إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

هو عين الله الناظرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هو عين الله الناظرة


    يستحضرُ المؤمن أنّه دائماً على مرأى ومسمعٍ من إمام زمانه، وإنّ كان غائباً عن أعيُن الأنام. يترتّبُ على ذلك، أن يبذل الموالي -في جميع أوقاته وحالاته- غايةَ جهدِه لرعاية آداب الحضور بين يدَي صاحب العصر والزّمان صلوات الله عليه، لأنّ الغفلةَ عنه عليه السلام، من مصاديق قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ طه:124.


    لا رَيْبَ -بدلالةِ الأخبار الكثيرة القطعيّة المرويّة عن المعصومين عليهم السلام- في أنَّ الإمام المهديّ عليه السلام ناظرٌ إلينا، وشاهدٌ علينا، ومُطَّلعٌ على جميع أحوالنا، فنحن في كلِّ حالٍ وفي كلِّ مكانٍ على مرأًى منه ومسمع؛ فإنَّه عينُ اللهِ النَّاظرة وأُذنُهُ السّامعة.
    فإذا علمْتَ ذلك واستيقنَه قلبُك، لا جَرَمَ جعَلْتَهُ صلوات الله عليه نُصْبَ عيْنِكَ، ونَظَرْتَ إليه بِعينِ قلبِك. بل علمتَ أنّ كَوْنُه عليه السلام نُصْبَ عينك لازمُ كونِك نُصْبَ عينِه، وعلمتَ أنّ هذا الأمر غير متوقِّفٍ على جَعلك وتدبيرك واختيارك. وهذا ظاهرٌ بيِّنٌ لا يَخفى إلّا على مَن كانت عينُ قلبِه عمياء: ﴿..فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ الحج:46. و متى وعى قلبُك وعقلُك هذه الحقيقة، صار كلُّ همِّك –ولا رَيب- في رعاية آدابِ الحضور بين يدَيه عليه السلام، والإتيانِ بما يجبُ عليك في محضرِه الشّريف، كلُّ ذلك بحسب مراتب معرفتِك، وإنْ لمْ تَرَهُ بعَينِ البَصر.
    مثالُ ذلك: لو حَضَرَ رجلٌ أعمى في مجلس السُّلطان، وقام بين يدَيه، لَرَعَى جميعَ الآداب الّتي يَنبغي رعايتُها بحضرة السُّلطان كما يَرعاها المُبصرون النّاظرون إليه، القائمون بين يدَيه، مع أنَّ الأعمى لا يراه ولا يُمكنه النَّظر إليه، وليس ذلك إلَّا لعلمِه بأنّه تحت ناظرَي السُّلطان، ولعلمِه أيضاً بأنّ السُّلطان نُصب عينِه هو، وإنْ كان لا يُبصرُه بعينه.
    وهذا هو حالُ المؤمن في زمان غَيْبَة الإمام عليه السلام عن أعيُن الأنام، لأنَّه -لِأجلِ إيمانِه ويقينِه- يَعلمُ عِلماً قطعيّاً بأنَّه في جميع أحواله تحت ناظرَي إمامه. وعليه، فإمامُه أيضاً نُصْبَ عينِه وإن كان لا يراه بالباصرة، فيجعل -بالتّالي- همَّه في رعاية آدابه، ومراقبة وظائفِه بالنّسبة إلى جنابِه صلوات الله عليه.
    وتبيَّنْ ذلكَ كلَّه في كلامِ مولانا أمير المؤمنين في حديثٍ رواه رئيسُ المحدِّثين الشّيخ الصَّدوق في كتاب (كمال الدِّين)، بإسناده عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله عليه السلام، عن آبائه، عن عليِّ عليه السلام، قال في خطبةٍ له على منبر الكوفة: «أللَّهمَّ إنَّه لا بُدَّ لأرضك من حُجّةٍ لك على خَلْقِكَ، يَهديهِم إلى دِينِكَ، ويُعلِّمُهم عِلْمَكَ لِئلَّا تَبطلُ حُجَّتُك، ولا يَضِلّ أتباعُ أوليائك بعدَ إذ هَدَيْتَهُم به، إمّا ظاهرٍ ليسَ بالمُطاعِ، أو مَكْتَتمٍ مَتَرَقِّبٍ، إنْ غابَ عنِ النَّاسِ شَخصُهُ في حالِ هدايتِهم، فإنّ عِلْمَهُ، وآدابَه في قُلوبِ المُؤمنينَ مُثْبَتَةٌ، فَهُم بها عامِلون».
    أقول: هذا الحديث مشهورٌ مرويٌّ عنه عليه السلام في (الكافي) و(غيبة النّعماني) وغيرهما بتفاوتٍ يسيرٍ، وفي هذا الكلامِ المبارَك فنونٌ من العلم والمعرفة والتّنبيه والتّذكرة، فعليك بالتَّأمُّل التّامّ ليَتَّضِح لك المرامُ إنْ شاء اللهُ تعالى.
    تذكرةٌ وإرشادٌ للطَّالب المُرتاد
    اِعلم أنَّ المؤمنين في ذِكْرِ مولاهم عليه السلام -بمُقتضى اختلاف درجاتِ إيمانهم، ومعرفتِهم ويَقينِهم- على مراتبَ متفاوتةٍ:
    * فمنهم مَن يكون حالُه في ذكرِ مولاه كما قال الشّاعر:
    اللهُ يعلمُ أنِّي لستُ أذكُرُكُم
    فَكَيْفَ أَذكُركُم إذْ لَسْتُ أَنْساكُمُ؟
    * أو كما قيل:
    أمَا والَّذي لَوْ شاءَ لَمْ يَخْلقِ النَّوَى
    لَئِنْ غِبْتَ عنْ عَيْنِي، فَمَا غِبْتَ عَنْ قَلْبي
    فهو غيرُ غافلٍ عن مَوْلاه، ولا ذاهلٌ عمَّا يَنبغي مُراعاتُه مِن آدابِه في جميعِ أوقاتِه وحالاتِه، فهنيئاً لهؤلاء القَوْم، ثمَّ هنيئاً لهم على ما أُوتوا من الحِكمةِ، ورُزِقُوا من العلمِ والعَملِ والمعرفةِ، أسألُ اللهَ تعالى أنْ يَجعلَني منهم بِمَنِّهِ وجُودِهِ وكَرَمِهِ، فإنِّي كما قال الشَّاعرُ:
    أُحِبُّ الصَّالِحينَ ولَسْتُ مِنْهُم
    لَعَلَّ الله يَرزُقني صَلاحاً
    غير أنِّي أَذكر -بِحَسَبِ ما عرفتُه بِبَرَكةِ مولاي صلوات الله عليه- نبذاً ممَّا ينَبغي استحضارُه دوماً، تذكرةً لِنَفسي ولِغَيري من المؤمنين:
    1- اعلم أنَّه يجبُ أنْ تَستَيقِنَ أنَّك بِمَرْأًى ومَسْمَعٍ من مَولاكَ عليه السلام؛ يَرى مكانَكَ، ويَعرفُ أحوالَكَ، فإنْ كُنتَ مِمَّن يُواظبُ على مُراعاةِ الآدابِ الّتي يَنبغي لكَ مُراعاتُها بالنِّسبة إليه، نلْتَ بذلك كمالَ محبَّتِه لك، ونَظَره إليك.
    وإن كنتَ مِن أهلِ الغفلةِ والإعراضِ عنه، فوا أسفاً عليك. قال اللهُ عزَّ وجلَّ: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى﴾ طه:124-126. فأيُّ ضَنْكٍ وضيقٍ أشدّ من ظُلمةِ الغَفلة والجَهالة، أمْ أيُّ حسرةٍ أعظم من العَمى في يومِ القيامة، أم أيُّ فَزَعٍ أَفْجَعُ وأَفظَعُ من تلك النَّدامة، يا لها مِن مصيبةٍ ما أعظَمها وأفْجَعها، فالبَدار البدار في اسْتِخلاصِ نفسك، وفَكاكِ رقبتِكَ، وهذا لا يَحصل لك إلَّا بِذِكْرِ مَوْلاك لِيَأخذ بِيَدكَ في أُولاكَ وأُخراكَ؛ فإنَّ اللهَ تباركَ وتعالى شأنُه يقول: ﴿يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ..﴾ الإسراء:71، فَكُنْ وفَّقَكَ اللهُ تعالى مِمَّن يَذكرُ إمامَهُ لِيَذْكُرَه إمامُه.
    2- فإذا أصبَحْتَ، فاعلمْ أنَّ حياتَكَ الّتي أعطاكَ اللهُ ببركَتِهِ، فاشكُرْهُ، واشْكُرِ اللهَ على نِعمتِه، وراقِبْ نفسَكَ لئلَّا تَصْرِف هذه النِّعمة في غيرِ مَرْضاتِهِ، فتَكون لكَ نكالاً وعليك وَبالاً. فإنْ عَرَضَتْ لك معصيةٌ فتذكَّر أنَّ مولاكَ يَراكَ في هذه الحالةِ القبيحةِ والهيئةِ المُنكَرةِ، فاترُكها إجلالاً له.
    وإنْ عَرَضَت لكَ حَسَنَةٌ فاسْتَبِقْ إليها، واعلَمْ أنَّها نِعمةٌ إلهيّةٌ، أَنْعَمَ اللهُ تعالى بها عليكَ بِبَرَكةِ إمامِك، فاشْكُرِ اللهَ على ذلك، واجْعَلْها هديّةً إلى مَوْلاكَ وصاحِبِ زمانِكَ، وقُلْ بِلسانِ حالِكَ ومَقالِكَ: ﴿..يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ﴾ يوسف:88.
    3- وكُنْ في جميعِ أحْوالِكَ خاضعاً خاشعاً، كالعبدِ الذَّليلِ الواقفِ بين يَدَي مَوْلاه الجليل، وسَلِّم عليه كلَّ صباحٍ ومَساءٍ سلامَ عبدٍ متشوِّقٍ إلى لقائِهِ، مُتألِّمٍ لفراقِهِ، بَل سلامَ مُخلصٍ تجري دموعُه على خَدَّيْه، موقنٍ بأنَّه واقفٌ بين يدَيه عجّل الله تعالى فرجه الشّريف.
    4- وإذا حانَ وقتُ صلاتِكَ فتذكَّر حالَ مَوْلاكَ حينَ وُقُوفِه بين يدَي الله جلَّ جلالُه، وتَأَسَّ به في إحضارِ قلبك، وخُشوعِ أطرافك، وَغَضِّ الطّرْف عمَّا سوى الله تعالى، واعلم أنَّ توفيقَكَ للصّلاة ليسَ إلَّا ببركةِ مَوْلاكَ، وأنَّها لا تُقبَلُ منك إلَّا بِمُوالاتِهِ ومعرفتِه؛ وكلَّما ازددْتَ موالاةً له، ومعرفةً به، وانقياداً لِأمره، زادك اللهُ تعالى درجةً وأجراً وكرامةً وفَخراً.
    5- وإذا فرغْتَ من صلاتِكَ فاجعلْه وسيلةً إلى الله عزَّ وجلَّ، وشفيعاً في قبولِها منك، وابْدَأْ بالدُّعاء له قبلَ الدُّعاء لِكُلِّ أحد، لِعَظَمةِ حقِّه عليك، وكَثرةِ إحسانِهِ إليك.
    6- وإذا عَرَضَت لك حاجةٌ أو دَهَتْكَ شديدةٌ فاعْرِضْها عليه، بأبي هو وأُمّي، وتَضَرَّعْ إليه لِيَشْفَعَ إلى اللهِ تَعالى في كشْفِها عنكَ، فإنَّه الوسيلةُ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، والبابُ الّذي يُؤتَى منه، وقد قال اللهُ عزَّ شأنُه: ﴿..وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا..﴾ البقرة:189.
    «يا مَوْلانا يا صاحِبَ الزَّمانِ، الغَوْثَ الغَوْثَ الغَوْثَ، أَدْرِكْنِي أَدْرِكْنِي أَدْرِكْنِي، السَّاعَةَ السَّاعَةَ السَّاعَةَ، العَجَلَ العَجَلَ العَجَلَ، يا أرْحَمَ الرَّاحِمينَ، بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطّاهِرِينَ»(منقول)

  • #2
    بسم الله الرحمن الرحيم

    ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ طه:124.

    اللهم وفقنا في نصرته ومن الطائعين لأمره

    احسنت اخي بارك الله فيك موضوع قيم
    له كنوز في الطالقان كنوز واي كنوز لا من ذهب ولا من فضة ولكن رجال قلوبهم كزبر الحديد

    تعليق

    يعمل...
    X