فلسفة الابتلاء والاختبار الالهي
فلسفة الابتلاء
سۆال: من الواضح أنّ الاختبار إنّما يجري لغرض تحصيل العلم وكشف الحقائق المجهولة، وإذا ما أخذنا بنظر الاعتبار انّ اللَّه عالم بسرّ الإنسان وعلانيته، ومطّلع على ماضيه ومستقبله، فحينئذٍ يطرح التساۆل التالي:
ما الحاجة إذاً إلى هذا الامتحان وذلك الاختبار وما هي فلسفته؟
انّ الاختبار والامتحان الإلهي يمثّل سنّة عامة لا تختص بفرد دون فرد أو جماعة دون أُخرى، بل يخضع لها الجميع حسب إمكاناتهم وقابلياتهم، فكلّ يتعرض لذلك الامتحان الإلهي ويدخل في بوتقة ذلك الاختبار، ولقد صرّح القرآن الكريم بشمولية الاختبار وعمومية الامتحان الإلهي بقوله سبحانه:
«أَمْحَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمّا يَأْتِكُمْ مَثَلُالّذينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ البَأْساءُ وَالضَّرّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتّى يَقُولَالرَّسُولُ وَالّذينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَريبٌ». [البقرة: 214.](1)
ويكون الامتحان الإلهي تارةً بالنعمة واخرى بالبلاء، إلّاأنّ من المسلّم أنّ الامتحان بالبلاء أشدّ وأصعب.
وأمّا «الشرّ» فإنّه لا يعني مطلق الشرّ، لأنّ الفرض أنّ هذا الشرّ عبارة عن وسيلة للاختبار والتكامل، وبناءً على هذا فإنّ المراد هو الشرّ النسبي، وأساساً لايوجد شرّ مطلق في مجموع عالم الوجود بالنظرة التوحيديّة الصحيحة!
ولذلك نقرأ في حديث أنّ أمير المۆمنين علياً عليه السلام مرض يوماً فجاء جمع من أصحابه لعيادته، فقالوا: كيف نجدك يا أمير المۆمنين؟ قال: «بشرّ»! قالوا: ما هذا كلام مثلك؟! قال:
«إنّ اللَّه تعالى يقول: ونبلوكم بالشرّ والخير فتنة، فالخير الصحّة والغنى، والشرّ المرض والفقر».
ويبقى هنا سۆال مهمّ، وهو: لماذا يختبر اللَّه عباده؟ وماذا يعني الاختبار من قِبل اللَّه؟ وقد ذكرنا جواب هذا السۆال في ذيل الآية 155 من سورة البقرة، وقلنا: إنّ الامتحان من اللَّه تعالى لعباده يعني تربيتهم(2).
المۆمن و الامتحان الإلهي
يتفاوت ردة فعل الناس إزاء المصائب و البلايا التي تواجههم في الحياة, و ذلك حسب فهمهم لحقيقة المصائب ودورها في بناء شخصية الإنسان و صقل روحه و إثبات حقيقته. فالبلاء كالنار التي يمتحن بها الصائغ الذهب ليتثبت حقيقته و صفاۆه و معدنه. و من الخطأ الفادح أن يعتقد البعض بأن المصيبة دليل بغض الله للعبد.
قال الله تعالى **و َلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْء ٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَة ٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ(156)** سورة البقرة, و عن رسول الله - صلى الله عليه و آله (ما أوذي نبي مثلما أوذيت), و ها هوالإمام الحسين عليه السلام قد ابتلي بكربلاء حتى استشهد ظمآناً و قطع رأسه و رضّ صدره
و أسرت نساۆه و أطفاله. إذن إيمان الإنسان لا يعني خلوه من المصائب و المحن بل كلما ازداد المرئ إيماناً ازداد بلاۆه و امتحانه.(منقول)
تعليق