بسم الله الرحمن الرحيم
كيف نستفيد من وجود الإمام المهدي(عج)
نحن نعلم بأن الامام المهدي (عج) هو الرجل الذي أعطاه الله تعالى مقاليد الكون وعليه يمكننا الاستفادة من وجوده المبارك أكثر فأكثر, ولتحقيق ذلك لابد من توفر أربع مقدمات هي:-
1-الألتفات الى النقص والفاقة والحاجة عندنا.
ونوضح هذه النقطة-وهي مهمة جداً- بمثال: لو تصورنا أن شخصاً ما يعاني من داء عضال في بدنهِ ولكنه غير ملتفت الى ذلك, فهل سيبحث عن العلاج؟ وهل سيتجه الى الطبيب؟ كلا
وذلك لأن الداء وإن كان له(وجود واقعي) في بدنهِ, ولكنه ليس
له(وجود شعوري)في ذهنهِ لكي يدفعهُ نحو التخلص منه بأي سبيل.
يقول علماء الأخلاق: إن من أعدى أعداء الفرد الشعور بالاكتفاء,لأن الذي يشعر أنه مكتف من الناحية العلمية أو الأخلاقية لايرى مبرراً للتحرك نحو التكامل الخلقي أو العلمي.
وهكذا الشخص الذي يعتقد انه لايعاني شيئاً ولا توجد عنده مشكلة ولا فاقة, لايمكنه الاستفادة الكاملة من الوجود المبارك
للامام المهدي (ع) لأنه لايتحرك حينئذ بل يبقى ساكناً في مكانهِ
لعدم شعورهِ بالحاجة إلى الامام(ع) لحل مشكلاته,لأنه يعتقد أنه
لامشكلة عنده في الاساس.
أما نحن فيراودنا الشعور بالحاجة في بعض الأحيان كما لو تهنا في صحراء أو انكسرت بنا السفينه في البحر أو ابتلينا-أو أحد أعزاءنا- بمشكلة أو بمرض مستعصي العلاج-لاسمح الله- أما أولياء الله سبحانه وتعالى فإنهم يشعرون دائماً بأنهم
في حالة إضطرار وانهم في حاجة وفاقة.
ولذلك ترانا ننام طوال الليل لأنه لايوجد شيء يؤرقنا,اما هم
ف(كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون)
أرأيت من عندهُ مشكلة أو يهدده خطر,كيف لايستطيع أن يخلد الى النوم,فكذلك حال أولياء الله تعالى, لأنهم يشعرون بالخطر.
إننا نفهم أن الاضطرار في قولهِ تعالى(أم من يجيب المضطر إذا
دعاه ويكشف السوء)عبارة عن ان يكون الشخص مريضاً أو
عندهُ مريض-مثلاً-أما أولياء الله تعالى فيشعرون دائماً أنهم في حالة إضطرار,وهذا الشعور كامن في أعماقهم ولذلك يصفهم القرآن الكريم بقوله تعالى(تتجافى جنوبهم عن المضاجع) لأن حالة الاضطرار الباطنية لاتدعهم يستقرون.
روى احد العلماء ان شخصين تصاحبا,وعندما حل الليل نام الأول ولم ينم الثاني,بعد مدة استيقظ الأول فرأى صاحبه لو ينم بعد, فعاد للنوم مرة أخرى وعندما استيقظ أيضاً رأى صاحبهُ لم
ينم بعد, وعندما سألهُ:لماذا لاتنام؟ قال في جوابهِ:كيف أنام ومن حولي كلهم يقظون يسبحون الله تعالى, ثم كشف له الغطاء فرأى جميع الاشياء تسبح بحمد الله.
{وعلى هذا الاساس ينبغي لنا أن نحاول ان نُشعِر أنفسنا بنقصها وحاجتها وفاقتها واضطرارها,وهذه هي المقدمة الأولى
للاستفادة الكاملة من وجود الأمام المهدي(عج).
2- التوجه الى مصدر القوة والغنى والقدرة وهو الامام المهدي(عج).
فليس الامام(ع) بالفرد العادي بل هو الذي يمكن لنظرة واحدة منه أن تغيرّ حالنا فكما قلنا إن الله تعالى جعلهُ وآباءه الطاهرين
(ع) مظاهر مشيئته.
3-محاولةإيجاد القابلية.
فإن القلب الملوث ليس له قابلية,وهكذا العين الملوثة والأذن الملوّثة واليد الملوّثة و.... وأولى المراحل في هذا الطريق-
وهي صعبة جداً ولكنها ممكنة- أن نتجنب إرتكاب الذنوب,
ذنوب القلب والعين والأذن واللسان واليد و....
فكما أن جهاز الراديو إذا حصل فيه أي عطب أو خلل أو قطع في أي سلك من أسلاكهِ يفقد القابلية على تلقي الأمواج الموجودة في الفضاء, فكذلك القلب إذا حصل فيه خلل فقدَ القابلية على تلقي الفيض الالهي,فلابد أولاً من إصلاحهِ لإيجاد
القابلية فيه.
4- الإلحاح والتوسل.
ينبغي لنا أن نلجأ الى الامام(عج)في حل كل قضايانا الدنيوية والأخروية والفردية والاجتماعية فهو الملاذ لنا في كل الشؤون والقضايا,وكما ان الله تعالى جعل الشمس مصدر الدفء والنور
للانسان في حياتهِ المادية, ومن أبتعد عنها حرم من الدفء والنور,فكذلك هو الامام(عج) حعله الله لنا مصدراً للدفء والنور في حياتنا المعنوية وأوكل-سبحانه-إليه كل امورنا وقضايانا فمن لم يتوجه إليه فسوف يكون نصيبه الخسارة والحرمان.
فلنستحضر هذه المقدمات الأربع ولنحاول ونلحّ حتى نستفيد من وجود الإمام المهدي(عج) أكثر فأكثر.
من محاضرات محمد رضا الشيرازي
تعليق