قصة الياس
عن ابن عباس (رض) قال: ان يوشع بن نون بوأ بني اسرائيل الشام بعد موسى (ع) وقسمها بينهم ، فصار منهم سبط ببعلبك بأرضها ، وهو السبط الذي منه الياس النبي(ع) فبعثه الله اليهم وعليهم يومئذ ملك ففتنهم بعبادة صنم يقال له : بعل ، وذلك قوله تعالى ( ان الياس لمن المرسلين * اذ قال لقومه الا تتقون * أتدعون بعلا وتذرون احسن الخالقين * الله ربكم ورب ابائكم الاولين *)) الصافات(123-127) . وكان للملك زوجة فاجرة يستخلفها اذا غاب فتقضي بين الناس ، وكان لها كاتب حكيم قد خلص من يدها ثلاثمائة مؤمن كانت تريد قتلهم ، ولم يعلم على وجه الارض ازنى منها ، وقد تزوجت سبعة ملوك من بني اسرائيل حتى ولدت تسعين ولدا سوى ولد ولدها.
وكان لزوجها جار صالح من بني اسرائيل وكان له بستان يعيش به الى جانب قصر الملك ، وكان الملك يكرمه ، فسافر مرة ، فاغتنمت امراته وقتلت العبد الصالح ، واخذت بستانه غصبا من اهله وولده وكان ذلك سبب سخط الله عليهم ، فلما قدم زوجها اخبرته الخبر ، فقال لها : ما اصبت .
فبعث الله الياس النبي (ع) يدعوهم الى عبادة الله ، فكذبوه وطردوه واهانوه واخافوه ، وصبر عليهم واحتمل اذاهم، ودعاهم الى الله تعالى فلم يزدهم الا طغيانا ، فآلى الله على نفسه ان يهلك الملك والزانية ان لم يتوبوا اليه ، واخبرهما بذلك، فأشتد غضبهم عليه وهموا بتعذيبه وقتله ، فهرب منهم، فلحق باصعب جبل ، فبقي فيه وحده سبع سنين، يأكل من نبات الارض وثمار الشجر ، والله يخفي مكانه. فامرض الله ابنا للملك مرضا شديدا حتى يئس منه ، وكان اعز ولده عليه ،فستشفعوا الى عبدة الصنم ليستشفعوا له فلم ينفع ، فبعثوا الناس الى حد الجبل الذي فيه الياس(ع) وكانوا يقولون: اهبط الينا واشفع لنا ، فنزل الياس من الجبل. وقال ان الله اليكم والى من وراءكم ، فاسمعوا رسالة ربكم يقول الله : ارجعوا الى الملك ، فقولوا له : اني انا الله لا اله الا انا اله بني اسرائيل الذي خلقهم ، وانا الذي ارزقهم واحييهم واميتهم واضرهم وانفعهم ، وتطلب الشفاء لابنك من غيري فلما صاروا الى الملك وقصوا عليه القصة امتلأ غيضاَ.
فقال ما الذي منعكم ان تبطشوا به ؟حين لقيتموه وتوثقوه وتأتوني به فانه عدوي، قالوا لما صار معنا قذف في قلوبنا الرعب عنه ، فندب خمسين من قومه من ذوي البطش واوصاهم بالاحتيال له واطماعه في انهم امنوا به ليغتر بهم فيمكنهم من نفسه. فانطلقوا حتى ارتقوا ذلك الجبل الذي فيه الياس (ع) ثم تفرقوا فيه ، وهم ينادونه باعلى صوتهم ،ويقولون :يا نبي الله ابرز لنا ، فانا امنا بك ، فلما سمع الياس مقالتهم طمع في ايمانهم وكان في مغار ، اللهم ان كانوا صادقين فيما يقولون فأذن لي بالنزول اليهم،وان كانوا كاذبين فاكفنيهم وارمهم بنار تحرقهم ، فما استتم قوله حتى حصبوا بالنار من فوقهم فاحترقوا.
فبلغ الملك خبرهم ، فأشتد غيظه ،فأنتدب كاتب امراته المؤمن وبعث معه جماعة الى الجبل ، وقال له :قد آن ان اتوب ، فانطلق لنا اليه حتى يرجع الينا يأمرنا وينهانا بما يرضي ربنا وامر قومه فاعتزلوا الاصنام .فانطلق كاتبها والفئة الذين انفذهم معه حتى علا الى الجبل الذي فيه الياس ، ثم ناداه فعرف الياس صوته ، فاوحى الله اليه ان ابرز الى اخيك الصالح وصافحه وحيه.فقال المؤمن: بعثني اليك هذا الطاغي وقومه وقص عليه ما قالوا .ثم قال : واني لخائف ان رجعت اليه ولست معي ان يقتلني ، فأوحى الله تعالى الى الياس(ع) :ان كل شيء جاءك منهم خداع ليظفروا بك واني اشغله عن هذا المؤمن بان اميت ابنه فلما قدموا عليه شدد الله الوجع على ابنه ، واخذ الموت يكظمه، ورجع الياس سالما الى مكانه فلما ذهب الجزع عن الملك بعد مدة سأل الكاتب عن الذي جاء به فقال: ليس لي به علم. ثم ان الياس (ع) نزل واستخفي عند ام يونس بن متي ستة اشهر ويونس(ع) مولود ثم عاد الى مكانه فلم يلبث الا يسيرا حتى مات ابنها حين فطمته فعظمت مصيبتها فخرجت في طلب الياس ورقت الجبال حتى وجدت الياس فقالت : اني فجعت بموت ابني والهمني الله تعالى عز وجل الاستشفاع بك اليه ليحيي ابني ، فاني تركته بحاله ولم ادفنه واخفيت مكانه فقال لها: ومتى مات ابنك قالت: اليوم سبعة ايام. فانطلق الياس وصار سبعة ايام اخرى حتى انتهى الى منزلها ، فرفع يديه بالدعاء واجتهد حتى احيى الله تعالى جلت عظمته بقدرته يونس (ع) ، فلما عاش انصرف الياس ، ولما صار ابن اربعين سنة ارسله الله تعالى الى قومه ، كما قال( وارسلناه الى مائة الف او يزيدون )) ثم اوحى الله تعالى الى الياس بعد سبع سنين من يوم احيى الله يونس(ع) : سلني اعطك ، فقال : تميتني فتلحقني بابائي ، فاني قد مللت بني اسرائيل وابغتهم فيك ، فقال تعالى جلت قدرته :ما هذا باليوم الذي اعري منك الارض واهلها وانما قوامها بك، ولكن سلني اعطك، فقال الياس: فاعطني ثاري من الذين ابغضوني فيك، فلا تمطر عليهم سبع سنين قطراَ الا بشفاعتي ، فأشتد على بني اسرائيل الجوع ، والح عليهم البلاء ، واسرع الموت فيهم ، وعلموا ان ذلك من دعوة الياس ، ففزعوا اليه وقالوا :نحن طوع يدك ، فهبط الياس معهم ومعه تلميذ له اليسع وجاء الى الملك فقال: افنيت بني اسرائيل بالقحط، فقال: قتلهم الذي اغواهم ،فقال :ادع ربك يسقهم. فلما جن الليل قام الياس(ع) ودعا الله ، ثم قال لليسع :انظر في اكناف السماء ماذا ترى ؟ فنظر ، فقال: ارى سحابة ،فقال :ابشروا بالسقاء ، فليحرزوا انفسهم وامتعتهم من الغرق، فامطر الله عليهم السماء وانبع لهم الارض ، فقال الياس: بين اظهرهم وهم صالحون.ثم ادركهم الطغيان والبطر ، فجحدوا حقه وتمردوا ، فسلط الله تعالى عليهم عدواَ قصدهم ولم يشعروا به حتى رهقهم فقتل الملك وزوجته والقاهما في بستان الذي قتلته زوجة الملك ، ثم وصى الياس الى اليسع وانبت الله لألياس الريش والبسه النور ورفعه وايده، فكان بنوا اسرائيل يعظمونه ويهتدون بهداه.
صحيفة القائم عليه السلام
عن ابن عباس (رض) قال: ان يوشع بن نون بوأ بني اسرائيل الشام بعد موسى (ع) وقسمها بينهم ، فصار منهم سبط ببعلبك بأرضها ، وهو السبط الذي منه الياس النبي(ع) فبعثه الله اليهم وعليهم يومئذ ملك ففتنهم بعبادة صنم يقال له : بعل ، وذلك قوله تعالى ( ان الياس لمن المرسلين * اذ قال لقومه الا تتقون * أتدعون بعلا وتذرون احسن الخالقين * الله ربكم ورب ابائكم الاولين *)) الصافات(123-127) . وكان للملك زوجة فاجرة يستخلفها اذا غاب فتقضي بين الناس ، وكان لها كاتب حكيم قد خلص من يدها ثلاثمائة مؤمن كانت تريد قتلهم ، ولم يعلم على وجه الارض ازنى منها ، وقد تزوجت سبعة ملوك من بني اسرائيل حتى ولدت تسعين ولدا سوى ولد ولدها.
وكان لزوجها جار صالح من بني اسرائيل وكان له بستان يعيش به الى جانب قصر الملك ، وكان الملك يكرمه ، فسافر مرة ، فاغتنمت امراته وقتلت العبد الصالح ، واخذت بستانه غصبا من اهله وولده وكان ذلك سبب سخط الله عليهم ، فلما قدم زوجها اخبرته الخبر ، فقال لها : ما اصبت .
فبعث الله الياس النبي (ع) يدعوهم الى عبادة الله ، فكذبوه وطردوه واهانوه واخافوه ، وصبر عليهم واحتمل اذاهم، ودعاهم الى الله تعالى فلم يزدهم الا طغيانا ، فآلى الله على نفسه ان يهلك الملك والزانية ان لم يتوبوا اليه ، واخبرهما بذلك، فأشتد غضبهم عليه وهموا بتعذيبه وقتله ، فهرب منهم، فلحق باصعب جبل ، فبقي فيه وحده سبع سنين، يأكل من نبات الارض وثمار الشجر ، والله يخفي مكانه. فامرض الله ابنا للملك مرضا شديدا حتى يئس منه ، وكان اعز ولده عليه ،فستشفعوا الى عبدة الصنم ليستشفعوا له فلم ينفع ، فبعثوا الناس الى حد الجبل الذي فيه الياس(ع) وكانوا يقولون: اهبط الينا واشفع لنا ، فنزل الياس من الجبل. وقال ان الله اليكم والى من وراءكم ، فاسمعوا رسالة ربكم يقول الله : ارجعوا الى الملك ، فقولوا له : اني انا الله لا اله الا انا اله بني اسرائيل الذي خلقهم ، وانا الذي ارزقهم واحييهم واميتهم واضرهم وانفعهم ، وتطلب الشفاء لابنك من غيري فلما صاروا الى الملك وقصوا عليه القصة امتلأ غيضاَ.
فقال ما الذي منعكم ان تبطشوا به ؟حين لقيتموه وتوثقوه وتأتوني به فانه عدوي، قالوا لما صار معنا قذف في قلوبنا الرعب عنه ، فندب خمسين من قومه من ذوي البطش واوصاهم بالاحتيال له واطماعه في انهم امنوا به ليغتر بهم فيمكنهم من نفسه. فانطلقوا حتى ارتقوا ذلك الجبل الذي فيه الياس (ع) ثم تفرقوا فيه ، وهم ينادونه باعلى صوتهم ،ويقولون :يا نبي الله ابرز لنا ، فانا امنا بك ، فلما سمع الياس مقالتهم طمع في ايمانهم وكان في مغار ، اللهم ان كانوا صادقين فيما يقولون فأذن لي بالنزول اليهم،وان كانوا كاذبين فاكفنيهم وارمهم بنار تحرقهم ، فما استتم قوله حتى حصبوا بالنار من فوقهم فاحترقوا.
فبلغ الملك خبرهم ، فأشتد غيظه ،فأنتدب كاتب امراته المؤمن وبعث معه جماعة الى الجبل ، وقال له :قد آن ان اتوب ، فانطلق لنا اليه حتى يرجع الينا يأمرنا وينهانا بما يرضي ربنا وامر قومه فاعتزلوا الاصنام .فانطلق كاتبها والفئة الذين انفذهم معه حتى علا الى الجبل الذي فيه الياس ، ثم ناداه فعرف الياس صوته ، فاوحى الله اليه ان ابرز الى اخيك الصالح وصافحه وحيه.فقال المؤمن: بعثني اليك هذا الطاغي وقومه وقص عليه ما قالوا .ثم قال : واني لخائف ان رجعت اليه ولست معي ان يقتلني ، فأوحى الله تعالى الى الياس(ع) :ان كل شيء جاءك منهم خداع ليظفروا بك واني اشغله عن هذا المؤمن بان اميت ابنه فلما قدموا عليه شدد الله الوجع على ابنه ، واخذ الموت يكظمه، ورجع الياس سالما الى مكانه فلما ذهب الجزع عن الملك بعد مدة سأل الكاتب عن الذي جاء به فقال: ليس لي به علم. ثم ان الياس (ع) نزل واستخفي عند ام يونس بن متي ستة اشهر ويونس(ع) مولود ثم عاد الى مكانه فلم يلبث الا يسيرا حتى مات ابنها حين فطمته فعظمت مصيبتها فخرجت في طلب الياس ورقت الجبال حتى وجدت الياس فقالت : اني فجعت بموت ابني والهمني الله تعالى عز وجل الاستشفاع بك اليه ليحيي ابني ، فاني تركته بحاله ولم ادفنه واخفيت مكانه فقال لها: ومتى مات ابنك قالت: اليوم سبعة ايام. فانطلق الياس وصار سبعة ايام اخرى حتى انتهى الى منزلها ، فرفع يديه بالدعاء واجتهد حتى احيى الله تعالى جلت عظمته بقدرته يونس (ع) ، فلما عاش انصرف الياس ، ولما صار ابن اربعين سنة ارسله الله تعالى الى قومه ، كما قال( وارسلناه الى مائة الف او يزيدون )) ثم اوحى الله تعالى الى الياس بعد سبع سنين من يوم احيى الله يونس(ع) : سلني اعطك ، فقال : تميتني فتلحقني بابائي ، فاني قد مللت بني اسرائيل وابغتهم فيك ، فقال تعالى جلت قدرته :ما هذا باليوم الذي اعري منك الارض واهلها وانما قوامها بك، ولكن سلني اعطك، فقال الياس: فاعطني ثاري من الذين ابغضوني فيك، فلا تمطر عليهم سبع سنين قطراَ الا بشفاعتي ، فأشتد على بني اسرائيل الجوع ، والح عليهم البلاء ، واسرع الموت فيهم ، وعلموا ان ذلك من دعوة الياس ، ففزعوا اليه وقالوا :نحن طوع يدك ، فهبط الياس معهم ومعه تلميذ له اليسع وجاء الى الملك فقال: افنيت بني اسرائيل بالقحط، فقال: قتلهم الذي اغواهم ،فقال :ادع ربك يسقهم. فلما جن الليل قام الياس(ع) ودعا الله ، ثم قال لليسع :انظر في اكناف السماء ماذا ترى ؟ فنظر ، فقال: ارى سحابة ،فقال :ابشروا بالسقاء ، فليحرزوا انفسهم وامتعتهم من الغرق، فامطر الله عليهم السماء وانبع لهم الارض ، فقال الياس: بين اظهرهم وهم صالحون.ثم ادركهم الطغيان والبطر ، فجحدوا حقه وتمردوا ، فسلط الله تعالى عليهم عدواَ قصدهم ولم يشعروا به حتى رهقهم فقتل الملك وزوجته والقاهما في بستان الذي قتلته زوجة الملك ، ثم وصى الياس الى اليسع وانبت الله لألياس الريش والبسه النور ورفعه وايده، فكان بنوا اسرائيل يعظمونه ويهتدون بهداه.
صحيفة القائم عليه السلام
تعليق