشاي، بدقيقة واحدة أَو دقيقتين وأَنَّ المالكي نهضَ مُسرِعَاً وكالمَصرُوع أَو كالَّذِي لدغته أفعى! وتركنا ذاهباً إلى نفس الخيمَة الَّتِي جاء منها لأَنَّ مَجموعة مِنَ النﮕرِيَّة بإنتظارهِ! نظرتُ إلى الحاج أبو علي (صاحب المأدبَة) والَّذِي كانَ يَجلس عَلَى يَميني فرأيته مَقهوراً ومُتأَلِّمَاً ومُتأَثِراً كثيرَاً، وهَمَسَ في أُذُني شاكياً وقالَ: إِنَّ كُلّ (أفراد) عائلتي لَم تنام ليلَة البارِحَة فكانوا مَشغولين لطبخ (وإعداد) هذا الغدَاء وصاحبنا الأفندي (المالكي) يتغدَّى ويشرب شاي ويﮕوم (وينهض ذاهباً) وين (أين) هُوَ في مَطعم؟ عَلَى الأَقل يجاملنا ساعة أَو نص (نصف) ساعة بَعدَ الغدَاء والشاي و يوَلِّي (ويَذهب إلى غير رجعة) الله ويَّاه (مَعَهُ). حيث كانَ الحاج حُميَّد (أبو علي الأسدي) يتوقَّع مِن نوري المالكي أَن يُشارك ويُجامِل اللاجئين المدعويِّن عَلَى شرفهِ بحضور راعيّ المأدبَة ببعض همُوم ومَأْساة اللجوء أَو عن القضيَّة العِرَاقيَّة؟. ورُبَّ سائِل يَسأَل: إذن ما هُوَ الغرَض الَّذِي كانَ مِن وراءِ زيارة نوري المالكي إلى مُخيم رفحاء؟ الجَوَاب: كانَ المالكي قادِمَاً مِن سوريا إلى أَربعة أَو خمسَة مِن أَقاربهِ مِن أَهالي طويريج الَّذِينَ يَسكنون في خيمَة النﮕرِيَّة! لإكمال مُعاملاتهم ونقلهم مِن مُخيم رفحاء إلى سوريَّة؟ وبَطبيعة الحال لَيسَ مجَّاناً؟ وأَمَّا خارِج مُحيط خيمَة النﮓرِيَّة مِن مُخيم واسِع يَضمّ أَكثر مِن أَربعين ألف لاجئ ولاجئة مِنَ العِرَاقيين والعِرَاقيَّات فهُوَ أَمر لايعنيه في شيءٍ؟. فكَيفَ بالقدر وسُخريته أَن يَجعله رئيساً لوزراء العِرَاق الَّذي يَضمّ 27 مليون نسمَة تقريباً؟ كمَا أَنهُ لا الحاج الأسدي ولا غيره مِنَ الحضور في المأدبَة يتوقَّع أَو يتصوَّر أَنَّ مِثل هذا النكِرَة سَيكون يوم ما رئيساً لوزراء العِرَاق؟. وبَعدَ أَن رَجَعَ المالكي إلى سوريَّة ولَكِن الحاج أبو علي ظلَّ يتكلَّم بها في كُلّ مُناسبة وينتقد تصرّف المالكي وأَنه لَم يُراعي الأصول في مأدبَة الغداء السالِفة الذِكر؟ ولَكِن مالَّذِي دَفعَ كاتب السطور ليقول للحاج الأسدي: أَنتَّ تتكلَّم ضد أبو إسراء المالكي وهُوَ مِن نفس مِنطقتك طويريج ولَكِّنهُ سيَصل يوم ما إلى منصب لاتتوقعه؟ ومِنَ الحاضرين والسامعين لكلامي هذا النقيب علي الأسدي والشيخ نصر الفتلاوي (علماً أنا كُنت ولا أَزال أرى بأَنَّ أبو إسراء (نوري) المالكي لايستحق منصب مُدير مَدرسَة اِبتدائيَّة؟) إذن مالَّذي جَعلَني أَعتقِد بأَنهُ (المالكي) سيَصِل إلى منصب لايتوقعه أَحَد؟ وكانَ ذلِكَ قبلَ أَكثر مِن عقد ونصف مِنَ الزمن؟ الجواب: لا أدري؟ كانَ أبو علي الأسدي ونجله النقيب وغيرهما يثقون بآرائي فعِندَمَا قلت لهم إِنَّ المالكي سيَصِل يوم ما إلى منصب لاتتوقعونه أصابتهم دهشَة وصدمَة حتى أَنَّ الحاج أبو علي الأسدي توقَّف بَعدهَا عن إنتقاد المالكي علناً فضلاً عن كونه مِن أَهل مدينتهِ (طويريج) وهُوَ أَولى بالتنسيق مَعَ رجُل رُبَّمَا سيَستفاد منه في المُستقبل؟!. هذا الثعلَب المالكي! وأنتقِل إلى ثعلَب آخر، وبَعدَ حوالي شهريَن مِن ذلِكَ التأريخ كانت هناك زيارة لإبراهيم الجعفري إلى مُخيم رفحاء، والَّذِي قُدِّرَ له وأَيضاً في غفلةٍ مِنَ الزمن أَن يَكون فيما بَعد رئيساً لوزراء العِرَاق وكانَ في خيمَة لأَحَد أقربائه مِنَ اللاجئين يُقال إبن عمَّه. وكانَ هناك عشرات اللاجئين مِنَ الشباب ينتظرون خارج الخيمَة يُريدون اللقاء بالجعفري؟ كانَ الوقت ليلاً حوالي الساعة التاسعة وبقت الناس تنتظر لحوالي ساعتيَن إلى ثلاثِ ساعات بَعدَها خرَجَ الجعفري مِنَ الخيمة والكُلّ وقفوا (اِحتراماً وتوقعاً منهم أَنهُ سيتحدَّث مَعَهُم) بَعد أَن كانوا جالسين عَلَى الأَرض ولكِّنه صَعَدَ بالسَيِّارة وبُسرعة غير مُبرَّرَة! ومِن دون حتى أَن يُسلِّم عَلَى الناس (اللاجئين العِرَاقيين) الَّذِين كانوا ينتظرونه لساعات ولَو بالإشارَة؟ وهُمَا (المالكي والجعفري) وغيرهما مِنَ الَّذِين كانوا يزورون المُخيم جاءوا بناءً عَلَى تقديم طلبات إلى السفارات السعوديَّة في البلدان الَّتِي كانوا يَعيشون فيها عَلَى أَسَاس زيارة أقاربهم في مُخيَم رفحاء ولَيسَ كمَا يَظن البَعض في المُخيم بأنهم في مُهِمَات سياسيَّة (باِستثناء البَعض ومنهم الَّذِين كانوا يَعيشون في الرياض والمدعومين مِن قِبلِ المَملكة العربيَّة السعوديَّة). وأَقول لاغرَابَة بمَا يَحدث مِنَ الفوضى والتذمُّر في العِرَاق الآن وأَنَّ أَهم الأَسبَاب الرئيسيَّة لذلِك هُوَ فسَاد الحُكُومَة وتوليّ السُلطَة مَن هُوَ لَيسَ مُؤَهَّلاً وكُفؤَاً لهَا؟ وصَدَقَ الداهيَة الأريب عمرو بن العاص في وصيتهِ لإبنهِ: يابنيّ موت ألف مِنَ العُلِّيَة أَقل ضرَرَاً مِن إرتفاع واحد مِنَ السَفلَة.
كانبيرا- استراليا
14 مارس 2007
ajshameed@hotmail.com
تعليق