ولد ميشيل نوستراداموس في اليوم الرابع عشر من كانون الأول /ديسمبر من عام 1503 ميلادية في مدينة سان ريمي دي بروفانس في فرنسا . وهو يهودي الأصل ولكن أسرته تخلت عن اليهودية و اعتنقت العقيدة الكاثوليكية . و كان متأثر جدا بجده الذي قام بتعليمه قواعد اللاتينية و الإغريقية و العبرية و أصول الرياضيات و التنجيم برع في العلوم الطبية و أهتم بصورة خاصة بالتنجيم . وذاع صيته في تلك الفترة بأنه يشفي الأمراض تزوج في سنة1534 ميلادية و رزق بولد وبنت ولكن انتشار وباء الطاعون في تلك الفترة أدى إلى موت زوجته وطفليه وكان لعجزه في إنقاذهم الأثر البالغ في حياته . وبعد عدة سنوات تزوج من أرملة ثرية وبدأ بتأليف الكتب في الغيبيات مما شجعه في النهاية بكتابة كتابه الشهير (القرون ) حيث نشره لأول مرة في عام 1555 ميلادية .
ولقد كتب التنبؤات بشكل مقاطع شعرية من أربعة أبيات مبهمة المعاني ومليئة بمختلف المصطلحات من لغات متعددة مثل اللاتينية و البروفنسالية و الإيطالية وغيرها ... ولقد احتوى كتاب ( القرون ) على بعض التنبؤات من ستة أبيات شعرية و سماها ( السداسيات ) و أخرى سماها ( الإنذارات ) . وقد استعمل طريقة الجناس التصحيفي أي تغيير أماكن الحروف في الكلمة أو حذف أو تغيير حرف أو حرفين منها أو استخدام الأسماء القديمة و المنسية للمدن و الدول التي كان يعنيها في تنبؤاته و ذلك لإخفاء المعنى عن العامة من الناس و لقد قام بكل هذا حتى لا يقع في قبضة محاكم التفتيش التي كانت تحرق كل من يدّعي بمعرفته الكهانة و السحر . و لقد ساعدته واستعانت به الملكة كاترين دي مديتشي ملكة فرنسا مما ساعده في نشر كتابه و دون خوف من محاكم التفتيش ولكنه أبقى على الترميز فيه و استمر في البلاط الفرنسي إلى أن مات سنة 1566 ميلادية .
أن استشهادي بما جاء في كتاب التنبؤات هو ليس من باب الدعاية لهذا الكتاب لأنه في الواقع لا يحتاج لها لأنه طبع ومنذ صدوره لأول مرة مئات المرات و بكل اللغات العالمية . و لكن لأن ما وجدته فيه من ذكر لأحداث تهم عالمنا العربي و الإسلامي و لأن التاريخ اثبت أن اغلب ما كتبه نوستراداموس من تنبؤات قد حدث فعلا ولو أن بعض التنبؤات لم يستطيع المفسرون للتنبؤات أن يجدوا لها تفسير و هذا ليس عيبا في التنبؤات ولكنه قصور في إمكانيات المفسرين . و قد يقول أحد من الناس انه يجب أن لا يستشهد برجل يهودي الأصل و بكتاب يتحدث عن الغيبيات التي هي لله وحده فأقول أن الاستشهاد بأهل الكتاب إذا كان فيه ما يؤيد المنظور الإسلامي ويتفق معه فلا بأس في دراسته والتعريف به و ابلغ البراهين على العدو أن تأخذ من فمه ما يدينه و ما يؤيد حجتك عليه . أما القول بأن الغيب لله سبحانه و تعالى فقط فهو صحيح ولكن الله سبحانه و تعالى يصطفي من عباده من يشاء ليظهر الآيات والدلائل على يديه وقد يكون لله الحكمة البالغة في إظهار هذه الغيبيات على يد رجل يهودي حتى تكون ابلغ أثرا وسيقوم أبناء جلدته بنشرها وتعريف الناس بها لأنها لو ظهرت على يد رجل مسلم لتم طمسها و إزالتها من الوجود و لأدعّوا إن هذا الرجل إنما يريد أن ينتصر لدينه . ثم إن الغيب المقصود معرفة الله سبحانه و تعالى به فهو الغيب المطلق الكلي وليس شذرات من الغيب لأن الكثير من الناس قد مروا بمعرفة جزء من الغيب في فترة من فترات حياتهم فكم من الناس حدثت لهم أحداث لها تأثير في حياتهم و تراهم يقولون انهم أما حلموا بحدوث هذا الأمر أو أن إحساسا داخليا قويا حدث لهم بحدوث مثل هذا الأمر . إذا فالغيب المطلق كله لله يطلع من يشاء على ما يريد من هذا الغيب لغاية لا يعلمها إلا هو سبحانه . من هنا نستنتج انه جائز لنا أن ندرس و نعرف ما ورد في كتاب ( القرون ) . و الآن إليكم بعض هذه التنبؤات و تفسير ما تعني وفي الحقيقة أن بعض التفاسير للتنبؤات استطعت أنا أن أحللها و تبدأ من النبؤات التي تتحدث عن الاحتلال العراقي للكويت و ما بعدها. ويجب الانتباه إلى أن كلمة قرن هنا لا تعني مائة سنة بل مائة نبؤة . ولقد رمز نوستراداموس إلى الغرب بـ ( فرنسا ) و إلى العالم المسيحي بـ ( إيطاليا ) و لأمريكا بـ ( أسبانيا ) .
تعليق