وفي يوم حنين لما تقدم أبو جرول ووراءه المشركون، وكانت الراية بيده وهو يرتجز قائلاً:
أنا أبــــو جرول لا براح حتـــى نبيح القــوم أو نباح
فقصده أمير المؤمنين فضرب عجز بعيره ثم ضربه وقتله ثم قال:
قد علم القوم لدى الصباح إني لدى الهيجاء ذو نصاح
فكانت هزيمة المشركين بقتل أبي جرول، وحمل عليهم المسلمون يقدمهم علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقتل منهم أربعين رجلاً وانهزم الباقون، وأُسر من أُسر منهم، وذلك بعد هزيمة المسلمين وتفرقهم عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وقد ذكر القرآن الكريم موقف المسلمين يومذاك بقوله تعالى: (ويوم حنين إذا أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين)(4) ثم أنزل الله سكينته على رسول الله وعلى المؤمنين.
ولابن أبي الحديد كلمة بالمناسبة في مقدمة شرحه على النهج:
(أما الشجاعة: فإنه أنسى الناس فيها ذكر من كان قبله ومحى اسم من يأتي بعده، ومقاماته في الحرب مشهورة، يضرب بها الأمثال إلى يوم القيامة، وهو الشجاع الذي ما فرّ قط، ولا ارتاع من كتيبة، ولا بارز أحداً إلا قتله، ولا ضرب ضربة قط فاحتاجت الأولى إلى ثانية.
وفي الحديث: كانت ضرباته وتراً، ولما دعى معاوية إلى المبارزة ليستريح الناس من الحرب بقتل أحدهما، فقال له عمرو بن العاص: لقد أنصفك! فقال معاوية: ما غششتني منذ نصحتني إلا اليوم !! أتأمرني بمبارزة أبي الحسن وأنت تعلم أنه الشجاع المطرق؟ أراك طمعت في إمارة الشام بعدي...).
(1) سورة التوبة، الآية: 111.
2) البحار ـ ج6.
(3) البحار ـ ج9.
(4) سورة التوبة، الآيتان: 25 و26
تعليق