إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

شاب يكشف زيف رجال دينه ومشايخه

تقليص
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • شاب يكشف زيف رجال دينه ومشايخه

    شاب يكشف زيف كبار دينه ومشايخه
    قصة بقلم جبران خليل جبران اخذنا منها موضع غاية في الجمال وغاية في العبرة التي يندر ان يجد الأنسان مثلها في هذا الزمان المظلم الغشاش .
    قصة شاب يتيم ترعرع في دير مسيحي وكان يتيم الأبوين وكبر فصار راعياً للأبقار في اراضي الدير الواسعة ولكنه طرد من الدير وهنا سوف نفهم من القصة سبب طرده والألهام الذي الهمه الله تعالى له فصار يتكلم بالحكمة .
    الحوار بين خليل المطرود من الدير وبين راحيل المرأة الأرملة التي انقذت خليل من الموت بعد ان غطته الثلوج في العاصفة وتشاركهم في الحوار مريم بنت راحيل .
    فبعد ان افاق خليل وتناول بعض الطعام دار الكلام بينه وبين راحيل .
    فقالت راحيل : إن الراهب في الدير نظير الجندي في ساحة الحرب يزجره رئيسه فينحني صامتا ويأمره فيطيع مسرعاً وقد سمعت بأن الرجل لا يصير راهباً إلا إذا نزع عنه الإرادة والفكر والميل وكل ما يختص بالنفس ولكن الرئيس الصالح لا يطلب من مرؤوسيه فوق طاقته فكيف يطلب منك رئيس الدير قزحيا ان تسلم حياتك إلى العواصف والثلوج ؟
    فأجاب الشاب إن الرجل لا يصير راهباً في عرف رئيسه إلا إذا كان مثل آلة عمياء خرساء فاقدة الحس والقوة . أما انا فقد خرجت من الدير لأنني لست آلة عمياء بل إنسان يرى ويسمع .
    فحدقت إليه راحيل ومريم كأنهما قد رأتا في وجهه سراً خفياً يريد كتمانه , وبعد هنيئة قالت الوالدة مستغربة : ايخرج الإنسان الذي يرى ويسمع في مثل هذه الليلة التي تعمي العيون وتصم الآذان ؟
    فتنهد الشاب وحنى راسه على صدره وقال بصوت عميق : خرجت مطروداً من الدير .
    فقالت راحيل بدهشة : مطروداً ؟
    فرفع الشاب رأسه وقد ندم على اظهاره الحقيقة للمرأتين , وخاف ان تتحول رأفتهما به إلى استياء واستهجان , ولكنه نظر فرأى في عينهما اشعة الشفقة متموجة مع محبة الإستطلاع فقال بصوت مخنوق : نعم خرجت مطروداً من الدير لأنني لم استطع ان احفر قبري بيدي .
    لأن قلبي قد تعب في داخلي من متابعة الكذب والرياء لأن نفسي أبت أن تتنعم بأموال الفقراء والمساكين . لأن روحي قد امتنعت عن التلذذ بخيرات الشعب المستسلم إلى الغباوة . خرجت مطروداً لأن جسدي لم يعد يجد راحة في الغرف الرحبة التي بناها سكان الأكواخ .
    لأن جوفي لم يعد يقبل الخبز المعجون بدموع اليتيم والأرملة .
    لأن لساني لم يعد يتحرك بالصلاة التي يبيعها الرئيس بأموال المؤمنين والبسطاء .
    خرجت مطروداً كالأبرص القذر لأنني رددت على مسامع القسس والرهبان آيات الكتاب الذي جعلهم قسسا ورهباناً .
    وسكت الشاب وضلت راحيل ومريم ناظرتين إليه مستغربتين كلامه محدقتين إلى وجهه الجميل الحزين متلفتتين بين الآونة والأخرى إلى بعضهما كأنهما تتسائلان بالسكينة عن الإسباب الغريبة التي جاءت به إليهما .
    وبعد ان لاحظ خليل ان هناك انحرافات في تصرفات القساوسة بدأهم بالكلام : وقفت بين الرهبان , إذ كانوا جالسين في حديقة الدير مثلما تربض البهائم المتخومة وأخذت ابين لهم افكاري واتلوا على مسامعهم ايات الكتاب التي تبين ظلالهم وكفرهم .
    قلت لهم : لماذا نصرف الأيام في هذه الخلوة متمتعين بخيرات الفقراء والمساكين , مستطيبين الخبز المعجون بعرق جبينهم ودموع اجفانهم متلذذين بغلة الأرض المسلبة منهم , لماذا نعيش في ظلال التواني والكسل , مبتعدين عن الشعب المحتاج إلى المعرفة حارمين البلاد قوى نفوسنا وعزم سواعدنا ؟ إن يسوع الناصري قد بعثكم كالخراف بين الذئاب فأي تعاليم جعلتكم تصيرون كالذئاب بين الخراف ؟ لماذا تبتعدون عن البشر وقد خلقكم الله بشر ؟ إذا كنتم افضل من الناس السائرين في موكب الحياة عليكم أن تذهبوا أليهم وتعلموهم ؟ إن كانوا افضل منكم فامتزجوا بهم وتعلموا.
    كيف تنذرون الفقر وتعيشون كالأمراء , وتنذرون الطاعة وتتمردون على الإنجيل وتنذرون العفة وقلوبكم مفعمة بالشهوات ؟ أنتم تتظاهرون بقتل اجسادكم ولكنكم لا تقتلون غير نفوسكم .
    وتتظاهرون بالترفع عن العالميات وانتم اكثر الناس طمعاً .
    وتتظاهرون بالتنسك والتقشف وانتم كالبهائم المشغولة عن المعرفة بطيب المرعى .
    تعالوا نعيد اراضي الدير الواسعة إلى سكان هذه القرى المحتاجين ونرجع إلى جيوبهم الأموال التي اخذناها .
    تعالوا نتفرق إلى كل ناحية مثلما تتفرق اسراب الطيور فنخدم الشعب الضعيف الذي جعلنا اقوياء ونصلح البلاد التي نعيش بخيراتها , ونعلم هذه الأمة التعسة ان تبتسم لنور الشمس وتفرح بمواهب السماء وتجد الحياة والحرية .
    لأن المتاعب التي نجدها بين الناس هي اجل وجمل من الراحة التي نستسلم إليها في هذا المكان , والرأفة التي نلامس بها قلب القريب هي اسما من الفضيلة المختبئة في قراني الدير , وكلمة التعزية التي نقولها على مسامع الضعيف والمجرم والساقطة هي اشرف من الصلاة الطويلة التي نرددها في الهيكل وسكت خليل دقيقة مسترجعاً انفاسه ثم رفع عينيه نحو راحيل ومريم وقال بصوت هادئ:
    كنت اتكلم بهذه الأشياء وما يشبهها امام الرهبان وهم سامعون ودلائل الإستغراب بادية على وجوههم كأنهم لم يصدقوا ان في مثلي يقف بينهم ويتكلم متجاسراً بمثل هذا الكلام , حتى إذا ما انتهيت اقترب احدهم وقال صارفاً اسنانه : اتتجرأ ايها الضعيف وتتلفظ امامنا بمثل هذا الكلام ؟ واقترب اخر وقال ضاحكا مستهزءا : هل تعلمت هذه الحكمة من البقر والخنازير التي رافقتها كل ايام حياتك ؟
    وجاء اخر وقال موعدا : سوف ترى ما يحل بك ايها الخبيث الكافر .
    ثم تفرقوا عني الى كل ناحية مثلما يبتعد الاصحاء عن الابرص .
    وذهب بعضهم وشكوني الى الرئيس .فاستدعاني عند غروب الشمس وبعد ان وبخني بقساوة على مسمع من الرهبان المبتهجين امر بجلدي بسياط من المرس ثم حكم بسجني شهراً كاملاً فاقتادني الرهبان مقهقهين فرحين إلى غرفة رطبة مظلمة انقضى الشهر وانا مطروحاُ في ذلك القبر لا ارى النور ولا اشعر بغير دبيب الحشرات ولا المس سوى التراب ولا اعرف نهاية الليل من بدأ النهار ولا اسمع سوى وطأ اقدام احد الرهبان عندما يجيئ ويضع بقربي كسرة من الخبز اليابس العفن وطاساً من الماء الممزوج بالخل .
    ولما خرجت من ذلك السجن ورأى الرهبان نحول جسدي واصفرار وجهي , توهموا ان ميول نفسي قد ماتت في داخلي , وانهم بالجوع والعطش والعذاب قد قتلوا العاطفة التي احياها الله في قلبي .....
    مرت الايام اثر الليالي وانا اجهد النفس مفكراً في ساعات انفرادي بما يجعل اولائك الرهبان يرون النور ويسمعون نغمة الحياة . ولكن باطلاً كنت افكر وافكر لأن الغشاء الكثيف الذي حاكته الاجيال الطويلة على ابصارهم لا تمزقه الايام القليلة .
    والطينة التي طلت بها الغباوة آذانهم قد تحجرت فلا تزيلها ملامس الاصابع الناعمة.
    وبعد سكينة مملوءة بالتنهدات رفعت مريم رأسها والتفتت نحو والدتها كأنها تستأذنها بالكلام ثم نظرت بكآبة نحو خليل وسألته قائلة: هل عدت وتكلمت ثانية أمام الرهبان فطردوك من الدير في هذه الليلة المخيفة التي تعلم الإنسان ان يكون رؤوفاً ورفيقاً حتى بأعداءه !
    فقال الشاب : في هذا المساء عندما تعاظم هول العاصفة وبدأت العناصر تتحارب في الفضاء جلست منفرداً عن الرهبان المتدفئين حول النار والمشغولين بسرد الحوادث والحكايات المضحكة . وفتحت الإنجيل متأملاً بتلك الأقوال التي تستميل النفس وتنسيها غضب الطبيعة وقساوة العناصر , ولما رآني الرهبان بعيداً عنهم اتخذوا انفرادي سببا للسخرية بي فجاء بعضهم ووقف بقربي وأخذوا يتغامزون ويضحكون ويشيرون نحوي مستهزئين فلم أحفل بهم بل اطبقت الكتاب وبقيت ناظراً إلى النافذة فتململوا لذلك غيضاً ونظروا إلي شزراً لأن سكوتي قد أيبس عواطفهم ثم قال احدهم ساخراً ماذا تقرأ ايها المصلح العظيم ؟ فلم ارفع عيني نحو المتكلم بل فتحت الإنجيل وقرأت منه بصوت عال هذه الآية : (وكان يقول للجموع الذين خرجوا ليتعمدوا منه : يا اولاد الأفاعي من اراكم ان تهربوا من الغضب الآتي فصنعوا اثماراً تليق بالتوبة ولا تبتدئوا تقولون في نفوسكم أن لنا ابراهيم اباً لأني أقول لكم إن الله قادر على أن يقيم من هذه الحجارة أولاداً لإبراهيم والآن وقد وضعت الفأس على اصل الشجرة فكل شجرة لا تعطي ثمراً جيداً تقطع وتلقى في النار وسأله الجموع قائلين فماذا نفعل ؟ فأجب وقال لهم : من له ثوبان فليعط من ليس له ومن له طعام فليفعل هكذا) .
    عندما قرأت هذه الكلمات التي قالها يوحنا المعمدان سكت الرهبان دقيقة كأن يداً خفية قد قبضت على ارواحهم ولكنهم عادوا وقهقهوا ضاحكين ثم قال احدهم : قد قرأنا هذا الكلام مرات عديدة ولسنا نحتاج لرعاة البقر ان يردده على مسامعنا فقلت : لو كنتم تقرأون هذه الآيات وتفهمونها لما كان سكان هذه القرى المغمورة في الثلوج يتأففون برداً ويتضورون جوعاً وانتم ها هنا تتمتعون بخيراتهم وتشربون عصير كرومهم وتأكلون لحوم مواشيهم .
    لم تخرج هذه الألفاظ من بين شفتي حتى صفعني احد الرهبان على وجهي كأني لم اتكلم بغير الحماقة ثم رفسني آخر برجله وآخر انتزع الكتاب من يدي وآخر نادى الرئيس فجاء مسرعاً وإذ اخبروه بما جرى تعالت هامته وزوى ما بين عينيه وارتجف غضباً وصرخ بأعلى صوته : اقبضوا على هذا الشرير المتمرد وجروه بعيدا عن الدير ودعوا العناصر الغضوب تعلمه الطاعة اخرجوه الى الظلمة الباردة لتفعل به الطبيعة مشيئة الله ثم اغسلوا اكفكم خوفا من سموم الكفر المتعلقة باثوابه وان عاد متضرعا متظاهرا بالتوبة لا تفتحوا له الابواب لأن الافعى اذا سجنت في القفص لا تنقلب حمامة والعليقة اذا غرست في الكرم لا تثمر تينا ً حينئذ قبض الرهبان علي وجروني بعنف إلى خارج الدير وعادوا ضاحكين وقبل ان يوصدوا الأبواب سمعت احدهم يقول ساخراً : كنت بالأمس ملكاً وكانت رعيتك البقر والخنازير وقد خلعناك اليوم ايها المصلح لأنك اسأت السياسة فاذهب الآن وكن ملكاً على الذئاب الجائعة والغربان المتطايرة وعلمها كيف يجب ان تعيش في كهوفها واوجرتها .
    وهكذا طرد خليل من الدير لأنه بصر بالحقيقة التي عمي عنها الجميع وهذه القصة تعطينا عبرة بالغة لواقعنا فتفكروا !!!!!!!!!!!!!!.

  • #2
    إن هذا الأمر يتكرر في كل زمان وفي كل الديانات والمذاهب فقد جعل دين الله دولا وعباده خولا

    تعليق

    يعمل...
    X