أتُفكر انه لا صاحب لنا؟!
روى عن السيد بحر العلوم (قدس سره)أنه كان في مكة المكرمة مقيم مدة ثلاث سنوات عند بيت الله الحرام
ومعه خادمه, فكان يبلغ للدين ويروج فقه أهل البيت ويجيب على الأسئلة الفقهية لأبناء السنة على ضوء فقه
مذاهبهم حيث كانت سعةُ اطلاعه وعلومه الغزيرة تمكنه الإجابة على أسئلة المسلمين هناك كل حسب مذهبه ,
وبذلك نال السيد إعجاب المنصفين من السنة وعلمائهم, وأثبت بذلك حقاً انه بحر العلوم كما لقبه الكريم. ولم
يكن السيد مقتصراً على عطائه الديني والعلمي بل كان سخياً في عطائه المالي أيضاً, فقد كان يعين الطلبة
الدراسين عنده والفقراء الذين يطرقون باب داره, فلما أوشكت أمواله على الانتهاء قال له خادمه بصيغة
العتاب: هكذا تبذل حتى أصبحنا لا نملك الآن ما نرجع به إلى النجف الأشرف (العراق).
فسكت عنه السيد بحر العلوم مكتفياً بابتسامة نابعة من سر ويقين !
وهكذا جاء اليوم الذي نفدت فيه الدراهم والدنانير كلها فجاء الخادم إلى السيد يخبره قائلاً: ألم أقل لك, فماذا
نفعل الآن؟
أعطاه السيد ورقة صغيرة وأرسله إلى عنوان في السوق, ليسلم الورقة صاحب دكان هناك.
يقول الخادم : ذهبت وإذا كان هناك رجل بسيماء الأولياء, استلم الورقة وقرأها ثم ناولني أكياساً مملوة
بالدراهم والدنانير. فرجعت بها إلى السيد وأنل متعجب من الأمر, وفي اليوم التالي رجعت إلى السوق
لأتعرف على الرجل فلم أجد له من أثر, بل ولا أثر للدكان أيضاً فسألت أصحاب الدكاكين, أكدوا أن لا احد
بهذه المواصفات كان يجاورهم. فعدت إلى البيت وكنت غارقاً في التفكير , حتى دخلت على السيد, فسألني
أين كنت؟ قلت : كنت مشغولاً سيدي.
قال السيد بحر العلوم وهو يبتسم: بل كنت ذاهباً إلى السوق تبحث عن الرجل الذي أرسلتك إليه أمس!
فازداد اندهاشي فوق الأول وانهمرت دموعي .
فقال السد: أتفكر في أنه لا صاحب لنا؟
قصص وخواطر
تعليق