القحطاني خليفة المهدي(رضي الله عنه) ووزيره
والممهد له وحامل رايته
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وبه نستعين والصلاة والسلام على اشرف الخلق اجمعين ابو القاسم محمد وعلى اله وصحبه المنتجبين ، اما بعد .
ان من شروط معرفة المهدي(رضي الله عنه) ونصرته معرفة حركته والاحداث التي تجري فيها وما يلاقي اصحابه ومن هم اصحابه وما هي صفاتهم للالتحاق بهم جعلنا الله واياكم من اتباعهم وانصارهم والاحاديث في السنة النبوية كثيرة في هذا الشأن لكننا سنتطرق لاهم واقرب طريق من المهدي وهو طريق القحطاني الذي ورد ذكره في بعض الاحاديث انه بمثل المهدي في الفضل او ما هو دونه أي انه يسلك نفس طريق المهدي وانه اخوه في الفضل وانه حامل راية المهدي واهدى السبل للمهدي .
ومع احترامي لإخواننا الشيعة من انكارر بعضهم او اكثرهم لشخصية القحطاني وتمسكهم باليماني والمهدي والخراساني ، لأنه ورد ذكره في احاديث اهل السنة والجماعة ، فليس هذا سبب كافي للانكار ، وساثبت التقارب في القول بالقحطاني من عند الشيعة وائمتهم ، واصحح النظرة المأخوذة عن ذلك ، واناقش ادلة ذلك عن طريق اهل السنة والجماعة ، واسأل الله التوفيق .
علماً ان هذا البحث قد ذكره احد الاخوة في منتديات اخرى باسمة ابو حفص وقد قمت بالتعديل عليه والاضافة وتصحيح ما ورد فيه من اختلاف وتحير والتوسع فيه اكثر انشاء الله وسيكون بحث معمق وواسع ليشمل كافة الصفات والاسماء للقحطاني وفك رموز الاسماء وشرحها وذكر احاديث اكثر مما ورد في الاثر من السنة الشريفة ، لكن لضيق الوقت اختصرت البحث في الموضع وجعلته كما كان على شكل فصول مختصرة وقصيرة ليكون عند القارىء بسيط وسهل واببعاد الملل من كثرة الاحاديث ، وتركت بعض المعاني والاشكالات والطرح عللى حاله ليكون لصاحب البحث الفضل ايضا في توضيح البحث ولا يكون سرقة وادعاء ما ليس للغير فيه ونسأل الله التوفيق لنا ولكم ولكل من ساهم فيي هذا البحث ، ومن ثم سنناقش الاشكالات في ذلك البحث على شكل مبحث كامل وشامل بتوفيق الله وتسديده والله ولي التوفيق .
وسنناقش في هذا البحث : من هو القحطاني ، والى أي قحطان يرجع ، ومكان خروجه ، وصفاته ، والقاب هذا الخليفة ، ومتى زمن ظهوره ، وكيفة ظهورة ، وما يفع حين ظهوره ، وحروبه ، والمدن التي يسيطر عليها ويفتحها ، ومن هو عيسى ، ومكانة القحطاني بالنسبة للمهدي ، والخصائص التي خصه الله فيها ، والمواضع التي ذكر فيها القحطاني ، والقحطاني في الكتب السماوية ( التوراة والانجيل والزبور) ، والقحطاني في الاديان الاخرى .
الفصل الاول :
الاحاديث المتواترة والصحيحة التي وردت في ذكر القحطاني :
الحديث الأول :
مارواه الإمام احمد والشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه).
قال القرطبي ( يسوق الناس بعصاه ) كناية عن استقامة الناس وانعقادهم إليه واتفاقهم عليه ولم يرد نفس العصا وإنما ضرب بها مثلا لطاعتهم له واستيلائه عليهم إلا أن في ذكرها دليلا على خشونته عليهم وعنفه بهم .انتهى كلامه .
وكلام القرطبي في كون القحطاني خشن وعنيف ليس صحيحا لأنه رجل صالح وخليفة راشد كما سأبين ذالك في الأحاديث القادمة فالذي يظهر من هذا الحديث هو اجتماع الناس عليه واتبعاهم له واستيلائه عليهم فلابد أن هذا الخليفة سيكون قائدا فريدا يعطيه الله سبحانه وتعالى من الأسباب التي تجمع الناس عليه وتطيعه , وهذا من سنة الله سبحانه فإذا أراد رفعة عبد من عباده أعطاه أسباب الملك كما حدث لذي القرنين قال تعالى (إنا مكنا له في الأرض واتيناه من كل شيء سببا ) أي أسباب الملك والعلم والسياسة والقوة وغير ذلك من الأسباب التي يحتاجها الملك لتثبيت ملكه ورضوخ الناس له حتى ذهب بعضهم انه نبي والله اعلم , ولا شك أن أسباب الملك قد تختلف من زمان لآخر فيعطي الله سبحانه من يريد أن يرفعه من الناس الأسباب التي تجعله ملكا عليهم , فعلى سبيل المثال الآن فان الله ألان لداوود الحديد وأعطاه جمال الصوت لقراءة الزبور وأعطاه الحكمة وسخر الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق فشد الله ملكه بذالك قال تعالى (اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داوود ذا الأبد انه أواب إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق والطير محشورة كل له أواب وشددنا ملكه واتيناه الحكمة وفصل الخطاب )
فهذا الفضل من الله سبحانه لعبده داوود ليرفع درجته ويشد ملكه .
أما ابنه سليمان عليه السلام فأعطاه الله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فهيا له الأسباب لذالك فأعطاه من الأمور ما لم يعطه لبشر قبله فسخر له الريح وسخر له الجن كل بناء وغواص وآخرين مقرنين في الأصفاد فملك الأرض كله وخضعت له الناس عليه السلام لما أعطاه الله سبحانه وتعالى من الأسباب قال تعالى ( ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر واسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير ) فهذا الفضل من الله لسليمان ليشد الله ملكه ويرفع درجته عليه السلام .
إذن أيها الإخوة القحطاني ليسوق الناس بعصاه فتحبه الناس حبا عظيما ويطيعونه ولا يخرجون عن طاعته وهذا وصف عظيم له فلكي يحدث له ذالك لا بد أن يعطيه الله من الأسباب والأمور الفريدة في شخصيته ولا بد أن يعطيه الله من الدنيا ما يستطيع به إقامة ملكه وإدخال الناس في سلطانه سواء كان بالادلة العلمية او بالقوة ، فما هي هذه الأمور التي سوف تكون عند القحطاني ؟ وللإجابة على هذا السؤال دعونا نواصل معكم دراسة الآثار التي جاءت في وصفه وعندها سوف نستطيع الإجابة على هذا السؤال
أما قوله صلى الله عليه وسلم من قحطان فيحتمل عدة معاني :
المعنى الأول : أن نقول من قحطان أي ابتداء خروجه من قحطان
المعنى الثاني : أن تكون من بيانية أي هو رجل من أهل قحطان
المعنى الثالث : أن تكون من تبعيضية أي يخرج من بعض نواحي قحطان
المعنى الرابع يحتمل كل تلك المعني السابقة فهو يرجع نسبه إلى قحطان ويكون ابتداء خروجه من ديار قحطان ومن بعض نواحيها
وقوله من قحطان قال الحافظ ابن حجر (رحمه الله ): وأما اليمن فجماع نسبهم إلى قحطان ويختلف في نسبه فالأكثر على انه عابر بن شامخ بن ارفشخذ بن سام بن نوح , وقيل هو من ولد هود عليه السلام وقيل ابن أخيه وزعم الزبير بن بكار إلى أن قحطان من ذرية إسماعيل وانه قحطان بن الهميسع بن تيم بن نبت بن إسماعيل عليه السلام وهو ظاهر قول أبي هريرة في قصة هاجر حيث قال وهو يخاطب الأنصار (تلك أمكم يا بني ماء السماء )هذا هو الذي يترجح عندي .
وقال أيضا والى قحطان تنتهي انساب أهل اليمن من حمير وكنده وهمدان وغيرهم . انتهى كلام الحافظ
إذن مما سبق نعلم أن القحطاني قد يكون من اليمن فانساب الكثير من أهل اليمن اليوم ترجع إلى قحطان ولكن لا يعني هذا انه لن يكون إلا من اليمن لان قحطان الآن منتشرين في أماكن كثيرة في العالم فلا تكاد تدخل بلدا إلا وفيه أناس من قحطان , ولكن لا بد أن يكون القحطاني أصله من أهل اليمن ولا يلزم والله اعلم أن يكون موجودا فيها ولفظ الحديث يحتمل جميع المعاني التي ذكرت , ولكني أرجح أن أصله من اليمن ولكنه لا يقيم فيها والله اعلم .
الحديث الثاني :
ما نقله ابن حجر عن نعيم بن حماد انه روى من وجه قوي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما انه ذكر الخلفاء ثم قال: (ورجل من قحطان) .
الحديث الثالث :
مارواه أيضا بسند جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال فيهورجل من قحطان كلهم صالح).
فهذين الحديثين يدلان دلالة واضحة أن القحطاني من الخلفاء الراشدين وهو رجل صالح يعمل بسنة النبي صلى الله عليه وسلم .
ولما حدث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما بأنه سيكون ملك من قحطان غضب معاوية فقام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد : فانه بلغني أن رجالا منكم يتحدثون بأحاديث ليست في كتاب الله ولا تؤثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فالئك جهالكم فإياكم والأماني التي تضل أهلها فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم احد إلا كبه الله على وجهه , ما أقاموا الدين ) رواه البخاري , فهذا الإنكار من معاوية خشية أن يظن احد أن الخلافة تكون في غير قريش مع أن معاوية لم ينكر خروج القحطاني فان في حديث معاوية قوله ما أقاموا الدين فان لم يقيموا الدين خرج هذا الأمر من أيديهم وقد حصل هذا فان الناس لم يزالوا في طاعة قريش حتى ضعف تمسكهم بالدين فضعف أمرهم وتلاشى وانتقل الملك إلى غيرهم .
الحديث الرابع :
ما رواه الطبراني من طريق قيس بن جابر الصدفي عن أبيه عن جده رفعه ( سيكون من بعدي خلفاء ومن بعد الخلفاء أمراء ومن بعد الأمراء ملوك ومن بعد الملوك جبابرة ثم يخرج رجل من أهل بيتي يملا الأرض عدلا كما ملئت جورا ثم يؤمر القحطاني والذي بعثني بالحق ما هو دونه )
الحديث الخامس :
ما رواه نعيم بن حماد عن عن الوليد بن معمر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مالقحطاني دون المهدي).
فهذين الحديثين يدلان دلالة واضحة أن المهدي والقحطاني شخصيتان متعاصرتان وأنهما سيخرجان مع بعضهما فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يقرن شخصية المهدي بأحد إلا القحطاني ويقول عنه النبي صلى الله عليه وسلم ما هو دونه فهذا يدل دلالة واضحة أنهما في الفضل سواء بل ذهب البعض إلى أن القحطاني قد يكون أفضل من المهدي لان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما هو دونه يعني إما أن يكون مثله أو أفضل منه ولكن أظن أن هذا بعيد فالأحاديث التي تصف المهدي تبين عظيم فضله ثم إن عيسى عليه السلام سيصلي خلفه عليه السلام , والحديث يدل أيضا أن المهدي شخصية واحدة ورجل واحد وإلا لما قرنه بالقحطاني فلو انه أكثر من رجل لما قال ما هو دونه لكن يمكن ان تطلق هذه التسمية على اكثر من شخص ممن خص بها كالقحطاني حيث ورد في حديث الرايات السود ان فيها خليفة الله المهدي وكلنا يعلم ان المهدي يظهر بمكة ، فهذا يؤكد انه اكثر من مهدي وليس رجل واحد ولكن المهدي الذي تصفة الاحاديث وهو الذي سيصلي بعيسى عليه السلام هو من ولد قاطمة وهو الذي يملأ الارض عدلاً وهو الذي يقوم بمكة واحد.
وعلى كل حال فالقحطاني معاصر للمهدي وسيؤمره المهدي فتكون خلافته على الأمة كلها فيعمل فيهم بالعدل ويكثر الله الفتوحات في أيامه فيعظم الخير وترد البركة والله اعلم .
والممهد له وحامل رايته
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وبه نستعين والصلاة والسلام على اشرف الخلق اجمعين ابو القاسم محمد وعلى اله وصحبه المنتجبين ، اما بعد .
ان من شروط معرفة المهدي(رضي الله عنه) ونصرته معرفة حركته والاحداث التي تجري فيها وما يلاقي اصحابه ومن هم اصحابه وما هي صفاتهم للالتحاق بهم جعلنا الله واياكم من اتباعهم وانصارهم والاحاديث في السنة النبوية كثيرة في هذا الشأن لكننا سنتطرق لاهم واقرب طريق من المهدي وهو طريق القحطاني الذي ورد ذكره في بعض الاحاديث انه بمثل المهدي في الفضل او ما هو دونه أي انه يسلك نفس طريق المهدي وانه اخوه في الفضل وانه حامل راية المهدي واهدى السبل للمهدي .
ومع احترامي لإخواننا الشيعة من انكارر بعضهم او اكثرهم لشخصية القحطاني وتمسكهم باليماني والمهدي والخراساني ، لأنه ورد ذكره في احاديث اهل السنة والجماعة ، فليس هذا سبب كافي للانكار ، وساثبت التقارب في القول بالقحطاني من عند الشيعة وائمتهم ، واصحح النظرة المأخوذة عن ذلك ، واناقش ادلة ذلك عن طريق اهل السنة والجماعة ، واسأل الله التوفيق .
علماً ان هذا البحث قد ذكره احد الاخوة في منتديات اخرى باسمة ابو حفص وقد قمت بالتعديل عليه والاضافة وتصحيح ما ورد فيه من اختلاف وتحير والتوسع فيه اكثر انشاء الله وسيكون بحث معمق وواسع ليشمل كافة الصفات والاسماء للقحطاني وفك رموز الاسماء وشرحها وذكر احاديث اكثر مما ورد في الاثر من السنة الشريفة ، لكن لضيق الوقت اختصرت البحث في الموضع وجعلته كما كان على شكل فصول مختصرة وقصيرة ليكون عند القارىء بسيط وسهل واببعاد الملل من كثرة الاحاديث ، وتركت بعض المعاني والاشكالات والطرح عللى حاله ليكون لصاحب البحث الفضل ايضا في توضيح البحث ولا يكون سرقة وادعاء ما ليس للغير فيه ونسأل الله التوفيق لنا ولكم ولكل من ساهم فيي هذا البحث ، ومن ثم سنناقش الاشكالات في ذلك البحث على شكل مبحث كامل وشامل بتوفيق الله وتسديده والله ولي التوفيق .
وسنناقش في هذا البحث : من هو القحطاني ، والى أي قحطان يرجع ، ومكان خروجه ، وصفاته ، والقاب هذا الخليفة ، ومتى زمن ظهوره ، وكيفة ظهورة ، وما يفع حين ظهوره ، وحروبه ، والمدن التي يسيطر عليها ويفتحها ، ومن هو عيسى ، ومكانة القحطاني بالنسبة للمهدي ، والخصائص التي خصه الله فيها ، والمواضع التي ذكر فيها القحطاني ، والقحطاني في الكتب السماوية ( التوراة والانجيل والزبور) ، والقحطاني في الاديان الاخرى .
الفصل الاول :
الاحاديث المتواترة والصحيحة التي وردت في ذكر القحطاني :
الحديث الأول :
مارواه الإمام احمد والشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه).
قال القرطبي ( يسوق الناس بعصاه ) كناية عن استقامة الناس وانعقادهم إليه واتفاقهم عليه ولم يرد نفس العصا وإنما ضرب بها مثلا لطاعتهم له واستيلائه عليهم إلا أن في ذكرها دليلا على خشونته عليهم وعنفه بهم .انتهى كلامه .
وكلام القرطبي في كون القحطاني خشن وعنيف ليس صحيحا لأنه رجل صالح وخليفة راشد كما سأبين ذالك في الأحاديث القادمة فالذي يظهر من هذا الحديث هو اجتماع الناس عليه واتبعاهم له واستيلائه عليهم فلابد أن هذا الخليفة سيكون قائدا فريدا يعطيه الله سبحانه وتعالى من الأسباب التي تجمع الناس عليه وتطيعه , وهذا من سنة الله سبحانه فإذا أراد رفعة عبد من عباده أعطاه أسباب الملك كما حدث لذي القرنين قال تعالى (إنا مكنا له في الأرض واتيناه من كل شيء سببا ) أي أسباب الملك والعلم والسياسة والقوة وغير ذلك من الأسباب التي يحتاجها الملك لتثبيت ملكه ورضوخ الناس له حتى ذهب بعضهم انه نبي والله اعلم , ولا شك أن أسباب الملك قد تختلف من زمان لآخر فيعطي الله سبحانه من يريد أن يرفعه من الناس الأسباب التي تجعله ملكا عليهم , فعلى سبيل المثال الآن فان الله ألان لداوود الحديد وأعطاه جمال الصوت لقراءة الزبور وأعطاه الحكمة وسخر الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق فشد الله ملكه بذالك قال تعالى (اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داوود ذا الأبد انه أواب إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق والطير محشورة كل له أواب وشددنا ملكه واتيناه الحكمة وفصل الخطاب )
فهذا الفضل من الله سبحانه لعبده داوود ليرفع درجته ويشد ملكه .
أما ابنه سليمان عليه السلام فأعطاه الله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فهيا له الأسباب لذالك فأعطاه من الأمور ما لم يعطه لبشر قبله فسخر له الريح وسخر له الجن كل بناء وغواص وآخرين مقرنين في الأصفاد فملك الأرض كله وخضعت له الناس عليه السلام لما أعطاه الله سبحانه وتعالى من الأسباب قال تعالى ( ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر واسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير ) فهذا الفضل من الله لسليمان ليشد الله ملكه ويرفع درجته عليه السلام .
إذن أيها الإخوة القحطاني ليسوق الناس بعصاه فتحبه الناس حبا عظيما ويطيعونه ولا يخرجون عن طاعته وهذا وصف عظيم له فلكي يحدث له ذالك لا بد أن يعطيه الله من الأسباب والأمور الفريدة في شخصيته ولا بد أن يعطيه الله من الدنيا ما يستطيع به إقامة ملكه وإدخال الناس في سلطانه سواء كان بالادلة العلمية او بالقوة ، فما هي هذه الأمور التي سوف تكون عند القحطاني ؟ وللإجابة على هذا السؤال دعونا نواصل معكم دراسة الآثار التي جاءت في وصفه وعندها سوف نستطيع الإجابة على هذا السؤال
أما قوله صلى الله عليه وسلم من قحطان فيحتمل عدة معاني :
المعنى الأول : أن نقول من قحطان أي ابتداء خروجه من قحطان
المعنى الثاني : أن تكون من بيانية أي هو رجل من أهل قحطان
المعنى الثالث : أن تكون من تبعيضية أي يخرج من بعض نواحي قحطان
المعنى الرابع يحتمل كل تلك المعني السابقة فهو يرجع نسبه إلى قحطان ويكون ابتداء خروجه من ديار قحطان ومن بعض نواحيها
وقوله من قحطان قال الحافظ ابن حجر (رحمه الله ): وأما اليمن فجماع نسبهم إلى قحطان ويختلف في نسبه فالأكثر على انه عابر بن شامخ بن ارفشخذ بن سام بن نوح , وقيل هو من ولد هود عليه السلام وقيل ابن أخيه وزعم الزبير بن بكار إلى أن قحطان من ذرية إسماعيل وانه قحطان بن الهميسع بن تيم بن نبت بن إسماعيل عليه السلام وهو ظاهر قول أبي هريرة في قصة هاجر حيث قال وهو يخاطب الأنصار (تلك أمكم يا بني ماء السماء )هذا هو الذي يترجح عندي .
وقال أيضا والى قحطان تنتهي انساب أهل اليمن من حمير وكنده وهمدان وغيرهم . انتهى كلام الحافظ
إذن مما سبق نعلم أن القحطاني قد يكون من اليمن فانساب الكثير من أهل اليمن اليوم ترجع إلى قحطان ولكن لا يعني هذا انه لن يكون إلا من اليمن لان قحطان الآن منتشرين في أماكن كثيرة في العالم فلا تكاد تدخل بلدا إلا وفيه أناس من قحطان , ولكن لا بد أن يكون القحطاني أصله من أهل اليمن ولا يلزم والله اعلم أن يكون موجودا فيها ولفظ الحديث يحتمل جميع المعاني التي ذكرت , ولكني أرجح أن أصله من اليمن ولكنه لا يقيم فيها والله اعلم .
الحديث الثاني :
ما نقله ابن حجر عن نعيم بن حماد انه روى من وجه قوي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما انه ذكر الخلفاء ثم قال: (ورجل من قحطان) .
الحديث الثالث :
مارواه أيضا بسند جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال فيهورجل من قحطان كلهم صالح).
فهذين الحديثين يدلان دلالة واضحة أن القحطاني من الخلفاء الراشدين وهو رجل صالح يعمل بسنة النبي صلى الله عليه وسلم .
ولما حدث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما بأنه سيكون ملك من قحطان غضب معاوية فقام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد : فانه بلغني أن رجالا منكم يتحدثون بأحاديث ليست في كتاب الله ولا تؤثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فالئك جهالكم فإياكم والأماني التي تضل أهلها فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم احد إلا كبه الله على وجهه , ما أقاموا الدين ) رواه البخاري , فهذا الإنكار من معاوية خشية أن يظن احد أن الخلافة تكون في غير قريش مع أن معاوية لم ينكر خروج القحطاني فان في حديث معاوية قوله ما أقاموا الدين فان لم يقيموا الدين خرج هذا الأمر من أيديهم وقد حصل هذا فان الناس لم يزالوا في طاعة قريش حتى ضعف تمسكهم بالدين فضعف أمرهم وتلاشى وانتقل الملك إلى غيرهم .
الحديث الرابع :
ما رواه الطبراني من طريق قيس بن جابر الصدفي عن أبيه عن جده رفعه ( سيكون من بعدي خلفاء ومن بعد الخلفاء أمراء ومن بعد الأمراء ملوك ومن بعد الملوك جبابرة ثم يخرج رجل من أهل بيتي يملا الأرض عدلا كما ملئت جورا ثم يؤمر القحطاني والذي بعثني بالحق ما هو دونه )
الحديث الخامس :
ما رواه نعيم بن حماد عن عن الوليد بن معمر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مالقحطاني دون المهدي).
فهذين الحديثين يدلان دلالة واضحة أن المهدي والقحطاني شخصيتان متعاصرتان وأنهما سيخرجان مع بعضهما فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يقرن شخصية المهدي بأحد إلا القحطاني ويقول عنه النبي صلى الله عليه وسلم ما هو دونه فهذا يدل دلالة واضحة أنهما في الفضل سواء بل ذهب البعض إلى أن القحطاني قد يكون أفضل من المهدي لان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما هو دونه يعني إما أن يكون مثله أو أفضل منه ولكن أظن أن هذا بعيد فالأحاديث التي تصف المهدي تبين عظيم فضله ثم إن عيسى عليه السلام سيصلي خلفه عليه السلام , والحديث يدل أيضا أن المهدي شخصية واحدة ورجل واحد وإلا لما قرنه بالقحطاني فلو انه أكثر من رجل لما قال ما هو دونه لكن يمكن ان تطلق هذه التسمية على اكثر من شخص ممن خص بها كالقحطاني حيث ورد في حديث الرايات السود ان فيها خليفة الله المهدي وكلنا يعلم ان المهدي يظهر بمكة ، فهذا يؤكد انه اكثر من مهدي وليس رجل واحد ولكن المهدي الذي تصفة الاحاديث وهو الذي سيصلي بعيسى عليه السلام هو من ولد قاطمة وهو الذي يملأ الارض عدلاً وهو الذي يقوم بمكة واحد.
وعلى كل حال فالقحطاني معاصر للمهدي وسيؤمره المهدي فتكون خلافته على الأمة كلها فيعمل فيهم بالعدل ويكثر الله الفتوحات في أيامه فيعظم الخير وترد البركة والله اعلم .
تعليق