ورد عن جابر بن عبدالله الأنصاري (ر) قال: إنا يوم الخندق نحفر فعرضت كدية شديدة (أي صخرة) فجاءوا إلى النبي فقالوا : هذه كدية عرضت في الخندق، فجاء فأخذ المعول فقال: " باسم الله " ، فضرب ضربة فنثر ثلثها، وقال: " الله أكبر! أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمر الساعة! " ثم ضرب الثانية فقطع ثلثا آخر، فقال: " الله أكبر! أعطيت مفاتيح فارس، وإني والله لأبصر قصر المدائن الأبيض الآن " ضرب الثالثة فقال: "باسم الله" ، فقطع بقية الحجر فقال: "الله أكبر! أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني الساعة".
معاناة رسول الله أثناء مسيرته القيادية
واجه رسول الله في مسيرته القيادية والدعوية محنًا شديدة، وظروفًا قاسية صعبة، ولم تكن الأمور في يسر وسهولة، فقد عانى في مكة من المشركين، وفي المدينة من مختلف الأطراف كاليهود والمنافقين، ومن تلك المواقف والمحن الصعبة التي مرّ بها، غزوة الخندق، والتي تعرف أيضًا بغزوة الأحزاب، حيث اجتمع الكفار والمشركون أحزابًا ضد رسول الله فتحالف اليهود مع أكثر القبائل العربية كقريش، وغطفان، وبني مرة، وبني المصطلق، وبني فزارة، وغيرهم، فكونوا جيشًا قوامه عشرة آلاف مقاتل، مقابل ثلاثة ألاف مجاهد مع رسول الله . وكان المسلمون في ذلك الحين يعيشون الفقر والعوز والحاجة الاقتصادية، كان يمرّ على المقاتلين اليوم واليومان وما عندهم طعام يأكلونه، حتى ربط رسول الله حجر المجاعة على بطنه. فكان يصعب على المسلمين مواجهة ذلك الجيش الجرار، فاقترح سلمان الفارسي حفر الخندق حتى لا يستطيع جيش المشركين أن يزحف على المسلمين، وكانت هي الوسيلة الوحيدة التي يملكونها ليأمنوا عدوهم، ومع هذه الظروف القاسية الخطيرة فان رسول الله كان يحدث اصحابه عن انتصارات قادمة وهي فتح الشام وفارس واليمن, حتى لا يفقد المسلمون ثقتهم بالله وبانفسهم في مواجهة اصعب الشدائد والازمات.
وقبل ذلك يوم كان رسول الله في مكة المكرمة يعاني اشد الاذى من المشركين لكن ثقته بالله كانت عظيمة, وكان يبث روح الامل والثقة في نفوس من حوله. ومن اقسى الشدائد ما عاناه من حصار المشركين له ولاسرته في شعب ابي طالب والذي استمر ثلاث سنوات.
روى البلاذري عن ابن عباس قال: حُصِرنا في الشعب ثلاث سنين، وقطعوا عنا المِيرة حتى إن الرجل ليخرج بالنفقة فما يبايع حتى يرجع، حتى هلك من هلك. وقال ابن إسحاق وغيره: فأقاموا على ذلك ثلاث سنين حتى جهدوا، ولا يصل إليهم شيء إلا سراً مستخفياً به من أراد صلتهم من قريش. حتى أكلوا ورق الشجر اليابس ليدرأوا به غوائل الجوع، وسمع أصوات صبيانهم من وراء الشعب يتضورون من الجوع.
وقد لاقى العنف والقسوة من أهل الطائف أثناء سفره إليهم، قال ابن عقبة: وقفوا له صفين على طريقه، فلما مر رسول الله بين الصفين جعل لا يرفع رجليه ولا يضعهما إلا رضخوهما بالحجارة حتى أدموا رجليه. وزاد سليمان التيمي: أنه كان إذا اذلقته الحجارة يقعد إلى الأرض فيأخذون بعضديه ويقيمونه فإذا مشى رجموه بالحجارة وهم يضحكون.
القائد وبعث روح الأمل
كانت ظروفًا صعبة تلك التي عاشها رسول الله والمسلمون معه، وهنا يتجلى دور القائد الحكيم، الذي يستطيع بعث روح الأمل في أوقات الصعوبات والشدائد، فكل مجتمع يمر بالأزمات والشدائد، وقد يكون العدو أقدر وأكثر عدة، وقد يستطيع أن يوقع بهم مجزرة أو نكسة، ولكن على القائد، أن يشد من عزم أتباعه، ويبعث فيهم القوة، اولاً: لأن الإنسان المؤمن إنما يعمل من أجل الله والمسألة تتجاوز مقاييس الربح ولخسارة، فهو يقصد إحدى الحسنين، اما النصر أو الشهادة ويريد ثواب الله تعالى، فليس مهمًا لدى الإنسان المؤمن والفئة المؤمنة أن يتحقق المأمول فورًا، ولكن المهم هو أداء الواجب الذي يرتضي الله تعالى.
ثانيًا ما دام المؤمن يدافع عن الحق فإن الحق سينتصر أخيرًا لأن الحق يعلوا ولا يعلى عليه، وإذا كان للباطل دولة وصولة، فإن للحق عزة وغلبة ﴿وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾، ﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾. حركة التاريخ هي باتجاه القيم الصحيحة، قيم الحق والعدالة والحرية، لذلك يتجاوز المؤمن المحن مهما كانت مؤلمة، ونحن دائمًا نعيش في مدرسة أهل البيت الذين أرسوا مبدأ أن الدم ينتصر على السيف. قتل الإمام الحسين ، ولكنه انتصر، بالرغم من كل ما حصل في كربلاء، ورغم كل ما وقع على أهل البيت لكنهم كانوا ينظرون بعين الله تعالى، ولذلك خاطبت العقيلة زينب يزيد: (فكد كيدك وناصب جهدك، واسع سعيك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا). والإمام الحسين كان يعلم بمقتله، إلا أنه يكتب إلى بني هاشم حين خروجه: (من لحق بي منكم استشهد، ومن لم يلحق بي لم يدرك الفتح) يعتبر الشهادة فتحاً، لأنه باتجاه حركة التاريخ وفي اتجاه حركة القيم الإلهية.
فعلى المسلمين والمؤمنين في كل عصر أن يستلهموا هذه الروح من رسول الله وأهل بيته فلا تهزهم الشدائد، وأن يكونوا صامدين موقنين بدعم الله وعونه وكفى بالله حسيبًا.
اللهم وفقنا لما تحب وترضى
معاناة رسول الله أثناء مسيرته القيادية
واجه رسول الله في مسيرته القيادية والدعوية محنًا شديدة، وظروفًا قاسية صعبة، ولم تكن الأمور في يسر وسهولة، فقد عانى في مكة من المشركين، وفي المدينة من مختلف الأطراف كاليهود والمنافقين، ومن تلك المواقف والمحن الصعبة التي مرّ بها، غزوة الخندق، والتي تعرف أيضًا بغزوة الأحزاب، حيث اجتمع الكفار والمشركون أحزابًا ضد رسول الله فتحالف اليهود مع أكثر القبائل العربية كقريش، وغطفان، وبني مرة، وبني المصطلق، وبني فزارة، وغيرهم، فكونوا جيشًا قوامه عشرة آلاف مقاتل، مقابل ثلاثة ألاف مجاهد مع رسول الله . وكان المسلمون في ذلك الحين يعيشون الفقر والعوز والحاجة الاقتصادية، كان يمرّ على المقاتلين اليوم واليومان وما عندهم طعام يأكلونه، حتى ربط رسول الله حجر المجاعة على بطنه. فكان يصعب على المسلمين مواجهة ذلك الجيش الجرار، فاقترح سلمان الفارسي حفر الخندق حتى لا يستطيع جيش المشركين أن يزحف على المسلمين، وكانت هي الوسيلة الوحيدة التي يملكونها ليأمنوا عدوهم، ومع هذه الظروف القاسية الخطيرة فان رسول الله كان يحدث اصحابه عن انتصارات قادمة وهي فتح الشام وفارس واليمن, حتى لا يفقد المسلمون ثقتهم بالله وبانفسهم في مواجهة اصعب الشدائد والازمات.
وقبل ذلك يوم كان رسول الله في مكة المكرمة يعاني اشد الاذى من المشركين لكن ثقته بالله كانت عظيمة, وكان يبث روح الامل والثقة في نفوس من حوله. ومن اقسى الشدائد ما عاناه من حصار المشركين له ولاسرته في شعب ابي طالب والذي استمر ثلاث سنوات.
روى البلاذري عن ابن عباس قال: حُصِرنا في الشعب ثلاث سنين، وقطعوا عنا المِيرة حتى إن الرجل ليخرج بالنفقة فما يبايع حتى يرجع، حتى هلك من هلك. وقال ابن إسحاق وغيره: فأقاموا على ذلك ثلاث سنين حتى جهدوا، ولا يصل إليهم شيء إلا سراً مستخفياً به من أراد صلتهم من قريش. حتى أكلوا ورق الشجر اليابس ليدرأوا به غوائل الجوع، وسمع أصوات صبيانهم من وراء الشعب يتضورون من الجوع.
وقد لاقى العنف والقسوة من أهل الطائف أثناء سفره إليهم، قال ابن عقبة: وقفوا له صفين على طريقه، فلما مر رسول الله بين الصفين جعل لا يرفع رجليه ولا يضعهما إلا رضخوهما بالحجارة حتى أدموا رجليه. وزاد سليمان التيمي: أنه كان إذا اذلقته الحجارة يقعد إلى الأرض فيأخذون بعضديه ويقيمونه فإذا مشى رجموه بالحجارة وهم يضحكون.
القائد وبعث روح الأمل
كانت ظروفًا صعبة تلك التي عاشها رسول الله والمسلمون معه، وهنا يتجلى دور القائد الحكيم، الذي يستطيع بعث روح الأمل في أوقات الصعوبات والشدائد، فكل مجتمع يمر بالأزمات والشدائد، وقد يكون العدو أقدر وأكثر عدة، وقد يستطيع أن يوقع بهم مجزرة أو نكسة، ولكن على القائد، أن يشد من عزم أتباعه، ويبعث فيهم القوة، اولاً: لأن الإنسان المؤمن إنما يعمل من أجل الله والمسألة تتجاوز مقاييس الربح ولخسارة، فهو يقصد إحدى الحسنين، اما النصر أو الشهادة ويريد ثواب الله تعالى، فليس مهمًا لدى الإنسان المؤمن والفئة المؤمنة أن يتحقق المأمول فورًا، ولكن المهم هو أداء الواجب الذي يرتضي الله تعالى.
ثانيًا ما دام المؤمن يدافع عن الحق فإن الحق سينتصر أخيرًا لأن الحق يعلوا ولا يعلى عليه، وإذا كان للباطل دولة وصولة، فإن للحق عزة وغلبة ﴿وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾، ﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾. حركة التاريخ هي باتجاه القيم الصحيحة، قيم الحق والعدالة والحرية، لذلك يتجاوز المؤمن المحن مهما كانت مؤلمة، ونحن دائمًا نعيش في مدرسة أهل البيت الذين أرسوا مبدأ أن الدم ينتصر على السيف. قتل الإمام الحسين ، ولكنه انتصر، بالرغم من كل ما حصل في كربلاء، ورغم كل ما وقع على أهل البيت لكنهم كانوا ينظرون بعين الله تعالى، ولذلك خاطبت العقيلة زينب يزيد: (فكد كيدك وناصب جهدك، واسع سعيك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا). والإمام الحسين كان يعلم بمقتله، إلا أنه يكتب إلى بني هاشم حين خروجه: (من لحق بي منكم استشهد، ومن لم يلحق بي لم يدرك الفتح) يعتبر الشهادة فتحاً، لأنه باتجاه حركة التاريخ وفي اتجاه حركة القيم الإلهية.
فعلى المسلمين والمؤمنين في كل عصر أن يستلهموا هذه الروح من رسول الله وأهل بيته فلا تهزهم الشدائد، وأن يكونوا صامدين موقنين بدعم الله وعونه وكفى بالله حسيبًا.
اللهم وفقنا لما تحب وترضى
تعليق