(مناظرة ابن طاووس(1) مع بعض أهل الخلاف في أمر بعض الصحابة والرجهة والمتعة وغيبة الإمام المهدي عليه السلام )
يقول ابن طاووس ـ عليه الرحمة ـ: ولقد جمعني وبعض أهل الخلاف مجلس منفرد فقلت لهم: ما الذي تأخذون على الاِمامية، عرّفوني به بغير تقيّة لاَذكر ما عندي، وفيه غلقنا باب الموضع الذي كنّا ساكنيه ؟
فقالوا: نأخذ عليهم تعرضهم بالصحابة، ونأخذ عليهم القول بالرجعة، والقول بالمتعة، ونأخذ عليهم حديث المهدي عليه السلام وأنّه حي مع تطاول زمان غيبته؟
فقلت لهم: أما ما ذكرتم من تعرض من أشرتم إليه بذم بعض الصحابة، فأنتم تعلمون أن كثيراً من الصحابة استحل بعضهم دماء بعض في حرب طلحة والزبير وعائشة لمولانا علي عليه السلام وفي حرب معاوية له أيضاً، واستباحوا أعراض بعضهم لبعض حتى لعن بعضهم بعضاً على منابر الاِسلام، فأولئك هم الذين طرقوا سبيل الناس للطعن عليهم، وبهم اقتدى من ذمهم ونسب القبيح إليهم، فإن كان لهم عذر في الذي عملوه من استحلال الدماء وإباحة الاَعراض، فالذين اقتدوا بهم أعذر وأبعد من أن تنسبوهم إلى سوء التعصب والاِعراض، فوافقوا على ذلك.
وقلت لهم: وأمّا حديث ما أخذتم عليه من القول بالرجعة، فأنتم تروون أن النبي صلى الله عليه وآله قال: إنّه يجري في أُمّته ما جرى في الاَُمم السابقة(2) وهذا القرآن يتضمن (أَلَمْ تَرَ إلى الَّذينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِم وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الموتِ فَقالَ لَهم اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أحياهُمْ)(3) فشهد جلّ جلاله أنه قد أحيا الموتى في الدنيا وهي رجعة، فينبغي أن يكون في هذه الاَُمّة مثل ذلك، فوافقوا على ذلك.
فقلت لهم: وأمّا أخذكم عليهم بالقول بالمتعة فأنتم أحوجتم الشيعة إلى صحّة الحكم بها، لاَنّكم رويتم في صحاحكم عن جابر(4) بن عبدالله الاَنصاري، وعبدالله بن عباس(5) ، وعبدالله بن مسعود(6) ، وسلمة بن الاَكوع(7) ، وعمران بن الحصين(8) وأنس بن مالك، وهم من أعيان الصحابة(9) أنّ النبي صلى الله عليه وآله مات ولم يحرِّمها، فلمّا رأت الشيعة أن رجالكم وصحاح كتبكم قد صدقت رجالكم، ورواتهم أخذوا بالمجمع عليه وتركوا ما أنفردتم به، فوافقوا على ذلك.
وقلت لهم: وأمّا ما أخذتم عليهم من طول غيبة المهدي عليه السلام فأنتم تعلمون، أنّه لو حضر رجل وقال: أنا أمشي على الماء ببغداد فإنّه يجتمع لمشاهدته، لعل من يقدر على ذلك منهم فإذا مشى على الماء وتعجب الناس منه فجاء آخر قبل أن يتفرقوا، وقال أيضاً: أنا أمشي على الماء فإن التعجب منه يكون أقل من ذلك فمشى على الماء فإن بعض الحاضرين ربما يتفرقون ويقل تعجبهم، فإذا جاء ثالث وقال: أنا أيضاً أمشي على الماء فربّما لا يقف للنظر إليه إلاّ قليل فإذا مشى على الماء سقط التعجب من ذلك، فإن جاء رابع وذكر أنّه يمشي أيضاً على الماء فربّما لا يبقى أحد ينظر إليه ولا يتعجب منه وهذه حالة المهدي عليه السلام لاَنّكم رويتم أنّ إدريس عليه السلام حي(10) موجود في السماء منذ زمانه إلى الآن، ورويتم أن الخضر عليه السلام حي موجود منذ زمان موسى عليه السلام أو قبله إلى الآن(11) ورويتم أن عيسى حي موجود(12) في السماء وأنّه يرجع إلى الاَرض(13) مع المهدي عليه السلام فهذه ثلاثة نفر من البشر قد طالت أعمارهم، وسقط التعجب بهم من طول أعمارهم، فهلا كان لمحمد بن عبدالله ـ صلوات الله عليه وآله ـ أسوة بواحد منهم أن يكون من عترته آية لله جلّ جلاله في أُمّته بطول عمر واحد من ذريته فقد ذكرتم ورويتم في صفته: أنّه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت جوراً وظلماً(14) ، ولو فكرتم لعرفتم أن تصديقكم وشهادتكم أنه يملأ الأرض بالعدل شرقاً وغرباً وبعداً وقرباً أعجب من طول بقائه، وأقرب إلى أن يكون ملحوظاً بكرامات الله(15) جلّ جلاله لاَوليائه، وقد شهدتم أيضاً له أن عيسى بن مريم النبي المعظم عليهما السلام يصلّي خلفه(16) مقتدياً به في صلواته وتبعاً له ومنصوراً به في حروبه وغزواته، وهذا أيضاً أعظم مقاماً مما استبعدتموه من طول حياته فوافقوا على ذلك؛ وفي حكاية الكلام زيادة فاطلب من الطرائف وغيرها(17) .
يقول ابن طاووس ـ عليه الرحمة ـ: ولقد جمعني وبعض أهل الخلاف مجلس منفرد فقلت لهم: ما الذي تأخذون على الاِمامية، عرّفوني به بغير تقيّة لاَذكر ما عندي، وفيه غلقنا باب الموضع الذي كنّا ساكنيه ؟
فقالوا: نأخذ عليهم تعرضهم بالصحابة، ونأخذ عليهم القول بالرجعة، والقول بالمتعة، ونأخذ عليهم حديث المهدي عليه السلام وأنّه حي مع تطاول زمان غيبته؟
فقلت لهم: أما ما ذكرتم من تعرض من أشرتم إليه بذم بعض الصحابة، فأنتم تعلمون أن كثيراً من الصحابة استحل بعضهم دماء بعض في حرب طلحة والزبير وعائشة لمولانا علي عليه السلام وفي حرب معاوية له أيضاً، واستباحوا أعراض بعضهم لبعض حتى لعن بعضهم بعضاً على منابر الاِسلام، فأولئك هم الذين طرقوا سبيل الناس للطعن عليهم، وبهم اقتدى من ذمهم ونسب القبيح إليهم، فإن كان لهم عذر في الذي عملوه من استحلال الدماء وإباحة الاَعراض، فالذين اقتدوا بهم أعذر وأبعد من أن تنسبوهم إلى سوء التعصب والاِعراض، فوافقوا على ذلك.
وقلت لهم: وأمّا حديث ما أخذتم عليه من القول بالرجعة، فأنتم تروون أن النبي صلى الله عليه وآله قال: إنّه يجري في أُمّته ما جرى في الاَُمم السابقة(2) وهذا القرآن يتضمن (أَلَمْ تَرَ إلى الَّذينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِم وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الموتِ فَقالَ لَهم اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أحياهُمْ)(3) فشهد جلّ جلاله أنه قد أحيا الموتى في الدنيا وهي رجعة، فينبغي أن يكون في هذه الاَُمّة مثل ذلك، فوافقوا على ذلك.
فقلت لهم: وأمّا أخذكم عليهم بالقول بالمتعة فأنتم أحوجتم الشيعة إلى صحّة الحكم بها، لاَنّكم رويتم في صحاحكم عن جابر(4) بن عبدالله الاَنصاري، وعبدالله بن عباس(5) ، وعبدالله بن مسعود(6) ، وسلمة بن الاَكوع(7) ، وعمران بن الحصين(8) وأنس بن مالك، وهم من أعيان الصحابة(9) أنّ النبي صلى الله عليه وآله مات ولم يحرِّمها، فلمّا رأت الشيعة أن رجالكم وصحاح كتبكم قد صدقت رجالكم، ورواتهم أخذوا بالمجمع عليه وتركوا ما أنفردتم به، فوافقوا على ذلك.
وقلت لهم: وأمّا ما أخذتم عليهم من طول غيبة المهدي عليه السلام فأنتم تعلمون، أنّه لو حضر رجل وقال: أنا أمشي على الماء ببغداد فإنّه يجتمع لمشاهدته، لعل من يقدر على ذلك منهم فإذا مشى على الماء وتعجب الناس منه فجاء آخر قبل أن يتفرقوا، وقال أيضاً: أنا أمشي على الماء فإن التعجب منه يكون أقل من ذلك فمشى على الماء فإن بعض الحاضرين ربما يتفرقون ويقل تعجبهم، فإذا جاء ثالث وقال: أنا أيضاً أمشي على الماء فربّما لا يقف للنظر إليه إلاّ قليل فإذا مشى على الماء سقط التعجب من ذلك، فإن جاء رابع وذكر أنّه يمشي أيضاً على الماء فربّما لا يبقى أحد ينظر إليه ولا يتعجب منه وهذه حالة المهدي عليه السلام لاَنّكم رويتم أنّ إدريس عليه السلام حي(10) موجود في السماء منذ زمانه إلى الآن، ورويتم أن الخضر عليه السلام حي موجود منذ زمان موسى عليه السلام أو قبله إلى الآن(11) ورويتم أن عيسى حي موجود(12) في السماء وأنّه يرجع إلى الاَرض(13) مع المهدي عليه السلام فهذه ثلاثة نفر من البشر قد طالت أعمارهم، وسقط التعجب بهم من طول أعمارهم، فهلا كان لمحمد بن عبدالله ـ صلوات الله عليه وآله ـ أسوة بواحد منهم أن يكون من عترته آية لله جلّ جلاله في أُمّته بطول عمر واحد من ذريته فقد ذكرتم ورويتم في صفته: أنّه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت جوراً وظلماً(14) ، ولو فكرتم لعرفتم أن تصديقكم وشهادتكم أنه يملأ الأرض بالعدل شرقاً وغرباً وبعداً وقرباً أعجب من طول بقائه، وأقرب إلى أن يكون ملحوظاً بكرامات الله(15) جلّ جلاله لاَوليائه، وقد شهدتم أيضاً له أن عيسى بن مريم النبي المعظم عليهما السلام يصلّي خلفه(16) مقتدياً به في صلواته وتبعاً له ومنصوراً به في حروبه وغزواته، وهذا أيضاً أعظم مقاماً مما استبعدتموه من طول حياته فوافقوا على ذلك؛ وفي حكاية الكلام زيادة فاطلب من الطرائف وغيرها(17) .