السلام عليكم
من كتاب صفات الشيعــة للشيخ الصدوق (رض)/ الحلقة الثانية
حدثنى محمد بن الحسن احمد بن الوليد رحمه الله قال: حدثنى محمد بن الحسن الصفار عن ظريف بن ناصح رفعه الى محمد بن علي (عليه السلام) قال انما شيعة علي (عليه السلام) المتباذلون فى ولايتنا المتحابون فى مودتنا المتزاورون لاحياء أمرنا، ان غضبوا لم يظلموا، و ان رضوا لم يسرفوا، بركة لمن جاوروا، وسلم لمن خالطوا.
ابى رحمه الله قال: حدثنى سعد بن عبد الله قال حدثنى محمد بن عيسى عن عمرو ابن ابى المقدام عن ابيه، قال قال لى أبو جعفر (عليه السلام) انه قال شيعة علي (عليه السلام) الشاحبون الناحلون الذابلون، ذبلة شفاههم خميصه بطونهم، متغيره الوانهم وبهذا الاسناد قال
قال أبو جعفر (ع) لجابر يا جابر: إنما شيعة علي (عليه السلام) من لا يعدو صوته سمعه ولا شحناؤه بدنه، لا يمدح لنا قاليا، ولا يواصل لنا مبغضا و لا يجالس لنا عائبا شيعة علي (عليه السلام) من لا يهر هرير الكلب، و لا يطمع طمع الغراب، و لا يسأل الناس و ان مات جوعا، اولئك الخفيفة عيشتهم، المنتقلة ديارهم ان شهدوا لم يعرفوا، و ان غابوا لم يفتقدوا وان مرضوا لم يعادوا، و ان ماتوا لم يشهدوا، فى قبورهم يتزاورون
قلت، و اين أطلب هؤلاء قال فى أطراف الأرض بين الأسواق، و هو قول الله تعالى عز وجل { أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ }المائدة54
حدثنى محمد بن الحسن بن الوليد رضى الله عنه عن المفضل بن قيس ابى عبد الله (عليه السلام)، قال: كم شيعتنا بالكوفة قال قلت خمسون الفا قال: فما زال يقول حتى قال: ترجو أن يكونوا عشرين ثم قال (ع):
والله لوددت أن يكون بالكوفة خمسة و عشرون رجلا يعرفون أمرنا الذى نحن عليه ولا يقولون علينا إلا بالحق.
حدثنا محمد بن على ماجيلويه رحمه الله عن ابى عبد الله (عليه السلام) قال قال له أبو الدوانيقي بالحيرة ايام ابى العباس: يا ابا عبد الله ما بال الرجل من شيعتكم يستخرج ما فى جوفه في مجلس واحد حتى يعرف مذهبه فقال (عليه السلام): ذلك بحلاوة الايمان فى صدورهم من حلاوته يبدونه تبديا.
ابى رحمه الله قال حدثنى احمد بن ادريس قال حدثنى محمد بن احمد عن ابن ابى عمير، يرفعه الى أحدهم (عليه السلام) انه قال بعضكم اكثر صلاة من بعض، و بعضكم اكثر حجا من بعض وبعضكم اكثر صدقه من بعض و بعضكم اكثر صياما من بعض وأفضلكم أفضل معرفه.
حدثنى محمد بن موسى المتوكل رحمه الله قال حدثنى محمد بن يحيى العطار قال حدثنى المفضل بن زياد العبدى عن ابى عبد الله (عليه السلام) قال: انا اهل بيت صادقون همكم معالم دينكم وهو عدوكم بكم، و اشرب قلوبهم لكم بغضا، يحرفون ما يسمعون منكم كله، و يجعلون لكم اندادا، ثم يرمونكم به بهتانا، فحسبهم بذلك عند الله معصية.
حدثنى احمد بن محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن يحيى بن سدير قال قال أبو عبدالله (عليه السلام) إذا كان يوم القيامة دعى الخلائق بامهاتهم ما خلانا وشيعتنا فانا لا سفاح بيننا.
حدثنى الحسن بن احمد عن ابيه، عن محمد بن احمد عن عبدالله بن خالد الكنانى، قال استقبلني أبو الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) و قد علقت سمكة بيدى، قال اقذفها إنى لأكره للرجل (السرى خ) ان يحمل الشئ الدنى بنفسه، ثم قال (عليه السلام) انكم قوم اعداؤكم كثير يا معشر الشيعة، انكم قوم عاداكم الخلق فتزينوا لهم ما قدرتهم عليه.
حدثنى محمد بن علي ماجيلويه، قال حدثنى عمى محمد بن ابى قاسم، عن هارون بن مسلم عن مسعدة صدقه، قال سئل أبو عبدالله (عليه السلام) عن شيعتهم، فقال شيعتنا من قدم ما استحسن وامسك ما استقبح وأظهر الجميل و سارع بالأمر الجليل رغبة الى رحمة الجليل فذاك منا والينا ومعنا حيث ما كنا.
حدثنى محمد بن موسى المتوكل رحمه الله قال حدثنى عبد الله بن جعفر الحميرى، عن الأصبغ بن نباتة قال خرج علي (عليه السلام) ذات يوم و نحن مجتمعون فقال من انتم وما اجتماعكم، فقلنا قوم من شيعتك يا أمير المؤمنين فقال مالى لاأرى سيماء الشيعة، عليكم، فقلنا وما سيماء الشيعة، فقال (عليه السلام) صفر الوجوه من صلاة الليل، عمش العيون من مخافة، ذبل الشفاه من الصيام، عليهم غبرة الخاشعين.
ابى رحمه الله قال حدثنى سعد بن عبد الله عن ابى بصير عن ابى عبد الله (عليه السلام) قال قلت جعلت فداك صف لى شيعتك، قال (عليه السلام) شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه، ولا شحناؤه بدنه، و لا يطرح كله غيره، و لا يسأل غير اخوانه، و لو مات جوعا، شيعتنا من لايهر هرير الكلب، و لا يطمع طمع الغراب شيعتنا الخفيفه عيشهم المنتقلة ديارهم، شيعتنا الذين فى أموالهم حق معلوم ويتوانسون، و عند الموت لا يجزعون وفى قبورهم يتزاورون، قال قلت جعلت فداك فأين اطلبهم؟
قال فى أطرافالأرض و بين الأسواق، كما قال الله عزوجل فى كتابه { أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ }المائدة54
حدثنى محمد بن الحسن، قال حدثنا على بن حسان الواسطي، عن عمه عبد الرحمان بن كثير الهاشمي عن جعفر بن محمد عن ابيه (عليه السلام) قال قام من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) يقال له همام - وكان عابدا فقال له يا أمير المؤمنين صف لى المتقين حتى كأني انظر إليهم فتثاقل امير المؤمنين (صلوات الله عليه) فى جوابه ثم قال (عليه السلام) ويحك يا همام اتق واحسن فان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون فقال همام يا أمير المؤمنين أسألك بالذى اكرمك وبما خصك به وحباك و فضلك بما أنالك و أعطاك لما و صفتهم لى فقام أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) قائما على قدميه فحمد الله واثنى عليه وصلى على النبي وآله وسلم ثم قال:
(( أما بعد فان الله عزوجل خلق الخلق حيث خلقهم غنيا عن طاعتهم آمنا من معصيتهم لأنه لا تضره معصية من عصاه منهم ولا تنفعه طاعه اطاعة و قسم بينهم معايشهم، و وضعهم من الدنيا مواضعهم و انما اهبط الله آدم و حواء من الجنة عقوبة لما صنعا حيث نها هما فخالفاه وأمرهما فعصياه، فالمتقون فيها أهل الفضائل منطقهم الصواب، و ملبسهم الاقتصاد، و مشيهم التواضع: خضعوا لله بالطاعة فبهتوا غاضين ابصارهم عما حرم الله عليهم، واقفين اسماعهم على العلم النافع لهم، نزلت انفسهم منهم فى البلاء كالذى نزلت بهم فى الرخاء رضا منهم عن الله بالقضاء ولو لا الآجال التى كتب الله عليهم لم تستقر أرواحهم فى أجسادهم طرفة عين شوقا الى الثواب، و خوفا من العقاب، عظم الخالق فى أنفسهم، و صغر ما دونه فى اعينهم فهم والجنة كمن قدر آها فهم منعمون، و هم والنار كمن قدر آها فهم فيها معذبون، قلوبهم محزونه، و شرورهم مأمونة و أجسادهم نحيفة و حوائجهم خفيفة، و انفسهم عفيفة و مؤنتهم من عظيمه، صبروا أياما قليلة قصارا اعقبتهم راحة طويلة بتجارة مربحة يسرها لهم رب كريم، ارادتهم الدنيا ولم يريدوها وطلبتهم فاعجزوها، أما الليل فصافون أقدامهم، تالين لاجزاء القرآن يرتلونه ترتيلا، يحزنون به أنفسهم و يستبشرون به و تهيج أحزانهم بكاء على ذنوبهم و وجع
كلوم جوانحهم، و إذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها بمسامع قلوبهم وأبصارهم فاقشعرت منها جلودهم، و وجلت منها قلوبهم، وظنوا أن صهيل جهنم وزفيرها و شهيقها فى اصول آذانهم وإذا مروا بأية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا، وتطلعت أنفسهم إليها شوقا، فظنوا أنها نصب أعينهم، جاثين على أوساطهم يمجدون جبارا عظيما مفترشين جباههم و أكفهم و أطراف أقدامهم وركبهم تجرى دموعهم على خدودهم يجأرون الى الله فى فكاك رقابهم و اما النهار فحلماء علماء بررة أتقياء قد برا هم الخوف (برى القداح - خ ل) فهم أمثال القداح، ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى وما بالقوم من مرض، أو يقول قد خولطوا فقد خالط القوم أمر عظيم، إذا فكروا فى عظمة الله و شدة سلطانه مع ما يخالطهم من ذكر الموت و أهوال القيامة فزع ذلك قلوبهم و جاشت حلومهم وذهلت قلوبهم (عقولهم - خ ل) وإذا استفاقوا بادروا الى الله بالأعمال الزكية لا يرضون لله أعمالهم بالقليل و لا يستكثرون له الجزيل فهم لأنفسهم متهمون ومن أعمالهم مشفقون، ان زكى أحدهم خاف مما يقولون وقال انا أعلم بنفسى من غيرى، وربى أعلم بنفسى منى، اللهم لا تؤاخذني بما يقولون، و اجعلني خيرا مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون، فانك علام الغيوب، و ستار العيوب ومن علامة أحدهم انك ترى له قوة فى دين، و حزما فى لين وايمانا في يقين وحرصا على العلم، و كيسا فى رفق وشفقة في نفقة، وقصدا فى غناء، و خشوعا فى عبادة وتحملا فى فاقة و صبرا فى شدة ورحمة للجهود واعطاء فى حق، و رفقا فى كسب وطلبا للحلال ونشاطا فى الهدى وتحرجا عن الطمع، و برا فى استقامة و إغماضا عند شهوة لا يغره ثناء من جهله، و لا يدع احصاء ما قد عمله مستنبطأ لنفسه فى العمل يعمل الأعمال الصالحة وهو على وجل، يمسى وهمه الشكر و يصبح و شغله الذكر يبيت حذرا و يصبح فرحا، حذرا لما حذر من الغفلة و فرحا لما اصاب من الفضل والرحمة ان استصعب عليه نفسه فيما تكره يعطها سؤلها فيما إليه ضره، و فرحه فيما يخلد ويطول، و قرة عينه فيما لا يزول ورغبته فيما يبقى وزهادته فيما يفنى يمزج الحلم بالعلم، و يمزج العلم بالعقل، تراه بعيدا كسله، دائما نشاطه قريبا أمله، قليلا زللـه متوقعا أجله خاشعا قلبه، ذاكرا ربه خائفا ذنبه، قانعة نفسه متغيبا جهله، سهلا أمره حريزا دينه، ميتة شهوتة كاظما غيظه، صافيا خلقه، آمنا منه جاره ، ضعيفا كبره، ميتا ضره، كثيرا ذكره، محكما امره، يحدث بما يؤتمن عليه الاصدقاء، و لايكتم شهادته للاعداء، ولا يعمل شيئا من الحق رياء ولا يتركه حياءا، الخير منه مامول، و الشر منه مامون، ان كان فى الغافلين كتب من الذاكرين، و ان كان فى الذاكرين لم يكتب من الغافلين، يعفو عمن ظلمه و يعطى من حرمه، ويصل من قطعه لا يعزب حلمه ولا يعجل فما يريبه، و يصفح عما قد تبين بعيد (بعد خ ل) جهله، لينا قوله، غائبا مكره (منكره خ ل)، قريبا معروفه، صادقا قوله، حسنا فعله، مقبلا خيره، مدبرا شره، فهو فى الهزاهز وقور، و فى المكاره صبور، و فى الرخاء شكور، لا يحيف على من يبغض ولايأثم على من لا يحب لا يدعى ما ليس له ولا يجحد حقا هو عليه، يعترف بالحق أن يشهد عليه، و لا يضيع ما استحفظ (لا ينسى ما ذكره خ) و لا ينابز بالألقاب، و لا يبغى على أحد، و لايهم بالحسد، و لا يضر بالجار، و لا يشمت بالمصائب، سريع الى الصلوات مؤد للأمانات، بطئ عن المنكرات، يأمر بالمعروف، و ينهى المنكر لا يدخل فى الامور بجهل، و لا يخرج من الحق بعجز، ان صمت لم يغمه صمته. وان نطق لم يقل خطأ، و ان ضحك لم يعد صوته سمعه، قانعا بالذى قدر له، و لا يجمع به الغيظ و لا يغلبه الهوى، و لا يقهره الشح، و لا يطمع فيما ليس له يخالط الناس ليعلم ويصمت ليسلم، ويسأل ليفهم، ينصت ليعجب به، و لا يتكلم ليفخر على من سواه، ان بغى عليه صبر، حتى يكون الله هو الذى ينتقم له نفسه منه فى عناء والناس منه فى راحة، اتعب نفسه لآخرته واراح الناس من شره، بعد من تباعد عنه بغض ونزاهة و دنو من دنا منه لين ورحمة، فليس تباعده بكبر ولا عظمة، و لادنوه بخديعة و خلابة، بل يقتدى بمن كان قبله من أهل الخير، و هو امام لمن خلقه أهل البر (قال) فصعق همام صعقة كانت نفسه فيها.
فقال امير المؤمنين (ع) اما والله لقد كنت اخافها عليه، و أمر به فجهز وصلى عليه وقال هكذا تصنع المواعظ البالغه باهلها فقال قائل فما بالك انت يا أمير المؤمنين قال (عليه السلام) و يلك ان لكل اجلا لن يعدوه وسببا لا يجاوزه، فمهلا لا تعد فانما نفث لسانك الشيطان.